المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 408995
يتصفح الموقع حاليا : 421

البحث

البحث

عرض المادة

اتهام النبي - صلى الله عليه وسلم - بفساد عقيدته؛ لتوهمه خروج الناس من الإسلام أفواجا

          اتهام النبي - صلى الله عليه وسلم - بفساد عقيدته؛ لتوهمه خروج الناس من الإسلام أفواجا(*)

مضمون الشبهة:

يتهم بعض المغالطين النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه كان يعتقد أن الناس سيخرجون من الإسلام أفواجا، كما دخلوه أفواجا؛ مستدلين على ذلك بما زعموه من أنه - صلى الله عليه وسلم - بكى لهذا السبب؛ ويبرهنون على دليلهم بما نسبوه لجابر بن عبد الله من أنه لما نزل قول الله عز وجل: )ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا (2)( (النصر) بكى الرسول صلى الله عليه وسلم, وقال: «إن الناس دخلوا في دين الله أفواجا، وسيخرجون أفواجا». ويرمون من وراء ذلك إلى التشكيك في مدى كمال عقيدة النبي - صلى الله عليه وسلم - وثقته في ثبات أمته على الإسلام.

وجها إبطال الشبهة:

1) لقد استشهد مثيرو الشبهة بحديث ضعيف, ولم يكتفوا بالاستناد إليه على ضعفه؛ بل راحوا يحرفون نصه, فجعلوا النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الباكي, علما أن الباكي حسب الرواية المذكورة في هذا الشأن هو جابر بن عبد الله رضي الله عنهما, ثم إن دخول الناس في الإسلام أفواجا كان عن اقتناع تام ورضا منهم به، ولا يوجد أي دافع لأن يخرجوا منه وهم الذين لم يجبروا على الدخول فيه.

2)  معلوم أن الإسلام هو أسرع الأديان انتشارا بين الأمم والشعوب المختلفة، وهذا ما تشهد به الدراسات التي قام بها الغربيون أنفسهم، كما أن دخول الإسلام واستقراره في نفوس معتقديه هو ما يثبته التاريخ وليس عكسه.

التفصيل:

أولا. لقد استند مثيرو الشبهة إلى حديث ضعيف محرف:

نشير بادئ ذي بدء إلى أن الحديث الذي استند إليه مثيرو هذه الشبهة حديث ضعيف, أورده الإمام أحمد في مسنده, وضعفه الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في "السلسلة الضعيفة".

ونص الحديث كما أورده الإمام أحمد: «عن أبي عمار:حدثني جار لجابر بن عبد الله قال: قدمت من سفر، فجاءني جابر بن عبد الله يسلم علي، فجعلت أحدثه عن افتراق الناس وما أحدثوا، فجعل جابر يبكي، ثم قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الناس دخلوا في دين الله أفواجا، وسيخرجون منه أفواجا».

وواضح أن مثيري هذه الشبهة حرفوا نص الحديث, فجعلوا الباكي هو النبي صلى الله عليه وسلم, ونصه - كما رواه الإمام أحمد - يثبت أن البكاء كان من جابر بن عبد الله رضي الله عنه.

هذا وقد ضعف الألباني هذا الحديث قائلا: "قلت: وهذا إسناد ضعيف, رجاله ثقات, غير جار جابر, فلا يعرف" [1].وحتى على فرض صحته فالمقصود به قبائل العرب المرتدة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، وقد عادت للإسلام.

هذا ما كان بشأن سند الحديث, أما مضمونه فبين البطلان؛ لأن الناس قد دخلوا في الإسلام أفواجا عن اقتناع تام ورضا منهم به، ولا يوجد أي دافع للخروج منه، وهم الذين لم يجبروا على الدخول فيه, فمن المعروف أن من أكره على شيء لا يلبث أن يتحلل منه إذا وجد الفرصة سانحة له، بل ويصبح حربا على هذا الذي أكره عليه.

