المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413595
يتصفح الموقع حاليا : 187

البحث

البحث

عرض المادة

الإمامية أضعف حجة قرآنية من أهل الكتاب

الإمامية أضعف حجة قرآنية من أهل الكتاب (1)

لقد وردت في القرآن الكريم آيات كثيرة تدل في ظاهرها على صحة دين أهل الكتاب من اليهود والنصارى وغيرهم كالصابئة. وقد احتجوا بها على عدم وجوب إسلامهم وشرط متابعتهم لنبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

وهي أقوى في دلالتها بمراتب كثيرة من الآيات التي احتج بها الإمامية على إثبات أصل (الامامة).

ومع ذلك فلا نرى لهم -أي اليهود والنصارى- فيها حجة على ما يقولون بل نجزم بأنهم صرفوا معاني الآيات إلى غير معانيها الحقيقية!

من هذه الآيات:

1 - قول الله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} (2).

إنّ ظاهر هذه الآية يدل على صحة دين اليهود والنصارى. إذ لم يشترط للنجاة يوم القيامة إلا الإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح. دون الإيمان بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وغير ذلك من شروط الإسلام. فهل لأي دليل من أدلة (الإمامة) التي احتجوا بها مثل هذه القوة والوضوح في الدلالة على المراد؟!


(1) المنهج القرآني الفاصل بين أصول الحق وأصول الباطل ص206 - 213 بتصرف.
(2) سورة البقرة آية 62

أما موضع الخلل في الاستدلال بهذه الآية، فيكمن في عزلها عن الآيات المحكمة التي تشترط الإسلام ومتابعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم والتي من شأنها أن تجعل الآية خاصة بمن مات ولم يبلغه الإسلام، مع أنّ هذا القيد غير موجود في الآية وإنما يتبين من إرجاعها إلى الأصل. وهو الآيات المحكمة (أم الكتاب).

ولنا أن نسأل فنقول: هل يوجد في القرآن كله نص واحد يدل بظاهره دلالة واضحة على (إمامة) علي رضي الله عنه أو الإثني عشر كدلالة نص هذه الآية في ظاهرها على صحة دين اليهود والنصارى والصابئين. التي لولا وجود آيات أخرى محكمة تقيدها، لكانت نصاً صريحاً في نجاتهم وصحة دينهم؟!

2 - قوله تعالى {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلْ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ} (1) وقوله تعالى {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (2).

قال اليهود والنصارى: نحن أهل الذكر فنحن المرجع والأصل فكيف نكون كفاراً؟!

ولا شك أنّ سياق الآية يدل على أنّ المقصود بـ (أهل الذكر) أهل الكتاب. لأنّ قريشاً استدلت على بطلان نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ببشريته. وأنه يأكل الطعام ويمشي في الأسواق. فقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لاَ يَاكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ} (3). أي


(1) سورة يونس آية 94
(2) سورة الأنبياء آية 7
(3) سورة الأنبياء آية 7و8

تستطيعون- إن لم تكونوا تعلمون- أن تسألوا أهل الكتاب (الذكر) فيخبروكم هل الأنبياء بشر أم لا؟

فقوله {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْر} يساوي قوله {فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ}. وقوله {إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُون} يساوي قوله {فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ} وقد جاء قبلها مباشرة قوله تعالى: {وَلَقَدْ بَوَّانَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ} (1). وهذا مدح. بل قال الله: {أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ} (2).

إنّ هذه الآية أقوى دلالة وأليق بما قال اليهود والنصارى منها بما قاله الإمامية من أنّ مقصود الله فيها بـ (أهل الذكر) هم (الأئمة الإثنى عشر)!

إذ لا علاقة بين منطوق الآية وذكر (الأئمة) البتة، ولا قرينة تدل عليهم فيها لا من قريب ولا بعيد!

