المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409004
يتصفح الموقع حاليا : 368

البحث

البحث

عرض المادة

باب قول الله عز وجل: {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاءً وتصديةً فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون}.

باب قول الله عز وجل: {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاءً وتصديةً فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون (1)}.

قال الإمام أبوجعفر بن جرير رحمه الله (ج13 ص521): يقول تعالى ذكره: وما لهؤلاء المشركين ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام الذي يصلون لله فيه ويعبدونه, ولم يكونوا لله أولياء, بل أولياؤه الذين يصدونهم عن المسجد الحرام وهم لا يصلون في المسجد الحرام. {وما كان صلاتهم عند البيت} يعني: بيت الله العتيق, {إلا مكاءً} وهو الصفير, يقال منه: مكا يمكو مكوا ومكاء, وقد قيل: إن المكو: أن يجمع الرجل يديه ثم يدخلهما في فيه ثم يصيح, ويقال منه: مكت است الدابة مكاء: إذا نفخت بالريح, ويقال: إنه لا يمكو إلا است مكشوفة, ولذلك قيل للاست المكوة, سميت بذلك; ومن ذلك قول عنترة:

وحليل غانية تركت مجدلاً ... تمكو فريصته كشدق الأعلم

وقول الطرماح:

فنحا لأولاها بطعنة محفظ ... تمكو جوانبها من الإنْهار

بمعنى: تصوت.

وأما التصدية فإنّها التصفيق, يقال منه: صدى يصدي تصدية, وصفق وصفح بمعنى واحد.


(1) سورة الأنفال، الآية:35.

وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن وكيع (1) , قال: حدثنا أبي, عن موسى بن قيس، عن حجر بن عنبس: {إلا مكاءً وتصديةً} قال: المكاء: التصفير, والتصدية: التصفيق.

حدثني المثنى, قال: حدثنا عبد الله بن صالح, قال: حدثني معاوية, عن علي (2) , عن ابن عباس: قوله: {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاءً وتصديةً} المكاء: التصفير, والتصدية: التصفيق.

حدثني محمد بن سعد (3) , قال: حدثني أبي, قال: حدثني عمي, قال: حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاءً وتصديةً} يقول: كانت صلاة المشركين عند البيت مكاء, يعني: التصفير, وتصدية يقول: التصفيق.

حدثني محمد بن عمارة الأسدي, قال: حدثنا عبيد الله بن موسى, قال: أخبرنا فضيل, عن عطية (4): {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاءً وتصديةً} قال: التصفيق والصفير.


(1) هو سفيان بن وكيع ضعيف.
(2) هو علي بن أبي طلحة ولم يسمع من ابن عباس.
(3) هذا السند مسلسل بالعوفيين وهم ضعفاء.
(4) ضعيف.

حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبي, عن قرة بن خالد, عن عطية, عن ابن عمر, قال: المكاء: التصفيق, والتصدية: الصفير. قال: وأمال ابن عمر خده إلى جانب.

حدثنا القاسم, قال: حدثنا الحسين (1) , قال: حدثنا وكيع, عن قرة بن خالد, عن عطية, عن ابن عمر: {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاءً وتصديةً} قال: المكاء والتصدية: الصفير والتصفيق.

حدثني الحارث, قال: حدثنا القاسم, قال سمعت محمد بن الحسين يحدث عن قرة بن خالد, عن عطية العوفي, عن ابن عمر, قال: المكاء: الصفير, والتصدية: التصفيق.

حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا أبوعامر, قال: حدثنا قرة, عن عطية, عن ابن عمر, في قوله: {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاءً وتصديةً} قال: المكاء: الصفير, والتصدية: التصفيق. وقال قرة: وحكى لنا عطية فعل ابن عمر, فصفر وأمال خده وصفق بيديه.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرني بكر بن مضر, عن جعفر بن ربيعة, قال: سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف يقول في قول الله: {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاءً وتصديةً} قال بكر: فجمع لي جعفر كفيه, ثم نفخ فيهما صفيرًا, كما قال له أبوسلمة.