ومن يقرأ التاريخ الصادق يجد أن العرب - إلا شرذمة تسور الشيطان عليها - ثبتوا على ما تركهم عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، وحملوا الرسالة وبلغوا الأمانة كأحسن ما يكون البلاغ إلى الناس كافة، ولم يزالوا يكافحون ويجاهدون في سبيل تأمين الدعوة وإزالة العوائق من طريقها، حتى بلغت ما بلغ الليل والنهار في أقل من قرن من الزمان، ومن يطلع على ما صنعه العرب في حروبهم وفتوحاتهم - لا يسعه إلا أن يجزم بأن هؤلاء الذين باعوا أنفسهم رخيصة لله، لا يمكن أن يكون قد تطرق الإكراه إلى قلوبهم، وفي صحائف البطولة التي خطوها أقوى برهان على إخلاصهم وصدق إيمانهم [2].

وإن المتأمل في سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي تاريخ الإسلام على مر العصور, يستطيع أن يتبين بكل يسر الأسباب الحقيقية لانتشار الإسلام، وهي في مجملها أبعد ما تكون عن استخدام القوة والعنف والإكراه، ولا عجب في هذا، فلقد تعددت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تؤكد حرية العقيدة، وأن للمرء أن يختار ما يشاء من الأديان، ولا يكره على أي منها، ومن ذلك قوله: )لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم (256)( (البقرة), وقوله: )فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر( (الكهف: ٢٩).

وقد طبق النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا المبدأ في حياته على أتم وجه، واقتدى بهديه في ذلك أصحابه الكرام، والمسلمون المتقون في كل زمان ومكان، ولعل قصة إسلام ثمامة بن أثال الحنفي - سيد بني حنيفة - خير دليل على تطبيقه - صلى الله عليه وسلم - لمبدأ حرية الاعتقاد.

فقد ذكر الثقات من كتاب السير والحديث أن المسلمين أسروا في سرية من السرايا سيد بني حنيفة - ثمامة بن أثال الحنفي - وهم لا يعرفونه، فأتوا به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعرفه وأكرمه، وأبقاه عنده ثلاثة أيام، وكان في كل يوم يعرض عليه الإسلام عرضا كريما فيأبى، ويقول: إن تسأل مالا تعطه، وإن تقتل تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، فما كان من النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أن أطلق سراحه.

ولقد استرقت قلب ثمامة هذه السماحة الفائقة، وهذه المعاملة الكريمة، فذهب واغتسل، ثم عاد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - مسلما مختارا، وقال له: «يا محمد، والله ما كان على الأرض من وجه أبغض إلي من وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلي, والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك، فقد أصبح دينك أحب الدين كله إلي, والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك، فأصبح بلدك أحب البلاد إلي» [3].

هذا ما استشهدنا به في معرض الإيمان الفردي، وهو للاستشهاد فقط، فما حدث لثمامة قد حدث مع الكثيرين من مشركي العرب.

وكذلك فالمتأمل لقصص دخول قبائل العرب في الإسلام أفواجا، يجدها أيضا خير تمثيل لتطبيق مبدأ حرية الاختيار، فلم يجبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يكن في مقدوره هو ولا أصحابه - كل هذه القبائل على الدخول في الإسلام، ولكن الحقيقة أن العرب كانت قد سمعت بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وبدعوته, فكانت تنتظر بإسلامها الفتح، فيقولون: اتركوه وقومه، فإنه إن ظهر عليهم فهو نبي صادق، فلما فتح النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة بادر كل قوم بإسلامهم، وتتابعت الوفود على المدينة في هذين العامين: التاسع والعاشر، ودخل الناس في دين الله أفواجا، حتى إن الجيش الإسلامي الذي كان قوامه عشرة آلاف مقاتل في فتح مكة، إذا هو يزخر في ثلاثين ألف مقاتل في غزوة تبوك قبل أن يمضي على فتح مكة عام كامل، ثم نرى في حجة الوداع بحرا من رجال الإسلام: مائة ألف من المسلمين، أو مائة وأربعة وأربعون ألفا.

