المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 415604
يتصفح الموقع حاليا : 353

البحث

البحث

عرض المادة

الجنس

الجنس

Sex

««جنس» بالعبرية «مين» ترى اليهودية الحاخامية أن الجنس غريزة إنسانية طبيعية، وأن على الإنسان أن يشبعها من خلال العلاقات الزوجية. ويكرس التلمود أجزاء كبيرة لتناول هذا الموضوع، كما يشجع الزواج المبكر للحفاظ على الفضيلة. ويُحرَّم على الزوج أن يجامع زوجته أثناء فترة العادة الشهرية، ولمدة اثنى عشر يوماً بعدها (فترة الحيض أو الدنس «نيداه»). ونظراً لطول المدة، فقد كان الزوجان ينامان عادةً في فراشين مختلفين. وكان على الزوجة أن تأخذ حماماً طقوسياً بعد انتهاء فترة الحظر. وتُحرِّم اليهودية الزنى والدعارة والشذوذ الجنسي بين الرجـال (أما بين النسـاء، فإن هـذا الأمر ليـس محرَّماً بقدر ما هو مكروه). ولا تُحرِّم اليهـودية تعـدُّد الزوجات وإن كان الحاخامـات قد حرَّموه. ولا يعتبر التلمود الزنى بامرأة من الأغيار، متزوجة أو غير متزوجة، محرماً. أما التحريم، في العهد القديم، فيقتصر على «زوجة أخيك» لا زوجة الغريب. وفي إحدى الفتاوى، جاء أن إناث الأغيار «زوناه» وجمعها «زونوت» أي «عاهرات» حتى لو تهودن. ولكن هناك فتاوى أخرى تُحرِّم الزنى كليةً باليهوديات أو بنساء الأغيار.

 

ومع هذا، تسلك بعض شخصيات العهد القديم سلوكاً منافياً تماماً للقيم الدينية اليهودية نفسها (اعتداء أحد أبناء يعقوب على جارية أبيه ـ العلاقة بين يهودا وثامار زوجة ابنه ـ داود وامرأة أوريا الحيثي ـ إبراهيم وزوجته في مصر). وكان على الحاخامات تفسير ذلك، والتوفيق بينه وبين الرؤية الدينية العامة. وفي العهد القديم تتواتر صور مجازية جنسية، وخصوصاً في سفر هوشع ونشيد الأنشاد، ولكن هذه الصور المجازية تُفسَّر بأنها من قبيل المجاز، كما هو الحال في الشعر الصوفي. وفي فترة الهيكل الثاني أخذ تمثالا الملاكين (كروب) اللذان كانا على تابوت العهد، حسب بعض الآراء، شكل ذكر وأنثى في وضع عناق جنسي. وكان التابوت يُحمل في أعياد الحج، فيقول الحاخامات للجماهير: «هكذا يحب الإله جماعة يسرائيل» (ومن المعروف أن تشبيه علاقـة الإله بالإنسـان بعـلاقة الذكر بالأنثى أمر شائع في العقائد الحلولية). وقد ظـل موقـف العهـد القديم غامضاً للغـاية إزاء مشكلة البغاء. وهو غموض استمر إلى أن استقرت دعائم اليهودية الحاخامية.

 

وكما تقدَّم، أخذت اليهودية الحاخامية موقفاً متشدداً من الإباحية الجنسية. وقد بيَّن موسى بن ميمون، متبعاً أرسطو، أن حاسة اللمس أدنى الحواس باعتبارها الحاسة المرتبطة بالجنس. وقد نجح هذا الإطار الحاخامي التلمودي في أن يضرب عزلة حول اليهود، وأن يضبط سلوكهم الجنسي، وخصوصاً أنه كان من المحرَّم عليهم الاختلاط بأعضاء المجتمع الخارجي. وقد كانت المؤسسة الحاخامية، في تلك الآونة، شديدة القوة إذ أن المؤسسة الحاكمة كانت تعطيها من الصلاحيات ما يسمح لها بالتحكم في أعضاء الجماعة اليهودية. والواقع أن عملية الضبط الاجتماعي للجماعات الإنسانية الصغيرة تكون في العـادة أكثر نجـاحاً من عمليات الضـبط في المدن والتجمعات الكبيرة. ولذا، يمكن النظر إلى حوائط الجيتو باعتبارها أيضاً سياجاً أخلاقياً للجماعات اليهودية حتى عصر الإعتاق.

