المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409086
يتصفح الموقع حاليا : 220

البحث

البحث

عرض المادة

إنكار صحة حديث الرقية بفاتحة الكتاب

إنكار صحة حديث الرقية بفاتحة الكتاب(*)

مضمون الشبهة:

ينكر بعض المغرضين صحة حديث الرقية بفاتحة الكتاب، الذي رواه البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري «أن ناسا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أتوا على حي من أحياء العرب، فلم يقروهم[1]، فبينما هم كذلك إذ لدغ سيد أولئك، فقالوا: هل معكم من دواء أو راق؟ فقالوا: إنكم لم تقرونا، ولا نفعل حتى تجعلوا لنا جعلا. فجعل يقرأ بأم القرآن، ويجمع بزاقه ويتفل، فبرأ، فأتوا بالشاء، فقالوا: لا نأخذه حتى نسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فسألوه، فضحك، وقال: وما أدراك أنها رقية؟ خذوها، واضربوا لي بسهم».

ويستدلون على عدم صحة الحديث بأنه نص على أن قارئ القرآن يأخذ على القرآن أجرا، والقرآن لا يؤخذ عليه أجر، وأن القوم بما فيهم أبو سعيد الخدري قد باعوا القرآن الكريم بثمن بخس، والقرآن لم ينزل ليباع؛ وكذلك القوم في هذا الحديث قد جعلوا من القرآن كتابا للاستشفاء، وجردوه من وظيفته الأولى باعتبار أنه كتاب هداية يهدي الناس إلى صراط مستقيم، وأنهم قد نزلوا بالكتاب حين جعلوه كتابا للاستشفاء منزلة الحشائش والأعشاب التي يتداوى بها، ومما يبين بطلان هذا الحديث - في زعمهم - أن بعض الصحابة قد داواهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بريقه، فلماذا لم يداوهم بالقرآن إن كان فيه شفاء، أم أن ريق النبي - صلى الله عليه وسلم - أفضل من القرآن؟!

رامين من وراء ذلك إلى إنكار الأحاديث الصحيحة وادعاء التناقض فيما بينها.

وجوه إبطال الشبهة:

1) إن حديث الرقية بفاتحة الكتاب - حديث صحيح، رواه الشيخان، وهو بذلك في أعلى درجات الصحة، وقد اتفق جمهور العلماء على أن أخذ الأجرة على تأدية الخدمات جميعها أمر جائز شرعا، بما في ذلك تحفيظ القرآن والرقية به، وأخذ الأجر على ذلك أفضل بكثير من انصراف الناس عن تأدية هذه الخدمات بحثا عن لقمة عيشهم، وليس أخذ الأجر في مقابل القرآن ذاته، بل هو رهين الجهد المبذول في التعليم أو الرقية.

2) لا تعارض بين كون القرآن كتاب هداية وبين كونه شفاء للناس؛ فقد وصف الله - عز وجل - القرآن بأنه شفاء في أكثر من آية، وقد أثبت العلم الحديث أن الجسم تصيبه أوجاع وآلام لا تعالج إلا بالطب النفسي، فإن كان لكلام البشر تأثير في شفاء الإنسان فما بالك بكلام رب البشر في شفائهم؟!

3) إن استخدام النبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن في الاستشفاء، وكذلك استخدام ريقه أو يمينه من باب التنويع بين ما هو جائز، والاستفادة مما هو نافع؛ وليس في استخدام أحدها تفضيل له على الآخر.

التفصيل:

أولا. إن حديث الرقية بفاتحة الكتاب في أعلى درجات الصحة، وأخذ الأجر على الرقية بالقرآن أمر جائز باتفاق العلماء:

إن الرقية بفاتحة الكتاب أمر ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وحديث أبي سعيد الخدري يكفي لإثبات هذا الأمر، فهو في أعلى درجات الصحة؛ فقد رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما بأكثر من إسناد في أكثر من باب، فقد رواه البخاري في كتاب الإجارة قال: حدثنا أبو النعمان حدثنا أبو عوانة عن بشر عن أبي المتوكل عن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال: «انطلق نفر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفرة سافروها، حتى نزلوا على حي من أحياء العرب فاستضافوهم، فأبوا أن يضيفوهم، فلدغ سيد ذلك الحي، فسعوا له بكل شيء، لا ينفعه شيء. فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعله أن يكون عند بعضهم شيء. فأتوهم فقالوا: يا أيها الرهط إن سيدنا لدغ، وسعينا له بكل شيء لا ينفعه، فهل عند أحد منكم من شيء؟ فقال بعضهم: نعم والله، إني لأرقي، ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا، فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلا. فصالحوهم على قطيع من الغنم. فانطلق يتفل عليه ويقرأ: )الحمد لله رب العالمين (2)( (الفاتحة) فكأنما نشط من عقال، فانطلق يمشي وما به قلبة[2].