ولو اختلف اليهود والنصارى مع (الإمامية) في هذه الآية: أيهما أحق بها وأولى؟ لكان الرجحان واضحاً في جانب اليهود والنصارى. ونحن نقول للإمامية: استخلصوا حقكم في الآية من اليهود والنصارى. ثم احتجوا بها على ما تريدون!!

3 - قوله تعالى {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} (3) مرتين في القرآن، وفيها تنصيص على أفضليتهم واختيارهم على العالمين.


(1) سورة يونس آية 93
(2) سورة الشعراء آية 197
(3) سورة البقرة آية 47 و112

وقوله تعالى أيضاً في سورة الدخان {وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ الْعَذَابِ الْمُهِينِ. مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًاً مِنْ الْمُسْرِفِينَ. وَلَقَدْ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} (1) ففي هذه الآيات تنصيص على اختيارهم وتفضيلهم على العالمين.

أليس فيه حجة لهم على أنهم شعب الله المختار؟! فلماذا لا نقر لهم بذلك؟

سؤال نوجهه إلى (الإمامية) الذين فضّلوا أنفسهم على الأمة وعلى العالمين.

وليس عندهم من نص قرآني بذلك، متشابه ولا غير متشابه.

وأي رد يصلح أن يكون رداً على اليهود، يكون رداً على غيرهم من باب أولى!

تصور لو أنّ الله قال: ("يا شيعة علي" اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين) أو قال: (ولقد نجينا "الإمامية" من العذاب المهين ولقد اخترناهم على علم على العالمين) ماذا سيقولون؟ ‍

ألن يجعلوا الحق في اتباع مذهبهم ويستدلوا بهذه الآيات على أحقية هذا المذهب؟

إنّ المنطق العلمي الاستدلالي يقضي بأنه حتى لو قال – سبحانه - ذلك لما كان لهم به من حجة. لأنّ القول نفسه لم يصلح حجة اليهود الذين نزل فيهم. فكذلك لو نزل في غيرهم.

فكيف والله تعالى لم يقل مثله في حق الإمامية ولم يشر إلى ذلك أدنى إشارة؟ ‍!

ضع بدل "بني اسرائيل" في قوله تعالى {وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ} (2) لفظ "الإمامية" أو "بني علي" وتصور ماذا ستكون النتيجة؟!


(1) سورة الدخان آية 30 - 32
(2) سورة الجاثية آية 16

{وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ} (1). تخيل أن الله تعالى قال: (وأورثنا شيعة علي الكتاب)؟ ‍!

{وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا} (2).

{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلاَ تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} (3).

ولو جاء ذكر الإمامية بدل بني إسرائيل لقالوا: هذا نص في (الإمامة) و (الأئمة) (4).

والحقيقة أنّ الإمامية احتجوا بهذا النص دليلاً على (الإمامة) مع أنه في حق بني إسرائيل!!


(1) سورة غافر آية 53
(2) سورة الأعراف آية 137
(3) سورة السجدة آية 23 و24
(4) إنّ هذا الذي نقوله ليس افتراضات ذهنية مجردة. بل هو عين ما فعله علماء الإمامية منذ زمن بعيد!
فمن ذلك ما رواه الكليني في كتاب (الكافي) منسوباً لـ (الأئمة). وهذا بعضه:
1 - عن أبي جعفر (ع) قال: نزل جبريل (ع) بهذه الآية هكذا: ((إنّ الذين ظلموا (آل محمد) لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقاً)) 1/ 424
2 - عن أبي جعفر (ع) قال: نزل جبريل عليه السلام بهذه الآية هكذا: ((فأبى أكثر الناس (بولاية علي) إلا كفوراً)). ونزل جبريل (ع) بهذه الآية هكذا: ((وقل الحق من ربكم (في علي) فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنّا أعتدنا للظالمين (آل محمد) ناراً)) 1/ 425
3 - عن أبي جعفر (ع) قال: نزل جبريل (ع) بهذه الآية على محمد صلى الله عليه وآله وسلم هكذا: ((بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله (في علي) بغياً)) 1/ 417
4 - عن جابر قال: نزل جبريل (ع) بهذه الآية على محمد هكذا: ((وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا (في علي) فاتوا بسورة من مثله)) 1/ 417 ومثل هذا الكفر الصريح في كتاب (الكافي) وأمثاله كثير!