حدثنا أحمد بن إسحاق, قال: حدثنا أبوأحمد, قال: حدثنا إسرائيل,


(1) الحسين هو ابن داود الملقب بسنيد، ضعيف.

عن ابن أبي نجيح (1) , عن مجاهد, عن ابن عباس, قال: المكاء: الصفير, والتصدية: التصفيق.

قال: حدثنا أبوأحمد, قال: حدثنا سلمة بن سابور, عن عطية, عن ابن عمر: {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاءً وتصديةً} قال: تصفير وتصفيق.

قال: حدثنا أبوأحمد, قال: حدثنا فضيل بن مرزوق, عن عطية, عن ابن عمر, مثله.

حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا حبوية أبويزيد, عن يعقوب, عن جعفر, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس, قال: كانت قريش يطوفون بالبيت وهم عراة يصفرون ويصفقون, فأنزل الله: {قل من حرّم زينة الله التي أخرج لعباده} فأمروا بالثياب.

حدثني المثنى (2) , قال: حدثنا الحماني, قال: حدثنا شريك, عن سالم, عن سعيد, قال: كانت قريش يعارضون النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في الطواف يستهزئون به, يصفرون به ويصفقون, فنزلت: {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاءً وتصديةً}.

حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبي, عن سفيان, عن منصور, عن مجاهد: {إلا مكاء} قال: كانوا ينفخون في أيديهم, والتصدية:

التصفيق.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبوعاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: {إلا مكاءً وتصديةً} قال: المكاء: إدخال أصابعهم في أفواههم, والتصدية: التصفيق, يخلطون بذلك على محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.

حدثنا المثنى, قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الله, عن ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله, إلا أنه لم يقل صلاته.

حدثنا القاسم, قال: حدثنا الحسين, قال: حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد, قال: المكاء, إدخال أصابعهم في أفواههم, والتصدية: التصفيق. قال نفر من بني عبد الدار كانوا يخلطون بذلك كله على محمد صلاته.

حدثنا أحمد بن إسحاق, قال: حدثنا أبوأحمد, قال: حدثنا طلحة بن عمرو, عن سعيد بن جبير: {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاءً وتصديةً} قال: من بين الأصابع. قال أحمد: سقط عليّ حرف وما أراه إلا الخذف والنفخ والصفير منها; وأراني سعيد بن جبير حيث كانوا يمكون من ناحية أبي قبيس.

حدثني المثنى, قال: حدثنا إسحاق بن سليمان, قال: أخبرنا طلحة بن عمرو, عن سعيد بن جبير, في قوله: {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاءً وتصديةً} قال: المكاء: كانوا يشبكون بين أصابعهم ويصفرون بها, فذلك المكاء. قال: وأراني سعيد بن جبير المكان الذي كانوا يمكون

 


(1) ابن أبي نجيح لم يسمع التفسير من مجاهد.
(2) المثنى هو ابن إبراهيم الآملي ولم نجد له ترجمة.

فيه نحو أبي قبيس.

حدثني المثنى, قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا محمد بن حرب, قال: حدثنا ابن لهيعة (1) , عن جعفر بن ربيعة, عن أبي سلمة بن عبد الرحمن, في قوله: {مكاءً وتصديةً} قال: المكاء: النفخ, وأشار بكفه قبل فيه, والتصدية: التصفيق.

حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا المحاربي, عن جويبر, عن الضحاك, قال: المكاء: الصفير, والتصدية: التصفيق.

حدثني المثنى, قال: حدثنا عمرو بن عون, قال: أخبرنا هشيم, عن جويبر (2) , عن الضحاك, مثله.

حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد (3) , عن قتادة, قوله: {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاءً وتصديةً} قال: كنا نحدث أن المكاء: التصفيق بالأيدي, والتصدية: صياح كانوا يعارضون به القرآن.

حدثنا محمد بن عبد الأعلى, قال: حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: {مكاءً وتصديةً} قال: المكاء: التصفير, والتصدية: التصفيق.

حدثني محمد بن الحسين, قال: حدثنا أحمد بن المفضل, قال: حدثنا أسباط, عن السدي: {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاءً وتصديةً} والمكاء: الصفير, على نحو طير أبيض يقال له المكاء يكون بأرض الحجاز، والتصدية: التصفيق.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في قوله: {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاءً وتصديةً} قال: المكاء: صفير كان أهل الجاهلية يعلنون به. قال: وقال في المكاء أيضا: صفير في أيديهم ولعب.

وقد قيل في التصدية: إنّها الصد عن بيت الله الحرام. وذلك قول لا وجه له، لأن التصدية مصدر من قول القائل: صديت تصدية. وأما الصد فلا يقال منه: صديت, إنما يقال منه صددت, فإن شددت منها الدال على معنى تكرير الفعل, قيل: صددت تصديدًا, إلا أن يكون صاحب هذا القول وجه التصدية إلى أنه من صددت, ثم قلبت إحدى داليه ياء, كما يقال: تظنيت من ظننت, وكما قال الراجز:

تقضي البازي إذا البازي كسر

يعني: تقضض البازي, فقلب إحدى ضاديه ياء, فيكون ذلك وجهًا يوجه إليه.

ذكر من قال ما ذكرنا في تأويل التصدية:

حدثنا أحمد بن إسحاق, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا طلحة بن عمرو, عن سعيد بن جبير: {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاءً وتصديةً} صدهم عن بيت الله الحرام.

 


(1) ابن لهيعة هو عبد الله، وهو ضعيف.
(2) جويبر هو ابن سعيد، متروك.
(3) سعيد بن أبي عروبة لم يسمع التفسير من قتادة، قاله يحيى القطان كما في مقدمة "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم.

حدثني المثنى, قال: حدثنا إسحاق بن سليمان, قال: أخبرنا طلحة بن عمرو, عن سعيد بن جبير: {وتصديةً} قال: التصدية: صدهم الناس عن البيت الحرام. حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد (1) , في قوله: {وتصديةً} قال: التصديد عن سبيل الله, وصدهم عن الصلاة وعن دين الله.

حدثنا ابن حميد (2) , قال: حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق: {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاءً وتصديةً} قال: ما كان صلاتهم التي يزعمون أنّها يدرأ بها عنهم إلا مكاء وتصدية, وذلك ما لا يرضى الله ولا يحب, ولا ما افترض عليهم ولا ما أمرهم به.

وأما قوله: {فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون} فإنه يعني العذاب الذي وعدهم به بالسيف يوم بدر, يقول للمشركين الذين قالوا: {اللهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارةً من السّماء} ... الآية (3) , حين أتاهم بما استعجلوه من العذاب: ذوقوا: أي اطعموا, وليس بذوق بفم, ولكنه ذوق بالحس, ووجود طعم ألمه بالقلوب. يقول لهم: فذوقوا العذاب بما كنتم تجحدون أن الله معذبكم به على جحودكم توحيد ربكم ورسالة نبيكم -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق: {فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون} أي ما أوقع الله بهم يوم بدر من القتل.

حدثنا القاسم, قال: حدثنا الحسين, قال: حدثني حجاج, عن ابن جريج: {فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون} قال: هؤلاء أهل بدر يوم عذبهم الله.

حدّثت عن الحسين بن الفرج, قال: سمعت أبا معاذ قال: حدثنا عبيد بن سليمان, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: {فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون} يعني أهل بدر عذبهم الله يوم بدر بالقتل والأسر. اهـ

 


(1) ابن زيد هو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، ضعيف.
(2) ابن حميد هو محمد بن حميد الرازي، حافظ ولكنه ضعيف بل اتّهم بالكذب.
(3) سورة الأنفال، الآية:32.

