المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 411937
يتصفح الموقع حاليا : 319

البحث

البحث

عرض المادة

upload/upload1627305186126.jpg

الرافضة وصكوك الغفران

ساغ للرافضة الادعاء بأنهم دون خَلْقِ الله تعالى بأنَّ الله قد غفرَ لهم جميعَ ذُنوبهم بسببِ موالاتهم لآل البيت ومحبَّتهم واتباعهم، ووضعوا في ذلك المروياتِ الكثيرةِ من أجل تبرير ذلكَ الادعاء.

وحينما نضعُ تلكَ المرويات تحتَ مجهرِ الجرحِ والتعديلِ يتبينُ لنا زِيفَ وكذبَ تلك المروياتِ، بيد أنَّ القوم دَرَجوا على الكذبِ والتزوير، فإذا كانوا قد وضعوا في مناقب أئمتهم، ومثالبِ أعدائهم الشيءَ الكثير، أفلا يحقُّ لهم أن يضعوا في فضائلهم أيضاً؟

ومن نظر في المرويات التالية يجد أنَّ الرافضة تحاولُ الرفعَ من شأنهم، والحطّ من مُخالفيهم.

ولا أحبّ – أخي القارئ – أن أُطيل عليك ولكني أدعُ تلك المرويات تُفْصِحُ عن مدى الكذب الذي اتصفتْ به الرافضة حتى أنهم يزعمونَ بأن لا قيمةَ للعملِ الصالح الذي يعمله المخالفون لهم، وبالمقابلِ فإنَّ المذنبَ منهم لا يُعاقب، وإذا أمن الإنسان من العقابِ مهما فَعَلَ فما قيمة الإيمان بالله؟ أيكفي الحب لوحدهِ.

وقبلَ أن نشرعَ في المروياتِ ينبغي لنا فهمَ موقف آلِ البيتِ – رضي الله عنهم – من تلك العصابة التي تتدثر بالمحبة وبالموالاة، لتتضح الصورة أمام القراء الكرام، وأيضاً لِيُكشَفَ زيف الانتماء إليهم – رضي الله عنهم – ونكتفي بذكر بعض الخُطَبِ التي توضحُ حقيقة موقف الرافضة من أهلِ البيت – رضي الله عنهم -.

 

من خطب الإمام علي – رضي الله عنه –

في ذَمِّ أصحابِهِ

 

1 -  فلو ائتمنتُ أحدكم على قُعْبٍ([1]) لخشيتُ أن يذهب بعلاقَتِهِ. اللهم إنِّي قدب مللتُهُم وملُّوني، وسئمتهم وسئموني، فأبدلني بهم خيراً منهم، وأبدلهم بي شراً مني. اللهم مُثْ([2]) قُلوبَهُم كما يُماثُ الملحُ في الماء. أما والله لوددتُ أنّ لي بكم ألف فارس من بني فراس بن غنم([3]):

هنالك لو دعوت أتاك منهم          فوارس مثل أرمية الحميم([4])

2 -  فيا عجباً! واللهُ يُميتُ القلبَ ويجلبُ الهَمَّ من اجتماع هؤلاء القوم على باطلهم وتَفَرُّقكم عن حقكم، فَقُبحاً لكم وتَرَحاً([5]) حين صِرتُم غَرَضاً يُرمى يُغارُ عليكم ولا تُغيرون، وتُغزون ولا تغزون، ويُعصى الله وترضَونَ. فإذا أمرتُكم بالسير إليهم في أيام الحرِّ قُلتم هذه حمارةُ القيظِ([6]) أمهلنا يُسَبَّخ([7]) عنّا الحرُّ. وإذا أمرتكم بالسير إليهم في الشتاء قلتم هذه صبارة القُرِّ([8]) أمهلنا ينسلخ عنا البرد، كل هذا فراراً من الحر والقُرِّ، فإذا كنتم من الحر والقر تفرون، فإذا أنتم والله من السيف أفر. يا أشباه الرجال ولا رجال، حُلُومُ الأطفال، وعُقُولُ ربات الحِجَالِ([9]). لوددتُ أني لم أركم ولم أعرفكم، معرفةٌ والله جرَّت ندماً وأعقبت سَدَماً([10]).قاتلكم الله لقد ملأتم قلبي قيحاً. وشحنتُم صدري غيظاً. وجرّعتُمُوني نُغَبَ التهمام أنفاساً([11]) وأفسدتم عليَّ رأيي بالعصيان والخذلان حتى لقد قالت قُريشٌ إن ابن أبي طالب رجلٌ شُجاعٌ ولكن لا علم له بالحرب. لله أبُوهُم وهل أحدٌ منهم أشدُّ لها مِراساً وأقدمُ فيها مقاماً مني، لقد نهضتُ فيها وما بلغتُ العشرين، وها أنا قد ذرّفتُ على الستين([12]) ولكن لا رأي لمن لا يطاع([13]).

3 -  أيها الناسُ المُجتمعَةُ أبدانُهم، المختلفةُ أهواؤهم. كلاكم يُوهِي الصُّمُّ الصِّلابَ. وفِعلُكُم يُطمِعُ فيكمُ الأعداء، تقولون في المجالس كيت وكيت، فإذا جاء القتال قلتم حِيدي حياد([14])، ما عزَّت دعوةٌ من دعاكم ولا استراح قلبُ من قاساكم([15]) أعاليل بأضاليل([16]). دفاعَ ذي الدَّين المطول لا يمنعُ الضَّيم الذّليلُ([17])، ولا يُدرَكَ الحقُّ إلا بالجِدِّ، أيِّ دارٍ بعدَ دارِكُم تمنعون. ومع أيِّ إمامٍ بعدي تُقاتلون، المغرور والله من غررتُمُوه، ومن فاز بِكُم فقد فاز والله بالسَّهم الأخيب، ومن رمى بكم فقد رمى بأفوَقَ ناصل([18]) أصبحتُ والله لا أُصدِّقُ قولكم، ولا أطمعُ في نصرِكُم ولا أوعدُ العدو بكم، ما بالكم؟ ما دواؤكم؟ ما طِبُّكُم؟ القومُ رجالٌ أمثالكم. أقوالاً بغير عملٍ وغفلة من غير ورعٍ. طمعاً في غير حقٍّ([19]).

4 -  أف لكم سَئِمتُ عتابَكُم. أرضيتُم بالحياة الدنيا من الآخرة عِوَضاً. وبالذّلِّ من العزِّ خَلَفاً، إذا دعوتُكُم إلى جهاد عدوِّكُم دارت أعيُنَكم كأنكم من الموت في غمرةٍ([20]). ومن الذُّهول في سكرةٍ. يُرتَجُّ عليكم حواري فتعمهون([21]) فكأنَّ قلوبكم مألوسةٌ([22]) فأنتم لا تعقلون، ما أنتم لي بثقة سجيس الليالي([23]) وما أنتم بركن يُمالُ بِكُم ولا زوافِر عز يُفتقرُ إليكم([24]). ما أنتم إلا كإبل ضلَّ رُعاتُها. فكُلَّما جُمِعت من جانبٍ انتشرت من آخر. لبئس لعمرُ الله سعرُ نارِ الحربِ أنتم([25]) تُكادُون ولا تَكِيدون. وتُنقصُ أطرافُكُم فلا تمتعِضُون([26]) لا يُنامُ عنكم وأنتم في غفلة ساهون، غُلِبَ والله المُتخاذلُون وأيمُ الله إني لأظنُّ بكم أن لو حَمي الوغى واستحرّ الموتُ قد انفرجتم عن ابن أبي طالب انفراجَ الرأسِ([27]) والله إن امرأ يُمكِّنُ عَدُوّه من نفسه يَعرُقُ لحمَهُ([28]) ويهشِمُ عظمَهُ ويفري جِلدَهُ لعظيمٌ عجزُهُ ضعيفٌ ما ضُمَّت عليه جوانِحُ صَدرِهِ([29]) أنت فكن ذاك إن شئتَ، فأما أنا والله دون أن أعطي ذلك ضربٌ بالمشرفيّة تطيرُ منه فراشُ الهام. وتطيحُ السواعِدُ والأقدامُ([30]). ويفعلُ الله بعد ذلك ما يشاءُ([31]).

