المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413786
يتصفح الموقع حاليا : 248

البحث

البحث

عرض المادة

توقيف العمل بأحكام الشريعة في المغرب

الحفاظ على الأحكام الشرعية أهم واجب على السلطان عند علماء وسلاطين المغرب:إن سيرة الملوك عبر التاريخ المغربي منذ الفتح الإسلامي كانت قائمة على تعظيم شعائر الدين ورعاية حرماته والحفاظ على الشريعة كما أكد على ذلك مؤرخ الدولة العلوية عبد الرحمن بن زيدان (1).وقال: وإن أعظم واجب على السلطان القيام بحفظ الدين ووظائفه الشرعية حتى لا تزول عن أوضاعها. وأن وظيفة الملك قد علم بالضرورة أنها هي حراسة الدين لحماية الناموس. والأوائل لا يسمون بالملك إلا من حرس الدين وقام بحفظ مراتبه وأوامره وزواجره، وأما من أعرض عن ذلك فيسمونه متغلبا ولا يؤهلونه لاسم الملك ... إلى آخره (2).وقال عن إقامة الدين على الحكام: من أخص واجباتهم وأول فروضهم المحتم عليهم قبل غيرهم إنجازها وأداؤها (3).ولا زال هذا ديدن حكام المغرب منذ أقدم العصور، كما أكد محمد المكي الناصري وزاد: إن جميع الحكومات التي توالت على المغرب الأقصى منذ عرف الإسلام، إنما كانت حكومات إسلامية عريقة في التدين حريصة على تطبيق الشريعة ويثبتون فوق أن القوانين الإسلامية والثقافة الإسلامية هي التي سيطرت على المغرب الأقصى وكيفت تقاليده ومجتمعه، وهيمنت على جميع الروابط والعلاقات بين سكانه المسلمين حتى انمحى من الغرب الإسلامي كل شيء يخالف الإسلام، عقيدة وشريعة (1).وهذا السلطان محمد بن عبد الله يقول: ومن خالف الشرع أو حكم بغير ما أنزل الله أو رضي بذلك فحسابه على الله. قال الله سبحانه {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}. وقال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}. وقال تعالى: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} {فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} {فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (2).ولما قدَّم المقيم العام غابريال بيو في 24/ 07/1945 ظهيرا لمحمد الخامس في شأن مصادرة الأرباح غير القانونية، رفضه السلطان معللا الرفض بكونه ماسا بالشريعة الإسلامية (3).وكتب السلطان محمد بن عبد الرحمن العلوي بتاريخ 10 صفر عام 1289 لمحمد بركاش: فلا يخفى أن هذه الدعاوى من قبيل دعاوى المعاملات،وهي شرعية الحكم فيها إنما هو بالشريعة المحمدية كما هو مصرح به في الشروط (1).وكتب السلطان المولى إسماعيل العلوي (ت 1139) لملك إسبانيا دون كراوس: لا نقدر نخالف شريعتنا التي هي أساس ديننا (2).وكان هذا السلطان يعاقب كل من ظهرت منه مخالفة الشعائر الإسلامية أو مروق من الدين (3).وكان يخطب الجمعة في المساجد (4)، وكان يكتب لملوك فرنسا وانجلترا وغيرهم يدعوهم للإسلام (5).فالسلطان في المغرب باعتباره أميرا للمؤمنين أهم وظيفة من وظائفه هي إقرار الشريعة الإسلامية وحماية العقيدة.ولهذا فهو الذي يعين القضاة الذين يحكمون بالمذهب المالكي، ويعين المحتسبين الذين يراقبون الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية ويحرصون على سيرها وفق أصول المذهب وفروعه. ويعين المفتين وهكذا.