المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 416251
يتصفح الموقع حاليا : 253

البحث

البحث

عرض المادة

نشأة طائفة القاديانية

تنتسب القاديانية للميرزا غلام أحمد القادياني ، المولود في قاديان  في الثالث عشر من شباط عام 1835م(1)،  وكانت أسرته على جانب كبير من الغنى، إذ كان جده  صاحب قرى وأملاك، وصاحب إمارة في البنجاب، خسرها جده (الميرزا عطا محمد) في حرب دارت بينه وبين (السيخ) الذين دمروا أملاكه وطردوه وأسرته من بلدهم (قاديان) ، ثم أذن لهم الإنجليز بالرجوع إليها عام 1818م، لقاء خدمات عسكرية قدمها لهم والده، وأعادوا إليهم بعض هذه القرى(2). ويذكر الميرزا غلام أحمد ذلك فيقول : [ ففي تلك الأيام صُبّت على أبي المصائب  ونُهبت أموالهم من أيدي الكفرة   ... إلى أن يقول :   ثم ردّ الله إلى أبي بعض القرى في عهد الدولة البريطانية  ] .(3)  

 وكان الإنجليز  يطمعون في  تكوين إمبراطورية لهم لتشغل الفراغ الممتد فيهما بين مصر والهند ،كما كانوا يريدون  استقرار وضعهم  في الهند-درة التاج البريطاني- ، وهذه المناطق يشغلها   المسلمون ،  وعداوة المسلمين لهم  : تاريخية ... جغرافية ...  نفسية... ، وتلك أصعب العداوات وأعمقها وأعصاها على التوفيق والنسيان..... .فقد جاء أسلافهم الصليبيون إلى هذه الديار.....   واستولوا على بلاد الشام.... وهزموا المسلمين شر هزيمة ... وارتكبوا أبشع المجازر ....وكانوا أول من ابتدع إجلاء المسلمين عن ديارهم   ، وساروا على ذلك أيضاً في جميع حروبهم مع المسلمين ، وكانوا يظنون أن الأمر قد استتب لهم وأنه لن تقوم للمسلمين قائمة ... ولكن المسلمين ظلوا مصممين على إخراجهم من ديارهم.... فدينهم يفرض عليهم  ذلك ... وبالرغم من مكوثهم مدة تقارب القرنين من الزمان أقاموا خلالها ممالك وإمارات في بلاد الشام ... إلا أن  المسلمين استطاعوا في النهاية أن يتغلبوا عليهم ويطردوهم من ديارهم شر طردة... وقد بحثوا عن السر في ذلك فوجدوه في الإسلام  ... وأن عقيدته هي منشأ هذه القوة العظيمة في المسلمين.....ولو كان المسلمون قوة سياسية ليس إلا....لهان خطبهم على الاستعمار بجميع أنواعه.... ولكنهم قوة روحية...  تندفع كالسيل إذا اندفعت ... وتستقر كالصخر إذا سكنت.. وتفارقها قدرتها على الغلبة والسيادة حيناً ...ولكن لا تفارقها قدرتها على الصمود والثبات...لذلك لا بد من تفتيت هذه القوة....وهذا ما أجمعت عليه القوى الاستعمارية .

