ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ
ابحث الأن .. بم تُفكر
المكتبة المرئية
خَــيْـرُ جَــلـيـسٌ
المتواجدون الآن
يتصفح الموقع حالياً 95
تفاصيل المتواجدون
من هنا الطريق
حرس الحدود
مجتمع المبدعين
المواد

ويُعرف المراد من اللفظ المشترك من كلام المتكلم بقرائن يشير لها المتكلم في كلامه وإلا لم يكن الكلام فصيحاً بل مُبهماً مشكلاً. مثال: لو أخذنا لفظ (العين) كمثال، نجده في أصله اللغوي مشتركاً بين عدة معان منها: العين الباصرة والجاسوس وعين الماء.

لقد أخبر الله تعالى في كتابه الكريم أنه نزّل على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم القرآن تبياناً لكل شيء، فقال عز من قائل {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ} (2).

لقد كان الشعور يراودني منذ أن دخلت هذا المعترك بأنّ الخط الفاصل بين الحق والباطل والذي تُعرف به الحقيقة من غيرها موجود لا خفاء فيه، ولكننا في غمرة التعصب المذهبي وغياب الموضوعية والتربّي على التراشق بالتهم غفلنا عن إدراكه.

قد يتصور القارئ الكريم سنياً كان أو شيعياً بأنّ مثل هذه التصريحات التكفيرية لغير الشيعة المذكورة آنفاً باتت اليوم في طي النسيان، نقلتها بالأمس كتب صفراء يعلوها الحماس غير المنضبط الذي ما لبث أن تنحى عنها اليوم متجهاً نحو الاعتدال.

(أيها الناس؛ إنّ أحق الناس بهذا الأمر أقواهم عليه، وأعلمهم بأمر الله فيه، فإن شغب شاغب استعتب، فإن أبى قوتل. ولعمري لئن كانت الإمامة لا تنعقد حتى تحضرها عامة الناس؛ ما إلى ذلك من سبيل ولكن أهلها يحكمون على من غاب عنها؛ ثم ليس للشاهد أن يرجع، ولا للغائب أن يختار).

يقول في كتابه "الخصائص الحسينية": (اعلم أنّ الله جل جلاله لم يزل متفرداً ولم يكن مخلوق ولا زمان ولا مكان، فلما ابتدأ بخلق أفضل المخلوقات اشتق من نوره نور علي وفاطمة والحسن والحسين - عليهم السلام - وجعل لهم محال متعددة وعوالم مختلفة

أجاب على سؤال وُجه إليه من قِبل طلبة الحوزة العلمية في قم نصه كالتالي: (س14 شكك أحدهم بالروايات الواردة في كون نور فاطمة عليها السلام قد خُلق قبل أن يخلق الله الأرض والسماء، ما رأيكم بذلك؟

(وأما قوله عليه السلام: (إذا شئنا شاء الله) دلالة على أنّ مشيئتهم لا تخالف مشيئة الله مطلقاً بل كما قال مولانا الحجة أرواحنا فداه (بل قلوبنا أوعية لمشيئة الله إذا شئنا شاء الله)، أما مسألة أنّ حساب الناس عليهم .. إلخ، فقد تردد كثيراً في أخبارهم عليهم السلام وزياراتهم

سُئل الإحقاقي عن معنى كلمة (شديد القوى) في سورة النجم فأجاب (... كيف وقد صح، واشتهر عند الإمامية أنّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام هو معلم جبرائيل في العالم الأول (عالم النورانية) والرواية معروفة لا حاجة إلى ذكرها) (1).

يخاطب الوحيد الخراساني الإمام المهدي بقوله: (يا فاعل ما به الوجود، ويا من أينما كان ما منه الوجود] أي الله تعالى [كنت أنت أيضا هناك، فلا يخلو مكان - بحكم البرهان - (من فاعل ما منه الوجود)، ولا يخلو مكان منك أنت أيضاً

فهو يقارن بين صبر الإمام الحسين وبين صبر أنبياء الله تعالى بل وصبر أولي العزم من الرسل الذين أُطلق عليهم هذا الإسم لشدة صبرهم في دعوتهم وعلى ابتلائهم.