والوفود التي سردها أهل المغازي يزيد عددها على سبعين وفدا، لا يمكن استقصاؤها، وليس ثمة كبير فائدة في بسط تفاصيلها، ويكفينا أن ندلل على أن هذه الوفود لم تجبر على الدخول في الإسلام بأن نذكر قصة إسلام وفد من هذه الوفود, وهو يدل على مجمل إسلام سائر القبائل العربية, وليكن هذا الوفد هو وفد همدان.

فقد قدموا سنة 9هـ مرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من تبوك، فكتب لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتابا أقطعهم فيه ما سألوه، وأمر عليهم مالك بن النمط، واستعمله على من أسلم من قومه، وبعث إلى سائرهم خالد بن الوليد - رضي الله عنه - يدعوهم إلى الإسلام، فأقام ستة أشهر يدعوهم فلم يجيبوه، ثم بعث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأمره أن يرجع خالدا، فجاء علي إلى همدان، وقرأ عليهم كتابا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودعاهم إلى الإسلام، فأسلموا جميعا، وكتب علي ببشارة إسلامهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قرأ الكتاب - أي قرئ له - خر ساجدا، ثم رفع رأسه فقال: "السلام على همدان، السلام على همدان".

إذن فدخول الناس في الإسلام أفواجا كان برضا منهم، واقتناع تام بأنه الدين الحق، فما الداعي إذن لخروجهم منه أفواجا، كما دخلوه أفواجا؟

إن المرء ليعجب من مخالفة هذا الادعاء للمنطق والعقل من ناحية، ومخالفته لحقائق التاريخ والواقع من ناحية أخرى؛ فمنذ أن بعث الله - رضي الله عنه - محمدا - صلى الله عليه وسلم - إلى الآن لم نعلم أن أفواجا من المسلمين قد خرجوا منه دون سبب، أو بسبب من الترهيب والترغيب، فالمسلمون هم أشد الناس تمسكا بدينهم، ولو أرادوا الخروج منه أفواجا، لخرجوا منه يوم أن غزا التتار ديار الإسلام بأساليبهم الوحشية، فدمروا وخربوا، وأسالوا الدماء أنهارا، ولكن ما حدث هو العكس، فقد فتح الله قلوب كثير من هؤلاء الغزاة لعقيدة الإسلام[4]، أليس هذا تكذيبا لهذا الادعاء؟!

لو أراد المسلمون أن يخرجوا من الإسلام أفواجا، لخرجوا منه يوم جاء الصليبيون إلى بيت المقدس، وأصبحت الخيل تخوض في دماء المسلمين، لو أراد المسلمون أن يخرجوا من الإسلام أفواجا لخرجوا منه وهم تحت وطأة الاستعمار الأوربي، وقوافل التنصير تبذل كل ما في وسعها لاستمالة قلوبهم.

ولكن على الرغم من كل هذه الأزمات ظل الإسلام شامخا، وظل تمسك المسلمين بدينهم لا يتزحزح قيد أنملة, إن فيما حدث مع المسلمين في الأندلس وفي البوسنة والهرسك والشيشان وغيرها، من محاولات لصرفهم عن دينهم - لخير دليل على ما نقول، فقد ضرب المسلمون أروع الأمثلة في التمسك بالعقيدة في كل زمان ومكان.

فكيف يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يعتقد بأن الناس سيخرجون من الإسلام أفواجا كما دخلوه؟ لا شك أن هذا أمر لا يمكن أن ننسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم, الذي بشره ربه بأن دينه سيملأ مشارق الأرض ومغاربها، ويظهر على ما عداه من أديان.

