ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ
شٌبهات وردود
المكتبة المرئية
خَــيْـرُ جَــلـيـسٌ
المتواجدون الآن
حرس الحدود
مجتمع المبدعين
البحث
عرض المادة
العلاقة المتبادلة بين أهل البيت والصحابة الكرام
وأعظم ما يُرد به على الشيعة من طعنهم في الصحابة وافتراءاتهم عليهم : هو أن نعلم أن أكابر أهل البيت الذين يتمسح فيهم الشيعة قد أثنوا على الصحابة ثناء عظيمًا، والعلاقة المتبادلة بينهم وبين الصحابة كانت تُبنى على التحاب والتآخي والإكرام.
يقول الدكتور عبد المنعم النمر : « دخل رجل على الإمام علي (كرم الله وجهه) في خلافته فقال : الله يا أمير المؤمنين، إني مررت بنفر يذكرون أبا بكر وعمر بغير الذي هما أهل له، فنهض الإمام إلى المنبر، فقال : والذي خلق الحبة وبرأ النسمة، لا يحبهما إلا مؤمن فاضل، ولا يبغضهما ويخالفهما إلا شقي مارق، فحبهما قربة إلى الله، وبغضهما مروق.
وقال أيضًا : « ما بال أقوام يذكرون أخوي رسول الله ﷺ ووزيريه وصاحبيه وسيدي قريش وأبوي المسلمين؟ فأنا بريء ممن يذكرهما بسوء وعليه معاقب ».
وكان الإمام علي بن أبي طالب يقول للناس : ألا أخبركم بخير هذه الأمة بعد نبيها؟ أبو بكر وبعد أبي بكر عمر.
ولقد سُئِل علي أثناء خلافته : « يا أمير المؤمنين، من أول الناس دخولاً الجنة بعد رسول الله؟ قال : « أبو بكر وعمر»، فقال سائله : « أيدخلانها قبلك يا أمير المؤمنين؟ قال إي والله، والذي خلق الحبة وبرأ النسمة، إنهما ليأكلان من ثمارها ويتكئان على فراشها ».
وقد روى عنه ابنه محمد بن الحنفـيةـ وهو ابن له من غير فاطمة الزهراء، فأمه من بنـي حنيـفة قال : « يا أبت : من خير الناس بعد رسول الله؟، فقال : أبو بكر ثم عمر، ولقد وعى آل البيت قول رسول اللهﷺ : لي وزيران من أهل السماء، جبريل وميكائيل، ووزيران من أهل الأرض أبو بكر وعمر »[1].
ويبين الإمام محمد أبو زهرة : رأي الإمام جعفر الصادق في الصحابة، في كتابه (الإمام جعفر الصادق)، كيف أنه كان مطابقًا لآبائه الأكابر من آل البيت.
وكان الصادق كأبآئه، يعتبر الطعن في أبي بكر وعمر وعثمان yمخالفًا للسنة، وقد أُثر ذلك عن جده زين العابدين، كما أُثر عن أبيه الباقر، وقد أُثر عنه أيضًا، أو على الأقل لم يوجد دليل على المخالفة، والأصل الموافقة؛ لأنهما أُستاذاه.
فقد روي عن علي زين العابدين : أنه أتاه نفر من أهل العراق، فقالوا في أبي بكر وعمر وعثمان y، فلما فرغوا، قال لهم : ألا تخبرونني من أنتم؟ المهاجرون الأولون الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون، قالوا : لا، قال : فأنتم الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون؟ قالوا : لا، قال : وما أنتم تبرأتم أن تكونوا من أحد هذين الفريقين، ثم قال : أشهد أنكم لستم من الذين قال الله عز وجل فيهم : ﴿ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ [الحشر : 10]، اخرجوا فعل الله بكم.
هذا رأي زين العابدين جد الصادق، وأول أساتذته وأكبرهم، ورئيس هذا البيت الحسين بعد أبي الشهداء الإمام الحسين t.
وقد روي جابر الجعفي : وهو من الشيعة الجعفرية، أن أبا جعفر محمدًا الباقر قال وهو يودعه إلى العراق : « أبلغ أهل الكوفة أني بريء ممن تبرأ من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وأرضاهما ».
ويروي أنه قال : « من لم يعرف فضل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فقد جهل السُّنَّة ».
ويروي جابر الجعفي عنه أيضًا، أنة قال له : « يا جابر : بلغني أن قومًا بالعراق يزعمون أنهم يحبوننا، ويتناولون أبا بكر وعمر (رضي الله عنهما)، ويزعمون أني أمرتهم بذلك، فأبلغهم أني إلى الله منهم بريء، والذي نفس محمد بيده لو وليت لتقربت إلى الله بدمائهم، لا نالتني شفاعة محمد إن لم أكن أستغفر لهما، وأترحم عليهما، إن أعداء الله لغافلون عنهم ».
