المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412343
يتصفح الموقع حاليا : 267

البحث

البحث

عرض المادة

بعض المشاكل فى الاناجيل

1- إنجيل مرقس:1- يقول بابياس (حوالي عام 135 م) : " في الواقع أن مرقس الذي كان ترجمانا لبطرس قد كتب بالقدر الكافي من الدقة التي سمحت بها ذاكرته ما قيل عن أعمال يسوع وأقواله ولكن دون مراعاة للنظام.(ونلاحظ أن مرقس هذا هو كاتب أقدم الأناجيل الذي اعتمد عليه كل من متى ولوقا) .ولقد حدث ذلك لأن مرقس لم يكن قد سمع يسوع ولا كان تابعا شخصيا له، لكنه في مرحلة متأخرة كما قلت أنا (بابياس) من قبل قد تبع بطرس ".ويتفق مع قول بابياس هذا ما اقتبسه أيرنيوس في قوله: " بعد موت بطرس ويولس فإن مرقس تلميذ بطرس وترجمانه سلم إلينا كتابة ما صرح به بطرس " (1) .2- " لم يوجد أحد بهذا الاسم (مرقس) عرف أنه كان على صلة وثيقة وعلاقة خاصة (بيسوع) أو كانت له شهرة خاصة في الكنيسة الأولى. . ومن غير المؤكد صحة القول المأثور الذي يحدد مرقس كاتب الإنجيل بأنه يوحنا مرقس المذكور في (أعمال الرسل 12: 12، 25- أو أنه مرقس المذكور في رسالة بطرس الأولى، 5: 13 أو أنه مرقس المذكور في رسائل بولس: كولوسي 4: 10، (2) تيموثاوس 4: 11، فليمون 24) .لقد كان من عادة الكنيسة الأولى أن تفترض أن جميع الأحداث التي ترتبط باسم فرد ورد ذكره في العهد الجديد إنما ترجع جميعها إلى شخص واحد له هذا الاسم، ولكن عندما نتذكر أن اسم مرقس كان أكثر الأسماء اللاتينية شيوعا في الإمبراطورية الرومانية فعندئذ نتحقق من مقدار الشك في تحديد الشخصية في هذه الحالة (2) .3- وبالنسبة لتاريخ كتابة هذا الإنجيل: " فإنه غالبا ما يحدد في الجزء المبكر من الفترة 65-67 م، وغالبا في عام 65 م، أو عام 66 م. . ويعتقد كثير من العلماء أن ما كتبه مرقس في (الإصحاح 13) قد سطر بعد عام 70 م ".وأما عن مكان الكتابة: " فإن إنما المأثورات المسيحية الأولى لا تسعفنا. . إن كليمنت السكندري وأوريجين يقولان روما، بينما يقول آخرون مصر. وفي غياب أي تحديد واضح تمدنا به هذه المأثورات لمعرفة مكان الكتابة فقد بحث العلماء داخل الإنجيل نفسه عما يمكن أن يمدنا به، وعلى هذا الأساس طرحت بعض الأماكن المقترحة مثل أنطاكية، لكن روما كانت هي الأكثر قبولا " (1) .ومن ذلك يتضح أن أحدا لا يعرف بالضبط من هو مرقس كاتب الإنجيل، كذلك فإن أحدا لا يعرف بالضبط من أين جاء هذا الإنجيل.مشاكل إنجيل مرقس:إن من مشاكل إنجيل مرقس: اختلاف النسخ على مر السنين، ولقد أدى ذلك إلى قول علماء المسيحية إنه قد " زحفت تغييرات تعذر اجتنابها، وهذه حدثت بقصد أو بدون قصد. ومن بين مئات المخطوطات- أي النسخ التي عملت باليد- لإنجيل مرقس والتي عاشت إلى الآن فإننا لا نجد أي نسختين تتفقان تماما ".كذلك من مشاكل إنجيل مرقس خاتمة هذا الإنجيل، ذلك أن الأعداد من 9 إلى 20 (التي تتحدث عن ظهور المسيح ودعوته التلاميذ لتبشير العالم بالإنجيل) هذه تعتبر إلحاقية، أي أنها أضيفت فيما بعد بحوالي 110 من السنين، فلم تظهر لأول مرة إلا حوالي سنة 180 م (1) .2- إنجيل متى:" لا يزال من الواضح أن كلًا من بولس الهلليني ومتى المبشر اليهودي له وجهة نظر تخالف الآخر تماما فيما يتعلق بأعمال يسوع وتعاليمه " (2) .