المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413818
يتصفح الموقع حاليا : 295

البحث

البحث

عرض المادة

الأناجيل وإخراج الشياطين والخرافات الطبية

يقول متى (ولما جاء إلي العبر .. استقبله مجنونان خارجان من القبور .. واذا هما يصرخان قائلين ما لنا ولك يا يسوع ابن الله أجئت إلي هنا لتعذيبنا. وكان بعيدا منهم قطيع خنازير كثيرة ترعي.

فالشياطين طلبوا إليه قائلين إن كنت تخرجنا فأذن لنا أن نذهب إلي قطيع الخنازير .. فخرجوا ومضوا إلي قطيع الخنازير وإذا قطيع الخنازير كله قد اندفع من على الجرف إلي البحر) متى 28 - 32.

ويقول متى فى إصحاح آخر (إذا إنسان أخرس قدموه إليه فلما أخرج الشياطين تكلم الأخرس) متي9: 32.

كذلك. قائلا يا سيد ارحم ابني فإنه يصرع ويتألم شديدا .. فانتهره يسوع فخرج منه الشيطان فشفى الغلام من تلك الساعة) متى 17: 14

أيضا (لأن امرأة كان بابنتها روح نجس .. فسألته أن يخرج الشيطان من ابنتها) مرقس 7: 25

ويقول لوقا (وكان فى المجمع رجل به روح شيطان نجس ... فانتهره يسوع قائلا اخرس واخرج منه) لوقا 4: 33

كذلك (وبعض النساء كن قد شفين من أرواح شريره وأمراض) لوقا 8: 1.

أيضا (وكانت شياطين ايضا تخرج من كثيرين) لوقا 4: 14.

وفى إصحاح آخر (المعذبون من أرواح نجسة) لوقا 6: 18.

ويقول مرقس (ظهر أولا لمريم المجدلية التي كان قد أخرج منها سبعة شياطين) 16: 9

كذلك (قال يا معلم قد قدمت إليك ابني به روح أخرس. . . فنتهر الروح النجس قائلا له أيها الروح الأخرس الأصم أنا آمرك، أخرج منه ولا تدخله أيضا) مرقس 9: 18.

ويضيف متى فى إنجيله (ثم دعا تلاميذه الاثني عشر وأعطاهم سلطانا على أرواح نجسة حتى يخرجوها) متى 10: 1.

كذلك (قدموا إليه مجانين كثيرين فأخرج الأرواح بكلمة وجميع المرضى شفاهم) متى 8: 28.

ويقول لوقا (وإذا امرأة كان بها روح ضعف ثماني عشرة سنة) لوقا 13: 10. روح ضعف: أى روح شرير نجس سبب لها الضعف والمرض.

تمتلئ الأناجيل بقصص الذين يعانون من الأرواح النجسة وحلول الشياطين بأجسادهم مما أدى إلي إصابتهم بالأمراض النفسية والعصبية كالجنون والصراع والخرس ... إلخ.

وكان هذا الاعتقاد الخاطئ سائدا لجهل الإنسان بطبيعة الأمراض عامة والأمراض العصبية والنفسية خاصة فكان يعزو المرض لدخول الشياطين والأرواح النجسة إلي جسم الإنسان وكان هناك شيطان للحمي وآخر للصداع، وشيطان للصمم وآخر للبكم وهكذا كان لكل مرض شيطان خاص به.

يقول موسكاتي (1): عند البابليين والآشوريين كان المرض أشيع مظهر لوجود الشيطان فى جسم الإنسان وكان المريض صاحب خطيئة (مرتكب إثم) وكان مرضه راجعا إلى وجود شيطان فى جسمه ويتم الشفاء بطرد هذا الشيطان، وكان شيطان الراس الذي يسبب الصداع يسمى (أشكو) كما كان للحمى سبعة شياطين.

ويقول ول ديورانت (2): وكان المرض فى اعتقاد المصريين القدماء نتيجة تقمص الشياطين الجسم، وقد حدد المصريون ستة وثلاثين موضعا يمكن أن يدخل منها الشيطان كما تنوعت واختلفت أعمال الشياطين وتخصصاتهم.

وإذا قرأنا الكتابات البابلية التي عثر عليها فى مكتبة الملك اشور بأنيبال وهي الكتابات المحتوية على صيغ سحرية لطرد الشياطين من أجساد البشر لوجدنا تطابق بينها وبين القصص التي ذكرتها الأناجيل حيث تنص على: وكان من المستطاع اقناع الشياطين بالرقية الصحيحة بترك ضحيتها البشرية وتقمص جسم حيوان - كجسم طير أو خنزير أو حمل.


(1) الحضارات السامية القديمة: موسكاتي صـ77.
(2) قصة الحضارة: ول ديورانت.

هكذا تأثر كتاب الأناجيل بالمعتقدات الخاطئة والخرافات السائدة وقتئذ ونقلوها إلي الأناجيل.

