المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412329
يتصفح الموقع حاليا : 265

البحث

البحث

عرض المادة

إنشاء كنائس للمصلحين

إنشاء كنائس للمصلحين:124 - كانت جهود هؤلاء القادة وأتباعهم، وعيوب الكنيسة، وسوء حالها وحال القوامين عليها، وشدة ضغطهم سبباً في ذيوع الآزاء التي تخالف رأي الكنيسة، وقد ابتدأت الحركة بطلب إصلاح الكنيسة على أن يقوم بالإصلاح رجال الكنيسة أنفسهم ولكنهم أنقضوا رءوسهم، وأصروا واستكبروا استكباراً، ورفضوا كل دعوى للإصلاح، وقابلوا أصحابها بقرارات الحرمان أحياناً كثيرة، والإهمال أحياناً قليلة.فلما استيأس مريدو الإصلاح من أن يقوم الكنسيون بإصلاح حالهم، وأن يرعوا الديانة حق رعايتها اتجهوا إلى الحكام طالبين أن يتدخلوا لإصلاح الكنيسة، كما حاول لوثر، فقد أعطى الحكام حق الهيمنة على الكنيسة ليصلحوها، ولكن الحكام تقاعسوا، ومنهم من لم يحاول إصلاح الكنيسة، بل حاول القضاء على طلاب إصلاحها، وأنزل بهم اضطهادات وبلايا وشدائد ومذابح، كما حدث لبروتستنت فرنسا، وكان ذلك إما تعصبا للكنيسة، وإما ما جملة، وإما كراهة للمصلحين، لأن منهم من كانت لهم آراء إصلاح نظم الحكم بجوار آرائهم في إصلاح الكنيسة، وقد كان الحكم استبداديا مطلقا، بلا نظام يقيد الحاكم، ويلزم المحكوم.فلما يئس طلاب الإصلاح من الحكام ويئسوا من رجال الكنيسة اتجهوا إلى أن يجعلوا لآرائهم جماعة، ووحدة دينية منفصلة عن الكنيسة وآراؤها غير خاضعة للكنيسة. وراغضة كل ما لها من سلطان، وأنشأوا لهم كنائس ليست معترفة لروما بأي سلطان، وسلطة رجال الدين فيها محدودة، ولرجال الدين من الحقوق ما قرروا من مبادئ، وسميت كنائسهم كنائس إنجيلية أي أنها لا تخضع إلا لحكم الكتاب المقدس، ويقيد بأحكامه رجل الدين أمام رجل الشعب، وجميعهم مسئول أمام ذلك الكتاب، وليس لرئيس الكنيسة خلافة تجعل كلامه مقدسا، مساويا لأحكام الكتاب المقدس في الرتبة والاعتبار.وقد انتشر المذهب الجديد في ألمانيا والدانمرك والنرويج وهولندا وإنجلترا وأمريكا الشمالية وسويسرا، وإن لم تصر كلها على المذهب.
أهم مبادئ الإصلاح:125 - والآن نلخص المبادئ التي أتى بها ذلك المذهب الجديد، نكتفي بذكر أصولها التي يرجع إليها غيرها من الفروع، وأعظم تلك الأصول شأنا:(أ) جعل الخضوع التام الواجب على المسيحي لنصوص الكتاب المقدس وحدها وجعله الحكم وحده الذي لا ترد حكومته، ولا ترفض أوامره، وقياس كل أوامر الكنيسة القديمة وقرارات المجامع على ما نص عليه في ذلك الكتاب فما وافقه قبل على أن الكتاب قد ورد به، وما خالفه رفض، ولو كان قد صدر عن أكبر رجال الكنيسة شأناً في الماضي أو الحاضر.ولذلك يقول صاحب كتاب سوسنة سليمان في ذلك: "إنهم جميعاً متفقون في المعتقدات على مجرد ما في الكتاب المقدس فقط، فلا يخضعون لشيء من التقاليد التي لا يوجد لها فيه رسم أصلاً، ولا إلى أقوال أحد من الآيات أو المجامع إلا إذا كان موافقا لنصوصه لفظا ومعنى، أما تفسير الآيات الغامضة والتي لم يوضحها الوحي الإلهي، فلا يمارون أحداً فيها إلا إذا كان التفسير ينافي ما كان معناه واضحاً في غيرها من تعاليم الكتاب".فهم لا يعترفون بسلطان لغير الكتاب وقد كان تحكيم الكتاب وحده سبباً في جعل رجل الدين غير مطاوع إلا فيما ورد في الكتاب.