المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409170
يتصفح الموقع حاليا : 369

البحث

البحث

عرض المادة

تاريخ الإرهاب الصهيوني حتى اندلاع الحرب العالمية الثانية

الإرهاب الصهيوني حتى اندلاع الحرب العالمية الثانية: تاريخ
Zionist Terrorism till the Outbreak of the Second World War: History
يبدأ تاريخ الإرهاب الصهيوني مع الاستعداد للهجرة الاستيطانية، فموجات الهجرة الأولى جاءت بنموذج اليهودي الذي رفض ما يسميه الصهاينة «السلبية اليهودية الحاخامية» والذي كان يرى أن عليه أن يصوغ مستقبله بنفسه عن طريق اغتصاب أرض فلسطين وطرد أصحابها ليخلق لنفسه مجالاً حيوياً يمارس فيها سيادته القومية. وكان تنظيم "الهاشومير" من طلائع التنظيمات في هذه الفترة وهي المنظمة التي تُعَد الهاجاناه امتداداً لها. وكانت الاشتباكات آنذاك تقتصر على استخدام السكاكين والعصي.


ومع قرب انتهاء الحرب العالمية الأولى، بدأت بشائر المرحلة الثانية حيث أخذ الصهاينة يجمعون السلاح لتبدأ بعد ذلك مرحلة قتالية جديدة وطور جديد من أطوار ممارسة الإرهاب المسلح وإن لم يصل إلى حد المواجهة المباشرة بل اكتفى بأسلوب الكر والفر. وبعد الحرب العالمية الأولى، وبعد وضع فلسطين تحت حكم الانتداب البريطاني، يبدأ التاريخ الحقيقي للإرهاب الصهيوني.

فمنذ بدء الانتداب البريطاني على فلسطين أخذ البناء التنظيمي للإرهاب الصهيوني في النمو والرسوخ في فلسطين مستفيداً من دعم الاستعمار البريطاني للحركة الصهيونية وتأمينه هجرة آلاف الصهاينة من الشباب الذين سرعان ما انخرطوا في تنظيمات الإرهاب. وقد استقر البناء التنظيمي للإرهاب الصهيوني منذ مطلع عشرينيات القرن العشرين حين تأسَّست الهاجاناه ممثلة الذراع العسكري والباطش للوكالة اليهودية عام 1920، والتي نظمت داخل تنظيمها فرقاً خُصِّصت للهجمات الإرهابية ومنها كتائب بوش التي تقرَّر تشكيلها عام 1937 وكذا فرق البالماخ. وفي السنة التالية أيضاً لاندلاع الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936 انشق أنصار الصهيونية التصحيحية عن الهاجاناه وكوَّنوا تنظيماً اتخذ لنفسه مظهراً أشد تطرفاً ودموية هو عصابة الأرجون تسفاي ليومي (الإتسل). وفيما بعد انشق عن "إتسل" جماعة أبراهام شتيرن وكوَّنت عام 1940 جماعة ليحي. وتُعَد هذه المنظمات الثلاث (الهاجاناه ـ إتسل ـ ليحي) العمود الفقري للإرهاب الصهيوني حتى عام 1948، حتى أنه يندر أن نجد عملاً إرهابياً وقع في فلسطين منسوباً إلى جماعة غيرها، فضلاً عن أن بعض الحلقات الإرهابية الصهيونية كانت خاضعة لإشرافها.

وهكذا كما ترسخت بنية الإرهاب الصهيوني في العشرينيات والثلاثينيات، شهد النصف الثاني من الثلاثينيات قفزة واضحة بالنسبة لحجم النشاط الإرهابي الصهيوني في فلسطين. وهي القفزة التي تجدر مناقشتها على ضوء المد العالمي للفاشية، وتدفُّق جيل من الشباب الصهاينة الذين تمرسوا على العمل السري والإرهابي في بلدان أوربا الشرقية خاصة. وتشير مذكرة رسمية بريطانية صادرة عن وزارة الدولة للمستعمرات إلى أن الإرهابيين الصهاينة يأتون من روسيا وبولندا والبلقان ولا يعرفون التسامح ولا يعترفون بحقوق الآخرين وتقرِّر أنهم نتاج أنظمة تعليمية تغذي التعصب والشوفينية. كما ترتبط القفزة الواضحة في حجم النشاط الإرهابي الصهيوني آنذاك بتصاعُد الحركة الوطنية الفلسطينية في مواجهة المشروع الصهيوني الذي كان قد حقَّق تراكماً كافياً في أدواته وإمكاناته تؤهله للصدام مع الفلسطينيين والشروع في التحرك على عجل لتحقـيق غايته وتأسـيس الدولـة الصهيونية.

