المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412433
يتصفح الموقع حاليا : 379

البحث

البحث

عرض المادة

تاريخ الإرهاب الصهيوني منذ عام 1945 وحتى إعلان الدولة الصهيونية

الإرهاب الصهيوني منذ عام 1945 وحتى إعلان الدولة الصهيونية: تاريخ
Zionist Terrorism from 1945 till the Declaration of the Zionist State: History
تكتسب طبيعة العلاقة بين المنظمات الإرهابية الثلاث الأساسية (الهاجاناه ـ إتسل ـ ليحي)، قبل أن يتقرر حلها ودمجها في جيش الدفاع الإسرائيلي مع قيام الدولة، أهمية خاصة. فرغم أن المنظمات الثلاث احتفظت باستقلالها التنظيمي فقد تبلور التعاون فيما بينها خلال هذه الفترة واتخذ شكلاً مؤسسياً حين وقَّع قادتها، مع نهاية الحرب العالمية وباشتراك الوكالة اليهودية، اتفاقاً ثلاثياً تضمنت بنوده:


1 ـ تدخـل منظمة الهاجاناه المعـركة العسـكرية ضـد السلطات البريطانية. وهكذا قامت حركة العصيان العبري .

2 ـ يجب على منظمتي ليحي وإتسل عدم تنفيذ خططها القتالية إلا بموافقة قيادة حركة العصيان.

3 ـ تنفذ ليحي وإتسل الخطط القتالية التي تكلفان بها من قبَل قيادة الحركة.

4 ـ يجب ألا يكون النقاش حول العمليات المقترحة شكلياً فيجتمع مندوبو المنظمات الثلاث في جلسات ثابتة أو حسب الحاجة، على أن يتم خلال هذه الجلسات مناقشة الخطط من الناحيتين السياسية والعملية.

5 ـ بعد أخذ الموافقة المبدئية على العمليات المقترحة يناقش خبراء المنظمات الثلاث تفاصيل تنفيذ هذه العمليات.

6 ـ ضرورة الحصول على موافقة قيادة حركة العصيان لتنطبق على العمليات التي يجري تنفيذها ضد الممتلكات مثل الاستيلاء على الأسلحة من أيدي البريطانيين أو الحصول على الأموال.

7 ـ الاتفاق بين المنظمات الثلاث يرتكز على "أمر افعل".

8 ـ إذا أمرت منظمة الهاجاناه في يوم من الأيام بالتخلي عن الحرب ضد البريطانيين تواصل المنظمات إتسل وليحي حربهما.

وهكذا تشكَّل ما سُمِّي "حركة العصيان العبري" وتمثلها قيادة حركة المقاومة المتحدة للإشراف على الأمور التنفيذية. وضمت هذه القيادة ممثلين عن الهاجاناه مثل إسرائيل جاليلي وموشي سنيه ومن إتسل مناحم بيجين ومن ليحي أبراهام شيترن وياليني مور. وتوضح نصوص الاتفاقية المسئولية المشتركة للمنظمات الإرهابية الصهيونية وهو الأمر الذي سعت الهاجاناه إلى التنصل منه تاريخياً.

وكانت باكورة أعمال حركة العصيان نسف محطة سكك حديد رام الله في أول نوفمبر عام 1945. إلا أن العلاقة بين المنظمات الثلاث لم تكن بسيطة بأي حال. فقد عادت العلاقة بين أطراف حركة العصيان للتوتر وبخاصة بين إتسل والهاجاناه، وعادةً ما كان الخلاف بينهما يتخذ طابع المنافسة على السيطرة على المُستوطَن الصهيوني. ولم يكن اللجوء إلى العنف بعيداً عن خلافات العصابات الصهيونية نفسها إلى الحد الذي أثار مخاوف الصهاينة من نشوب حرب أهلية بين منظمات الإرهاب. ولأكثر من مرة تبادلت إتسل والهاجاناه أعمال خطف لعناصرهما. كما كوَّنا فرقاً للاعتداء والضرب لتأديب بعضهما البعض شمل ضررها عائلات يهودية بكاملها. ووصلت موجة الاختطاف إلى ألمانيا حين تولت عناصر الهاجاناه أمر أربعة من أعضاء إتسل ولقي أحدهم مصرعه تحت التعذيب. وحتى عقب التوصل إلى اتفاق جديد بين إتسل والهاجاناه في 7 مارس 1948 تعرَّض الاتفاق وفي وقت حرج إلى اختبار صعب حين جرت معركة مسلحة بين إتسل ورجال البالماخ كادت تعرِّض وحدة جيش الدولة المنتظرة للخطر بسبب النزاع على شحنة سلاح كانت قادمة على ظهر السفينة التالينا. وكادت الاشتباكات أن تودي بحياة مناحم بيجين زعيم إتسل، كما سقط عدد من الجرحى والقتلى من الجانبين قبل احتواء الموقف. وبصفة عامة تبادل زعماء هذه المنظمات اتهامات الخيانة والتعاون مع البريطانيين واغتصاب أموال بعضهم البعض.