قال: فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه. فقال بعضهم: اقسموا. فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - فنذكر له الذي كان فننظر ما يأمرنا. فقدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكروا له، فقال: وما يدريك أنها رقية؟ ثم قال: أصبتم، اقسموا واضربوا لي معكم سهما؛ فضحك النبي صلى الله عليه وسلم»[3].

ورواه البخاري بلفظ آخر في كتاب الطب[4]، ورواه مسلم في صحيحه بنحوه[5]، وعلى هذا فتلك الحادثة صحيحة ثابتة سمعها النبي - صلى الله عليه وسلم - وأقرها، وأكد أن الفاتحة رقية من الأمراض.

 أما قولهم: إن الحديث نص على أن قارئ القرآن يأخذ أجرا على قراءته وهذا لا يجوز، فإن هذا قول غير صحيح، إذ إن جمهور العلماء على جواز أخذ الأجرة على قراءة القرآن، ولم يمنع ذلك أحد من الفقهاء، فالبخاري قد ترجم للباب بترجمة تكفي للتدليل على صحة جواز أخذ أجر على القرآن فقال: وقال ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله»، وقال الشعبي: لا يشترط المعلم، إلا أن يعطى شيئا فليقبله، وقال الحكم: لم أسمع أحدا كره أجر المعلم، وأعطي الحسن دراهم عشرة، ولم ير ابن سيرين بأجر القسام بأسا؛ وقال: كان يقال السحت الرشوة في الحكم. وكانوا يعطون على الخرص[6].

والقسام هو الذي يقسم الأشياء بين الناس، والخارص هو الذي يقدر كم على النخل والكرم من الرطب والعنب ليقدر زكاته، فكانوا يعطونهم أجرا، وفي ذلك دلالة على جواز أجرة القسام؛ لاشتراكهما في أن كلا منهما يفصل التنازع بين المتخاصمين، ولأن الخرص يقصد للقسمة.

ومناسبة ذكر القسام والخارص للترجمة: الاشتراك في أن جنسهما وجنس تعليم القرآن والرقية واحد[7].

والبخاري بهذه الترجمة أراد أن يبين جواز أخذ الأجر على قراءة القرآن وكذلك القسام والخارص، فأتى بأخبار صحيحة عن الصحابة والتابعين تؤيد ذلك.

وقد وضع الإمام النووي عنوانا لهذا الباب عند شرحه لصحيح مسلم، فقال: "باب جواز أخذ الأجرة على الرقية بالقرآن والأذكار"؛ ليؤكد جواز أخذ الأجرة على الرقية، ومما قاله النووي في شرحه على صحيح مسلم عند بيان قولهصلى الله عليه وسلم: «واضربوا لي بسهم»: إنما قاله مبالغة في تعريفهم أنه حلال لا شبهة فيه، وقد فعل - صلى الله عليه وسلم - في حديث العنبر[8]، وفي حديث أبي قتادة في حمار الوحش[9] مثله[10].

وقد استدل الفقهاء على جواز أخذ الأجر على الرقية بالقرآن بأنه يجوز الأخذ على تعليمه أيضا، ونحو ذلك مما نفعه متعد لغير القارئ؛ فقد روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - زوج امرأة لرجل بتعليمه إياها ما معه من القرآن.

وكان المسلمون الأوائل يؤدون هذه الخدمات متطوعين بها إلى عباد الله، فكانوا يقضون بين الناس حسبة، وكانوا يعلمون الناس القرآن حسبة، وكانوا يرقون بالقرآن؛ ابتغاء مرضات الله، وكان الواحد منهم أمينا على بيت المال لا يبغي إلا رضا ربه، فكانوا كما قال الشاعر:

إذا كانت النفوس كبارا

تعبت في مرادها الأجسام

ثم تطورت الأحوال وتعددت مطالب الناس، وشحت الأنفس شيئا فشيئا فما وجدنا من يبذل هذه الخدمات حسبة؛ لكثرة حاجات الناس من جهة، ولشح النفوس الذي يزيد عصرا بعد عصر من جهة أخرى، فكثرت هيئة الموظفين الذين يقومون بتأدية هذه الخدمات بأجر.