 

ومن المعروف، حسب الإحصاءات المتوافرة لدينا، أن نسبة الأطفال غير الشرعيين (وهو مؤشر جيد على السلوك الجنسي) بين أعضاء الجماعات اليهودية في الغرب أقل من النسبة على المستوى القومي، ويبدو أن السلوك اليهود الجنسي كان يميل نحو المحافظة.

 

ومع هذا، فإن ثمة استثناءات من هذه الصورة العامة، ففي إسبانيا المسيحية يُلاحَظ أن سلوك أعضاء الطبقة الأرستقراطية اليهودية كان يتسم بالانحلال الجنسي (ولعل هذا يعود إلى الثراء، وإلى عدم وجود أسوار الجيتو). وفي الجو الإباحي لعصر النهضة الإيطالية نجد الظاهرة نفسها. فكثير من الفتيات اليهوديات اشتغلن بالبغاء بعد الانغماس في الجنس. ومن أهم المؤشرات على مدى الإباحية المنتشرة بين أعضاء الجماعة اليهودية آنذاك، تلك الإحصاءات التي يوردها العالم الإسرائيلي روفائيل باتاي والتي تقول إنه كان في فلورنسا في القرن الخامس عشر نحو مائة أسرة يهودية وحسب، ومع ذلك فقد رُفعت ضدها ثمان وثمانون قضية منها أربع وثلاثون مرتبطة بقضايا الآداب والأخلاق وسبع عشرة قضية مرتبطة بالقمار. ويضيف باتاي أن القضايا لم تكن تُرفَع إلا في حالات قليلة، الأمر الذي يدل على أن حالات الزنى والقمار كانت أعلى من ذلك كثيراً داخل جماعة لا تزيد على مائة أسرة. ولكن حالة إيطاليا كانت الاستثناء، فأغلبية يهود العالم كانوا مُقسَّمين بين الدولة العثمانية وشرق أوربا.

 

ولكن، داخل سياج الجيتو نفسها، ظهر الفكر القبَّالي الحلولي الذي طوَّر كثيراً من الأفكار والصور المجازية الجنسية الجنينية في العهد القديم ومنحها قدراً من المركزية. وأصبحت الصورة المجازية الجنسية (أي تشبيه تماسك أجزاء الكون بالتشابك الجنسي) صورة مجازية أساسية لا يمكن إدراك العالم بدونها. ويدور التراث القبَّالي حول أسطورة الخلق: خلق الإله، وخلق الإنسان. فالإله يخلق نفسه (في قبَّالاة الزوهار) من خلال التجليات النورانية العشرة، أما في القبَّالاه اللوريانية فإن الإله يخلق نفسه من خلال الانكماش ثم الانتشار والتبعثر. والذات الإلهـية، في القبَّالاه، تحـوي داخلها عناصر تذكير وعناصر تأنيث، فالحوخمه أو الأب العلوي (العلة الذكرية الأولى) تُدخل علاقة جنسية مع البيناه أو الأم العلوية (العلة الأنثوية الأولى)، وهما يقابلان أبا وأما في القبَّالاه اللوريانية، فينجبان في قبَّالاة الزوهار الابن (عريس يسرائيل) والابنة (جماعة يسرائيل)، ولهما أيضاً ما يقابلهما في القبَّالاه اللوريانية. وكان من الممكن أن يتم خلق الإله وتُنجَز وحدة العالم حينما يتحد الابن والابنة، أي الإله مع يسرائيل، وهو اتحاد يُنظَر إليه من خلال صورة مجازية جنسية.

 

وتظهر المقولة الجنسية في تصوُّر أن اليسود (أساس العالم) هو نفسه التساديك اليهودي (الرجل التقي) وهو أيضاً القضيب الإلهي الذي تمر منه الرحمة الإلهية حتى تصل إلى الشخيناه (التعبير الأنثوي عن الإله) التي تأخذ شكل عضو التأنيث، فهي كالوعاء السلبي الذي يتلقى ولا يعطي، فالشخيناه هي أيضاً جماعة يسرائيل. وبذا يتم التوحد بين الإله والشعب. وتشير كلمة «يحود» العبرية إلى الوحدة وأيضاً إلى الجماع الجنسي في النصوص القانونية. ويُطلَق على هذا التوحد أيضاً اسم «هازيفوُّج هاقادوش» أي «الزواج المقدَّس». وحينما صعد موسى إلى جبل سيناء كان مثل ابن الإله الذي ضاجع الشخيناه، والهيكل هو مخدع الشخيناه الذي يحل فيه الإله ليضاجعها، ولذا فحينما هُدم الهيكل توقَّف اليحود أو التوحد/الجماع بينهما.

