المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409179
يتصفح الموقع حاليا : 363

البحث

البحث

عرض المادة

upload/upload1627129587874.jpg

مقدرة الأئمة على إعادة الحياة لبعض الأموات

يزعم الرافضة أن لأئمتهم المقدرة على إعادة الحياة لمن شاءوا من الأموات سواء كان من الإنسان أو الحيوان.

جاء في كتاب "بصائر الدرجات" في باب "أن الأئمة عليهم السلام أحيوا الموتى بإذن الله تعالى" عدة روايات تؤيد روايات هذا المعنى أختار منها:

ما نسب إلى أبي عبد الله أنه قال: إن أمير المؤمنين علياً عليه السلام كان له خؤلة في بني مخزوم وأن شاباً منهم أتاه فقال: يا خالي إن أخي وابن أبي مات، وقد حزنت عليه حزناً شديداً، قال تشتهي أن تراه؟ قال: نعم، قال: فأرني قبره فخرج ومعه برد رسول الله r المستجاب، فلما انتهى إلى القبر تلملمت شفتاه ثم ركضه برجه فخرج من قبره وهو يقول (رميكا) بلسان الفرس، فقال له علي: ألم تمت وأنت رجل من العرب؟ قال: بلى، ولكنا متنا على سنة فلان([1]) فانقلبت ألسنتنا([2]).

وعن داود بن كثير الرقي قال: حج رجل من أصحابنا فدخل على أبي عبد الله عليه السلام فقال: فداك أبي وأمي إن أهلي قد توفيت وبقيت وحيداً. فقال له أبو عبد الله عليه السلام: أفكنت تحبها؟ قال: نعم جعلت فدا:. قال: ارجع إلى منزلك فإنك سترجع إلى المنزل وهي تأكل شيئاً. قال: فلما رجعت من حجتي ودخلت منزلي رأيتها قاعدة وهي تأكل([3]).

ويروي المجلسي في "البحار" عن سعد القمي قال أبو الفضل بن دكين حدثني محمد بن راشد عن أبيه عن جده قال: سألت جعفر بن محمد عليهما السلام علامة، فقال: سلني ما شئت أخبرك إن شاء الله. فقلت: أخاً لي بات في هذه المقابر فتأمره أن يجئني قال: فما كان اسمه؟ قلت: أحمد، قال: يا أحمد قم بإذن الله وبإذن جعفر بن محمد فقام والله وهو يقول: أتيته([4]).

أوجه التشابه بين اليهود والرافضة في عقيدة الرجعة

ومن أوجه هذا التشابه:

أولاً: الاتفاق بينهما في وقت الرجعة الجماعية لكل من الطائفتين، فوقت الرجعة عند اليهود هو خروج مسيحهم المنتظر، والوقت المحدد للرجعة عند الرافضة هو خروج مهديهم المنتظر.

ثانياً: الاتفاق في الهدف من الرجعة عند كل من اليهود والرافضة، فرجعة اليهود تكون للانضمام إلى جيش مسيحهم المنتظر ونصرته، ورجعة الرافضة تكون للانضمام إلى جيش مهديهم المنتظر ونصرته على أعدائه.

ثالثاً: الاتفاق بينهما في مقدرة البشر على إرجاع الحياة للأموات: فاليهود يعتقدون أن لأنبيائهم وحاخاماتهم القدرة على إرجاع الحياة لمن شاءوا من الأموات، ويعتقد الرافضة أن لأئمتهم القدرة على إرجاع الحياة لمن أرادوا من الأموات.

هذه بعض أوجه التشابه بين عقيدة الرجعة عند اليهود والرافضة , إذ إن أصل عقيدة الرجعة يهودي محض، تلقاها الرافضة من اليهود عن طريق عبد الله بن سبأ الذي أراد الكيد للإسلام والمسلمين بما بثه بين عامة المسلمين من عقائد يهودية لصرفهم عن العقيدة الإسلامية.

وكانت عقيدة الرجعة من أول ما دعا إليه ابن سبأ من تلك الأفكار والمبادئ الهدامة. وقد ذكر العلماء والمحققون قديماً وحديثاً، أن عبد الله بن سبأ أو من نادى بعقيدة الرجعة في الإسلام، فأخذتها الرافضة عنه.

ذكر الطبري: أن من بين العقائد التي روها ابن سبأ عقيدة الرجعة عندما قال لأهل مصر: "لعجب ممن يزعم أن عيسى يرجع ويكذب بأن محمداً يرجع، وقد قال الله عز وجل:{إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ}، فمحمد أحق بالرجعة من عيسى، قال: فقبل ذلك عنه، ووضع لهم الرجعة فتكلموا فيها([5]). فكان أو ما دعا إليه ابن سبأ القول برجعة النبي r ثم إنه لما رأى رواجاً لهذه الفكرة قال برجعة علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

قال النوبختي – وهو من كبار علماء الرافضة في القرن الثالث - : "ولما بلغ عبد الله بن سبأ نعي علي بالمدائن قال للذي نعاه: كذبت لو جئتنا بدماغه في سبعين صرة وأقمت على قتله سبعين عدلاً لعلمنا أنه لم يمت ولم يقتل ولا يموت حتى يملك الأرض"([6]).

وقال أبو الحسن الأشعري: السبئية أصحاب عبد الله بن سبأ، يزعمون أن علياً لم يمت، وأنه يرجع إلى الدنيا قبل القيامة، فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، وذكروا عنه أنه قال لعلي عليه السلام: أنت أنت.