وأما بالنسبة لتاريخ كتابة هذا الإنجيل فيمكن القول بأنه " كتب في حوالي الفترة من 85 إلى 105 م، وعلى أية حال فيمكن القول بأنه كتب في الربع الأخير من القرن الأول أو في السنوات الأولى من القرن الثاني " (3) .وفيما يتعلق بمكان تأليفه: " فإن شواهد قوية تشير إلى أنطاكية باعتبارها موطنه الأصلي. ولما كان من الصعب ربط الإنجيل بمدينة محددة (مثل أنطاكية) فمن المناسب إذن القول بأنه يأتي من مكان ما في المنطقة المحيطة بها أو أي مكان ما يقع شمال فلسطين " (4) .مشاكل إنجيل متى:1- توقع نهاية العالم سريعا: ولو أن هذه الفكرة قد سيطرت على تفكير مؤلفي أسفار العهد الجديد، إلا أن متى كان أكثرهم حرصا على تأكيد ذلك. فهو قد يتوقع أن تأتي نهاية العالم في أيام المسيح: قبل أن يكون رسله قد أكملوا التبشير في مدن إسرائيل (10: 23) ، وقبل أن يدرك الموت بعض معاصري المسيح والذين استمعوا إلى تعاليمه (16: 28) وقبل أن يكون ذلك الجيل الذي عاصر المسيح وتلاميذه قد فني (24: 34) .ومن الواضح كما يقول جون فنتون في ص 21- " أن شيئا من هذا لم يحدث كما توقعه متى ".2- ثم تأتي خاتمة الإنجيل التي يشك فيها العلماء ويعتبرونها دخيلة.فهي تنسب للمسيح قوله لتلاميذه: " اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس (28: 19) ".ويرجع هذا الشك- كما يقول أدولف هرنك - وهو من أكبر علماء التاريخ الكنسي، إلى الآتي:أ- " لم يرد إلا في الأطوار المتأخرة من التعاليم المسيحية ما يتكلم عن المسيح وهو يلقي مواعظ ويعطي تعليمات بعد أن أقيم من الأموات، وأن بولس لا يعلم شيئا عن هذا ".ب- " إن صيغة التثليث هذه غريب ذكرها على لسان المسيح، ولم يكن لها نفوذ في عصر الرسل، وهو الشيء الذي كانت تبقى جديرة به، لو أنها صدرت عن المسيح شخصيا " (1) .3- إنجيل لوقا:يبدأ بمقدمة ألقت كثيرا من الضوء على ما كان يحدث في صدر المسيحية، وخاصة فيما يتعلق بتأليف الأناجيل، فهو يقول:" إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخذاما للكلمة. رأيت أنا أيضا إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس. لتعرف صحة الكلام الذي علمت به " (1: 1-4) .ومن هذه المقدمة يتضح جملة أمور لا بد من التسليم بها:1- أن لوقا يكتب رسالة شخصية إلى ثاوفيلس، وأن هذه الرسالة تكتب على التوالي حسبما تتوفر لها إمكانيات الكتابة من وقت ومعلومات.2- وأن هذا العمل قام به لوقا بدافع شخصي بحت بغية أن تصل المعلومات التي علم بها إلى صديقه. ولم يدع الرجل في رسالته أنه كتبها بإلهام أو مسوقا من الروح القدس، بل إنه يقرر صراحة أن معلوماته جاءت نتيجة لاجتهاده الشخصي لأنه تتبع كل شيء من الأول بتدقيق.3- كذلك يقرر لوقا أن كثيرين قد أخذوا في تأليف أناجيل.4- وأخيرا يعترف لوقا بأنه لم ير المسيح ولم يكن من تلاميذه، لكنه كتب رسالته بناء على المعلومات التي تسلمها من الذين عاينوا المسيح وكانوا في خدمته. ومن المعلوم أن سفر أعمال الرسل- وهو أطول أسفار العهد الجديد- هو الجزء الثاني من رسالة لوقا إلى ثاوفيلس.