المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 411983
يتصفح الموقع حاليا : 288

البحث

البحث

عرض المادة

حاييــم جيتلوســكي (1865-1943)

حاييــم جيتلوســكي (1865-1943)

Hayyim Zhitlowsky
كاتب يهودي كان يكتب باليديشية والروسية، وهو من كبار مفكري ما يُسمَّي «قومية الدياسبورا». وُلد في روسيا، وتلقي تعليماً علمانياً، ثم انخرط في سن مبكرة في الحركات الاشتراكية والثورية الروسية. وقد ظل جيتلوسكي بعيداً عن أي اهتمام خاص بأوضاع الجماعات اليهودية في روسيا إلي أن تدهورت أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية بشكل حاد في الثمانينيات من القرن التاسع عشر، مع تعثُّر التحديث في روسيا وتزايد الاضطهاد الموجَّه ضدهم (وضد غيرهم من الأقليات) فيما أصبح يُعرَف باسم «المسألة اليهودية». وقد دفعه ذلك إلي البحث عن حلول لهذه المسألة وإلي إيجاد صيغة تجمع بين الاشتراكية والخصوصية القومية. وبعد أن كان جيتلوسكي يري في الاندماج حلاًّ لمشاكل يهود روسيا، أصبح رافضاً له. وقد احتك بحركة أحباء صهيون وتأثر بها، ولكنه لم يقبل الحل الصهيوني، وأصدر عام 1887 دراسة بالروسية عنوانها أفكار حول المصير التاريخي لليهودية تضمنت نقداً كاملاً للرؤية الصهيونية للتاريخ. وقد ذهب جيتلوسكي في هذه الدراسة إلي أن اليهود تحولوا، بعد سقوط الهيكل عام 70م، من أمة تناضل من أجل العدل الاجتماعي والقيم الإنسانية العليا إلي أمة من الوسطاء والطفيليين تستغل عمل الآخرين. وفي حين أن جيتلوسكي كان يري أن الاندماج حل طبيعي بالنسبة إلي يهود الغرب (غرب أوربا ووسطها)، فإنه كان يري أن الأمر مختلف بالنسبة إلي أعضاء الجماعة اليهودية في شرق أوربا (روسيا وبولندا بالأساس) فهم يشكلون قومية شرق أوربية لغتها اليديشية (قومية يديشية)، وتتحدد هويتها علي هذا الأساس الإثني المحلي الروسي، أي أنها أقلية قومية ضمن الشعوب والأقليات القومية في روسيا القيصرية. ومن هنا، كان جيتلوسكي مؤمناً بأن البعث القومي اليهودي ممكن في «الدياسبورا» أو «الشتات» داخل إطار اشتراكي.


وقد قوبلت دراسة جيتلوسكي بالهجوم الشديد من قبَل دبنوف رغم اتفاقهما في المنطلقات. كما اتهمته الصحافة، وخصوصاً المكتوبة بالعبرية، بمعاداة اليهود.

وفي عام 1888، انتقل جيتلوسكي إلي برلين ثم إلي زيوريخ وبرن حيث حصل علي درجة الدكتوراه عام 1892، وأصدر في العام نفسه كتابه من يهودي إلي اليهود يناشد فيه المفكرين والقادة اليهود أن يتحالفوا مع الجماهير ليحلوا مشاكلهم الاقتصادية علي أساس ثوري. ودعا إلي إعادة توطين اليهود في الأرض وإلي اشتغالهم بالزراعة، فهذا الإجراء "سيضع نهاية لانحطاطهم الأخلاقي الناتج عن اشتغالهم بالتجارة" علي حد قوله. كما طالب بأن يسعي أعضاء الجماعة اليهودية لا إلي تحقيق المساواة في مجال الحقوق المدنية وحسب ولكن أيضاً إلي تحقيق المساواة في مجال ما سماه "حقوقهم القومية"، أي حقوقهم كأقلية قومية.

