المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 490324
يتصفح الموقع حاليا : 127

البحث

البحث

عرض المادة

اعتقاد الشيعة الإمامية الاثني عشرية في الصحابة

تعريف الصحابي عند الإمامية :

يقول المامقاني : « ذهب جماعة من المحققين الشيعة إلى تعريف الصحابي بأنه : « من لقي النبي ﷺمؤمنًا به ومات على الإيمان والإسلام وإن تخللت ذلك ردة على الأظهر »[1].

والحقيقة أن هذا الموضوع له أهميته وخطورته، لأنه حديث عن الجيل الأول، جيل الأسوة والقدوة، جيل شـَرُف بصحبة المصطفي ﷺ وتعلم منه وتخرج بإشرافه، وبه اقتدى، وعلى سمته وهديه تربّى، فالصحابة y هم سلفنا وقدوتنا بعد رسول الله ﷺ، وإذا أطلق لفظ السلف فأول ما ينصرف يكون إلى الصحابة y، وإن التعرف على تاريخهم وأحوالهم وصور معيشتهم، والاطلاع على جهادهم وجهودهم في نشر الدين ونصرة الرسول الأمين ﷺ، وما لقوا في سبيل ذلك من المتاعب والمشاق؛ مما ينبغي على المسلم أن يعتني به، وأن يحرص عليه، ليعرف تاريخ سلفه، ويبحث عنه ليرى كيف طبق ذلك الجيل الذي يحق أن يسمى بـ (الجيل القرآني الفريد) ؛ لأنه تمثل آيات القرآن وأحكامه، فكانوا صورة واقعية لآيات القرآن.

ومع هذا فهؤلاء الصحابة الكرام لم يكونوا ملائكة حتى ندعي لهم العصمة، ولم يكونوا أنبياء حتى ننفي عنهم الوقوع في الزلل، وإنما كانوا بشرًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وقد قدر الله تبارك وتعالى أن يقع من بعضهم بعض الأخطاء كما حدث مع المخزومية التي سرقت في عهد النبي ﷺ[2]، وكما حدث يوم أحد، عندما فرّ بعضهم من المعركة بعد أن طوق خالد بن الوليد وكان لم يزل كافرًا الجيش المسلم.

وذلك حتى لا يبالغ أحد في إطرائهم، وينادي بعصمتهم.

وقد قدّر جل وعلا من أن يقع ذلك منهم حتى لا يقول أحد إن هذا الدين نظري، ولو أن أحدًا من أصحاب محمد ﷺ وقع في خطأ لما نفذ محمد ما نادى به، إذ كيف يطبق الحد على من آزره وناصره.

ولكنه ﷺ قطع الألسنة وكمم الأفواه، ونفذ الشرع كما أمره الله تبارك وتعالى، إذ لا مكان للمحاباة أو المجاملات عند مجاوزة الحدود، فقطع يد المخزومية، وعفا الله عن الفارين.

وسجّل سبحانه وتعالى هذا العفو في القرآن الكريم : « ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ﴾ [آل عمران : 155].

وينبغي على المسلم الصادق إذا ما جاء ذكر أحدهم على لسانه أو قلمه أن يتحدث عنهم بكل أدب واحترام، وذلك بعد أن يترضى عنهم، ولا يترك لنفسه أن تقف على بعض ما لا تستطيع أن تتأوله التأويل الواجب نحو مقامهم السامي، ومكانتهم الرفيعة، حتى لا يؤذيهم.

فقد نهى النبي ﷺ عن سبّهم وإيذائهم.

فعن أبي سعيد الخدري t قال : قال رسول الله ﷺ : « لا تسبّوا أصحابي؛ فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مدّ أحدهم ولا نصيفه »[3].

وهم وصية النبي ﷺ، فعن ابن عمر :tأن عمر بن الخطابt خطب بالجابية[4] فقال : قام رسول الله ﷺ مقامي فيكم، فقال : « استوصوا بأصحابي خيرًا، ثم الذين يلونهم »[5].

وأخرج الخطيب البغدادي بإسناده إلى أبي زرعة، قال : إذا رأيت الرجل ينتقص أحدًا من أصحاب رسول الله ﷺ فاعلم أنه زنديق، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى وهم زنادقة[6].

