المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409063
يتصفح الموقع حاليا : 253

البحث

البحث

عرض المادة

هجــرة العــــبرانيين مــن مصـــر (الخــــــروج)

هجــرة العــــبرانيين مــن مصـــر (الخــــــروج)
(Emigration of the Hebrews from Egypt (Exodus
يُشار إلي هجرة العبرانيين في المصطلح الديني بكلمة «الخروج». ومن هنا، فإن هجرة العبرانيين من مصر تعني «خروج» العبرانيين من مصر « بعد أن ظهر ملك جديد لا يعرف يوسف » (خروج 1/8). ومن العسير تحديد تاريخ محدَّد لعدم وجود وثائق تشير إلى هذا الحدث باستثناء العهد القديم.


ويختلف العلماء حول تاريخ هجرة العبرانيين من مصر، فهناك رأي يذهب إلى أنه كان في القرن السادس عشر قبل الميلاد، وأن العبرانيين طُردوا من مصر مع الهكسوس، وهذا رأي مانيتو المؤرخ المصري اليوناني الذي عاش حوالي عام 250 ق.م.

أما الرأي الثاني، فيذهب إلى أن هجرة العبرانيين حدثت في منتصف القرن الخامس عشر قبل الميلاد وأنها كانت في زمن تحتمس الثالث أو في زمن أمنوفيس الثاني، ويتفق هذا مع ماجاء في سفر القضاة، ومع ما ورد في لوحات تل العمارنة عن الخابيرو. ويعتقد العلماء أن هؤلاء هم العبرانيون الذين جاءوا إلى أرض كنعان في هذا التاريخ تقريبًا.

أما الرأي الثالث فيرى أن تاريخ الهجرة يقع في الفترة 1275 ـ 1250 ق.م، وأنها تمت أثناء حكم رمسيس الثاني إذ يذكر سفر الخروج أن العبرانيين بنوا «مدينتي مخازن» وهما: فيثوم ورعمسيس، وأن «رعمسيس» هو اسم الفرعون الذي حدث الخروج في عصره. وهذا دليل واهٍ، ذلك لأن اسم «رعمسيس» استُخدم في عصر سابق لعصر رمسيس الثاني بزمن طويل.

ويقول علماء آخرون إن الهجرة قد تمت في عصر مرنبتاح، أي نحو عام 1230 ق.م، فقد جاء على نصب تذكاري أنه انتصر على يسرائيل وغيره من الأقوام وأنه قضى على نسله. وقد استدلوا على أن هذه إشارة إلى هجرة العبرانيين من مصر، مع أن هذه الإشارة يُستَدل منها على أن العبرانيين كانوا قد خرجوا من مصر قبل ذلك التاريخ وأنهم قضوا سنى التيه في سيناء، وتسللوا إلى كنعان واستقروا فيها، الأمر الذي يتناقض والروايات الأخرى وبعض الحقائق التاريخية، ولذا يذهب بعض المؤرخين إلى أن اسم «يسرائيل» الذي ظهر على هذا النصب إنما هو اسم لمدينة أو قبيلة كنعانية. كما قام أحد العلماء المصريين (د. أحمد يوسف) بترجمة النص كما يلي: "كان إسرائيل بوراً (أو عقيماً) لا بذرة له". وهي جملة لا تدل بالضرورة على حرب أو قتال.

والخروج عملية هجرة من مصر إلى أرض كنعان (فلسطين). وبالتالي يمكن النظر إليه في إطار آليات الهجرة باعتبارها حركة طرد من مصر، وحركة جذب إلى كنعان، شأنه شأن أية حركة هجرة أخرى. ومع هذا، يجب التحفظ بشأن ما سنورده من أسباب وتفسيرات، فهذه مراحل تاريخية كثير من جوانبها ظلت سديمية، لا نعرف الكثير عنها.

وفي محاولة تفسير حركة الطرد من مصر يمكننا القول بأنه عند تحرير مصر من الهكسوس طُرد معهم حلفاؤهم العبرانيون. أما من بقوا منهم، فقد اعتُبروا أجانب وتحوَّلوا إلى أرقاء وعبيد سُخِّروا في أعمال البناء والمشاريع الإنشائية التي كان يقوم بها الفراعنة، ومن هنا أصبحت مصر، بالنسبة إليهم أرض العبودية.

