المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413835
يتصفح الموقع حاليا : 307

البحث

البحث

عرض المادة

المحاكمة الأولي أمام مجمع اليهود

[أ- المحاكمة الأولي أمام مجمع اليهود]

(1) يقول مرقس: "فمضوا بيسوع إلى رئيس الكهنة ... وكان بطرس قد تبعه من بعيد إلى داخل دار رئيس الكهنة وكان جالسًا بين الخدام يستدفئ عند النار، وكان رؤساء الكهنة والمجمع كله يطلبون شهادة على يسوع ليقتلوه فلم يجدوا؛ لأنّ كثيرين شهدوا عليه زورًا ولم تتفق شهادتهم، ثم قام قوم وشهدوا عليه زورًا قائلين: نحن سمعناه يقول: إنى أنقض هذا الهيكل المصنوع بالأيادي، وفي ثلاثة أيام أبنى آخر مصنوع بأياد ... فسأله رئيس الكهنة أأنت المسيح ابن المبارك؟ فقال يسوع: أنا هو ... فمزق رئيس الكهنة ثيابه وقال: ما حاجتنا بعد إلى شهود. قد سمعتم التجاديف ما رأيكم؟ فالجميع حكموا عليه أنه مستوجب الموت فابتدأ قوم يبصقون عليه ويغطون وجهه ويلكمونه ويقولون له: تنبأ، وكان الخدام يلطمونه" مرقس: (14/ 53 - 65).

والجدول التالي يبين الاختلافات الموجودة في القصة في الأناجيل الأربعة:

مرقس - لوقا - متى - يوحنا

=

مرقس: المحاكمة الأولى أمام مجمع اليهود كانت في منتصف الليل حيث أمضوا به مباشرة إلى رئيس الكهنة (14 - 53).

لوقا: ولما كان النهار اجتمعت مشيخة الشعب ورؤساء الكهنة والكتبة وأصعدوه إلى مجمعهم (22 - 66) (أني أجعلها في صباح اليوم التالي).

متى: محاكمته في الليل عقب القبض عليه.

يوحنا: محاكمته في الليل عقب القبض عليه.

=

مرقس: ذهبت القوة به إلى بيت رئيس الكهنة (14/ 53 - 54).

لوقا: ذهبت القوة به إلى بيت رئيس الكهنة (22/ 54).

متى: ذهبت القوة به إلى بيت رئيس الكهنة (26 - 57).

يوحنا: ذهبت إلى به إلى حنان حما قيافا رئيس الكهنة (18 - 13).

=

مرقس: بطرس في أسفل الدار يستدفئ وجاءت إليه الجارية (14 - 66 - 67).

لوقا: تبعه بطرس من بعيد، ولما أضرموا النار فقي وسط الدار وجلسوا معًا جلس بطرس بينهم (22/ 55 - 56) وهناك رأته الجارية.

متى: كان جالسًا خارج الدار فجاءت إليه الجارية (26 - 69) ولم يذكر أنه كان يستدفئ.

يوحنا: وكلم البوابة فأدخل بطرس، فقالت الجارية البوابة لبطرس .. ثم وقف بطرس معهم ليصطلي (18/ 16 - 18).

=

مرقس: كان بطرس قد تبعه من بعيد (14 - 54).

لوقا: وأما بطرس فتبعه من بعيد (22 - 54).

متى: وأما بطرس فتبعه من بعيد (26 - 58).

يوحنا: وكان سمعان بطرس والتلميذ الآخر يتبعان يسوع (18 - 15).

=

مرقس: قام قوم وشهدوا عليه زورًا (14 - 56).

لوقا: لم تذكر.

متى: ولكن أخيرًا تقدم شاهدًا زور (26 - 60).

يوحنا: لم تذكر.

=

مرقس: وسوف تبصرون ابن الإنسان جالسًا عن يمين القوة وآتيًا في سحاب السماء (14 - 62).

لوقا: فقال لهم: إن قلت لكم لا تصدقون وإن سألت لا تجيبونني ولا تطلقونني، منذ

متى:

من الآن تبصرون ابن الإنسان جالسًا على يمين القوة وآتيًا على سحاب السماء.

يوحنا: لماذا تسألني أنا، أسأل الذين سمعوا ماذا كلمتهم ... إن كنت قد تكلمت رديًا فاشهد.

مرقس -لوقا - متى - يوحنا

مرقس: (قال هذا في دار رئيس الكهنة)

لوقا: الآن يكون ابن الإنسان جالسًا على يمين قوة الله (22/ 67 - 69) (قال هذا في دار رئيس الكهنة).

متى: (26 - 64) (قال هذا في دار رئيس الكهنة.)

يوحنا: على الردى، وإن حسنًا فلماذا تضربني (18/ 21 - 22) (هذا في دار رئيس الكهنة، أما قوله مملكتي ليست من هذا العالم فقد قالها في دار الولاية عند بيلاطس (18 - 36).

=

مرقس: سأله رئيس الكهنة: أما تجيب بشيء .. ماذا يشهد به هؤلاء عليك؟ أأنت المسيح ابن المبارك (14/ 60 - 61).

لوقا: إن كنت أنت المسيح فقل لنا ... فقال الجميع أفأنت ابن الله (22/ 67 - /70).

متى: سأله رئيس الكهنة أما تجيب بشيء ماذا يشهد به هذان عليك ... أستحلفك بالله الحي أن تقول لنا هل أنت المسيح ابن الله (26/ 62 - 63).

يوحنا: فسأل رئيس الكهنة يسوع عن تلاميذه وعن تعاليمه (18 - 19).

=

مرقس: فبتدأ قوم يبصقون عليه ويغطون وجهه ويلكمونه ويقولون له: تنبأ، وكان الخدم يلطمونه (14 - 65).

لوقا: كانوا يستهزئون به وهم يجلدونه وغطوه وكانوا يضربون وجهه ويسألونه قائلين تنبأ من الذي ضربك؟ (22/ 63 - 64).

متى: بصقوا في وجهه ولكموه وآخرون لطموه قائلين تنبأ أيها المسيح من ضربك (26/ 67 - 68).

يوحنا: ولما قال هذا لطم يسوع واحدًا من الخدم كان واقفًا قائلًا أهكذا تجاوب رئيس الكهنة (18 - 22).

=

مرقس: السؤال الأول لبطرس: كان من جارية.

لوقا: جارية

متى: جارية.

يوحنا: الجارية البوابة.

=

مرقس: وموقع بطرس: كان من أسفل الدار يستدفئ (14 - 66، 67 - 72).

لوقا: عند النار (في وسط الدار) (22/ 54 - 55، 62).

متى: خارج الدار (26/ 69 - 75).

يوحنا: عند البوابة خارجًا (18 - 16) (18/ 25 - 27).

=

مرقس: السؤال الثاني له: من نفس الجارية.

لوقا: من رجل.

متى: من جارية أخرى.

يوحنا: من أحد الواقفين مع رئيس الكهنة.

=

مرقس: موقعه: خارجًا في الدهليز.

لوقا: نفس المكان السابق عند النار.

متى: الدهليز.

يوحنا: عند النار حيث يجتمعون.

=

مرقس: موقع بطرس: ربما نفس المكان السابق خارجًا في الدهليز.

لوقا: رجل آخر.

متى: ربما نفس المكان السابق في الدهليز.

يوحنا: عند النار في مكانه حيث يجتمعون.

=

مرقس: أشهدت عليه الجميع في المرة الثانية.

لوقا: لم تشهد عليه الجميع.

متى: أشهدت عليه الجميع في المرة الثانية.

يوحنا: لم تشهد عليه الجميع.

=

مرقس: سألته امرأة مرتين والحاضرين.

لوقا: سألته جارية ورجلان.

متى: سألته جاريتان والقيام.

يوحنا: سألته جارية والواقفين مع رئيس الكهنة وشخص ثالث.

=

مرقس: بعد سؤاله للمرة الثالثة: فابتدأ يلعن ويحلف.

لوقا: إنسان لست أعرف ما تقول.

متى: فابتدأ حينئذ يلعن ويحلف.

يوحنا: فأنكر بطرس أيضًا.

=

مرقس: صاح الديك مرتين

لوقا: صاح الديك مرة واحدة.

متى: صاح الديك مرة واحدة.

يوحنا: صاح الديك مرة واحدة.

مرقس - لوقا - متى - يوحنا

مرقس: شهود زور: قوم.

لوقا: لا يوجد شهود ويوجد استنطاق.

متى: شهود زور: شاهدان.

يوحنا: لا يوجد شهود زور ويوجد استنطاق.