عقيدة أهل السُّنَّة في الصحابة الكرام :

اتفق أهل السُّنَّة جميعًا على أن الصحابة y كلهم عدول مطلقًا، كبيرهم وصغيرهم، وجوبًا لحسن الظن بهم، ونظرًا إلى ما تمهد لهم من المآثر من امتثال أوامره بعده ﷺ وفتحهم الأقاليم، وتبليغهم عنه الكتاب والسنة، وحرصهم على هداية الناس، ومواظبتهم على الصلوات والزكوات وأنواع القربات، مع الشجاعة والبراعة والكرم والإيثار والأخلاق الحميدة التي لم تكن في أمة من الأمم المتقدمة[7].

أما ما وقع من بعضهم من ذنب فقد تاب إلى الله، وحسنت توبته، وكذلك ما وقع من بعضهم مما يوجب حدًا فقد أقيم عليه الحد، وطهره الله به، وأيضًا ما شجر بينهم من خلاف، فقد اجتهدوا فيه، فأصاب بعضهم فنال أجرين، وأخطأ البعض الآخر فله أجر واحد[8].

يقول الخطيب البغدادي : عدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله لهم، واختياره في نص القرآن، فمن ذلك قوله : ﴿ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ﴾ [آل عمران : 110]، : ﴿ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ﴾ [البقرة : 143].

وهذا اللفظ وإن كان عامًا فالمراد به الخاص، وقيل : هو وارد في الصحابة دون غيرهم، وقوله : ﴿ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ﴾ [الفتح : 18].

وقوله : ﴿ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ﴾ [التوبة : 100].

وقوله تعالى : ﴿ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ﴾ [الواقعة : 10، 11].

وقوله : ﴿ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ﴾ [الأنفال : 64].

وقوله : ﴿ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ﴾ [التوبة : 117].

وقوله تعالى : ﴿ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ﴾ [الحشر : 8، 9].

قال :ووصف رسول الله ﷺ الصحابة مثل ذلك وأحسن الثناء عليهم، فمن هذه الأخبار ماجاء عن ابن مسعود t أن النبي ﷺ قال : « خير الناس قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يأتي أقوام بعد ذلك تسبق أيمانهم شهادتهم أو شهادتهم أيمانهم »[9].

وعن أبي سعيد الخدري tقال : قال رسول الله ﷺ : « لا تسبوا أصحابي؛ فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أُحُد ذهبًا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه »[10].

قال : والأخبار في هذا المعنى تتسع، وكلها مطابقة لما ورد في نص القرآن، وجميع ذلك يقتضي طهارة الصحابة، والقطع على تعديلهم ونزاهتهم، فلا يحتاج أحد منهم مع تعديل الله تعالى لهم المطلع على بواطنهم إلى تعديل أحد من الخلق على أنه لو لم يرد من الله عز وجل ورسوله ﷺ فيهم شيء مما ذكرناه، لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة، والجهاد، والنصرة، وبذل المهج، والأموال، وقتل الآباء والأولاد والمناصحة في الدين، وقوة الإيمان واليقين، والاعتقاد بنزاهتهم، وأنهم أفضل من جميع المعدلين والمزكين الذين يأتون بعدهم أبد الآبدين، وهذا مذهب كافة العلماء، ومن يعتد بقولهم من الفقهاء[11].

وقد يظن بعض الشيعة : أن حشدنا لتلك النصوص وهذه الأخبار أننا ننادي بعصمتهم، أو ننفي وقوع بعض الأخطاء، كلا، فالعدالة شيء، والعصمة شيء آخر، فكل معصوم عدل وليس العكس، فإن المراد من ذلك هو قبول مروياتهم من غير بحث عن حالهم، فإذا انتهى السند إليهم، فإنه لا ينبغي علينا أن نبحث عن عدالتهم إذ أنهم أعلى مكانًا وأشرف مقامًا من ذلك.

يقول ابن الأنباري : وليس المراد بعدالتهم ثبوت العصمة لهم، واستحالة المعصية منهم، وإنما المراد قبول رواياتهم من غير تكلف بحث عن أسباب العدالة وطلب التزكية إلا أن يثبت ارتكاب قادح، ولم يثبت ذلك ولله الحمد.