باب قول الله عز وجل: {والّذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانًا وإثمًا مبينًا (1)}.

قال الإمام مسلم رحمه الله (ج4 ص1947): حدّثنا محمّد بن حاتم، حدّثنا بهز، حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن ثابت، عن معاوية بن قرّة، عن عائذ ابن عمرو، أنّ أبا سفيان أتى على سلمان وصهيب وبلال في نفر فقالوا: والله ما أخذت سيوف الله من عنق عدوّ الله مأخذها! قال: فقال أبوبكر: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيّدهم، فأتى النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فأخبره. فقال: ((يا أبا بكر لعلّك أغضبتهم، لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربّك)) فأتاهم أبوبكر فقال: يا إخوتاه أغضبتكم؟ قالوا: لا، يغفر الله لك يا أخيّ.

قال الإمام مسلم رحمه الله (ج4 ص1878): حدّثنا أبوبكر بن أبي شيبة، حدّثنا محمّد بن عبد الله الأسديّ، عن إسرائيل، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن سعد قال: كنّا مع النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ستّة نفر. فقال المشركون للنّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: اطرد هؤلاء لا يجترئون علينا. قال: وكنت أنا وابن مسعود ورجل من هذيل وبلال ورجلان لست أسمّيهما، فوقع في نفس رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ما شاء الله أن يقع، فحدّث نفسه فأنزل الله عزّ وجلّ: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه}.

اللهم إنه قد اشتد بلاء المسلمين من هؤلاء الغوغاء، فآذوا المسلمين بأيديهم وألسنتهم، فإنا نسألك ياالله أن تعقر إمام الضلالة الخميني (2) حتى يستريح منه البلاد والعباد، إنك على شيء قدير.


(1) سورة الأحزاب، الآية:58.

(2) وقد أبعده الله وأراح البلاد والعباد منه.

[باب حرمة المدينة]

قال البخاري رحمه الله (ج4 ص81): حدّثنا أبوالنّعمان، حدّثنا ثابت بن يزيد، حدّثنا عاصم أبوعبد الرّحمن الأحول، عن أنس رضي الله عنه، عن النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((المدينة حرم من كذا إلى كذا، لا يقطع شجرها، ولا يحدث فيها حدث، من أحدث حدثًا فعليه لعنة الله والملائكة والنّاس أجمعين)).

ثم قال البخاري رحمه الله: حدّثنا إسماعيل بن عبد الله. قال: حدّثني أخي، عن سليمان، عن عبيد الله، عن سعيد المقبريّ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((حرّم ما بين لابتي المدينة على لساني)) قال: وأتى النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بني حارثة فقال: ((أراكم يا بني حارثة قد خرجتم من الحرم)) ثمّ التفت فقال: ((بل أنتم فيه)).

وقال ص (89): حدّثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّه كان يقول: لو رأيت الظّباء بالمدينة ترتع ما ذعرتها. قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((ما بين لابتيها حرام)).

وقال البخاري رحمه الله (ج4 ص81): حدّثنا محمّد بن بشّار، حدّثنا عبد الرّحمن، حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم التّيميّ، عن أبيه، عن عليّ رضي الله عنه قال: ما عندنا شيء إلا كتاب الله، وهذه الصّحيفة عن النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((المدينة حرم ما بين عائر إلى كذا، من أحدث فيها حدثًا، أو آوى محدثًا، فعليه لعنة الله والملائكة والنّاس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل))، وقال: ((ذمّة المسلمين واحدة، فمن أخفر مسلمًا فعليه لعنة الله والملائكة والنّاس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل، ومن تولّى قومًا بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والنّاس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل)) قال أبوعبد الله: عدل: فداء. اهـ