 فأصبح القضاء مأجورا بأجرة، وأصبح التعليم والمعلمون يؤجرون بأجور معلومة، بل لقد أصبح الوعاظ والمذكرون يأخذون على وظيفتهم تلك أجرا معلوما يقضون به حوائجهم ويجعلونه في سد ما يعرض لهم.

والدين يسر لم يضيق على أتباعه من هذه الجهة، ولقد رأى جمهور الأمة أن هذا أمر لم يخالطه شيء من الجنف[11] ولم يدنسه شيء من الرجس، بل هو من قبيل الشيء المشروع الذي لا إثم فيه.

فإن كان الحال ميسورا، كان من الورع والتقوى عدم أخذ الأجر واحتسابه عند الله، أما إن كان الأمر غير ذلك فإنه لا بأس أن يأخذ المعلم والقاضي وغيرهما ممن يقومون في خدمة المسلمين أجرا على ذلك، وكون أخذهم الأجر في هذه الحال أفضل بكثير من أن يلجئهم الحال إلى ما هو أقل من ذلك، وهو أفضل بكثير من أن نجد أنفسنا في لحظة وقد انصرف الناس عن تأدية هذه الخدمات بحثا عن لقمة عيشهم.

ومما يؤكد ما ذهبنا إليه قول الشيخ ابن عثيمين مجيبا على من سأل عن حكم الشرع في أخذ أجرة على الرقية، فقال:

"أما من جهة أخذ الأجر على الرقية على المريض، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله»[12]، وهذا القارئ مثل المداوي، بخلاف الذي يأخذ الأجرة على مجرد قراءته، مثل الرجل يقرأ ليتعبد لله بالقراءة، ويأخذ على هذا أجرا، فهذا حرام، ولكن رجل قرأ على غيره لينتفع به أو علم لينتفع به أو علم غيره القرآن، فلا بأس أن يأخذ الأجرة " [13].

بقي هنا أن نزيل من نفس القارئ شبهة لعلها عرضت له، حيث قلنا فيما قلنا: إن الناس في الصدر الأول كانوا يقدمون هذه الخدمات حسبة لله؛ لكبر نفوسهم عن الشح من ناحية، ولاستغنائهم بالله من ناحية أخرى، ولعل قائلا هنا يقول: فما بال أبي سعيد الخدري ورفاقه؟ ألم يكونوا من الصدر الأول؟ ألم تكن نفوسهم كبارا؟ ألم يكونوا قد استغنوا بالله عمن سواه؟ والإجابة عن ذلك كله بـ"بلى".

لكن شاء الله أن تكون الرواية حبلى بالجواب، وأن تلد الرواية جواب هذا السائل في غاية من الصحة والنضارة، فإن الرواية تقول: إن أبا سعيد ورفاقه حين مروا على هؤلاء القوم استطعموهم على سبيل الضيافة أو القرى، فأبى القوم أن يضيفوهم، وهذا الإباء مخالف لخلق العرب، بل الأعراب، وهو مخالف لخلق الإسلام وشريعته.

فإذا نظرت إليه في إطار عادات العرب وجدته قبيحا، وإذا نظر إليه أبو سعيد في إطار شريعته الإسلامية وجده أشد قبحا، وربنا جل في علاه قد ألجأ الأثرياء إلى من يحتاجون إلى القرى؛ ليجعل عباده المؤمنين هم أصحاب اليد العليا، ويأتيهم طعامهم بغير مذلة أو مهانة، فلدغت العقرب سيد القوم فأقعدته، وأجرى الله شفاءه على يد أبي سعيد نظير جعل يأخذه هو ورفاقه، نظير طعام يدفعون به ألم الجوع.

فالقوم - وسيدهم معهم - حين فقدوا المروءة ورفضوا القرى والضيافة، والمسلمون حين احتاجوا إلى الطعام، كان ذلك كله مبررا قويا تذرع به أبو سعيد فأخذ الأجر؛ ليرغم القوم على بذل رزق لهم لو فعلوه على سبيل القرى لكان خيرا لهم وأكرم، وليدفع عن نفسه وعن أصحابه غائلة الجوع بطريق مشروع[14].

