المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409006
يتصفح الموقع حاليا : 339

البحث

البحث

عرض المادة

دعوى أن استنكار القرآن لصوت الحمار يتنافى مع منهج العلم

 

دعوى أن استنكار القرآن لصوت الحمار يتنافى مع منهج العلم (*)

 

مضمون الشبهة:

يسخر بعض المغرضين من قوله تعالى: )واقصدْ في مشيك واغضضْ من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير(19)((لقمان)، زاعمين أن الآية الكريمة تعبر عن نظرة الإنسان القديم إلى الكائنات حوله، فحين استنكرت صوت الحمار لم تستقصِ سائر المخلوقات على سطح الأرض، فأين المنهج العلمي للقرآن؟!

 

وجه إبطال الشبهة:

تؤكد الدراسات الحديثة أن الضوضاء صورة من صور تلوث البيئة، وأن هناك علاقة وثيقة بين الاستقرار البدني والنفسي للكائن الحي- بل والجمادات- في وسط ما، وبين مستوى الضجيج السائد في ذلك الوسط، كما ثبت بالقياس أن شدة صوت نهيق الحمار تتجاوز المئة ديسيبل، وأن كثرة التعرض لهذا الصوت قد تصيب الإنسان بالعديد من الأمراض، كما أن صوت الحمار ينشأ عن الشهيق، فينشأ نتيجة ذلك تردد معين مُضِرّ بالأذن البشرية، كما يزيد صوته قبحًا؛ لذا استنكره القرآن الكريم.

 

التفصيل:

1)  الحقائق العلمية:

 

ثبت علميًّا أن شدة صوت نهيق الحمار تتجاوز المئة ديسيبل، وأن كثرة التعرض لهذا الصوت قد يصيب الإنسان بالعديد من الأمراض، كما أن صوت الحمار ينشأ عن الشهيق، فينشأ نتيجة لهذا تردد معين مُضِرّ بالأذن البشرية.

 

 

شدة الصوت مقدرة بـ (الهيرتز)؛ أي بعدد الذبذبات في الثانية

وتؤكد الدراسات الحديثة أن الضوضاء صورة من صور تلوث البيئة، وأن هناك علاقة وثيقة بين الاستقرار البدني والنفسي للكائن الحي- بل والجمادات- في وسط ما، وبين مستوى الضجيج السائد في ذلك الوسط، فالضوضاء الصاخبة تؤدي إلى خلل واضح في أنشطة ووظائف الأجهزة المختلفة في جسم الإنسان؛ مثل زيادة إفراز مادة الأدرينالين؛ مما يؤدي إلى توتره العصبي، ويقظته الزائدة، وشدة انتباهه فوق الطاقة، مما يزيد من إرهاقه وشعوره بالإعياء الفائق عن الحد، فجسم الإنسان- كأي كائن آخر- يستقبل الموجات الصوتية كما يستقبل غيرها من صور الطاقة بدرجات متفاوتة، وينتج عن ذلك قدر من ردود الأفعال المتباينة في مختلف أجهزته، خاصة في كل من جهازه العصبي المركزي، وجهازه السمعي، وجهازه الدوري، وفي أنظمة غدده الصماء وإفرازاتها الداخلية (الهرمونات)؛ وذلك لأن الأصوات تحدث تغيرات في ضغط الهواء بالزيادة (التضاغط) والنقصان (التخلخل)، وتندفع هذه التغيرات على هيئة موجات من الذبذبات المنتشرة في كل الاتجاهات من مصدر الصوت بسرعات تُقدر بنحو 330 مترًا في الثانية في المتوسط.

 

 

تتشكل موجات الصوت عندما يجعل جسم مهتز الوسط المحيط به يهتز، وعندما يتحرك الجسم إلى الخارج يحدث منطقة ضغط، وعندما يتحرك الجسم بعد ذلك إلى الداخل تتكون منطقة تمدد تُسمى "تخلخل"، وتتكون موجات الصوت من سلسلة الضغوط والتخلخلات التي يولدها الجسم المهتز

وتعتمد طبقة الصوت على عدد الذبذبات في الثانية التي تؤثر في طبقة الهواء، دون أن تتأثر سرعة الصوت، أما شدة الصوت فتعتمد أساسًا على سعة الذبذبة، وتتناقص بالتدريج بالبعد عن مصدر الصوت، وأقل تردد للموجات الصوتية تسمعه أذن الإنسان هو 20 هيرتز (أي عشرون ذبذبة في الثانية)، وأعلاه هو 15000: 20000 هيرتز، والموجات الصوتية تنقل الطاقة من المصدر إلى أذن المستمع أو إلى أجهزة الاستقبال، ومن الثابت أن بعض الحيوانات- من أمثال الخفافيش والحيتان الزرقاء والدلافين وبعض الحشرات- لها قدرة استماع فوق صوتية تتراوح بين 30 و 100كيلو هيرتز.