وقال الإمام مسلم رحمه الله (ج2 ص1007): حدّثني محمّد بن حاتم وإبراهيم بن دينار. قالا: حدّثنا حجّاج بن محمّد (ح) وحدّثني محمّد بن رافع، حدّثنا عبد الرّزّاق، كلاهما عن ابن جريج، أخبرني عبد الله بن عبد الرّحمن ابن يحنّس، عن أبي عبد الله القرّاظ، أنّه قال: أشهد على أبي هريرة أنّه قال: قال أبوالقاسم -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((من أراد أهل هذه البلدة بسوء -يعني المدينة- أذابه الله كما يذوب الملح في الماء)).

وحدّثني محمّد بن حاتم وإبراهيم بن دينار. قالا: حدّثنا حجّاج (ح) وحدّثنيه محمّد بن رافع، حدّثنا عبد الرّزّاق، جميعًا عن ابن جريج. قال: أخبرني عمرو بن يحيى بن عمارة أنّه سمع القرّاظ -وكان من أصحاب أبي هريرة- يزعم أنّه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((من أراد أهلها بسوء -يريد المدينة- أذابه الله كما يذوب الملح في الماء)).

قال ابن حاتم في حديث ابن يحنّس بدل قوله: بسوء، شرًّا.

حدّثنا ابن أبي عمر، حدّثنا سفيان، عن أبي هارون موسى بن أبي عيسى (ح) وحدّثنا ابن أبي عمر، حدّثنا الدّراورديّ، عن محمّد بن عمرو، جميعًا سمعا أبا عبد الله القرّاظ سمع أبا هريرة عن النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بمثله. اهـ

قال البخاري رحمه الله (ج4 ص346): حدّثنا موسى، حدّثنا وهيب، حدّثنا عمرو بن يحيى، عن عبّاد بن تميم الأنصاريّ، عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه، عن النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((أنّ إبراهيم حرّم مكّة ودعا لها، وحرّمت المدينة كما حرّم إبراهيم مكّة ودعوت لها في مدّها وصاعها مثل ما دعا إبراهيم عليه السّلام لمكّة)).

قال الإمام مسلم رحمه الله (ج2 ص991): وحدّثنا قتيبة بن سعيد، حدّثنا بكر يعني ابن مضر، عن ابن الهاد، عن أبي بكر بن محمّد، عن عبد الله ابن عمرو بن عثمان، عن رافع بن خديج قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((إنّ إبراهيم حرّم مكّة، وإنّي أحرّم ما بين لابتيها)) -يريد المدينة-.

وحدّثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب، حدّثنا سليمان بن بلال، عن عتبة بن مسلم، عن نافع بن جبير، أنّ مروان بن الحكم خطب النّاس فذكر مكّة وأهلها وحرمتها ولم يذكر المدينة وأهلها وحرمتها، فناداه رافع بن خديج فقال: ما لي أسمعك ذكرت مكّة وأهلها وحرمتها ولم تذكر المدينة وأهلها وحرمتها؟ وقد حرّم رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ما بين لابتيها، وذلك عندنا في أديم خولانيّ إن شئت أقرأتكه؟ قال: فسكت مروان، ثمّ قال: قد سمعت بعض ذلك.

وقال الإمام مسلم رحمه الله (ج2 ص992): حدّثنا أبوبكر بن أبي شيبة وعمرو النّاقد، كلاهما عن أبي أحمد قال أبوبكر: حدّثنا محمّد بن عبد الله الأسديّ، حدّثنا سفيان، عن أبي الزّبير، عن جابر قال: قال النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((إنّ إبراهيم حرّم مكّة، وإنّي حرّمت المدينة ما بين لابتيها، لا يقطع عضاهها، ولا يصاد صيدها)).