=

مرقس: أأنت المسيح ابن المبارك (14 - 61) سأله رئيس الكهنة.

لوقا: أفأنت ابن الله (من الجميع) (22 - 70).

متى: أنت المسيح ابن الله (26 - 63) سأله رئيس الكهنة مستحلفًا إياه بالله.

يوحنا: فسأل رئيس الكهنة يسوع عن تلاميذه وعن تعليمه (18 - 19).

=

مرقس: أنكر بطرس المسيح بعد محاكمته.

لوقا: أنكره قبل محاكمته.

متى: أنكره بعد محاكمته.

يوحنا: أنكره قبل محاكمته.

=

مرقس: قالت الجارية لبطرس: وأنت كنت مع يسوع الناصري (14 - 67).

لوقا: وقالت: وهذا كان معه (22 - 56).

متى: وقالت: وأنت كنت مع يسوع الجليلي (26 - 69).

يوحنا: فقالت الجارية البوابة: ألست أنت أيضًا من تلاميذ هذا الإنسان؟ (18 - 17).

=

مرقس: فمزق رئيس الكهنة ثيابه وقال ما حاجتنا بعد إلى شهود (14 - 63).

لوقا: لم يمزق ثيابه.

متى: مزق رئيس الكهنة ثيابه قائلاً: لقد جدف، ما حاجتنا بعد إلى شهود (26 - 65).

يوحنا: لم يمزق ثيابه.

ويعلق أ/علاء أبو بكر، على ما ورد في الأناجيل الأربعة حول المحاكمة الأولي فيقول:

(الاختلاف بين الأناجيل الأربعة يبين لنا عدم اتفاق هؤلاء الإنجيليين ليدل على عدم كونهم ملهمين، وإن قالوا بأن هذه الكتب كانت بمنزلة التاريخ لضبط أحوال هذا الرجل المصلوب، فمن الواجب أن يتفقوا في الحكاية إثباتًا ونفيًا وتقريرًا لأنهم لا بد أن يكونوا قد رأوا الحادث رأى العين ولم يرووا عن غيرهم، وإن قالوا بإلهامهم لوجب أنه لا يختلفوا ولا في حرف واحد ولو جاز تطرق الاختلاف في أخبار الوحى لبطلت الشرائع) (1).

وقد انتقد العلامة أحمد ديدات هذه المحاكمة ووصفها بأنها مهزلة فاليهود أرادوا إدانة يسوع وانتهاء أمره، وفي منتصف الليل جهزوا شهود زور ليشهدوا ضد يسوع وانعقاد المحكمة بعد منتصف الليل كان ضد معتقدات اليهود لكن هذا الخروج عن الإجراءات لا يهم رغم تشجيع وتعاطف المحققين والمحلفين للشهود فإن شهود الزور لم يستطيعوا أن يتفقوا في القرائن والوقائع التي يشهدون بها ... من الناحية القانونية لم يستطيعوا أن يجرموه، الاختلاف المباشر كان ضروريًا. يتدخل الكاهن الأكبر في المحاكمة قائلًا: خبرنا إذن أأنت المسيح ابن المبارك "فقال يسوع أنا هو" مرقس (14/ 61 - 62) تقول إنك ابن الله كفى تجديفًا ... وكان الحكم سريعًا وبالإجماع ... لكن اليهود لم يستطيعوا .. أن يشنقوه أخذوا ضحيتهم في الصباح إلى بيلاطس لأنهم حسب قولهم: "لا يحق لنا قانونًا أن نقتل أحدًا" يوحنا (18/ 31) (2).


(1) المسيحية الحقه: ص 260.
(2) مسألة صلب المسيح: ص 58.

أما العلامة رحمة الله الهندي، فقد وضع يده على ما في هذه المحاكمة من غلط متعمد من كتبة الأناجيل وقال: إنه يوجد في إنجيّل يوحنا غلط في هذه المحاكمة والنص يقول: "فقال لهم واحد منهم هو قيافا كان رئيسًا للكهنة في تلك السنة أنتم لستم تعرفون شيئًا ولا تفكرون أنه خير لنا أن يموت إنسان واحد عن الشعب ولا تهلك الأمة كلها ولم يقل هذا من نفسه بل كان رئيسًا للكهنة في تلك السنة تنبأ أن يسوع منتظر أن يموت عن الأمة، وليس عن الأمة فقط؛ بل ليجمع أبناء الله المتفرقين إلى واحد (1) وقال: وهذا غلط من وجوه منها:

1 - أن مقتضى هذا الكلام أن رئيس كتبة اليهود لا بد من أن يكون نبيًا وهو فاسد يقينًا.

2 - أن قوله هذا لو كان بالنبوة يلزم أن يكون موت عيسى -عليه السلام- كفارة عن قوم اليهود فقط لا عن العالم وهو خلاف ما يزعمه أهل التثليث، ويلزم أن يكون قول الإنجيلي وليس عن الأمة فقط ... الخ لغوًا مخالفًا للنبوة.

والعلامة البغدادي في نقده للمحاكمة الأولي أخذ عليها مآخذ عدة وقال إنها مليئة بالمتناقضات:

التناقض الأوّل:

فقد ذكر متي: أن يسوع مضوا به إلى دار رئيس الكهنة قيافا، ومرقس وافقه على ذلك إلا أنه خالفه بعدم ذكره اسم قيافا، ولوقا من حيث أنه ذكر في روايته أن القابضين عليه هم رؤساء الكتبة وشيوخ الشعب لم يوافق صاحبيه هنا على ذلك؛ بل المفهوم من كلامه: أن الرؤساء سلمته إلى الخدام ومكث الليل بطوله معذبًا بأيدي الخدام إلى الصباح، وبعد اجتماع مشيخة الشعب أصعدوه إلى مجمعهم وانفرد يوحنا بقوله: "أخذوه أولًا إلى دار حنَّان، ثم إلى دار قيافا رئيس الكهنة" (2).

[التناقض الثاني]

وهو اضطراب الأناجيل في تقديم الشهود عليه، فعبارة مترجم متى خبيصة أطفال إذ لا معني لقوله: "طلبوا شهادة زور ليقتلوه، فلم يجدوا مع أنه جاء شهود زور كثيرون لم يجدوا، ولكن أخيرًا تقدم شاهد زور" ومرقس تخلص من هذا التشويش في العبارة وقال: "ثم قام قوم وشهدوا عليه زورًا قائلين: نحن سمعناه يقول: إني أنقض هذا الهيكل المصنوع بالأيادي في ثلاثة أيام أبي آخر غير مصنوع بأياد" وقد سمى شهادتهم هذه شهادة زور، وليست كذلك، بل هي حق كما سموا منه في الهيكل كما في إنجيل يوحنا (20/ 19) ونصه: "فقال لهم: انقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أقيمه" .. الخ فهل يُقال لهؤلاء الشهود أنهم زوروا وكذبوا، وهم شهدوا كما سمعوا منه وتشهد الأناجيل بصدقهم (3).

وخلاصة هذه المحاكمة: وجود الاختلاف والاضطرابات في رواية المحاكمة في الأناجيل الأربعة فإذا اتفقوا على أمر اختلفوا في آخر وإذا اتفق بعضهم على أمر اختلف البعض الآخر وهذه ليست من سمات الوحى الإلهي وبالتالي تُرفع القداسة عن هذه الأناجيل ويتبين أنها من وضع بشر.

[ب. المحاكمة الثانية أمام بيلاطس]

ونص المحاكمة جاء فيه: وللوقت في الصباح تشاور رؤساء الكهنة والشيوخ والكتبة والمجمع كله، فأوثقوا يسوع ومضوا به وسلموه إلى بيلاطس، فسأله بيلاطس أنت ملك اليهود فأجاب وقال له: أنت تقول ... فمضي به العسكر إلى داخل الدار التي هي دار الولاية وجمعوا كل الكتيبة وألبسوه أرجوانًا وضفروا إكليلًا من شوك ووضعوه عليه، وابتدأوا يسلمون عليه قائلين: "السلام يا ملك اليهود، وكانوا يضربونه على رأسه بقصبة ويبصقون عليه .. ثم خرجوا به ليصلبوه" مرقس: (15/ 1 - 20).

مرقس - لوقا - متى - يوحنا

مرقس: -

لوقا: -

متى: نهاية يهوذا + حلم زوجة بيلاطس.

يوحنا:-

=

مرقس: -

لوقا: -

متى: استخدم متى الفترة ما بين قرار مجلس الكهنة والمحاكمة أمام بيلاطس في ذكر نهاية يهوذا.

يوحنا:-

=

مرقس:

-

لوقا: اقتنى حقلًا من أجرة الظلم (أعمال الرسل 1 - 18).