ولقد حاول العلماء معرفة ثاوفيلس هذا، لكن جهودهم لم تصل إلى نتيجة محددة.يقول فريدريك جرانت: " لم نخطر بمن يكون ثاوفيلس هذا، قد يمكن افتراضه موظفا رومانيا. . كذلك لم نخطر بمن أولئك الكثيرين الذين أخذوا في تأليف قصص مماثلة. . ورغم أن الموضوع لا يتعدى مجرد احتمالات غير مؤكدة فليس من المتعذر أن يكون مؤلف إنجيل لوقا قد جمع مادته في فلسطين أو سوريا مبكرا في الفترة 70- 80 م، ثم ربطه بالجزء الأكبر من إنجيل مرقس في وقت ما من السبعينات ثم أصدر إنجيله حوالي عام 80 أو 85 م. وبعد ذلك بحوالي خمس سنوات فإنه ذيل كتابه الأصلي برسالة ثانية نعرفها الآن باسم أعمال الرسل. . ثم نشر مصنفه في حوالي عام 95 م " (1) .ومن أقوال العلماء في كتابات لوقا:" إن سفر أعمال الرسل يوجد به كثير من النقاط التي تتعارض تعارضا تاما مع التعاليم المذكورة في رسائل بولس، ومن غير المعقول إذن أن تكون هذه قد سطرها شخص له معرفة مباشرة ببولس ورحلاته التبشيرية (التي تحدث عنها تفصيلا سفر أعمال الرسل حتى أن هذا السفر يسمى أحيانا سفر أعمال بولس. .) . ومن النادر ذكر لوقا كشخصية بارزة في سجلات التاريخ للقرن الأول من المسيحية " (2) .مشاكل إنجيل لوقا:1- " يعاني نص إنجيل لوقا من التغييرات التي تعاني منها الكتب الأخرى للعهد الجديد، إلا أن النص الغربي للإنجيل وسفر أعمال الرسل يعاني من اختلافات كثيرة بالإضافة أو الحذف عما في النصوص الأخرى لذات الإنجيل، مثل النص السكندري والنص البيزنطي " (3) .2- " ثم هناك المشكلة الحادة التي نتجت عن اختلاف نسب المسيح كما ذكره لوقا عما جاء في نظيره في إنجيل متى وفي أسفار العهد القديم ". وهذه واحدة من مشاكل الأناجيل التي سوف نبحثها فيما بعد.4- إنجيل يوحنا:" لقد كان من المعتقد لفترة طويلة أن يوحنا كان على بينة من وجود الأناجيل الثلاثة المتشابهة، وأنه قد كتب ليكملهم أو ليصحههم في حالة أو حالتين. فقد جرى القول بأن حادثة تطهير الهيكل- على سبيل المثال- قد وضعها يوحنا عمدا في بداية دعوة يسوع، لأنه حسبما تذكرها يوحنا الذي تقدمت به السنون كان ذلك موضعها.كذلك فإنه صحح تاريخ الصلب، حيث وضعه عشية الفصح في اليوم الذي تذبح فيه خراف الفصح. ومن ناحية أخرى فإن لقب: ابن الإنسان (الذي كان يطلقه المسيح على نفسه ويفضله كثيرا على الألقاب الأخرى) والي لم يستخدمه بولس قط، قد أبقى عليه يوحنا. .لقد كان يوحنا مسيحيا ولجانب ذلك فإنه كان هللينيا، ومن المحتمل ألا يكون يهوديا ولكنه شرقي أو إغريقي. .ومن المحتمل أن يكون إنجيل يوحنا قد كتب في أنطاكية أو أفسس أو الإسكندرية أو حتى روما، فإن كلا من هذه المدن كانت مركزا عالميا للدعاية العقائدية في القرنين الأول والثاني من الميلاد، كما كانت على اتصال ببعضها " (1) .ويقول جون مارش في مقدمته لتفسير إنجيل يوحنا تحت عنوان: " استحالة التوكيد ":" حين نأتي لمناقشة المشاكل الهامة والمعقدة التي تتعلق بالإنجيل الرابع وإنجيله، نجد أنه من المناسب والمفيد أن نعترف مقدما بأنه لا توجد مشكلة للتعريف (بالإنجيل وكاتبه) يمكن إيجاد حل لها.من كان يوحنا هذا الذي قيل إنه المؤلف؟ أين عاش؟ لمن من الجمهور كان يكتب إنجيله؟ أي المصادر كان يعتمد عليها؟ متى كتب مصنفه؟ . .حول كل هذه الأسئلة وحول كثير غيرها توجد أحكام متباينة، أحيانا تقرر تأكيدات قوية ومع ذلك فإن أيا منها لا يرقى إلى مرتبة اليقين. . .(ثم يختتم جون مارش مقدمته بقوله) :وبعد أن نفرغ كل ما في جعبتنا نجد أنه من الصعب إن لم يكن من المستحيل تحقيق أي شيء أكثر من الاحتمال حول مشاكل إنجيل يوحنا.ويعتقد كاتب هذه السطور (جون مارش) أنه ليس من المستحيل الاعتقاد أنه خلال السنوات العشر الأخيرة من القرن الأول الميلادي قام شخص يدعى يوحنا، من الممكن أن يكون يوحنا مرقس، وقد تجمعت لديه معلومات وفيرة عن يسوع، ومن المحتمل أنه كان على دراية بواحد أو أكثر من الأناجيل المتشابهة، فقام عندئذ بتسجيل شكل جديد لقصة يسوع اختص بها طائفته التي كانت تعتبر نفسها عالمية، كما كانت متأثرة بوجود تلاميذ يوحنا المعمدان " (1) .مشاكل إنجيل يوحنا:تقول دائرة المعارف الأمريكية: " يوجد ذلك التضارب الصارخ بينه وبين الأناجيل المتشابهة، فهذه الأخيرة تسير حسب رواية مرقس للتسلسل التاريخي للأحداث فتجعل منطقة الجليل هي المحل الرئيسي لرسالة يسوع، بينما يقرر إنجيل يوحنا أن ولاية اليهودية كانت المركز الرئيسي.وهناك مشكلة الإصحاح الأخير (رقم 21) من الإنجيل: إن القارئ العادي يستطيع أن يرى أن الإنجيل ينتهي بانسجام تام بانتهاء الإصحاح العشرين الذي يقول: وأما هذه فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله. . إن هذا الإعلان يبين بوضوح الغرض الذي كتب من أجله هذا الكتاب.بعد ذلك يأتي الإصحاح الأخير (رقم 21) الذي يخبرنا أن يسوع ظهر كرب أقيم من الأموات لخمسة تلاميذ. . وأنه قال لبطرس: ارع خرافي. . وكذلك تعليق مبهم يقول: هذا هو التلميذ الذي جاء عن طريق الجماعة التي تشير إلى نفسها بكلمة: نحن (نعلم) . . وفي حقيقة الأمر فإن هؤلاء يصعب تحديدهم " (1) .ولقد ظهر شيء من التآلف بين إنجيلي لوقا ويوحنا مما ساعد على ظهور نظرية تقول بأن يوحنا استخدم إنجيل لوقا كأحد مصادره. إلا أن هذه النظرية تجد معارضة بسبب الاختلاف الواضح بين الإنجيلين في المواضع المشتركة بينهما:" فكلا الإنجيلين يتحدث عن بطرس وصيد السمك بمعجزة، لكن أحدهما (لوقا) يضع القصة مبكرا في رسالة يسوع في الجليل، أما الآخر (يوحنا) فيضعها بعد قيامه من الأموات " (لوقا 5: 1- 11، يوحنا 21: 1-14) .وكلاهما يتحدث بلغة مشتركة عن كيفية مسح يسوع (بالطيب) من امرأة. لكنها في أحدهما (لوقا) كانت زانية في بيت فريسي، بينما هي في الآخر (يوحنا) كانت امرأة صديقة ليسوع، وأن ذلك حدث في بيتها.(لوقا 7: 36- 38، يوحنا 12: 1- 8) (1) .أما بعد. . فإن النتيجة التي لا مفر من التسليم بها كما بينتها هذه الخلاصة لأبحاث علماء النصرانية تقول بحق:إِن الأناجيل القانونية ما هي إلا كتب مؤلفة- بكل معنى الكلمة- وهي تبعا لذلك معرضة للصواب والخطأ. ولا يمكن الادعاء ولو للحظة واحدة أنها كتبت بإلهام.