المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413715
يتصفح الموقع حاليا : 273

البحث

البحث

عرض المادة

عائشة وسورة التحريم

والنصوص التي اعتمد عليها هنا إما مكذوبة عليها أوهي في حقيقتها من فضائل عائشة كما سنفصله، أوهي من نوع ما أخطأت فيه عائشة رضي الله كغيرها سواء، بل لغيرها من الأخطاء أكثر منها وأفحش. وقد قدمنا في صفحة (158 - 159) مذهب أهل السنة القائمون بالقسط والعدل البعيدون عن عنهما الغلووالجفاء بأن أصحاب الجنة ليس من شرطهم سلامتهم من الخطأ والذنوب - كما زعمته الرافضة لقلّة عقولهم في أئمتهم - فما يذكر عن عائشة أوغيرها من الأخطاء، فكثير منه كانوا مجتهدين فيه ولكن لم يعرف وجه اجتهادهم إلا القليل أوهوذنب لهم لكنه مغفور لهم لتقدم سابقتهم وفضلهم بما لا يقدح فيه مثل هذه الذنوب المقدرة، وسيتبين ذلك واضحا بإذن الله خلال استعراضنا لما سطره عبد الحسين في هذه المراجعة، وأول ذلك قوله: إن السيدة أم سلمة لم يصغ قلبها بنص الفرقان العظيم، ولم تؤمر بالتوبة في محكم الذكر الحكيم، ولا نزل القرآن بتظاهرها على النبي، ولا تظاهرت من بعده على الوصي، ولا تأهب الله لنصرة نبيه عليها وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير، ولا توعدها الله بالطلاق، ولا هددها بأن يبدله خيرا منها، ولا ضرب امرأة نوح وامرأة لوط لها مثلا، ولا حاولت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحرم على نفسه ما أحل الله له).
قلت: هذا كله إشارة إلى حادثة سبب نزول سورة التحريم وهي ما تقدم في صفحة (158) مما أخرجه البخاري (6/ 194) عن عائشة رضي الله عنهما قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب عسلا عند زينب بنت جحش ويمكث عندها، فواطيت أنا وحفصة على أيتنا دخل عليها فلتقل له: أكلت مغافير إني أجد منك ريح المغافير، قال: لا ولكني كنت أشرب عسلا عند زينب بنت جحش، فلن أعود له، وقد حلفت، لا تخبري بذلك أحدا) هذا سبب النزول الصحيح لهذه الآيات، وقد خلط هذا الموسوي خلطا عجيبا وسنفصله إن شاء الله، فإنه في مدحه لأم سلمة رضي الله عنهما أشار إلى أن عائشة قد صغا قلبها وأُمِرَت بالتوبة، وهذا مما لا يفهم من كلام هذا الجاهل فإن معنى كونها قد صغا قلبها أي مال قلبها إلى التوبة فهومدح لها، والأمر ليس كذلك فإن الله تعالى قال: (إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما) والخطاب لعائشة وحفصة، والمعنى أن قلوبكما لم تصغ بعد، ولكن إن تابتا فقد صغت أي مالت إلى التوبة - انظر (تفسير ابن كثير)، و(فتح القدير) وغيرهما - فقول هذا الجاهل (إن السيدة أم سلمة لم يصغ قلبها) فعائشة كذلك إن قصد بقوله (صغا قلبها) ذما، وإن قصد مدحا فهوخلاف واقع الحال ثم هولا يستقيم له في انتقاص عائشة رضي الله عنهما، فما هذا الجهل المركب يا رافضة، والأفحش من ذلك الإدعاء بموافقة شيخ الأزهر على مثل هذه الترهات!!
أما إن كان الكلام على دعوتها - مع حفصة - إلى التوبة مما يشعر بوجود ذنب لها، فقد قدمنا في صفحة (16) من كلام شيخ الإسلام ما يبين أن هذا من دلائل توبتها- مع حفصة - على تقدير أن يكون لهما ذنب، فتكون الآية من فضائلها في توبتها لا من معايبها، نظير قوله تعالى: (إذ همّت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما) الذي نزل في بني حارثة وبني سلمة كما ثبت في الصحيح عن جابر رضي الله عنه قال: (وما يسرني أنها لم تنزل لقوله تعالى (والله وليّهما) فهي وإن كانت تشعر بوجود تقصير منهم لكنها تدل على ولاية الله لهما، وكذا قوله: (إن تتوبا إلى الله) وإن كانت تشعر بوجود ذنب لهما لكنها تدل على توبتها إذ لوتتوبا لكشف أمرهما هذا فوق ما هناك من الأسباب المتقدمة في صفحة (16). بل إنا نجد في القرآن الكريم ما هوأكبر من ذلك وهوقوله تعالى: (لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه ... ) الآية، فهل يستدل عاقل على أن ذلك دليل على ذنوب هؤلاء؟، أوقوله (يا أيها النبي إتق الله ولا تطع الكافرين والنافقين) فهل يقول عاقل أنه صلى الله عليه وسلم لم يتق الله وأطاع الكافرين والمنافقين؟، أوقوله (عفا الله عنك لمَ أذنت لهم) فهل يجيز عاقل أنه يدل على ذنبه في ذلك؟