قال: والسبئية يقولون بالرجعة وأن الأموات يرجعون إلى الدنيا([7]).

وقال السكسكي في "البرهان": كان ابن سبأ وفرقته يقولون بالرجعة إلى الدنيا بعد الموت، وهو أول من قال بذلك([8]).

وقال المقريزي: إن عبد الله بن سبأ قام في زمن علي رضي الله عنه وأحدث القول برجعة علي بعد موته إلى الدنيا وبرجعة رسول الله r أيضاً([9]).

وقد صرح كثير من الباحثين بأن عقيدة الرجعة عند الرافضة مأخوذة من اليهودية.

يقول جولد تسيهر: وفكرة الرجعة ذاتها ليست من وضع الشيعة أو من عقائدهم التي اختصوا بها، ويحتمل أن تكون قد تسربت إلى الإسلام عن طريق المؤثرات اليهودية والمسيحية([10]).

ويقول فلهاوزن عندما تحدث عن يهودية ابن سبأ وقارن بين العقائد التي نادى بها ابن سبأ والعقائد اليهودية: إن هذا يقود إلى القول بأصل يهودي لفرقة السبئية ويلوح إلى أن مذهب الشيعة المنسوب إلى ابن سبأ إنما يرجع إلى اليهودية أقرب إلى الإيرانيين([11]).

ويقول أحمد أمين: فكرة الرجعة هذه أخذها ابن سبأ من اليهودية فعندهم أن النبي إلياس صعد إلى السماء وسيعود فيعيد الدين والقانون، ووجدت الفكرة في النصرانية أيضاً في عصورها الأولى"([12]).

نسبة اليهود الندم والحزن إلى الله تعالى

لا يتورع اليهود كما هي عادتهم عن وصف الله تعالى بصفات النقص كالندم والحزن والأسف، وقد جاءت في أسفار اليهود نصوص كثيرة أطلقوا فيها هذه الصفات على الله تعالى. ومن النصوص التي نسبوا فيها الندم إلى الله تعالى: ما جاء في "سفر الخروج": "إن الله أراد أن يهلك بني إسرائيل الذين خرجوا مع موسى من مصر فطلب موسى من الله أن يرجع عن رأيه في إهلاك شعبه قائلاً له: "ارجع عن حمو غضبك واندم على الشر بشعبك، اذكر إبراهيم وإسحاق وإسرائيل عبيدك الذين حلفت لهم بنفسك وقلت لهم أكثر نسلكم كل هذه الأرض التي تكلمت عنها فيملكونها إلى الأبد، فندم الرب على الشر الذي قال أنه يفعله بشعبه"([13]).

وفي أخبار الأيام الأول ما يشبه هذه القصة: "وأرسل الله ملاكاً على أورشليم لإهلاكها وفيما هو يهلك رأى الرب فندم على الشر وقال: للملاك المهلك كفى الآن رد يدك"([14]).

وجاء في سفر صموئيل الأول: إن الله تعالى ندم على تنصيبه شاول ملكاً على بني إسرائيل لمخالفته لأوامره , وكان كلام الرب إلى صموئيل قائلاً: "ندمت على أني قد جعلت شاول ملكاً، لأنه رجع من ورائي ولم يقم كلامي"([15]).

وهذا النص يدل على أن الله تعالى لا يعلم ما سيؤول إليه أمر شاول وإلا ما نصبه ملكاً على بني إسرائيل، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.

وفي سفر "يوئيل" في مخاطبة الله لبني إسرائيل – بزعمهم -: "مزقوا قلوبكم لا ثيابكم وارجعوا إلى الرب إلهكم لأنه رؤوف رحيم بطيء الغضب وكثير الرحمة ويندم على الشر، لعله يرجع ويندم"([16]).

ووصفهم الرب بأنه "يندم" بصيغة المضارع دليل على اعتقادهم استمرار الندم وتجدده على الله في كل وقت، تعالى الله عن ذلك.

وجاء في "التلمود": "ويندم الله على تركه اليهود في حالة التعاسة حتى أنه يلطم ويبكي كل يوم فتسقط من عينيه دمعتان في البحر فيسمع دويهما من بدء العالم إلى أقصاه، وتضطرب المياه، وترجف الأرض في أغلب الأحيان، فتحصل الزلازل"([17]).

وفي سفر "الخروج": "وتنهد بنو إسرائيل من العبودية وصرخوا، فصعد صراخهم إلى الله من أجل العبودية، فسمع الله أنينهم فتذكر الله ميثاقه مع إبراهيم وإسحاق ويعقوب"([18]).

ويفهم من هذا النص أن الله تعالى نسي ميثاقه مع إبراهيم وإسحاق ويعقوب، فلم يذكره إلى أنين بني إسرائيل، تنزه الله عن كل ذلك.

إن إطلاق اليهود هذه الصفات على الله تعالى يدل على اعتقاد اليهود جواز الجهل على الله تعالى، ومما يؤكد هذا، ما جاء في سفر "الخروج" من نسبتهم على الجهل إلى الله تعالى صراحة عندما زعموا أن الله خاطبهم بقوله: "فإني أجتاز في أرض مصر هذه الليلة وأضرب كل بكر في أرض مصر من الناس والبهائم وأصنع أحكاماً بكل آلهة المصريين، أنا الرب ويكون لكم الدم علامة على البيوت التي أنتم فيها فأرى الدم وأعبر عنكم فلا يكون عليكم ضربة للهلاك حين أضرب أرض مصر"([19]).