وقد كان جعل سلطان الكتاب شاملاً لرجل الدين، ولرجل الشعب سبباً في أن حق التفسير والفهم لم يعد مقصوراً على رجال الدين، فأزيل ذلك الحجاب الذي أقيم بين المسيحي وبين كتابه. إذ أقامه رجال الدين ليحتجزوا حق تفسير الكتاب لأنفسهم. وبذلك يكون الدين ما تنطق به أفواههم وليس لأحد أن يعقب على قولهم، لأن باب التفسير قد أقفل دون غيرهم فلا يستطيعون إزالة رتاجه، ولا فتح إغلاقه، فألغى المذهب الجديد ذلك الحجاب وفتح باب التفسير لكل مثقف ذي فهم، وإذا كان ثمة نص لم يفهم توقفوا عن فهمه، فإن أبدى رجل الدين رأياً في فهمه قبلوه إلا إذا خالف نصاً ظاهراً لا مجال للتأويل فيه.عدم الرياسة في الدين:(ب) ليس لكنائسهم من يترأس عليها رياسة عامة، بل لكل كنيسة رياسة خاصة بها، والرياسة الكنسية التي تستمد الخلافة من أحد الحواريين أو من المسيح نفسه لا وجود لها عندهم، بل إن الكنيسة في كل مكان ليس لها إلا سلطان الوعظ والإرشاد، والقيام على تأدية الفروض والتكاليف الدينية وبيان الدين لمن لا يستطيع معرفته من تلقاء نفسه، ولم يكن عنده من الثقافة ما يمكنه من ذلك.ليس لرجل الدين الغفران:(جـ) وإذا كانت الكنيسة لها سلطان إلا البيان لمن لا يستطيع بياناً والإرشاد لمن لا يستطيع معرفة أوامر الدين من تلقاء نفسه، فليس لها سلطان في محو الذنب أو ستره. أو تلقى الاعتراف بالذنوب ومسحها سواء أكانت تلك هي المسحة الأخيرة عن الاحتضار. أم كانت قبل ذلك. فكل ذلك ليس لها فيه سلطان. لأنه من عمل الديان. وقد علمت أن صكوك الغفران وحق الكنيسة فيه كانت الثقاب الذي اندلعت منه الثورة على الكنيسة، وتبعها تقصى عيوبها، وتتبع نقائصها. وقد ذكرنا ببعض التفصيل ما كانت تفعله الكنيسة، وبينا أنها غالت فيما زعمته لنفسها في ذلك من حق، والأساس في رفض الكنيسة في هذا: كل نفس لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت.وكما أن ذلك الأساس أدى إلى سلب الكنيسة ما زعمته لنفسها من حق الغفران أدى إلى أمر آخر. وهو منع الصلاة لأجل الموتى، واعتبار أن ذلك لا يفيدهم لأنه ليس للإنسان إلا ما سعى. وأن سعيه سيحاسب عليه إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، وأدى أيضاً إلى أن طلب شفاعة القديسين لا قيمة له، لأنه لا يغير عمل الشخص من صالح إلى طالح.وفي الجملة أنهم اعتبروا غفران الذنوب يرجع إلى عمل الشخص وعفو الإله، وتوبة العاصي وندمه على ما فات ولومه نفسه على ما كان وكل قول يجعل غفران الذنب أساسه غير ذلك رفضوه، ولم يلتفتوا إليه.عدم الصلاة بلغة غير مفهومة.(د) ولقد كان ذلك المبدأ الذي يجعل الإنسان يدين بعمله وحده، ومبدأ أن لا سلطان للكنيسة على القلب والعبادة، كان هذان المبدآن سبباً في أن رفض أولئك المسيحيون الصلاة بلغة غير مفهومة للمتعبد، لأن الصلاة دعاء من العابد للمعبود وانصراف القلب إليه، والقيام بالخضوع الكامل له، والنطق بما يدل على الخضوع والالتجاء إلى المعبود، فوجب أن تكون بألفاظ يفهمها العابد ليردد معانيها ويقصد مراميها، وقد كانت صلاة القسيس بلغة لا يفهمها المصلون مقبولة لدى الكاثوليك. لأن أساس ذلك أن عبادة القسيس عبادة لمن هم تحت سلطانه.