متى: رجع يهوذا إلى المجلس وطرح النقود في الهيكي (27 - 5).

يوحنا:-

=

مرقس: -

لوقا: مات ميتة دموية انشق فيها وسطه وانسكبت جميع أحشؤه كلها (أعمال الرسل 18 - 19).

متى: مضى ليخنق نفسه (27 - 54).

يوحنا:-

=

مرقس: -

لوقا: سمي الحقل حقل دم نتيجة الميتة الدموية التي لقيها يهوذا (أعمال الرسل 1 - 19).

متى: سمي حقل دم لأنه اشتُري بنقود كانت ممن بيع دمك بريء (27/ 6 - 8).

يوحنا:-

=

مرقس: قال لهم بيلاطس: أتريد أن أطلق لكم ملك اليهود (15 - 9).

لوقا: -

متى: مَنْ مِنْ الاثنين تريدون أن أُطلق لكم؟ (27 - 21).

يوحنا: أتريد أن أُطلق لكم ملك اليهود؟ (18 - 39).

=

مرقس: بارباس يُحدث فتنة (قاتل) (15 - 7).

لوقا: مُحدث فتن وقاتل (23 - 19).

متى: أسير مشهور (27 - 16).

يوحنا: بارباس لص (18 - 40).

=

مرقس: كان الشيوخ والكهنة والكتبة والمجمع كله عند محاكمته.

لوقا: رؤساء الكهنة والعظماء والشعب (23 - 13).

متى: رؤساء الكهنة والشيوخ والشعب والجموع.

يوحنا: المحاكمة في دار الولاية والكهنة والشعب لم يدخلوا دار الولاية.

مرقس - لوقا - متى (27/ 1 - 20) -يوحنا حتى لا يتنجسوا (18 - 28).

مرقس: جنود بيلاطس ألبسوا أروجوانًا وضفروا إكليلًا من شوك ووضعوه عليه (15/ 16 - 17).

لوقا: احتقره هيردوس مع عسكره واستهزأ به وألبسه لباسًا لامعًا ورده إلى بيلاطس (23 - 11).

متى: جنود بيلاطس عرُّوه وألبسوه رداءًا قرمزيًا وضفروا إكليلاً من شوط ووضعوه على رأسه (27/ 27 - 29).

يوحنا: جنود بيلاطس ألبسوه ثوب أرجوان وإكليلاً من الشوك ووضعوه على رأسه (19/ 1 - 2).

=

مرقس: ألبسوه أرجوانًا (فوق ملابسه) ولم يعروه كما ذكر متى (15 - 17).

لوقا: ألبسوه رداءًا ولم يعروه ولم يلبسوه إكليل الشوك (23 - 11).

متى: عروه وألبسوه رداءً قرمزيًا (27 - 28).

يوحنا: ألبسوه ثوبًا أرجوانيًا ولم يعروه (19 - 2).

=

مرقس: لم يعطوه قصبة في يمينه بل ضربوه بها (15 - 19).

لوقا: لم يعصوه قصبة.

متى: وقصبة في يمينه (27 - 29).

يوحنا: لم يُعطوه قصبة.

=

مرقس: ثم يسجدون له (15 - 19).

لوقا: لم يسجدوا أمامه.

متى: كانوا يجثون قُدامه (27 - 29).

يوحنا: لم يسجدوا أمامه.

=

مرقس: نزعوا عنه الأرجوان وألبسوه ثيابه ثم خرجوا به ليصلبوه (15 - 20).

لوقا: لم ينزعوا من عليه (13 - 11).

متى: نزعوا عنه الرداء وألبسوه ثيابه ومضوا به للصلب (27 - 31).

يوحنا: لم ينزعوا ردائه عنه (19 - 5).

=

مرقس: شفاعة بيلاطس عند اليهود في المسيح مرة واحدة.

لوقا: شفاعته في المسيح ثلاث مرات.

متى: شفاعته في المسيح مرة واحدة.

يوحنا: شفاعته في المسيح ثلاث مرات.

=

مرقس: هيج رؤساء الكهنة الجميع لكي يُطلق لهم بارباس (15 - 11).

لوقا: صرخوا (من أنفسهم) بجملتهم قائلين: خذ هذا وأطلق لنا باراباس (23 - 18).

متى: لكن رؤساء الكهنة والشيوخ حرضوا الجموع على أن يطلبوا بارباس (27 - 20).

يوحنا: فصرخوا جميعهم قائلين: ليس هذا بل بارباس (أيضًا هنا من أنفسهم دون تحريض).

=

مرقس: -

لوقا: -

متى: غسل يديه أمام الجميع قائلاً: إني بريء من دمه (27 - 24).

يوحنا:-

=

مرقس: -

لوقا: -

متى: وقالوا: إن دمه علينا وعلى أولادنا (27 - 25).

يوحنا:-

=

مرقس: أسلم يسوع بعد ما جلده ليصلب (15 - 15).

لوقا: أسلم يسوع لمشيئتهم (23 - 25).

متى: جلد بيلاطس يسوع وأسلمه ليصلب (27 - 26).

يوحنا: أخذ بيلاطس يسوع وجلده (19 - 1).

=

مرقس: -

لوقا: فأنا أؤدبه وأطلقه (23 - 22).

متى:-

يوحنا:-

=

مرقس: -

لوقا: سأله بيلاطس: هل الرجل جليلي؟ (23 - 6).

متى:-

يوحنا:-

=

مرقس: -

لوقا: حوكم أيضًا أما هيرودس.

متى:-

يوحنا:-

=

مرقس: -

لوقا: وتبدو هنا شخصية هيردوس غريبة جدًا فهو يفرح للقاء نبي العدل والرحمة والخلاص الذي تمنى لقاءه من زمان طويل،

متى:-

يوحنا:-

 


(1) إظهار الحق: 1/ 17، ولمزيد من التفصيل انظر: ص 1/ 171 - 172.
(2) الفارق: ص 388.
(3) المرجع السابق: ص 389.

مرقس - لوقا - متى - يوحنا

مرقس: -

لوقا: وفجأة يراه ويحتقره بناءً على شكوى كيدية مع علمه أنه حوكم من قبل أمام بيلاطس ولم يجد فيه علة.

متى:-

يوحنا:-

=

مرقس: -

لوقا: -

متى:-

يوحنا: فقال لهم بيلاطس: خذوه أنتم احكموا عليه حسب ناموسكم فقال لهم: لا يجوز لنا أن نقتل أحدًا (18 - 31).

وينتقد د/ سعد الدين صالح، هذه المحاكمة فيقول وهو يبين الاختلاف الواقع بين الأناجيل في روايتها: اختلفت رواية متي عن رواية لوقا في محاكمته، فبينما يذكر متى أن بيلاطس والي بيت المقدس لم يرسل عيسى إلى هيروديس مساعده ويذكر لوقا أنه أرسله إليه، أيضًا لم يذكر مرقس شيئًا عن إرساله إلى هيروديس فمن أين أتى لوقا بهذه الزيادة ولم تركها الباقون؟ (1).

ثم يخبرنا العلامة أحمد ديدات أن بيلاطس في هذه المحاكمة يرى أن يسوع ليس مذنبًا لكن أعداء يسوع يتساومون مع بيلاطس فيقولون: "إن أطلقت هذا فلست بمحبًا لقيصر، كل من يجعل نفسه ملكًا يقاوم قيصر" يوحنا (19/ 12) وأثناء إجراء المحاكمة ترسل زوجة بيلاطس إليه رسالة تقول: "إياك وذلك البار لأني تألمت اليوم كثيرًا في حلم من أجله" (متي: 27/ 19) ومع أن بيلاطس كان يحاذر أن يصدق على حكم الإعدام على أحد الرعايا الأبرياء غير الضارين، ورغم توسل زوجته العزيزة، فإنه لم يستطع أن يتغلب على ضغط اليهود، وأُجبر أن يستسلم لصياح اليهود خارج القصر صارخين: "ليصلب ... أخذ ماءً وغسل يديه قدام الجميع قائلًا إني برئ من لم هذا البار" (متى: 27/ 24) وقال لهم أنتم أبصرتم بهذا الاتهام الظالم، وأسلم إليهم يسوع لكي يصلب (2).