ثانيا. الإسلام هو أسرع الأديان انتشارا بين الأمم والشعوب المختلفة:

إن المتأمل في تاريخ انتشار الأديان قديما وحديثا، يجد أن الإسلام هو أعظم الأديان انتشارا، وقد سبق أن أشرنا إلى إسلام قبائل العرب، وتتابع الوفود على النبي - صلى الله عليه وسلم - لإعلان الإسلام, وقد أخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن اتساع ملك أمته - وهذا على عكس ما يتوهمون - فقد جاء في حديث صحيح قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله زوى[5] لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها, وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها» [6]. وقد كان ذلك.

فبعد مضي أقل من قرن على موت النبي - صلى الله عليه وسلم - وصل الإسلام إلى حدود الصين شرقا، وإلى المحيط الأطلنطي وحدود الأندلس غربا، وقد يقول قائل: لعل سبب انتشار الإسلام بين شعوب تلك المناطق يرجع إلى قوة المسلمين في ذلك العصر، واستخلافهم في الأرض، ونحن نقول له: إن انتشار الإسلام لم يكن في يوم من الأيام راجعا إلى قوة المسلمين، أو سلطانهم فحسب، فالتاريخ يشهد بانتشار الإسلام حتى في لحظات ضعف المسلمين وهزيمتهم.

لقد مر المسلمون بمحن كثيرة على مدار التاريخ بعد انقسام دولتهم الكبرى إلى دويلات صغيرة، صارت مطمعا لكثير من الغزاة، ومن هذه المحن محنة التتار، وكانت أشد المحن التي واجهها المسلمون.

لقد كان المغول سيلا جارفا، لا يقف في وجههم أي شيء من الجبال والبحار وشدائد الطقوس والفصول، والقحط والأوبئة، ولا يخافون أي خطر ولا مانع، ولم تكن هناك قاعدة ترد هجومهم، ولم تكن تؤثر فيهم استغاثة من مظلوم، لقد دمروا كل بلد من بلاد الإسلام مروا عليه، وكانت محطتهم الأخيرة مصر، التي باجتيازها يتم القضاء على الإسلام، ولكن الله أراد نصرة المسلمين على يد سيف الدين قطز ومن معه من المسلمين، فماذا كانت النتيجة؟

لقد بدأت دعوة الإسلام تنتشر فجأة في هذا الشعب الذي جاء بالأمس غازيا لبلاد الإسلام، وتحقق على أيدي دعاة الإسلام ما لم يتحقق بالأسنة والرماح، وبطش السلاطين الملوك، وبدأ الإسلام تتشربه نفوس أعدائه ويأخذ بمجامع قلوبهم، إن خضوع هذا الشعب - الذي قهر المسلمين - أمام الإسلام من أغرب الوقائع والأحداث في التاريخ.

إن هجوم التتار على العالم الإسلامي كله ليس من الغريب المدهش كما يبدو في الظاهر, فالشعب التتري شعب قوي أبي، القوي الأبي الذي نشأ على حياة البداوة والهمجية والضراوة، ولكن الغريب المدهش أن هذا الشعب خضع للمسلمين المقهورين، واعتنق دينهم في أوج قوته وذروة سلطانه، ذلك الدين الذي فقد كثيرا من سلطانه السياسي المادي آنذاك، وكان أتباعه موضع سخرية واحتقار في نظر التتار[7].

إننا نشاهد في كل يوم تزايد عدد المسلمين، ودخول الناس أفواجا وفرادى في الإسلام, وليس العكس, وهذا ما توضحه الإحصاءات الآتية:

لقد قام أحد علماء الغرب واسمه "كيث ستام" بدراسة؛ للتعرف على نسبة انتشار الأديان المختلفة، وذلك خلال نصف قرن (من سنة 1934م - 1984م).

من خلال هذه الدراسة يتبين أن الإسلام هو الديانة الأسرع انتشارا في العالم؛ فالزيادة لجميع المذاهب والملل المسيحية مجتمعة كانت نسبتها 138%، وفي المقابل زيادة غير متوقعة للإسلام بلغت 235%.

وقد أشار كيث في بحثه إلى أن هذه النتائج تؤكد حقيقة سرعة انتشار الإسلام في كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية.