5 -  كما أداريكم كما تُدارى البِكارُ العَمِدَةُ([32]). والثيابِ المُتداعيةُ([33]) كُلّما حيصت من جانبٍ تهتَّكت من آخرَ([34]) أكُلّما أطلّ عليكم منسرٌ من مناسر أهل الشام أغلقَ كُلُّ رجُلٍ بابه وانجحرَ انجحار الضَبَّةُ في جُحرها والضَّبعُ في وجارها([35]). الذليلُ والله من نصرتموه. ومن رُمي بكم فقد رُمِي بأفَوَقَ ناصِلٍ. وإنكم والله لكثيرٌ في الباحاتِ([36]) قليلٌ تحت الرايات، وإني لعالمٌ بما يُصلِحُكُم ويُقيمُ أودَكُم([37]) ولكنّي لا أرى إصلاحَكُم بإفسادِ نفسي. أضرع الله خُدُودكم([38]) وأتعسَ جُدُودكم([39]) لا تعرفون الحقَّ كمعرفتكم الباطل، ولا تُبطِلُون الباطلَ كإبطالِكُم الحقّ([40]).

6 -  استنفرتكم للجهاد فلم تنفروا، وأسمعتكم فلم تسمعوا، ودعوتكم سِرّاً وجهراً فلم تستجيبوا ونصتُ لكم فلم تقبلوا، أشُهُودٌ. كغُيَّاب وعبيدٌ كأرباب؟ أتلو عليكم الحكم فتنفرون منها. وأعظِكُم بالموعظة البالغة فتتفرقون عنها. وأحثكم على جهاد أهل البغي فما آتي على آخر القول حتى أراكم متفرقين أيايد سبا([41]) ترجعون إلى مجالسكم وتتخادعون عن مواعظكم. أقوِّمُكُم غُدوة وترجعون إلى عشية كظهر الحيّة([42])، عجز المقوِّمُ وأعضل المُقوَّمُ([43]).

أيها الشاهدةُ أبدانُهُم. الغائبة عقولهم. المختلفةُ أهواؤهم، المُبتَلَى بهم أمراؤُهُم. صاحبكم يُطيعُ الله وأنتم تعصونهُ. وصاحبُ أهلِ الشّام يعصي الله وهم يُطيعونَهُ.

لودِدتُ والله أنَّ معاويَةَ صارفني بكم صَرفَ الدينارِ بالدّرهم فأخذ منّي عشرةً منكم وأعطاني رجُلاً منهم.

يا أهل الكوفةِ مُنيتُ بكم بثلاثٍ واثنتين: صُمّ ذوو أسماع، وبُكمٌ ذوو كلام، وعُميٌ ذوو أبصارٍ. لا أحرارُ صدقِ عند اللقاءِ ولا إخوانُ ثقةٍ عندَ البلاءِ.

تَرِبَت أيديكم. يا أشباه الإبل غابَ عنها رُعاتها، كُلمَّا جُمِعت من جانبٍ تفرَّقت من جانبٍ آخر.

والله لكأنِّي بكم فيما إخَالُ([44]) أن لو حَمِسَ الوغى وحَمِيَ الضِّرابُ وقد انفرجتم عن ابن أبي طالب انفراجَ المرأة عن قُبُلِها([45]).

 

من خطب الحسن بن علي في ذم الشيعة

 

1 -  أرى والله أنَّ معاوية خيرٌ لي من هؤلاء، يزعمون أنهم لي شيعة، ابتغوا قتلى وانتهبوا ثقلي، وأخذوا مالي، والله لئن آخذ من معاوية عهداً أحقن به دمي، وأؤمن به في أهلي، خير لي من أن يقتلوني فيضيع أهل بيتي وأهلي، والله لو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى يدفعوني إليه سلماً، والله لئن أسالمه وأنا عزيز خير من أن يقتلني وأنا أسير، أو يمن عليّ فيكون سنة على بني هاشم آخر الدهر ولمعاوية لا يزال يمن بها وعقبه على الحي منا والميت([46]).

2 -  والله ما سَلَّمْتُ الأمر إليه إلا أني لم أجد أنصاراً، ولو وجدت أنصاراً لقاتلته ليلي ونهاري حتى يحكمَ الله بيني وبينه، ولكني عَرَفْتُ أهلَ الكوفة، وبلوتُهم ولا يصلح لي منهم من كان فاسداً، إنهم لا وفاء لهم، ولا ذمة في قول ولا فعل، إنهم لمختلفون ويقولون لنا: إنَّ قلوبهم معنا. وإنَّ سيوفهم لمشهورة علينا([47]).

 

من خطب الحسين بن علي رضي الله عنهما

 

تباً لكم أيتها الجماعة وترحا([48]) وبؤساً لكم، حينَ استصرختمونا وَلهين([49]) فأصرخناكم موجفين([50]) فشحذتم علينا سيفاً كان في أيدينا، وخمشتُم علينا ناراً أضرمناها على عَدُوِّكم وعدونا، فأصبحتم إلبا([51]) على أوليائكم، وبدا على أعدائكم من غير عَدْلٍ أفشوه فيكم، ولا أملَ أصبح لكم فيهم، ولا ذنب كان منا إليكم، فهلا لكم الويلات إذ كرهتمونا والسيف مشيم والجأش([52]) طامن والرأي لم يستحصف، ولكنكم أسرعتم إلى بيعتنا كطيرة الدبا، وتهافتم إليها كتهافت الفراش، ثم نقضتمونا سفهاً وضلة، فبعداً وسُحقاً لطواغيت هذه الأمة، بقيةِ الأحزابِ، ونبذة الكتاب، ومطفئي السنن، ومؤاخي المستهزئين، الذين جعلوا القرآن عِضين، وعصاة الإمام، وملحقي العهرة بالنسب، ولبئسَ ما قدمت لهم أنفسهم أنْ سَخِطَ الله عليهم، وفي العذابِ هم خالدون.

أفهؤلاء تعضدون وعنا تتخاذلون، أجل، والله خذل فيكم معروف، نبتت عليه أصولكم، واتذرت عليه عروقكم، فكنتم أخبث ثمر شجر للناظر، وأكلة للغاصب، ألا لعنةُ الله على الناكثين الذين ينقضون الإيمان بعد توكيدها وقد جعلوا لله عليهم كفيلاً([53]).

 

من خطب علي (زين العابدين) بن الحسين في ذم الشيعة

 

أيها الناس‍ ناشدتكم بالله هل تَعْلَمُونَ أنكم كتبتم إلى أبي وخَدَعْتُمُوهُ وأعطيتموه من أنفسكم العَهْدَ والميثاق والبيعة؟ قاتلتموه وخذلتموه، فتباً لكم ما قدمتم لأنفسكم، وسوء لرأيكم، بأية عين تنظرون إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله؟ يقول لكم: قتلتم عترتي وانتهكتم حرمتي، فلستم من أمتي.

فارتفعت أصواتُ الناس بالبكاء. ويدعو بعضهم بعضاً: هَلكُتم وما تَعْلَمون.

فقال علي بن الحسين: رَحِمَ الله امرءاً قَبِلَ نصيحتي، وحَفِظَ وصيّتي في الله وفي رسوله، وفي أهلِ بيته، فإنَّ لنا في رسولِ الله أسوَةٌ حَسَنَةٌ.

فقالوا بأجمعهم: نحن كلنا يا ابن رسول الله سامعونَ مطيعونَ حافظون لذمامك، غير زاهدين فيك ولا راغبين عنك، فمرنا بأمرك رحمك الله فإنا حَرْبٌ لحربِكَ، سلم لسلمك لنأخذن نزتك ونزتنا عمن ظلمك وظلمنا.