ويفيد هذا النص أن الله تعالى لا يستطيع أن يميز بيوت بني إسرائيل من بيوت المصريين، لذلك طلب من بني إسرائيل وضع علامة من الدم تميز بيوتهم حتى لا يصيبهم الهلاك، وهذا منتهى الجهل الذي لا يمكن أن يصدر من أقل الناس تعلماً، فضلاً عن صدوره من رب العالمين، الذي يعلم ما في السماوات والأرض وما بينهما وما تحت الثرى.

نسبة الرافضة البداء لله تعالى

جاء في "أصول الكافي" في كتاب التوحيد تحت باب البداء عدة روايات في إثبات البداء بل وفي بيان فضل البداء عندهم منها:

عن زرارة بن أعين عن أحدهما عليهما السلام: "ما عبد الله بشيء مثل البداء". وعن أبي عبد الله عليه السلام: "ما عظم الله بمثل البداء".

وعن أبي عبد الله عليه السلام: "ما بعث الله نبياً حتى يأخذ عليه ثلاث خصال: الإقرار له بالعبودية، خلع الأنداد، وأن الله يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء".

وعن مالك الجهيني قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: "لو علم الناس ما في القول بالبداء من الأجر ما فتروا عن الكلام فيه".

وعن الريان بن الصلت قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: "ما بعث الله نبياً قط إلا بتحريم الخمر وأن يقر لله بالبداء"([20]).

ويقول الخوئي في بيان فضل البداء: والقول بالبداء يوجب انقطاع العبد إلى الله وطلبه إجابة دعائه منه وكفاية مهماته، وتوفيقه للطاعة، وإبعاده عن المعصية"([21]).

وعقيدة البداء محل إجماع علماء الرافضة، وقد نقل إجماعهم على هذه العقيدة شيخهم الكبير المفيد في كتابه "أوائل المقالات"، وصرح بمخالفة الرافضة في هذه العقيدة لسائر الفرق الإسلامية.

وقال في كتاب "تصحيح الاعتقاد": قول الإمامية في البداء طريقه السمع دون العقل، وقد جاءت الأخبار به عن الأئمة عليهم السلام"([22]).

وهذه العقيدة لم ينكرها أحد من علماء الرافضة وذلك لكثرة الروايات التي دلت على هذه العقيدة واستفاضتها في كتبهم، وإنما حاول بعضهم أن يؤول معنى البداء على غير معناه المعروف في اللغة لما رأوا تشنيع المسلمين عليهم في هذه العقيدة الفاسدة، فقالوا: إن إطلاق لفظ البداء على الله لا يستلزم الجهل وأن البداء في التكوين كالنسخ في التشريع([23]).

وغيرها من الأعذار الواهية التي حاولوا أن يدفعوا بها عن أنفسهم فضيحة تلك العقيدة الفاسدة.

وفيما يلي جملة من الروايات التي صرحوا فيها بجواز تغير الرأي على الله تعالى وحدوث العلم وتجدده عليه، تعالى الله عن ذلك:

روى العياشي في "تفسيره": عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام: {وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة}، قال: كان في العلم والتقدير ثلاثين ليلة، ثم بدا لله فزاد عشراً فتم ميقات ربه الأول والآخر أربعين ليلة([24]).

فهذه الرواية صرحية في نسبة حدوث العلم لله تعالى، فقوله: "كان في والتقدير ثلاثين ليلة"، يلزم منه أن الله تعالى لم يكن يعلم من ميقات موسى إلا الثلاثين ليلة، وهي التي في علمه وتقديره، أما العشر الأخرى فإن هذه الزيادة لم تكن معلومة له بل هي خارجة عن العلم والتقدير وإنما بدا له فيها بعد ذلك، تعالى الله وتنزه عن كل ذلك.

ومن الروايات الصريحة في نسبتهم تغير الرأي وتجدده إلى الله تعالى، ما رواه الكليني بسنده إلى أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام أنهما قالا: "إن الناس لما كذبوا برسول الله r همّ الله تبارك وتعالى بخلاف أهل الأرض إلا علياً فما سواه بقوله: {فتول عنهم فما أنت بملوم} ، ثم بدا له فرحم المؤمنين ثم قال لنبيه: {وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين} ([25]).

ولا يخفى ما في هذه الرواية من الافتراء والكذب على رب العالمين وذلك بنسبتهم البداء الذي هو تغير الرأي وتجدده إلى الحكيم العليم.

ومن الروايات الصريحة الدالة على نسبتهم الجهل إلى الله تعالى، ما رووه عن جعفر الصادق أنه قال: "ما بدا لله في شيء كما له في إسماعيل ابني"([26]).

وهذه الرواية لها مناسبة، وهي ما نسبوه إلى جعفر الصادق أنه نص على إمامة ابنه إسماعيل ثم مات إسماعيل في حياة أبيه([27]) فكان المخرج من هذه الفضيحة نسبة البداء إلى الله تعالى.

وقد فسر هذه الرواية الشيخ الصدوق قال: أما قوله "ما بدا لله في شيء كما بدا له في إسماعيل ابني"، فإنه يقول: ما ظهر لله أمر كما ظهر له في إسماعيل ابني إذ اخترمه في حياتي([28]).

