المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409064
يتصفح الموقع حاليا : 218

البحث

البحث

عرض المادة

الزعم أن الطبَّ النبوي خرافة إسلامية

الزعم أن الطبَّ النبوي خرافة إسلامية (*)

مضمون الشبهة:

يزعم بعض الطاعنين أن الطب النبوي مجرد خرافة نشأت على يد مجموعة من الفقهاء المسلمين الذين ألَّفوا الكتب المختلفة في هذا المجال، كابن القيم وغيره؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن طبيبًا، والطب من الأمور الدنيوية، وليس من مهمة الأنبياء، أما ما ثبت من معالجة النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه ببعض الأدوية -كالحجامة- فهي أمور خاصة بالنبي، وهذا لا يعني أن يكون أُسوة لغيره في ذلك؛ لأن الوحي لا دخل له في ذلك، كما أنه لا يوجد شيء اسمه الطب الإسلامي والطب غير الإسلامي، فالإنسان واحد وإن اختلف دينه، والطب كذلك.

 

وجوه إبطال الشبهة:

1)  إن القول بأن الطب النبوي خرافة إسلامية قولٌ ينمُّ عن جهل واضح؛ إذ ثبت بالدليل والبرهان أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر بحقائق طبية لم يستطع العلم الحديث أن يكتشفها إلا في الآونة الأخيرة بعد تقدُّم الأجهزة الطبية، في حين أن سَبْق النبي صلى الله عليه وسلم في الإخبار بها يعدُّ إعجازًا باهرًا في وجه كل مشكِّكٍ، ومن ذلك مثلًا إخبارهصلى الله عليه وسلم عمَّا يحمله التراب من حماية ضد الجراثيم والميكروبات، وغير ذلك كثير لم يُكتشَف على يد العلم إلَّا حديثًا، فهل ما أخبر به العلم الآن خرافة طبية؟!

 

2)  إن ما ثبت من معالجة النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه ببعض الأدوية ـ كالحجامةـ لهو أكبر دليل على فساد هذه الشبهة؛ إذ أثبتت الدراسات الطبية الحديثة دور الحجامة والحبة السوداء وعسل النحل والسواك وغير ذلك من وسائل علاجية أرشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم-في علاج كثير من الأمراض، والحماية من أمراض كثيرة أخرى؛ مما دفع الكثير من علماء الغرب إلى اعتناق الإسلام، فطالما أن العلم هو الذي أقرَّ بهذه الوسائل فلماذا نتركها ولا نتبعها، وليس هناك دليل على اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بها؟!

 

3)  الأحاديث الطبية جزءٌ من السنة، فلا ينبغي إنكارها أو الطعن فيها أو محاولة تعطيل معانيها، بدليل استخدام الصحابة ما ورد في هذه الأحاديث ونفعها لهم؛ لذا أدخل أهل العلم أحاديث الطب في كتبهم، بل أفردوها بالتصنيف؛ ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم بُعث لإصلاح أحوال الناس في معاشهم ومعادهم، كما أن الاكتشافات العصرية الحديثة شهدت بصحة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وعليه فلا سبيل لأي طعن أو تشكيك في الطب النبوي.

 

التفصيل:

أولا. الأدلة والبراهين على أن الطب النبوي حقائق طبية وليس خرافة إسلامية:

 

بداية نودُّ الإشارة إلى أمرٍ مهمٍّ، وهو تعريف الإعجاز العلمي؛ إذ تبيَّن أنه لا يعدو

أن يكون إخبار القرآن الكريم أو السنة النبوية بحقيقة أثبتها العلم التجريبي، وثبت عدم إمكانية إدراكها بالوسائل البشرية في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، مما يُظهِر صدقه فيما أخبر به عن ربه.

 

وإن الباحث المدقِّق ليجد الكثير من الأبحاث المعجزة التي أخبر بها القرآن الكريم والسنة النبوية وتجلَّت في عصرنا، وشاهَد حقائقها أهل الاختصاصات الكونية العلمية الدقيقة في عصرنا، كعلم الفلك وعلوم الأرض والأرصاد والنبات والحيوان وعلوم   الطب المختلفة وعلوم البحار، وغيرها من العلوم الكونية؛ ليكون ذلك دليلًا لكل عاقل

في عصرنا على أن هذا القرآن نزل من عند الله عز وجل، وأن العلامة الإلهية الشاهدة بأنه من الله هي العلم الذي تحمله الآيات وتُجلِّيه الاكتشافات العلمية الدقيقة بعد رحلة طويلة من البحث والدراسة، وباستخدام أدقِّ الآلات التي لم تُصنَع إلَّا في عصر الثورة الصناعية المعاصرة، ولقد أشار القرآن إلى هذا النوع من الإعجاز، ووعد بإظهاره في قوله تعالى: )سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد (53)((فصلت).

 

وكل آية من كتاب الله تحمل علمًا إلهيًّا، يعرفه البشر عند ارتقائهم بأسباب العلوم والمعارف في الميدان الذي تتحدث عنه الآية القرآنية، والقرآن مليءٌ بالآيات التي تتحدث عن مظاهر الكون، وحديثه عن الكون هو حديث مَنْ يعلم أسراره ودقائقه؛ لأنه هو الذي خلقه وأوجده، فهو الأعلم بحقائقه ودقائقه، مع أن البشرية كلها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن تعلم تلك الأسرار، بل كان يغلب على تفكيرها الأسطورة والخرافة؛ لذلك رأينا الجَرَّاح الفرنسي العالمي الشهير الدكتور " بوكاي" يتقدَّم إلى البشرية بأُطروحة قال فيها: "لقد قامت الأدلة على أن القرآن الذي نقرؤه اليوم هو القرآن نفسه الذي قرأه النبي محمد صلى الله عليه وسلم على الصحابة، وما دام أن القرآن قد أفاض في الحديث عن الكون وأسراره، فإننا نستطيع بهذه الحقيقة أن نعرف ما إذا كان القرآن من عند الله، باختبار يعرفه كل عاقل في عصرنا"([1]).

 

ولقد قضى الدكتور " بوكاي" لتحقيق هذا الاختبار عشر سنوات يتعلَّم فيها القرآن واللغة العربية، ويُقارِن بين القرآن وبين الاكتشافات العلمية الحديثة، ثم ألَّف كتابًا أطلق عليه "التوراة والإنجيل والقرآن والعلم الحديث" أثبت سَبْق القرآن لهذه العلوم، وبيَّن أن هذا مما اشتمل عليه وعد الله القائل:)سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد (53)( (فصلت)([2]).

 

الدراسات العلمية الحديثة نجد أن الطب النبوي لم يكن خرافة

أو أسطورة أو شيئًا خياليًّا، وإنما هو حقيقة واقعية فريدة؛ إذ إنه صلى الله عليه وسلم أخبر عن أشياء في زمنه لم يكتشفها العلم الحديث إلَّا في العصر الحاضر بعد تقدُّم العلوم، واختراع الأجهزة الطبية المتقدِّمة.

 

حقًّا لقد احتوى القرآن الكريم والسنة النبوية على الكثير من الحقائق العلمية المتعلِّقة بخَلْق الإنسان ومراحله وعلم وظائف الأعضاء، وغير ذلك، بل لقد دعا القرآن العقول والأنظار إلى البحث عن الإنسان وخَلْقه وتكوينه فقال:)فلينظر الإنسان مم خلق (5) خلق من ماء دافق (6)((الطارق).