وعلى نفس هذا المنهج العلمي، سار انجمار كارلسون E. Karlson في كتابه: "الإسلام في أوربا" موضحا أن المسلمين يزداد عددهم بمعدلات أعلى في أوربا، وسوف نعرض هنا لمقتطفات مما قاله الكاتب في الصفحات من (122 - 136) من كتابه, يقول في دراسة أعدها الكونجرس اليهودي العالمي بعنوان "صمود الإسلام في أوربا": أكدت هذه الدراسة أن الإسلام يتمتع بمعدلات نمو أعلى في أوربا، فهناك حوالي 20 مليون مسلم في الاتحاد الأوربي، وربما يصل العدد عام 2020 إلى نحو 105 مليون مسلم.

إن عدد المسلمين في بريطانيا مثلا عام 1963م كان لا يزيد عن 82 ألف مسلم، ارتفع في ثلاثين عاما حتى بلغ أكثر من المليونين، وتشير الإحصائيات إلى أن في الاتحاد الأوربي نحو 7000 جمعية ومركز إسلامي ومسجد, يستفيد من خدماتها أكثر من 16 مليون مسلم، ونستعرض بعضا من الإحصائيات عن الإسلام في بعض الدول الأوربية الأخرى:

  • الإسلام في ألمانيا:

يزيد عدد المسلمين فيها عن 2 مليون، والإسلام هو الدين الوحيد الذي يزداد عدد أتباعه باطراد في ألمانيا, ولقد وجدت الجماعات الإسلامية في ألمانيا ضمانات لممارسة نشاطاتها الدينية والسياسية.

  • الإسلام في إيطاليا:

وصل عدد المسلمين بها إلى أكثر من مليون وثمانين ألفا, وأنشأ هؤلاء 450 مسجدا.

  • الإسلام في بلجيكا:

كان عدد الجالية الإسلامية فيها سنة 1951م ثمانية آلاف مسلم, تضاعف هذا العدد ليصل في سنة 1974م إلى 200 ألف مسلم، أي يزداد عدد المسلمين بنحو 8300 مسلم في السنة, وفي قرى ومدن بلجيكا 100 مسجد، ينتظم أغلبها دورات تعليمية لحفظ القرآن الكريم ودراسة اللغة العربية[8].

  • إسلام أكثر من 300 ألف سجين أمريكي:

لقد تحول السجناء في أمريكا ليس فقط إلى مواطنين صالحين مسلمين هادئين، ولكن أيضا إلى دعاة خير وحب وتقوى وبناة مجتمع صحيح مسلم، ويحدث هذا التحول العظيم لأفواج تلو أفواج، تتدفق إلى عالم جديد أراده الله لها، فارتضته، فأصبح عدد السجناء الذين اعتنقوا الإسلام أكثر من 300 ألف مسلم، أصبح من بينهم 100 ألف داعية يحفظون القرآن[9].

إن ما ذكرناه الآن هو من باب الاستشهاد فقط، فلا يمكن استقصاء كل من دخل في الإسلام، ونحن إذا تتبعنا معدلات انتشار الإسلام في الوقت الحاضر، لعجبنا من ارتفاع هذه المعدلات بنسبة هائلة عن سائر الأديان.

هذه هي دراسات الغربيين عن انتشار الأديان كما نقلوها هم لنا، وهي تبين بكل جلاء أن النصرة والاستخلاف في الأرض في طريقهما إلى الإسلام، ففي كل يوم أفواج تتلوها أفواج تدخل في الإسلام، وقد صدق الله حينما قال في كتابه الكريم: )هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون (33)( (التوبة), ولقد بشر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك فقال: «ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر، إلا أدخله الله في هذا الدين بعز عزيز، أو بذل ذليل، عزا يعز الله به الإسلام، وذلا يذل به الكفر»[10].