والذي يفهم من هذا أن موت إسماعيل ظهر لله بعد أن كان خافياً عليه وأنه لم يكن معلوماً له قبل حدوثه تنزه الله عن ذلك.

وفي رواية أخرى يروونها عن جعفر في موت ابنه إسماعيل أيضاً أنه قال: كان القتل قد كتب على إسماعيل مرتين فسألت لله في دفعه فدفعه([29]).

ويفهم من هذه الرواية أنه ليس كل ما كتبه الله في اللوح بناء على علمه السابق به متحققاً، بل إن بعض هذه المقادير قد تقدم أو تأخر كما ذكروا في هذه الرواية من تأخر موت إسماعيل مرتين بسبب سؤال والده ذلك.

ومن الروايات التي ينسبون إلى الله فيها البداء ما رواه الكليني عن علي بن محمد عن إسحاق بن محمد عن أبي هاشم الجعفري قال: كنت عند أبي الحسن عليه السلام بعد ما مضى ابنه أبو جعفر وإني لأفكر في نفسي أريد أن أقول: كأنهما أعني أبا جعفر وأبا محمد في هذا الوقت كأبي الحسن موسى وإسماعيل ابني جعفر ابن محمد عليهم السلام وإن قصتهما كقصتهما، إذ كان أبو محمد المرجي بعد أبي جعفر عليه السلام فأقبل عليّ أبو الحسن قبل أن انطلق فقال: نعم يا أبا هاشم بدا لله في أبي محمد بعد أبي جعفر عليه السلام ما لم يكن يعرف له كما بدا له في موسى بعد مضي إسماعيل ما كشف به عن حاله، وهو كما حدثتك نفسك وإن كره المبطلون، وأبو محمد ابن الخلف من بعدي، عنده علم ما يحتاج إليه ومعه آلة الإمامة([30]).

وفي رواية أخرى يرد بها الكليني عن علي بن جعفر قال: "كنت حاضراً أبا الحسن عليه السلام لما توفي ابنه محمد فقال للحسن: يا بني أحدث لله شكراً فقد أحدث فيك أمراً"([31]).

وهاتان الروايتان تدلان صراحة على نسبتهم تجدد الرأي إلى الله تعالى الله عن ذلك.

وهم يزعمون أن الله تعالى قد حدد وقت خروج قائمهم المنتظر فلما قتل الحسين غضب الله غضباً شديداً فأخره، ثم حدده مرة أخرى فحدث به الشيعة فأخره الله مرة ثانية.

روى النعماني والطوسي عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر الباقر (ع) يقول: يا ثابت إن الله كان قد وقت هذا الأمر في سنة السبعين فلما قتل الحسين (ع) اشتد غضب الله فأخره إلى أربعين ومائة، فلما حدثناكم بذلك أذعتم وكشفتم قناع الستر فلم يجعل الله لهذا الأمر بعد ذلك عندنا وقتاً يمحو ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب. قال أبو حمزة: فحدثت بذلك أبا عبد الله الصادق (ع) فقال: قد كان ذلك([32]).

ويروي النعماني عن إسحاق بن عمار قال: قال لي أبو عبد الله (ع): يا أبا إسحاق إن هذا الأمر قد أخر مرتين([33]).

ويروي الطوسي عن عثمان النوا قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كان هذا الأمر فيّ فأخره الله ويفعل بعد في ذريتي ما يشاء([34]).

وقال الشيخ الطوسي معلقاً على هذه الروايات: "فالوجه في هذه الأخبار أن نقول – إن صحت – أنه لا يمتنع أن يكون الله تعالى قد وقت هذا الأمر في الأوقات التي ذكرت، واقتضت تأخيره إلى وقت آخر، وكذلك فيما بعد، ويكون الوقت الأول وكل وقت يجوز أن يؤخر مشروطاً بأن لا يتجدد ما يقتضي المصلحة تأخيره، إلى أن يجيء الوقت الذي لا يغيره شيء فيكون محتوماً([35]).

أوجه التشابه بين نسبة اليهود الندم والحزن لله تعالى

وبين نسبة الرافضة البداء لله تعالى

لا يوجد اختلاف بين ما ينسبه اليهود من الندم والحزن لله تعالى وبين ما ينسبه الرافضة من البداء إليه تعالى.

بل إني لا أشك في أن عقيدة البداء عند الرافضة قد أخذت من أسفار اليهود بالنص، مع تغيير يسير في بعض الألفاظ والعبارات، والتشابه بين هاتين العقيدتين يتضح من خلال ثلاثة أوجه:

الوجه الأول: التشابه في التسمية؛ فاليهود يطلقون على الله تعالى صفة الندم والحزن والأسف ,والرافضة يطلقون على الله تعالى صفة البداء، ومن تأمل هذه الصفات ظهر له ما بينها من تقارب في المعاني؛ فمن ندم أو حزن أو تأسف على فعل ما، أو رأي في مسألة معينة، لا بد أن يمر بمرحلتين:

المرحلة الأولى: تغير الرأي في تلك المسألة.

المرحلة الثانية: أن يحصل له من العلم ما يعلم به خطأه في المسألة السابقة.

وهذان المعنيان، هما اللذان ذكرهما علماء اللغة في معنى البداء.

