المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413656
يتصفح الموقع حاليا : 243

البحث

البحث

عرض المادة

جمع التبرعات (أو الجباية) الصهيونية

جمع التبرعات (أو الجباية) الصهيونية
Zionist Fund-Raising
«جمع التبرعات» هو الترجمة العربية الحرفية والمباشرة لعبارة «فند ريزنج fund raising» الإنجليزية. ولأن هذه العملية ليست عملية محايدة أو بسيطة وإنما تتسم بالقسر والإكراه في بعض الأحيان، وبالغش والخداع (فيما يتعلق بالأهداف) في معظم الأحيان، فإننا نجد أن لفظ «جباية» قد يكون أقرب للدقة وأكثر تفسيرية. ومن هنا، فنحن في هذه الموسوعة نستخدم الاصطلاح الأول تارة والثاني تارة أخرى حسب ما يمليه السياق.


وقد اعتمدت الحركة الصهيونية منذ نشأتها على التبرعات التي تجمعها من أعضاء الجماعات اليهودية للعالم. وترى الأدبيات الصهيونية أن عمليات الجباية تقوِّي الروابط العاطفية بين إسرائيل واليهود الأمريكيين، ومن هنا فإن شعار النداء اليهودي الموحد الأكثر شهرة (نحن واحد) يحث اليهود على تأكيد تضامنهم بواسطة العطاء. فالتبرعات لا يُنظَر لها باعتبارها مجرد إحسان بل بوصفها "نوعاً من المشاركة في دولة إسرائيل، وخصوصاً من قبَل اليهود العلمانيين والمندمجين التي تمثل حملة النداء اليهودي الصلة الوحيدة بينهم وبين روحانية إسرائيل ومركزيتها" على حد تعبير إيرفينج بيرنشتاين نائب الرئيس التنفيذي للنداء اليهودي الموحَّد.

وهذا الخطاب الصهيوني المراوغ يخبىء داخله الكثير، ولذا فلنحاول فك شفرته. إن اليهودي العلماني المندمج هو اليهودي الذي يعيش في العالم الغربي، وخصوصاً في الولايات المتحدة، وهو يعيش سعيداً في وطنه لا يود الهجرة منه. ولكنه يتمتع بدخل مرتفع، ولابد من الاستفادة من هذا الوضع. ولذا، يَطرح الصهاينة شعار "نحن واحد"، ولكنه يُطرَح بحذر شديد وبكثير من التحفظات التي تجعله شعاراً رناناً دون محتوى. فالمطلوب من عضو الشعب اليهودي الواحد أن يُبقي الصلة «الروحانية» مع إسرائيل دون الهجرة إليها. وبهذه الطريقة، يستطيع اليهودي المندمج في الغرب أن يظل في وطنه الحقيقي ويشعر بالانتماء إليه وفي الوقت نفسه يُسمِّي نفسه صهيونياً، وبهذه الطريقة يمكن جَمْع التبرعات منه.

ولكن الكثير ممن يدفعون هذه التبرعات لا يفهمون المضمون السـياسي لتبرعـاتهم وإنما يدفعـون الأموال باعتبار أنها إحسان (صدقة)، أي عمل خيري، أو مساهمة في مشروع ثقافي وليس مساهمة في عملية استيطانية إحلالية. ويلعب الخطاب الصهيوني المراوغ دوراً أساسياً فـي ذلك، فما يهم الصهاينة هو تبرعات يهود العالم لا انتماؤهم أو إدراكهم السياسي. وقد ذكر ريتشارد كروسمان (الزعيم العمالي البريطاني) أن وايزمان لم يكن لليهود المندمجين سوى الاحتقار، ولكن كان لديه اسـتعداد دائم لجَمْـع أموالهم من أجل مشـروعـه الصهيوني.

ويدفع الكثيرون التبرعات خشية التشهير بهم من قبَل الحركة الصهيونية، وبسبب الإحساس بالذنب لأنهم لا يهاجرون إلى الوطن القومي (وهؤلاء هم الذين يُطلَق عليهم اصطلاح «يهود النفقة»).

ومهما كان الأمر، فإن التبرعات أصبحت القناة الوحيدة التي يعبِّر معظم اليهود عن علاقتهم بإسرائيل من خلالها. ولذلك، اقـترح أحـدهم تسـمية صهـاينة الخـارج (التوطينيين) «متبرعو صهيون».

ومع هذا، لوحظ مؤخراً أن عمليات الجباية تواجه مشكلة نضوب المصادر المالية فعلى سبيل المثال لوحظ أن حصيلة ما جمعه الصهاينة من تبرعات في الثلاثة شهور الأولى من عام 1995 لم يزد عن 143 ألف دولار (بالقياس إلى 2.5 مليون في الفترة نفسها عام 1994 و6.5 مليون عام 1993). وقد انخفضت التبرعات في الولايات المتحدة بحوالي 40%.

 ولا يختلف الموقف كثيراً في بريطانيا وفرنسا وأمريكا اللاتينية للأسباب التالية:

1 ـ لعـل من أهـم الأسـباب ما يُسـمَّى «ظاهرة موت الشعب اليهودي»، أي تناقص أعداد أعضاء الجماعات اليهودية نتيجة انخفاض التكاثر الطبيعي بينهم وتَزايُد معدلات الاندماج، وهو ما يعني تناقص عدد المتبرعين.

2 ـ يساهم تزايُد الاندماج في انصراف أعضاء الجماعات اليهودية عن دفع التبرعات أو دفعها لمنظمات غير يهودية لأن المشروع الصهيوني يصبح شأناً لا علاقة له بهم.