رأيهم في العشاء الرباني:(هـ) انتهى البروتستنت بالنسبة للعشاء الرباني إلى إنه تذكار بغداء المسيح للخطيئة التي ارتكبها آدم، وتحملت الخليقة من بعد وزرها، وتذكار لمجيئه لدين الناس، فهو تذكار للماضي والمستقبل كما جاء في بعض الرسائل، وهم ينكرون أن يتحول الخبز إلى جسد المسيح. والخمر إلى دمه.والكنيسة قد أصرت على ذلك إصراراً. وهذا قرارها في المجمع الترنديتى في ذلك الشأن، فهي تقول بلسان أعضائه.. "قد اعتقدت كنيسة الله دائماً بأنه بعد التقديس يوجد جسد ربنا الحقيقي ودمه الحقيقي مع نفسه ولاهوته تحت أعراض الخبز والخمر، وأن كلاً من الشكلين يحتوي ما يحتوى كلاهما، لأن يسوع المسيح هو بكماله تحت شكل الخبز، وتحت أصغر أجزاء هذا الشكل، كما إنه هو كله أيضاً تحت شكل الخمر وجميع أجزائه،وقد اعتقدت الكنيسة أيضاً اعتقاداً ثابتاً بأنه بتقديس الخبز والخمر يستحيل كامل جوهر جسد ربنا. وكامل جوهر الخمر إلى جوهر دمه تعالى، وهذا التعبير قد دعى بكل صواب. فيلتزم إذن جميع المؤمنين بأن يعدوا هذا السر المقدس العبادة المستوجبة للإله الحقيقي. لأننا نعتقد بأنه يوجد فيه الله نفسه الذي عبدته الملائكة على أمره تعالى. حينما أتى على العالم، وهو نفسه الذي سجدت له المجوس خارين على أقدامه، وله نفسه سجدت الرسل في الجليل".هذه عقيدة الكنيسة في العشاء الرباني، لم يستسفها لوثر وأشياعه، وخلفاؤه من بعده، وانتهى أمرهم إلى أن رفضوا ذلك التحول الذي تفرضه الكنيسة، وتلتزم به، وإن كان بعيداً عن المعروف المألوف، وبعد أن رفضوا ذلك قر قرارهم الأخير على اعتبار العشاء الرباني تذكاراً بالغذاء وتذكاراً للمجيء وفي ذلك عظة واستبصار.إنكار الرهبنة:(و) أنكر أولئك المصلحون لزوم الرهبة التي يأخذ رجال الدين أنفسهم بها ويعتبرونها شريعة لازمة. يفقد رجل الدين صفته الكهنوتية أن تخلى عنها، ولقد رأوا ما أدى إليه ذلك الحظر من كبت للجسد الإنساني، وتعذيب له من غير ضرورة، ولا نص من الكتب قديمها وجديدها يفيد ذلك، بل قد رأوا ما إليه ذلك الكبت من انفجار غريزة الإنسان في رجل الدين فانطلق يكرع اللذة من شقتها الحرام بعد أن حرم على نفسه الحلال، وطفق يغترف من ورد معتكر بالآثام، مرنق بالمفاسد، وترك المنهل العذب الذي حللته الشرائع، ويتفق مع ناموس الاجتماع الإنساني.عدم اتخاذ الصور والتماثيل:(ز) منع البروتستنت اتخاذ الصور والتماثيل في الكنائس والسجود لها، معتقدين أن ذلك قد نهي عنه في التوراة، فقد جاء في سفر التثنية: "لا تصنع لك تمثالاً منحوتاً، ولا صورة مما في السماء من فوق، وما في الأرض من أسفل، وما في الماء من تحت الأرض، لا تسجد لهن ولا تعبدهن لأني أنا الرب إلهك غيور أفتقد ذنوب الآباء في الأبناء في الجيل الثالث والرابع من مبغضي، وأصنع إحساناً إلى ألوف من محبي، وحافظي وصاياي".ولا شك أن ما نهت عنه التوراة يجب الأخذ به مادام الجميع يؤمنون بالتوراة، وكتب العهد الجديد، وما دام لم يرد عن المسيح أو عن الرسل ما يبطل ما جاء في التوراة.ولقد أثبت الأستاذ أمين الخولي بالسند التاريخي أن ذلك التحريم قد قبسه النصارى المصلحون من نور الإسلام.

  • السبت PM 02:35
    2016-11-12
  • 3838
Powered by: GateGold