وعلى أية حال فإن العنف المتبادل بين المنظمات الإرهابية الصهيونية قد تجاوز مراراً حدود التراشق بالاتهامات مثل اتهام الهاجاناه لإتسل وليحي "بالفاشية اليهودية" أو إطلاق هاتين المنظمتين صفة "قتلة الأطفال" على الهاجاناه التي قامت بعملية قتلت خلالها أمًّا عربية وستة من أطفالها، أو التهديدات المتبادلة.

وإذا كان التنافس على النفوذ والسيطرة على قيادة الحركة الصهيونية فضلاً عن الاختلاف حول السياسة التي يتعين اتباعها إزاء بريطانيا قد يكونان عاملين أساسيين في تصعيد الخلافات بين منظمات الإرهاب الصهيونية، فقد كان الاتفاق على الغايات الصهيونية وتنفيذ المخطط الاستيطاني على حساب العرب هو عامل الوحدة والتعاون الحاسم فيما بينها.

وقد حرصت الكتابات التاريخية الصهيونية على تصوير الإرهاب الصهيوني في هذه المرحلة باعتبارها نضالاً يهودياً للتحرر القومي في مواجهة الاستعمار البريطاني لجأ خلاله الصهاينة إلى السلاح. وهو الأمر الذي يخالف حقيقة الحركة الصهيونية فضلاً عن مجافاته لوقائع التاريخ التي تؤكد أن العرب الفلسطينيين ظلوا دائماً هم الهدف الأول للإرهاب الصهيوني.

فقد نال الفلسطينيون والعرب الحظ الأوفر من العمليات الإرهابية الصهيونية وبخاصة خلال عامي 1947 و1948 الحاسمين، حيث كثَّف الإرهابيون الصهاينة جهودهم لاقتلاع الفلسطينيين، الأمر الذي أدَّى إلى تشريد حوالي 900 ألف فلسطيني إلى خارج أراضيهم ووطنهم. ففي هذه السنوات غلب أسلوب مهاجمة القرى والمدن العربية وارتكاب المذابح الجماعية دون تمييز بين رجل وامرأة وطفل وكهل، أو بين أولئك العُزل وبين من يحملون السلاح دفاعاً عن حقوقهم.

وإذا كانت دير ياسين أشهر المذابح التي خلَّفها تاريخ تلك المرحلة، فإن مذابح لا تقل أهمية عنها لا يمكن حصرها قد وقعت خلال العامين 1947 و1948 خاصة. وبينها على سبيل المثال مذابح قرى حساس ويازور وسعسع والدوايمة والرملة وبلدة الشيخ. وهي مذابح راح ضحيتها الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني. وتذهب بعض التقديرات إلى أن تلك المذابح قد تسببت في هجر السكان الفلسطينيين خلال حرب 1948 لحوالي 350 قرية ومدينة بشكل كلي أو جزئي من بين 450 سيطرت عليها العصابات الصهيونية. وإلى جانب الإبادة كان المقصود هو ارتكاب أبشع أنواع الفظاعات ونشر أنبائها لخلق حالة من الذعر بين المواطنين الفلسطينيين تدفعهم إلى الرحيل.

إلا أن الأمر الأكثر حاجة إلى إعادة التأكيد أن التنظيمات العسكرية الصهيونية (وضمن ذلك الهاجاناه) قد اشتركت دون استثناء في تخطيط وتدبير وتنفيذ هذه المجازر التي جرى معظمها في إطار خطط عسكرية سياسية عامة وصفتها القيادة الصهيونية، وكان أشهرها الخطة (د) التي ارتُكبت في إطارها مأساة دير ياسين.

  • الاثنين AM 10:51
    2021-05-17
  • 960
Powered by: GateGold