كما يتجلى دور السلطان هذا في سهره على توسيع دائرة الشرع وتقليص رقعة العرف المنافي لأحكام الدين. ومن هذا المنظور يمكن أن نعتبر الحركات المخزنية الهادفة إلى إخضاع القبائل الجبلية المتمردة كمحاولة مستمرة لفرض الشريعة على حساب عرف الجاهلية. ولذلك اعتبر المولى سليمان إخضاع القبائل الجبلية العامية واجبا دينيا في المقام الأول، بل إنه اعتبر ذلك جهادا وواجبا لا يختلف عن الجهاد ضد الكفار (1).وذكر من صور ذلك الإبقاء على فريضة الجهاد ضد المحتلين وافتداء الأسرى المسلمين.ومن واجبهم كذلك «إصرارهم على أن لا تتعارض الاتفاقيات التي يعقدونها مع القوى المسيحية مع مبادئ الشريعة، ويتجلى هذا مثلا في إلحاحهم على أن تعرض الخلافات التي تنشأ بين المسلمين والمسيحيين على أنظار القضاة ليتم الفصل فيها حسب مقتضيات الشرع» (2).وبالجملة يتجلى واضحا لكل متتبع لتاريخ المغرب وتاريخ سلاطينه أنه لا سلطة فوق الشريعة الإسلامية مطلقا، والسلطان هو القاضي الأعلى لا يفصل في أمر دون أن يكون له سند من الشريعة، التي كان لها القول الفصل في كل الأمور، حتى علاقة السلطان الشخصية مع غيره في المعاملات إن حصل فيها إشكال كانت ترجع إلى القضاء الشرعي من صور ذلك في تاريخنا: رد القاضي محمد بن بشير شهادة أمير في قضية عرضت عليه (1). وفي تاريخ الدولة العلوية أن المولى عبد الرحمن بن هشام تقاضى مع ورثة من الصويرة عند القاضي مولاي عبد الهادي الشريف العلوي أي من نفس أسرة السلطان، وكان السلطان أقرضهم مالا لما كان خليفة بالمدينة، فحكم عليه القاضي بأداء اليمين وعلى الورثة بدفع المال (2).ولم يعرف قضاة المغرب طوال القرون السالفة إلا المذهب المالكي مرجعا وحيدا للأحكام حتى جاء الاستعمار وفعل ما فعل، مما يزال مستمرا حتى الآن.وكان السلطان محمد بن عبد الله يأمر بالعمل في مسائل المعاملات وغيرها بمشهور مذهب مالك (3).وقد اشتد إنكاره على القضاة الذين يستندون إلى فتاوى متأخري المالكية وكتبهم دون كتب المتقدمين. وأنه يجب عزل من يعلم منه ذلك (4).فما بالك إذا صار القضاة يحكمون بقوانين وضعية مخالفة للمذهب المالكي، بل للمذاهب الفقهية الإسلامية قاطبة؟وهذا السلطان العلوي المولى الحسن الأول، في ظهير له بتاريخ 2 ربيع الثاني 1292 بتعيين أحمد بنسودة المري قاضيا، جاء فيه: وأسندنا له النظر في فصل الخصوم وتصفح الرسوم والحكم بمشهور مذهب الإمام مالك - رضي الله عنه - أو ما به العمل (1).وكرر نفس الشيء في تولية قضاة طنجة ومكناس (2).فالحفاظ على الشريعة وأحكامها المختلفة من عقيدة وعبادة وشريعة والذب عنها أهم واجب على الحاكم، ولهذا السبب يلقب بأمير المؤمنين، وقد كتب السلطان العلوي المولى سليمان يقول: الحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، أما بعد، فإن الإمام الذي يصلح أن يكون مالكا لأمور المسلمين وخليفة عن رب العالمين من شروطه: المحافظة على الصلوات في أوقاتها في الجماعة، ومن شروطه أن يجتنب المحرمات الموبقات من سفك الدماء وشرب الخمور وفعل الزنا، ومن شروطه أن يحمي حرمات الله وحرمات المسلمين ويعظم ما عظم الله، ويرحم الضعفاء ويصل ما أمر الله بوصله، ويقطع ما أمر الله بقطعه، ومن شروطه ألا يتعامى عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باليد إن قدر عليه، ثم باللسان ثم بالقلب، وذلك أضعف الإيمان (1).