المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 416618
يتصفح الموقع حاليا : 255

البحث

البحث

عرض المادة

الصَّبْرُ والجَزَعُ سَواءً في عَدَمِ نَفْعِ أصحاب النّارِ

قال تعالى: {أَفَسِحْرٌ هَٰذَا أَمْ أَنتُمْ لَا تُبْصِرُونَ. اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ. إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [الطور: 15-16].

 

قال ابن جُزَيّ (741 ھ) في تفسيره «التسهيل لعلوم التنزيل»: "{فَٱصْبِرُوۤاْ أَوْ لاَ تَصْبِرُواْ} ليس المرادُ بذلك الأمرُ بالصبر ولا النّهيُ عنه، وإنما المرادُ التّسويةُ بين الصبر وعدمه في أن كل واحد من الحالين لا ينفعهم، ولا يخفف عنهم شيئاً من العذاب."

 

وقال محمد الأمين الشنقيطي (1394 ھ) في تفسيره «أضواء البيان»: "ذَكَرَ - جَلَّ وعَلا - في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ أنَّ الكُفّارَ مُعَذَّبُونَ في النّارِ لا مَحالَةَ، سَواءٌ صَبَرُوا أوْ لَمْ يَصْبِرُوا، فَلا يَنْفَعُهم في ذَلِكَ صَبْرٌ ولا جَزَعٌ، وقَدْ أوْضَحَ هَذا المَعْنى في قَوْلِهِ: {قالُوا لَوْ هَدانا اللَّهُ لَهَدَيْناكم سَواءٌ عَلَيْنا أجَزِعْنا أمْ صَبَرْنا ما لَنا مِن مَحِيصٍ} [إبراهيم: 21].

 

وقال الإمامُالرازي في تفسيره: "وقَوْلُهُ تَعالى: {فاصْبِرُوا أوْ لا تَصْبِرُوا} فِيهِ فائِدَتانِ إحْداهُما: بَيانُ عَدَمِ الخَلاصِ وانْتِفاءِ المَناصِ، فَإنَّ مَن لا يَصْبِرُ يَدْفَعُ الشَّيْءَ عَنْ نَفْسِهِ إمّا بِأنْ يَدْفَعَ المُعَذِّبَ فَيَمْنَعَهُ وإمّا بِأنْ يُغْضِبَهُ فَيَقْتُلَهُ ويُرِيحَهُ، ولا شَيْءَ مِن ذَلِكَ يُفِيدُ في عَذابِ الآخِرَةِ: فَإنَّ مَن لا يَغْلِبُ المُعَذِّبَ فَيَدْفَعُهُ، ولا يَتَخَلَّصُ بِالإعْدامِ، فَإنَّهُ لا يُقْضى عَلَيْهِ فَيَمُوتُ؛فَإذَن الصَّبْرُ كَعَدَمِهِ، لِأنَّ مَن يَصْبِرُ يَدُومُ فِيهِ، ومَن لا يَصْبِرُ يَدُومُ فِيهِ.

 

الثّانِيَةُ: بَيانُ ما يَتَفاوَتُ بِهِ عَذابُ الآخِرَةِ عَنْ عَذابِ الدُّنْيا، فَإنَّ المُعَذَّبَ في الدُّنْيا إنْ صَبَرَ رُبَّما انْتَفَعَ بِالصَّبْرِ إمّا بِالجَزاءِ في الآخِرَةِ، وإمّا بِالحَمْدِ في الدُّنْيا، فَيُقالُ لَهُ ما أشْجَعَهُ وما أقْوى قَلْبَهُ، وإنْ جَزِعَ يُذَمُّ، فَيُقالُ يَجْزَعُ كالصِّبْيانِ والنِّسْوانِ، وأمّا في الآخِرَةِ لا مَدْحَ ولا ثَوابَ عَلى الصَّبْرِ، وقَوْلُهُ تَعالى: {سَواءٌ عَلَيْكُمْ} (سَواءٌ) خَبَرٌ، ومُبْتَدَؤُهُ مَدْلُولٌ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ {فاصْبِرُوا أوْ لا تَصْبِرُوا} كَأنَّهُ يَقُولُ: الصَّبْرُ وعَدَمُهُ سَواءٌ."

 

إنّ أصحابَ جَهَنّمَ لن ينفعَهم في النّارِ الجزعُ ولا الصبرُ، وهذا يعني أنّ العذابَدائمٌوأبَديٌّ، وهذا دليلٌ -أيضاً- على أبَدِيّةِ النّارِ.

 

وقفةٌ مع القائلين بفناء النّارِ: إذا كان أهلُ النّارِ سيخرجون منها، ويدخلون الجَنَّة في نهاية المطاف -كما يقول بعضُهم-، فلماذا يطلبون الموت والقضاءَ عليهم؟ ولماذا يطلبون الرجوعَ إلى الدنيا من أجل تصحيح أخطائهم، والإيمان باللّهِ وإفراده بالعبودية حتى يدخلهم الجَنَّة بعد موتهم؟ ومعلومٌ أنّ بقاءَهم في جهنّمَ والصبرَ على العذابِ ثمّ دخولَ الجَنَّة، أفضلُ لهم مِن الموت أو الرجوعِ إلى الدنيا لتصحيح أخطائهم، وقد يعودون إلى ما كانوا عليه، وقد يزدادون كُفْراً وطُغياناً وخُسْراناً، ولن يستفيدوا شيئاً من الفرصةِ التي أُعْطِيَت لهم!

  • الاربعاء PM 05:12
    2020-11-04
  • 1430
Powered by: GateGold