كتب التفسير بعد الطبري - مشروع الحصن ll للدفاع عن الإسلام والحوار مع الأديان والرد على الشبهات المثارة ll lightnews-vII

المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 442570
يتصفح الموقع حاليا : 98

البحث

البحث

عرض المادة

كتب التفسير بعد الطبري

كتب التفسير بعد الطبري

      لا يتسع المجال للحديث عن كتب التفسير المختلفة بعد الطبري ، فإن هذا يطول كثيراً . ويكفى أننا عرفنا ما يتصل بالتفسير منذ النشأة في عصر الرسالة لآخر القرن الثالث الهجرى ، ورأينا أحسن طرق التفسير وما يقبل وما يرفض من التفسير المأثور والتفسير العقلى .

      وهذا الجزء إنما ألف أساساً في مجال التفسير المقارن بين الجمهور ، وهم أهل السنة والجماعة ، وبين الشيعة الجعفرية الاثنى عشرية .

      وما سبق من دراسة يبين أصول التفسير ، والاتجاهات المختلفة إلى حد كبير. والتفسير بعد هذه القرون يمكن وضع الضوابط لقبوله أو رفضه في ضوء ما سبق من هذه الدراسة .

      وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية : أي التفاسير أقرب إلى الكتاب والسنة ؟ الزمخشرى أم القرطبى ؟ أم البغوى ؟ أو غير هؤلاء ؟ فأجاب : الحمد لله …

     أما التفاسير التي في أيدى الناس فأصحها " تفسير محمد بن جرير الطبري " فإنه يذكر مقالات السلف بالأسانيد الثابتة ، وليس فيه بدعة ، ولا ينقل عن المتهمين، كمقاتل بن بكير والكلبى .

      والتفاسير غير المأثورة بالأسانيد كثيرة ، كتفسير عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، ووكيع ، وابن أبى قتيبة ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه .

      وأما التفاسير الثلاثة المسئول عنها فاسلمها من البدعة والأحاديث الضعيفة " البغوى " لكنه مختصر من " تفسير الثعلبى " ، وحذف منه الأحاديث الموضوعة ، والبدع التي فيه ، وحذف أشياء غير ذلك .

 

      وأما " الواحدى " فإنه تلميذ الثعلبى ، وهو أخبر منه بالعربية ، لكن الثعلبى فيه سلامة من البدع وإن ذكرها تقليداً لغيره . وتفسيرة و" تفسير الواحدى : البسيط والوسيط والوجيز " فيها فوائد جليلة ، وفيها غث كثير من المنقولات الباطلة وغيرها .

      وأما " الزمخشرى " فتفسيرة محشو بالبدعة ، وعلى طريقة المعتزلة … وأصولهم خمسة … وهذه الأصول حشا بها كتابه بعبارة لا يهتدى أكثر الناس إليها ولا لمقاصده فيها ، مع ما فيه من الأحاديث الموضوعة ، ومن قلة النقل عن الصحابة والتابعين .

      و " تفسير القرطبى " خير منه بكثير ، وأقرب إلى طريقة أهل الكتاب والسنة، وأبعد عن البدعة ، وإن كان كل من هذه الكتب لابد أن يشتمل على ما  ينقد ، لكن يجب العدل بينها ، وإعطاء كل ذى حق حقه .

      و " تفسير ابن عطية " . خير من تفسير الزمخشرى ، وأصح نقلاً وبحثاً ، وأبعد عن البدع ، وإن اشتمل على بعضها ، بل هو خير منه بكثير ، بل لعله أرجح هذه التفاسير ، لكن تفسير ابن جرير أصح من هذه كلها .

      وثم تفاسير كثيرة جداً ، كتفسير ابن الجوزى ، والماوردى " ([1][102]) . ا . هـ.

      من هذا نرى شيخ الإسلام وهو يعطى صورة مجملة للتفاسير ، يذكر في البداية ، ثم يؤكد في النهاية أن أصحها تفسير الطبري . 