يقول في كتابه "من فقه الزهراء" ما نصه: (ثم إنهم عليهم السلام ومنهم فاطمة (صلوات الله وسلامه عليها) يحيطون علماً وقدرة - بإذن الله تعالى - بالكائنات جميعاً إلا ما استثني وقد تقدّم في الزيارة الرجبية ما يدل على ذلك

سئل في "صراط النجاة" السؤال التالي (ترشد بعض الروايات إلى أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والزهراء عليها السلام يحضران مآتم عزاء الإمام الحسين عليه السلام

وإذا كان الغلو في الأئمة واقعاً في روايات الشيعة وفي أبرز كتب الطائفة العقائدية فإنّ ذلك الغلو أوضح ما يكون في أقوال ومصنفات مراجع الشيعة وعلمائهم الكبار الذين غربلوا المرويات الشيعية في تلك الكتب وأثبتوا في رسائلهم

لا يقتصر الغلو الذي أشير إليه على بضعة أحاديث هنا وهناك يمكن للمرء أن يتنصل منها مدّعياً عدم صحة نسبتها إلى عقيدة الشيعة، بل إنّ الغلو طال أبواباً كاملة يحوي كل باب منها عدداً لا يُستهان به من الأحاديث المغالية، وإليك نموذجاً على ذلك كتاب "الكافي"

حين يبلغ الغلو مداه .. وتغيب الموازين الشرعية تظهر الاستهانة بمقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بصورتها المقززة، حين ترى الروايات الشيعية وعلماء الشيعة يبالغون في وصف الأئمة وذكر أحوالهم مبالغة تحوي بين طياتها انتقاصاً مبطّناً أو ظاهراً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم!

إنّ حب آل بيت النبي عليه الصلاة والسلام وموالاتهم ونصرتهم والذب عنهم معنى إيماني رائع، تجيش له مشاعر المؤمنين الصادقين، طالما بقي الحب حباً إيمانياً شرعياً لا تكدره تحريفات المبطلين.

أما وقد علمت أنّ (أهل البيت) هم (بنو هاشم بجميع فروعهم) وكذا (أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم)، فاعلم أنّ الله تعالى قد فضل أهل البيت بعضهم على بعض درجات فمنهم من ذُكر بمناقب خاصة وأُشير إليه بشرف خاص ومنهم من هو كسائر آل البيت في المنقبة العامة لا يفضل على أحد منهم بمنقبة.

إذا ما رزقك الله تعالى حيادية في الطرح وإنصافاً في النظرة للخصم فإنك ستدرك بلا شك أنّ الأزمة التي نعيشها في حل خصوماتنا المذهبية قد لا ترجع عادة إلى خبث نية أحد الطرفين بقدر ما يكون الخلل فيها في تحرير مسائل الخلاف وعلى رأسها فهم (المصطلح).

كنت مستعداً لأن أكون شيعياً منذ الوهلة الأولى، إن كان الخلاف بين أهل السنة والشيعة خلافاً بين فئة تحب أهل البيت وبين أخرى تبغضهم وتبخسهم حقهم.

ولما قامت فتنة "الباب" في إيران قبل أكثر من مائة سنة، وادعى علي محمد الشيرازي أنه باب المهدي المنتظر، ثم ترقى به الأمر، وادعى أنه هو المهدي المنتظر، وصار له أتباع من الشيعة الإيرانيين اختارت الحكومة الإيرانية يومئذ أن تنفيه إلى أذربيجان لأنها مباءة السنيين من أهل المذهب الحنفي

ومما لا ريب فيه أن الشيعة الإمامية هي التي لا ترضى بالتقريب ولذلك ضحت وبذلت لتنشر دعوة التقريب في ديارنا، وأبت وامتنعت أن يرتفع له صوت أو تخطى في سبيله أية خطوة في البلاد الشيعية

إن الإسماعيلية مثلهم، ويخالفون المسلمين في مثل ما تخالفهم فيه الشيعة الإمامية إلا في تعيين بعض أسماء أهل البيت الذين يوالونهم. فالإمامية توالي كل الذين يواليهم الإسماعيليون إلى جعفر الصادق

