المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409063
يتصفح الموقع حاليا : 259

البحث

البحث

عرض المادة

القرآن: دقة المصدر

بقلم: فاتن صبري
Www.fatensabri.com 
من كتاب: دين عالمي

قال لي ملحد يومًا:

نحن الملحدون نؤمن بالعلم المادي التجريبي، والعلم متغير، فإذا دحضت نظرية علمية جديدة نظرية قديمة فإننا نأخذ بها. وكذلك بالنسبة للقصص التاريخية والتنبؤات.
أما أنتم المسلمون فإنكم متعصبون لكتابكم القديم، ولا تقبلون بأي معلومة علمية أو تاريخية تخالفه.
قلت له:
ما الأفضل بالنسبة لك، أن تحصل على المعلومة الصحيحة مباشرةً؟ أم تبقى مدى الحياة باحثًا عن الحقيقة وتتنقل من نظرية علمية إلى أخرى أو من أسطورة إلى أخرى؟

في بدايات القرن الماضي كان الفارق بين الحقائق القرآنية والنظريات العلمية شاسعًا، وخلال هذه السنوات اقترب العلم  المادي و القرآن أكثر وأكثر من بعضهما، مع أن القرآن لم يتغير والعلم  المادي في تغير دائم.
فعلى ماذا يدل ذلك؟
يقول تعالى:
وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (البقرة:23).
فهذه الآية تعرض تحديًا لإيجاد أي خطأ في القرآن.

ومصدر القرآن بالنسبة لنا هو الخالق الذي وضع قوانين الكون التي يحاول العلماء اكتشافها، والشاهد على أحداث وقصص الكون.
فبالتالي فإن الحقائق العلمية في القرآن واﻷحداث التاريخية دقيقة وصحيحة لأنها جاءت من المصدر الذي أنشأ قوانين العلم وشهد على أحداث الحياة على اﻷرض فهو اﻷول وهو اﻵخر سبحانه وتعالى.
والمنهج العلمي نفسه جاء من رجل يدعى حسن بن الهيثم، حوالي 800 عام قبل جاليليو، ويقال بأنه أول عالم على الإطلاق، حتى المؤرخين العلمانيين مثل ديفيد هيلينبيرغ يقرون أن المنهج العلمي جاء من العالم الإسلامي.
يقول الباحث البريطاني صبور أحمد:
فلسفيًا هناك عدة جذور ومصادر للمعرفة.

  • العلم يعطينا جذرًا للمعرفة.
  • الفلسفة.
  • رقابة الذات.
  • الحقائق التي تثبت ذاتها.

فإذا تعارض ما هو مبني على الحث الفكري مع النصي والاستدلالي، فعلينا اختيار الاستدلالي.
يستطرد الباحث قائلاً:
نحن نؤمن أن الإيمان بالخالق ليس مبنيًا على المنطق والسببية، بل هو إيمان فطري، ويؤيده المنطق، والإيمان بالقرآن مبني على المنطق، ولأنه مبني على المنطق، يجب أن يكون فيه أمور قابلة للاختبار والدحض.

إذا جاء العلم بنظرية لم يتكلم عنها القرآن أو متناقضة مع حقيقة علمية في القرآن، فبالطبع سوف يبدأ المسلم بالتفكير والبحث، لكن كل ما يستطيع العلم فعله هو وضع نظريات ونماذج علمية قابلة للعمل، وهذا مبني على البحث العلمي.

 ولا يمكن للبحث العلمي أن يكون بديلاً عن الاستدلال النصي وهذا فلسفيًا.
على سبيل المثال: الأعزب هو شخص غير متزوج. ولا يمكن لشيء يلاحظ بالعين المجردة أن يدحض ذلك.
الدائرة ليست مربعة. وهكذا.
على نفس الطريقة، ايماني بالقرآن نابع من حقيقة أن الخالق يتحدانا لإيجاد أي أخطاء ولم نجد.
يرفض الخالق الإيمان الأعمى، واتباع دين الأجداد دون تفكير.
وهذه النقاط المهمة التي تعرض لها القرآن ونقاط مهمة كثيرة في أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام، تعطينا دليل قوي ويقين أن هذا القرآن من عند الله.
وبناءً على ذلك، إذا جاء شخص بشيء يتعلق بالعلم، فأقول له أنت جئت بشيء يتعلق بالبحث والابتكار العلمي، وهو نظري لم يثبت بعد، وعندي أنا دليلاً نصيًا قويًا استدلاليًا. فما الذي يدفعني إلى أن أصدق شيء تجريبي وأترك نص يقيني حسب العوامل التي شرحتها سابقًا. كل ما أستطيع قوله ربما يكون ما جئت به صحيحًا.
وهذه القاعدة الفلسفية ليس لها علاقة بالدين، وتطبق حتى على الأمور غير الدينية.
إن أي رأي حتى ولم يكن دينيًا، ويتبناه أتباعه بناءً على استدلال نصي موثوق، لا يمكن تحديه بنظريات العلم على الإطلاق.
على سبيل المثال:
هناك نقاش كبير بين الفلاسفة حول عقلانية الإنسان ومنطقه.
من أين أتت عقلانية الإنسان؟
كيف لمادة غير حية أن تؤثر في المادة الملموسة وتؤدي إلى العقلانية؟
فلا شيء يأتي من العدم. فكيف نحصل على عقلانيتنا من اللاعقلانية؟
المؤمن يقول في هذه الحالة أن الخالق هو خالق الكون والإنسان، ووهبه الخالق هذه العقلانية ليميز بين الحق والباطل.
لكن من المنظور الطبيعي للملحد فلا يوجد سبب لأن يؤمن بالعقلانية.
الملحد الفيلسوف" ثوماس نيغل" رغم إلحاده كان لديه نفس موقف المؤمن.
لقد كتب كتابًا أسماه "العقل والكون"، وقد تم نشره من قبل جامعة أكسفورد.
قال ثوماس:
"لا شيء يقوم علماء الأحياء التطوريون المفكرون الداروينيون به يجعلني أغير رأيي ليجعلني أقبل به. لأنني لدي دليل استدلالي على أن العقل البشري يمكن أن نثق به منطقيًا،  وأن الادعاء الدارويني بأن الحياة جاءت من طفرات عشوائية وأخطاء جينية لتعطينا فرصة البقاء لا قيمة له، لأنك قد تعيش على أفكار خاطئة دون أن تستطيع أن تفرق بين الحق والباطل بناءً على هذه النظرية”.
فنفهم مما سبق أن نظرية داروين بالنسبة للفيلسوف ثوماس تتعارض مع إيمانه بأن عقله جدير بالثقة. فأعلن رسميًا رفضه لنظرية داروين على اعتبار أنها لا تصل صحتها لقوة النص الاستدلالي لديه.

هناك إجماع بين علماء وفلاسفة العلم الحديث على أن العلم تجريبي استنباطي ولا يعتمد على دليل نصي. ومن المعروف جدًا بالنسبة لهم أن العقائد الميتافيزيقية الدينية من الممكن أن نتوصل إليها عن طريق الاستقراء والاستدلال النصي.
على سبيل المثال كلنا على يقين أن عالمنا حقيقي، فلا يستطيع أحد أن يثبت أن هذا العالم حقيقي باستخدام تجربة ما، هذا اعتقاد ميتافيزيقي(غيبي)، والذي يعتمد عليه العلم ولكن لا يمكنه اثباته.

  • السبت PM 02:54
    2022-06-04
  • 846
Powered by: GateGold