 

ولقد سبقنا علماءُ الغرب وبحثوا في خَلْق الإنسان وتكوينه -والفضل ما شهدت به الأعداء- وأثبتوا حقائق علمية أصبحت من المسلَّمات واليقينيات، ولكن العلماء المسلمين حينما قارنوا بين ما وصل إليه هؤلاء وما ورد في القرآن الكريم من حقائق إنسانية اكتشفوا أنه قد سبق الأبحاث العلمية الحديثة بأكثر من ألف وأربعمائة سنة؛ ذلك لأن علم الأجنة لم يقف على قدميه إلا في بداية القرن العشرين، ومع ذلك فله أصول في الإسلام([3]).

 

ولقد أثارت مراحل خلق الجنين في القرآن إعجاب الكثيرين ودهشتهم الشديدة، فلقد قال الخالقفي القرآن الذي أُنزِل على محمد صلى الله عليه وسلم:)ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين (12) ثم جعلناه نطفة في قرار مكين (13) ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين (14)( (المؤمنون).

 

وقد جاء العلم الحديث فأثبت أن الجنين يمرُّ بمراحل متعددة ومتعاقبة هي: النطفة، العلقة، المضغة، العظام، كِسْوَة العظام لحمًا، الإنشاء خلقًا آخر، ولقد وُضِعت هذه الآية موضع دراسة استغرقت في الغرب عشرات السنين قام بها علماء علم الأجنة، ذلك أنه بعد اكتشاف المِجهَر والآلات الحديثة في مجال الطب استطاع العلماء أن يتابعوا كيفية خلق الإنسان، فشاهدوا عملية الإخصاب التي تتم بين الحيوان الـمَنَويّ للرجل وبُوَيْضَة المرأة في أعلى القناة الواصلة بين المِبْيَض والرَّحِم([4]).            

فمرحلة النطفة تكون عندما يتم التخصيب، وتتكوَّن النطفة الأمشاج من الحيوان المنوي والبويضة، وهذه المرحلة قد عبَّر عنها القرآن الكريم بدقة متناهية فقال: )إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا(2)((الإنسان)، فهل مَن أخبر بهذه الحقيقة منذ أكثر من 1400 عام يكون كلامه خرافة طبية؟! إذًا فما الحقيقة؟!

 

وهذه النطفة تتحوَّل إلى الكرة الجرثومية، وبمجرَّد أن تنزل إلى الرحم تأخذ في الانغراس والتشبُّث به؛ حيث تنقسم هذه الكرة إلى طبقتين؛ داخلية وخارجية، وتأخذ الطبقة الخارجية في مد جذورها إلى بِطانة الرحم والانغراس فيه، وتكوِّن الطبقة الداخلية أجزاء الجنين، ومنها يُخلَق الجنين، ويُحاط الجنين في هذه المرحلة بكثير من الأوعية والبِرَك الدموية، كما تتصل دماؤه في هذا الوقت بدماء الأم ريثما يضخُّ قلبه الدم؛ ولذلك يبدو وكأنه قطعة دم جامدة متعلقة، وكذلك يستطيل حجمه بما يشبه دودة العلق؛ ولهذا سُمِّيت هذه المرحلة بـ "العلقة".

 

وأهم ما يميِّز الجنين بعد مرحلة التعلُّق أو الانغراس بداية ظهور الكُتَل البدنية أو الفلقات على الجنين، وهي التي يتكوَّن منها أعضاء الجنين وعضلاته وعظامه، وذلك منذ بداية الأسبوع الرابع، وتأخذ هذه الفلقات في التزايد والكثرة؛ مما يجعل الجنين كأنه قطعة من اللحم الممضوغ، لا يزيد حجمه عن 1 سم، وهذه مرحلة المضغة.

 

وتتحوَّل هذه المضغة في الأسبوع الخامس والسادس إلى قطاعينِ؛ عظمي وعضلي، وفي أثناء الأسبوع السابع يبدأ الهيكل العظمي بالانتشار خلال الجسم، وتأخذ العظام أشكالها المألوفة، وفي نهاية الأسبوع السابع وأثناء الأسبوع الثامن تأخذ العضلات موقعها حول تكوينات العظام؛ أي تُكسَى العظام باللحم.

 

وبنهاية الأسبوع الثامن تنتهي مرحلة التخليق، والتي يُسمِّيها علماء الأجنة بـ "المرحلة الجنينية"، هذا وقد أكَّد علم الفحص بأجهزة الموجات فوق الصوتية أن جميع التركيبات الخارجية والداخلية في الشخص البالغ تتخلَّق من الأسبوع الرابع وحتى الأسبوع الثامن من عمر الجنين.

 

وبتلك المراحل السابقة يكتمل تخليق الجنين ليدخل بعد ذلك في التسوية والتعديل، وهي مرحلة الإنشاء خلقًا آخر، وهذا ما ذكره القرآن بترتيب عجيب، فقال تعالى: )الذي خلقك فسواك فعدلك (7)((الانفطار).

 

وبهذا يتضح أن القرآن الكريم قد عبَّر عن خلق الجنين وتطوُّر مراحله بصورة إعجازية متفرِّدة تدلُّ - بما لا يدع مجالًا للشك- على أنه الكتاب المعجِز، وأن ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم إعجاز متفرِّد بحق لا مِراء فيه، فالإسلام منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام يذكر التفاصيل الدقيقة لخلق الأجنة، ويبيِّن أطوارها المختلفة، ويقدِّم المسمَّيات والمصطلحات التي تصف المظهر الخارجي والعمليات والأحداث الداخلية لكل مرحلة، وقد استوفت هذه المصطلحات القرآنية بمثالية رائعة جميع الشروط التي يجب توفُّرها للمصطلحات العلمية الدقيقة.

 

ودقة القرآن الكريم في وصف هذه المراحل جعلت علماء الأجنة في هذا العصر يعترفون بأن من يقول بهذا لا بد أن يكون نبيًّا يأتيه الوحي من السماء، وأشهرهم" كيث مور" أحد أكبر علماء الأجنة في العالم الذي يقول: إن هذه المعلومات عن مراحل الجنين لم يعرفها العلماء إلَّا بعد أكثر من ألف عام بعد نزول القرآن.

 

ولقد أثارت قضية استخدام التراب في التطهُّر والتطهير كثيرًا من الجدل، فقال منكرو الطب النبوي: كيف يُستخدَم التراب في التطهير وهو الذي يحمل مختلف أنواع الجراثيم والأمراض الفتَّاكة؟! وقالوا: إن القرآن لم ينزل إلَّا بما يتفق مع البيئة العربية الصحراوية الخالية من البحار.

 

وإذا بالعلم الحديث يأتي مصدِّقًا لأحكام القرآن الكريم وهادمًا لشُبَه الجاحدين والمعاندين؛ حيث يكتشف العلماء أخيرًا أن التراب قاتلٌ للجراثيم ومُبِيدٌ لها، وأنه يستحيل أن تعيش الجراثيم في التراب.

 

يقول الدكتور "وطسمان": إن التراب هو أعظم مطهِّر من الجراثيم، ومن هنا نفهم مغزَى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا وَلَغَ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات، وعفِّروه الثامنة في التراب»([5])؛ حيث اكتشف العلماء أن في لُعاب الكلب جرثومة خطيرة لا تموت إلا بالتراب([6]).