بل إن الباقر الذي كان أعلم جيله بكتاب الله وسنة رسوله كما قال الصادق : كان يستشهد بأعمال أبي بكر وعمر (رضي الله عنهما)، فقد سأله عروة بن عبد الله عن حلية السيوف، فقال : لا بأس به، قد حلي أبو بكر الصديق tسيفه، قال : قلت وتقول الصديق، قال : فوثب وثبة واستقبل القبلة، ثم قال : نعم الصديق، فمن لم يقل له الصديق؟ فلا صدّق الله له قولاً في الدنيا والآخرة.
هذا قول الباقر الأستاذ العظيم الأستاذ الأكبر للصادق، والذي كان يتأسى بقوله، ويقرر أنه أعلم أهل جيله بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ، ويستشهد بكلامه على أنه حجة قائمة، وأن الصادق يجب أن يكون أكثر تقديرًا للشيخين أبي بكر وعمر لأنه من سلالة الصديق، وقد ولده الصديق مرتين، فأبو أمه القاسم بن محمد بن أبي بكر، وجد أمه عبد الرحمن بن أبي بكر، فكيف لا يعرف قدره وقدر عمر العبقري.
إن أصحاب محمد جميعًا كانوا محل تقدير جعفر وأبيه الباقر (رضي الله عنهما).
وقد سئل الإمام الباقر عن قوله تعالى : ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ [المائدة : 55]، فقال أصحاب محمد ﷺ، فقال السائل : يقولون هو عليّ، فقال الإمام المتبع : « عليّ منهم »[2].
هذا هو موقف آل البيت yناحية أصحاب محمد ﷺ، وقد كان موقف الصحابة y ناحيتهم لا يقل إكبارًا عنهم، فكانوا يقدرونهم حق قدرهم وينزلونهم منزلتهم اللائقة بهم.
ويذكرالإمام ابن حجر العسقلاني :جانباً من هذا التقدير من الصحابة yناحية آل البيت.
يقول ابن حجر : « وفي البخاري، عن أبي مليكة عن عقبة بن الحارث قال : صلى بنا أبو بكر العصر، ثم خرج، فرأى الحسن بن علي يلعب، فأخذه فحمله على عنقه، وهو يقول : « بأبي شبيه بالنبي ليس شبيهًا بعليّ وعليّ يضحك»[3].
ويقول أيضًا : « قال يحيى في سعيد الأنصاري، عن عبيد بن حنين، حدثني الحسين بن علي قال : أتيت عمر وهو يخطب على المنبر، فصعدت إليه، فقلت : انزل عن منبر أبي واذهب إلى منبر أبيك، فقال عمر : لم يكن لأبي منبر، وأخذني فأجلسني معه أقلب حصى بيدي، فلما نزل انطلق بي إلى منزله، فقال لي : من علمك، قلت : والله ما علمني أحد، قال بأبي لو جعلت تغشانا، قال : فأتيته يومًا وهو خال بمعاوية وابن عمر بالباب، فرجع ابن عمر فرجعت معه فلقيني بعد، فقال لي : لم أرك؟ قلت لك يا أمير المؤمنين إني جئت وأنت خال بمعاوية فرجعت مع ابن عمر، فقال : « أنت أحق من ابن عمر فإنما أَنبَتَ ما ترى من رؤسنا الله، ثم أنتم»[4].
هكذا كان الحب المتبادل، والقلوب المتآلفة، والأنفس المزكاة، فلماذا يريد الشيعة تعميق الكره، وتجنيب القلوب، وقد أمر الله بإصلاح ذات البين، فقال : ﴿ لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء :114].
وبيّن سبحانه وتعالى : أن الإفساد في الأرض من صفات المنافقين، فقال مخبرًا عنهم : ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ ﴾ [البقرة :11، 12]، خصوصًا إذا كان هذا الإفساد بين جيل الصحبة المبارك، ولكن الحمد لله الذي سخر لهذا الدين رجالاً نقّوه من انتحال المبطلين وكذب الوضاعين.
[1] عبد المنعم النمر : الشيعة المهدي الدروز (ص24، 25).
[2] محمد أبو زهرة : الإمام الصادق حياته وعصره، آراؤه وفقهه (ص207-209، دار الفكر العربي).
[3] ابن حجر : الإصابة(ج/2 ص243)، وأصله في صحيح البخاري كتاب المناقب، باب صفة النبي ﷺ.
[4] السابق(ج2 ص249).
-
الاحد PM 03:31
2025-04-06 - 163