لقد كتبها أناس مجهولون، في أماكن غير معلومة، وفي تواريخ غير مؤكدة. والشيء المؤكد- الذي يلحظه القارئ البسيط كما يلحظه القارئ المدقق- أن هذه الأناجيل مختلفة غير متآلفة، بل إنها متناقضة مع نفسها ومع حقائق العالم الخارجي (حيث فشلت التنبؤات بنهاية العالم) كما رأينا وكما سنرى فيما بعد.إن هذا القول قد يضايق النصراني العادي، بل إنه قد يصدمه ولكن بالنسبة للعالم النصراني المدقق فقد أصبح القول بوجود أخطاء في أسفار الكتاب المقدس حقيقة مسلما بها.إن الكنيسة الكاثوليكية كانت تتمسك بشدة بعقيدة الإلهام، كما يقول موريس بوكاي التي تأكد القول بها في مجمع الفاتيكان الذي عقد عام 69- 1870 م، والذي تقرر فيه " أن الكتب القانونية لكل من العهدين القديم والجديد قد كتبت بإلهام من الروح القدس وأعطيت هكذا للكنيسة ".لكنها عادت الآن- بعد نحو قرن من الزمان- لتواجه الحقائق وتعترف بها. فلقد بحث المجمع المسكوني الثاني للفاتيكان (62- 1965 م) المشكلة التي تتعلق بوجود أخطاء في بعض نصوص أسفار العهد القديم، وقدمت له خمس صيغ مقترحة استغرق بحثها ثلاث سنوات من الجدل والمناقشة. وأخيرا تم قبول صيغة حظيت بالأغلبية الساحقة، إذ صوت إلى جانبها 2344 ضد 6، وقد أدرجت في الوثيقة المسكونية الرابعة عن التنزيل فقرة تختص بالعهد القديم (الفصل الرابع، ص 53) تقول:" بالنظر إلى الوضع الإنساني السابق على الخلاص الذي وضعه المسيح تسمح أسفار العهد القديم للكل بمعرفة من هو الله ومن هو الإنسان. .غير أن هذه الكتب تحتوي على شوائب وشيء من البطلان ".(نقلا عن الطبيب الفرنسي الكاثوليكي (1) موريس بوكاي من كتابه:La Biblie، Le Coran et la Science.وقد نشرت دار المعارف بالقاهرة ترجمته العربية تحت عنوان: " دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة ". وهذه الفقرة منقولة عن الطبعة الأولى (2) .إن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: كم من المؤمنين بقداسة هذه الأسفار واعتبارها تعليما إلهيا موحى به من الله، يعلم هذا الذي قررته الكنيسة بشأنها، وما تحتويه من شوائب وبطلان؟وما لنا نذهب بعيدا ولدينا الكتاب المقدس- طبعة الكاثوليك 1960 م- وهو يقدم لأسفار موسى الخمسة (التوراة) بقوله: " كثير من علامات التقدم تظهر في روايات هذا الكتاب وشرائعه مما حمل المفسرين كاثوليك وغيرهم على التنقيب عن أصل هذه الأسفار الأدبي. فما من عالم كاثوليكي في عصرنا يعتقد أن موسى ذاته قد كتب كل البانتاتيك (الأسفار الخمسة) منذ قصة الخلق إلى قصة موته. كما أنه لا يكفي أن يقال إن موسى أشرف على وضع النص الملهم الذي دونه كتبة عديدون في غضون أربعين سنة.كذلك يقول الكتاب المقدس في تقديمه لسفر راعوث: " من المحتمل أن يكون الكاتب قد استعان في البدء بذكريات تقليدية غير واضحة الظروف تماما، ثم أضاف إليها عددا من التفاصيل ليجعل الرواية أكثر حياة ويعطيها قيمة أدبية "!!وها هي كتب التبشير التي تورع هنا بين المسلمين تعترف بتسرب أخطاء خطيرة إلى أسفار العهد الجديد. لقد جاء في كتاب: " هل الكتاب المقدس حقا كلمة الله؟ " في ص 160، ما يلي:" بمقارنة أعداد كبيرة من المخطوطات القديمة باعتناء يتمكن العلماء من اقتلاع أية أخطاء ربما تسللت إليها. مثالا على ذلك الإدخال الزائف في رسالة يوحنا الأولى، الإصحاح الخامس. فالجزء الأخير من العدد 7، والجزء الأول من العدد 8، يقول حسب الترجمة البروتستنتية العربية، طبع الأمريكان في بيروت- ونقرأ في الترجمة اليسوعية العربية شيئا مماثلًا: في السماء. . . الآب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد والذين يشهدون في الأرض هم ثلاثة (الروح والماء والدم وهؤلاء الثلاثة في واحد) .ولكن طوال القرون الثلاثة عشر الأولى للميلاد لم تشتمل أية مخطوطات يونانية على هذه الكلمات. وترجمة " حريصا " العربية تحذف هذه الكلمات كليا من المتن. والترجمة البروتستنتية العربية ذات الشواهد تضعها بين هلالين موضحة في المقدمة أنه ليس لها وجود في أقدم النسخ وأصحها ".أعتقد أن أبسط تعليق هو التذكرة فقط بأن هذا النص الخطير الذي أدخل ابتداء من القرن الثالث عشر، والذي يقتبس منه فكرة التثليث، لم يكن له وجود طوال القرون السابقة. وهذا شيء لا يمكن اعتباره تحريفا بسيطا، بل إنه تحريف خطير، لأنه يمس أساس العقيدة. وهكذا نجد أن نصوصا وأفكارا تتسرب إلى الكتابات التي اعتبرت مقدسة عبر القرون، فكل ما يتعلق بتثليث أو ثالوث، ما من شك في أنه دخيل على مسيحية المسيح الحقة التي لا تزال لها بقايا في الأناجيل الموجودة حاليا.ويكفي أنه عندما يأتي العلماء لتفسير صلاة المسيح الأخيرة في إنجيل (يوحنا 17: 3) التي يقول فيها: " وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك، ويسوع المسيح الذي أرسلته ".فإنهم يقولون: إن هذا توحيد لاشك فيه.وطبعا هذا الكلام معناه باللغة العربية المتداولة: لا إله إلا الله، المسيح رسول الله.ومن هذه النقاط يمكن أن تلتقي النصرانية مع الإسلام.وفي فقرات أخرى وفي لقاءات أخرى مع الإسرائيليين كان قوله: " اسمع يا إسرائيل: الرب إلهنا رب واحد) (إنجيل مرقس 12: 29) .وهذه الفقرة تشير إلى ما في أسفار العهد القديم. (سفر التثنية 6: 4) وعندما تقدم إليه إسرائيلي ليسأله: " أيها المعلم الصالح، ماذا أفعل لأرث الحياة الأبدية؟) (إنجيل لوقا 18: 18) .ماذا قال المسيح؟لم يقل له افعل كذا أو كذا. . لكنه أولا نفى الصلاح عن نفسه فقال: " كيف تدعوني صالحا؟ ليس أحد صالحا إلا واحد وهو الله ". . بعد ذلك بدأ المسيح يعلمه ما جاء في أسفار العهد القديم وما دعا إليه وهو التوحيد في العقيدة والتمسك بشريعة موسى والحفاظ عليها. أعتقد أنه بهذا نكون قد انتهينا من الحديث عن أسفار العهد الجديد.بعد ذلك ندخل للحديث عن " نظرة في أسفار العهد الجديد " بحيث يستطيع كل واحد مهما كان حظه من الثقافة والعلم أن يتأكد من صحة هذا الكلام.نظرة في أسفار العهد الجديد1- مشكلة الاختلاف الكثير:يوجد اختلاف كثير بين الأناجيل: الواحد عن الآخر، واختلاف داخل الإنجيل نفسه. ومن الطبيعي أنه في أي دراسة سواء كانت دراسة دينية أو أي دراسة وخاصة ما يتعلق بالوحي والتنزيل والكتب المقدسة فإنه تحكمنا القاعدة الأساسية التي لا بد أن يقبلها الكل، وهي أنه: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} (1) .

  • الثلاثاء AM 09:19
    2016-01-12
  • 4265
Powered by: GateGold