المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412338
يتصفح الموقع حاليا : 284

البحث

البحث

عرض المادة

المجامع المسيحية تاريخها - وأسبابها - وقراراتها

78- قد شرحنا فيما اسلفنا من القول العقائد المسيحية، كما هي فس كتبهم ولم نتجه إلى ألان لدراستها دراسة نقيدة لأننا نجدهم يجتهدون في تصويرها ويشعرون بعظم المشقة في ذلك، حتى إذا يئسوا قالوا أنها فوق العقل، وأن العقل لا يستطيع تصويرها تصويراً كاملاً، وأنها ستنجلي يوم القيامة، ولذلك نجد من الظلم لأنفسنا أن نناقشها، لأن العقل لا يستسيغها باعترافهم فكيف نناقشها؟ وهم يلقنون الصبية بأن يجتهدوا في تصورها وتصديقها، لا في البرهنة لها وإثباتها، ولذلك نترك الآن مناقشتها بالعقل، ونحيل القارئ الكريم على ما كتب الذين ناقشوها من فطاحل العلماء، ونخص بالإشارة كتاب إظهار الحق للشيخ - رحمه الله - الهندي، وكتاب الفارق فيما بين المخلوق والخالق، والقول الصحيح لابن تيمية، بلل الله ثراهم، فإن هؤلاء لم يتركوا مقالاً لقائل.ويهمنا الآن في بحثنا التاريخي أن نبين الأدوار التي مرت عليها هذه العقيدة، فإنه من المقرر في تاريخ المسيحية بالبداهة أن التثليث بالشكل الذي يعتقده جماهير المسيحيين، أو الكثرة الغالبة فيهم، لم يعلن للناس دفعة واحدة، بل في أزمان متفاوتة مختلفة، وكان بإعلان المجامع التي كانت تعقد من الأساقفة، وفيها يقرر المجمع رأيا معيناً، ولا يهمنا مما كانت تقرره تلك المجامع ألا ما يتعلق بالعقيدة وإن كنا سنعرض أحياناً لما كان يجئ في ثنايا قراراتها من بعض النظم.
كيف وجدت فكرة جمع المجامع:والمجامع في المسيحية هي كما يقول علماؤهم جماعات شورية في المسيحية، قد رسم رسلهم نظامها في حياتهم. حيث عقدوا المجمع بأورشليم بعد ترك المسيح لهم باثنتين وعشرين سنة، وقرر ذلك المجمع، كما علمت قريباً، عدم التمسك بمسألة الختان، بل زاد فقرر عدم التمسك بشرائع التوراة، وكا وليها من سائر أسفار العهد القديم المقدس عندهم فيما يتعلق بالتحريم، إلا تحريم الزنى، وأكل المخنوق، وأكل الدم وأكل ذبائح الأوثان، فقد قالوا أن التلاميذ والمشايخ بهذا المجمع الذي بينه سفر الأعمال في إصحاحه الخامس قد سنوا للمسيحيين سنة جمع المجامع لدراسة ما يتعلق بالعقيدة والشريعة.
المجامع العامة والمجامع الخاصة:والمجامع عندهم قسمان: مجامع عامة أو على حد تعبيرهم مجامع مسكونية، أي تجمع رجال الكنائس المسيحية في كل أنحاء المعمورة، والمجامع المكانية وهي التي تعقدها كنائس مذهب أو أمة في دوائرها الخاصة من أساقفتها وقساوستها" أما لإقرار عقيدة، أو لرفض عقائد أخرى.ويقسم المجامع صاحب كتاب سوسنة سليمان إلى ثلاثة أقسام فيقول: "وهذه المجامع تنقسم بالنظر إلى عدد أربابها ودرجاتهم وشوكتهم إلى ثلاثة أقسام وهي: مجامع عامة، ويقال لها مسكونية، ومجامع ملية، أي خاصة بطائفة دون غيرها، ومجامع إقليمية، أي خاصة بإقليم مخصوص. لكن مقاصد كلامنا لا تحتاج إلا إلى ذكر المجامع التي تعتبر عامة، سواء صادق عليها الجميع أو إنكرها بعضهم على بعض، لما في ذلك من معرفة النتائج التي تولدت عنها".هذا كلام صاحب ذلك الكتاب المسيحي، وإذا كان هو لا يعني في تاريخ ديانته إلا بالمجامع العامة، فنحن كذلك لا نعني إلا بها، وقد أحصى المجامع العامة من القرون الأولى للمسيحية إلى سنة 1869 فكانت عدتها عشرين مجمعاً، وقد ذكرها جميعاً بالإجمال، وذكر قراراتها بالإشارة وسنحذو حذوه في بعضها، وسنترك الإجمال إلى بعض التفصيل في بعضها الآخر، وخصوصاً في المجامع التي كانت في القرون الأولى للمسيحية لأنها التي حددت للأخلاق حدود العقيدة المسيحية في نظر مقريها، وهي التي رسمت المسموح والتقاليد الكنسية القائمة في الكنائس، أو بعضها الكثير إلى الآن، وهي التي فلحت الأرض لتبذر هذه المسيحية التي سادت أفكار المسيحيين في الأجيال من بعد.

  • الثلاثاء PM 02:04
    2016-10-25
  • 2935
Powered by: GateGold