فإن قال قائل: أليس هذا بيعا للقرآن:

قلنا: إن أخذ الأجرة على الرقية بالقرآن أو تعليمه لا يعد بيعا للقرآن كما فهم هؤلاء؛ بل إن ذلك جهد مبذول، وهذا الأجر مقابل لهذا الجهد لا مقابل القرآن نفسه.

ولو صح أن أخذ أجر على الرقية بالقرآن بيع له لكان من باب أولى أن من كتب لك القرآن في المصاحف يكون قد باعك القرآن، ومن حمل متاعا لك ومنه كتاب الله كي تبلغ بهذا المتاع مكانا بعيدا لا تستطيع أن تبلغه بنفسك، وأخذ على ذلك أجرا يكون قد باع القرآن، ومن حملك في سيارته ينقلك من مكان إلى مكان وأخذ على ذلك أجرا يكون قد باع سيارته لك.

إن هذا جهد مبذول أنت تراه حين تعطي الأجر لإنسان يحمل لك متاعك إلى المحل الذي تريد، وتعطيه إلى إنسان ينقلك في سيارته أو على دابته إلى حيث تريد؛ تماما كما تعطيه لإنسان ينقل لك المصحف بخطه في أوراق تريدها حتى يكون بين يديك نسخة من المصحف، وأنت تعطيه لمن يعلم ولدك القرآن، وأنت تعطيه لمن يرقيك بالقرآن، إنه على الجملة مال في مقابلة جهد مبذول، ولذلك يسميها العلماء أجرة ولا يسمونها ثمنا.

فإن كان هؤلاء لم يفرقوا بين العين والجهد المبذول وبين الثمن والأجرة، فإني أرجو من الله أن تكون الأمثلة التي ذكرت قد جلت لهم حقيقة الأمر، وهي أن ذلك أجر على جهد مبذول وليس ثمنا للقرآن، وجعلته أمامهم واضحا لا سترة به[15].

ومما سبق ذكره يتبين أن الحديث في أعلى درجات الصحة، والرقية بفاتحة الكتاب أمر مستحب أكده النبي - صلى الله عليه وسلم - وجوز أخذ الأجر عليه، والذي عليه جمهور العلماء أنه لا شيء ألبتة في أخذ الأجرة على الرقية بالقرآن وتعليمه، وغير ذلك من المنافع التي تقدم للمسلمين؛ وأخذ الأجر عليها للإنفاق على الأهل أفضل من انصراف الناس عنها للبحث عن لقمة عيشهم، لذلك فطعنهم في الحديث بحجة عدم جواز أخذ أجر على الرقية أمر غير مقبول.

ثانيا. القرآن هداية للبشر وشفاء للناس:

ليس هناك تعارض بين أن يكون القرآن كتاب هداية وأن يكون فيه شفاء للناس، فقد جمع القرآن الكريم بينهما، وقد وصف الله تعالى القرآن بهذا الوصف في أكثر من موضع من كتابه العزيز؛ فقال تعالى: )يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور( (يونس: ٥٧)، وقال أيضا: )وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين( (الإسراء: ٨٢)، وقال سبحانه وتعالى: )أأعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء( (فصلت:٤٤)، وهذا الآيات صريحة في كونه شفاء للناس، وهذا الوصف لا يوصف به إلا إذا كان له فائدة، وإلا فلا معنى له.

وقد أجرى الدكتور أحمد القاضي في الولايات المتحدة مجموعة من الدراسات على أشخاص غير مسلمين، ولا يعرفون العربية أصلا؛ بالاتفاق مع المستشفيات، وباتفاق مع المرضى أنفسهم، وأثبت علميا أن سماع القرآن - بغض النظر عن فهمه واستيعابه - يؤدي إلى زيادة درجة المناعة عند الناس، وهذا معنى قوله تعالى: )وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا (82)( (الإسراء) ويعني: أن القرآن ليس علاجا واحدا لكل الأمراض بقدر ما هو يعني تأهيل جهاز المناعة لمقاومة كل الأمراض.