 

والموجات الصوتية لا تتحرك في الفراغ، فهي تحتاج إلى وسط من الهواء أو السوائل كالماء أو الجوامد كي تتحرك فيه، وتتحرك الموجات الصوتية في الهواء بسرعة تُقدر بنحو 1200 كيلو متر في الساعة عند مستوى سطح البحر، ومع زيادة كثافة الوسط الذي تتحرك فيه الموجات الصوتية، فإن سرعتها تزداد بصورة مطردة حتى تصل إلى 4800 كيلو متر في الساعة في الأوساط المائية، وإلى أضعاف تلك السرعة في الجوامد([1]).

 

ولقد أشار العلماء إلى ما تحدثه الضوضاء من تأثير على صحة الإنسان النفسية؛ إذ إن التعرض أو الاستماع لأصوات عالية- والتي تُذكر تحت اسم "الشدة الضوضائية"- تؤدي إلى التوتر، والتوتر عامل مسبِّب للمرض النفسي واضطرابات أخرى مصاحبة؛ منها:

 

  • الصداع.
  • القلق.
  • الغثيان.
  • عدم الاستقرار.
  • التقزز.
  • الفشل الجنسي.
  • فقدان التحكم الحسي.
  • تغيرات في المزاج والعاطفة.
  • حب الجدل (حتى في الأمور التافهة).

 

  • اللامبالاة (وهذا عامل غير متوقع يعمل على زيادة القابلية للاضطرابات السيكولوجية).

                      

وقد تم التوصل إلى كل هذه النتائج مجتمعة في الدراسة التي أجراها كوهين وزملاؤه ميللر واستراكهوف 1966م-  1969م.

 

فلا شك أن التلوث الصوتي أو الضوضائي، ويُراد به الضجيج والضوضاء والأصوات العالية تؤذي السمع، وتتعب الأعصاب، وتشوِّش على العقل، وتقلق الراحة، وتطرد النوم، وتؤثر في حياة الإنسان تأثيرًا سيئًا، وخصوصًا المرضى والأطفال، والذين يشتغلون بالعلم والفكر ويحتاجون أبدًا إلى الهدوء([2]).

 

   كما أن قول الحق عز وجل:)إن أنكر الأصوات لصوت الحمير (19)( (لقمان)؛ أي: بمعنى أوحش، تؤكده الدراسات الحديثة؛ إذ تتوافر لدى أصحاب الأصوات الجميلة عدة عوامل تعطي أصواتهم قوة وجمالاً وطلاوة، منها: قبة الحنك لديهم عالية وعميقة، وتُسمى بـ "المحرابية" (أي: نصف دائرة) أو "سقف الحلق". وتتشكل 3/4 قبة الحنك الأمامية الصلبة من النتوءين الحنكيين لعظمي الفك العلوي، وهي تأخذ شكلاً مقعرًا بالاتجاهين الأمامي والجانبي، ويحيطها من الأمام الأسنان العلوية، وتنتهي في الخلف بقسم يُسمى "شراع الحنك".

 

لذلك فإنه من المعروف أن ذوي العرق الأسمر يتمتعون بأصوات جميلة أخّاذة؛ فالزنوج في الولايات المتحدة الأمريكية يشكِّلون عُشْر السكان؛ أي يجب أن يكون المغنون ذوو الأصوات الجميلة منهم يمثلون عشر المغنين، ولكن هذه النسبة ترتفع عن ذلك بكثير، ومن المعروف عن الزنوج امتلاكهم لقبة حنك عالية وعميقة، لكن عند إمعان النظر لتجويف الفم لدى الحمار نجد أن قبة الحنك لديه مسطحة تمامًا، مما يعطي قبحًا أكثر عند إخراجه الصوت بالشهيق، بخلاف الإنسان الذي يعطيه بالزفير، وهو قبح ثان آخر؛ لذلك سُمِّي بـ "النهيق"، وإذا رفع شفته العلوية ليغطي أنفه كان القبح أشد([3]).

 

 

 

فإذا ما اقترن قبح الصوت مع ارتفاعه- كما أشرنا- يتأكد أن القرآن كان معجزًا عندما أخبر أن أنكر الأصوات صوت الحمير )إن أنكر الأصوات لصوت الحمير (19)( (لقمان).