ومن بين السجل الحافل للنشاط الصهيوني في فلسطين خلال المرحلة الثانية (حتى الحرب العالمية الثانية) يمكن الإشارة لبعض العمليات المهمة من بينها قيام إرهابيي الهاجاناه بقتل مواطنين عربيين فلسطينيين بجوار مستعمرة بتاح تكفا رمياً بالرصاص حيث كان كوخهما، وذلك في 16 أبريل عام 1936. وهو نفس العام الذي أصدرت فيه الهاجاناه سبعة قرارات بإطلاق النار على العرب أينما كانوا. كما شهد عام 1937 سلسلة من عمليات إلقاء القنابل اليدوية على تجمعات المواطنين الفلسطينيين العزل في المقاهي ووسائل النقل والأسواق، وكان من أشهرها إلقاء إتسل قنبلة على سوق الخضار المجاور لبوابة نابلس في القدس فسقط عشرات من العرب بين قتيل وجريح. كما أطلق أعضاء نفس المنظمة النار على قافلة عربية فقتلوا ثلاثة ركاب بينهم امرأتان في 14 نوفمبر 1937 وهو اليوم الذي أُطلق عليه لقب «الأحد الأسود» في القدس، حين نفَّذ الإرهابيون الصهاينة أكثر من عملية في المدينة كمظهر لاستعراض القوة.

وفي 6 مارس عام 1937 لقي 18 عربياً مصرعهم وأصيب 38 آخرون من جراء إلقاء قنبلة يدوية في سوق حيفا. كما تعرض نفس السوق في شهر يوليه من العام نفسه إلى تفجير سيارة ملغومة أودت بحياة 350 عربياً فلسطينياً وجرحت 70 آخرين، بينما يفتخر المؤرخون الصهاينة بأن عدد الضحايا كان أكثر بكثير مما أعلنت عنه سلطات الانتداب. وفي اليوم التالي سقط 27 عربياً فلسطينياً وأصيب 46 آخرون بجراح من جراء قنبلة يدوية ألقتها العصابات الصهيونية على السوق المزدحم. كما تعرَّض سوق القدس في 26 أغسطس عام 1938 إلى انفجار سيارة ملغومة أسفر عن مقتل 34 عربياً وجرح 35 آخرين وفق أقل التقديرات. وفجَّرت إتسل قنبلة يدوية أمام أحد المساجد في مدينة القدس في 15 يوليـه 1938 أثنـاء خروج المصـلين فقتلت عشـرة أشخاص وأصابت ثلاثين. وعن أحداث العام نفسه يفتخر الصهاينة بهجوم الإرهابي شلومو بن يوسف واثنان من رفاقه من جماعة إتسل على سيارات عربية فلسطينية يستقلها مواطنون عُزَّل. وقد نفَّذت السلطات البريطانية حكم الإعدام في شولمو فحوَّله المستوطنون الصهاينة إلى بطل قومي مثالي ويحمل طابع بريد إسرائيلي صورته، واختارت إحدى منظمات الإرهاب الصهيوني السرية في الثمانينات اسمه لتطلقه على عملية مماثلة جرت في الضفة الغربية.

ومن بين العمليات الإرهابية الصهيونية خلال عام 1939 شهد يوم 27 فبراير وحده سقوط 27 قتيلاً عربياً وجرح 39 آخرين في حيفا إثر تفجير منظمة إتسل قنبلتين. كما سقط ثلاثة من العرب وجُرح رابع في تل أبيب. بينما قُتل ثلاثة آخرون وجُرح ستة في القدس. إلا أن من أبرز العمليات الإرهابية التي شهدها العام الهجوم الذي دبرته إتسل على سينما ركس في القدس حيث جرى تخطيط متعدد المراحل لتحقيق أكبر عدد ممكن من الخسائر البشرية بواسطة المتفجرات التي تم تسريبها إلى المبنى إضافة إلى إلقاء القنابل داخله ثم فتح نيران الرشاشات على رواد السينما الذين خرجوا في حالة من الذعر والهلع، وقد تم تنفيذ هذه العملية الإرهابية في 29 مايو 1939.

ولم تكن الهاجاناه بعيدة عن التنافس مع إتسل، فقد هاجمت عناصرها قرية بلدة الشيخ بجوار حيفا في 12 يوليه 1939 واختطفت خمسة من سكانها ثم قتلتهم. كما جرى في 29 يوليه الهجوم على ست سيارات عربية فلسطينية في تل أبيب ورحبوت وبتاح تكفا كانت حصيلتها قتل 11 عربياً. وأسفر إلقاء القنابل في مدينة يافا في 26 أغسطس عن مصرع 24 عربياً فلسطينياً وجرح 35 آخرين.

وقد وجدت المنظمات الصهيونية سنوات الحرب العالمية فرصة لتطوير نفوذها وتقوية هياكلها وتسليحها تمهيداً للانطلاق عند انتهاء الحرب. فزادت عدداً وعدة وأضفت على وجودها قدراً من الشرعية بالتعاون مع بريطانيا والحلفاء. وهكذا أعدت المنظمات نفسها للانطلاق لاحقاً نحو هدفين: الأول إجبار الفلسطينيين أصحاب البلاد الأصليين على مغادرة أراضيهم بما فيها تلك التي يشكلون فيها أغلبية ساحقة وهي الأرض التي خصهم بها مشروع التقسيم لاحقاً. والثاني الضغط على البريطانيين لإلغاء القيود المفروضة وبخاصة على الهجرة والعمل من أجل إقامة دولة صهيونية بأسرع الوسائل.

  • الاثنين AM 10:50
    2021-05-17
  • 1094
Powered by: GateGold