وقام الدكتور أحمد القاضي بهذا البحث في الثمانينات تقريبا، ونشر كبحث جيد، وتبعه أبحاث أخرى أجريت في مصر، وأجريت في بعض المناطق الأخرى، وقد قسم المرضى إلى عدة أقسام، مجموعة سمعت القرآن، ومجموعة سمعت لغة عربية بنفس لحن القرآن حتى نكون محايدين، ومجموعة سمعت موسيقى، ومجموعة لم تسمع شيئا، ووضعت أجهزة على الدماغ لقياس موجات الدماغ ومعرفة هذه الذبذبات، وتشمل هذه الموجات موجات الهدوء، موجات التوتر، وموجات كذا وكذا، فوجد بأن الذين استمعوا إلى القرآن هم أكثر الناس الذين ظهرت علامات الراحة النفسية والطمأنينة والسكينة عليهم مع أنهم لم يسمعوا بالقرآن سابقا[16].

وهناك دراسة علمية نشرتها هيئة المستحضرات الطبية تقول بأن سماع القرآن الكريم يعمل على تنشيط الجهاز المناعي سواء كان المستمع مسلما أو غير مسلم.

وأشارت الدراسة التي أجريت عن كيفية تنشيط جهاز المناعة بالجسم للتخلص من أخطر الأمراض المستعصية والمزمنة إلى أن 97% ممن أجريت عليهم تجربة سماع القرآن سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، ويعرفون العربية أو لا يعرفونها، ظهرت عليهم تغيرات وظيفية تدل على تخفيف درجة التوتر العصبي التلقائي.

وذكرت الدراسة التي نشرتها هيئة المستحضرات الطبية أنه أمكن تسجيل ذلك كله بأحدث الأجهزة العلمية وأدقها، مما يدل على أن التوتر يؤدي إلى نقص المناعة في الجسم من خلال إفراز بعض المواد داخل الجسم أو حدوث ردود فعل بين الجهاز العصبي والغدد الصماء، ويتسبب ذلك في إحداث خلل في التوازن الوظيفي الداخلي للجسم، وأوضحت أن الأثر القرآني المهدئ للتوتر يؤدي إلى تنشيط وظائف المناعة، لمقاومة الأمراض والشفاء منها[17].

هذه بعض التجارب التي أثبتت أن القرآن شفاء من كل داء، وهي غيض من فيض، لو أردنا إحصاءها ما استطعنا، اكتفينا بذلك للتدليل فقط، وإن كان القرآن شفاء للناس وهداية لهم من الضلال، فما الضرر في ذلك؟ وما العجب من أن يكون هذا التداوي بالقرآن إعجازا له كبقية أنواع الإعجاز القرآني الأخرى؟!

وأظنه لا يغيب عن بال الكثيرين منا أن هناك من كلام البشر ما يكون له تأثير معين على سامعيهم، فتظهر تأثيرات هذا الكلام على أجسامهم بالرضا أو بالغضب أو نحوهما من الأمور المتقابلات، وقد تناقش بعض المعترضين على مسألة التداوي بكلام الله مع أحد العلماء، فقال له: كيف يشفى المريض بكلمة؟ هذا غير معقول! فقال العالم له اسكت أنت يا حمار!! فغضب الرجل، وهم بترك المكان وقد ثارت ثورته، فنظر إليه العالم، وقال: انظر ماذا فعلت بك كلمة من بشر؟ فما بالك بكلمة المتكلم بها هو الحق سبحانه وتعالى؟![18].