[5 - الصلب]

اختلفت الأناجيل أيضًا في طريقة الصلب ووقته ومن هو حامل الصليب وفي الشراب الذي ناولوه للمصلوب وثياب المصلوب ومن الذي صُلب معه؟ وغير ذلك من أمور .. ومما جاء في رواية الصلب ما ذكره مرقس: "وبعد ما استهزأوا به نزعوا عنه الأرجوان وألبسوه ثيابه ثم خرجوا به ليصلبوه فسخروا رجلًا مجتازًا كان آتيًا من الحقل وهو سمعان القيرواني ليحمل صليبه ... وأعطوه خمرًا ممزوجة بمر ليشرب فلم يقبل، ولما صلبوه اقتسموا ثيابه مقترعين عليها ماذا يأخذ كل واحد وكانت الساعة الثالثة فصلبوه وكان عنوان علته مكتوبًا، ملك اليهود وصلبوا معه لصين واحدًا عن يمينه وآخر عن يساره ... ولما كانت الساعة السادسة كانت ظلمة على الأرض كلها إلى الساعة التاسعة وفي الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت قائلًا: "إلوى إلوى لما شبقتني" الذي تفسيره: إلهي إلهي لماذا تركتني؟ فصرخ يسوع بصوت عظيم وأسلم الروح ... وكانت أيضًا نساء ينظرن من بعيد بينهن مريم المجدلية ومريم أم يعقوب الصغير وبوس وسالومة، اللواتي أيضًا تبعنه" مرقس: (15/ 20 - 41).

وقد عرض أ/ علاء أبو بكر، الجدول هنا أيضًا ليبين مواطن الاختلاف بين الروايات في الأناجيل الأربعة:

مرقس - لوقا - متى - يوحنا

=

مرقس: حامل الصليب سمعان القيرواني (15 - 21).

لوقا: سمعان القيرواني (23 - 26).

متى: سمعان القيرواني (27 - 32).

يوحنا: عيسى -عليه السلام- نفسه (19 - 17).

=

مرقس: شراب المصلوب: أعطوه خمرًا ممزوجة بمر ليشرب فلم يقبل (15 - 23) وكان هذا قبل الصلب ليخفف الألم.

لوقا: لم يعطوه ليشرب قبل الصلب.

متى: أعطوه خلاً ممزوجًا بمرارة ليشرب، فلما ذاق لم يرد أن يشرب (27 - 34).

يوحنا: لم يعطوه ليشرب قبل الصلب.

=

مرقس: علة المصلوب: وكان عنوان علته مكتوبًا: ملك اليهود (15 - 26).

لوقا: وكان عنوان مكتوب فوقه بأحرف يونانية ورومانية وعبرانية: هذا هو ملك اليهود (23 - 38).

متى: وجعلوا فوق رأسه علّته مكتوبة: هذا هو يسوع ملك اليهود (27 - 37).

يوحنا: يسوع الناصري ملك اليهود بالعبرانية واليونانية واللاتينية (19/ 19 - 20).

=

مرقس: اللصان والمصلوب: واللذان صلبا معه كانا يُعَيِّرانه (15 - 32).

لوقا: وكان واحد من المذنبين المعلقين يجدف عليه قائلاً: إن كنت أنت المسيح فخلص نفسك وإيانا، فأجاب الآخر وانتهره قائلاً أو لا أنت تخاف الله ... فقال له يسوع: الحق أقول إنك اليوم تكون معي في الفردوس (23/ 39 - 43).

متى: وبذلك أيضًا كان اللصان اللذان صلبا معه يعيرانه (27 - 44).

يوحنا: لم يذكر أن اللصين استهزءا به.

مرقس - لوقا - متى - يوحنا

=

مرقس: وقت الصلب: وكانت الساعة الثالثة فصلبوه (15 - 25).

لوقا: لم يحدد الوقت.

متى: لم يحدد الوقت.

يوحنا: وكان استعداد الفصح ونحو الساعة السادسة (19 - 14) (أي مساءً).

=

مرقس: صلاة المصلوب: لا توجد صلاة.

لوقا: يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون (23 - 34).

متى: لا توجد صلاة.

يوحنا: لا توجد صلاة.

=

مرقس: شرابه على الصليب: فركض واحد وملأ إسفنجة خلاً وجعلها على قصبة وسقاه قائلاً: اتركوه، لنر هل يأتي إيليا لينزله؟ (15 - 36).

لوقا: (لم يقل أنا عطشان) والجند أيضًا استهزءوا وهم يأتون ويقدمون له خلاً (23 - 36).

متى: وللوقت ركض واحد منهم وأخذ إسفنجة وملأها خلاً وجعلها على قصبة وسقاه وأما الباقون فقالوا: اترك لنرى هل يأتي إلياء يخلصه (27 - 48 - 49).

يوحنا: قال: أنا عطشان ... فملأوا إسفنجة من الخل ووضعوها على زوفا وقدموها إلى فمه (19/ 28 - 29).

=

مرقس: (لم يطلب ليشرب).

لوقا: (لم يطلب ليشرب).

متى: (لم يطلب ليشرب).

يوحنا: (قال: أنا عطشان).

=

مرقس: صرخة اليأس على الصليب: إلوي إلوي لما سبقتني، الذي تفسيره إلهي إلهي لما تركتني (15 - 34).

لوقا: يا أبته في يديك أستودع روحي (23 - 46).

متى: إيلي إيلي لما شبقتني، أي إلهي إلهي لماذا تركتني (27 - 46).

يوحنا: فلما أخذ يسوع الخل قال: قد أكمل، ونكس رأسه وأسلم الروح (19 - 30).

=

مرقس: موت المصلوب: فصرخ يسوع بصوت عظيم وأسلم الروح (15 - 37).

لوقا: يا أبتاه في يديك أستودع روحي (23 - 46).

متى: فصرخ يسوع أيضًا بصوت عظيم وأسلم الروح (27 - 50).

يوحنا: فلما أخذ يسوع الخل قال: قد أكمل، ونكس رأسه وأسلم الروح (19 - 30).

=

مرقس: طعنه بحربة بعد موته: لم يطعن بحربة.

لوقا: لم يُطعن بحربة.

متى: لم يُطعن بحربة.

يوحنا: وأما يسوع فلما جاءوا إليه لم يكسروا ساقيه لأنهم رأوه قد مات، لكن واحدًا من العسكر طعن جنبه بحربة، وللوقت خرج دم وماء (19/ 33 - 34).

=

مرقس: في أعقاب الصلب: انشق حجاب الهيكل إلى اثنين من فوق إلى أسفل، ولما رأي قائد المائة الواقف مقابله أنه صرخ هكذا وأسلم الروح قال: حقًا كان هذا الإنسان ابن الله (15/ 38 - 39).

لوقا: أظلمت الشمس وانشق حجاب الهيكل من وسطه ... فلما رأى قائد المائة ما كان، مجد الله قائلاً/ بالحقيقة كان هذا الإنسان بارًا (23/ 44 - 47).

متى: وإذا حجاب الهيكل قد انشق إلى اثنين من فوق إلى أسفل، والأرض تزلزلت والصخور تشققت، والقبور تفتحت، وقام كثير من أجساد القديسين الراقدين وخرجوا من القبور بعد قيامته، ودخلوا المدينة المقدسة وظهروا لكثيرين، وأما قائد المائة والذين معه يحرسون يسوع فلا رأوا الزلزلة.

يوحنا: (لم يعلم شيء عن ذلك).

 


(1) مشكلات العقيدة النصرانية: ص 160.
(2) مسألة صلب المسيح: ص 64، ولمزيد من التفصيل يُراجع: الفارق، ص 405، 406.

مرقس - لوقا - متى - يوحنا

مرقس: -

لوقا:-

متى: وما كان خافوا جدًا وقالوا: حقًا كان هذا ابن الله (27/ 51 - 54).

يوحنا:-

=

مرقس: انشقاق حجاب الهيكل بعد موته.

لوقا: انشقاق قبل موته.

متى: انشق بعد موته.

يوحنا: (لم يعلم شيء عن ذلك).

=

مرقس: شهود الصلب: وكانت أيضًا نساء ينظرون من بعيد بينهن مريم المجدلية ومريم أم يعقوب الصغيرة ويوسي وسالومة (15 - 40).

لوقا: وكان جميع ماعرفه ونساء كن قد تبعنه من الجليل واقفين من بعيد ينظرون ذلك (23 - 49).

متى: وكانت هناك نساء كثيرات ينظرن من بعد وهن كن قد تبعن يسوع من الجليل يخدمنه وبينهن مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وأم ابني زبدي (27/ 55 - 56).

يوحنا: وكانت واقفات عند صليب يسوع أمه وأخت أمه مريم زوجة كلوبا، ومريم المجدلية (19 - 25).

والجدول السابق ملئ بالاختلافات التي رصدها أ/ علاء أبو بكر والعلامة البغدادي وغيرهما من العلماء.