 

ودُهِش الدكتور " بوكاي" لثراء الموضوعات التي عالجها القرآن، فهناك الخلق وعلم الفلك وبعض الموضوعات الخاصة بالأرض وعالمي الحيوان والنبات والتناسل الإنساني، وذكر أن القرآن أتى بمعتقدات علمية لم تكن أحيانًا مقبولة في ظاهرها، ولكنها عندما دُرِست اليوم على ضوء المعارف الحديثة الثابتة ظهر أنها تنطوي على مُعطيات علمية استطاع العلم في العصر الحديث فقط أن يثبت حقيقتها.

 

وذهب الدكتور السيد الجميلي إلى أن الإعجاز الطبي يظهر جليًّا فيما احتواه القرآن من حِكَمٍ طبيةٍ بلغت شَأْوًا بعيدًا من العظمة وأثبتها الطب بعد قرون عديدة([7]).

 

ثانيًا. تطابق الاكتشافات العلمية الحديثة مع ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم عن العلاج ببعض الأدوية:

 

إن القول بوجود طبٍّ نبويٍّ لا يُسلَّم به إلا بعد ثبوت تحقيق مناطه، والذي يتمثَّل بحقيقتين هما:

 

أولًا: ثبوت اكتشاف هذه الحقيقة من قِبل العلماء المتخصصين في مجالها وإثابتها بشكل مستقر.

 

ثانيًا: الدلالة الواضحة على تلك الحقيقة في نصٍّ من نصوص القرآن الكريم أو السنة المطهَّرة، وذلك دون تكلُّف أو تعسُّف في الاستدلال، علمًا بأن الرابط الذي يُعطي هذا المناط قيمته هو عدم إمكانية إحاطة البشر بتلك الحقيقة وقت التنزيل؛ ولذلك فإن خطوات إثبات شاهد من شواهد الإعجاز العلمي في نص الحديث الشريف تصبح خمسًا، وهي:

 

  1. إثبات وجود دلالة واضحة في النص تشير إلى الحقيقة الكونية المكتشَفة من قِبل المتخصصين في العلوم البحتة.

 

  1. ثبوت تلك الحقيقة الكونية علميًّا بعد توافر الأدلة التي تحقِّق سلامة البرهنة عليها.

 

  1. ثبوت استحالة معرفة البشر بتلك الحقيقة الكونية وقت تنزيل القرآن على نبينا محمدصلى الله عليه وسلم.

 

  1. تحقُّق المطابقة بين دلالة النص من كتاب الله عز وجل أو من سُنَّة رسوله محمدصلى الله عليه وسلم وتلك الحقيقة الكونية.

 

  1. إذا كان النص الذي نستنبط منه الإعجاز العلمي من السنة المطهَّرة وجب أن يكون صحيحًا أو حسنًا؛ حيث لا تُعتمَد في هذا المنهج الأحاديث الواهية أو الموضوعة([8]).

 

وعلى هذا، فإننا إذا ما نظرنا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحجامة مثلًا: «إن أمثل ما تداويتم به الحجامة»([9])، وإذا ما سألنا سؤالًا مفاده: هل تـمَّت دراسة هذا الحديث من الناحية الطبية؟ وهل هو خاصٌّ بالنبي صلى الله عليه وسلم في زمنه أم في الحجامة علاجٌ نافعٌ؟

 

يكون الجواب: لقد أثبت العلم الحديث أن الحجامة قد تكون شفاء لبعض أمراض القلب والدم والكبد؛ ففي حالة شدة احتقان الرئتين نتيجة هبوط القلب، وعندما تفشل جميع الوسائل العلاجية من مُدِرَّات البول وربط الأيدي والقدمين لتقليل اندفاع الدم إلى القلب - قد يكون إخراج الدم بفَصْده عاملًا جوهريًّا مهمًّا لسرعة شفاء هبوط القلب، كما أن الارتفاع المفاجئ لضغط الدم المصحوب بشبه الغيبوبة، وفقد التمييز للزمان والمكان أو المصاحب للغيبوبة نتيجة تأثير هذا الارتفاع الشديد المفاجئ لضغط الدم - قد يكون إخراج الدم بفصده علاجًا لمثل هذه الحالة، كما أن بعض أمراض الكبد - مثل التليُّف الكبدي - لا يوجد لها علاج ناجع سوى إخراج الدم بفصده، فضلًا عن بعض أمراض الدم التي تتميَّز بكثرة كرات الدم الحمراء، وزيادة نسبة الهيموجلوبين في الدم، تلك التي تتطلَّب إخراج الدم بفصده؛ حيث يكون هو العلاج الناجع لمثل هذه الحالات منعًا لحدوث مضاعفات جديدة.

 

ومما هو جدير بالذكر أن زيادة كرات الدم الحمراء قد تكون نتيجة الحياة في الجبال المرتفعة ونقص نسبة الأكسجين في الجو، وقد تكون نتيجة الحرارة الشديدة بما لها من تأثير واضح في زيادة إفرازات الغُدَد العَرَقِيَّة؛ مما ينتج عنها زيادة عدد كرات الدم الحمراء؛ ومن ثم كان إخراج الدم بفصده هو العلاج المناسب لمثل هذه الحالات، ومن هنا جاء قوله صلى الله عليه وسلم: «إن أمثل ما تداويتم به الحجامة»([10]).

 

وهذا يدل دلالة واضحة على أن علماء المسلمين لم يأتوا بخرافات وأطلقوا عليها "الطب النبوي"، ولم يتحيَّزوا لِـما جاءت به السنة النبوية على حساب الاكتشافات العلمية في هذا المجال، وإنما جاءت هذه الأبحاث مؤكِّدة على صدق ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم.

 

وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن هذه الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا من السام»([11])، والسام: الموت - إعجازٌ طبيٌّ دوائيٌّ؛ فقد أثبتت سلسلة من الأبحاث دور الحبة السوداء في القضاء مَعْمَليًّا على البكتيريا الـمُمْرِضة للإنسان والمسبِّبة للتسمُّم الغذائي(Antisalmonellosis)،كما ثبت أنه يمكن استخدامها كمنشِّط للمضادات الحيوية لإثبات تأثيرها التعاوني مع الدواء (synergism effect).

 

وقد اتضح من نتائج هذه الدراسات أن مستخلَصات الحبة السوداء الزيتية والمائية احتوت على المركَّبات الفعالة ضد الميكروبات، أهمها القلويدات وبعض المركَّبات الزيتية العِطْرية الطَّيَّارة والثابتة - الثيموكنيون والهيدروثيموكنيون- التي تم فصلها معمليًّا، وأثبتت كفاءتها في القضاء على أنواع البكتيريا المعويَّة عديمة المقاومة الحيوية.

 

وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن في الحبة السوداء شفاء من كل داء، وباعتبار أن العموم هو الأصل؛ لورود الاستثناء بلفظ "إلا الموت"، فإن هذا يعني أن في الحبة السوداء على الأقل نسبة من الشفاء لكل داء؛ لأن الشفاء هنا نكرة، ولكن معناه أن فيها قدرًا من الشفاء يقلُّ أو يكثر حسب المرض([12]).