الوجه الثاني: التشابه في النصوص؛ مما يدل دلالة قاطعة على أن أصل فكرة البداء عند الرافضة قد أخذت من أسفار اليهود، التشابه الكبير بين ما جاء في أسفار اليهود، وكتب الرافضة من النصوص، حتى إن هذه النصوص لتكاد تتفق أحياناً في ذكر بعض الحوادث، والقصص التي ينسبون إلى الله فيها الندم والبداء.

وفيما يلي نماذج لما بين هذه النصوص من التشابه:

  • يزعم اليهود أن الله أراد إهلاك بني إسرائيل وبينما الملك يهلك ندم الله تعالى على ذلك وأمر الملك بالكف عن الإهلاك، ويزعم الرافضة أن الله أراد أن يهلك الناس في زمن النبي r ثم ما لبث أن بدا له فرجع عن الإهلاك.
  • يزعم اليهود أن موسى عليه السلام راجع الله عندما أراد أن يهلك بني إسرائيل فرجع الله عن ذلك. ويزعم الرافضة أن جعفر الصادق راجع الله في موت ابنه إسماعيل فأخره الله مرتين.
  • يدعي اليهود أن الله تعالى نصب شاول ملكاً على بني إسرائيل ثم ندم وتأسف على ذلك. ويدعي الرافضة أن الله تعالى قد عين إسماعيل بن جعفر، وأبا جعفر محمد بن علي إمامين للرافضة، ثم بدا له فغيرهما.
  • يزعم اليهود أن صفة الندم لا تنفك عن الله تعالى فهو دائماً يندم على الشر، ويزعم الرافضة أن الله اشترط لنفسه البداء وأن يقدم ما يشاء ويؤخر.
  • يعتقد اليهود أن في إطلاق صفة الندم على الله تعالى مدح وتعظيم له تعالى، جاء في أسفارهم: "إن ربكم رؤوف رحيم يندم على الشر"، ويعتقد الرافضة أن في إطلاق صفة البداء على الله تعالى مدح وتعظيم وعبادة له تعالى، قالوا: ما عبد الله بشيء مثل البداء. ما عبد الله بمثل البداء.

الوجه الثالث: التشابه في المضمون: ما ينسبه اليهود من الندم والحزن والأسف إلى الله تعالى، وما ينسبه الرافضة إليه تعالى من البداء، يفضي في النهاية إلى نتيجة واحدة، وهي نسبة الجهل لله تعالى، وأن الله لا يعلم المصالح إلا بعد حدوث الحوادث، وأن الأمور المستقبلية لا تدخل تحت علم الله وقدرته، تعالى الله عن ذلك، وبهذه المقارنة يتبين لنا ما بين هاتين العقيدتين من تشابه كبير مما يؤكد أن مصدر عقيدة البداء عند الرافضة يهودي محض.

وقد قام بعض الكتاب المعاصرين بعقد مقارنة بين عقيدة البداء عند الرافضة، وبين ما جاء في أسفار اليهود من النصوص الدالة على نسبة الندم له تعالى.

ومن هؤلاء الكتاب: موسى الجار الله صاحب كتاب "الوشيعة في نقد عقائد الشيعة"، حيث قام بنقل بعض النصوص من أسفار اليهود والتي جاء فيها نسبة الندم والحزن والأسف لله تعالى، ثم قارن بينها وبين ما جاء في كتب الرافضة من روايات البداء.

وقال بعد نقل هذه النصوص: "فالبداء عقيدة يهودية أتت بها أسفار اليهود وكتب العهد العتيق من غير أن يكون فيها مجال لمجاز .. ثم أعدت عقيدة البداء عدوى الوباء من أسفار التوراة بألسنة الأئمة في قلوب الشيعة إلى كتب الشيعة، فترى فيها عقيدة البداء في أخبار مستفيضة بمبالغات مسرفة شيعية إمامية لا يأتي بمثلها إلى إمام مفوض من عند الله"([36]).

وفي الحقيقة أن موسى الجار الله يعد أول من قام بعقد هذه المقارنة، فكان له فضل السبق في استخراج الجذور الأصلية لعقيدة البداء عند الرافضة من أسفار اليهود. وقد قام الأستاذ محمد مال الله كذلك بعقد مقارنة مماثلة في كتابه "موقف الشيعة من أهل السنة" أكد من خلالها مدى التوافق بين اليهود والرافضة في هذه العقيدة.

الأدلة على تحريف اليهود لكتبهم

لقد قرر القرآن أن الله سبحانه وتعالى أعطى التوراة موسى مكتوبة في الألواح، وأن فيها موعظة لبني إسرائيل وتفصيلاً لكل شيء، ثم أمر الله نبيه موسى أن يأخذ ما فيها من الأحكام ويلتزم بها وأمره أن يلزم قومه أن يأخذوا بأحسنها: قال تعالى: {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ}.

وقد أخبر الله أيضاً في آية أخرى أن اليهود أنفسهم كتبوا التوراة ولكنهم أخفوا كثيراً منها، قال تعالى:  {قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ}.

وبعد أن وصلت التوراة إلى بني إسرائيل كما أنزلها الله على موسى بكتابة الله سبحانه وتعالى لها ثم كتابتهم أنفسهم لها، قاموا بتحريفها قصداً، ونقضوا الميثاق الذي أخذه الله عليهم بحفظها ونسوا شيئاً منها من غير قصد وهذا إهمال منهم للكتاب الذي استأمنهم الله عليه.

قال تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}.