ثم ادعاؤه بأن القرآن نزل في تظاهرها على النبي صلى الله عليه وسلم، هذا فيه مغالطة عجيبة، فإن الله تعالى لم يقرر ذلك بل قال: (وإن تظاهرا عليه …) الآية، وهذا الشرط ذكره بعد قوله: (وإن تتوبا إلى الله) فهوإذن حالهما - عائشة وحفصة -إذا لم تتوبا، وقد قدمنا ما يبين امتناع عدم توبتها بعد دعوة الله سبحانه لهما فأفصح موقف التظاهر غير وارد لثبوت بدله، أويقال هوتظاهر في هذا الأمر فقط.
أما قوله بأنها تظاهرت على الوصي - ويعني عليا - فكذب ظاهر لم يتمكن من إثباته فعمد إلى الإشارة في الهامش (2/ 264) إلى الأكاذيب فقال: (تظاهرها على الوصي كان بإنكارها الوصية إليه وبتحاملها عليه مدة حياته بعد النبي) فأين إثبات ذلك يا كذّاب؟ وإني لأتعجب من كلامه هذا من جهتين، الأولى تسميته عليا الوصي في مخاطبته لأهل السنة مع أنهم لا يقّرون له بذلك هوالآن يريد إثبات هذا الأمر فكيف يقرره في وصفه هكذا؟ والثانية أنه المفروض أن يناقش في هذه المراجعة الأسباب التي جعلته لا يرضى بحديث عائشة بأن النبي صلى الله عليه وسلم قُبض ورأسه في حجرها فلم يوصِ لعليّ، بل قدم حديث أم سلمة -المزعوم - عليها ثم من الأسباب تلك قال: تظاهرها على علي بإنكار الوصية، أليس هذا دورا قبيحا في كلامه، أي أنه لا يرضى بإنكار عائشة للوصية لأن من أسباب ذلك أنها أنكرت الوصية!! فما هذا الجهل والتخبط والتناقض؟
ثم قوله: (ولا تأهب الله لنصرة نبيه عليها وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير) مغالطة أيضا فإن الله جعل ذلك بديلا إذا لم تتوبا فقال (إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هومولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير) وقد قدمنا أنهما لا بد أن تكونا تائبتين بعد ذلك فلا وجه لقوله هذا كما هوواضح.
أما قوله: (ولا توعدها الله بالطلاق ولا هددها بأن يبدله خيرا منها) فجهل وعماء فإن أم سلمة داخلة في ذلك قطعا، أعني به قوله تعالى: (عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات ... ) الآية، فليس هذا خاصا بعائشة وحفصة بل هوعام في كل أزواجه صلى الله عليه وسلم كما هوواضح من سياق الآية فإن الله قال (طلقكن) و(منكن) وهذا عام في كل نسائه صلى الله عليه وسلم فبطل بذلك أصله بالكلية وهوترجيح حديث أم سلمة على عائشة إذ هما مشتركتان في هذا الأصل.
ثم لا يظنن أحد أن في ذلك انتقاصا لزوجاته صلى الله عليه وسلم فإن هذا الأمر - أي الطلاق - لم يحصل لعدم حصول مقتضاه، فعلم بذلك أن جميع زوجاته صلى الله عليه وسلم اللآتي مات عنهن لهن مثل هذه الصفات (مسلمات مؤمنات).
ثم نوّه عبد الحسين الدجال هذا بتكفير عائشة فقال عن أم سلمة (ولا ضرب امرأة نوح وامرأة لوط لها مثلا) والله سبحانه قال: (ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط) بينما قال عبد الحسين ضرب امرأة نوح وامرأة لوط لعائشة مثلا، أليس هذا تنويها بما تريده الرافضة من تكفير أم المؤمنين بنص كلام رب العالمين، ونحن لا نعلم أن عبد الحسين قد تاب عن قوله هذا ورجع عنه، ولذا فيحق لنا أن نتكلم عليه بمقتضى قوله هذا فنقول لعنهمالله وأخزاه وهتك ستره هووكل من يروّج لكتابه بمثل ما فيه من هذه الأقوال.
وكيف يعقل أن يضرب الله لعائشة مثلا بامرأة نوح وامرأة لوط، وهومثل للذين كفروا ثم يقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يطلقها بل ولا يبين حالها؟