ومن المعلوم أن بعض الكلام له خواص ومنافع مجربة، فما الظن بكلام رب العالمين، الذي فضله على كل كلام كفضل الله على خلقه، الذي هو الشفاء التام، والعصمة النافعة، والنور الهادي، والرحمة العامة، الذي لو أنزل على جبل لتصدع من عظمته وجلالته. قال عز وجل: )وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا (82)( (الإسراء)، و"من" هنا لبيان الجنس لا للتبعيض، هذا أصح القولين، كقوله تعالى: )وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما (29)( (الفتح) وكلهم من الذين آمنوا وعملوا الصالحات، فما الظن بفاتحة الكتاب التي لم ينزل في القرآن، ولا في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزبور مثلها، المتضمنة لجميع معاني كتب الله، المشتملة على ذكر أصول أسماء الرب - عز وجل - ومجامعها، وهي الله، والرب، والرحمن، وإثبات المعاد، وذكر التوحيدين: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وذكر الافتقار إلى الرب سبحانه في طلب الإعانة وطلب الهداية، وتخصيصه سبحانه بذلك، وذكر أفضل الدعاء على الإطلاق وأنفعه وأفضله، وما العباد أحوج إليه، وهو الهداية إلى صراط الله المستقيم، المتضمن كمال معرفته وتوحيده وعبادته بفعل ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه، والاستقامة عليه إلى الممات، ويتضمن ذكر أصناف الخلائق وانقسامهم إلى منعم عليه بمعرفة الحق، والعمل به، ومحبته، وإيثاره، ومغضوب عليه بعدوله عن الحق، بعد معرفته له، وضال بعدم معرفته له. وهؤلاء أقسام الخليقة مع تضمنها لإثبات القدر، والشرع، والأسماء، والصفات، والمعاد، والنبوات، وتزكية النفوس، وإصلاح القلوب، وذكر عدل الله وإحسانه، والرد على جميع أهل البدع والباطل، وحقيق بسورة هذا بعض شأنها، أن يستشفى بها من الأدواء، ويرقى بها اللديغ.

وبالجملة فما تضمنته الفاتحة من إخلاص العبودية والثناء على الله، وتفويض الأمر كله إليه، والاستعانة به، والتوكل عليه، وسؤاله مجامع النعم كلها، وهي الهداية التي تجلب النعم، وتدفع النقم، من أعظم الأدوية الشافية الكافية.

يقول الإمام ابن القيم: وقد قيل: عن موضع الرقية منها: )إياك نعبد وإياك نستعين (5)( (الفاتحة)، ولا ريب أن هاتين الكلمتين من أقوى أجزاء هذا الدواء، فإن فيهما من عموم التفويض والتوكل، والالتجاء والاستعانة، والافتقار والطلب، والجمع بين أعلى الغايات، وهي عبادة الرب وحده، وأشرف الوسائل، وهي الاستعانة به على عبادته، ما ليس في غيرها، ولقد مر بي وقت بمكة سقمت فيه وفقدت الطبيب والدواء، فكنت أتعالج بها، آخذ شربة من ماء زمزم، وأقرؤها عليها مرارا، ثم أشربه، فوجدت بذلك البرء التام، ثم صرت أعتمد ذلك عند كثير من الأوجاع، فأنتفع بها غاية الانتفاع"[19].

إن النفس جزء من كيان الإنسان، كما أن الجسم جزء آخر من هذا الكيان، وبين الجسم والنفس علاقة تأثير وتأثر متبادلة، فقد يصيب الجسم أوجاع وآلام ويجمع الأطباء أنه لا عطب فيه، ويحتاج هذا الجسم إلى علاج من نوع آخر يتوجه منه الطبيب المعالج إلى النفس يعالج آلامها ويجتث ما من الأعماق.

وقد أصبح لهذا اللون من العلاج متخصصون يعالجون به، وأصبح ذلك من الحقائق العلمية المقررة، وهذا كله من قبيل الأسرار الخفية التي لا يعلمها إلا الله، فهذا سر من الأسرار في الإنسان، والله الذي وضع في الكون سره وفي الإنسان سره، ووضع في كتابه سره، هو القادر عليه[20].

لقد نجح الطب النفسي نجاحا كبيرا، ووجد له علماء مختصون به وبخصائصه وأدواته حتى صار قرين طب الأجساد من حيث الأهمية والاعتبار، فأنشئت المستشفيات الخاصة بالأمراض النفسية، وقامت الدراسات المتتابعة في شكل مؤتمرات وحلقات علمية بتتبع أحوال النفس وما يعتريها وانعكاسات ذلك على البدن، وكان من نتيجة ذلك كله أن سلم الجميع بأن للكلام تأثيرا في النفس الإنسانية، وبه استطاعوا أن يحققوا نجاحا كبيرا في شفاء كثير من الأمراض.

فإن كان كلام البشر له هذا التأثير في النفس الإنسانية فما بالك بكلام رب البشر، وإن كان القرآن شفاء للناس بنص القرآن نفسه، والأحاديث الصحيحة والتجارب الواقعية العديدة، فما الغرابة في كونه شفاء مع كونه هداية للبشر؟!