فقال علين الحسين: هيهات هيهات!!! أيها الغدرة المكرة، حيل بينكم وبين شهواتِ أنفسكم، أتريدون أن تأتوا إليَّ كما أتيتم إلى آبائي من قبل. كلا ورب الراكضات إلى منى، فإن الجرح لما يندمل!!! قتل أبي بالأمس، وأهل بيته معه، فلم ينسني ثكل رسول الله صلّى الله عليه وآله، وثكل أبي وبني أبي وجدي شق لها زقي، ومرارته بين حناجري وحلقي، وغُصصه تجري في فراشي صدري. ومسألتي أن لا تكونوا لنا ولا علينا([54]).

 

من خطب زينب بنت علي بن أبي طالب

في ذم الشيعة

 

عن حذيم بن شريك الأسدي قال:

لما أتي علي بن الحسين زين العابدين بالنسوة من كربلاء وكان مريضاً، وإذا نساء أهلِ الكوفة ينتدبن مشققات الجيوب، والرجال معهن يبكون.

فقال زين العابدين عليه السلام – بصوتٍ ضئيلٍ وقد نهكته العلة -: إن هؤلاء يبكون علينا فمن قتلنا غيرهم؟!!!

فَأَوْمَتْ زينب بنت علي بن أبي طالب عليهما السلام إلى الناسِ بالسكوتِ.

قال حذيم الأسدي: لم أر والله خفرة قط أنطق منها. كأنها تنطقُ وتفرغ على لسان علي عليه السلام، وقد أشارت إلى الناس بأن: انصتوا، فارتدَّتِ الأنفاسُ وسكنتِ الأجراس، ثم قالت – بعد حمد الله تعالى والصلاة على رسوله صلّى الله عليه وآله:

أما بعد! يا أهل الكوفة، يا أهل الختل([55]) والغدر والخذل!!! ألا فلا رَقَأتِ([56]) العبرة، ولا هدأت الزفرة، إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً([57]) تتخذون أيمانكم دَخَلاً بينكم([58]) هل فيكم إلا الصلف([59]) والعُجْب والشنف([60]) والكذب، وملق الإماء، وغمز الأعداء([61]) أو كمرعى على دمنة([62]) أو كفصة على ملحودة([63]).

 

خطبة فاطمة الصغرى في ذم الشيعة

 

يا أهل الكوفة، يا أهل المكر والغدرِ والخُيلاء، إنا أهل بيت ابتلانا الله بكم، وابتلاكم بنا، فجعلَ بلائنا حسناً، وجعل علمه عندنا وفهمه لدينا، فنحن عيبةُ علمه، ووعاءُ فهمهِ وحكمته وحجته في الأرض في بلاده لعباده، أكرمنا الله بكرامته، وفضلنا بنبيه صلّى الله عليه وآله على كثير من خلقه تفضيلاً، فكذبتمونا وكفرتمونا، ورأيتم قتالنا حلالاً، وأموالنا نهباً، كأنا أولاد الترك أو كابل، كما قتلتم جدنا بالأمس، وسيوفكم تقطر من دماءنا أهل البيت لحقد متقدم، قرت بذلك عيونكم وفرحت به قلوبكم، اجتراءاً منكم على الله، ومكراً مكرتم والله خير الماكرين، فلا تدعونكم أنفسكم إلى الجذل([64]) بما أصابنا من المصائب الجليلة، والرزايا العظيمة في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما أتاكم، والله لا يحبُّ كُلَّ مختال فخور.

تباً لكم فانتظروا اللعنة والعذاب، فكأن قد حَلَّ بكم، وتواترت من السماء فيسحِتَكُم([65]) بما كسبتم، ويذيق بعضكم بأسَ بعض، ثم تخلدونَ في العذابِ الأليم يوم القيامة بما ظلمتمونا، ألا لعنة الله على الظالمين، ويلكم أتدرون أية يد طاعنتنا منكم، أو أية نفس نزعت إلى قتالنا، أم بأية رجل مشيتم إلينا، تبغون محاربتنا؟ قست قلوبكم، وغلظت أكبادكم، وطبع على أفئدتكم، وختم على سمعكم وبصركم، وسَوَّلَ لكم الشيطانَ، وأملى لكم، وجعلَ على بَصَرِكُم غشاوة فأنتم لا تهتدون.

تباً لكم يا أهل الكوفة. كم تراثٍ لرسول الله صلّى الله عليه وآله قبلكم، ودخوله لديكم. ثم غدرتم بأخيه علي بن أبي طالب عليه السلام جدي، وبنيه عترة النبي الطيبين الأخيار([66]) ألا بئسَ ما قدمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون، أتبكون أخي؟!! أجل والله فابكوا فإنكم أحرى بالبكاء فابكوا كثيراً، واضحكوا قليلاً، فقد أبليتم بعارها، ومنيتم بشنارها([67]).

ولن ترحضوها أبداً([68]) وأنى ترحضون. قتل سليل خاتم النبوة ومعدن الرسالة، وسيد شباب أهل الجنة، وملاذ حربكم، ومعاذ حزبكم ومقر سلمكم وأسى كلمكم([69]) ومفزع نازلتكم، والمرجح إليه عند مقاتكتم ومدرة حججكم([70]) ومنار محجتكم، فتعساً تعسا! لقد خاب السعي وتبت الأيدي، وخَسِرَتِ الصفقة، وبؤتم بغضب من الله، وضُرِبَتْ عليكم الذلة والمسكنة، أتدرون ويلكم أي كبدٍ لمحمد صلّى الله عليه وآله فرثتم؟! وأي عهد نكثتم؟! وأي كريمة له أبرزتم؟! وأي دمٍ له سفكتم؟! لقد جئتم شيئاً إدّاً تكاد السماوات يَتَفَطَّرْنَ منه وتنشقُّ الأرض وتخر الجبال هدّاً!!! لقد جئتم بها شوهاء([71]) صلعاء، عنقاء، سوداء، فقماء([72]) خرقاء([73]) كطلاع الأرض([74]) الآخرة أخزى وهم لا ينصرون، فلا يستخفنكم المهل، فإن الله عز وجل لا يحفزه([75]) البدار، ولا يخشى عليه فوات الثأر، كلا إن ربك لنا ولهم لبالمرصاد([76]).

 

وبعد أن استعرضنا موقف آل البيتِ من الرافضة، إليك بعض أكاذيب الرافضة التي تزعم أن الأئمة أعطوهم صكوك الغفران:

1 -  عن أبي عبد الله عليه السلام أنَّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال لعلي عليه السلام: يا عليّ إنَّ الله وهبَ لك حُبَّ المساكين والفقراء في الأرض، فرضيتَ بهم إخواناً، ورضوا بك إماماً فطوبى لمن أحبك، وويل لمن أبغضك. يا عليّ: أهل مودتك كلّ أواب حفيظ، وكل ذي طِمْريْنِ([77]) لو أقسمَ على الله لأبرّه. يا عليّ: أحبّاؤك كلّ محتقر عند الخلق، عظيم عند الحقّ. يا عليّ: محبّوك في الفردوس الأعلى، جيرانُ الله لا يأسفونَ على ما فاتهم. يا عليّ: إخوانك ذبل الشفاه، تعرف الرهبانية في وجوههم، يفرحون في ثلاث مواطن: عند الموتِ وأنا شاهدهم، وعند المساءلة في قبورهم وأنتَ هناك تلقّنهم، وعند العرض الأكبر إذا دعي كلّ أناس بإمامهم.