فهذا نص واضح من سلطان علوي كبير في شروط الإمام والحاكم الذي يحكم المسلمين والخصال التي يجب أن يتحلى بها. فاشترط له المحافظة على الصلوات في أوقاتها في الجماعة، واجتناب المحرمات كسفك الدماء وشرب الخمور وفعل الزنا، وحماية حرمات الله وحرمات المسلمين وتعظيم ما عظم الله، وغير ذلك.وقال السلطان محمد بن عبد الله: فيجب على من ولاه الله أمرا أن ينصح لنفسه ولرعيته جهد الاستطاعة ويحملها على اتباع السنة والجماعة، ويزجر من قصر في دين الله وخالف أمره وارتكب ما نهى عنه بقدر معصيته ويقوم بأمر الله فيهم وطاعته، ويبرأ بنفسه فيحملها على منهاج الحق والشريعة (2).فالمحافظة على الشريعة هي لب الإمامة في المغرب وأهم أركانها وأمتن دعائمها، لا كما يتشدق العلمانيون: أن لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين، ولهذا عرف ابن زيدان الإمامة بقوله: خلافة الرسول في إقامة الدين وحفظ حوز الملة (3).وذكر أن المطلوب بالإمامة: حفظ المصالح الدينية والدنيوية فإن أخل الحاكم بذلك فلا تجوز طاعته. قال: ما لم يُفْضِ تهوره إلى ترك إقامة الصلاة وتغيير الشرع والارتداد عن الملة، وإلا فالإجماع كما في الإكمال لعياض (4) على قتاله ومحله إذا تخيلت الأمة النصرة عليه، فإن تحققت عدمها سقط عنها وجوب قتاله ووجب عليها الهجرة من بلاده. وأما إن كان اختلاله راجعا إلى اختلال أحوال المسلمين وانتكاس أمور الدين، فإن ذلك يسوغ للأمة خلعه (1).وأنكر العلامة محمد بن جعفر الكتاني على المسلمين عامة والمغاربة خاصة الأخذ بالقوانين الوضعية، وقال في رسالته نصيحة أهل الإسلام (2): وبالجملة فمعظم المقصود من نصب الأئمة إقامة الدين وجهاد أعداء الله وتنفيذ أحكامه وكف أيدي المعتدين والظالمين، وتأمين السبل والبلاد والقيام بسنن خير العباد. فمن كان منهم ناهضا بهذه الأمور ونحوها حصل به مقصود الإمامة، وانتفع الناس بولايته غاية النفع دينا ودنيا، وحصل له على ذلك الأجر التام والرضى الكبير من الله تعالى ومن رسوله - صلى الله عليه وسلم - (3).وكتب السلطان المولى عبد الرحمن بن هشام العلوي لعماله ظهيرا فيه: ولو استقام العمال لاستقامت الرعية لأن القوم على دين رئيسهم، فهم أولى الناس بالتفقه في الدين لتكون سيرتهم في الرعية على منهاج الشريعة فإنه لا يحل لامرئ مسلم أن يقدم على أمر حتى يعلم حكم الله فيه كما في الحديث. والعامل إن كانت بطانته صالحة كانت أعماله جارية على الصلاح والسداد، وإن كانت بطانته على غير هداية كانت أحكامه مخالفة للشرع فضلّ وأضلّ وفي ظهير آخر للقائد محمد بن عبد الصادق: ولو أن العمال اعتنوا بأمور الدين لأعانهم الله على صلاح دنياهم ... إلخ (2).