فلو كانت البراءة التي يطالبنا بها الشيعة الآن ثمنا للتقريب بيننا، وبينهم تتناول من يريدون منا أن تتناوله لكان مخطئاً إمامهم الأول علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- في تسمية أولاده أبابكر وعمر وعثمان ولكان أكثر خطأً بتزويجه بنته من عمر بن الخطاب رضي الله عنه

إن من محبة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه لإخوانه الثلاثة الخلفاء قبله، أن سمّى أبناءه بعد الحسنين وابن الحنفية بأسمائهم، فمن أولاد علي بن أبي طالب ولد سمّاه (أبابكر) وآخر سمّاه (عمر) وثالث سمّاه (عثمان)

إن المسلمين يوالون كل مسلم صحيح الإيمان، ويدخل في ذلك صالحوا آل البيت بغير حصر في عدد معين، وفي مقدمة صفوة المؤمنين الذين يوالونهم: العشرة الذين بشرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة.

فلما وقع هذا الاختلاف انفصل عنهم صاحب الاختراع وأسس مذهب النصيرية المنسوب إليه، وكان زملاؤه يريدون أن يجدوا حيلة لإظهار ثاني عشرهم المزعوم، وأن يتزوج ليكون منه ولد وأحفاد

فاخترع لهم شيطان من شياطينهم يسمّى: "محمد بن نصير" من موالي بني نمير فكرة أن للحسن ولداً مخبوءًا في سراديب بيت أبيه (1)، ليتمكن هو وزملاؤه من الاحتيال على عوام الشيعة، وأغنيائهم بتحصيل الزكاة منهم باسم إمام موجود، وليواصلوا الادعاء كذباً أنهم إمامية

وقد صدق الطوسي والموسوي والخونساري ... وكذبوا. صدقوا في أن فرق المسلمين متقاربة في الأصول، ومختلفة في الأمور الثانوية، ولذلك يمكن التفاهم والتقارب بين الفرق المتقاربة في الأصول، ويستحيل هذا التفاهم مع الشيعة الإمامية لأنها تخالف

قال الخونساري: وقال السيد نعمة الله الموسوي -بعد نقله لهذه العبارة "تحريره: أن جميع الفرق مطبقون على أن الشهادتين وحدهما مناط النجاة، تعويلا على قوله صلى الله عليه وسلم "من قال لا إله إلا الله دخل الجنة".

وقد اشترك مع شيخ الشيعة النصير الطوسي في ارتكاب هذه الخيانة العظمى زميلان له أحدهما: وزير شيعي، وهو محمد بن أحمد العلقمي، والآخر: مؤلف معتزلي أكثر تشيعاً من الشيعة وهو عبد الحميد ابن أبي الحديد، اليد اليمنى لابن العلقمي

ومما لوحظ في جميع أدوار التأريخ على جماهير الشيعة ومواقف خاصتهم وعامتهم من الحكومات الإسلامية أن أي حكومة إسلامية إذا كانت قوية وراسخة يتملقونها بألسنتهم عملاً بعقيدة "التقية" ليمتصوا خيراتها ويتبوؤا مراكزها فإذا ضعفت أو هوجمت من عدو انحازوا إلى صفوفه وانقلبوا عليها.

بينما هم يرفعون مرتبة أئمتهم في الأمور الغيبية فوق مرتبة الرسول صلى الله عليه وسلم مع أنه هو الذي كان يوحى إليه وهم لم يدعوا لأنفسهم الوحي، ولا ندري أي تقريب يمكن أن يكون بيننا وبينهم بعد ذلك؟!.

وبينما يدّعون لأئمتهم الاثني عشر ما لا يدعيه هؤلاء الأئمة لأنفسهم من علم الغيب، وأنهم فوق البشرية فإنهم -أي الشيعة- ينكرون على النبي صلى الله عليه وسلم ما أوحى الله به إليه من أمر الغيب، كخلق السماوات والأرض وصفة الجنة والنار.

ومعنى ذلك أن أبا بكر وعمر لم يمحضا الإيمان فلا يشملهما رضا الله! .. وقد تقدم قبل هذا ما قاله النجفي مؤلف كتاب "الزهراء" عن عمر بن الخطاب وأنه مبتلى بمرض لا يشفيه منه إلا ماء الرجال!!