      أما ابن عطية ، الذي اثنى ابن تيمية على تفسيرة ، فإنا نجده يشير إلى تفسير الرسول صلى الله عليه وسلم ، وعدد من الصحابة والتابعين تحت " باب ما قيل في الكلام في تفسير القرآن ، والجرأة عليه ، ومراتب المفسرين " ، ثم يقول : " ثم حمل تفسير كتاب الله تعالى عدول كل خلف ، وألف الناس فيه : كعبد الرزاق ، والمفضل ، وعلى بن أبى طلحة ، والبخارى ، وغيرهم .

       ثم إن محمد بن جرير الطبري رحمه الله جمع على الناس أشتات التفسير ، وقرب البعيد ، وشفا في الإسناد " ([2][103]) .

      وابن الجوزى في تفسيره نقل عن مصادر " في طليعتها تفسير ابن جرير ، وكتب الحديث ، وكتابا ابن قتيبة : مشكل القرآن ، وغريب القرآن ، وكتب معاني القرآن ، ولا سيما كتابا الفراء والزجاج ، والحجة : لأبى على الفارسى ، ومجاز القرآن : لأبى عبيدة ، وكتب ابن الأنبارى في القرآن ، وأسماء الله الحسنى : للخطابى ، وغيرها  " ([3][104]) .

      ومعنى هذا أن ما صح من تفسير مأثور عند ابن الجوزى فهو مستمد من مصدرين رئيسين ، هما : تفسير الطبري ، وكتب الحديث .

      ولم يخل تفسيره من الاستشهاد ببعض الأحاديث المنكرة التي لا          تصح … إلخ " ([4][105]) .

      والماوردى في تفسيره يذكر الأخبار دون ذكر الأسانيد ، ومثله ابن عطية وابن الجوزى ، ولذلك وجدت من حقق هذه التفاسير الثلاثة حاولواتخريج هذه الأخبار ([5][106]) .

     

والذين سبقوا هؤلاء ، كالسمرقندى والثعلبى ، الأخبار في تفسيرهم غير مسندة . والبغوى الذي اختصر تفسير الثعلبى لم يذكر الأسانيد أيضاً ([6][107]).والخبر إنما يكون حجة إذا كان مسنداً صحيحاً .

      وأهم كتاب في التفسير بعد الطبري هو تفسير الحافظ ابن كثير ، ومنهجه في التفسير هو منهج شيخه ابن تيمية . وينقل عن شيخ المفسرين ابن جرير ، وعن كتب السنة ، غير أنه لا يكتفى بالنقل ، بل يبين الصحيح وغيره وما يقبل وما يرفض ويحذر من الإسرائيليات وينبه عليها . وهو من أكثر الكتب فائدة وانتشاراً .

      والسيوطى في كتابه : الدر المنثور في التفسير بالمأثور ، يكتفى بنقل الأخبار، ونسبتها لأصحابها ، دون تمييز بين غث وسمين . والتفسير النقلى الذي يعتبر حجة ، وحاكماً للتفسير العقلى ، يمكن القول بأنه بعد شيخ المفسرين إلى عصرنا يستمد من رافدين رئيسين ، هما : كتب السنة ، وتفسير الطبري . لذا رأيت أن أقف عنده لأنتقل للقسم الثاني من الكتاب ، وهو بيان التفسير عند الشيعة الجعفرية الاثنى عشرية ، والله المستعان ، وهو نعم المولى ونعم النصير. تحدثت في الجزء السابق عن عقيدة الإمامة عند الشيعة الاثنى عشرية ،  رأيناهم يجعلون الإمام كالنبى صلى الله عليه وسلم في عصمته وصفاته وعلمه ، ويرون أن الإمامة كالنبوة في كل شئ باستثناء الوحى عند جمهورهم ؛ حيث يقولون بأن الأئمة لا يوحى إليهم كالنبى صلى الله عليه وسلم ، وإنما يقوم الإلهام مقام الوحى في عصمة الإمام وعدم خطئه ، وذهب بعضهم إلى أن أحد الملائكة كان يلازم الرسول صلى الله عليه وسلم ، ليسدده ويرشده ويعلمه ، فلما انتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى ظل الملك بعده ، ولم يصعد ليؤدى الوظيفة نفسها مع الأئمة . ومع هذا الخلاف في القول بالوحى ، غير انهم لم يختلفوا في القول بعصمة الأئمة .