وقال: فعليكم أيها المسلمون بالتمسك بالكتاب والسنة وما أجمع عليه سلف صالح هذه الأمة (3).ومن أسباب خلع السلطان المولى سليمان من قبل مجموعة من علماء فاس منهم محمد بن إبراهيم الدكالي وأبو بكر المنجرة وغيرهم: عجز السلطان عن تنفيذ الأحكام (4).وفي نص بيعة علماء مراكش وأعيانها السلطان عبد الحفيظ اشتراط إقامة الشعائر الإسلامية (5).وفيها أن من شروط صحة الإمامة: إقامة الدين (6).وفيها أن من أسباب خلع عبد العزيز هدم أركان الشريعة واستحسان إبدالها بأضدادها من قوانين الكفرة (7).فتبديل الشريعة بالقوانين الوضعية من أسباب عزل السلطان عبد العزيز.وفي وثيقة بيعة الزاوية الناصرية بتمكروت له: بايعناك على إقامة أمر الله المطلوب: أن تسير به فينا من واضح كتاب الله، ومستند رسول الله عليه وآله أزكى (1) صلوات، كما سار به في الأمة الخلفاء الراشدون بعد نبينا، ومن قفاهم إلى يومنا (2).وفي بيعة عبد الله بن إسماعيل المؤرخة في الاثنين 7 صفر عام 1141: نبايعوه أعزه الله على كتاب الله وسنة الرسول وإقامة العدل الذي هو غاية المأمول (3).وفي العريضة التي وقعها (120) من علماء وأعيان وشرفاء وتجار فاس لإسقاط بيعة المولى عبد العزيز، وأيدها علماء فاس في فتوى لهم بذلك. وفي صك الاتهام ما يلي: إن الأمير عبد العزيز صدرت منه أمور منكرة شرعا وطبعا، منها موالاته وميله لبعض أجناس الأجانب أثناء الليل وأطراف النهار، وتبذير بيت مال المسلمين فيما لا يرضي رب العالمين، وتبديل الزكوات والأعشار بإحداث الترتيب والبنك الموجب للربا، الذي هو أعظم الذنوب والاشتغال بما لا يرضي حتى انحلت بسبب ذلك عرى الدين وتفرقت جموع المسلمين، وأدى الحال إلى تمكين بعض الأجانب من بلادهم ... إلى آخره وهذا نص بيعة علماء مراكش وأعيانها للسلطان عبد الحفيظ، وفيها تقرير وجوب تحكيم الشريعة والذب عنها ورد التحاكم إلى غيرها، وفيها بيان واضح على الدور الجليل الذي لعبه العلماء في تقويم الحياة السياسية، أو لنقل بعبارة هذا العصر: رفض العلمنة والتحاكم للقوانين الوضعية:بعد التقديم: أما بعد: فقد جاء القرآن العظيم - المنزل على نبينا الكريم - بوجوب رعي المصالح ودفع المضار، ودفع المضار مقدم على جلب المسار، باتفاق العلماء أئمة الدين ذوي الأنظار، وهو {لَا يَاتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيد} [فصلت42]، وجميع ما جاء به القرآن وجل ما خلق الله لمصالح العباد، بشهادة {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً} [البقرة29] أي: انتفاعا واعتبارا، ولذا أوجب علينا في الأمور العامة والخاصة رعى المصالح ودفع المفاسد.ولذلك وجب على المسلمين نصب الإمام وهي الإمامة الكبرى، التي هي رئاسة في الدين والدنيا عامة لشخص واحد، وقال الآمدي: الحق أنها خلافة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إقامة الشرع وحفظ الملة، توجب اتباعه على كافة المسلمين ما وافق الحق، فمن أطاعه قد أطاع الله، ومن عصاه فقد عصى الله، بنص القرآن والحديث.