وأكثر من ذلك يمدحها ويثني عليها بما لا يثني به على غيرها، أليس هذا تناقضا مع قوله تعالى (وأزواجه أمهاتهم)؟ فهذا نص من رب العالمين بتسمية أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمهات المؤمنين، فهذا يتضمن البراءة لهن من مشابهة أزواج أي نبي آخر إذ هذا مما اختصصن به عن سائر زوجات باقي الأنبياء عليهم السلام.
وكيف يعقل أن يضرب الله لعائشة مثلا بامرأة نوح وامرأة لوط، وهي التي أنزل الله من أجل تبرئتها آيات بينات تتلى إلى قيام الساعة؟ حذر الله سبحانه خلالها من الوقيعة بعائشة مرة أخرى فقال: (يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين).
ومن نظر في فضائل عائشة رضي الله عنهما وما اختصت به علم أن قول عبد الحسين هذا لا يقوله إلا اثنان من الناس مجنون أوكاذب.
ويكفي أن نقول للشيعة أن الله سبحانه قال في نفس تلك الآيات أيضا (وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون .. ) الآيات فإن كنتم تقولون أن المثل المضروب للذين كفروا يخص عائشة وحفصة، فمن يا ترى يخصه المثل المضروب للذين آمنوا؟ ونظنكم ستقولون لفاطمة كما هودأبكم، حينها نضحك عليكم ملء بطوننا لأنكم بذلك تجعلون عليا مثله هوفرعون إذا كانت امرأة فرعون مثلا لفاطمة. وما لم تقولوا ذلك يبقى هذا المثل عاما لا يراد به أحد بعينه - وهوالحق- فإنه من الممتنع أن نجد أحدا في الأمة لها مثل حال امرأة فرعون أومريم ابنة عمران، فكذلك يكون المثل الأول لا يراد به أحدا بعينه إذ هما مثل واحد في سياق واحد فوجب اتحاد مدلوليهما.
والحق أن نقول أن هذين المثلين ضربهما الله سبحانه لنا حتى يتقرر عندنا أن أواصر الزوجية لا تجلب نفعا ولا ضرا بل كل امرئ موكول لعمله، لا يؤاخذ الله سبحانه أحدا بحساب غيره أومن أجله كما لا يثيب أحدا بعمل غيره أومن أجله، كما فعل مع امرأة نوح وامرأة لوط حين لم ينفعهما كونهما زوجتي نبيين، وكذلك الشأن مع امرأة فرعون أومريم التي لم يكن لها زوج أصلا.
وهذه من سنن الله الثابتة التي قررها الله سبحانه أيضا بقوله: (ولا تزر وازرة وزر أخرى) وهونظير مخاطبة النبي صلى الله عليه سلم لأعمامه وعماته وعشيرته الأقربين وحتى ابنته فاطمة حين نزل قوله تعالى: (وانذر عشيرتك الأقربين) فقال: (أنقذوا أنفسكم من النار فإني والله لا أملك لكم من الله شيئا إلا أن لكم رحما سأبلّها ببلاها)
-أخرجه البخاري (6/ 14)، ومسلم (1/ 192) وغيرهما -.
ثم قوله عن أم سلمة (ولا حاولت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحرّم على نفسه ما أحل الله له) يريد أن عائشة كذلك لحديث البخاري المتقدم في تحريمه صلى الله عليه وسلم العسل إرضاءا لها فنزل قوله تعالى: (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك). وما نقرّ لهذا الموسوي به من هذا أن نقول: إن غاية ذلك أن يكون ذنب لعائشة رضي الله عنهما فهي غير معصومة، وقد قدمنا مذهب أهل السنة في ذلك، فمثل أخطائها هذه - رضي الله عنهما - كنكتة سوداء في ثوب ناصع البياض.
لكن ما نقطع به ألسنة الرافضة وإمامهم عبد الحسين هذا أن نقول: إن هذا من أكبر الأدلة على شدة محبة النبي صلى الله عليه سلم لعائشة رضي الله عنهما حتى أن حبّه لها قد تجاوز كل حد فأرشده الله سبحانه لإصلاح فعله هذا مع إقراره إياه شدة محبته لها، وهوصريح في قوله تعالى: (تبتغي مرضاة أزواجك) فعاد هذا من دلائل شدة محبة النبي صلى الله عليه سلم لعائشة لما اختصت به إذ أن الله سبحانه لم يقل عن تصرف النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته بأنه ابتغاء لمرضاتهم إلا في عائشة، فبماذا يحيص الرافضة بعد ذلك؟

  • الاثنين PM 06:52
    2015-10-12
  • 3360
Powered by: GateGold