 

وإذا ما نظرنا إلى سنة النبي في استخدام السواك، وقوله صلى الله عليه وسلم: «السواك مَطْهَرة للفم، مَرْضاة للرب»([13])،فإننا نجد أن منظَّمة الصحة العالمية(who)أبدت إعجابها الشديد بالسواك، وأصدرت بيانًا مفسرًا عن أهميته لحماية الأسنان، وقد جاء ذلك متأخرًا عن الطب النبوي الشريف بأكثر من أربعة عشر قرنًا حينما أوصى به النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

 

وذكرت مجلة ستلايت عن الدكتور يحيى سحيب -أستاذ الأسنان في برنامج "الأعشاب والشباب" بقناة نفرتيتي- أن تقرير منظَّمة الصحة العالمية يؤكِّد أن السواك عبارة عن مادة خَرْدَليَّة قادرة على قتل الجراثيم بالفم، ويمنع تكوُّن مادة الجير على جدار الأسنان، كما أنه يُعطِّر الفم، وينشِّط الدورة الدموية للِّثة، وهو مُطهِّرٌ قويٌّ ومفيدٌ لمرضى السكر؛ لأنه يمنع نزيف اللثة.

 

وقد أضاف الدكتور يحيى أن ما تعلمناه سابقًا من ضرورة غسل الأسنان بالفرشاة مرتين أو ثلاثة في اليوم أمرٌ غير صحيح؛ لأنه لا بد من غسيل الأسنان بعد تناول أي طعام

حتى لو كان كمية قليلة، وفي خلال سبع دقائق فقط؛ حتى لا تُصاب الأسنان بالتلوث، وبالطبع فإنه من الصعب أن يحمل الإنسان معه الفرشاة والمعجون طوال اليوم، ولكن

من السهل طبعًا أن يحمل معه السواك أينما يذهب([14]).

 

وإذا ما تعايشنا مع وصايا النبي صلى الله عليه وسلم لبني البشر نجد أن العالم أجمع اليوم يتكلَّم عن مخاطر السِّمْنَة، وإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يخبرنا ويوصينا بالمحافظة على الجسد من التُّخَمة؛ إذ يقول صلى الله عليه وسلم: «ما ملأ آدميٌّ وعاءً شرًّا من بطنه، بحسب ابن آدم لُقَيْمات يُقِمْنَ صُلْبَه، فإن كان لا بد فاعلًا فثُلُثٌ لطعامه، وثلثٌ لشرابه، وثلثٌ لنَفَسه»([15]).

 

وقد توصَّل العلم إلى أن السِّمنة من الناحية الصحية تُعتبر خللًا في التمثيل الغذائي؛ وذلك يرجع إلى تراكم الشحوم أو اضطراب الغُدَد الصماء، والوراثة ليس لها دور كبير في السِّمنة كما يعتقد البعض، وقد أكَّدت البحوث العلمية أن للبَدانة عواقب وخيمة على جسم الإنسان، وأصدرت إحدى شركات التأمين الأمريكية إحصائية تقرِّر أنه كلما طالت خطوط حزام البطن قصرت خطوط العمر؛ فالرجال الذين يزيد محيط بطونهم أكثر من محيط صدورهم يموتون بنسبة أكبر، كما أثبتت البحوث أيضًا أن مرض البول السكري يصيب الشخص البدين غالبًا أكثر من العادي، كما أن البدانة تؤثِّر في أجهزة الجسم، وبالتحديد القلب؛ حيث تحلُّ الدهون محل بعض خلايا عضلة القلب، مما يؤثِّر بصورة مباشرة على وظيفته، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حذَّر من كثرة امتلاء البطن المتسبِّبة في السِّمنة والتُّخمة.

 

وحذَّرت تلك البحوث من استخدام العقاقير لإنقاص الوزن؛ لما تسبِّبه من أضرار، وأشارت إلى أن العلاج الأمثل للبدانة والوقاية منها هو اتباع ما أمرنا به الله سبحانه وتعالى بعدم الإسراف في تناول الطعام، واتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تناول الطعام، كما أوضح الحديث الذي نحن بصدده... وجاء هذا الحديث تطبيقًا لقوله تعالى:)يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين (31)((الأعراف)؛ وبهذا سبق النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهمية التوازن في تناول الطعام والشراب، وحذَّر من أخطار الإسراف فيهما على صحة الإنسان([16]).

 

فهل هذه الإرشادات خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم؟ وهل تلك الأبحاث تشير إلى أنه وحده فقط صلى الله عليه وسلم من يستطيع التداوي بهذه الأدوية في زمنه دون غيره؟!

 

حقًّا لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم طبيبًا، ولم تكن مهنة الطب منوطة بالأنبياء، وليس معنى أن السنة النبوية أكَّدت على أهمية علاج ما أو دواء معيَّن أنه يلزم عنه استخدامه والتداوي به دون غيره، وإنما نؤكد على نفعه وأهميته، بجوار ما توصَّل إليه الطب الحديث من أدوية أخرى.

 

وليس معنى أننا ندافع عن الطب النبوي أننا ندعو إلى ترك الطب الحديث، وإنما نقصد بذلك أن نتَّبع نصائح النبي صلى الله عليه وسلم إلى جوار البحث عما يكتشفه الأطباء من علاج حديث قائم على التجربة والمتابعة، وندعو الأطباء أيضًا إلى النظر إلى الأحاديث الطبية وإجراء التجارب على هذه الوسائل التي أرشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم؛ ليحددوا بالضبط القَدْر المطلوب من العلاج والمرض الذي يعالج بها، بالإضافة إلى ذلك ننبِّه على أمرٍ مهمٍّ هنا، وهو البحث الدقيق عن صحة الأحاديث التي تتعلَّق بالطب؛ حتى نغلق الباب على المتكسِّبِين بهذا الطب، ويخضع هذا الأمر لمؤسسات علمية محكِّمة؛ لئلا نفتح الباب للغش والتدليس على المسلمين.

 

ثالثًا: الأحاديث الطبية الصحيحة وَحْيٌ من السماء وليست اجتهادات شخصية:

 

أجمع المسلمون الأوائل على أن السنة النبوية هي المرجع الثاني في الشرع الإسلامي في كل نواحي الحياة؛ من أمور غيبية اعتقادية، أو أحكام عملية أو سياسية أو تربوية، وأنه لا يجوز مخالفتها في شيء من ذلك لرأي أو اجتهاد أو قياس، ولا شك أن الأحاديث الطبية هي جزء من السنة، لا ينبغي إنكارها أو الطعن فيها أو محاولة تعطيل معانيها، وهناك أدلة كثيرة على حُجِّيَّة الأحاديث الطبية الصادرة من النبي صلى الله عليه وسلم، يمكن إجمالها في هذين القسمين:

 

القسم الأول: أدلة العموم:

 

ويُقصَد بها الأدلة من الكتاب والسنة على حجية السنة النبوية عامة، وهي كثيرة جدًّا، وليس هذا مكان تفصيلها، لكن نذكر شيئًا منها؛ فمن القرآن الكريم قول الله تعالى:)وما ينطق عن الهوى (3) إن هو إلا وحي يوحى (4)( (النجم)، ففي هذه الآية يبيِّن الله عز وجل أن النبي صلى الله عليه وسلم مُوحًى إليه، وأن ما كان يصدُر عنه إنما كان بوَحْيٍ من عند الله عز وجل.

 

وأما بالنسبة للسنة ودلالتها على حُجِّيَّتها فقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن طاعته من طاعة الله، وأن كل ما يقوله صلى الله عليه وسلم حقٌّ لا يداخله شك أو ريب، كما في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: «كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أُرِيد حفظه، فنهتني قريش، وقالوا: أتكتب كل شيء تسمعه ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشرٌ يتكلَّم في الغضب والرضا؟ فأمسكت عن الكتاب، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأومأ بأصبعه إلى فِيهِ، وقال: اكتب، فوالذي نفسي بيده، ما يخرج منه إلا حقٌّ»([17])، فدلَّ هذا الحديث على أن كل ما يقوله النبي صلى الله عليه وسلم حقٌّ.