والنجدة المؤديان إلى حماية بيضة الإسلام وجهاد العدو، وأن يكون قرشيا، إذ الخلافة فيهم ما أقاموا شعائر الإسلام، ومن اختلت فيه الشروط فلا تنعقد له الولاية، وإن دخلها وجب عزله، ونصوص هذا من مفاد الكتاب وحديث رسول الله، معلومة عند الكل، لا يدخلها خلاف ولا ارتياب.وحيث شرط سيد الوجود - الذي نزل عليه الكتاب- في صحتها إقامة الدين، ورعي مصالح المسلمين، وذلك كله تخلف حتى أفضى الأمر إلى موالاة أعداء الله ورسوله الكافرين، والله يقول في محكم كتابه: {لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة22]، ويقول: {لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ} [الممتحنة1]، إلى غير ذلك من صريح الذكر الحكيم، وهذا منه قليل من كثير، ونقطة من غدير.ونبذت شروط الكتاب والسنة وضاعت، وفسدت مصالح الدين وعموم مصالح الأمة من عدم معرفة متولي الإمامة، وإسناده أمور الإسلام وأمور الدين إلى جمع جهلة، حتى بلغ سيل العرم الزُّبى، وحزام الهم (1) الطُبى (2). ولا يد للمدافعة تمتد، ولا نهضة للممانعة تشتد.ومن أجال في الواقع في أركان الشريعة من الانهدام، وغاية اختلال النظام، والمواظبة على هدم أركان الشريعة، واستحسان إبدالها بأضدادها من قوانين الكفرة القبيحة الشنيعة.كيف ومن ذلك ما علم بالضرورة أن الصلاة والزكاة شقيقتان قرينتان، وهما للدين بمنزلة الرأس من الجسد، وهما قواعد الدين وأساسه المعتمد، ومن فرق بينهما كفر بالكتاب والسنة وخرق الإجماع، بدون خلاف ولا نزاع، وحيث توافق المتولون على نبذ الزكاة لفظا ومعنى وحكما، وبدلوا ذلك بقانون الكفرة من ضوابطهم وتسميتهم المشتهرة، أليس هذا من سلوكهم الكفر الصراح؟، الذي السكوت عنه لا يحل ولا يباح.وقد أفضى السكوت عنه وعن اختلال نظام الشريعة كلها، وعن محبة موالاة أهل الكفر، وإعطائهم أزِمَّة الإسلام يلعبون بها كيف شاؤوا، حتى اتسع هذا الخرق الواقع، الذي ليس لخرقه من راقع، وطال انتظار الفرج، ولم يزدد الأمر إلا شدة الضيق والحرج.بل أفضى إلى متسع من التثابر على نهب أموال الناس، وسفك دمائهم ليلا ونهارا، وقطع سبلهم، وحصل من علاج ذلك الإياس، والأمر أشد من ذلك كما اشتهر في كل الآفاق عند جميع الناس، وذلك كله كالشمس شهرة عند من أسند إليهم التدبير، وأيقنوا بإفضائه في نهج الشرع إلى التدمير، فلا يمكن أحدا منهم إنكاره، لأن إنكار المشاهد مكابرة، والمثابرة على الباطل مدابرة، وهل تخفى السماء على بصير، وهل بالشمس طالعة خفاء.فعند ذلك انتبه هؤلاء المسلمون من الغفلة، وفتحوا عين الانتباه واليقظة، سيما حيث بدأ انتثار سلك عقدهم من الوسط وصار السكوت عنه من أقبح وجوه الغلط، فيا للمسلمين من تسليم مدينة وجدة للكفار بلا صلح ولا عنوة، بل مجانا، ويا للمسلمين من أقبح وجوه الاستيلاء على ثغر الدار البيضاء، واستيصال من عمرها من مسلم رجالا ونساء (1).ولما اشتد تحسر المسلمين على جميع ما ذكر، ومشاهدة زيادة ما اشتهر: ماج بعضهم في بعض حيث صارت قلوب الناس من ذلك في اضطراب وارتجاج، لكون الواقع ربما عميت على المجتهد فيه الأدلة التي يحصل بها على المذهب الاحتجاج.ثم ذكروا مبايعتهم للسلطان عبد الحفيظ

  • الاحد PM 04:49
    2016-11-13
  • 3442
Powered by: GateGold