من هذه الاختلافات ما يلي:

[1 - الاختلاف في حامل الصليب]

اتفق متى ومرقس ولوقا على أن حامله هو سمعان القيرواني وقد أدرأ مرقس عنه أية شبهه فوصفه بأنّه: "أبو الكسندرس وروفس" كما قال إنه كان آتيًا من الحقل "واتفق معه لوقا في النقطة الأخيرة ولم يتفق معهم يوحنا في النقطة الأولي. حيث جاءت روايته مكذبه للثلاثة فقال: "إن حامل الصليب نفس المصلوب" (1).

[2 - الاختلاف الثاني: في شراب المصلوب حيث اختلفوا في وقت الشراب ومكانه وسبب وقوعه]

فقد اختلف مرقس ومتى في نوع الشراب قبل الصلب فهو "خمر" عند مرقس و"خل" عند متى.

واختلفوا في رد فعل يسوع -على زعمهم- فقد قال مرقس أنه رفض "لم يقبل" أما متى فقد أوحى إليه أن عيسى -عليه السلام- في زعمهم- ذاقها ثم "لم يرد أن يشرب" ولم يبلغ الوحى هذا إلى لوقا أو يوحنا فلم يذكرا الواقعة، أما وهو على الصليب فقد اتفقت الأناجيل الأربعة على أنهم ناولوه "إسفنجة مملوءة بالخل ووضعوها على قصبة" ولم يذكر لوقا كيفية تقدم هذا النحل، وذكر يوحنا أنهم "قدموا إسفنجة الخل على زوفًا" (2).


(1) المسيحية الحقة: ص292، الفارق: ص 434.
(2) المرجع السابق: نفس الصفحة، وكذلك الفارق نفس الصفحة، 435.

[3 - الاختلاف الثالث: في الاقتراع على ثياب المصلوب]

فظاهر رواية متى أنهم اقتسموا الثياب واقترعوا عليها واستشهد بقوله: "اقتسموا ثيابي بينهم وعلى لباسي ألقوا قرعة" وكذا مرقس ولوقا إلا أنهما لم يستشهدا بالكلام السابق، والثلاتة لم يعينوا مقدار الحصص وعدد المقسوم عليهم، وأما يوحنا فذكر أن المقسوم عليهم أربعة وجعل القرعة على القميص فقط؛ لأنه منسوج كله من دون خياطة (1).

ويذكر العلامة رحمة الله الهندي، أنه قد وقعت زيادة في التحريف الحاصل في هذه الرواية من إنجيل متى ونصها: "ولما صلبوه اقتسموا ثيابه مقترعين عليها. لكي يتم ما قيل بالنبي اقتسموا ثيابي بينهم وعلى لباسى ألقوا قرعة" فهذه العبارة: "لكي يتم ما قيل للنبي ... ألقوا قرعة" محرفة واجبة الحذف عند محققيهم ... ولابد من تركها؛ لأنها ليست جزءًا من المتن وهي إلحاقية صريحة مأخوذة من يوحنا: (19/ 24) (2).

[4 - الاختلاف الرابع: في العنوان المكتوب فوق رأس المصلوب]

واختلافهم عليه أشبه باختلافهم في سقاء المصلوب؛ بل أشد تناقضًا واختلافًا فإن مترجم متى قال: وجعلوا فوق رأسه علته مكتوبة: "هذا هو يسوع ملك اليهود" ولوقا ويوحنا تفننا في ذلك فقال الأوّل: "وكان عنوان مكتوب فوق رأسه بأحرف يونانية ورومانية وعبرانية: هذا هو ملك اليهود وقال الثاني: "باللاتينية" عوض الرومانية مع أن في ذكر الرومانية حكمة لكونها لسان الحكومة إذ ذاك ويدل كلام يوحنا على وقوع مجادلة بين اليهود وبيلاطس من جهة العنوان لم تذكرها الثلاثة (3) وعد إظهار الحق هذا الاختلاف من الأغلاط الواقعة في العهد الجديد (4).

[5 - الاختلاف الخامس]

قال متى ومرقس: إنهما كانا لصين، وقال لوقا: إنهما كانا من المذنبين ويوحنا لم يذكر جريمتهما التي استحقا بها الصلب مع هذا الإله المهان -في زعمهم- (5) وقد جعل أ/محمَّد رشيد رضا، مسألة اللصين من تعارض الأناجيل في قصة الصلب (6).


(1) الفارق: ص 436.
(2) إظهار الحق: 1/ 235.
(3) الفارق: ص 431 - 436، المسيحية الحقة: ص 292.
(4) إظهار الحق: 1/ 130.
(5) الفارق: ص 431، ص 437.
(6) انظر: عقيدة الصلب والفداء، ص 33 - 34، المسيحية الحقة: ص 294.

[6 - الاختلاف السادس: في وقت الصلب]

لقد تعرضت الأناجيل في وقت الصلب وقد ذكر ذلك علماؤنا الأفاضل فيقول العلامة البغدادي: والعجب لهؤلاء الرواة إذ فاتهم أن يذكروا ذلك إلا مرقس فإنه صرح بأن الساعة التي صلب فيها هى الساعة الثالثة، "وكانت الساعة الثالثة فصلبوه" ولم يحدد كلًا من لوقا ومتى الميعاد، ويُفهم من قول يوحنا أن الصلب كان بعد الساعة السادسة فقال: "وكان استعداد للفصح ونحو الساعة السادسة فقال لليهود: هو ذا ملككم، فصرخوا: خذه خذه اصلبه ... فحينئذ أسلمه إليهم ليصلب (1) " (2) وغير ذلك من الاختلافات (3).

[7 - الدفن]

يواصل أ/ علاء أبو بكر، سرد الأحداث التفصيلية لعملية الصلب فيحكى رواية مرقس في قصة الدفن، فيقول مرقس: "ولما كان المساء إذ كان الاستعداد أي ما قبل السبت جاء يوسف الذي من الرامة مشير شريف ... ودخل إلى بيلاطس وطلب جسد يسوع، فتعجب بيلاطس أنه مات كذا سريعًا ... وهب الجسد ليوسف فاشترى كتانًا فأنزله وكفنه بالكتان ووضعه في قبر كان منحوتًا في صخرة ودحرج حجرًا على باب القبر، وكانت مريم المجدلية ومريم أم يوسي تنظران أين وضع" (4).


(1) يوحنا: (19/ 14 - 16).
(2) إظهار الحق: 1/ 125، 126، الفارق: ص 429، 438.
(3) لمزيد من التفصيل يُراجع الفارق: ص 439، 440.
(4) مرقس: (15/ 42).

ولنر الاختلافات في الجدول التالي وسنلاحظ اعتماد يوحنا على لوقا في كتابته الإنجيلية، فقد اتفقا على أن القبر كان جديدًا لم يوضع فيه أحد قط، كما اتفقنا من قبل على أنه كان بين التلاميذ والاثنى عشر يهوذًا آخر غير الاسخريوطى الخائن الذي دلّ على المسيح نظير ثلاثين فضة (1) وأن الخيانة جاءت نتيجة لدخول الشيطان في يهوذا الاسخريوطي (2).

[الاختلافات في أحداث الدفن كما تذكرها الأناجيل]

مرقس -لوقا - متى - يوحنا

=

مرقس: الذي دفن يسوع: يوسف الذي من الرامة مشير شريف (15 - 43).

لوقا: رجل اسمه يوسف وكان مشيرًا ورجلاً صالحًا بارًا (23 - 50).

متى: رجل غني من الرامة اسمه يوسف كان تلميذًا ليسوع (27 - 57).

يوحنا: دفن يسوع كلا من نيقوديموس ويوسف (19 - 39).

=

مرقس: مريم المجدلية ومريم أم يوسي تنظرا، أين وضع (15 - 47).

لوقا: وتبعنه نساء كن أتين معه من الجليل ونظرن القبر وكيف وضع جسده (23 - 55).

متى: مريم المجدلية ومريم الأخرى (27 - 61).

يوحنا: لم يذكر شهود الدفن.

=

مرقس: فتعجب بيلاطس أنه مات كذا سريعًا فدعا قائد المائة وسأله (15 - 44).

لوقا: لم يذكر هذه الواقعة.

متى: لم يذكر هذه الواقعة.

يوحنا: لم يذكر هذه الواقعة.

=

مرقس: وضعه في قبر كان منحوتًا في صخرة (15 - 46).

لوقا: وضعه في قبر منحوت حيث لم يكن أحد وضع قط (23 - 53).

متى: وضعه في قبر جديد (27 - 60).

يوحنا: وضعاه في قبر جديد لم يوضع فيه أحد قط (19 - 41).