ثم قال الإمام مسلم رحمه الله: حدّثنا أبوبكر بن أبي شيبة، حدّثنا عبد الله ابن نمير (ح) وحدّثنا ابن نمير، حدّثنا أبي، حدّثنا عثمان بن حكيم، حدّثني عامر بن سعد، عن أبيه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((إنّي أحرّم ما بين لابتي المدينة أن يقطع عضاهها، أو يقتل صيدها))، وقال: ((المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، لا يدعها أحد رغبةً عنها إلا أبدل الله فيها من هو خير منه، ولا يثبت أحد على لاوائها وجهدها إلا كنت له شفيعًا أو شهيدًا يوم القيامة)).

وحدّثنا ابن أبي عمر، حدّثنا مروان بن معاوية، حدّثنا عثمان بن حكيم الأنصاريّ، أخبرني عامر بن سعد بن أبي وقّاص، عن أبيه، أنّ رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ثمّ ذكر مثل حديث ابن نمير وزاد في الحديث: ((ولا يريد أحد أهل المدينة بسوء إلا أذابه الله في النّار ذوب الرّصاص أو ذوب الملح في الماء)).

وحدّثنا إسحق بن إبراهيم وعبدبن حميد جميعًا عن العقديّ، قال عبد: أخبرنا عبد الملك بن عمرو، حدّثنا عبد الله بن جعفر، عن إسماعيل بن محمّد، عن عامر بن سعد، أنّ سعدًا ركب إلى قصره بالعقيق فوجد عبدًا يقطع شجرًا أو يخبطه فسلبه، فلمّا رجع سعد جاءه أهل العبد فكلّموه أن يردّ على غلامهم أو عليهم ما أخذ من غلامهم. فقال: معاذ الله أن أردّ شيئًا نفّلنيه رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وأبى أن يردّ عليهم.

قال مسلم رحمه الله (ج2 ص1003): حدّثنا أبوبكر بن أبي شيبة، ومحمّد بن عبد الله بن نمير، وأبوكريب، جميعًا عن أبي أسامة، واللّفظ لأبي بكر وابن نمير. قالا: حدّثنا أبوأسامة، عن الوليد بن كثير، حدّثني سعيد بن عبد الرّحمن بن أبي سعيد الخدريّ، أنّ عبد الرّحمن حدّثه عن أبيه أبي سعيد أنّه سمع رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: ((إنّي حرّمت ما بين لابتي المدينة كما حرّم إبراهيم مكّة)). قال: ثمّ كان أبوسعيد يأخذ، وقال أبوبكر: يجد أحدنا في يده الطّير فيفكّه من يده ثمّ يرسله.

وحدّثنا أبوبكر بن أبي شيبة، حدّثنا عليّ بن مسهر، عن الشّيبانيّ، عن يسير بن عمرو، عن سهل بن حنيف، قال: أهوى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بيده إلى المدينة فقال: ((إنّها حرم آمن)).