 

وقد أثرت الصورة المجازية الجنسية في البناء الديني اليهودي، فاختيار الإله للشعب يصبح مثل اختيار الذكر للأنثى، كما أن العذاب الذي يلقاه اليهود بسبب اختيارهم هو مثل تعذيب الذكر للأنثى، ولذا فإنه يصبح مصدراً للذة. ويُشار إلى الشعب، باعتباره التعبير الأنثوي عن الإله، على أنه بنـت صهيون (وليس ابن صهـيون)، وهـو أيضاً التوراة، عروس الإله التي تجلس إلى جواره على العرش والتي تُزَف إلى الماشيَّح حينما يأتي إلى هذا العالم. ونشيد الأنشاد هو نشيد زفاف الشعب (الأنثى) إلى الإله (الذكر)

 

ولقد أصبح تفسير التوراة مثل الجماع الجنسي، فالتوراة التي أمامنا (توراة الخلق) هي مجرد رداء، وفي الأعماق توجد توراة الفيض (ويُلاحَظ هنا صورة الفيض الجنسية). وكلما تَعمَّق الدارس خلعت التوراة أحد أرديتها حتى يصل إلى معناها الحقيقي، أي يراها «وجهاً لوجه» ويعرفها، أي يجامعها، تماماً مثلما رأى موسى الشخيناه وجهاً لوجه فعرفها، أي جامعها. والهدف من الصلاة أن يتحقق اليحود أو (الوحدة/الجماع) بين الملك والماترونيت (العنصر الأنثوي)، وأن تفيض بركة الإله (ذات الطابع الجنسي). ويصبح الهدف من المتسفوت، (أي الأوامر والنواهي) هو الشيء نفسه. ولذا، فقبل أن يقوم أي يهودي بأي عمل، فإن عليه أن يردد الصيغة التالية: "من أجل التوحد بين المقدَّس المبارك والشخيناه". والهدف من صلاة الصباح الإسهام في هذه العملية الجنسية. وكل فقرة توازي مرحلة من مراحل الوحدة. فبعد الفقرة الأولى، تقترب الابنة المقدَّسة (ماترونيت) مع وصيفاتها. وبعد الثانية، يضع الإله ذراعه حول رقبتها ثم يلاطفها ويربِّت على ثديها. وفي نهاية الصلاة، يتم الجماع. وقد أوصى الحاخام لوب (المُعلِّم من برودواي) بأن يفكر الإنسان في امرأة عارية أثناء الصلاة حتى يصل إلى أعلى درجات السمو. وقد شاعت القبَّالاه في القرن السادس عشر في أوربا، وحلَّت محلَّ التلمود كأساس للوجدان ومصدر للقيم الأخلاقية، حتى هيمنت تماماً على الوجدان اليهودي بين يهود اليديشية في شرق أوربا، وهم أغلبية يهود العالم. ويقول روفائيل باتاي إن أحد أسباب شيوع كتب القبَّالاه هو أنها كانت كتباً إباحية يقبل الناس على قراءتها بشغف شديد.

 

لكن ظاهرة مركزية الصورة المجازية الجنسية وشيوعها تحتاج إلى تفسير. والواقع أنه يمكننا أن نقول إن اليهودية الحاخامية، بتشدُّدها، أحاطت اليهودي بعدد هائل من التحريمات والأوامر والنواهي (وقد حرَّم الحاخامات في كثير من الحالات ما أحل َّ الإله، ولعل شعائر السبت التي أخذت تتزايد على مر السنين خير مثال على ذلك). وقد يكون كل هذا قد خلق إحساساً عميقاً بالذنب بين أعضاء الجماعات في أوربا، وخصوصاً بسبب وجودهم في تربة مسيحية تنظر إلى الجسد باعتباره شيئاً كريهاً، وبسبب الفقر الذي عاشوا فيه، الأمر الذي زاد من حرمانهم وشقائهم. وقد حدث نتيجة هذا ردُّ فعل عنيف، هو في جوهره، حسب قول باتاي، «تجنيس للإله وتأليه للجنس» (من الغريزة الجنسية). ويجب أن نشير إلى أن هذه الظاهرة ليست مقصورة على اليهود، بل هي ظاهرة تعم كثيراً بين الحركات الصوفية الحلولية، وإن أخذت شكلاً متطرِّفاً في حالة يهود شرق أوربا. كما أن الأنساق الدينية الحلولية المتطرفة عادةً ما تتبدَّى في ترخيصية جنسية. فإذا كان الإله يحل في كل شيء، فإن كل شيء يصبح الإله ومن ذلك الجنس، بل خصوصاً الجنس الذي يُعَدُّ هو الآخر تعبيراً عن الإله، بل يُعَدُّ أكثر الأشياء تعبيراً عنه بسبب ما يحيطه من غموض وأسرار وبسبب ما يتضمنه من فقدان للذات وإحساس بالفيضــان والفيــض. وقد عقد باتــاي مقـارنة بين القبَّالاه والديـانة الهنـدوكية الحلــولية، وبيَّن عمـق التشابه بينهما.