وبهذا يتضح لنا من خلال هذه الآية أن التوراة الصحيحة التي أنزلها الله على موسى عليه السلام فقدت بسبب تحريفهم لجزء منها ونسيانهم جزء آخر، ولذا فقد طلب رب العالمين في القرآن الكريم من الذين زعموا صحة التوراة كاملة حتى عصر النبي r أن يأتوا بالتوراة كاملة.

عقيدة تحريف القرآن الكريم عند الرافضة

يعتقد الرافضة في القرآن الكريم أنه محرف ومبدل وأنه زيد فيه ونقص منه آيات كثيرة، وأن الناقص منه يعادل ضعفي القرآن الموجود الآن.

ويعتقدون أن الصحابة وعلى رأسهم الخلفاء الثلاثة أبو بكر، وعمر، وعثمان رضي الله عنهم هم الذين حرفوا القرآن وأسقطوا منه هذا الجزء الكبير.

ويرون أن الذي أسقط من القرآن يدور حول موضوعين رئيسين:

الأول: فضائل آل البيت وبالأخص علي بن أبي طالب رضي الله عنه، والنص على إمامته في القرآن .

الثاني: فضائح المهاجرين والأنصار والذين يعدهم الرافضة منافقين لم يدخلوا في الإسلام إلا للكيد له.

هذه هي عقيدة الرافضة في القرآن الكريم كما صرح بها كبار علمائهم في أشهر كتب التفسير والحديث عندهم.

لكن بعض علماء الرافضة المعاصرين ينكرون هذه العقيدة، وإنكارهم لهذه العقيدة لم يكن نابعاً عن اقتناع بفسادها ورجوع منهم إلى الحق، ليت هذا حدث، بل الذي دلت عليه فلتات ألسنتهم، وزلات أقلامهم أنهم على عقيدة سلفهم الخبيثة، لم يحيدوا عنها قيد أنملة، ولكن لما رأوا إنكار المسلمين لهذه العقيدة واستهجانها، خافوا من النتائج التي قد تلحقهم في حالة ما لو صرحوا بهذه العقيدة، فلجأوا إلى ستار النفاق والمكر والخديعة والتي يطلق عليه في قاموس الرافضة اسم "التقية".

ولما كان هؤلاء يحسنون هذه الصنعة انخدع بأقوالهم كثير من عوام الناس اليوم، بل وبعض المنتسبين إلى طلب العلم ممن لم يكن له دراية بعقيدة هذه الفرقة الضالة، وصدقوهم في كل ما يقولون مع أن هؤلاء القوم اشتهروا بالكذب.

وكان أئمة الإسلام يعلمون امتيازهم بكثرة الكذب، ولهذا رد علماء الحديث رواياتهم، مع أنهم كانوا يروون عن كل صاحب بدعة إن لم يكن داعية إلا هؤلاء لاشتهارهم بالكذب. فالعجب كل العجب كيف ينخدع بعض المسلمين اليوم بأقوال هؤلاء؟

عقيدة كبار علماء الرافضة الأقدمين في القرآن الكريم

كبار علماء الرافضة مجمعون على أن القرآن الكريم حدث فيه تحريف وتغيير وتبديل، وإليك بعض أسماء كبار علمائهم وما يثبت قولهم بتحريف القرآن بما أوردوه في كتبهم من روايات تدل على التحريف:

أولاً: سليم بن قيس الهلالي (المتوفى عام 90هـ): يروي سليم بن قيس في كتابه المعروف بـ "كتاب سليم بن قيس" عدة أخبار مفادها التحريف فيها خبر طويل يرويه بسنده إلى علي بن أبي طالب وفيه: ".. وقال عمر وأنا أسمع قد قتل يوم اليمامة رجال كانوا يقرأون قرآناً لا يقرأه غيرهم فذهب. وقد جاءت شاة إلى صحيفة وكتاب عمر يكتبون فأكلتها وذهب ما فيها.."([37]).

ثانياً: الشيخ الصفار (المتوفى 290هـ): روى أبو جعفر محمد بن الحسن الصفار في كتابه المشهور "بصائر الدرجات" عن أبي جعفر الصادق أنه قال: "ما من أحد من الناس يقول أنه جمع القرآن كله كما أنزل الله إلا كذاب وما جمعه وما حفظه كما أنزل إلى علي بن أبي طالب والأئمة من بعده"([38]).

ثالثاً: علي بن إبراهيم القمي (المتوفى 307هـ):

أما شيخ مشائخهم علي بن إبراهيم القمي فإنه يذكر في مقدمة تفسيره ما نصه: "فالقرآن الكريم منه ناسخ ومنسوخ، ومنه معطوف، ومنه حرف مكان حرف، ومنه على خلاف ما أنزل الله"([39]).

رابعاً: محمد بن يعقوب الكليني (المتوفى 328هـ):

وبعد القمي أتى تلميذه محدث الشيعة الأكبر الكليني وصنف لهم "الكافي" الذي هو عندهم بمنزلة صحيح البخاري عند أهل السنة فماذا في "الكافي"؟

يروي الكليني عن علي بن محمد عن بعض أصحابه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: "دفع إليّ أبو الحسن عليه السلام مصحفاً وقال: لا تنظر فيه ففتحته وقرأت فيه: (لم يكن الذين كفروا) فوجدت فيها اسم سبعين رجلاً من قريش، بأسمائهم وأسماء آبائهم، قال: فبعث إليّ ابعث إليّ بالمصحف"([40]).