إن أعلام الشيعة وأحبارهم في جميع العصور واقفون هذا الموقف المخزي من صاحبي رسول الله ووزيريه أبي بكر وعمر ومن سائر أعلام الإسلام وخلفائه وحكامه وقادته ومجاهديه وحفظته.

ولأن عقيدة (الرجعة) محاكمة حكام المسلمين هي من عقائد الشيعة الأساسية، كان يؤمن بها عالمهم السيد المرتضى، مؤلف كتاب (أمالي المرتضى) وهو أخو الشريف الرضي الشاعر

قال أبو عبد الله (يعني جعفر الصادق) ينادي باسم القائم (أي إمامهم الثاني عشر الذي يزعمون إنه ولد منذ أكثر من أحد عشر قرناً، ولم يمت بعد لأنه سيقوم ويحكم) ينادي باسمه في ليل ثلاث وعشرين ويقوم في يوم عاشوراء لكأني به في اليوم العاشر من المحرم قائماً بين الركن والمقام

والشيعة من أيام الدولة الصفوية إلى الآن متمسكون بهذه العقائد أكثر مما كانوا قبل ذلك، وهم الآن إما مؤمنون بكل ذلك، أو متعلمون تعليماً عصريا، انحرفوا به عن هذه الخرافات إلى الشيوعية، فالشيوعية في العراق وحزب تودة في إيران يتألف من أبناء الشيعة الذين تبينت لهم أساطيرها

ومن أبي بكر وعمر وصلاح الدين الأيوبي وجميع الذين فتحوا للإسلام ممالك الأرض وأدخلوها في دين الله، والذين حكموها باسم الإسلام إلى هذا اليوم الذي نحن فيه -كل هؤلاء في عقيدة الشيعة التي يلقون الله عليها

وقد بلغ من حنقهم على مطفيء نار المجوسية في إيران، والسبب في دخول أسلاف أهلها إلى الإسلام، عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أن سمَّوا قاتله أبا لؤلؤة المجوسي بـ"أبي شجاع الدين".

ولذلك يلعن الشيعة أبابكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، وكل من تولى الحكم في الإسلام غير علي رضي الله عنه. وقد كذبوا على الإمام أبي الحسن علي بن محمد بن علي بن موسى بأنه أقر شيعته على تسمية أبي بكر وعمر "الجبت" و"الطاغوت".

والحقيقة الخطيرة التي نلفت إليها أنظار حكوماتنا الإسلامية أن أصل مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية التي تسمى أيضا (الجعفرية) قائم على اعتبار جميع الحكومات الإسلامية من يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذه الساعة .

وعند ظهور كتاب (فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب) وانتشاره في الأوساط الشيعية وغيرها في إيران،

وهذا من كذبهم على علي رضي الله عنه، بدليل أنه لم يعلن في مدة خلافته على المسلمين هذا الثلث الساقط من القرآن في هذا الموضع منه، ولم يأمر المسلمين بإثباته والاهتداء بهديه والعمل بأحكامه. (وانظر أيضا الموضوع السابق -الطعن في القرآن الكريم- الفقرة الأخيرة وحاشيتها)

وحتى القرآن الذي كان ينبغي أن يكون المرجع الجامع لنا، ولهم على التقارب نحو الوحدة، فإن أصول الدين عندهم قائمة من جذورها على تأويل آياته، وصرف معانيها إلى غير ما فهمه منها الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وأول موانع التجاوب الصادق بإخلاص بيننا، وبينهم ما يسمونه "التقية" (1) فإنها عقيدة دينية، تبيح لهم التظاهر لنا بغير ما يبطنون، فينخدع سليم القلب منا بما يتظاهرون له به من رغبتهم في التفاهم والتقارب وهم لا يريدون ذلك ولا يرضون به ولا يعملون له

فالفقه عند أهل السنة وعند الشيعة لا يرجع إلى أصول مسلّمة عند الفريقين (3)، والتشريع الفقهي عند الأئمة الأربعة من أهل السنة قائم على غير الأسس التي يقوم عليها التشريع الفقهي عند الشيعة، وما لم يحصل التفاهم على هذه الأسس والأصول قبل الاشتغال بفروعها

التقريب بين المسلمين في تفكيرهم، واقتناعاتهم واتجاهاتهم وأهدافهم من أعظم مقاصد الإسلام ومن أهم وسائل القوة والنهوض والإصلاح وهو من الخير لشعوبهم وجامعتهم في كل زمان ومكان.