 

وهذا العموم الذي في الحديث الشريف استُدِلَّ عليه من جهتين:

 

الأولى: فعل الصحابي رضى الله عنه في كتابته كل شيء: «كنت أكتب كل شيء».

 

الثانية: إقراره صلى الله عليه وسلم، بل أمره بالكتابة: «اكتب» أمرٌ مطلَقٌ غير مقيَّدٍ، ومع قوله صلى الله عليه وسلم: «ما يخرج منه إلا حق»، وممَّا خرج من فمه صلى الله عليه وسلم الشريف ما جاء عنه صلى الله عليه وسلم في الطب وما يتعلَّق به.

 

القسم الثاني: الأدلة الخاصة:

 

ونقصد بها الأحاديث الواردة عنه صلى الله عليه وسلم في أمور الطب والعلاج، وكيف أنها وحيٌ من عند الله، وليست -كما يقول الجهلاء- اجتهادًا بشريًّا لا علاقة له بالوحي، بالإضافة لأقوال السَّلَف الصالح رضى الله عنهم، والتي تؤكِّد أن الأحاديث الطبية حُجَّة تمامًا كغيرها من الأحاديث النبوية الشريفة، من تلك الأدلة:

 

  1. ما جاء من أن الله تعالى أنزل لكل داء دواء:

 

ففي صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لكل داء دواء، فإذا أُصيب دواءُ الداءِ بَرَأَ بإذن الله»([18])، وفي الحديث: «ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء»([19]).

 

قال ابن حجر العسقلاني: "ومن مجموع هذه الألفاظ ما يُعرَف منه المراد بالإنزال في الأحاديث السابقة، وهو إنزال علم ذلك على لسان الـمَلَك للنبي صلى الله عليه وسلم أنواعًا من هذه الأدوية، وعلمها لأمته، فكان بيانه صلى الله عليه وسلم لهذه الأدوية بيانًا لبعض الأدوية التي أنزلها الله عز وجل".

 

  1. الصحابة فهموا العموم في أحاديثه الطبية أيضًا:

 

قال ابن رجب الحنبلي: "إذا صحَّت السنة بشيء، وعمل بها الصحابة، فلا مَعْدِل عنها"، ولذلك أمثلة كثيرة، ومنها:

 

  • مداواة أسماء رضي الله عنها للمرأة المحمومة:

 

فقد ورد عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أنها كانت تُؤتَى بالمرأة الموعوكة فتدعوا بالماء فتصبه في جيبها وتقول: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أبردوها بالماء؛ فإنها من فيح جهنم»([20]).

 

  • مداواة عائشة رضي الله عنها لأهل الميت بالتلبينة:

 

عن عائشة رضي الله عنها : «أنها كانت إذا مات الميت من أهلها فاجتمع لذلك النساء ثم تفرَّقن إلَّا أهلها وخاصَّتها أمرت ببُرمةٍ من تلبينةٍ فطُبِخَت، ثم صُنِع ثَرِيدٌ، فصُبَّت التلبينة عليها، ثم قالت: كُلْنَ منها؛ فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: التلبينة مَـجَمَّة لفؤاد المريض، تذهب ببعض الحزن»([21]).

 

  • مداوة ابن أبي عتيقرضى الله عنه لغالب ابن أبجر رضى الله عنه:

 

وهذه القصة أوردها البخاري في صحيحه عن خالد بن سعيد قال: «خرجنا ومعنا غالب ابن أبجر، فمرض في الطريق، فقدمنا المدينة، وهو مريض، فعاده ابن أبي عتيق، فقال لنا: عليكم بهذه الـحُبَيْبة السوداء، فخذوا منها خمسًا أو سبعًا فاسحقوها ثم اقطروها في أنفه بقطرات زيت في هذا الجانب وفي هذا الجانب؛ فإن عائشة حدَّثتني أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن هذه الحبة السوداء شفاء من كل داء إلَّا من السام»([22]).

 

  1. أهل العلم أدخلوا أحاديث الطب في كتبهم، بل أفردوها بالتصنيف:

 

فقد أورد البخاري ومسلم وأصحاب السُّنَن وغيرهم داخل مؤلَّفاتهم كتبًا خاصة بالطب النبوي، بل قد ألَّف العلماء كتبًا مفردة مستقلة باسم "الطب النبوي"، مثل:

 

  • الطب النبوي، لأبي نعيم الأصبهاني (ت 430هـ).

 

  • الطب النبوي، لأبي جعفر المستغفري (ت 432هـ).

 

  • كتاب الأربعين الطبية، لأبي عبد الله البغدادي (ت 629هـ).

 

  • الطب النبوي، لأبي عبد الله المقدسي (ت 643هـ).

 

  • الشفاء في الطب المسند عن السيد المصطفى، للتيفاشي (ت 651هـ).

 

  • الطب النبوي، لابن قيم الجوزية (ت 751 هـ).

 

  • المنهج المروي والمنهل الروي في الطب النبوي، لأبي الفضل السيوطي (ت 911هـ).

 

  • وفي هذا أكبر دلالة على حجية الأحاديث الطبية النبوية.

 

  1. القول بعدم حجية أحاديث الطب يؤدي إلى ضياع السنة:

 

فالذين يريدون الطعن في حجية الأحاديث النبوية في أمر الطب والتداوي يزعمون أنها من أمور الدنيا، وباب المعاملات من أمور الدنيا، وباب اللباس من أمور الدنيا، وباب الأشربة من أمور الدنيا، وباب المساقاة والمزارعة من أمور الدنيا، وهكذا دَوالَيك.

 

وقد جاءت في أمور الطب والتداوي أحاديث كثيرة، قال الحافظ السيوطي: "الأحاديث المأثورة في علمه صلى الله عليه وسلم بالطب لا تُحصَى، وقد جُمع منها دواوين".

 

ويقول الدكتور نجيب الكيلاني في كتابه القيِّم "في رحاب الطب النبوي": "إن مفهوم الطب النبوي مفهوم شامل يبعث على الدهشة ويدعو إلى الإعجاب؛ لأننا حينما نقيس الطب النبوي بالمقاييس العلمية الحديثة في أُسسه العامة نجد أنفسنا أمام إعجاز قاهر لكل نوازع الشك والتردد.

 

فالطب النبوي يتمثل كل ما له علاقة بصحة الإنسان؛ كالتغذية والنظافة والانحرافات العضوية والنفسية، وبعض طرق العلاج وكافة النواحي البيئية والاجتماعية والشخصية، وغيرها مما يتعلَّق بالصحة العامة.

 

ونحن إذا نظرنا في التعريف الحديث الذي وضعته منظمة الصحة العالمية (who)عن مفهوم الصحة لوجدنا ذلك التعريف يؤكِّد أن الإنسان الصحيح ليس هو السليم بدنيًّا فحسب؛ لأن صحة البدن في صورتها المثالية المكتملة لا بد أن تشتمل على سلامة النواحي البدنية والنفسية والعقلية والاجتماعية، وفي هذا الإطار يتحدَّد مفهوم الصحة لدى تلك المنظمة الكبرى التي يُديرها ويُشرِف عليها نخبة من كبار أطباء العالم، وأمهر الباحثين والخبراء في مجال الصحة".