يا عليّ: بشر إخوانك أنَّ الله قد رضيَ عنهم، يا عليّ: أنت أمير المؤمنين، وقائد الغُرِّ المُحَجَّلين، وأنت وشيعتك الصافون المسبّحون، ولولا أنت وشيعتك ما قام لله دين، ولولا من في الأرض منكم ما نزل من السماءِ قَطْرٌ. يا عليّ: لك في الجنة كنـز وأنت ذو قرنيها، وشيعتك حزب الله، وحزب الله هم الغالبون. يا عليّ: أنت وشيعتك القائمون بالقسط، وأنتم على الحوضِ تَسْقونَ من أحبَّكم، وتمنعونَ من أخلّ بفضلكم، وأنتم الآمنون يوم الفزع الأكبر.

يا عليّ: أنت وشيعتك تظّلون في الموقف، وتنعمون في الجنان، يا عليّ: إنَّ الجنَّةَ مُشتاقةٌ إليك وإلى شيعتك وإن ملائكة العرش المقربين يفرحون بقدومهم والملائكة تستغفر لهم، يا عليّ: شيعتك الذين يخافون الله في السرّ والعلانية. يا عليّ: شيعتك الذين يتنافسون في الدرجات، ويَلْقَوْنَ الله ولا حساب عليهم. يا عليّ: أعمال شيعتك تعرض عليّ في كل جمعة فأفرح بصالح أعمالهم، وأستغفر لسيئآتهم.

يا عليّ: ذِكرُكَ وذكرُ شيعتكَ في التوراة بكل خيرٍ، قبل أن يُخْلَقُوا، وكذلكَ في الإنجيل فإنهم يعظّمون أليا وشيعته، يا عليّ: ذكرُ شيعتك في السماء أكثر من ذكرهم في الأرض فبشرهم بذلك. يا عليّ: قل لشيعتك وأحبائك يتنـزهون من الأعمال التي يعملها عدوهم، يا عليّ: اشتدَّ غضب الله على مَن أبغضك وأبغضَ شيعتكَ([78]).

2 -  عن محمد بن عمران بن عبد الكريم، عن أبيه، عن جعفر بن محمد عليهما السلام، قال: دخلَ أبي المسجد فإذا هو بأناس من شيعتنا فدنا منهم، فسلّم، ثم قال لهم: والله إني لأحب ريحكم وأرواحكم، وإني لعلى دين الله، وما بين أحدكم وبين أن يغتبط بما هو فيه إلا أن تبلغ نفسه هاهنا – وأشارَ بيده إلى حجرته – فأعينونا بورعٍ واجتهادٍ، ومن يأتم منكم بإمام فليعمل بعمله.

أنتم شرطُ الله، وأنتم أعوانُ الله، وأنتم أنصارُ الله، وأنتم السابقونَ الأولون، والسابقون الآخرون، وأنتم السابقون إلى الجنة، قد ضمنا لكم الجنان بضمانِ الله ورسوله، كأنكم في الجنة تنافسون في فضائل الدرجات.

كلّ مؤمن منكم صدّيق، وكلّ مؤمنة منكم حوراء، فقال أمير المؤمنين عليه السلام يا قنبر: قم فاستبشر فالله ساخِطٌ على الأمة ما خلا شيعتنا، ألا وإن لكلّ شيء شرفاً، وشرفُ الدينِ الشيعة، ألا وإنَّ لكل شيء عماداً وعماد الدين الشيعة، ألا وإن لكل شيء سيداً وسيد المجالس مجالس شيعتنا، ألا وإنَّ لكل شيء شهوداً وشهود الأرض أرض سكان شيعتنا فيها ألا ومن خالفكم منسوبٌ إلى هذه الآية { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ، عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ، تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً }، ألا ومن دعا منكم فدعوته مستجابة، ألا ومن سأل منكم حاجة فله بها مئة حاجة، يا حبذا حسن صنع الله إليكم، تخرج شيعتنا يوم القيامة من قبورهم مشرقة ألوانهم ووجوههم قد أعطوا الأمان، لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، والله أشد حبّاً لشيعتنا منّا إليهم([79]).

3 -  عن محمد بن سليمان، عن أبيه قال: كنتُ عند أبي عبد الله عليه السلام إذ دخلَ عليه أبو بصير، وقد حَفَزَهُ النفس، فلما أخذ مجلسه، قال له أبو عبد الله عليه السلام: يا أبا محمد! ما هذا النَّفَسُ العالي؟ فقال: جُعِلْتُ فداك يا ابن رسول الله. كَبُرَتْ سنّي، ودقّ عظمي، واقتربَ أجلي مع أنني لست أدري ما أرد عليه من أمر آخرتي؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: يا أبا محمد و إنك لتقولُ هذا؟ قال: جُعِلْتُ فداك فكيف لا أقول؟ فقال: يا أبا محمد! أما عَلِمْتَ أنَّ الله تعالى يكرم الشباب منكم ويستحي من الكهول؟ قال: قلت: جُعِلْتُ فداكَ فكيف يكرم الشباب ويستحي من الكهول؟ فقال: يُكرمُ الشباب أن يعذبهم، ويستحي من الكهول أن يحاسبهم.

قال: قلت: جعلتُ فداكَ هذا لنا خاصة أم لأهل التوحيد؟ قال: فقال: لا والله إلا لكم خاصة دون العالم، قال: قلت: جُعِلْتُ فداكَ فأنا نبزنا نبزا انكسرت له ظهورنا، وماتت له أفئدتنا، واستحلَّتْ له الولادةُ دماءنا في حديثٍ رواه لهم فقهاؤهم.

قال: فقال: أبو عبد الله عليه السلام: الرافضة؟ قال: قلت: نعم، قال: لا والله ما هم سموكم، ولكن الله سمَّاكم به([80]). أما علمتَ يا أبا محمد أنَّ سبعين رجلاً من بني إسرائيل رَفَضوا فِرعَونَ وقومه، لَمَّا استبان لهم ضلالهم، فلحقوا بموسى صلّى الله عليه وسلّم لما استبانَ لهم هُداه، فسُمّوا في معسكر موسى: الرافضة، لأنهم رفضوا فِرعون، وكانوا أشدَّ أهل ذلك المعسكر عبادة، وأشدهم حبّاً لموسى وهارون، وذريتهما عليهما السلام، فأوحى الله عز وجل إلى موسى أن أثبت لهم هذا الاسم في التوراة فإني سميتهم به، ونحلتهم إياه. فأثبت موسى صلّى الله عليه وسلّم لهم، ثم ذَخَرَ الله عز وجل لكم هذا الاسم حتى نحلكموه.

يا أبا محمد! رفضوا الخيرَ، ورفضتم الشرّ، افترقَ الناس كل فرقةٍ، وتشعَّبوا كل شُعبةٍ، فانشعبتم مع أهل بيت نبيكم صلّى الله عليه وآله وذهبتم حيثُ ذهبوا، واخترتم من اختارَ الله لكم، وأردتم من أرادَ الله، فأبشروا، ثم أبشروا، فأنتم والله المرحومون، المُتَقَبَّل من مُحسنكم، والمتجاوز عن مسيئكم، من لم يأتِ الله عز وجل بما أنتم عليه يوم القيامة لم يُتَقَبَّل منه حسنة، ولم يُتجاوز له عن سيئة، يا أبا محمد! فهل سَرَرْتُكَ؟ قال: قلت: جُعِلْتُ فِداكَ زِدني.

قال: فقال: يا أبا محمد! إنَّ لله ملائكةً يُسقطونَ الذُّنوبَ عن ظهورِ شيعتنا، كما يُسقِطُ الريحُ الورقَ في أول أوانِ سُقوطِهِ، وذلك قوله عز وجل: { الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا } استغفارهم والله لكم دونَ هذا الخلق. يا أبا محمد! فهل سَرَرْتُك؟ قال: قلت: جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْني.

قال: يا أبا محمد! لقد ذَكَرَكُمْ الله في كتابه، فقال: { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً }، إنكم وفيتم بما أخذ الله عليه ميثاقكم من ولايتنا، وإنكم لم تُبَدِّلُوا بنا غيرنا، ولو لم تفعلوا لعيَّرَكُم الله كما عيّرهم، حيق يقول جلّ ذكره: {وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ}، يا أبا محمد! فهل سَرَرْتُك؟ قال: قلت: جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْني.