وليحذر المؤمن من اعتقاد نقص لأحد منهم أو التعرض لشيء من السب الذي ارتكبه كثير من المبتدعة لأن ذلك يوجب لعنة فاعله لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين"

وأما أهل السنة والجماعة فإنهم لم يضيعوا حق القرابة ويعترفون بفضلها ولا يضيعون حقوق الصحبة والمؤازرة والنصرة للصحابة، فيعطون كل ذي حق حقه. ولما ثبتت عندهم الآيات والأحاديث الواردة في الثناء على الصحابة رضي الله عنهم

واعلم أن أدلة تفضيل الخلفاء الأربعة رضي الله عنهم على حسب ترتيبهم في الخلافة الذي هو مذهب أهل السنة كثيرة وهي صحيحة متواترة وثابتة عن علي رضي الله عنه وأكابر علماء أهل البيت.

وكذا إنكار براءة عائشة رضي الله عنها كفر، لأن الله أنزل عشر آيات في سورة النور في براءتها فمن أنكر براءتها فهو كافر. ولا يجوز التعرض لها بشيء يقتضي النقص بل يجب محبتها والترضي عنها

وينبغي أن يتنبه المناظر من أهل السنة لغيره من أهل البدعة لأشياء هي أهم من غيرها فيستحضرها حال المناظرة ليلزم الخصم بها. منها أن إنكار صحبة أبي بكر كفر لأنها مذكورة في القرآن في قوله تعالى: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}

ثم إن العلماء قسموا المجتهدين إلى مجتهد مطلق ومجتهد مذهب ومجتهد فتوى. فالمجتهد المطلق من كانت له ملكة وأهلية لاستنباط كل مسئلة من الكتاب والسنة والإجماع والقياس الصحيح كالأئمة الأربعة رضي الله عنهم.

ثم يصير البحث والمناظرة معه في بيان التفاضل بينهم واستحقاق الخلافة. ولا بد أيضا قبل المناظرة أن يمهد بين المتناظرين أصل آخر يكون المرجع إليه عند الاختلاف كالكتاب والسنة الصحيحة والإجماع والقياس.

أؤمن بأن ما بين دفتي المصحف كلام الله تعالى المترل على سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - المتعبد بتلواته المتحدى بأقصر سورة منه؛ يتلو عليه أو يكتب له في ورقة بعض الآيات التي أنزلها الله تعالى ثناءً على الصحابة رضي الله عنهم كقوله تعالى في سورة الأنفال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}

فكان رحمه الله تعالى يقول في كيفية مناظرة المخالفين لأهل السنة وإلزامهم الحجج العقلية والنقلية: لا يخفى على كل متناظرين في فن من الفنون أنه لا بد لهما من أصل يرجعان إليه عند الاختلاف

أشرفُ الأنساب نسَبُ نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأشرف انتسابٍ ما كان إليه صلى الله عليه وسلم وإلى أهل بيتِه إذا كان الانتسابُ صحيحاً، وقد كثُرَ في العرب والعجم الانتماءُ إلى هذا النَّسب، فمَن كان من أهل هذا البيت وهو مؤمنٌ

تبيَّن مِمَّا تقدَّم أنَّ عقيدةَ أهل السُّنَّة والجماعة في آل بيت النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَسَطٌ بين الإفراط والتفريط، والغُلُوِّ والجفاء، وأنَّهم يُحبُّونَهم جميعاً، ويتوَلَّونَهم، ولا يَجْفُون أحداً منهم، ولا يَغلُون في أحدٍ

قال ابن حبان في ثقات التابعين (5/347): ((وكان من أفاضل أهل بيته)).

عن عائشة أمِّ المؤمنين رضي الله عنها قالت: ((ما رأيتُ أحدًا أشبهَ سَمْتاً ودَلاًّ وهَدْياً برسولِ الله في قيامها وقعودها من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ...)) رواه أبو داود (5217) والترمذي (3872)، وإسناده حسن.

