المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 416432
يتصفح الموقع حاليا : 176

البحث

البحث

عرض المادة

الكذبة 897: دليله القطعي الرابع من الإنجيل على عدم موت المسيح على الصليب

يقول المرزا:

ظهرت تدابير سماوية من الله تعالى، حيث هبَّت في الساعة السادسة أي قُبيل المغيب عاصفةٌ أظلمتِ الأرضَ كلَّها، وبقيت هذه الظلمة لثلاث ساعات متوالية. (إنجيل مرقس الإصحاح 15 العدد 33). وعند هبوط هذه الظلمة الدامسة خاف اليهود من أن تحين ليلةُ السبت، فيستحقّوا العقاب لانتهاكهم حرمةَ السبت؛ فسارَعوا بإنزال المسيح واللِّصَّين المصلوبَين معه. (المسيح في الهند، ص 32)

قلتُ: كذَبَ المرزا، خصوصًا أنه استدلَّ بإنجيل مرقص، حيث لم يخَف اليهود حين أظلمت الأرض أنْ تحين ساعة السبت، بل ظلَّ يسوع على الصليب خلال ساعات الظلمة كلها، ولم يقُلْ أحد خلال ذلك: علينا إنزال يسوع واللصّين خشيةَ أنْ تكون ليلة السبت قد دخَلَت ونحن لا نعرف ولا نشعر بسبب الظلمة!! ليس هنالك شيء من ذلك، بل تقول الأناجيل إن يسوع قد أسلم الروح بعد انتهاء الظلمة.. أي أنهم أنزلوه بعد موته، وبسبب موته، لا بسبب الظلمة.. فالظُّلمة لم يكن لها أيّ أثر في إنهاء الصلب البتة، ولم تجعل أحدا يسارع في إنزال يسوع.

يقول مرقص في روايته:

{وَلَمَّا كَانَتِ السَّاعَةُ السَّادِسَةُ، كَانَتْ ظُلْمَةٌ عَلَى الأَرْضِ كُلِّهَا إِلَى السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ. 34وَفِي السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً:.. إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟ 35فَقَالَ قَوْمٌ مِنَ الْحَاضِرِينَ لَمَّا سَمِعُوا:«هُوَذَا يُنَادِي إِيلِيَّا». 36فَرَكَضَ وَاحِدٌ وَمَلأَ إِسْفِنْجَةً خَّلاً وَجَعَلَهَا عَلَى قَصَبَةٍ وَسَقَاهُ قَائِلاً:«اتْرُكُوا. لِنَرَ هَلْ يَأْتِي إِيلِيَّا لِيُنْزِلَهُ!» 37فَصَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ.} (إِنْجِيلُ مَرْقُسَ 15: 33-37)

فواضح أنّ المسيح قد صرخ بعد انتهاء الظلمة، لا خلالها.. ولو لم يَصرخ ولم يُسْلِم الروح ما أنزلوه.. فالظلمة قد انتهت، وعاد النهار، أو ظهرت الشمس إنْ لم تكن تحجبها الغيوم. فواضح أنهم لم ينزلوه بسبب الظلمة التي كانت قد انتهت أصلا.

ورواية مَتّى لا تختلف عن رواية مرقص. أما لوقا فلديه مزيد من التوضيح، حيث يقول:

{وَلَمَّا قَالَ هذَا أَسْلَمَ الرُّوحَ. 47فَلَمَّا رَأَى قَائِدُ الْمِئَةِ مَا كَانَ، مَجَّدَ اللهَ قَائِلاً:«بِالْحَقِيقَةِ كَانَ هذَا الإِنْسَانُ بَارًّا!» 48وَكُلُّ الْجُمُوعِ الَّذِينَ كَانُوا مُجْتَمِعِينَ لِهذَا الْمَنْظَرِ، لَمَّا أَبْصَرُوا مَا كَانَ، رَجَعُوا وَهُمْ يَقْرَعُونَ صُدُورَهُمْ. 49وَكَانَ جَمِيعُ مَعَارِفِهِ، وَنِسَاءٌ كُنَّ قَدْ تَبِعْنَهُ مِنَ الْجَلِيلِ، وَاقِفِينَ مِنْ بَعِيدٍ يَنْظُرُونَ ذلِكَ.

50وَإِذَا رَجُلٌ اسْمُهُ يُوسُفُ، وَكَانَ مُشِيرًا وَرَجُلاً صَالِحًا بَارًّا .