 

ومما زاد الأمور تطرُّفاً ظهور حركات مسيحية منشقة في روسيا ابتداءً من القرن السابع عشر، مثل السكوبتسي (المخصيون) والخليستي (الذين يضربون أنفسهم) وغير ذلك، وهي جماعات تُحرِّم الجماع الجنسي تماماً من ناحية، ثم تقيم من ناحية أخرى احتفالات ذات طابع جنسي داعر. وقد تأثر يهود اليديشية بتلك الحركات. ولعل كل ذلك قد أدَّى إلى تهيئة الجو لظهور شبتاي تسفي الذي نادى بالترخيصية، وبإسقاط الأوامر والنواهي، وبدأ في ممارسات جنسية كانت تُفسَّر تفسيراً رمزياً من قبَل أتباعه. وبعد إسلامه ظهرت الحركات الشبتانية، وخصوصاً الدونمه والفرانكية، التي جعلت الإباحية الجنسية طقساً دينياً أساسياً، والتي أدركت الإله من خلال صور مجازية جنسية واضحة. وكانوا يقولون إنه "كلما ازداد الإنسان انحلالاً ازداد ارتفاعه وسموُّه، وكلما ازداد خرقاً للشرائع كان هذا دليلاً على وصوله واقترابه". وقد آمنوا بما يُقال له «العالياه» من خلال «اليريداه»، أي الصعود من خلال الهبوط. وقد ورثت الحركة الحسيدية معظم هذه الاتجاهات الإباحية الترخيصية ونادت بما أسمته «عفوداه بجشيموت»، أي «الخلاص بالجسد»، وإن حاولت تفسير ذلك تفسيراً رمزياً.

 

وقد كان هذا هو الإطار الفكري السائد بين يهود أوربا عشية الانعتاق، وكان الفكر الشبتاني متغلغلاً تماماً حتى في صفوف القيادات الحاخامية، كما أن القبَّالاه كانت قد هيمنت تماماً على الوجدان الديني اليهودي وكانت تُعَدُّ أساساً للتشريع أو على الأقل لتفسير الشعائر والشرائع.

 

ومن الواضح أنه لا يمكن فهم ظاهرة مثل فرويد إلا في إطار الفكر القبَّالي الشبتاني، فالواقع أنه برغم اختياره أسطورة يونانية (أوديب) ومصطلحات لاتينية (إجو، وسوبر إجو، وإيد super ego, and id ,ego)، فإن مصطلحه الكامن وصوره الأساسية مستقاة من التراث القبَّالي الذي درسه وهو في فيينا التي كان يوجد فيها واحد من أهم القبَّاليين في عصره (ويُقال إن كلمة «إيد» هي اختصار لكلمة «ييد» اليديشية، أي يهودي). كما أن حديث رولان بارت عن لذة النص كلذة جنسية له ما يناظره في الفكر القبَّالي.

 

ولذا، فليس غريباً أن نجد أن سلوك أعضاء الجماعات اليهودية في الغرب يختلف مع الانعتاق عنه قبله. والواقع أن سقوط الجيتو، واليهودية الحاخامية، وانتشار القبَّالاه، جعلت اليهود مرشحين لدخول عصر الإباحة والإباحية الحديثة من أوسع أبوابه. وقد ساعد على ذلك تَعثُّر التحديث في شرق أوربا، الأمر الذي أدَّى إلى هجرة الملايين من قراهم وجيتواتهم إلى العالم الجديد، حيث لا ضوابط ولا آليات ضبط اجتماعية أو دينية، فتآكلت الأسرة اليهودية وزاد عدد الأطفال غير الشرعيين بعد أن كانت هذه ظاهرة غير معروفة تقريباً بين أعضاء الجماعات في الغرب.

 

وقد ظهر قدر كبير من عدم التماسك بين أعضاء الجماعات في نهاية القرن التاسع عشر، فوجدت أعداد كبيرة منهم من البغايا والقوادين، وبين المشتغلين فيما نسميه صناعات اللذة (حقل نشر المجلات والكتب الإباحية ـ النوادي الليلية ـ حقل صناعة السينما التي لا تلتزم بمقاييس أخلاقية عالية). ومع اندماج أعضاء الجماعات اليهودية في مجتمعاتهم، وتزايد معدلات العلمنة، أصبح من الملاحَظ أن درجة الانحلال وعدم التماسك لا تختلف عن درجة الانحلال وعدم التماسك في المجتمع ككل.