 

2)  التطابق بين الحقائق العلمية والآية الكريمة:

 

يقول الإمام القرطبي في تفسير قوله تعالى:  ) واغضضْ من صوتك( (لقمان :19): "أي: انقص منه؛ أي: لا تتكلف رفع الصوت وخذ منه ما تحتاج إليه، فإن الجهر بأكثر من الحاجة تكلف يؤذي. وقوله تعالى: )إن أنكر الأصوات لصوت الحمير(19)((لقمان) ؛ أي: أقبحها وأوحشها"([4]).

 

وجاء في تفسير ابن كثير: "وقوله: )إن أنكر الأصوات لصوت الحمير (19) ( (لقمان) قال مجاهد وغير واحد: إن أقبح الأصوات لصوت الحمير؛ أي: غاية من رفع صوته أنه يشبه بالحمير في علو صوته ورفعه"([5]).

 

وبمناقشة موضوع الآية مناقشة علمية لا بد من معرفة ماهية الصوت؛ فالصوت كما يعرفه الفيزيائيون: هو ظاهرة طبيعية تنشأ عن اهتزاز الأجسام ندركها بحاسة السمع، وينقسم إدراكنا إياها إلى قسمين: شدة الصوت وحدته، أما شدة الصوت فهي الطاقة الصوتية التي تعبر وحدة المساحة في وحدة الزمن، وتُقاس بالديسيبل، وأما حدته فهي تردد الموجات الصوتية، وتُقاس بالهيرتز.

 

وبالرجوع للآية الكريمة )إن أنكر الأصوات لصوت الحمير(19)( (لقمان) فقد قال العلماء فيها: إن أنكر بمعنى أقبح وأوحش، وهذا يعتمد على معنى القبح في المناظير المختلفة.

 

كما أن صوت الحمار ينشأ عن الشهيق، بينما ينشأ صوت بقية الكائنات الحية عن الزفير، ونتيجة لهذا ينشأ تردد معين مضر بالأذن البشرية([6]). وهذا ما جاءت به الآية الكريمة وأكَّده العلم الحديث.

 

3)  وجه الإعجاز:

 

لقد أثبت القرآن الكريم من خلال قوله تعالى:)واقصدْ في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير (19)( (لقمان) أن الضوضاء صورة من صور تلوث البيئة، وأن هناك علاقة وثيقة بين الاستقرار البدني للكائن الحي، وبين مستوى الضجيج في ذلك الوسط.

 

وهذا ما أكدته الدراسات العلمية الحديثة، كما أشارت الآية إلى أن صوت الحمار يعرِّض الإنسان للإصابة بالعديد من الأمراض، "فالإشارة القرآنية التي تقول: )إن أنكر الأصوات لصوت الحمير(19) ( (لقمان) فيها من السبق العلمي ما لم يكن معروفًا في زمن الوحي بالقرآن الكريم، ولا لقرون متطاولة من بعده، وورودها في كتاب أُنزل على نبي أُمِّيٍّ، وفي أمة غالبيتها الساحقة من الأميين من قبل أربعة عشر قرنًا، وإلماحاتها إلى أخطار التلوث البيئي بالضجيج على صحة الإنسان- هي حقائق لم تُعرف إلا في أواخر القرن العشرين"([7]). 

 

 

 

(*) منتدى: الملحدين العرب www.el7ad.com.

 

[1]. تفسير الآيات الكونية في القرآن الكريم، د. زغلول النجار، مرجع سابق، ج2، ص497، 498.

 

[2]. انظر: التلوث الصوتي، هيثم الفقي، بحث منشور بمنتدى: الدكتورة شيماء عطا الله www.shaimaaatalla.com.

 

[3]. أثر هيكلة الفم على جمال الصوت، مقال منشور بموقع: www.studentals.net.

 

[4]. الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، مرجع سابق، ج14، ص72.

 

[5]. تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، دار المعرفة، بيروت، 1400هـ/ 1980م، ج3، ص446.

 

[6]. )إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِير(19)( (لقمان) ، حسين الصادق، مقال منشور بمنتديات: طلاب جامعة الملك فهد للبترول والمعادن www.skfupm.kfupm.edu.sa.

 

[7]. تفسير الآيات الكونية في القرآن الكريم، د. زغلول النجار، مرجع سابق، ج2، ص500.

 

  • الاربعاء PM 07:34
    2020-09-02
  • 1541
Powered by: GateGold