قال الذهبـيُّ في سيـر أعـلام النبلاء (2/79 ـ80): ((كان مِن أطولِ الرِّجال، وأحسنِهم صورة، وأبهاهم، وأجهرِهم صوتاً، مع الحِلْمِ الوافر والسُّؤْدد...

روى البخاري في صحيحه (3712) أنَّ أبا بكر رضي الله عنه قال لعليٍّ رضي الله عنه: ((والذي نفسي بيدِه لَقرابةُ رسول الله أحبُّ إليَّ أنْ أَصِلَ من قرابَتِي)).

ـ روى مسلمٌ في صحيحه (2276) عن واثلةَ بنِ الأسْقَع رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله يقول: ((إنَّ اللهَ اصطفى كِنانَةَ مِن ولدِ إسماعيل، واصطفى قريشاً من كِنَانَة، واصطفى مِن قريشٍ بَنِي هاشِم، واصطفانِي مِن بَنِي هاشِم)).

فقولُه: {إنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} دالٌّ على فضل قرابةِ رسول الله ، وهم الذين تحرم عليهم الصَّدقة، ومِن أخَصِّهم أزواجه وذريّته، كما مرَّ بيانُه.

عقيدةُ أهل السُّنَّة والجماعة وسَطٌ بين الإفراطِ والتَّفريط، والغلُوِّ والجَفاء في جميعِ مسائل الاعتقاد، ومِن ذلك عقيدتهم في آل بيت الرَّسول ، فإنَّهم يَتوَلَّونَ كلَّ مسلمٍ ومسلمةٍ من نَسْل عبدالمطلِّب، وكذلك زوجات النَّبِيِّ جميعاً

القولُ الصحيحُ في المرادِ بآل بيت النَّبِيِّ هم مَن تَحرُم عليهم الصَّدقةُ، وهم أزواجُه وذريَّتُه، وكلُّ مسلمٍ ومسلمةٍ من نَسْل عبدالمطلب، وهم بنُو هاشِم بن عبد مَناف؛ قال ابن حزم في جمهرة أنساب العرب (ص:14): ((وُلِد لهاشم بن عبد مناف: شيبةُ، وهو عبدالمطلب، وفيه العمود والشَّرف، ولَم يبْقَ لهاشم عَقِبٌ إلاَّ مِن عبدالمطلب فقط)).

أيها القارئ الكريم! بين يديك مجموعة من التساؤلات والاستفسارات نسمعها بين وقت وآخر من أهل الشبه والافتراءات، ممن يريد أن يقذف بأحقاده، وينفث عن كراهيته من خلال طعنات واهية كأمثال السراب

لم يستطع بعض الجهلة إخفاء الحقائق التاريخية الدالة على ما حصل بين الصحابة وآل البيت عليهم السلام من محبة ومودة فيما بينهم ومن ذلك تسمية بعضهم بأسماء بعض، أو ما وقع بينهم من مصـاهرات.

إن الموقف الصحيح فيما حدث بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هو موقف الاعتدال والوسط، بعيداً عن الإفراط والتفريط، والغلو والجفاء، كما قال تعالى: ((وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً)) [البقرة:143].

اتخذ أعداء الله والمبغضون لوحدة الصف الإسلامي مما وقع بين الصحابة في وقت الفتنة من الاختلاف والاقتتال سبباً وذريعة للوقيعة بهم، والنيل من عدالتهم.

بعد أن بيّنا بفضل الله الروايات الدالة على فضل الصحابة رضي الله عنهم والمجلية لكبير شأنهم عند الأئمة عليهم السلام والعلماء، وذلك من خلال الآيات القرآنية، والروايات المنقولة عن العترة عليهم السلام

يجب على كل مسلم أن يعتقد علو مكانة أصحاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأنهم أفضل الأمم، وأن خير قرون الإسلام قرنهم، وذلك لسبقهم للإسلام، وشرف اختصاصهم بصحبة خاتم الأنبياء وسيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، والجهاد معه، وتحمل الشريعة عنه، وتبليغها لمن بعده صلى الله عليه وسلم.