 

وتتمتع الدولة الإسرائيلية بواحد من أعلى مستويات العلمنة في العالم. وقد انعكس هذا على سلوك الإسرائيليين الذي يتسم بكثير من الحرية الجنسية. وقد ساهم في ذلك أن المجتمع الإسرائيلي مجتمع مهاجرين يعتمد على السياحة كمصدر أساسي من مصادر الدخل. ويتسم كل من المهاجر والسائح (وهما من الشخصيات الوظيفية الهامشية) بأن درجة التزامهما بقيم المجتمع ليست عالية. والسائح بالذات لا يلتزم إلا بقيمة المتعة. كما أن القوات المسلحة الإسرائيلية تضم عدداً كبيراً من المجندات اللائي يوجدن مع عدد كبير من الذكور في مناطق مختلفة، وتحت ظروف تتسم بانعدام الضبط الاجتماعي، الأمر الذي يؤدي إلى توسيع رقعة الحرية الجنسية ويشجع على السلوك غير المنضبط.

 

وقد قامت الصهيونية بتحويل اليهودية من عقيدة دينية قومية إلى عقيدة قومية الأمر الذي يعني إمكانية استخدامها لضبط سلوك المستوطن الإسرائيلي على المستوى القومي. ولكن لا يمكن، بطبيعة الحال، توظيفها لضبط السلوك الجنسي للمستوطن على المستوى الشخصي. ولذا، فقد نشأت ظواهر مرتبطة بالحرية الجنسية مثل انتشار البغاء، وأخيراً الأيدز، كما يُلاحَظ زيادة عدد الأطفال غير الشرعيين. وقد ظهر مؤخراً قانون يسمح بممارسة البغاء في الدولة الصهيونية بشكل قانوني يتزايد يوماً بعد يوم. ولا توجد لدينا إحصاءات دقيقة، ولكننا نعرف (حسب إحصاءات 1986) أن 45% من الإسرائيليات اللائي في المرحلة العمرية 21 سنة فأكثر يتزوجن لأنهن يتوقعن طفلاً، وأن 11% من الفتيات اللائي يتزوجن في إسرائيل (بغض النظر عن أعمارهن) يتزوجن وهن حوامل. والواقع أن إباحة الإجهاض محاولة أخرى لهذا الاتجاه حيث إن نسبة الإجهاض من أعلى النسب في العالم، فقد سـجَّلت المسـتشفيات الحكومية نحـو سبعين ألـف حالة إجهاض سنوياً، الأمر الذي يعني أن الحالات أكثر من ذلك كثيراً. وينتشر الشذوذ الجنسي أيضاً في إسرائيل (ويُقال إن نسبته تصل إلى 10% بين الرجال). وقد وصف وزير السياحة السابق (أمنون روبنشتاين) المجتمــع الإسرائــيلي بأنــه من أكثر المجتمعات إباحيــةً، وأشــار إلى شارع دزنجــوف (أحد الشـوارع الكبرى في تل أبيب) باعتباره «زبالة دزنجوف» إذ تُعرَض فيه الأفلام الإباحية وتروَّج المخدرات (وقد عُرضت فيه مؤخراً مسرحية تمثل الملك داود وصديقه يوناثان تربطهما علاقة جنسية شاذة).

 

وتتسم الحياة في الكيبوتسات بالحرية الجنسية، إذ لا يتم فصل أفراد الجنسين إلا بعد سن الثامنة عشرة تقريباً. أما فيما قبل ذلك، فإنهم يقضون معظم الوقت معاً ويمارسون كل الأنشطة الإنسانية المختلفة مثل الاستحمام معاً. ولكن يبدو أن العلاقة الجنسية داخل الكيبوتس (بين أعضائه) أصبحت تشبه علاقة الإخوة بالأخوات، فلقد ظهرت أنماط للتعامل تشبه أنماط التعامل داخل الأسرة الواحدة، وظهرت أشكال من التابو (الحظر) تلقائياً. ومن الملاحَظ أن أعضاء الكيبوتس الواحــد لا يتزوجــون فيما بينهــم، إلا فيما ندر، ولا يتزوجون إلا بأعضاء الكيبوتسات الأخرى في معظم الأحيان

  • الاحد PM 06:44
    2021-04-25
  • 1476
Powered by: GateGold