المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412608
يتصفح الموقع حاليا : 285

البحث

البحث

عرض المادة

مشـروع الخليـج العـربي (البحـرين والأحسـاء)

مشـروع الخليـج العـربي (البحـرين والأحسـاء)
Arab Gulf Project (Al-Bahrain and Al-Ahsaa)
طُرح هذا المشروع عام 1917 في سياق رسالة وجهها إلى الحكومة البريطانية طبيب يهودي روسي مقيم في باريس، ويُدعَى م. ل. روثشتاين، حيث اقترح إقامة دولة يهودية في الجزء الشمالي من منطقة الخليج العربي تشمل البحرين والأحساء، وذلك عن طريق تشكيل جيش يهودي قوامه 30 ألف مقاتل يتم اختيارهم من شباب اليهود في شرق أوربا، ويتخذ من البحرين قاعدة له، وتتولَّى بريطانيا بالتعاون مع حليفتيها فرنسا وروسيا تدريب الجيش وإمداده بالعتاد والأموال والمستشارين العسكريين الأكفاء، بالقدر الذي يؤهله للانقضاض على منطقة الإحساء وفرض السيطرة عليها وإقامة نواة الدولة اليهودية فيها. وشدد روثشتاين على ضرورة إعداد الجيش في سرية تامة دون أن يعلم أحد حتى أفراده بحقيقة المهام المنوطة به، وأن ينهض بتسيير أمور الدولة المقترحة مَجْمَع من الحاخامات.


ولم يدخر روثشتاين وسعاً في إبداء فروض الطاعة والولاء لبريطانيا، فأشار إلى أن الجيش اليهودي المقترح سيتولى حماية منطقة الخليج من أي خطر يتهددها، سواءٌ تمثَّل ذلك في شكل هجمات عسكرية تشنها الدولة العثمانية أو ألمانيا أو تمثَّل في شكل ثورات يقوم بها سكان المنطقة العرب، وعرض روثشتاين استعداد الجيش للمشاركة في القتال خلال الحرب العالمية الأولى إلى جانب بريطانيا وحلفائها والنهوض بأية مهمة توكل إليه. كما أكد أن قيام هذه الدولة يضمن لبريطانيا ولاء يهود العالم أجمع ويهود الدولة العثمانية وألمانيا على وجه الخصوص بحيث يكون هؤلاء عملاء مخلصين يسعون إلى تفتيت جبهة الأعداء من الداخل. وأوضح روثشتاين في الختام أن نفقات إعداد الجيش اليهودي تُعتبَر ديناً تلتزم الدولة اليهودية بسداده فور قيامها وأنه يتعهد شخصياً بذلك.

ورغم هذه الإغراءات المثيرة، قوبل المشروع بالرفض التام من جانب بريطانيا، حيث ساق إدوين مونتاجو، وزير شئون المستعمرات في الحكومة البريطانية الذي كُلِّف بدراسة الموضوع، عدداً من الاعتبارات التي تدفع بريطانيا إلى عدم تحبيذ الفكرة، من بينها أن توطين اليهود في منطقة الجزيرة العربية لن يكون موضع ترحيب من جانب السكان العرب، وهو ما قد يؤدي إلى إثارة مشاكل معقدة لبريطانيا، فضلاً عن عدم ملاءمة الأماكن المقترحة لإقامة الدولة، حيث كانت البحرين خاضعة للنفوذ البريطاني ومرتبطة بمعاهدة معها منذ عام 1820. كما كانت الأحساء منذ عام 1913 تحت سيطرة عبد العزيز بن سعود أمير نجد الذي بادر عام 1915 بعقد معاهدة تَحالُف مع بريطانيا تعهدت بمقتضاها بحماية بلاده في حالة تعرضها لأي هجوم خارجي.

إلا أن هذه الاعتبارات التي أفصحت عنها بريطانيا كانت تخفي أسباباً أعمق للرفض. فقد أدَّت تطورات الحرب العالمية الأولى آنذاك إلى تفتيت الدولة العثمانية وإبعاد خطر الغزو الألماني عن المنطقة، ومن ثم فَقَد مشروع الاستيطان اليهودي أحد مبرراته الأساسية، حيث لم تَعُد بريطانيا في حاجة إلى حارس لمصالحها في المنطقة بعد أن أحكمت هي سيطرتها عليها. كما أن بريطانيا كانت تتوجس خيفة من مغبة الاستعانة بفرنسا وروسيا في تدريب الجيش اليهودي المقترح، وهو ما قد يؤدي إلى فتح أبواب المنطقة للمنافسة الاستعمارية من جديد. وفضلاً عن هذا وذاك، فقد كان اهتمام بريطانيا آنذاك منصباً على فلسطين بوصفها مكاناً مقترحاً لإقامة "وطن قومي" لليهود يكون قاعدة استعمارية في تلك المنطقة الحيوية، وهو ما تمثَّل في صدور وعد بلفور في نوفمبر 1917، والذي كان إعلاناً حاسماً صَرَف النظر نهائياً عن مشروع روثشتاين.

  • الاحد PM 10:07
    2021-05-09
  • 788
Powered by: GateGold