 

فهل يمكن لأحدٍ بعد ذلك أن يطعن في حجية الأحاديث النبوية في مجال الطب والتداوي؟!

 

علاوة على أن هناك بعض الأحاديث الطبية فيها ما يدل صراحة على أنها وحيٌ من عند الله؛ مثل حديث أنس رضى الله عنه عند ابن ماجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما مررت ليلة أُسرِي بي بملأ إلا قالوا: يا محمد، مُرْ أُمَّتك بالحجامة»([23])، فما الذي يفصل الأحاديث الطبية النبوية إذًا عن بقية الأحاديث النبوية الأخرى([24])؟!

 

أما ردُّ الأحاديث الطبية بدعوى أنها من أمور الدنيا التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: «... أنتم أعلم بأمر دنياكم»([25])، فليس في هذا الحديث حجة لهم، بل هو حجة عليهم؛ لأن الصحابة رضى الله عنهم فهموا من كلامه صلى الله عليه وسلم أنه على العموم، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يُنكِر عليهم هذا الفهم، إنما أنكر عملهم بظنه المعارض بما يعلمونه؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم: «... إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه، فإني إنما ظننت ظنًّا، فلا تؤاخذوني بالظن...»([26]).

 

يقول شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى": "لم ينههم صلى الله عليه وسلم عن التلقيح، لكن هم غلطوا في ظنهم أنه نهاهم"، كما يؤكد هذا المعنى النووي في "المنهاج" قائلًا: "لم يكن هذا القول خبرًا، وإنما كان ظنًّا كما بيَّنته الروايات"؛ ولهذا فليس فيه دلالة على ما ذهبوا إليه.

 

يقول العلَّامة المعلمي اليماني: "فإن صحَّ فكأنهم مرُّوا بشجر مُثْمِر فخرصوه يجربون حَدْسهم، وخرصها النبي صلى الله عليه وسلم فجاءت على خلاف خرصه، ومعلوم أن الخرص حزر وتخمين، فكأن الخارص يقول: أظن كذا".

 

وفي هذا السياق يضيف الدكتور أحمد شوقي إبراهيم قائلًا: "والذي يطالع الحديث النبوي الشريف ولا يكون على علم بالمنهج العلمي الصحيح في البحث والدراسة في عصر العلم الحالي ـ يظن أن الرسول صلى الله عليه وسلم اجتهد رأيه في موضوع تأبير النخل، وجاء الواقع يخالفه فقال: «أنتم أعلم بشئون دنياكم»، وبنوا على ظنِّهم المخطئ هذا اعتقادهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم اجتهد رأيه بصفته بشرًا، وليس وحيًا من الله تعالى له، وليس إلهامًا من الله عز وجل له؛ لذلك قال ابن خلدون ما قال، ونقل عنه المفكرون الذين عاصروه ومن جاءوا بعده ما نقلوا، وأفتى خطأً من العلماء المعاصرين مَن كتب في موضوع اجتهاد الرسول بغير علم ولا هُدًى.

 

أما الذي يتدبَّر الحديث الشريف وهو على علم بما وصل إليه علماء المنهج العلمي في الدراسة والفكر والبحث في عصر العلم الحالي ـ فإنه يجد فيه علمًا عظيمًا، وتأسيسًا للمنهج العلمي التجريبي الصحيح، وهدمًا للمنهج الإغريقي الخاطئ الذي كان سائدًا في عصر نزول الرسالة، وأدَّى إلى ركودٍ فكريٍّ كبيرٍ.

 

سؤاله صلى الله عليه وسلم: «ماذا يصنع هؤلاء؟» سؤال مَن يعلم، فليس من المقبول عقلًا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم تلقيح النخل، وهو الذي عاش في الصحراء، وسافر إلى الشام في قوافل التجارة، وهو أكثر الناس علمًا، بل وهو الذي كلَّفه الله تعالى بأن يُعلِّم الناس ما لم يكونوا يعلمون من أمور حياتهم الدنيا، إذًا فقد ثبت أن سؤال رسول الله صلى الله عليه وسلم كان سؤال مَن يعلم، كأسلوبٍ تعليميٍّ تربويٍّ قال: «ماذا يصنع هؤلاء؟» ففهم طلحة رضي الله عنه القصد من السؤال فأجابه.

 

أما قوله صلى الله عليه وسلم: «ما أظن ذلك يغني شيئًا» تعليم للناس كيف يبدءون بحث أي موضوع بإقامة الفرض الظني، وهو المعروف علميًّا الآن باسم (Hypothesis)، فكان قوله صلى الله عليه وسلم: «ما أظن ذلك يغني شيئًا» مدخلًا علميًّا صحيحًا لبحثأي مسألة علمية، لم يفهمه إلا العلماء في أوربا في القرنين السابع عشر والثامن عشر.

 

والفرض الظني-كما ذكرنا- لا بد أن يُوضَع في تجربة تطول مدتها حتى تظهر نتائجها، وحدث ما أراده الرسول صلى الله عليه وسلم منهم، فقد نزلوا عن النخل وتركوا تلقيحه، وفي ذلك وضع المسألة في تجربة، إذًا فقد قام فرضٌ علميٌّ ووُضِع موضع التجربة، وهذا من الأسس الضرورية في المنهج العلمي الصحيح في البحث والدراسة، وكان لا بد من الانتظار حتى تظهر نتائج التجربة، وظهرت أخيرًا في قول طلحة رضي الله عنه: «فصار شيصًا»، إذًا فهي نتيجة سلبية للتجربة، وأظهر ذلك للناس أن الفرض الظني لم يكن صحيحًا، ليس قولًا، ولكن عن تجربة وعلم؛ وبذلك علموا أن الفرض الظني يخطئ ويصيب، والفيصل في ذلك هو نتائج التجربة؛ لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما هو الظن، إن كان يغني شيئًا فاصنعوه، فإنما أنا بشر مثلكم»؛ أي افعلوا ما أفعل، فإنما أنا بشر مثلكم، وهو في الحقيقة ليس مثلهم؛ ففي حديث آخر قال صلى الله عليه وسلم: «إني لست كهيئتكم، إني أبيت لي مُطعِم يطعمني وساقٍ يسقين»([27])، وقال الله عز وجل عنه: )قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي((الكهف: ١١٠)، إذًا فقوله صلى الله عليه وسلم: «فإنما أنا بشر مثلكم»؛ أي اهتدوا بما أقوله لكم، فإنما أنا بشر مثلكم.

 

ثم زاد الرسول صلى الله عليه وسلم الأمر وضوحًا وقال: «وإن الظن يخطئ ويصيب»، شرحٌ لماهية الفرض الظني أو الفرض العلمي، ولا أدري لماذا لم يلاحظ بعض المفسِّرين للحديث النبوي أنه قال: «وإن الظن يخطئ ويصيب» كشرح لماهية الفرض الظني، ولم يقل: «وأنا أخطئ وأصيب»، أبدًا لم يقل ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم عصمه ربه عز وجل من الزَّلَل والخطأ، فهو معصوم مطلقًا.

