المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413963
يتصفح الموقع حاليا : 352

البحث

البحث

عرض المادة

أبناء كثر لله، فهل هم أيضاً آلهة؟

ولفظ البنوة الذي أطلق على المسيح أطلق كذلك في الكتاب على كثيرين غيره، ولم يقتضِ ذلك ألوهيتهم، بل حملت اليهود والنصارى بنوتهم على المعنى المجازي، أي المؤمنين والصالحين.

منهم آدم الذي قيل فيه: "آدم ابن الله" (لوقا 3/ 38).

ومثله داود الذي قيل له: " أنت ابني، أنا اليوم ولدتك " (المزمور 2/ 7).

وسليمان أيضاً قيل أنه ابن الله، فقد جاء في سفر الأيام عنه: "هو يبني لي بيتاً ... أنا أكون له أباً، وهو يكون لي ابناً" (الأيام (1) 17/ 12 - 13).

كما سمى لوقا الملائكةَ (أبناء الله) لشيوع مثل هذه الاستخدام في الصدر الأول للمسيحية "مثلَ الملائكةِ وهم أبناء الله " (لوقا 20/ 36).

وسمت النصوص المقدسة أيضاً آخرين (أبناء الله)، أو ذكرت أن الله أبوهم، ومع ذلك لا يقول النصارى بألوهيتهم. فالحواريون أبناء الله، فقد قال المسيح عنهم: " قولي لهم: إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم " (يوحنا 20/ 17).

وقال للتلاميذ أيضاً: " فكونوا أنتم كاملين، كما أن أباكم الذي في السماوات هو كامل" (متى 5/ 48).

وعلمهم المسيح أن يقولوا: "فصلوا أنتم هكذا: أبانا الذي في السماوات، ليتقدس اسمك .. " (متى 6/ 9)، وقال: " أبوكم الذي في السماوات يهب خيرات للذين يسألونه" (متى 6/ 11)، فكان يوحنا يقول: " انظروا أية محبة أعطانا الآب حتى ندعى أولاد الله" (يوحنا (1) 3/ 1).

بل واليهود أيضاً كلهم أبناء الله كما يوضحه قول المسيح لليهود: "أنتم تعملون أعمال أبيكم. فقالوا له: إننا لم نولد من زنا. لنا أب واحد، وهو الله" (يوحنا 8/ 41).

وفي سفر هوشع "يكون عدد بني إسرائيل كرمل البحر الذي لا يكال ولا يعدّ، ويكون عوضاً عن أن يقال لهم: لستم شعبي، يقال لهم: أبناء الله الحي" (هوشع 1/ 10).

ومن ذلك أيضاً ما جاء في سفر الخروج عن جميع شعب إسرائيل " فتقول لفرعون: هكذا يقول الرب: إسرائيل ابني البكر. فقلت لك: أطلق ابني ليعبدني، فأبيت" (الخروج 4/ 22).

وخاطبهم داود قائلاً: "قدموا للرب يا أبناء الله، قدموا للرب مجداً وعزّاً" (المزمور 29/ 1).

ومثله قوله: "لأنه من في السماء يعادل الرب. من يشبه الرب بين أبناء الله" (المزمور 89/ 6).

وفي سفر أيوب: "كان ذات يوم أنه جاء بنو الله، ليمثلوا أمام الرب " (أيوب 1/ 6).

وقال الإنجيل عنهم: "طوبى لصانعي السلام، لأنهم أبناء الله يُدعون" (متى 5/ 9).

وعن المؤمنين يقول بولس: "فإذ نحن ذرية الله، لا ينبغي أن نظن أن اللاهوت شبيه بذهب أو فضة أو حجر نقش صناعة واختراع إنسان" (أعمال 17/ 29)، فوسم المؤمنين بأنهم ذرية الله، أي المحبون والمطيعون لله.

كما نرى في التوراة هذا الإطلاق على الشرفاء والأقوياء من غير أن يفهم منه النصارى أو غيرهم الألوهية الحقيقية، فقد جاء فيها: "أن أبناء الله رأوا بنات الناس أنهن حسنات. فاتّخذوا لأنفسهم نساء من كل ما اختاروا ... إذ دخل بنو الله على بنات الناس، وولدن لهم أولاداً، هؤلاء هم الجبابرة الذين منذ الدهر ذوو اسم" (التكوين 6/ 2).

وعليه فلا يمكن النصارى أن يجعلوا من النصوص المتحدثة عن بنوة المسيح لله أدلة على ألوهيته ثم يمنعوا إطلاق حقيقة ذات اللفظ على آدم وسليمان وغيرهما، وتخصيصهم المسيح بالمعنى الحقيقي يحتاج إلى مرجح لا يملكونه ولا يقدرون عليه.

وحين أراد اليهود اختلاق تهمة وتلفيقها للمسيح قالوا بأنه قد جدف (1) لأنه يزعم أنه ابن الله على الحقيقة لا المجاز، فبكتهم المسيح، ورد عليهم مثبتاً مجازية هذه البنوة، كما هو لسان المقال دائماً في الكتاب، فهو يجعل كل اليهود أبناء الله مجازاً، فقال - عليه السلام -: " إن قال: آلهةً لأولئك الذين صارت إليهم كلمة الله .. فالذي قدسه الآب وأرسله إلى العالم، أتقولون له: إنك تجدف، لأني قلت: إني ابن الله؟ إن كنت لست أعمل أعمال أبي فلا تؤمنوا بي .. " (يوحنا10/ 37)، أي كما وصفكم كتابكم بأنكم آلهة مجازاً؛ فأنا كذلك ابن الله مجازاً، سواء بسواء.

 =============================

(1) لقد حرص اليهود على التخلص من المسيح لأسباب من أهمها حسدهم له، وهو ما عبروا عنه حين قالوا: "هوذا العالم قد ذهب وراءه" (يوحنا 12/ 19)، ولقد أدرك بيلاطس ذلك، فـ "عرف أن رؤساء الكهنة كانوا قد أسلموه حسداً" (مرقس 15/ 10)، وما محاولات قتله والحكم عليه بذريعة التجديف إلا ستار خبيث لسوء خبيئتهم، وتهم جوفاء ملفقة تخفي سوء طويتهم.

 

 

 

  • الثلاثاء AM 11:25
    2022-05-10
  • 709
Powered by: GateGold