51هذَا لَمْ يَكُنْ مُوافِقًا لِرَأْيِهِمْ وَعَمَلِهِمْ، وَهُوَ مِنَ الرَّامَةِ مَدِينَةٍ لِلْيَهُودِ. وَكَانَ هُوَ أَيْضًا يَنْتَظِرُ مَلَكُوتَ اللهِ. 52هذَا تَقَدَّمَ إِلَى بِيلاَطُسَ وَطَلَبَ جَسَدَ يَسُوعَ، 53وَأَنْزَلَهُ، وَلَفَّهُ بِكَتَّانٍ، وَوَضَعَهُ فِي قَبْرٍ مَنْحُوتٍ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ وُضِعَ قَطُّ. 54وَكَانَ يَوْمُ الاسْتِعْدَادِ وَالسَّبْتُ يَلُوحُ. 55وَتَبِعَتْهُ نِسَاءٌ كُنَّ قَدْ أَتَيْنَ مَعَهُ مِنَ الْجَلِيلِ، وَنَظَرْنَ الْقَبْرَ وَكَيْفَ وُضِعَ جَسَدُهُ.} (إِنْجِيلُ لُوقَا 23: 46-55)

فإنزالُ جسد المسيح لم يحدث فور انتهاء الظلمة، ولا فور موت المسيح، بل بعد موته جاء يوسف الرامي، ثم ذهب إلى بيلاطوس، ولا نعرف كم انتظر على الباب، ثم طلب جسد يسوع.. فوافق بيلاطس على ذلك، ثم أنزله،  أي عن الصليب، ولا بدّ، ولفّه بكتّان.. أي أنّ فترة زمنية طويلة نسبيا مضَت بعد موته وقبل غروب الشمس.

فقد حدث ذلك كله في يوم الجمعة، ثم بدأ السبت يلوح.. أي يقترب.. فلم يكن للسبت أدنى أثر في إنزال المسيح، ولا للظلمة، بل الموت هو السبب، سواء كان قد مات حقيقةً أم ظنّوه قد مات. نلحظ ذلك بوضوح من عبارة مرقص وترتيبه الزمني: "وَوَضَعَهُ فِي قَبْرٍ مَنْحُوتٍ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ وُضِعَ قَطُّ. 54وَكَانَ يَوْمُ الاسْتِعْدَادِ وَالسَّبْتُ يَلُوحُ".

فلو لم يمُت لكان هناك ساعتان أو أكثر لغروب الشمس، وهو الزمن الذي استغرقه سؤال يوسف الرامي وموافقة بيلاطس وتكفين المسيح ووضع جسده في القبر.

فثبت كذب المرزا، وثبت أنه ليس للظلمة ولا لليلة السبت أيّ علاقة بإنزال جسد المسيح.

أما يوحنا فلا يذكر الظلمة التي استمرت ثلاث ساعات، بل يقفز عن هذه التفاصيل كلها، لذا لا تؤخذ منه هذه المعلومة، وكيف للمرزا أن يحتجّ به في قوله: "وعند هبوط هذه الظلمة الدامسة خاف اليهود مِن أن تحين ليلةُ السبت"، وهو لا يذكر الظلمة أصلا؟!

وإذا أردنا أن نأخذ بقول يوحنا –على مضض- فعلينا أن نضيف ما قَفَزَ عنه، لتصبح روايته مع المحذوف كما يلي:

"وَمِنَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ كَانَتْ ظُلْمَةٌ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ إِلَى السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ. وَنَحْوَ السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: ... إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟.... وَأَسْلَمَ الرُّوحَ.... "31ثُمَّ إِذْ كَانَ اسْتِعْدَادٌ، فَلِكَيْ لاَ تَبْقَى الأَجْسَادُ عَلَى الصَّلِيبِ فِي السَّبْتِ، لأَنَّ يَوْمَ ذلِكَ السَّبْتِ كَانَ عَظِيمًا، سَأَلَ الْيَهُودُ بِيلاَطُسَ أَنْ تُكْسَرَ سِيقَانُهُمْ وَيُرْفَعُوا. 32فَأَتَى الْعَسْكَرُ وَكَسَرُوا سَاقَيِ الأَوَّلِ وَالآخَرِ الْمَصْلُوبِ مَعَهُ. 33وَأَمَّا يَسُوعُ فَلَمَّا جَاءُوا إِلَيْهِ لَمْ يَكْسِرُوا سَاقَيْهِ، لأَنَّهُمْ رَأَوْهُ قَدْ مَاتَ.. لأنه كان قد مات قبل ساعتين تقريبا، أي عند الساعة التاسعة." (إِنْجِيلُ يُوحَنَّا 19: 31-33)

ويظلّ الإشكال أنّ يوحنا ينسب إنزال المسيح إلى العسكر، لا إلى يوسف، كما هو عند بقية رواة سيرة المسيح، وإنْ كان لا يعنينا، ولا يعني المرزا، ولا يدينه، بل يدينه الكذب والافتراء.

الخلاصة أنه ليس للظلمة أدنى علاقة بإنزال المسيح، وهذه هي كذبة المرزا الأكيدة.. أما مسألة قرب السبت فرغم أنه يجب عدّها كذبة أخرى، لكن عبارات يوحنّا الناقصة تضطرنا للتساهل.

 29 سبتمبر 2021

  • الخميس AM 11:43
    2022-09-01
  • 647
Powered by: GateGold