فقال: يا أبا محمد ولقد ذكركم الله في كتابه فقال: { إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ } والله ما أرادَ بهذا غيركم، يا أبا محمد! فهل سَرَرْتُك؟ قال: قلت: جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْني.

فقال: يا أبا محمد! لقد ذكرنا الله – عز وجل – وشيعتنا وعدونا في آيةٍ من كتابِهِ، فقال عز وجل: { هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ } فنحن الذين يعلمون، وعدونا الذين لا يعلمون، وشيعتا هم أولو الألباب، يا أبا محمد! فهل سَرَرْتُك؟ قال: قلت: جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْني.

قال: يا أبا محمد! والله ما استثنى الله عز ذكرُهُ بأحد من أوصياءِ الأنبياءِ ولا أتباعهم ما خلا أمير المؤمنين عليه السلام وشيعته، فقال في كتابه وقوله الحق: { يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئًا وَلا هُمْ يُنصَرُونَ، إِلاّ مَن رَّحِمَ اللَّهُ }، يعني بذلك علياً وشيعته، يا أبا محمد! فهل سَرَرْتُك؟ قال: قلت: جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْني.

قال: لقد ذكركم الله في كتابه إذ يقول: { يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }، والله ما أراد بهذا غيركم، فهل سَرَرْتُك؟ قال: قلت: جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْني.

فقال: يا أبا محمد! لقد ذكركم الله في كتابه فقال: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}، والله ما أراد بهذا إلا الأئمة عليهم السلام وشيعتهم، يا أبا محمد! فهل سَرَرْتُك؟ قال: قلت: جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْني.

قال: يا أبا محمد! لقد ذكركم الله في كتابه فقال: { فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا }، فرسول الله في الآية "النبيون" ونحن في هذا الموضع " الصديقون والشهداء" وأنتم "الصالحون" فتسموا بالصلاح كما سمّاكم الله عز وجل، يا أبا محمد! فهل سَرَرْتُك؟ قال: قلت: جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْني.

قال: يا أبا محمد! لقد ذكركم الله إذ حكى عن عدوكم في النار بقوله: { وَقَالُوا مَا لَنَا لا نَرَى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُم مِّنَ الأَشْرَارِ، أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الأَبْصَارُ }، والله ما عني الله بهذا غيركم، صرتم عند أهل هذا العالم شرار الناس، وأنتم والله في الجنة تحبرون، وفي النار تُطلَبونَ، يا أبا محمد! فهل سَرَرْتُك؟ قال: قلت: جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْني.

قال: يا أبا محمدَ ما من آية نزلت تقود إلى الجنة، ولا يذكر أهلها بخير، إلا وهي فينا وفي شيعتنا، وما من آية نزلت تذكر أهلها بشرّ، ولا تسوق إلى النار إلا وهي في عدونا ومن خالفنا فهل سَرَرْتُكَ يا أبا محمد؟ قال: جُعِلْتُ فِداكَ زِدْني.

فقال: يا أبا محمد! ليس على ملَّة إبراهيم إلا نحن وشيعتنا، وسائر الناس من ذلك براء، يا أبا محمد فهل سَرَرْتُكَ؟([81]).

4 -  عن أبي عبد الله، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله على منبره: يا علي! إن الله عز وجل وهب لك حُبَّ المساكين والمستضعفين في الأرض فرضيت بهم إخواناً ورضوا بك إماماً، فطوبى لمن أحبَّكَ وصَدَقَ عليكَ وويلٌ لمن أبغضكَ وكذَبَ عليك.

يا عليّ أنت العَلَمُ لهذه الأمة، مَن أحبَّكَ فازَ، ومن أبغضكَ هلكَ، يا علي أنا المدينة وأنت بابها، يا علي أهل مودتك كلّ أوَّابٍ حفيظ، وكلّ ذي طِمْرٍ لو أقسمَ على الله لبر قسمه.

يا علي إخوانك كل طاهر زكي مجتهد عند الخلق، عظيم المنـزلة عند الله عز وجل، يا علي محبّوك جيرانُ الله في دار الفردوس، لا يأسفون على ما فاتهم من الدنيا، يا علي أنا وليّ لمن واليت، وأنا عدو لم عاديت، يا عليّ من أحبك فقد أحبني، ومن أبغضك فقد أبغضني، يا عليّ إخوانك الذبل الشفاه، تعرف الرهبانية في وجوههم.

يا عليّ إخوانك يفرحون في ثلاث مواطن: عند خروجِ أنفسهم وأنا شاهدهم وأنت، وعند المسألة في قبورهم، وعند العرض، وعند الصراط، إذا سئل الخلق عن إيمانهم فلم يجيبوا، يا عليّ حربكَ حربي، وسلمك سلمي، وحربي حربُ الله، وسلمي سلمُ الله، ومن سالمكَ فقد سالمني، ومن سالمني فقد سالمَ الله عز وجل.

يا عليّ بشّر إخواك فإنَّ الله عز وجل قد رضي عنهم إذ رضيك لهم قائداً ورضوا بك ولياً، يا عليّ! أنت أمير المؤمنين، وقائد الغرّ المحجلين، يا عليّ شيعتك المنتجبون ولولا أنت وشيعتك ما قام لله عز وجل دين، ولولا من في الأرض منكم لما أنزلت السماء قطرها، يا عليّ لك كنـز في الجنة وأنت ذو قرنيها، شيعتك تعرف بحزب الله عز وجل، يا عليّ أنت وشيعتك الفائزون بالقسط، وخيرة الله من خلقه.

يا عليّ أنا أوّلُ من ينفضُ التراب عن رأسه، وأنت معي ثم سائر الخلق، يا علي أنت وشيعتك على الحوض تَسْقُونَ من أحببتم، وتمنعون من كرهتم، وأنتم الآمنون يوم الفزع الأبكر في ظل العرش، يفزَعُ الناسُ ولا تفزعون، ويحزنُ الناس ولا تحزنون، فيكم نزلت هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: 101] وفيهم نزلت: {لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} [الأنبياء: 103].

يا عليّ أنت وشيعتك تطلبون في الموقف، وأنتم في الجنانِ تنعمون، يا عليّ إنَّ الملائكة والخزّان يشتاقونَ إليكم وإن حملة العرش والملائكة المقربين ليخصونكم بالدعاء، ويسألون الله لمحبيكم، ويفرحونَ لمن قدم عليهم منكم، كما يفرح الأهل بالغائب القادم بعد طول الغيبة.

يا عليّ شيعتك الذين يخافون الله في السّرّ وينصحونه في العلانية، يا عليّ شيعتك الذين يتنافسون في الدرجات، لأنهم يلقون الله عز وجل وما عليهم ذنب، يا عليّ إنَّ أعمالَ شيعتك ستعرض عليّ في كل جمعة فأفرح بصالح ما بلغني من أعمالهم وأستغفر لسيئاتهم.

يا عليّ ذكرك في التوراة وذكر شيعتك قبل أن يخلقوا بكل خير، وكذلك في الإنجيل، فاسأل أهل الإنجيل وأهل الكتاب يخبرونك عن أليا، مع علمك بالتوراة والإنجيل وما أعطاكَ الله عز وجل من علم الكتاب، وإنَّ أهلَ الإنجيل ليتعاظمون أليا وما يعرفونه وما يعرفون شيعته، وإنما يعرفهم بما يجدونهم في كتبهم.