3 ـ تركت مشاكل التضخم والكساد الاقتصادي أثراً سلبياً في المتبرعين اليهود.

4 ـ أدَّى التضخم إلى تزايد الاحتياجات الداخلية للجماعة اليهودية وخصوصاً في مجال الرعاية الصحية والتعليم وبيوت العجزة.

5 ـ مما زاد الوضع تفاقماً، سياسات حكومة ريجان التي قطعت العون عن البرامج الصحية والتعليمية للفقراء والأقليات. وقد ترك هذا أثراً سلبياً جداً في عمليات تمويل برامج الرفاه اليهودية في الولايات المتحدة إذ أصبحت في حاجة إلى اعتمادات أكبر تحتَّم استقطاعها من التبرعات التي تُجمَع (وتبلغ نسبة ما تنفقه الجماعات اليهودية على نفسها في الوقت الحاضر ثُلثي التبرعات التي تقوم بجَمْعها)

6 ـ لوحظ أن 1% من كبارالمتبرعين يدفعون 25% من كل التبرعات. وأن 10% من كبار المتبرعين يدفعون 80% منها، أي أن صغار المساهمين من الجماهير اليهودية لم يعودوا يتبرعون للدولة الصهيونية تقريباً. وقد لوحظ أن كبار المتبرعين هم عدة أفراد تم استئناسهم واستيعابهم، ولكن هذا يعني أيضاً أن المنظمات الصهيونية واليهودية أصبحت معتمدة عليهم تماماً لاستمرار بقائها، ومن ثم فإنها تواجه أزمات مالية حادة حينما يمتنعون لسبب أو آخر عن دَفْع تبرعاتهم. ومن الملاحَظ أن هـؤلاء المتبرعين من كبار السـن ومن الأجــيال القديمة، أي أنهم في الغالب ذوو خلفية أوربية، أو من أبناء المهاجرين، الأمر الذي يعني وجود رابطة عاطفية «بالوطن القديم» وبالهوية القديمة. ويترجم هذا نفسه إلى ارتباط بالمنظمات اليهودية والصهيونية باعتبارها منظمات تعبِّر عن هذه الهوية، وإلى تبرعات لها. هذا على عكس أبنائهم المتأمركين المندمجين الذين لا تربطهم رابطة قوية بالمؤسسات اليهودية، ومن ثم فإنهم لن يستمروا في التبرع للمنظمات اليهودية والصهيونية. وحيث إن كبار المتبرعين مسنون، فإن رحيلهم سيؤدي إلى تسارع نضوب المصادر المالية الحالية. ويُلاحَظ أن من أهم مصادر التمويل، في الوقت الحالي، التركات التي يوصي بها كبار المتبرعين للمنظمة الصهيونية. ومع أن مثل هذه التركات تحل كثيراً من المشكلات، إلا أنها في نهاية الأمر «تبرُّع أخير» لن تليه تبرعات أخرى.

7 ـ يُلاحَظ عدم ظهور متبرعين شباب إما لتباعدهم عن حياة الجماعة ومؤسساتها أو نتيجة تحوُّل نسبة متزايدة من الشباب اليهودي من الأعمال التجارية المربحة إلى المهن ذات الدخل المحدود.

8 ـ تواجه صناديق الجباية الآن صعوبات في تجنيد متطوعين للقيام بحملات التبرعات .

9 ـ أدَّت السياسات الإسرائيلية (وخصوصاً في عهد الليكود) إلى نفور كثير من المتبرعين: فهناك حرب لبنان وتورُّط إسرائيل في فضيحة إيران ـ كونترا وفضيحة بولارد، وأسلوب إسرائيل في معالجة الانتفاضة، وقد أدَّى كل هذا إلى إحراج أعضاء الجماعات اليهودية في الولايات المتحدة، ومن ثَمَّ إحجامهم عن التبرع.

وقد خلق ذلك مأزقاً حاداً حول كيفية تقسيم الموارد المتوافرة بين احتياجات الجماعة اليهودية في الولايات المتحدة التي تشهد تزايداً مطرداً وبين احتياجات إسرائيل. والآن، تتجه النية إلى تقليص المبالغ المخصصة لإسرائيل وخصوصاً أن هناك شعوراً متزايداً بأن أمن إسرائيل أصبح مضموناً بعد معاهدة السلام مع مصر، كما أن هناك تزايداً في الخلافات حول السياسات الإسرائيلية، وخصوصاً خلال حكم الليكود، وقد ظلت الجماعة تحرص على التبرع بسخاء في فترات الأزمات.

ومما يجدر ذكره أن تبرعات يهود العالم في الماضي كانت تغطي نسبة مئوية لا بأس بها من نفقات الدولة الصهيونية، ولكن هذه التبرعات لا تزيد في الوقت الحالي عن 1.5% من ناتج إسرائيل القـومي، كما لا يتـجاوز العـائد من بيع سندات إسرائيل النسبة نفسها، وهو ما يعني تزايد اعتماد المستوطن الصهيوني على الولايات المتحدة.

ومن التطورات الجديدة في عالم التبرعات الصهيونية ظهور صناديق لجمع التبرعات لصالح الحركات الإسرائيلية التي ترفض سياسة الضم والتوسع والقمع (الصهيونية) بدرجات متفاوتة، ومن أهم هذه الصناديق الصندوق الإسرائيلي الجديد.

  • الاثنين AM 12:18
    2021-05-10
  • 899
Powered by: GateGold