قال الإمام مسلم رحمه الله (ج2 ص1001): حدّثنا حمّاد بن إسماعيل ابن عليّة، حدّثنا أبي، عن وهيب، عن يحيى بن أبي إسحق أنّه حدّث عن أبي سعيد مولى المهريّ أنّه أصابهم بالمدينة جهد وشدّة، وأنّه أتى أبا سعيد الخدريّ فقال له: إنّي كثير العيال، وقد أصابتنا شدّة فأردت أن أنقل عيالي إلى بعض الرّيف. فقال أبوسعيد: لا تفعل، الزم المدينة فإنّا خرجنا مع نبيّ الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أظنّ أنّه قال: حتّى قدمنا عسفان فأقام بها ليالي، فقال النّاس: والله ما نحن ههنا في شيء، وإنّ عيالنا لخلوف ما نأمن عليهم، فبلغ ذلك النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فقال: ((ما هذا الّذي بلغني من حديثكم)) -ما أدري كيف قال- والّذي أحلف به أو والّذي نفسي بيده لقد هممت أو إن شئتم -لا أدري أيّتهما قال- لآمرنّ بناقتي ترحل ثمّ لا أحلّ لها عقدةً حتّى أقدم المدينة)) وقال: ((اللهمّ إنّ إبراهيم حرّم مكّة فجعلها حرمًا، وإنّي حرّمت المدينة حرامًا ما بين مأزميها، أن لا يهراق فيها دم، ولا يحمل فيها سلاح لقتال، ولا تخبط فيها شجرة، إلا لعلف، اللهمّ بارك لنا في مدينتنا، اللهمّ بارك لنا في صاعنا، اللهمّ بارك لنا في مدّنا، اللهمّ بارك لنا في صاعنا، اللهمّ بارك لنا في مدّنا، اللهمّ بارك لنا في مدينتنا، اللهمّ اجعل مع البركة بركتين، والّذي نفسي بيده ما من المدينة شعب ولا نقب إلا عليه ملكان يحرسانها، حتّى تقدموا إليها)) ثمّ قال للنّاس: ((ارتحلوا)) فارتحلنا، فأقبلنا إلى المدينة فوالّذي نحلف به أو يحلف به -الشّكّ من حمّاد- ما وضعنا رحالنا حين دخلنا المدينة حتّى أغار علينا بنو عبد الله بن غطفان وما يهيجهم قبل ذلك شيء. اهـ

قال الإمام أحمد رحمه الله (ج4 ص55): حدّثنا عفّان. قال: حدّثنا حمّاد يعني ابن سلمة، عن يحيى بن سعيد، عن مسلم بن أبي مريم، عن عطاء بن يسار، عن السّائب بن خلاد، أنّ رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((من أخاف أهل المدينة أخافه الله عزّ وجلّ، وعليه لعنة الله والملائكة والنّاس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفًا ولا عدلاً)).

وقال رحمه الله ص (56): حدّثنا عبد الصّمد. قال: حدّثني أبي. قال: حدّثنا يحيى بن سعيد، عن مسلم بن أبي مريم، عن عطاء بن يسار، عن السّائب بن خلاد. قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((من أخاف المدينة أخافه الله عزّ وجلّ، وعليه لعنة الله والملائكة والنّاس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلاً)).

وقال الإمام أحمد: حدّثنا سليمان بن داود الهاشميّ. قال: أخبرنا إسماعيل ابن جعفر، قال: أخبرني يزيد (1)، عن عبد الرّحمن بن أبي صعصعة الأنصاريّ أنّ عطاء بن يسار أخبره أنّ السّائب بن خلاد أخا بني الحارث بن الخزرج أخبره أنّ النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((من أخاف أهل المدينة ظالمًا أخافه الله، وكانت عليه لعنة الله والملائكة والنّاس أجمعين، لا يقبل منه عدل ولا صرف)).

هذا حديث صحيح رجاله رجال الصحيح.

قال الإمام أحمد رحمه الله (ج5 ص309): حدّثنا عثمان بن عمر، أخبرنا ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبريّ، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبي قتادة، أنّ رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- توضّأ ثمّ صلّى بأرض سعد بأصل الحرّة عند بيوت السّقيا، ثمّ قال: ((اللهمّ إنّ إبراهيم خليلك وعبدك ونبيّك دعاك لأهل مكّة، وأنا محمّد عبدك ونبيّك ورسولك أدعوك لأهل المدينة مثل ما دعاك به إبراهيم لأهل مكّة، ندعوك أن تبارك لهم في صاعهم ومدّهم وثمارهم، اللهمّ حبّب إلينا المدينة كما حبّبت إلينا مكّة، واجعل ما بها من وباء بخمّ، اللهمّ إنّي قد حرّمت ما بين لابتيها كما حرّمت على لسان إبراهيم الحرم)).

هذا حديث صحيح.


(1) هو ابن عبد الله بن خصيفة.

 

  • السبت PM 03:25
    2022-08-06
  • 893
Powered by: GateGold