ومن الذين أقروا كذلك بالتحريف من علمائهم العياشي  والفيض الكاشاني والمجلسي ونعمة الله الجزائري والنوري الطبرسي الذي ألف كتاب " فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب" وغيرهم كثير .

أوجه التشابه بين اليهود والرافضة في تحريفهم كتب الله تعالى

تحريف اليهود للتوراة وباقي كتبهم، وتحريف الرافضة للقرآن بينهما تشابه كبير من عدة نواحي، سواء من حيث الهدف والغاية الباعثة لكل من اليهود والرافضة لارتكاب هذه الجريمة، أو من حيث الأسلوب والطريقة التي اتبعاها في التحريف والتبديل.

أما من حيث الهدف والغاية: فتحريف اليهود لكتبهم والرافضة للقرآن الكريم إنما كان لسبب الملك والإمامة.

أما اليهود فقد وضعوا كثيراً من النصوص التي نسبوا إلى الله فيها أنه وعدهم أن يديم الملك في آل داود.

وهذا كذب وافتراء على الله تعالى، بينما نجد في بعض نصوص كتبهم القدح في داود واتهامه وأبنائه بالزنا، بل والطعن في نسبه، وهذا أيضاً كذب وافتراء من اليهود على الله وعلى نبيه داود عليه السلام.

وكلا هذين الموقفين واللذين ينسبهما اليهود إلى الله تعالى في حق داود عليه السلام مفتريان على الله تعالى وتقول على الله بما لم يقل. والدافع لليهود في ذلك هو اختلافهم في تنصيب داود ملكاً من عدمه، فكل كذب على الله بما يوافق هواه.

أما الرافضة: فقد كان تحريفهم للقرآن بسبب الإمامة، وبيان ذلك أن الإمامة أساس المذهب عندهم وأصل من أصول الدين عندهم، كما جاء في "الكافي" عن زرارة عن أبي جعفر قال: "بني الإسلام على خمسة أشياء على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية. قال زرارة: فقلت: وأي شيء من ذلك أفضل فقال الولاية"([41]). فإذا كانت منزلة الإمامة هي منزلة الصلاة والزكاة بل هي أفضل منهما فلماذا لم يرد ذكر الإمامة في القرآن مع أنه ذكر في مواضع كثيرة الصلاة والزكاة اللتان هما عند الرافضة أقل شأناً من الإمامة فكان إجابة الرافضة على هذا السؤال بالقول بتحريف القرآن، وأن الإمامة ذكرت مئات المرات في القرآن ونص الله فيها على إمامة علي بعد النبي، ولكن الصحابة أسقطوا هذه الآيات من القرآن ليتولوا السلطة بعد وفاة النبي. وبهذا يتضح أن سبب التحريف عند كل من اليهود والرافضة هو الملك والإمامة وقد قام الرافضة بتحريف القرآن الكريم بنفس دور اليهود في تحريف كتبهم.

أما من حيث الأسلوب والطريقة: فقد حكى الله تعالى أنواع التحريف والأساليب التي اتبعها اليهود في تحريف الكلام والتي من أهمها: تحريف الكلم عن مواضعه، تحريف الكلم من بعد مواضعه، لبس الحق بالباطل، لي اللسان بالكلام للتلبيس على السامع. والرافضة عندما قاموا بتحريف القرآن الكريم ووضعوا الروايات الدالة على تحريف القرآن سلكوا مسلك اليهود واتبعوا طرقهم السابقة في كل ما قاموا به من تحريف لألفاظ القرآن وتزييف معانيه.

غلو اليهود في بعض أنبيائهم وحاخاماتهم وطعنهم في البعض الآخر

من غلو اليهود في أنبيائهم غلوهم في يعقوب عليه السلام عندما زعموا أنه صارع الله وغلبه، تعالى الله عن ذلك.

جاء في سفر التكوين: "فبقي يعقوب وحده وصارعه إنسان حتى طلوع الفجر ولما رأى أنه لا يقدر عليه ضرب حق فخذه فانخلع حق فخذ يعقوب في مصارعته معه وقال: أطلقني لأنه قد طلع الفجر، فقال: لا أطلقك إن لم تباركني. فقال له: ما اسمك؟ فقال: يعقوب. فقال: لا يدعي اسمك فيما بعد يعقوب بل إسرائيل لأنك جاهدت مع الله والناس وقدرت"([42]).

وقد غالوا كذلك في دانيال حتى أنهم زعموا أن الله قد حل فيه.

جاء في كلام بختنصر الذي خاطب به شعوب الأرض: "أخيراً دخل قدامي دانيال الذي اسمه بلطشاصر كاسم إلهي والذي فيه روح الآلهة القدوسيين، فقصصت الحلم قدامه، يا بلطشاصر كبير المجوس من حيث إني أعلم أن فيك روح الآلهة القدوسيين، ولا يعسر عليك سر فأخبرني برؤى حلمي الذي رأيته وتبصيره"([43]).

أما غلو اليهود في بعض الحاخامات فقد يفوق غلوهم في بعض الأنبياء، وقد جاءت نصوص كثيرة في التلمود تبين لنا مدى غلو اليهود في بعض الحاخامات وخاصة كتبة التلمود، ومن هذه النصوص ما صرحوا به في تلمودهم من اعتبارهم كتاب التلمود الذي يمثل آراء الحاخامات أفضل من التوراة التي أنزلها الله على موسى عليه السلام.