=

مرقس: لم يشر إلى صاحب القبر.

لوقا: لم يشر إلى صاحب القبر.

متى: صاحب القبر هو يوسف الذي من الرامة (27 - 60).

يوحنا: لم يشر إلى صاحب القبر.

=

مرقس: وكفنه بالكتان (15 - 46).

لوقا: ولفّه بكتان (23 - 53).

متى: ولفه بكتان نقي (27 - 59).

يوحنا: لفاه بأكفان (19 - 40).

=

مرقس: لم يدهن الجثمان بالأطياب.

لوقا: لم يدهن الجثمان بالأطياب.

متى: لم يدهن الجثمان بالأطياب.

يوحنا: دهنا الجثمان بالأطياب (19 - 40).

وبالتأمل في هذا الجدول الذي يوضح مدي الاختلاف بين الأناجيل نجد التالي:

أ- اتفق كل من مرقس ولوقا على أن الدافن هو رجل واحد يُدعى يوسف الذي من الرامة وخالفهما يوحنا وقال إنهما اثنان هما يوسف الذي من الرامة ونيقوديموس واتفق متى ويوحنا على أنه كان تلميذًا للمسيح (3).


(1) انظر: لوقا: (22/ 3)، يوحنا: (23/ 27)، يُراجع المسيحية الحقة: ص 303.
(2) لوقا: (22/ 3)، يوحنا: (14/ 22).
(3) المسيحية الحقة: ص 305.

ب- كذلك شهود الدفن عند مرقس ومتى وهم مريم المجدلية ومريم أم يوسي ومريم الأخرى، ولم يكن هناك شهود عند يوحنا، أما عند لوقا فقد كن نساء كثيرات كن قد تبعنه من الجليل (1).

ج- كذلك اختلفت الأناجيل في صاحب القبر فلم يشر مرقس أو لوقا أو يوحنا إلى أن صاحب القبر هو يوسف الذي من الرامة. ولم يذكر ذلك إلا متى وكذلك اتفق مرقس ولوقا على أن القبر كان منحوتًا في الصخر (2).

[7 - القيامة]

ومازال أ/علاء أبو بكر، متفردًا من بين الباحثين المعاصرين في تفصيل أحداث الصلب فيقول: إذا كان ما تقوله الأناجيل عن قصة الصلب يمثل مشكلة كبيرة، فإنه بالتالى ما يترتب عليها من القول بقيامته وظهوره مرة أخرى يمثل مشكلة أخرى تُضاف إلي قائمة المشاكل إلى تُثقل كاهل الأناجيل (3).

وقد بدأت روايات قيامة المسيح من الأموات وظهوره بعد الموت تنتشر ببطء شديد وسط الجماعة النصرانية الأولي بسبب إنكار تلاميذ المسيح وحوارييه وعلى رأسهم بطرس - تلك الروايات وشكهم فيها، وعدم إيمانهم بوجود أدني صلة بين رسالة النصرانية الحقة التي تلقوها من معلمهم وبين فكرة القيامة من الأموات التي صارت واحدة من ركائز العقائد النصرانية فيما بعد (4).

ونجد أول شهادة عن القيامة لم تعطها الأناجيل، لكنها جاءت من رسائل بولس وعلى وجه الخصوص رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس (15/ 5 - 18) والتي كُتبت قبل أقدم الأناجيل بعشر سنوات على الأقل، وفي الوقت الذي نادى فيه بموت المسيح وقيامته فإن هناك من المؤمنين من عارضه على ذلك فيقول بولس: "ولكن إن كان المسيح يكرز به أنه قام من الأموات، فكيف يقول قوم بينكم إن ليس قيامة أموات فإن لم تكن قيامة أموات فلا يكون المسيح قد قام، وإن لم يكن المسيح قد قام فباطلة كرازتنا وباطل أيضًا إيمانكم (5) " (6).

وفيما يلي أعرض الجدول الذي ذكره أ/علاء أبو بكر، ويبين وجود الاختلافات في موضوع قيامة المسيح -على زعم النصارى- من بين الأموات:

مرقس - لوقا - متى - يوحنا

مرقس: يوم موته: الجمعة (15 - 42).

لوقا: الجمعة

متى: الجمعة.

يوحنا: الخميس.

=

مرقس: يوم دفنه: مساء الجمعة.

لوقا: مساء الجمعة.

متى: مساء الجمعة.

يوحنا: مساء الخميس.

=

مرقس: من أتي إلى القبر: مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسالومة (16 - 1).

لوقا: حاملات الحنوط ومعهن أناس (24 - 1).

متى: مريم المجدلية ومريم أخرى (28 - 1).

يوحنا: مريم المجدلية ولاً بمفردها ثم أتت بسمعان بطرس ويوحنا (20/ 1 - 3).

=

مرقس: ميعاد زيارتهم للقبر: إذ طلعت الشمس في أول الأسبوع (16 - 2).

لوقا: أول الفجر في أول الأسبوع (24 - 1).

متى: عند فجر أول الأسبوع (28 - 1).

يوحنا: في أول الأسبوع باكرًا والظلام باق (20 - 1).

=

مرقس: وضع الحجر عند باب القبر: رأين أن الحجر قد دُحرج (16 - 4).

لوقا: فوجدن الحجر مدحرجًا عن القبر (24 - 2).

متى: ملاك الرب نزل من السماء وجاء ودحرج الحجر عن الباب وجلس عليه (28 - 2).

يوحنا: فنظرت الحجر مرفوعًا عن القبر (20 - 1).

=

مرقس:

ما شاهده عند ذلك: سابًا جالسًا عن اليمين لابسًا حُله بيضاء (16 - 5).

لوقا: رجلان وقفا بهن بثياب براقة (24 - 4).

متى: إذا زلزلة عظيمة حدثت لأن ملاك الرب نزل من السماء (28 - 2).

يوحنا: فنظرت ملاكين بثياب بيض جالسين واحدًا عن الرأس والآخر عند الرجلين (20 - 12).

=

مرقس: رد الفعل: اندهشن وأخذتهن الرعدة والحيرة (16/ 5، 8).

لوقا: خائفات ومنكسات وجوههن إلى الأرض محتارات (24/ 5، 4).

متى: كانتا خائفتان 28 - 4.

يوحنا: بكت (لماذا تبكين؟) (20 - 13).

=

مرقس: ما قلنه للملاك: لم يقلن لأحد شيئًا لأنهن كن خائفات (16 - 8).

لوقا: -

متى: -

يوحنا:

قالت لهما: إنهم أخذوا سيدي ولست أعلم أين وضعوه (20 - 13).

=

مرقس: من كلم النساء: الشاب الذي رأينه (16 - 6).

لوقا: كلمهن الرجلان (24 - 5).

متى: كلمهن الملاك (28 - 5).

يوحنا: سأل الملاكان وبعد ذلك تكلم يسوع وقال لها نذهب لتخبر باقي التلاميذ (20/ 13 - 18).

=

مرقس: ماذا قال المتكلم (الشاب): أنتن تطلبن يسوع الناصري المصلوب؟ قد قام ليس هو ها هنا، هو ذا الموضع الذي وضعوه فيه (16 - 6).

لوقا: (الرجلان): لماذا تطلبن الحي بين الأموات، ليس هو ها هنا لكنه قام (24/ 5 - 6).

متى: (المَلَك) لا تخافا، فإني أعلم أنكما تطلبان يسوع المصلوب (28 - 5).

يوحنا: (الملاكان) قالا فقط: يا امرأة لماذا تبكين؟ (20 - 13).

 


(1) المسيحية الحقة: ص 305.
(2) المرجع السابق: ص 305.
(3) انظر: المسيحية الحقة: ص 328.
(4) المرجع السابق: ص 328.
(5) كورنثوس الأولي (15/ 12 - 14).
(6) المسيحية الحقة: 328.

مرقس -لوقا -متى -يوحنا

مرقس: موقف الحنوط: أتين به معهن.

لوقا: أتين إلى القبر حاملات الحنوط (24 - 1).

متى: -

يوحنا:-

=

مرقس: مكان الملاك: الحجر قد دحرج والملاك جالسًا داخل القبر (16/ 4 - 5).

لوقا: الملاكان ظهرا داخل القبر (24 - 4).

متى: جلس الملاك على الحجر خارج القبر (28 - 2).

يوحنا: مكان أحدهما عند الرأس والآخر عند القدمين (20 - 13).