يا عليّ إن أصحابك ذكرهم في السماء أكبر وأعظم من ذكر أهل الأرض لهم بالخير، فليفرحوا بذلك وليزدادوا اجتهاداً، يا عليّ إن أرواح شيعتك لتصعد إلى السماء في رقادهم ووفاتهم، فتنظر الملائكة إليها كما ينظر الناس إلى الهلال شوقاً إليهم، ولما يرون من منـزلتهم عند الله عز وجل، يا عليّ قل لأصحابك العارفين بك يتنـزهون عن الأعمال التي يقارفها عدوهم فما من يوم ولا ليلة إلا ورحمة الله تبارك وتعالى تغشاهم فليجتنبوا الدنس.

يا عليّ اشتد غضب الله عز وجل على من قلاهم وبرئ منك ومنهم، واستبدل بك وبهم، ومال إلى عدوك، وتركك وشيعتك، واختارَ الضلال، ونصب الحرب لك ولشيعتك، وأبغضنا أهل البيت، وأبغض من والاك ونصرك واختارك وبذل مهجته وماله فينا.

يا عليّ أقرئهم منّي السلام من رآني منهم ومن لم يرني، وأعلمهم أنهم إخواني الذين أشتاق إليهم، فليلقوا عملي إلى من لم يبلغ قرني من أهل القرون من بعدي وليتمسكوا بحبل الله وليعتصموا به، وليجتهدوا في العمل فإنا لا نخرجهم من هدى إلى ضلالة، وأخبرهم أنَّ الله عز وجل راض عنهم، وأنه يباهي ملائكته، وينظر إليهم في كل جمعة برحمته، ويأمر الملائكة أن تستغفر لهم.

يا عليّ لا ترغب عن نصرة قوم يبلغهم أو يسمعون أني أحبك فأحبوك لحبي إياك، ودانوا الله عز وجل بذلك، وأعطوك صفو المودة من قلوبهم، واختاروك على الآباء والأخوة والأولاد، وسلكوا طريقك، وقد حملوا على المكاره فينا، فأبوا إلا نصرنا، وبذلك المهج فينا مع الأذى وسوء القول، وما يقاسونه من مضاضة ذلك.

فكن بهم رحيماً واقنع بهم، فإن الله عز وجل اختارهم بعلمه لنا من بين الخلق، وخلقهم من طينتنا، واستودعهم سرنا، وألزم قلوبهم معرفة حقّنا، وشرح صدورهم متمسكين بحبلنا لا يؤثرون علينا من خالفنا مما يزول من الدنيا عنهم، أيدهم الله وسلك بهم طريق الهدى فاعتصموا به، فالناس في عمه الضلالة، متحيّرون في الأهواء، عموا عن الحجّة، وما جاء من عند الله عز وجل فيهم يصبحون ويمسون في سخط الله، وشيعتك على منهاج الحق والاستقامة، لا يستأنسون إلى من خالفهم، وليست الدنيا منهم وليسوا منها، أولئك مصابيح الدجى أولئك مصابيح الدّجى([82]).

5 -  عن عمرو بن أبي المقدام قال: سمعتُ أبا عبد الله عليه السلام يقول: خرجتُ أنا وأبي حتى إذا كنّا بين القبر والمنبر إذا هو بأناس من الشيعة، فسلم عليهم، ثم قال: إني والله لأحب رياحكم وأرواحكم، فأعينوني على ذلك بورعٍ واجتهاد، واعلموا أن ولايتنا لا تُنال إلا بالورع والاجتهاد، من ائتم منكم بعبد فليعمل بعلمه.

أنتم شيعة الله، وأنتم أنصارُ الله، وأنتم السابقون الأولون، والسابقون الآخرون، والسابقونَ في الدنيا إلى محبتنا والسابقون في الآخرة إلى الجنة، قد ضمنّا لكم الجنة بضمان الله عز وجل، وضمان رسول الله صلّى الله عليه وآله، والله ما على درجة الجنة أكثر أرواحاً منكم فتنافسوا في فضائل الدرجات، أنتم الطيبون، ونسائكم الطيبات، كل مؤمنة حوراء عيناء، وكل مؤمن صدّيق.

ولقد قال أمير المؤمنين عليه السلام لقنبر: يا قنبر أبْشِرْ وبشّر واستبشر، فوالله لقد ماتَ رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وهو على أمته ساخط إلا الشيعة، ألا وإنَّ لكل شيء عزّاً، وعزُّ الإسلام الشيعة، ألا وإنَّ لكل شيء دعامة، ودعامة الإسلام الشيعة، ألا وإن لكل شيء ذروة وذروة الإسلام الشيعة، ألا وإنَّ لكلّ شيء سيداً وسيّد المجالس مجالس الشيعة، وإن لكل شيء شرفاً وشرف الإسلام الشيعة، ألا وإن لكل شيء إماماً وإمام الأرض أرضٌ تسكنها الشيعة.

والله لولا ما في الأرض منكم ما رأيت بعين عشباً أبداً، والله لولا ما في الأرض منكم ما أنعم الله على أهل خلافكم، ولا أصابوا الطيبات، ما لهم في الدنيا ولا لهم في الآخرة من نصيب، كل ناصب وإن تعبد واجتهد فهو منسوبٌ إلى هذه الآية { عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ، تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً }، فكل ناصبٍ مجتهد فعمله هباء، شيعتنا ينطقون بأمر الله عز وجل، ومن يخالفهم ينطقون بتفلت.

والله ما من عبد من شيعتنا ينامُ إلا أصعدَ الله عز وجل روحه إلى السماء، فيبارك عليها، فإن كان قد أتى عليها أجلها، جعلها في كنوز من رحمته، وفي رياض جنته، وفي ظلّ عرشِهِ، وإن كان أجلها متأخراً بعثَ بها مع أمنته من الملائكة ليردها إلى الجسد الذي خرجت منه، لتسكن فيه، والله إنَّ حاجكم وعماركم لخاصّة الله عز وجل، وإنَّ فقراءكم لأهل الغنى، وإن أغنياءكم لأهل القناعة، وإنكم كلكم لأهل دعوتِهِ وأهل إجابته.

ألا وإنَّ لكل شيءٍ جوهراً وجوهر ولد آدم محمد صلّى الله عليه وآله، ونحن وشيعتنا بعدنا، حبّذا شيعتنا، ما أقربهم من عرشِ الله عز وجل، وأحسن صنع الله إليهم يوم القيامة، والله لولا أن يتعاظم الناس ذلك أو يدخلهم زهو لسلّمت عليهم الملائكة قبلاً، والله ما من عبدٍ من شيعتنا يتلو القرآن في صلاته قائماً إلا ولهُ بكلِّ حرفٍ مئة حسنة، ولا قرأ في صلاته جالساً إلا وله بكل حرفٍ خمسون حسنة، ولا في غير صلاة إلا وله بكلِّ حرفٍ عشر حسنات، وإن للصامت من شيعتنا لأجر مَن قرأ القرآن ممن خالفه.

أنتم والله على فُرشكم نيام لكم أجر المجاهدين، وأنتم والله في صلاتكم لكم أجر الصادقين في سبيله، أنتم والله الذين قال الله عز وجل { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ }، إنما شيعتنا أصحاب الأربعة الأعين: عينان في الرأس، وعينان في القلب، ألا والخلائق كلهم كذلك، ألا إن الله عز وجل فَتَحَ أبصاركم وأعمى أبصارهم([83]).

6 -  عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري صلوات الله عليهم: قال عليه السلام: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: معاشر عباد الله عليكم بخدمةِ مَن أكرمه الله بالارتضاء، واجتباه بالاصطفاء، وجعله أفضل أهل الأرض والسماء بعد محمد سيد الأنبياء "علي بن أبي طالب"، وبموالاة أوليائه، ومعاداة أعدائه، وقضاء حقوق إخوانكم الذين هم في موالاته، ومعاداة أعدائه، شركاؤكم.