 

أما قوله صلى الله عليه وسلم: «أنتم أعلم بشئون دنياكم» فقول كريم أخطأ في فهمه بعض المفسرين أيضًا، فاعتقدوا - جهلًا منهم بالحق- أن المعنى: أنتم أعلم مني بشئون دنياكم، وهذا يتعارض عقلًا مع ما جاء في قول الله عز وجل:)كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون (151)((البقرة)، فالله تعالى أرسله مُعلِّمًا للبشر جميعًا في كل أمور الدين والدنيا، وهذا ما قاله جمهور المفسرين للآية الكريمة، وما دام الأمر كذلك فليس من المقبول عقلًا أن يفهموا من الحديث النبوي أن الرسول صلى الله عليه وسلم كأنه يقول لهم: أنتم أعلم مني بشئون دنياكم، وإنما المعنى الذي كان يجب عليهم أن يفهموه من نصِّ الحديث الشريف: أنتم أعلم من بعضكم البعض بشئون دنياكم، وليس هناك وجه مقبول لفهم الحديث إلا هذا الوجه، أما قوله صلى الله عليه وسلم: «ولكن ما قلت لكم قال الله، فلن أكذب على الله» إنه قولٌ شريفٌ يضع الحد الفاصل بين علم الإنسان في مجال العلم التجريبي، وبين كلام الله عز وجل الذي لا يجب أبدًا أن يضعه الناس في فرضٍ ظنيٍّ أو يخضعونه لتجربة"([28]).

 

أما قولهم: إن النبي صلى الله عليه وسلم إنما بُعِث بالأمور التعبُّدية دون الأمور الدنيوية فهذا قول باطل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بُعث لإصلاح أحوال الناس في معاشهم ومعادهم، وقد قال العلَّامة ابن قيم الجوزية في كتابه "زاد المعاد" في ختام مسائل طب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: "قد أتينا على جملة نافعة من أجزاء الطب العلمي والعملي؛ لعل الناظر لا يظفر بكثير منها إلا في هذا الكتاب، وأريناك قرب ما بينها وبين الشريعة، وأن الطب النبوي نسبة طب الطبائعيين إليه أقل من نسبة طب العجائز إلى طبهم .

 

والأمر فوق ما ذكرناه وأعظم مما وصفناه بكثير، ولكن فيما ذكرناه تنبيه باليسير على ما وراءه، ومن لم يرزقه الله بصيرة على التفصيل فليعلم ما بين القوة المؤيَّدة بالوحي من عند الله والعلوم التي رزقها الله الأنبياء، والعقول والبصائر التي منحهم الله إياها، وبين ما عند غيرهم.

 

ولعل قائلًا يقول: ما لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم وما لهذا الباب وذِكْر قُوى الأدوية وقوانين العلاج وتدبير أمر الصحة؟

 

وهذا من تقصير هذا القائل في فهم ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن هذا وأضعافه وأضعاف أضعافه من فهم بعض ما جاء به، وإرشاده إليه، ودلالته عليه، وحسن الفهم عن الله ورسوله - مَنٌّ يَمُنُّ الله به على من يشاء من عباده.

 

فقد أوجدناك أصولَ الطب الثلاثة في القرآن، وكيف تُنكر أن تكون شريعة المبعوث بصلاح الدنيا والآخرة مشتملة على صلاح الأبدان كاشتمالها على صلاح القلوب، وأنها مُرشِدة إلى حفظ صحتها ودفع آفاتها بطرق كلية، قد وُكِل تفصيلها إلى العقل الصحيح والفطرة السليمة بطريق القياس والتنبيه والإيماء كما هو في كثير من مسائل فروع الفقه، ولا تكن ممَّن إذا جهل شيئًا عاداه.

 

ولو رُزِق العبدُ تضلُّعًا من كتاب الله وسنة رسوله، وفهمًا تامًّا في النصوص ولوازمها لاستغنى بذلك عن كل كلام سواه، ولاستنبط جميع العلوم الصحيحة منه، فمدار العلوم كلها على معرفة الله وأمره وخلقه، وذلك مُسلَّم إلى الرسل صلوات الله عليهم وسلامه، فهم أعلم الخلق بالله وأمره وخلقه وحكمته في خلقه وأمره.

 

وطب أتباعهم أصح وأنفع من طب غيرهم، وطب أتباع خاتمهم وسيِّدهم وإمامهم محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أكمل الطب وأصحه وأنفعه، ولا يعرف هذا إلَّا من عرف طب الناس سواهم وطبهم ثم وازن بينهما، فحينئذ يظهر له التفاوت، وهم -أي الأنبياء- أصحُّ الأمم عقولًا وفِطَرًا، وأعظمهم علمًا، وأقربهم في كل شيء إلى الحق؛ لأنهم خيرة الله من الأمم، كما أن رسولهم خيرته من الرسل، والعلم الذي وهبهم إياه، والحلم والحكمة أمرٌ لا يدانيهم فيه غيرهم، وعند أحمد من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ألا إنكم توفون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله عز وجل»([29]).

 

فظهر أثر كرامتها على الله سبحانه وتعالى في علومهم وعقولهم وأحلامهم وفطرهم، وهم الذين عُرضت عليهم علوم الأمم قبلهم وعقولهم وأعمالهم ودرجاتهم، فازدادوا بذلك علمًا وحلمًا وعقولًا إلى ما أفاض الله سبحانه وتعالى عليهم من علمه وحلمه... وهذه أسرار وحقائق إنما يعرف مقدارها من حسن فهمه، ولطف ذهنه، وغزر علمه، وعرف ما عند الناس، وبالله التوفيق"([30]).

 

وعلى هذا، فليس للمشكِّك أي طريق للطعن في الطب النبوي، لا سيما إذا ما أضفنا إلى ما سبق:

 

  • أن الاكتشافات العصرية الحديثة كانت شاهدة على صحة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وقد حارت عقول الأطباء قديمًا وحديثًا فيما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.

 

  • أن كثيرًا من الأطباء غير المسلمين قد أسلموا لـمَّـا وقفوا على أوجه الإعجاز الطبي في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، ولعل آخرهم ذلك العالم النصراني الذي أعلن إسلامه في مؤتمر الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، والذي عُقد في دولة الكويت عام 1427هـ/ 2006م في شهر نوفمبر لهذا العام([31]).

 

الخلاصة:

  • لم يكن الطب النبوي خرافة إسلامية كما يزعم الطاعنون، وإنما هو حقائق علمية تجلَّت بوضوح بعد الاكتشافات الحديثة؛ حيث أثبتت التجارب العديدة التي أُجرِيت على الوسائل العلاجية التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم صحة هذه الوسائل، بل أصبحت شاهد صدقٍ على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا ينطق إلَّا وحيًا من عند علَّام الغيوب.

 

  • لقد قارن العلماء بين ما وصل إليه الغرب وما ورد في القرآن الكريم من حقائق إنسانية تخصُّ علم الأجنة، فوجدوا أن القرآن الكريم والسنة النبوية قد سبقا الأبحاث العلمية الحديثة بأكثر من ألف وأربع مئة سنة؛ ذلك أن علم الأجنة لم يقف على قدميه إلَّا في بداية القرن العشرين، أما القرآن فقد ذكر أدق تفاصيله وأبعدها عن العين المجرَّدة والتخمينات.

 

  • يقول الله تعالى:) ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين (12) ثم جعلناه نطفة في قرار مكين (13) ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين (14)( (المؤمنون)، وقد جاء العلم الحديث فأثبت أن الجنين يمرُّ بمراحل متعددة ومتعاقبة: النطفة، العلقة، المضغة، العظام، كسوة العظام لحمًا، الإنشاء خلقًا آخر، وذلك كله لم يعرفه العلم إلَّا بعد اكتشافات المِجهَر والآلات الحديثة في مجال الطب، فهل مَن أخبر بهذه الحقيقة منذ أكثر من 1400عام يكون كلامه خرافة؟! إذًا فما هي الحقيقة؟!

