المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412466
يتصفح الموقع حاليا : 370

البحث

البحث

عرض المادة

فانظروا كيف بدأ الخلق-هل أشار القرآن لتطور الإنسان؟

نناقش فيها استدلالات البعض على "التطور" من القرآن، وأهمية موضوع أصل الإنسان وخطورة الخوض فيه دون منهجية علمية.

أيها الكرام، يستدل البعض بآيات من القرآن ليؤيد بها تطور الإنسان عن كائنات أدنى. فهل استدلالهم هذا صحيح؟
بداية، هل العلم الرصدي التجريبي-السينس أثبت تطور الإنسان عن كائنات أدنى؟
أجبنا عن هذا السؤال بالتفصيل في مقالة أصل الإنسان والإحالات التي فيها، وأن الجواب: لا.
طيب وهل البحث في نشأة الإنسان أصلاً هو من اختصاص السينس؟
بينا أن أصل الإنسان أمر غيبي ليس خاضعاً للرصد والتجريب، وبالتالي فهو خارج اختصاص السينس (حلقة لماذا تتعارض).


إذن فكيف نعرف أصل الإنسان؟

مقالة اليوم بناءٌ على هذه المفاهيم التي أثبتناها، فالذي عنده اعتراض على هذه المفاهيم يرجع للحلقات المذكورة. وحلقة اليوم هي أيضاً للمؤمنين بأن القرآن من عند الله.
فبدايةً، ضروري نتحرر من ضغط محاولة التوفيق بين الآيات وفكرة تطور الإنسان التي لا دليل عليها من السينس، لننظر في نصوص الوحي نظرة متحررة فنفهمها فهماً صحيحاً غير متأثر بأوهام مسبقة.
· فإن أصل انحراف كثير من المسلمين قديما وحديثا في التعامل مع القرآن هو أنهم استقر في أذهانهم أوهام باطلة، مقررات مسبقة، ثم راحوا يطوعون نصوص القرآن لهذه المقررات، فقادهم ذلك إلى تحريف معاني القرآن، وهو من تحريف الكلم عن مواضعه. والله تعالى حين أخبرنا بأخبار أهل الكتاب أنهم (يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به)، فقد أخبرنا بأخبارهم لنحذر أن نفعل مثل فعلهم.
ومرة أخرى نقول يا كرام: هل الله قادر على تطوير الإنسان عن كائنات أدنى؟ نعم.. هذا ممكن في قدرة الله تعالى الذي لا يعجزه شيء. لكن سؤالنا الآن: ما الذي أخبرنا به الوحي؟ أي: ما هو الدليل العملي الخبري على أصل الإنسان؟
فهذه الخطوة الأولى في منهجيتنا: التحرر من مقررات مسبقة لا دليل عليها.
ثانياً: سنرى: هل بين الله تعالى خلق الإنسان في آيات محكمات واضحة المعنى لا لبس فيها؟ أم أنه تعالى ترك كيفية خلق الإنسان مفتوحة للاحتمالات؟
ثالثاً: سنلتزم بما يأمرنا به إسلامنا من أن نستقي الأخبار الحقة من القرآن والسنة معاً، فنستعين بأحاديث صحيحة على تأكيد الجواب عن نشأة الإنسان.
رابعاً: سنرى الآيات التي يستدل بها مؤسلمو التطور على أن الإنسان تطور عن كائنات أدنى. سنضع هذه الآيات في سياقها القرآني، ونفهمها على ضوء الآيات الأخرى. فالقرآن يفسر بعضه بعضا.
· وسنرى في مقابل ذلك ملامح طريقة مؤسلمي التطور، من التعامل مع القرآن بمقررات مسبقة موهومة، ثم تحريف دلالات الآيات المحكمة، والإعراض بالكلية عن الأحاديث الصحيحة الواردة في الموضوع، وبتر الآيات أو حتى أجزاء منها عن سياقها، شعروا بذلك أم لم يشعروا.

· الآية هي من سورة العنكبوت، وسياقها إقامة الحجة على منكري الإحياء بعد الموت، أن الله الذي يُبدئ الخلق بشكل متجدد مستمر قادر على أن ينشئهم بعد مماتهم للحساب يوم القيامة. اسمع لسياق الآية: قال الله تعالى:
وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم ۖ وما على الرسول إلا البلاغ المبين (18) أولم يروا كيف يبدئ اللّه الخلق ثم يعيده إن ذلك على اللّه يسير (19) قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير (20) يعذِّب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقبلون (21)
·
(وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم ۖ)
· إن تكذبوا بالبعث والحساب فقد كذبت أمم أخرى بائدة.
ما على الرسول إلا البلاغ المبين (18) أولم يروا كيف يبدئ اللّه الخلق ثم يعيده
· لاحظ: تركيبُ الكلام شبيه بالآية بعدها (فانظروا كيف بدأ الخلق)، وهنا: يبدئ الله الخلق.
· هل المقصود بالآية: أولم يروا كيف ينشئ الله الكائنات من أصلٍ مشترك بالتطور الموجه؟
· لا علاقة لهذا المعنى بالسياق، وإنما: أولم يروا كيف ينشئ الله المخلوقات من عدم، يعني بعد أن كانت معدومة...البشر والنبات والحيوانات، يوجدها بعد أن لم تكن موجودة. وهي بمعنى قوله تعالى: (وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه). فإعادة المخلوق أهون من خلقه أول مرة. لذلك قال هنا: (إن ذلك على الله يسير (19)).
· لكن الإنسان قلما يتعظ بالمخلوقات التي اعتاد عليها من حوله لأنه ألِفها، ولأن حواسه كانت تعمل من الطفولة قبل أن ينضج لديه التفكُّر والتأمل، فاعتاد على هذه الـمَشاهِد، وكان بحاجة إلى تجديدٍ يجدد لديه ملكة التأمل والتفكر والاتعاظ. كيف يحصل هذا التجديد؟
(قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق)
· بأن يسير الإنسان في الأرض فيرى مخلوقات أخرى، يرى حيوانات ونباتات وجبالاً وأنهاراً ومشاهد لم يعتدها تدله على عظمة الخالق وقدرته على البعث، يرى من آثار الأمم البائدة والأمم التي حلت محلها فيدرك أن الله الذي أهلك أقواماً وأحل محلهم أقواماً قادر على أن يبعثهم جميعا كما لم يعجزه إيجادهم ولا إهلاكهم.
· لذلك قال بعدها: (ثم الله ينشئ النشأة الآخرة)..يوم القيامة..(إن الله على كل شيء قدير).
· طيب لماذا في الآية الأولى (كيف يبدئ الله الخلق) وفي الثانية: (فانظروا كيف بدأ الخلق)؟
· لأنك في بلدك وبين أهلك ترى المواليد يولدون ويكبرون عبر السنين، ترى النبات يخرج وينمو شيئا فشيئا. بينما عندما تسير في الأرض لا تكون مستقراً لتشهد هذه المراحل، وإنما ترى مخلوقات بدأها الله من قبل.

  • الاربعاء PM 03:29
    2021-09-22
  • 1192
Powered by: GateGold