جاء في التلمود: "اعلم أن أقوال الحاخامات أفضل من أقوال الأنبياء وزيادة على ذلك اعتبار أقوال الحاخامات مثل الشريعة لأن أقوالهم هي قول الله الحي. فإذا قال لك الحاخام؛ إن يدك اليمنى هي اليسرى وبالعكس فصدق قوله، ولا تجادله فما بالك إذا قال لك إن اليمنى هي اليمنى واليسرى هي اليسرى"([44]).

أما قدح اليهود في بعض الأنبياء والحاخامات فهو سمة بارزة من سماتهم، ومن قرأ كتبهم وجدها تعج بكثير من المطاعن على أنبياء الله، والقدح فيهم ورميهم بأبشع الجرائم مما هم منه براء. وفيما يلي نص هذه الفرية التي سيجازيهم الله عليها، كما جاءت في الإصحاح التاسع عشر من سفر التكوين: "وصعد لوط من صوغر وسكن في الجبل وابنتاه معه، لأنه خاف أن يسكن في صوغر، فسكن في المغارة هو وابنتاه، وقالت البكر للصغيرة، هلم نسقي أبانا خمراً ونضطجع معه، فنحيي من أبينا نسلاً، فسقتا أباهما خمراً في تلك الليلة ودخلت البكر واضطجعت مع أبيها، ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها، وحدث في الغد أن البكر قالت للصغيرة إني قد اضطجعت البارحة مع أبي نسقيه خمراً الليلة أيضاً فادخلي اضطجعي معه، فنحيي من أبينا نسلاً، فسقتا أباهما خمراً في تلك الليلة أيضاً وقامت الصغيرة واضطجعت معه، ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها، فحبلت ابنتا لوط من أبيهما"([45]). سبحانك هذا بهتان عظيم.

وجاء في سفر إرميا: "الأنبياء تنبئوا بالكذب، والكهنة تحكم على أيديهم"([46]).

وفي سفر إشعيا: "الكاهن والنبي ترنحا بالمسكر ابتلعتهما الخمر تاها من المسكر ضلا في الرؤيا وفي القضاء"([47]).

 

  • يعنون بفلان أبا بكر الصديق رضي الله عنه.
  • "بصائر الدرجات" (ص293).
  • المصدر السابق (ص294).
  • "بحار الأنوار" (47/137).
  • "تاريخ الطبري" (4/340).
  • "فرق الشيعة" (ص23).
  • "مقالات الإسلاميين" (ص86).
  • "البرهان في معرفة أهل الأديان" (ص50).
  • "المواعظ والاعتبار: والمعروف "بخطط المقريزي" (2/356).
  • أجناس جولد تسيهر: "العقيدة والشريعة في الإسلام" (ص192).
  • يوليوس فلهاوزن: "الخوارج والشيعة" (ص170، 171).
  • "فجر الإسلام" (ص27).
  • الإصحاح الثاني والثلاثون، فقرات (12-14).
  • الإصحاح الحادي والعشرون، فقرة (15).
  • الإصحاح الخامس عشر، فقرات (10-11).
  • الإصحاح الثاني، فقرات (13-14).
  • إبراهيم خليل أحمد: "إسرائيل والتلمود" (ص66).
  • الإصحاح الثاني فقرتا (23-24).
  • الإصحاح الثاني عشر فقرتا )12-13).
  • "الكافي" (1/146-147).
  • الخوئي: "البيان في تفسير القرآن" (ص392).
  • "تصحيح الاعتقاد" (ص50).
  • انظر عبد الله شبر: "حق اليقين في معرفة أصول الدين" (1/78)، والسيد طيب الموسوي: "حاشية تفسير القمي" (1/38).
  • تفسير العياشي (1/44).
  • "روضة الكافي" (8/103).
  • الصدوق: "كمال الدين وتمام النعمة" (ص69)، والنوبختي: "فرق الشيعة" (ص64)، ونعمة الله الجزائري: "الأنوار النعمانية" (1/359).
  • انظر: النوبختي: "فرق الشيعة" (ص64).
  • "كمال الدين وتمام النعمة" (ص69).
  • الشيخ المفيد: "تصحيح الاعتقاد بصواب الانتقاد" (ص51).
  • "الأصول من الكافي" (1/327).
  • المصدر نفسه (1/326).
  • "الغيبة" للنعماني (ص197)، و"الغيبة" للطوسي (ص263*)، و"بحار الأنوار" (52/105).
  • "الغيبة" للنعماني (ص197).
  • "الغيبة" للطوسي (ص263)، و"بحار الأنوار" (52/106).
  • "الغيبة" (ص263).
  • "الوشيعة في نقد عقائد الشيعة" (ص113-114)..
  • "كتاب سليم بن قيس" (ص122).
  • "بصائر الدرجات" (ص213).
  • (1/8).
  • "أصول الكافي" (2/631).
  • "أصول الكافي" (1/18).
  • "الإصحاح الثاني والثلاثون" فقرات (24-28).
  • "سفر دانيال: الإصحاح الرابع" فقرتا (8، 9).
  • "روهلنج: "الكنز المرصود" (ص45)، "إسرائيل والتلمود" (ص65).
  • (فقرات 30-36).
  • "الإصحاح الخامس" فقرة رقم (31).
  • "الإصحاح الثامن والعشرون" فقرة رقم (7).

  • السبت PM 03:26
    2021-07-24
  • 908
Powered by: GateGold