فإن رعاية عليّ أحسن من رعاية هؤلاء التجار الخارجين بصاحبكم الذي ذكرتموه إلى الصين الذي عرّضوه للغناء وأعانوه بالثراء، أما إن شيعة عليّ لم يأتي يوم القيامةِ وقد وضع في كفة الميزان سيئاته من الآثام، ما هو أعظم من الجبال الرواسي والبحار التيارة، تقول الخلائق: قد هلكَ هذا العبد، فلا يشكون أنه من الهالكين، وفي عذاب الله تعالى من الخالدين.

فيأتيه النداء من قبل الله عز وجل: يا أيها العبد الجاني هذه الذنوب الموبقاتِ، فهل لك بإزائها حسنات تكافئها فتدخل جنة الله برحمته أو تزيد عليها فتدخلها بوعد الله؟

فيقول العبد: لا أدري، فيقول منادي ربّنا عز وجل: فإنَّ ربّي يقول: ناد في عرصات القيامة، ألا وإنّي فلان بن فلان من أهل بلد كذا وكذا وقرية كذا وكذا، وقد رهنت بسيئات كأمثال الجبال والبحار، ولا حسنات لي بإزائها، فأي أهل هذا المحشر من كان لي عنده يد أو عارفة فليغثني بمجازاتي عنها، فهذا أوان شدة حاجتي إليها.

فينادي الرجل بذلك، فأول من يجيبه علي بن أبي طالب: لبيك لبيك أيها الممتحن في محبتي المظلوم بعداوتي.

ثم يأتي هو ومعه عدد كثير وجمّ غفير وإن كانوا أقل عدداً من خصمائِهِ الذين لهم قبله الظلامات.

فيقول ذلك العدد: يا أميرَ المؤمنين نحن إخوانه المؤمنين، كان بنا باراً ولنا مكرماً، وفي معاشرته إيّانا مع كثرة إحسانه إلينا متواضعاً، وقد تركنا له عن جميع طاعتنا وبذلناها له.

فيقول عليّ عليه السلام: فبماذا تدخلون جنة ربكم؟ فيقولون: برحمته الواسعة التي لا يعدمها من والاك، ووالى وليّك يا أخا رسول الله.

فيأتي النداء من قبل الله تعالى: يا أخا رسول الله هؤلاء إخوانه المؤمنون قد بذلوا له فأنت ماذا تبذل له؟ فإني أنا الحكم أمّا ما بيني وبينه من الذنوب فقد غفرتها له بموالاته إياك، وما بينه وبين عبادي من الظلامات، فلابد من فصل الحكم ما بينه وبينهم، فيقول عليّ عليه السلام: يا ربِّ افعل ما تأمرني.

فيقول الله تعالى: يا عليّ اضمن لخصمائه تعويضهم عن ظلاماتهم قبله، فيضمن عليّ عليه السلام ذلك، ويقول لهم: اقترحوا عليّ ما شئتم أعطيكم عوضاً عن ظلاماتكم. فيقولون: يا أخا رسول الله تجعل بإزاء ظلاماتنا قبله ثواب نفس من أنفاسك ليلة بيتوتتك على فراشِ محمد صلّى الله عليه وآله. فيقول علي: قد وهبتُ ذلك لكم.

فيقول الله عز وجل: فانظروا يا عبادي الآن إلى ما نلتموه من عليّ، فداءً لصاحبه من ظلاماتكم، ويظهر لكم ثواب نفس واحد في الجنان من عجائب قصورها وخيراتها، فيكون ذلك ما يرضي الله عز وجل به خصماءه المؤمنين، ثم يريهم بعد ذلك من الدرجات والمنازل ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على بال بشر.

فيقولون: يا ربنا هل بقي من جنّاتك شيء إذا كانَ هذا كلّه لنا، فأين تحلّ سائر عبادك المؤمنين والأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين؟

ويخيل إليهم عند ذلك أن الجنة بأسرها قد جعلت لهم.

فيأتي النداء من قبل الله: يا عبادي، هذا ثوابُ نَفَس من أنفاس علي بن أبي طالب الذي اقترحتموه عليه، جعلته لكم، فخذوه وانظروا.

فيصيرونَ هم وهذا المؤمن الذي عوّضهم عليّ عليه السلام عنه إلى تلك الجنان.

ثم يرون ما يضيفه الله عز وجل إلى ممالك عليّ عليه السلام في الجنان ما هو أضعاف ما بذله عن وليّه الموالي له مما شاء الله عز وجل من الأضعاف التي لا يعرفها غيره.

ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: { أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ } المعدة لمخالفي أخي ووصيي علي بن أبي طالب([84]).

7 -  عن علي بن الحسين، عن أبيه الحسين، عن أبيه أمير المؤمنين صلواتُ الله عليهم أجمعين قال: المؤمن على أيِّ حالٍ مات وفي أيِّ ساعةٍ قُبِضَ فهو شهيدٌ، ولقد سمعت حبيبي رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: لو أنّ المؤمنَ خرجَ من الدنيا وعليه مثل ذنوب أهل الأرض لكانَ الموت كفّارة لتلك الذنوب.

ثم قال صلّى الله عليه وآله: من قال: لا إله إلا الله بإخلاص فهو بريءٌ من الشرك، ومن خرجَ من الدنيا لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة، ثم تلا هذه الآية: { إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء } وهم شيعتك ومحبّوك يا عليّ.

فقلت: يا رسول الله هذا لشيعتي؟

قال: إي وربي لشيعتك ومحبيك خاصة، وإنهم ليخرجونَ من قبورهم وهم يقولون "لا إله إلا الله، محمد رسول الله، عليٌّ ولي الله" فيؤتون بحللٍ خُضْرٍ من الجنة وأكاليل من الجنة، وتيجان من الجنة، فيلبس كل واحد منهم حلّة خضراء وتاجَ الملك، وإكليل الكرامة، ثم يركبون النجائب، فتطير بهم إلى الجنة: { لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ }([85]).

8 -  عن أبان بن تغلب قال: قال: أبو عبد الله عليه السلام: يبعث الله شيعتنا يوم القيامة على ما فيهم من ذنوبٍ وعيوب، مبيضة وجوههم، مستورة عوراتهم، آمنة روعاتهم، قد سهلت لهم الموارد، وذهبت عنهم الشدائد، يركبون نوقاً من ياقوتٍ، فلا يزالون يدورون خلال الجنة، عليهم شركٌ من نور يتلألأ، توضعُ لهم الموائد فلا يزالون يطعمون، والناس في الحساب وهو قول الله عز وجل: { إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ، لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ }([86]).

9 -  عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام، عن آبائه عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم أجمعين قال: قال لي رسول الله صلّى الله عليه وآله: يا عليّ بشّر إخوانك بأنّ الله قد رضي عنهم إذ رضيكَ لهم قائداً ورضوا بك ولياً.

يا عليّ لك كنـز في الجنة، وأنت ذو قرنيها، وشيعتك تُعرَفُ بحزبِ الله.

يا عليّ أنت وشيعتك القائمونَ بالقسط وخيرة الله من خلقه.

يا عليّ أنا أول من ينفض التراب من رأسه وأنت معي، ثم سائر الخلق.

يا عليّ أنت وشيعتك على الحوض تسقون من أحببتم وتمنعون من كرهتم، وأنتم الآمنون يوم الفزع الأكبر في ظل العرش، يفزع الناس ولا تفزعون، ويحزن الناس ولا تحزنون، وفيكم نزلت هذه الآيات: { إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ، لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ، لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ }([87]).

10 -  عن يونس بن ظبيان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله عز وجل يدفَعُ بمن يُصلّي من شيعتنا عمّن لا يصلّي من شيعتنا، فلو اجتمعوا على تركِ الصلاة لهلكوا، وإنَّ الله ليدفع بمن يزكي من شيعتنا عمن لا يزكي، ولو اجتمعوا على ترك الزكاة لهلكوا، وإن الله عز وجل ليدفع بمن يحجّ من شيعتنا عمّن لا يحج، ولو اجتمعوا على ترك الحجّ لهلكوا.