4 - قوله تعالى {وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا} (1).

تصور لو أنّ الله قال: (ولقد أخذنا ميثاق "آل محمد" وبعثنا منهم اثني عشر نقيباً). ماذا سيقولون؟

سيقولون: هذه الآية نص في الأئمة الإثني عشر. وأنّ الأئمة منصوص عليهم في الكتاب!

ولكن الآية نص في بني إسرائيل. وليس لبني إسرائيل فيها حجة.

فهل عند الإمامية نص قرآني بقوة هذه الآية ووضوحها ودلالتها؟!

ولقد ذكر الله تعالى أنه اختار امرأة منهم وفضلها على نساء العالمين، هي مريم ابنة عمران. ورزقها بولد من دون زوج. وجعله نبياً كما قال سبحانه {وَإِذْ قَالَتْ الْمَلاَئِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ} (2) وأنزل في حقها الكثير من الآيات مصرحة باسمها كقوله سبحانه {وَمَرْيَمَ ابنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنْ الْقَانِتِينَ} (3).

كل هذا لا يشفع لليهود، وليس فيه حجة لهم لأنهم مقطوعو الصلة بذلك السلف الصالح كما قال تعالى {أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (4).


(1) سورة المائدة آية 12
(2) سورة آل عمران آية 42
(3) سورة التحريم آية 12
(4) سورة البقرة آية 133 - 134

وقال {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالانجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} (1) وأوله الإيمان بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم ومتابعته.

إنّ الألقاب والانتساب لا ينفع صاحبه دون عمل ومتابعة لمن انتسب إليه كما قال الرب جل وعلا {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ} (2) وليس الذين أحبوه، أو انتسبوا إليه.

فحب اليهود ليعقوب وانتسابهم إليه، وحبهم لداود وموسى وسليمان وغيرهم. وحب النصارى للمسيح وانتسابهم إليه ليس بنافعهم لانقطاعهم عن المنهج والتعاليم التي جاء بها هؤلاء الأنبياء الكرام عليهم السلام: قال تعالى {وَقَالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا}.

هذا هو الانتساب الأجوف الذي لا قيمة له. لذلك عقب الله عليه بقوله {قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ} (3).

إنّ الله يريد الملة والدين الصحيح. أما الاسم والنسب فلا قيمة له عنده.

ومع هذا كله انتقل إلينا هذا المرض الخطير فصار فينا من يتعصب للأسماء والطوائف، ويفخر بالانتساب إلى مشاهير الملة دون العمل بما دعوا إليه، وجاهدوا من أجله. وهذا ليس بنافعهم بل هو ضار بهم: في الدنيا تفرقة وتمزقاً وفتناً. وفي الآخرة خسراناً مبيناً.

إنّ الانتساب إلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم نفسه لن ينفع صاحبه من دون عمل واتباع كما قال سبحانه {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي} (4).

فحب الله تعالى نفسُه لا وزن له عنده من دون اتباع صحيح لما أنزل على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم.

فما بالك بالانتساب إلى من هو دون محمد صلى الله عليه وآله وسلم كالإمام علي أو غيره وادعاء حبه والتعصب له؟!

ولو افترضنا أنّ الله تعالى أمر بذلك صراحة فلا شك أنه لم يقصد الانتساب المجرد عن المتابعة. فكيف إذا كان المنتسب مخالفاً لصريح القرآن منهجاً وتطبيقاً. وأول ذلك اتباع المتشابهات وترك المحكمات؟!

 


(1) سورة المائدة آية 68
(2) سورة آل عمران آية 68
(3) سورة البقرة آية 135
(4) سورة آل عمران آية 31

  • السبت PM 07:26
    2022-05-21
  • 657
Powered by: GateGold