ويضاف إلى هذا العامل الحضاري أنه تم في القرن الثالث عشر قبل الميلاد اكتشاف الحديد، وهو ما أدَّى إلى بدء تَدهوُّر الوضع الاقتصادي في مصر. فقد كانت مصر غنية بمناجم النحاس، وتسيطر سيطرة شبه كاملة على تجارته مع بلدان غربي آسيا، ولذا، فقد كانت تمارس تأثيراً لا يُستهان به في المنطقة. إلا أن اكتشاف الحديد قلب الأوضاع القائمة حيث حل التعامل بالمعدن الجديد محل التعامل بالنحاس في العالم القديم. ولم تقتصر آثار ذلك على الشعب المصري وحده وإنما شملت الحالة المعيشية لجميع الأجانب القاطنين مصر ومنهم العبرانيون، الأمر الذي دفعهم إلى التفكير في الانتقال إلى موقع آخر أفضل.

وعلاوة على هذا، شهدت منطقة البحر الأبيض المتوسط في الحقبة التاريخية 1400 ـ 1100 ق.م حركة هجرة هائلة امتدت من أواسط آسيا متجهة نحو شواطئ البحر الأبيض المتوسط وأوربا، إلى جانب حركة سكان جزر المتوسط نحو السهول الساحلية (ومن بينها السواحل الشرقية) مثل شعوب البحر ومنهم الفلستيون.

أما حركة الجذب إلى كنعان، فقد كانت تعود إلى جملة أسباب، أولها أن كنعان كانت دوماً عرضة للغزو الخارجي، ولكنها كانت تقع خارج حدود إمبراطوريتين عظميين: بلاد الرافدين، ووادي النيل. وهذا يعني أن الأقوام التي كانت تعيش فيها كانت تتمتع إلى حدٍّ ما بنوع من الاستقلال النسبي. كما أنها كانت قد بلغت مرحلة متقدمة في الصناعة والتجارة والرفاهية الاقتصادية. وكان هذا يشكل عامل جذب قوي بالنسبة إلى العبرانيين، ويحمل في تضاعيفه أمل التغلغل في هذا المجال، وبالتالي السيطرة عليه. وإضافة إلى هذا، كان العبرانيون قد أقاموا في كنعان في زمن مضى، الأمر الذي كان يهيئهم نفسياً للتفكير في الهجرة إليها مرة أخرى، وخصوصاً أنها على مقربة من مصر. وأخيراً كان التشكيل السياسي السائد في كنعان يتكون من دويلات/مدن ضعيفة لم يكن من الصعب على العبرانيين أن يغزوها ويبسطوا سيطرتهم عليها.

ويختلف العلماء في تحديد الطريق الذي سلكه العبرانيون في خروجهم من مصر. فيحاول بعضهم تحديده بدراسة نصوص العهد القديم وتحليل تضاريس شبه جزيرة سيناء. بل يثير بعض العلماء قضية أن المكان الذي خرج منه العبرانيون «متسراييم» لم يكن «مصر»، فقد أشار هيوجو ونكلر إلى أن متسراييم التوراتية ليست مصر وإنما موزري وهي مقاطعة جنوبي البحر الميت تضم مرتفعات سعير ومدينة البتراء وتضم أرض مَدْيَن والأدوميين والنبطيين وأنه حدث خلط بين موزري ومصر. ويرى كمال الصليبي أن متسراييم هي أرض عسير في جنوب المملكة العربية السعودية. وقد رفضت أغلبية العلماء كلا الرأيين.

ونحن نستخدم كلمة «الخروج» للإشارة إلى هجرة العبرانيين (جماعـة يسـرائيل) من مصـر، وسيرهم في سيناء، من الناحية الدينية. ونستـخدم كلمة «هجــرة» للإشارة إلى الواقعة التاريخية ذاتها، أما عبارة «التسلل العبراني في أرض كنعان»، فنستخدمها للإشارة إلى دخول العبرانيين أرض كنعان.

  • السبت PM 07:01
    2021-04-17
  • 1258
Powered by: GateGold