[ونتساءل ماذا تقول تفاسير الأناجيل عن تلك الشياطين والأرواح؟]

يقول وليم باركلي (1) أستاذ العهد الجديد بجامعة جلاسكو: إن هذه الأقوال الخاصة بالأرواح النجسة وسكناها وخروجها ودخولها وغير ذلك من الأمور تعرضنا لعدة مشكلات قد أوقفت الكثيرين أمامها فى حيرة وارتباك إذ ثارت أمامهم مشكلة الاعتقاد بالأرواح الشريرة التي يعتبرها الفكر الحديث نوعا من الخرافات، والأمر الذي زاد من حيرتهم أنهم رأوا فى الإنجيل ما يدل على اعتقاد المسيح فى الأرواح الشريرة أو على الأقل موافقته على ذلك، ويستطرد قائلا يختلف الشراح والمفسرون وهم يتناولون معجزات إخراج الشياطين بسبب موقفهم من فكرة حلول الشياطين بأجساد البشر حيث أنهم يعتقدون أن عملها يقتصر على غواية الإنسان، ويضيف شيلدون كاشدان (2) لأن الإنسان البدائي كان يجهل تشريحه وجوانبه الفسيولوجية تراه عجز عن أن يفسر السلوك الغريب على أساس من العوامل الطبيعية وأنه نسبها إلى أرواح غريبة كان لها القدرة على الدخول إلى الجسم بطريقة ما. إن لدينا أدلة تشير إلي أن إنسان العصر الحجرى لم يكتف بالإيمان بالأرواح الشريرة، بل حاول إخراج تلك الأرواح المحبوسة داخل الشخص بإحداث فجوات فى جمجة الإنسان (عملية التربنة).

ويقول شيلدون أن الإنجيل يتضمن عدة إشارات إلي أنواع السلوك التي نرى فيها اليوم أمارات على اختلال الشخصية من ذلك مثلا الاكتئاب والاندفاعات الانتحارية وغيرها من الاضطرابات التي كان يظن أنها تتسبب عن أرواح شريرة يرسلها الله.

وللأسف ازدهرت النظرية الشيطانية للأمراض العصبية والنفسية وتقوت تحت حماية العقائد الكنسية وأخذت مهمة الكنيسة تتحدد وتتضح وهى تحرير الإنسان من قوى الشيطان الخفية وحلت الصلوات محل العلاج الطبي.


(1) تفسير العهد الجديد: وليم باركلي صـ433.
(2) Abnormal psychology: Sheldon Cashdan

[إنجيل متى والاستشهاد بعبارة وهمية]

يقول متى (وأتى وسكن فى مدينة يقال لها ناصرة ليتم ما قيل بالأنبياء إنه سيدعى ناصريا) متى 2: 23

يخبرنا متي أن السيد المسيح بسكناه فى مدينة الناصرة قد حقق نبؤة قيلت عنه فى العهد القديم وهى (سيدعى ناصريا) وإذا راجعنا أسفار الأنبياء كبارا وصغارا لا نجد لهذه النبؤة أثرا. ويعلق على ذلك وليم باركلي أستاذ العهد الجديد بجامعة جلاسكو باسكتلندا: هذه النبوءة تواجه المفسرين بصعوبة كبيرة، ذلكم لأنه لا يوجد آية فى العهد القديم بهذا المعني - وحتى مدينة الناصرة نفسها غير مذكورة على الإطلاق فى العهد القديم. ولم يوجد حل كاف لهذه المشكلة ويؤكد ذلك أيضا ر. ت فرانس فى تفسيره (1) حيث يقول:

مدينة الناصرة لم يأت ذكرها فى العهد القديم أو أية كتابات يهودية معاصرة أخرى وعبارة (أنه سيدعى ناصريا) لا نجدها فى العهد القديم.


(1) التفسير الحديث لإنجيل متى: ر. ت. فرانس صـ 87

[انجيل لوقا وشهر ميلاد المسيح]

يقول القمص ميخائيل مينا (1) عن الشهر الذي ولد فيه السيد المسيح قد وقع اختلاف عظيم فى أول الأمر على انتخاب اليوم الذي يعين لعيد ميلاد السيد المسيح. وسبب هذا الاختلاف إنما هو كون اليوم أو الشهر الذي ولد فيه المسيح غير معروف بالتحقيق، ولكن الأيام التي ترجح حفظها له هى اليوم السابع من يناير (كانون الثاني) وقد اختارت الكنائس الشرقية هذا اليوم للاحتفال بعيد الميلاد، وقد اختارت الكنائس الغربية اليوم الخامس والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) للاحتفال بعيد الميلاد.

ويقول كتاب ريحانة النفوس: وبالتدريج تغلب اليوم الخامس والعشرون من ديسمبر لهذا الاحتفال.

وقد جاءت عبارة فى انجيل لوقا تشير أن ولادة السيد المسيح لم تكن فى شهر يناير أو ديسمبر.

يقول لوقا (وكان فى تلك الكورة رعاة متبدين يحرسون حراسات الليل على رعيتهم وإذا ملاك الرب وقف بهم .. فقال لهم .. إنه ولد لكم اليوم فى مدينة داود مخلص) 2: 8 متبدين: يقيمون فى البادية


(1) علم اللاهوت: القمص ميخائيل مينا صـ88

يخبرنا هنا لوقا أن ملاك الرب جبريل جاء إلى رعاة يتناوبون فى حراسات الليل واخبرهم بمولد المسيح. ولما كانت القطعان لا تترك فى السهول فى الليل بين أمطار الخريف والفصح يستدل من ذلك أن ولادة السيد المسيح كانت بين آذار (مارس) وتشرين (اكتوبر) (1).

أى شهور الربيع والصيف ولكن آباء الكنيسة لم يأخذوا هذه الإشارة فى الحسبان وانقسموا كما رأينا إلي فريق يحتفل فى ديسمبر وآخر فى فى يناير (كالكنيسة القبطية) هل اعتبرت الكنيسة رواية لوقا عن زيارة الرعاة للسيد المسيح كزيارة المجوس التي أوردها انجيل متى للسيد المسيح عند ولادته نوعا من الأساطير التي تحيط بميلاد الزعماء الدينيين كما أشرنا من قبل كبوذا ومثرا وزرادشت وغيرهم فلم تأخذ بها كسند له قيمة تاريخية؟


(1) تفسير العهد الجديد: اصدار دار الثقافة صـ138

 

  • الجمعة PM 10:44
    2022-08-19
  • 1241
Powered by: GateGold