لزاماً علينا قبل أن نشرع في بيان الأدلة الدالة على عدالة الصحابة، أن نبين مفهوم كلمة (الصحابة)؛ لأن جلاء المعنى لهذه الكلمة، وبيان حدود إطلاقها، ومن يتصف بها، ومن هو المعني بهذه الكلمة المباركة - فيه التوفيق لما بعده من علم ودراسة.

تزوج من أم حبيب بنت المأمون العباسي. وكان ذلك النكاح سنة 202هـ في آخر صفر وذكر هذا النكاح من مصادر الشيعة الإمامية: تراجم أعلام النساء لمحمد الأعلمي الحائري ص 249

هذه المصاهرة لا ينكرها أحد من علماء الشيعة الإمامية ولكنهم مع ذلك يصرون على الطعن في عثمان بن عفان ويرون أن هذا النكاح وإن تم فإنه من قبيل زواج مناكحة من أظهر الإسلام وأضمر الكفر ( راجع المسائل السروية للشيخ المفيد )

وهذا زواج لم ينكره أحد من علماء الشيعة الإمامية وإن كان علماء الشيعة الإمامية يضعون أم المؤمنين حفصة مع أم المؤمنين عائشة رضوان الله عليهما في كل سب ولعن وطعن.

ذكر هذا الزواج من علماء الشيعة عباس القمي في منتهى الآمال ص 341، وابن عنبة في عمدة الطالب ص 288، والشيخ محمد حسين الأعلمي الحائري في تراجم أعلام النساء ص 346، وأبو الحسن العمري في المجدي، ومن النسابين البلاذري في أنساب الأشراف 2/193، ومصعب الزبيري في نسب قريش ص 50.

وهذا زواج لم ينكره أحد من علماء الشيعة الأمامية وإن كان علماء الشيعة الأمامية يطولون ألسنتهم على عائشة أم المؤمنين ولا تجد عالماً منهم معاصراً أو قديماُ يترضى عنها بخلاف قذفها بارتكاب الفاحشة كما أورد القمي في تفسيره وغيره من علماء الشيعة الإمامية.

يعلم القاصي والداني والسني والشيعي أنه اسم أبو بكر الصديق واسمه عبد الله وهو خليفة رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ ولا يشك عاقل أن من يسمي ولده باسم أبي بكر أو حتى يكني نفسه بهذه الكنية فهو يتولى ويحب الصحابة الكرام وعلى رأسهم أبو بكر الصديق.

فإن مما عظمت به المصيبة وجلّ به الخطب أن يسمع المسلمون من حين لآخر تطاولًا على أحد سادة هذه الأمة وأئمة الهدى , من بعض الموتورين والمرجفين من أهل الباطل والضلالة ودعاة الفتنة، والذين يتبرأ من فعلهم كل علماء المسلمين وعقلائهم ..

تجد في هذه السلسلة نصوص من القرآن والسنة تبين بعض صور الافتراء والبهتان وعاقبتهما .

وأما ذو النورين ثالث الخلفاء الراشدين، وصاحب الجود والحياء، حب رسول الله وزوج ابنتيه رقية وأم كلثوم، وعديم النظير في هذا الشرف الذي لم ينله الأولون ولا الآخرون في أمة من الأمم

قال الميثم البحراني الشيعي، شارح نهج البلاغة، وكذلك الدنبلي شرحاً لهذا الكلام: (إن الوالي عمر بن الخطاب، وضربه بجرانه كناية بالوصف المستعار عن استقراره وتمكنه كتمكن العير البارك من الأرض) .

وبعد ما ذكرنا أهل بيت النبي وموقفهم وآرائهم تجاه سيد الخلق بعد أنبياء الله ورسله أبي بكر الصديق رضي الله عنه نريد أن نذكر أنه لم يكن خلاف بينه وبين أهل البيت في مسألة خلافة النبي وإمارة المؤمنين وإمامة المسلمين

وهاهو علي بن الحسين الملقب بزين العابدين - الإمام المعصوم الرابع عندالشيعة ، وسيد أهل البيت في زمانه - يذكر أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام، ويدعو لهم في صلاته بالرحمة والمغفرة لنصرتهم سيد الخلق في نشر دعوة التوحيد وتبليغ رسالة الله إلى خلقه

يقول - رضي الله عنه -: ( لقد رأيت أصحاب محمد ، فما أرى أحداً يشبههم منكم! لقد كانوا يصبحون شعثاً غبراً، وقد باتوا سجداً وقياماً، يراوحون بين جباههم وخدودهم، ويقفون على مثل الجمر من ذكر معادهم! كأن بين أعينهم ركب المعزى من طول سجودهم!