  والسبب الذي جعل المستعمرين الانجليز  يفكرون في إيجاد القاديانية  ، والروس في إيجاد البابية ، ثم البهائية ،   يتلخص في أن الاستعمار البريطاني عندما بدأ يركز احتلاله المستبد في شبه القارة الهندية ، والتي استظلت براية الحكم الإسلامي بضعة قرون  ،  جوبه بمعارضة عنيفة من حركات الجهاد الإنجليز استطاعوا أن يقضوا عليها وعلى الثائرين بكل عنف وقسوة ، وتمكن المستعمر من تثبيت أقدامه، وأقام نظاماً لحكم البلاد يعتمد على مئات من الخبراء يؤازرهم جيش صغير، وعلى اصطفاء عناصر تدين لهم بالولاء السياسي والفكري ، وجعل المستعمر نصب عينه هدف القضاء على كل أثارة من حمية الجهاد في قلوب المسلمين ، فاستقدموا طوائف المبشرين وملأوا بهم أرجاء الهند ، يسرقون عقائد الناس ويزلزلون نفوسهم بالشكوك والريب ، وكانت معارك حامية تلظى المسلمون بنارها في المجال الفكري  ،  وكان رد المسلمين على ذلك أن أصبحت نغمة الجهاد ضد الإنجليز على كل لسان ، وشغل كل عالم، وأصبحت المنشورات تكتب وتوزع ، والعلماء من الناس وغيرهم يطوفون المدن والقرى لهذا الغرض.  . وهكذا أصبحت عقيدة الجهاد عقبة كأداء في وجه المطامع الاستعمارية في الهند وغيرها من بلدان العالم الإسلامي  .

وكانت روسيا قد فعلت نفس الشيء في فارس ... إذ بدأ التدخل الروسي في الهضبة الإيرانية في عهد بطرس الأكبر ، وكانت بلاد فارس آنذاك تكابد فتناً  وانقسامات داخلية  ، ومطامع الروس في إيران وغيرها بدأت منذ عهد (بطرس الأكبر)  ، الذي طمع بعد مقتل (نادر شاه) في وراثة إمبراطوريتة إلا أنه أخفق في ذلك ، لكنه لم ينس قبل موته أن يضع  لمن بعده خطة استعمارية ليسيروا  عليها ، فقد أوصى خلفاءه أن يتقدموا بحدودهم ما استطاعوا إلى القسطنطينية من جهة، وإلى الهند من جهة أخرى  ، وأن يقيموا لهم قواعد برية وبحرية على البحر الأسود  ، وأن  يسرعوا  إذا دبّ الانحلال في جسم بلاد فارس بالتوغل فيها حتى يصلوا إلى الخليج العربي، إلى المياه الدافئة ..... والذي دفع المستعمرين لإيجاد هذه الفرق البابية والبهائية والقاديانية , يقينهم التام بأنهم لن يستطيعوا حكم بلاد يؤمن أهلها بالجهاد ، ويعتبرونه ركنا سادساً من أركان الإسلام, ففكروا بصورة جدية في رسم المخططات للقضاء على هذه العقيدة  ،  من خلال رجال ربوهم على أعينهم، وأرضعوهم لبان حبهم  ، فكانوا  عند حسن ظن سادتهم بهم ..  فها هو الغلام القادياني يقول في كتابه ترياق القلوب ما نصه: ( لقد قضيت معظم  عمري في تأييد الحكومة الإنجليزية ونصرتها, وقد ألفت في منع الجهاد ووجوب  طاعة أولي الأمر الإنجليز من الكتب والإعلانات والنشرات ما لو جمع بعضها إلى بعض لملأ خمسين خزانة, وقد نشرت معظم هذه الكتب في البلاد العربية: مصر والشام وتركيا ، وكان هدفي هو أن يصبح المسلمون مخلصين لهذه الحكومة )(4).   وقال في رسالة أخرى:( لقد ظللت منذ حداثة سني وقد ناهزت الآن على الستين أجاهد بلساني وقلمي، لأصرف قلوب المسلمين إلى الإخلاص للحكومة الإنجليزية، والنصح لها، والعطف عليها، وأُلغي فكرة الجهاد التي يدين بها بعض جهالهم ،والتي تمنعهم من الإخلاص لهذه الحكومة )(5)

كذلك فعل الباب والبهاء من بعده إذ قال البهاء (حسين علي المازنداني )  زعيم البهائية ما نصه:"البشارة الأولى التي منحت في هذا الظهور الأعظم  لجميع أهل العلم محو حكم الجهاد من الكتاب "(6)  .