إن انتشار الإسلام وظهوره على غيره من الأديان هو الحقيقة التي لا يمكن أن ينكرها أحد، وهو ما جاء في القرآن الكريم، وما جاء على لسان النبي صلى الله عليه وسلم، فكيف يقال إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان معتقدا أن الناس سيتركون الإسلام أفواجا؟!

الخلاصة:

  • لقد استدل مثيرو هذه الشبهة بحديث ضعيف, ورد في مسند الإمام أحمد, وضعفه العلامة الألباني في "السلسلة الضعيفة"، ومن ثم هناك شك في نسبته للنبي صلى الله عليه وسلم, ولم يكتفوا بذلك, بل راحوا يحرفون نصه, ليجعلوا النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الباكي, لا جابر بن عبد الله رضي الله عنه, كما في رواية الإمام أحمد، وعلى فرض صحته فالمقصود به قبائل العرب المرتدة بعد موت النبي، وقد عادت للإسلام.
  • لقد دخل الناس في الإسلام فرادى وجماعات عن اقتناع تام، فلم يحدث في تاريخ الإسلام أن أجبر شعب من الشعوب على الدخول فيه، وإذا كان الأمر كذلك، فما الداعي إذن أن يخرج الناس منه أفواجا، وهم قد دخلوه برضا منهم واقتناع، والواقع يؤيد هذا، فالثابت أن المسلمين هم أشد الناس تمسكا بدينهم، وذلك على الرغم من تكثيف المحاولات المستميتة من أعدائهم لصرفهم عن الإسلام، سواء بالترغيب أو الترهيب.
  • إن المتأمل في وقائع التاريخ يتبين له بكل سهولة أن الإسلام هو أسرع الأديان انتشارا بين شعوب الأرض، أما بالنسبة للوقت الحاضر فقد كشفت الدراسات الغربية عن مفاجآت مذهلة بخصوص انتشار الإسلام، حتى توقع كثير من الدارسين أنه سيكون دين الغرب القادم، ويكفي أن نشير لتلك الدراسة التي تناولت انتشار الأديان بين عامي 1934م - 1984م، والتي خلصت إلى نتيجة مؤداها أن زيادة نسبة الدخول في الإسلام ارتفعت إلى 235%، فأين إذن تلك الوفود التي خرجت من الإسلام أفواجا كما يزعمون؟!

 

 

(*) موسوعة القرآن العظيم, د. عبد المنعم الحفني، مكتبة مدبولي، القاهرة، ط1، 2004م.

[1]. السلسلة الضعيفة, محمد ناصر الدين الألباني, مكتبة المعارف، الرياض، د. ت، برقم 3153.

[2]. السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة, د. محمد محمد أبو شهبة، دار القلم، دمشق، ط8، 1427هـ/2006م، ج2, ص101.

[3]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المغازي، باب وفد بني حنيفة وحديث ثمامة بن أثال (4114)، ومسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب ربط الأسير وحبسه وجواز المن عليه (4688).

[4]. انظر: المعجزة المتجددة في عصرنا: الإسلام, صالح بن محمد اليافعي، دار القمة، الإسكندرية، ط1، 2007م، ص456: 458.

[5]. زوى: جمع.

[6]. أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض (7440).

[7]. انتشارالإسلام والجهاد, محمد علوان، دار التعاون، القاهرة، ط1، 2004م، ص188, 189 بتصرف.

[8]. انظر: الرد على كتاب جورج بوش "حياة محمد", السيد حامد السيد علي, مطابع الولاء, القاهرة, ط1, 2006م, ص141: 147.

[9]. المعجزة المتجددة في عصرنا: الإسلام, صالح اليافعي، دار القمة، الإسكندرية، ط1، 2007م، ص515 بتصرف.

[10]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند الشاميين، حديث تميم الداري رضي الله عنه (16998)، والحاكم في مستدركه، كتاب الفتن والملاحم (8326)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (3).

  • الثلاثاء PM 10:18
    2020-09-22
  • 1586
Powered by: GateGold