الناظر في الواقع الشيعي اليوم يدرك أن هناك يقظة وصحوة من سبات عميق طال.. لكنه لن يطول أكثر.

المؤمنون بوجود شخصية (صاحب الزمان) يجيبون على هذا التساؤل بقولهم: إن هناك علة مانعة من ظهوره، فمتى زالت هذه العلة كان ظهوره.

إن الإيمان بخروج المهدي في آخر الزمان وبكونه من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ومن بني فاطمة الزهراء على وجه الخصوص أمر يقيني لا يُشك فيه وليس هو محل النقاش بين أهل السنة والشيعة.

إن المتأمل في التراث التاريخي الشيعي ليجد أن عقيدة الإمامة التي يوالي ويعادي الشيعة اليوم لم تكن مكتملة ولا واضحة المعالم عند الشيعة أنفسهم حتى وفاة الإمام الحسن العسكري وافتراق الشيعة بعد موته إلى فرق كثيرة؛ منها الإمامية الإثنا عشرية والإسماعيلية.

حين يبلغ التعصب مداه تُنتزع الرحمة والأخلاقيات من الناس، وتظهر المواقف المضحكة والمبكية في آن واحد.

اشتهر في منطقتن القضيبية رجل بمعالجة المرضى ومشاكل الناس بالقرآن والأدعية المشروعة. وبعد تحولي إلى عقيدة أهل السُّنَّة والجماعة، وأمام عجز أهلي وأصحابي وغيرهم عن إرجاعي، وأُشيعت حولي إشاعات مغرضة بُغية التضييق عليَّ وإسقاطي.

تعلمنا منذ الصغر أن نحيي ليالي عاشوراء باللطم والنوح ونحن نذكر مصاب أبي عبدالله عليه السلام، لكن من منا تفكر ولو للحظة فيما نفعله، هل له مستند شرعي من كتاب أو سنة أم أن الأدلة تدين ما نفعله؟!.. لا أحد..!

لست أدعي ابتداءً وقبل كل شيء أني قد بلغت في الخلق غاية ما يمكن أن يبلغه الإنسان، لكن مهما كان المرء متواضعاً في ثقافته أو تدينه أو تخلقه بالأخلاق الإسلامية، فإن هناك خطوطاً حمراء لا يستطيع تجاوزها، وإلا كان منسلخاً من الفطرة السوية والخلق الرفيع.

حاول نفر من الكتّاب المعاصرين نفي وجود ابن سبأ، وذهبوا في أمره مذاهب شتى، فمنهم من أنكر وجوده، ومنهم من قال: لو سلمنا بوجوده جدلا، فإننا ننكر أن يكون لـه كل ذلك التأثير في الفتن التي حصلت في مقتبل عمر الدولة الإسلامية، وسنعرض لـهذه التشكيكات والأوهام لبيان زيفها.

بعد رحيل النبي صلى اللـه عليه وسلم إلـى الرفيق الأعلى واندلاع حروب الردة، وبعد أن تمكن أبو بكر الصديق رضي الـه عنه من قمعها، دخلت إلـى رواق الحياة الإسلامية شخصيات لم تستضيء قلوبها بأنوار النبوة ولم تستكمل حضانتها الإسلامية في ظل اليقين، فكان دخولـها لمناوأة الإسلام.

انشد الكميت الشاعر بحضرة الامام الباقر عليه السلام: ان المصرين على ذنبيهما والمخفيا الفتنة في قلبيهما الخالعا العقدة من عنقيهما والخاملا الوز على ظهريهما كالجبت والطاغوت في مثليهما فلعنة الله على روحيهما فضحك الامام الباقر عليه السلام