هذا الجدول يبين مدى التعارض والتناقض في موضوع قيامة المسيح والملاحظ من النصوص أنه يوجد فيها اختلافات كثيرة منها:

الاختلاف الأوّل: أن المسيح قد دفن مساء الجمعة ويُفترض أنه بات هناك ويُفترض أيضًا أن يكون قد أمضي السبت كله هناك، ومع شروق شمس أول الأسبوع -الأحد- لم يجده أحد هناك أي يُفترض أن يكون قد أمضى في هذه المقبرة ليلتان ويومًا كاملًا وبذلك يكون قد قضى حوالي 30 - 36 ساعة (1).

وهذا يكذب نبوءة متى التي تقول: "لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال. هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال" (2) لأنه لو قضي ثلاثة أيام وثلاث ليال لكان قضى 72 ساعة ولو كان المسيح قد قال هذه النبوءة لما دهش زوّار القبر أو شُلت ألسنتهم عن الكلام أو خافوا، ولما أتوا للمقبرة أصلًا بل تقابلوا في المكان المتفق عليه ولكان تلاميذه قد صدقوا قيامته دون شرط رؤيته (3).

ويعلل يوحنا هذه الدهشة قائلًا: "لأنهم لم يكونوا بعد يعرفون الكتاب؛ وأنه ينبغى أن يقوم من الأموات" (4). ويطالعنا العلامة أحمد ديدات، في دراسته النقدية حول قضية من دحرج الحجر الذي وضع على قبر يسوع -في زعمهم- بإبراز التناقض والمغايرة بين يسوع ويونان، ومعالجة أوجه الشبه بينهما، وخرج من هذه الدراسة النقدية بأنّه لا يوجد وجه شبه بينهما، فإن يونان ظل حيًا في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال، أما يسوع ظل ميتًا كما يدعون، وهذه مغايرة تامة (5).


(1) المسيحية الحقة: ص 332.
(2) متى: (12/ 40) آية يونان.
(3) المسيحية الحقة: ص 332.
(4) يوحنا: (20/ 9) القبر الفارغ.
(5) وانظر من دحرج الحجر، أحمد ديدات، ص 55 - 56، طبعة دار المنار 1988 م.

[الاختلاف الثاني مسألة مجيء مريم للقبر فهو سبب الزيارة]

فقد روى متى أن مريم المجدلية ومريم الأخرى جاءتا في صباح يوم الأحد لينظرا القبر وهذا يكذب ما جاء به متى: "وكانت هناك مريم المجدلية ومريم الأخرى جالستين تجاه القبر (1) " وإلا فلا معنى لمجيئهما ثانيًا لينظرا القبر، وعبارة مرقس مخالفة لمتى فقد جعل مرقس سبب الزيارة هو تحنيط المدفون، وأن وقت المجيء كان بكرة أحد السبوت -كما في نسخة لندن 1848 م-،

ووافق لوقا مرقس في سبب المجيء وأنه كان لتحنيط المدفون ولكنه خالفه في شراء الحنوط وأنه كان قبل يوم السبت لا بعده فعند مرقس: "وبعد ما مضى السبت اشترت مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسالومة حنوطًا" (2) أي أنه كان بعد مضي يوم السبت، وعند لوقا: "ثم في أول الأسبوع أول الفجر أتين إلى القبر حاملات الحنوط الذي أعددنه" (3) أي أنهن أعددن هذا الحنوط في يوم السبت أو قبله وليس بعده كما في مرقس، وليس من الممكن أن يكون قد اشترينه يوم "السبت" حيث تكون الحوانيت مغلقة كما لم يكن الشراء يوم "الجمعة" أيضًا حيث حوكم وصلب ودفن عند منتصف الليل، كما لم يتم هذا فجر "الأحد" أيضًا فمتى قمن بشراء أو بتحضير هذه الحنوط؟ ولو قمن بتحضيره من قبل، فلماذا انزعجن وارتبكن عند علمهن بقيامته؟ ولم يذكر كل من متى أو يوحنا شيئًا عن هذا الحنوط (4).

[الاختلاف الثالث عن وضع الحجر]

فقد كان مدحرجًا -أي في غير موضعه- عند مرقس ولوقا ويوحنا إلا أن متى ذكر أن الحجر كان في مكانه ثم نزل ملاك الرب وحدثت الزلزلة وجاء الملاك ودحرج الحجر أمامهم (5).

وغير ذلك من الاختلافات في مسألة قيامة المسيح (6).

[8 - الظهور]

وتأتي نهاية الأحداث التفصيلية لتوضح ظهور المسيح - في زعمهم - على هيئته وما هو العدد الذي ظهر لهم ورأوه وهذا تنتهي أحداث الصلب كما صورتها الأناجيل الأربعة، وما زال أ/علاء أبو بكر، في تميزه لعرض عقيدة الصلب ينفرد بسرد الأحداث جملة وتفصيلًا ونقدًا وتحليلاً رائعًا أثبت من خلاله بُطلان هذه العقيدة بناءً على ما تحتويه من مخالفات ومغالطات كثيرة وبناءً على الاختلافات التي لا تُحصى بين الروايات الإنجيلية.

والنص الذي يحمل معنى ظهور المسيح جاء في مرقس ما نصه:

"وبعد ما قام باكرًا في أول الأسبوع ظهر أولاً لمريم المجدلية التي كان قد أخرج منها سبعة شياطين، فذهبت هذه وأخبرت الذين كانوا معه وهم ينوحون ويبكون فلما سمع أولئك أنه حي وقد نظرته لم يصدقوا وبعد ذلك ظهر بهيئة أخرى لاثنين منهم وهما يمشيان منطلقين إلى البرية وذهب هذان وأخبرا الباقين فلم يصدقوا أولاً هذين، وأخيرًا ظهر لأحد عشر وهم متكئون ووبخ عدم إيمانهم وقساوة قلوبهم لأنهم لم يصدقوا الذين نظروه وقد قام. وقال لهم: إذهبوا إلى العالم أجمع وأكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها ... ثم إن الرب بعد ما كلمهم ارتفع إلى السماء وجلس عن يمين الله" مرقس: (16/ 9 - 20).

والجدول التالي يوضح مدى ما وقع بين الأناجيل من اختلاف في مسألة ظهور المسيح:

مرقس - لوقا - متى - يوحنا

مرقس: الظهور الأول: لمريم المجدلية (16 - 9).

لوقا: لاثنين كانا منطلقين إلى قرية عمواس (24 - 13).

متى: لمريم المجدلية ومريم الأخرى (28 - 9).

يوحنا: لمريم المجدلية (20 - 14).

=

مرقس: الظهور للتلاميذ: حدث مرة واحدة (16 - 14).

لوقا: حدث مرة واحدة (24 - 36).

متى: حدث مرة واحدة (28 - 16).

يوحنا: حدث ثلاث مرات (20 - 19، 26/ 21 - 1).

=

مرقس: الظهور للتلاميذ: في الجليل (16 - 7).

لوقا: في أورشليم (24/ 33 - 36).

متى: في الجليل (28 - 10).

يوحنا: في أورشليم (20/ 19 - 26) بحيرة طبرية (21 - 1)

=

مرقس: وقت صعود السماء: يوم نشوره.

لوقا: يوم نشوره (بعد 40 يوم في سفر الأعمال 1 - 3).

متى: يوم نشوره.

يوحنا: بعد اليوم التاسع من نشوره (20 - 26، 21 - 1).

=

مرقس: من أعطى الأمر لمريم أن تخبر التلاميذ: (الملك الشاب) (16 - 7).

لوقا: يُفهم من تذكير الرجلين (المَلَكين) لهن (24/ 5 - 9).

متى: الملاك (28 - 7).

يوحنا: عيسى نفسه (20 - 17).

=

مرقس: رد فعل مريم عند رؤية عيسى -عليه السلام-: لم يكن هناك رد فعل غير طبيعي (16 - 10).

لوقا: لم يلتق يسوع بمريم بالمرأة.

متى: أمسكتا بقدميه وسجدتا له (28 - 9).

يوحنا: وقالت له: ربوني - الذي تفسيره يا معلم - قال لها يسوع: لا تلمسيني (20/ 16 - 17).

=

مرقس: مكان نقطة انطلاق المسيح: الجبل

لوقا: من بيت عنيا (24 - 50).

متى: (محل اجتماعهم) حيث العلية التي كانوا يجتمعون فيها في أورشليم.

يوحنا: لم يذكر أنه صعد.

 


(1) الإصحاح (27/ 61) الدفن.
(2) مرقس: (16/ 1) القيامة.
(3) لوقا: (24/ 1) السابق.
(4) المسيحية الحقة: ص 334.
(5) المرجع السابق: ص 335.
(6) يُراجع: مسألة صلب المسيح: ص 94 - 102, والمسيحية الحقة: ص 335 - 337، وانظر: من دحرج الحجر؟، ص 18 - 26.