 

  • ثم إننا إذا ما نظرنا إلى إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن الحجامة مثلًا في قوله صلى الله عليه وسلم: «نعم العبد الحجَّام؛ يُذهِب الدم، ويخفِّف الصُّلْب، ويجلو البصر»، ففي شدة احتقان الرئتين نتيجة هبوط القلب، وعندما تفشل جميع الوسائل العلاجية نجد أن للحجامة دورًا مهمًّا يعلمه الأطباء في عصرنا.

 

  • وكذلك الحبة السوداء، فقد ثبت بالأبحاث العلمية والدراسات الإكلينيكية أن لها دورًا كبيرًا في القضاء على البكتيريا الـمُمْرِضة للإنسان والمسبِّبة للتسمُّم الغذائي.

 

  • وكذلك السواك الذي ثبت أنه قادرٌ على قتل الجراثيم بالفم، ويمنع تكوُّن مادة الجير على جدار الأسنان، كما أنه يُعطِّر الفم ويُنشِّط الدورة الدموية للثة، وهو مُطهِّرٌ قويٌّ ومفيدٌ لمرضى السكر؛ لأنه يمنع نزيف اللثة.

 

  • حقًّا لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم طبيبًا، ولم تكن مهنة الطب منوطة بالأنبياء، وليس معنى أن السنة النبوية أكدت على أهمية علاجٍ ما أو دواء معيَّن أنه يلزم عنه استخدامه والتداوي به دون غيره، وإنما نؤكِّد على نفعه وأهميته إلى جوار ما يكتشفه العلماء حديثًا.

 

  • لقد أجمع المسلمون الأوائل على أن السنة النبوية هي المرجع الثاني في الشرع الإسلامي في كل نواحي الحياة؛ من أمور غيبية اعتقادية، أو أحكام عملية أو سياسية أو تربوية، وأنه لا يجوز مخالفتها في شيء من ذلك لرأيٍ أو اجتهادٍ أو قياسٍ، ولا شك أن الأحاديث الطبية هي جزء من السنة لا ينبغي إنكارها أو الطعن فيها أو محاولة تعطيل معانيها.

 

  • إن مفهوم الطب النبوي مفهوم شامل يبعث على الدهشة ويدعو إلى الإعجاب؛ لأننا حينما نقيس الطب النبوي بالمقاييس العلمية الحديثة في أُسسه العامة نجد أنفسنا أمام إعجاز قاهر لكل نوازع الشك والتردُّد.

 

 

(*) خرافة الطب النبوي ودجل المروِّجين له، طلال شاكر، مقال منشور بموقع: الحوار المتمدن www.ahewar.org.

 

[1]. الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، د. عبد الله بن عبد العزيز المصلح و د. عبد الجواد الصاوي، دار جياد، السعودية، 1429هـ/ 2008م، ص19: 22.

 

[2]. المرجع السابق نفسه.

 

[3]. المعجزة والإعجاز في القرآن الكريم، د. سعد الدين السيد صالح، دار المعارف، القاهرة، ط2، 1993م، ص189.

 

[4]. المرجع السابق، ص191.

 

[5]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الطهارة، باب: حكم ولوغ الكلب، (2/ 816 )، رقم (641).

 

[6]. المعجزة والإعجاز في القرآن الكريم، د. سعد الدين السيد صالح، مرجع سابق، ص205، 206.

 

[7]. من روائع الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، د. عاطف المليجي، القاهرة، ط4، 2004م، ص37.

 

[8]. الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، د. عبد الله بن عبد العزيز المصلح و د. عبد الجواد الصاوي، مرجع سابق، ص19: 21.

 

[9]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الطب، باب: الحجامة من الداء، (10/ 158)، رقم (5696).

 

[10]. الإعجاز العلمي في الإسلام: السنة النبوية، محمد كامل عبد الصمد، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، ط7، 1428هـ/ 2007م، ص29، 30.

 

[11]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الطب، باب: الحبة السوداء، (10/ 150)، رقم (5688).

 

[12]. ملخصات بحوث المؤتمر العالمي العاشر للإعجاز العلمي في القرآن والسنة، دار جياد، السعودية، ط1، 1432هـ/ 2011م، ص117، 118.

 

[13]. صحيح: أخرجه ابن خزيمة في صحيحه، كتاب: الوضوء، باب: فضل السواك وتطهير الفم به، (1/ 70)، رقم (135). وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب برقم (209).

 

[14]. انظر: السواك، بحث منشور بموقع: سنا للطب الأصيل www.tebasel.com.

 

[15]. صحيح: أخرجه الترمذي في سننه (بشرح تحفة الأحوذي)، كتاب: الزهد، باب: كراهية الأكل، (4/ 590)، رقم (2380). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي برقم (2380).

 

[16]. الإعجاز العلمي في الإسلام: السنة النبوية، محمد كامل عبد الصمد، مرجع سابق، ص33، 34.

 

[17]. صحيح: أخرجه أبو داود في سننه (بشرح عون المعبود)، كتاب: العلم، باب: كتابة العلم، (10/ 57)، رقم (3641). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود برقم (3646).

 

[18]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: السلام، باب: لكل داء دواء واستحباب التداوي، (8/ 3328)، رقم (5637).

 

[19]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الطب، باب: ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء، (10/ 141)، رقم (5678).

 

[20]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: السلام، باب: لكل داء دواء واستحباب التداوي، (8/ 3331)، رقم (5653).

 

[21]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الأطعمة، باب: التلبينة، (9/ 461)، رقم (5417).

 

[22]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الطب، باب: الحبة السوداء، (10/ 150)، رقم (5687).

 

[23]. صحيح: أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب: الطب، باب: الحجامة، (2/ 1151)، رقم (3479). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه برقم (3479).

 

[24]. موسوعة الإعجاز العلمي في سنة النبي الأمي صلى الله عليه وسلم، حمدي عبد الله الصعيدي، مكتبة أولاد الشيخ، القاهرة، ط1، 2007م، ص875: 883.

 

[25]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الفضائل، باب: وجوب امتثال ما قاله شرعًا دون ذكره صلى الله عليه وسلم من معايش الدنيا على سبيل الرأي، (8/ 3488)، رقم (6013).

 

[26]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الفضائل، باب: وجوب امتثال ما قاله شرعًا دون ذكره صلى الله عليه وسلم من معايش الدنيا على سبيل الرأي، (8/ 3487)، رقم (6011).

 

[27]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الصوم، باب: الوصال ومن قال: ليس في الليل صيام، (4/ 238)، رقم (1963).

 

[28]. موسوعة الإعجاز العلمي في الحديث النبوي، د. أحمد شوقي إبراهيم، نهضة مصر، القاهرة، ط1، 2003م، ج1، ص72، 73.

 

[29]. إسناده حسن: أخرجه أحمد في مسنده، مسند الكوفيين، حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده رضى الله عنه، (5/ 3)، رقم (20041). وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن.

 

[30]. زاد المعاد في هدي خير العباد، ابن قيم الجوزية، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وعبد القادر الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط14، 1407هـ/ 1986م، ج4، ص379.

 

[31]. موسوعة الإعجاز العلمي في سنة النبي الأمي صلى الله عليه وسلم، حمدي عبد الله الصعيدي، مرجع سابق، ص895.

  • الخميس AM 01:34
    2020-09-03
  • 1028
Powered by: GateGold