وليس في ذلك تقليل من شأن القرآن، أبدا، بل أنزله الله لغايات عدة هذه إحداها كما أخبر - سبحانه وتعالى - فطالما أنه القائل: )وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين( (الإسراء)، فليس في استخدام ما أخبر الله به ضلال أو خطأ أو تقليل من شأن القرآن.

ولهذا فإن استدلالهم بأن القرآن ليس كتاب تداو وعلاج على بطلان الحديث استدلال باطل. ولا دليل لهم على ذلك.

ثالثا. إن تنويع النبي - صلى الله عليه وسلم - بين القرآن وريقه أو يمينه في دواء المرضى من باب التنويع بين ما هو جائز:

إن التداوي بالقرآن أمر مشروع ثابت، والتداوي بريق النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر مشروع أيضا، ولا فرق بين هذا وذاك؛ إذ هما سواء، وكما بينا أن الاستشفاء بالقرآن أمر ثابت بنصوص القرآن والسنة والتجارب المتعددة؛ فإننا نثبت أن الاستشفاء بريق النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر ثابت صحيح أيضا.

فقد روى البخاري في صحيحه عن عمرة عن عائشة قالت:«كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في الرقية: بسم الله تربة أرضنا، وريقة بعضنا، يشفى سقيمنا بإذن ربنا»[21].

قال النووي: "معنى الحديث أنه يأخذ من ريق نفسه على إصبعه السبابة، ثم يضعها على التراب فيعلق بها منه شيء، فيمسح به على الموضع الجريح أو العليل ويقول هذا الكلام في حال المسح"[22].

وقال القرطبي عن هذا الحديث: "فيه دلالة على جواز الرقي من كل الآلام، وأن ذلك كان أمرا فاشيا معلوما بينهم، قال: ووضع النبي - صلى الله عليه وسلم - سبابته بالأرض ووضعها عليه يدل على استحباب ذلك عند الرقية، ثم قال: وزعم بعض علمائنا أن السر فيه أن تراب الأرض لبرودته ويبسه يبرئ الموضع الذي به الألم، ويمنع انصباب المواد إليه، ليبسه مع منفعته في تجفيف الجراح واندمالها"[23].

وروى البخاري أيضا في صحيحه عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوذ بعضهم يمسحه بيمينه: أذهب الباس، رب الناس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما»[24].

وهذا الحديث فيه دلالة على أن مسح النبي - صلى الله عليه وسلم - بيمينه على المريض شفاء له، فالذي نريد القول به أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينوع بين استخدام القرآن، وبين استخدام ريقه أو يمينه، وليس في استخدام النبي - صلى الله عليه وسلم - ريقه أو يمينه في دواء المرضى تفضيل لذلك منه على القرآن، وإنما ذلك من باب التنويع بين ما هو جائز، والتوسيع على المسلمين في ذلك.

الخلاصة:

  • إنالرقيةبفاتحةالكتابأمرثابتعنالنبي - صلى الله عليه وسلم - وحديث أبي سعيد الخدري روي في الصحيحين، وهو بذلك في أعلى درجات الصحة، وهو واضح في الدلالة على جواز الرقية بفاتحة الكتاب وأثرها الطيب في علاج المرقي بها.
  • إنأخذالأجرةعلىالرقيةبالقرآنأمرمشروعفعلهالصحابةالكراموأقرهمالنبي - صلىالله عليه وسلم - عليه، بل طلب النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم أن يجعلوا له نصيبا من هذا الأجر، وجمهور العلماء على جواز ذلك، وجواز أخذ الأجرة على كل الأعمال التي تقدم نفعا للغير، وقد جوز النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الأمر في أكثر من واقعة.
  • لقدكان المسلمون في العهد الأول يؤدون هذه الخدمات ابتغاء وجه الله، لا ينتظرون جزاء ولا شكورا، لكن هذا لا يطعن في تقوى من يأخذ أجرا، طالما أنه في حاجة إليه؛ حتى لا يتعطل مثل هذا العمل لانشغال الناس بلقمة عيشهم، وقد كان أبو سعيد الخدري وأصحابه في أشد الحاجة إلى الطعام، لاسيما بعد أن رفض القوم استضافتهم، وهذا مبرر كاف لأخذهم الأجر على رقياهم.
  • إنأخذالأجرةعلىالرقيةبالقرآنلايعدبيعاللقرآن؛وإنماهوأجرفيمقابلالجهدالمبذولفيتأديةالخدمةلامقابلقراءةالقرآننفسه،كماهوالحالإذااستأجرتسيارةلتوصيلكمكانا ما فلا يعد هذا الأجر ثمنا للسيارة.
  • إنالقرآنشفاءللأمراض،وقدنصالقرآنعلىذلكفيأكثرمنآية،وقدأجريتالعديدمنالتجاربفأثبتتأنللقرآنتأثيراعظيمافيالنفوس،وفيعلاجالكثيرمنالأمراض،وإنكانقدثبتأنلكلامالبشرتأثيرافيشفاءالنفس،وقد نشأ ما يسمى بعلم النفس للاستفادة من ذلك، فما بالك بكلام رب البشر؟!
  • إنقولالنبي - صلىاللهعليهوسلم - بأنالفاتحةرقية،وأنهكانيداويأصحابهبريقهأوبوضعيمينهلايتعارضان؛إذإنكلذلكجائز،وهذامنبابالتنويعوالتوسيععلىالمسلمين،ومنرحمةالله تعالى بعباده المؤمنين.