 وبمراجعة التفسير عندهم ، أصوله وكتبه ، رأيت أن عقيدتهم في الإمامة كان لها أكبر الأثر في وضع الأصول ، وفى تناولهم لكتاب الله تعالى ، ولعل بيان هذا الأثر كاف شاف في مجال التفسير المقارن بين السنة والشيعة ، فحيث لا يوجد أثر لعقيدتهم في الإمامة يصبح تفسيرهم كتفسير غيرهم ، وبقدر وجود هذا الأثر بقدر افتراقهم عمن سواهم .

والشيعة الاثنا عشرية ليسوا سواء ، فمنهم من ينهج منهجا فيه شىء من  الاعتدال والابتعاد عن الغلو ، وصيانة كتاب الله المجيد ، ومنهم الغالى المفترى الكذاب ، الذي حاول أن يؤيد عقيدته في الإمامة بتحريف كتاب الله تعالى نصاً ومعنى ، وجعل القرآن العظيم كأى كتاب من كتب الفرق الضالة المضلة .

      وفى هذا القسم الثاني من الجزء الثاني ننتقل للحديث عن التفسير وأصوله عند الشيعة : فنبين أولاً أصول التفسير عندهم ببيان دور الإمام بالنسبة للقرآن المجيد ، ثم ننتقل للدراسة التطبيقية ، فننظر في كتب التفسير عندهم . وما دام الشيعة ليسوا سواء فإن الدراسة تشمل الكتب التي تمثل الاتجاهات المختلفة ، ونبدؤها بدراسة ثلاثة كتب ظهرت في القرن الثالث الهجرى تعتبر مصادرهم الرئيسة للتفسير المأثور ، وإن كانت كلها تمثل أقصى درجة في الغلو والتطرف ، والضلال والتضليل . ونتبع هذه الثلاثة نماذج من الكتب الأخرى التي تبين اتجاهات التفسير بعد القرن الثالث إلى العصر الحديث .

واستكمالاً للبيان والتوضيح رجعت إلى كتاب " الذريعة إلى تصانيف الشيعة "، فوجدت عشرات الكتب التي يدل العنوان نفسه على غلو المؤلف وضلاله ، وكتباً أخرى يظهر فيها هذا الأثر عندما يتحدث عنها صاحب كتاب الذريعة ، فرأيت أن أثبت شيئاً مما جاء في كتاب الذريعة هذا .

      فالقسم الثاني إذن يبين أصول التفسير الشيعى ، ويقدم دراسة لبعض كتبهم، وهى ستة عشر كتاباً من القرن الثالث إلى العصر الحديث ، ثم نشير إلى عشرات الكتب التي تبين تأثر أصحابها بعقيدة الإمامة .

فإذا ضممنا هذا القسم إلى القسم الأول اتضحت الصورة في مجال التفسير المقارن ، والله عزوجل هو المستعان .

 

  ([1][102])  مجموع فتاوى ابن تيمية 13 / 385 ـ 388 .

  ([2][103])  تفسير ابن عطية 1 / 31 ، وابن عطية توفى سنة 541 هـ .

  ([3][104]) ، (3) زاد المسير في علم التفسير لأبى فرج عبد الرحمن بن الجوزى المتوفى        سنة 596 ـ انظر مقدمة المحقق ص 4 ، 5 .

 

  ([5][106])  انظر التفاسير الثلاثة : النكت والعيون للماوردى المتوفى سنة 450 هـ نشرة وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالكويت ، والمحرر الوجيز لابن عطية طبع في دولة قطر على نفقة أميرها ، وتفسير ابن الجوزى نشره المكتب الإسلامى .

  ([6][107])  السمرقندى توفى سنة 373 هـ ، والثعلبى سنة 427 ، أما البغوى فتوفى سنة 510 . انظر ما كتبه المرحوم الدكتور الذهبى عن هذه التفاسير في كتابه القيم التفسير والمفسرون          ج 1 ص 224 ، 227 ، 234 .

  • الاثنين AM 01:20
    2021-04-26
  • 1340
Powered by: GateGold