المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412644
يتصفح الموقع حاليا : 326

البحث

البحث

عرض المادة

عنزة و لو طارت ـ خرافة نظرية التطور المعدلة

سقطت طاولة داروين "Darwin" بهدم الخرافاتِ الأربعة التي قامت عليها كما بينَّا في الحلقة الماضية، فسارع أتباع (داروين) لإجراء تعديلاتٍ على النَّظريَّة، هل هم بهذه التعديلات صحَّحوا أخطاء النظريَّة، وسدوا ثغراتها، وعدَّلوها لتتناسب مع المكتشفات العلمية الحديثة كما يقول البعض؟ أم أنَّ فكرة أنَّ الكائنات الحيَّة لا تحتاج إلى خالقٍ أعجبتهم، فأرادوا المحافظة عليها بأيّ ثمن؟ تعالوا لنرى...
أبرزُ التَّعديلات التي أجراها أتباع (داروين) على عناصر نظريته هي محاولة الجمع بين (الانتخاب الطبيعي)، و(مبادئ الوراثة الجينية) أي أنهم أقرُّوا بأنَّ الاستعمال والإهمال لا يُكسبانِ الكائنَ صفاتٍ غيرَ تلك الموجودة أصلًا في المادة الوراثية لأبويه، فالزرافة -مثلًا- لم يستطل عنقها عبر الأجيال لأنَّها مدَّته للأكل من أعالي الأشجار، كما أقرُّوا بأن الصِّفات المُكتسبة لا يورِّثها الكائن لأبنائه، خلافًا لطروحات (داروين) ولامارك "Lamarck".
إذن ما سبب التغيُّرات المزعوم أنَّها حدثت في الكائنات، وكانت المادةَ الخام للانتخاب الطَّبيعي؟
قالوا: عوامل عديدة، أهمُّها الطَّفرات العشوائيَّة التي قد تقع في المادة الوراثيَّة بفعل الحرارة، موادَّ كيميائيَّة، أشعَّة كونيَّة، هذه الطَّفراتُ أحدثتِ التغيُّراتِ التدريجيَّة البطيئة المتراكمة التي افترضها (داروين)، والطَّبيعةُ قضت على الكائنات التي حدثت فيها طفرات ضارَّة، وأبقت على الكائنات ذات الطَّفرات المفيدة، كمرحلةٍ انتقاليةٍ إلى كائنٍ جديد، وسمَّوا هذا النَّموذج المعدَّل بـ(الداروينيَّة الجديدة) نيوداروينزم "Neo-Darwinism"، أو (النظريَّة التركيبيَّة الحديثة)، التي ساهم في صياغتها دوبنجانسكي "Dobzhansky" وفيشر "Fisher" وماير "Mayr" وهكسلي "Huxley" وغيرهم.
فحسب الداروينيَّة الجديدة: الطَّفَرات عشوائيَّة، والانتخاب الطَّبيعي موجَّهٌ باتجاه التطوُّر بتدرُّج، والتَّكاثر يَضمن استمرار النَّوع الجديد النَّاتج.
تعالوا لنرى هل هم بذلك أقاموا الأركان المنهارة لنظريَّة (داروين)، ووثَّقوا بينها وبين المكتشفاتِ الحديثةِ حقًّا؟ ما هي أركان نظرية (داروين)؟
- أولا: كائنٌ بسيطٌ تكوَّن تلقائيًّا من الجمادات
أَدرك من بَعدَ (داروين) أنَّه ليس هناك شيءٌ اسمه كائنٌ بسيط؛ فقد أظهرت المجاهرُ الإلكترونية أنَّ الخليَّة الحيَّة -وهي أصغر وحدة بناء، وهي التي كان يراها داروين كلطخة- هي في الحقيقة أعقد من أعقد مصنعٍ شيَّده الإنسان، وعملوا مقاطع مرئيّةً ثلاثيَّة الأبعاد؛ لتصوير روعتها، فهل كان ما اكتشفوه -من تعقيدِ وإبهارِ وروعةِ تصميم الخليَّة- سببًا في الاعتراف بأنَّه لا بدَّ لها من خالقٍ أوجدها بعلمٍ وإرادة، ليصحِّحوا خطأ (داروين) هنا؟