وقد ساهم جيتلوسكي في تأسيس الحزب الاشتراكي الثوري الروسي في المنفي عام 1893، وشارك في تحرير جريدته، كما أسَّس اتحاداً يهودياً اشتراكياً يُصدر مطبوعاته باليديشية.

وكتب دراسة عام 1897 بعنوان لماذا اليديشية؟ نشرت عام 1900 أكد فيها ضرورة أن تكون اليديشية اللغة القومية لأعضاء الجماعات اليهودية. وقد أكد هذا الرأي أثناء حضوره المؤتمر الصهيوني الأول (1897). وقد رفض جيتلوسكي الصهيونية باعتبارها حركة برجوازية رجعية ذات ارتباط وثيق بالتيارات الدينية الأرثوذكسية وبأثرياء اليهود. وبعد انضمامه لحزب البوند عام 1898، كتب مقالاً في صحيفة تحت عنوان "الصهيونية أم الاشتراكية؟" أكد فيه أن الاشتراكية هي الإطار الأمثل الذي تستطيع الجماعة اليهودية من خلاله تحقيق ذاتيتها واستقلالها الثقافي والحضاري كأقلية قومية في ظل دولة متعددة القوميات. وبعد مذابح كيشينيف في روسيا (عام 1903)، نادي جيتلوسكي بضرورة وجود مركز إقليمي.

وفي زيارته الأولي للولايات المتحدة (عام 1904)، شارك في تحرير جريدة داس فولك الإقليمية. وفي سلسلة من المحاضرات، هاجم جيتلوسكي فكرة بوتقة الانصهار (أي أن ينصهر كل المهاجرين إلي الولايات المتحدة في بوتقة قومية واحدة)، ودعا إلي ضرورة أن يحتفظ المهاجرون اليهود وغيرهم من الأقليات المهاجرة إلي الولايات المتحدة بتراثهم الحضاري الخاص في إطار مجتمع متعدد القوميات. وأكد أن اللغة أساس الحياة الثقافية لأي شعب، وبالتالي فإن الحفاظ علي اللغة والثقافة اليديشية سيحمي اليهود من الاندماج، ولن يهدد تخليهم عن العقيدة الدينية بقاءهم واستمرارهم القومي.

وعاد جيتلوسكي إلي أوربا عام 1906 ورشح نفسه للانتخابات في روسيا وانتُخب بالفعل، لكن الحكومة ألغت انتخابه بسبب نشاطه الثوري. وفي عام 1908، ترأس جيتلوسكي مؤتمر تشيرنوفتس اليديشي. وفي العام نفسه، عاد مرة أخري إلي الولايات المتحدة حيث استقر بشكل دائم في نيويورك، وقام بتحرير مجلة شهرية عبَّر فيها عن آرائه. كما انضم إلي دائرة العمال بهدف نشر تعليم اللغة اليديشية بين العمال اليهود.

وفي عام 1914، ذهب إلي فلسطين، لكنه تركها بعد شهرين بعد أن وجد هناك معارضة شديدة لليديشية. غير أنه تأثر بحركة عمال صهيون وانضم إليها عام 1917، كما شارك في الحملة الرامية لإقامة الفيلق اليهودي خلال الحرب العالمية الأولي وفي تجنيد المتطوعين له. ولكنه عاد ليرفض الصهيونية تماماً في أعقاب الانتفاضة العربية عام 1929.

وبرغم انتقاده للماركسية والبلشفية، اتجه جيتلوسكي إلي التقارب مع الدولة السوفيتية في أعقاب صعود النازية في ألمانيا، ودافع عن محاكمات موسكو عام 1936.

وقد أيَّد جيتلوسكي تأسيس إقليم بيروبيجان في الاتحاد السوفيتي كتجسيد لفكرة الإقليم اليهودي الذي يتيح للجماهير اليهودية التعبير عن ثقافتهم وتقاليدهم الخاصة في إطار قومي ومحتوي اشتراكي.

  • الاثنين AM 12:49
    2021-05-10
  • 842
Powered by: GateGold