مرقس -لوقا -متى -يوحنا

مرقس: ماذا قال لهم: اذهبوا إلى العالم أجمع وأكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها) (16 - 15).

لوقا: فأقيموا في أورشليم إلى أن تلبسوا قوة في الأعالي (24 - 49) وفيما هو مجتمع معهم أوصاهم أن لا يبرحوا من أورشليم، بل ينتظروا موعد الأب (أعمال الرسل 1 - 4).

متى: اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم (28 - 19).

يوحنا:-

=

مرقس: وأما هم فخرجوا وكرزوا في كل مكان (16 - 20).

لوقا: فسجدوا له ورجعوا إلى أورشليم بفرح عظيم، وكانوا كل حين في الهيكل يسبحون ويباركون الله (24/ 52 - 53).

متى:-

يوحنا:-

ذكر د/سعد الدين صالح، جملة من الاختلافات بين الأناجيل في مكان ظهور المسيح بعد قيامته من بين الأموات هي ما يلي:

- فمتي يذكر أنه ظهر في الجليل.

- ولوقا يذكر أنه ظهر في أورشليم.

- ومرقس يقول: إنه ظهر بين تلاميذه.

- ويوحنا يذكر أنه ظهر في اليهودية والجليل معًا.

فما أبعد اليقين عن أخبار فيها مثل هذا الاختلاف (1)

ويتعجب أ/ محمَّد رشيد رضا من زعمهم بقيامة المسيح فيقول:

1 - إذا كان المسيح أخبر تلاميذه بأنّه بعد قيامته سيسبقهم إلى الجليل، وأمرهم بالذهاب إلى هناك لكي يروه فلماذا إذًا ظهر لهم في أورشليم كما يقول لوقا ويوحنا في نفس اليوم الذي قام فيه؟.

2 - ما الحكمة في إرسالهم إلى الجليل ليروه هناك، مع أنه ظهر لهم مرارًا في أورشليم؟ وما الداعى لذلك؟ وهو الذي أمرهم أن لا يبرحوا أورشليم حتى يحل عليهم روح القدس.


(1) مشكلات العقيدة النصرانية: ص 161، ولمزيد من التفصيل حول الاختلافات في مسألة ظهور المسيح، يُراجع: المسيحية الحقة: من ص 342 - 351.

3 - هل ظهوره لهم في الجليل كان بعد ظهوره لهم في أورشليم أم قبله؟ فإن كان بعده فلماذا شكوا فيه؟، بعد أن كان أقنعهم بذلك في أورشليم، ..... ، وإن كان قبله فمتى ذهبوا إلى الجليل إذن؟ مع العلم بأن الجليل يبعد عن أورشليم مسيرة ثلاثة أيام على الأقل وقد نصت الأناجيل على أنهم رأوه في أورشليم في نفس يوم قيامته من القبر. فهل يُعقل أنهم ذهبوا إلى الجليل ورأوه هناك ثم رجعوا في نفس ذلك اليوم؟ وإن كان السبب في الشك أن هيئته كانت تتغير بعد القيامة مرارًا فلماذا كان ذلك؟ وما الحكمة في هذا التضليل؟ وإذا كانت هيئته قابله للتغيير والتبديل بعد القيامة وقبلها كما يُفهم من الأناجيل، وكان له القدرة على الاختفاء عن أعين الناس والمرور في وسطهم بدون أن يروه والإفلات من أيديهم، فكيف إذًا يجزمون بأن اليهود صلبوه وأنهم عرفوه حقيقة وأمسكوه؟ مع أن نفس التلاميذ كانوا يشكون فيه لكثرة تغير هيأته وتبدلها، وهم أعرف الناس به وأقربهم إليه وأكثرهم اختلاطًا به، فأية غرابة إذًا قلنا أن اليهود لم يعرفوه وأخطأوه كما أخطأته مريم المجدلية وظنته البستاني (1).

ويناقش د/ سعد الدين صالح، مسألة قيامة المسيح مرة أخرى ويقول إنها أوهام وباطلة كما يلي:

4 - فمن الباطل الذي أوردوه ادعاؤهم أنه قبر ثلاثة أيام وأنه استمر معهم أربعين يومًا، وأنه سوف يحاسب الخلق. فهذا كلام لا دليل عليه والأدلة الصادقة تُبطله وتدمغه فلم يقبر عيسى وإنما نجاه الله في ليلة الصلب ورفع إلى ربه.

5 - وأما ادعاؤهم أنه هو الذي سيحاسب الخلق فهو ادعاء باطل يرفضه العقل الصريح لأول وهلة، فكيف يترك الله أمر الحساب لعيسى ويقف هو موقف المتفرج وما دوره حينئذ؟.

6 - وأما حديثهم عن تعدد القيامات والمحاسبات فهو حديث يثير العجب.

7 - وأما حديثهم عن ما بعد الموت فهو يتعارض تمامًا مع صميم العقيدة النصرانية في أن عيسي بصلبه قد تحمل عن الناس خطاياهم وطهرهم من الذنوب والآثام فما قيمة المطهر الذي يوضعون فيه بعد الموت؟ (2).


(1) عقيدة الصلب والفداء: ص 82 - 83.
(2) انظر: مشكلات العقيدة النصرانية ص 175 - 178.

8 - أما الحق الوحيد الذي تحدث عنه النصارى ... فهو حديثهم عن المجيء الثاني لعيسى وإن كانوا قد اختلفوا وتباينوا في كيفيته وكيفية إقامته لملكوته هل هو ملكوت أرضي واقعي أو ملكوت سماوي، كما أنهم اختلفوا في موعده وزمانه ولم يصلوا إلى رأي قاطع حتى جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكشف لهم الحقائق فقد أخبر الرسول الكريم أن عيسى -عليه السلام- سوف ينزل في آخر الزمان، وأنه سوف يكسر الصليب ويريق الخمر ويقتل المسيخ الدجال ويقيم الملة العوجاء وينزل بشريعة الإِسلام (1). فقد جاء في الحديث: (الأنبياء إخوة لعلات أمهاتهم شتي ودينهم واحد) (2)، وفي حديث آخر: (والذي نفسى بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا مقسطًا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد) (3).

وقد أورد العلامة البغدادي، عشرين دليلًا عقليًا أثبت من خلالها بُطلان دعوى صلب المسيح (4) وقد تضمنها النقد التفصيلي السابق من خلال ردود علمائنا الأجلاء.

وخلاصة القول في قضية صلب المسيح ما يلي:

1 - بُطلان الاستدلال من الأناجيل على هذه العقيدة التي جعلوها أساس دينهم وذلك لأنها كتب مشكوك في صحتها ولم يتم التحقق بعد ممن كتبوها وبالتالى فهي دعوى خالية عن الدليل.

2 - بُعد الزمن الذي كُتبت فيه الأناجيل عن زمن الإنجيل الأصلي كما تقدم بيانه في نقد سند العهد الجديد يؤكد افتراء أصحاب الأناجيل هذه العقيدة من عند أنفسهم.

3 - وعلى سبيل التسليم الجدلي لهم فيما يدعون من صلب المسيح فإنه من خلال مناقشة العلماء لهذه العقيدة ونقدهم لأحداثها تبيّن وجود التعارض بين الروايات وكثرة الاختلافات بين النصوص داخل تلك الروايات وكثرة التناقض بين ما حدث فيها من وقائع وبالتالي فإن أمرًا مثل هذا يحدث فيه كل هذه المخالفات والمغالطات كفيل برده وبُطلانه وبالتالي انتفاء القداسة عن تلك الأناجيل وأيضًا انتفاء صلب المسيح -عليه السلام-.

4 - اتبع علماؤنا الأجلاء في أغلب نقدهم لهذه العقيدة طريقة الجدال بالتي هى أحسن لتلك النصوص التي يزعمون أنها مقدسة وتفنيدها وتفسيرها تفسيرًا صحيحًا بناءً على الأدلة النقلية والعقلية والشواهد التاريخية.


(1) انظر: مشكلات العقيدة النصرانية: ص 181.
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأنبياء: باب واذكر في الكتاب مريم: 4/ 203.
(3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان: باب نزول عيسي بن مريم حاكمًا بشريعة نبينا محمَّد برقم، 242، 1/ 135.
(4) قال معد الكتاب للشاملة: الحاشية غير موجودة في أصل الرسالة، وانظر كلام البغدادي في كتابه الفارق بين المخلوق والخالق (ص286).

 

  • الثلاثاء PM 06:07
    2022-05-17
  • 1028
Powered by: GateGold