بل خلاصة أقوالهم هو الرُّجوع إلى قول (داروين) أنَّ الحياة نشأت تلقائيًّا من الجمادات، في رِدَّةٍ علميَّةٍ عن الحقيقة المقررة عقليًا، التي أثبتها تجريبيًّا أيضًا لويس باستور "Louis Pasteur"، بل وفرانسيسكو ريدي "Francesco Redi" قبل أربعة قرونٍ من الآن؛ أنَّ الحياة لا تنشأ تلقائيًّا من الجمادات رجَعوا إلى خرافة (داروين) في النُّشوء التِّلقائي، لكن بدل قول (داروين) أنَّ الكائن الأوَّل نشأ تلقائيًّا في (بِركَة)، قالوا: نشأ في (محيط) مع موسيقا وتصوير لإشعارك بهيبة هذه الخيبة، رجعوا لخرافة (داروين) لكن كانوا في ذلك أجهل منه؛ لأنَّ ما رأوه من تعقيد الخلايا أعظمُ ممَّا رآه (داروين).
- الرُّكن الثاني لنظريَّة (داروين): طبيعةٌ تُكسب الكائنَ صفاتٍ جديدةٍ بالاستعمال والإهمال كمثال الزَّرافة.
ظهرَ بطلانُ هذه الخرافة، فاخترعوا بدلًا منها خرافةً أكثر هزليَّة، خرافة أنَّ الطَّفرات العشوائيَّة -أي تراكماتِ الأخطاء- هي التي أبدعت الكائنات بما فيها من جَمالٍ، وتناسقٍ، وتنوُّعٍ، وتصميم، أي أن تخريب المادَّة الوراثيَّة لكائنٍ ما بفعل الأشعَّة أو السُّمومِ مثلًا، أنتجت منه -بعد محاولاتٍ كثيرة- كائنًا آخر أرقى، متناسقًا متكامل الأعضاء، وهكذا إلى أن وصلنا إلى ما نرى مِن أكثرَ من (8) ملايين نوعٍ من الكائنات المتناسقة المتكاملة في هذه الأرض.
حتَّى لا يقع أتباع الخرافة في مثل هذا الموقف المحرج مرَّةً أخرى اضطَّروا إلى صناعة أكبر كذبةٍ في تاريخ العلوم الحياتيَّة وهي تسميَّة (التَّكيُّفات) بـ(التَّطوُّر الصُّغروي) "Microevolution"، أي ادِّعاء أن التَّكيُّفات، التي في غاية في الدِّقَّة والرَّوعة والإحكام، تحدث نتيجة طفراتٍ عشوائيَّة وألَّف (دوكينز) كتابه: "أعظم استغباء…" عفوًا، "أعظم استعراض على سطح الأرض: أدلَّة التَّطوُّر" الذي يكذب فيه على قرَّاءه -وهو دكتور (بالإنجليزية) الأحياء التَّطوُّريَّة- فيحشد أمثلة للتَّكيُّفات البديعة، المشتملة على تفعيل جيناتٍ موجودةٍ أصلًا، على أنَّها ماذا؟ على أنَّها طفراتٌ عشوائيَّة، في كذبٍ سمجٍ مفضوح.
الرُّكن الثَّالث لنظريَّة (داروين): هو توريث الصِّفات المكتسبة بالاستعمال والإهمال
فالدُّب الذي اتَّسع فمه سنتيمترًا واحدًا ليلتقط به الذُّباب أثناء استجمامه في البحر، ورَّث هذا السنتيمتر لأولاده إلى أن اتَّسع الفم أكثر فأكثر، وتحوَّل دبُّنا إلى حوت وهذا كلُّه عن طريق الجيميولز "Gemmules" التي اقترح (داروين) أنَّ كل خلايا الجسم تفرزها؛ لتؤثِّر على الخلايا التناسليَّة وسمَّاها بنظريَّة بان جينيسيس "Pangenesis".
الرُّكن الرَّابع لنظريَّة (داروين): هو تغيُّراتٌ طفيفةٌ تدريجيَّةٌ متراكمة تقود من كائنٍ إلى آخر بالانتخاب الطبيعي الذي يعمل بطريقة طائرة العميان، كما شرحنا في الحلقة الماضية

  • الثلاثاء PM 03:18
    2021-09-21
  • 985
Powered by: GateGold