 

 

(*) ضلالات منكري السنة، طه حبيشي، مكتبة رشوان، القاهرة، ط1، 1417هـ/ 1996م.

[1]. لم يقروهم: لم يضيفوهم.

[2] .قلبة: أي علة يقلب منها من شدة الداء.

[3]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الإجارة، باب: ما يعطى في الرقية على أحياء العرب بفاتحة الكتاب، (4/ 529)، رقم (2276).

[4]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الطب، باب: الرقى بفاتحة الكتاب، (10/ 208)، رقم (5736).

[5]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: السلام، باب: جواز أخذ الأجرة على الرقية بالقرآن والأذكار، (8/ 3324)، رقم(5629)

[6]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (4/ 529).

[7]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (4/ 531).

[8]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الذبائح والصيد، باب: قول الله: ) أحل لكم صيد البحر....(، (9/ 530)، رقم (5494).

[9]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الحج، باب: تحريم الصيد للمحرم، (5/ 1870)، رقم (804).

[10]. شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (8/ 3326).

[11] . الجنف: الميل في الكلام وفي الأمور كلها.

[12]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الطب، باب: الشروط في الرقية بفاتحة الكتاب، (10/ 209)، رقم (5737).

[13]. مجموع فتاوي ورسائل ابن عثيمين، جمع وترتيب: فهد بن ناصر السليمان، (17/ 39).

[14]. ضلالات منكري السنة، د. طه حبيشي، مكتبة رشوان، القاهرة، ط1، 1417هـ/ 1996م، ص202: 205 بتصرف.

[15]. ضلالات منكري السنة، د. طه حبيشي، مكتبة رشوان، القاهرة، ط1، 1417هـ/ 1996م، ص209، 210 بتصرف.

[16]. انظر: آيات الإعجاز العلمي من وحي الكتاب والسنة، عبد الرحمن سعد صبي الدين، دار المعرفة، بيروت، ط1، 1429هـ/ 2008م، ص284، 285.

[17]. آيات الإعجاز العلمي من وحي الكتاب والسنة، عبد الرحمن سعد صبي الدين، دار المعرفة، بيروت، ط1، 1429هـ/ 2008م، ص285 بتصرف.

[18]. ضلالات منكري السنة، طه حبيشي، مكتبة رشوان، القاهرة، ط1، 1417هـ/ 1996م، ص208 بتصرف.

[19]. زاد المعاد في هدي خير العباد، ابن القيم، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وعبد القادر الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط8، 1405هـ/ 1985م، (4/ 177، 178).

[20]. ضلالات منكري السنة، طه حبيشي، مكتبة رشوان، القاهرة، ط1، 1417هـ/ 1996م، ص208 بتصرف.

[21]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الطب، باب: رقية النبي صلى الله عليه وسلم، (10/ 216)، رقم (5746). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: السلام، باب: استحباب الرقية من العين والنملة والحمة والنظرة، (8/ 3321)، رقم (5615).

[22]. شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (8/ 3320).

[23]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (10/ 219).

[24]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الطب، باب: مسح الراقي الوجع بيده اليمنى، (10/ 221)، رقم (5750).

  • الاربعاء PM 02:56
    2020-10-14
  • 1368
Powered by: GateGold