وهو قول الله عز وجل { لَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ } [البقرة: 251] فوالله ما نزلت إلا فيكم وما عني بها غيركم([88]).

 

([1])  القدح الضخم.

([2])  أذب قلوبهم.

([3])  هم بنو فراس بن غنم بن خزيمة، وقد اشتهروا بالشجاعة والإقدام.

([4])  نهج البلاغة بشرح محمد عبده 1/65 .

([5])  أي هماً وحزناً أو فقراً.

([6])  شدة الحر.

([7])  التخفيف والتسكين.

([8])  شدة البرد.

([9])  النساء.

([10])  السدم: محركة الهم أو مع أسف وغيظ.

([11])  النغب جمع نغبة كجرعة وجرع لفظاً ومعنى. والتهمام بالفتح الهم.

([12])  جاوزت.

([13])  نهج البلاغة 1/69-70 .

([14])  كلمة يقولها الهارب كأنه يسأل الحرب أن تنحى عنه.

([15])  أي من دعاهم وحملهم بالترغيب على نصرته لم تعز دعوته لتخاذلهم، فإن قاساهم وقهرهم انتقضوا عليه فأتعبوه.

([16])  أي أنكم تتعللون بالأباطيل التي لا جدوى لها.

([17])  أي أنكم تدافعون الحرب اللازمة لكم كما يدافع المدين تأخير الدين بلا عذر.

([18])  الأفوق من السهام مكسور الفوق. والفوق موضع الوتر من السهم، والناصل العاري عن النصل أي من رمى بهم فكأنما رمى بسهم لا يثبت في الوتر حتى يرمى، وإن رمى به لم يصب مقتلاً إذ لا نصل له.

([19])  نهج البلاغة 1/73-75 .

([20])  دوران الأعين اضطرابها من الجزع، ومن غمره الموت يدور بصره.

([21])  أي لا تهتدون لفهمه فتعمهون أي تتحيرون وتترددون.

([22])  المألوسة: المخلوطة بمس الجنون.

([23])  سجيس: أبدا. أي أنهم ليسوا بثقات عنده يركن إليهم أبدا.

([24])  الزافرة من البناء ركنه، ومن الرجل عشيرته.

([25])  أي لبئس ما توقد به الحرب أنتم.

([26])  امتعض: غضب.

([27])  حمس: اشتد، الوغى: الحرب. واستحر: بلغ في النفس غاية حدته. انفراج الرأس: انفراج لا التئام بعده فإن الرأس إذا انفرج عن البدن أو انفرج أحد شقيه عن الآخر لم يعد للالتئام.

([28])  يأكل لحمه حتى لا يبقى منه شيء على العظم.

([29])  ما ضمت عليه الجوانح هو القلب وما يتبعه من الأوعية الدموية. والجوانح: الضلوع تحت الترائب. والترائب ما يلي الترقوتين من عظام الصدر أو ما بين الثديين والترقوتين. يريد ضعيف القلب.

([30])  أي لا يمكن عدوه من نفسه حتى يكون دون ذلك ضرب بالمشرفية وهي السيوف التي تنسب إلى مشارف وهي قرى من أرض العرب تدنو من الريف. وفراش الهام: العظام الرقيقة التي تلي القحف.

([31])  نهج البلاغة 1/82-84 .

([32])  البكار ككتاب جمع بكر الفتي من الإبل، والعمدة بفتح فكسر التي انفضح داخل سنامها من الركوب وظاهره سليم.

([33])  المتداعية الخلقة المتخرقة. ومداراتها استعمالها بالرفق التام.

([34])  حيصت: خيطت، وتهتكت: تخرقت.

([35])  المنسر كمجلس ومنبر القطعة من الجيش تمر أمام الجيش الكثير. وانجحر: دخل الجحر. والوجار: جحر الضبع وغيرها.

([36])  الساحات.

([37])  اعوجاجكم.

([38])  أذل الله وجوهكم.

([39])  وأتعس جدودكم: حط من حظوظكم. والتعس: الانحطاط والهلاك والعثار.

([40])  نهج البلاغة 1/117-118 .

([41])  سبأ: هو أبو عرب اليمن كان له عشرة أولاد جعل منهم ستة يميناً له وأربعة شمالاً، تشبيهاً لهم باليدين، ثم تفرَّق أولئك الأولاد أشد التفرّق.

([42])  القوس.

([43])  أعضل: استعصى استعصب.

([44])  أظن.

([45])  نهج البلاغة 1/188-189 .

([46])  الاحتجاج للطبرسي 2/10 .

([47])  المصدر السابق 2/12 .

([48])  الهلاك والانقطاع.

([49])  الوله: الحزن. وقيل هو ذهاب العقل والتحير من شدة الحزن أو الخوف.

([50])  مضطربين.

([51])  بالفتح والكسر الاجتماع على العداوة.

([52])  الجأش: القلب.

([53])  الاحتجاج للطبرسي 2/24 .

([54])  انظر الاحتجاج للطبرسي 2/32 .

([55])  الخداع.

([56])  حفت.

([57])  أي حلته وأفسدته بعد إبرام.

([58])  خيانة وخديعة.

([59])  الذي يمتدح بما ليس عنده.

([60])  البغض بغير حق.

([61])  الطعن والعيب.

([62])  الدمنه: المزبله.

([63])  القبر. والفص. الجص.

([64])  الفرح.

([65])  يستأصلكم.

([66])  الاحتجاج للطبرسي 2/27-28 .

([67])  الشنار: العار.

([68])  أي لن تغسلوها.

([69])  أي دواء جرحكم.

([70])  المدرة: زعيم القوم ولسانهم المتكلم عنهم.

([71])  الشوهاء: القبيحة.

([72])  الفقماء: إذا كانت ثناياها العليا إلى الخارج فلا تقع على السفلى.

([73])  الخرقاء: الحمقاء.

([74])  طلاع الأرض: ملؤها.

([75])  يحقره: يدفعه.

([76])  الاحتجاج للطبرسي 2/29 .

([77])  الثوب الخلق أو الكساء البالي.

([78])  بحار الأنوار ج65 ص40-41 .

([79])  بحار الأنوار ج65 ص43-44 .

([80])  ولكن بعض الشيعة يغضب إذا ناداه أحد من الناس "يا رافضي" ويعتبر ذلك من النبز رغم ورود عدة روايات في كتب الرافضة تحت عنوان "فضل الرافضة ومدح التسمية بها"، انظر بحار الأنوار ج65 ص96-98، حيث أورد المجلسي عدة روايات تمدح التسمية، وأن الله تبارك وتعالى هو الذي سمّاهم بالرافضة.

([81])  روضة الكافي للكليني (28-31)، الاختصاص للمفيد (101-104)، بحار الأنوار (65/48-51)، صحيفة الأبرار (1/155-157).

([82])  فضائل الشيعة للصدوق (!!!) 145-147، بحار الأنوار للمجلسي ج65 ص45-48 .

([83])  الكافي ج8 ص213-214، بحار الأنوار ج65 ص80-82 .

([84])  تفسير الإمام العسكري 43، تأويل الآيات الظاهرة 90-92، بحار الأنوار 8/59 .

([85])  من لا يحضره الفقيه 4/411، تأويل الآيات الظاهرة 141-142، بحار الأنوار 68/140، تفسير البرهان 1/374 .

([86])  تأويل الآيات الظاهرة 330، بحار الأنوار 7/184، البرهان 3/72 .

([87])  أمالي الصدوق 450، تأويل الآيات الظاهرة 1/331، تفسير البرهان 3/74، بحار الأنوار ج39 ص306 و ج68 ص46 .

([88])  الكافي 2/451، تأول الآيات الظاهرة 1/94، تفسير البرهان 1/238، تفسير نور الثقلين للحويزي 1/210، تفسير العياشي 1/135، بحار الأوار 73/383 .

  • الاثنين PM 04:13
    2021-07-26
  • 1400
Powered by: GateGold