 ثم تلقف اليهود كلتا الحركتين : القاديانية والبهائية، منذ أن نشطوا  لتأسيس وطن قومي لهم في فلسطين منذ القرن التاسع عشر تقريباً ،  فاحتضنوا أمثال هذه الحركات :  البابية ، والبهائية  ، والقاديانية ، لتدعوا إلى إبطال ونسخ الجهاد عند المسلمين ، وبلبلة عقائدهم ،   فشجّعوا البهائية واحتضنوا طاغيتها عباس عبد البهاء  ،   وجعلوا مدينة عكا في فلسطين المحتلة كعبة للبهائيين المبثوثين في بقاع شتى، وربطوهم بفلسطين المحتلة روحيا  ... بيد أن اليهود لم يكتفوا بالبهائية فلا بد من استقدام القاديانية إلى فلسطين كي تشارك في صُنع الشتات العربي  الإسلامي، وتمهد للوجود اليهودي, فقدم الخليفة الأحمدي الثاني بشير الدين محمود احمد ابن مؤسس الجماعة عام 1924م  إلى فلسطين عن طريق حيفا  ، وحضر معه المبشر الأحمدي جلال الدين شمس ، وفي مدينة حيفا بشّر بدعوة  المهدي زمناً ،  حتى تسنى له الاتصال بأهل  الكبابير  على قمة جبل الكر مل ، فأسس مركزا  للجماعة، وأقام مركزاً تبشيرياً عام 1929م ،  و عاد جلال الدين شمس  الى قاديان  عام 1931م ، وقد تبع ذلك بناء أول مسجد للجماعة هناك سنة 1934،  ثم أضيف إليه ( دار التبليغ  ) ، بعدها وصل الى فلسطين  أبو العطاء الجلندهري حيث مكث حتى العام 1936في الكبابير ، وهو الذي أكمل بناء مسجد –سيدنا محمود- فيها وأسس مجلة

 ( البشارة  ) التي تحولت إلى  (البشرى ) الحالية ، وهي المجلة الأحمدية القاديانية الوحيدة  في الديار العربية  ،والتي لا تزال تصدر في فلسطين المحتلة إلى وقتنا الحاضر  ، . ثم أعادوا بناء المسجد الذي يعرف بمسجد-سيدنا محمود- عام1979م ، وتضم قرية الكبابير قرابة ال3000 نسمة معظم سكانها من أتباع الأحمدية .

ولم يكن هؤلاء فقط هم الذين حاولوا نشر مبادىء الجماعة بين العرب فهناك محمد سليم الهندي الذي خدم الجماعة في فلسطين من العام 1936 حتى 1938وتراس تحرير مجلة البشرى ثم شودري محمد شريف والذي بقي زهاء 18 عاما في البلاد العربية ، كذلك جلال الدين قمر الذي حضر للبلاد العربية عام 1954 وعمل رئيسا لتحرير البشرى ومديرا للمدرسة الأحمدية في حيفا وفضل الهي بشير الذي حضر أواخر السبعينات للمنطقة وألف كتبا بالعربية تطرق فيها الى المسائل الخلافية وغلام احمد الذي وصل الى عدن وأسس بها الجماعة الأحمدية عام 1949 وغيرهم . مما يبين  بجلاء اهتمام الجماعة الأحمدية بالانتشار في العالم العربي والانطلاق نحو هذا العالم عبر فلسطين ورغم تمحورها في الكبابير بحيفا في فلسطين إلا أن هناك انتشارا محدودا لها في الضفة وغزة  ، لكن هل ستمنع فتوى الشيخ شوبا ش الأحمدية من الانتشار في فلسطين   ؟ أم ستكون فلسطين جسرا لعبور الأحمدية الى العالم العربي؟ هذا في علم الغيب وسيجيب عليه الزمن والتاريخ.(7).

  • الاربعاء PM 05:55
    2022-01-12
  • 1313
Powered by: GateGold