قال : فنحن على استصحاب ما كانوا عليه في زمن رسول الله ﷺحتى يثبت خلافه ولا التفات إلى ما يذكره أهل السير، فإنه لا يصح وما يصح فله تأويل صحيح[12].

وقد اعتنى علماء الإسلام بسير أصحاب النبي ﷺ، وضبطوا أسماءهم ومناقبهم، ورحلاتهم، ووفياتهم ومكانها، وغيرها من أعمالهم وصفاتهم وما كانوا عليه من الاستقامة والعلم والجهاد والعبادة وغير ذلك.

وبعد أن اطلعنا على المقصود بالصحابة ومن هم، وعرفنا أنهم من الطهر والنزاهة والاستقامة والبذل على ما كانوا، فهم السلف الذين وضعوا منهج الزهد والورع والصفاء والنقاء والوفاء، بعد هذا البيان لعقيدة أهل السُّنَّة ومعتقدهم في الصحابة؛ بقي أن نطلع على عقيدة الشيعة في الصحابة y.

عقيدة الشيعة الإمامية في الصحابة الكرام

عقيدة الشيعة في الصحابة من ناحية الإسلام

يرى الشيعة أن الصحابة كلهم مرتدون خارجون عن ملة الإسلام بعد موت النبي ﷺعدا نفر يسير، وهذا الكلام ليس افتراء عليهم، وإنما هو ما صرحت به أصح الكتب عندهم.

فقد أخرج الكليني بسنده إلى حنان عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام قال : « كان الناس أهل ردة بعد موت النبي ﷺ إلا ثلاثة، فقلت : ومن الثلاثة، فقال : المقداد بن الأسود، وأبو ذر الغفاري، وسلمان الفارسي، رحمة الله وبركاته عليهم »[13].

وأخرج أيضًا بسنده إلى عبد الرحيم القصير قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : إن الناس يفزعون إذا قلنا : إن الناس ارتدوا، فقال : يا « عبد الرحيم! إن الناس عادوا بعدما قبض رسول الله ﷺأهل جاهلية، وإن الأنصار اعتزلت فلم تعتزل بخير، جعلوا يبايعون سعدًا، وهم يرتجزون ارتجاز الجاهلية »[14].

وأخرج أيضًا عن أبي عبد السلام قال : « أهل الشام شر من أهل الروم، وأهل المدينة شر من أهل مكة، وأهل مكة يكفرون بالله جهرة »[15].

وأخرج أيضًا عن أبي بكر الحضرمي قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : أهل الشام شر أو أهل الروم؟ فقال : « إن الروم كفروا ولم يعاندوا، وإن أهل الشام كفروا وعاندوا »[16].

إذًا المسألة ليست مسألة إيمان وكفر، وإنما هي : من معهم؟ ومن عليهم؟ فمن كان معهم كان مسلمًا مؤمنًا من المخبتين، ومن كان عليهم كان كافرًا فاسقًا منافقًا، أخبث أهل الأرض جميعًا إن هذا لشيء عجاب!!

فما سبق عقيدة لا ينفك عنها شيعي واحد من الاثني عشرية، وإن تظاهر أحدهم بإنكار ذلك، فليُعلم أنه يقولها (تقية) لأنها عقيدة لا تقبل المساومة عندهم، إذ لو صحح الشيعي إمامة الشيخين لوجب عليه أن يعترف ببطلان الولاية والإمامة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالبt وهذا كفر بإجماع الاثني عشرية، لأن الولاية ركن من أركان الإسلام عندهم كما مرّ ــ.

من أجل ذلك : فقد نال الشيخان أبو بكر وعمر الكم الأكبر من السب واللعن والإهانة فهماـ على رأي الإمامية قد سلبا الخلافة من أمير المؤمنين عليّt.

أخرج الكليني بسنده إلى أبي عبد الله عليه السلام قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : إن رسول الله ﷺ أقبل يقول لأبي بكر في الغار : « اسكن فإن الله معنا»، وقد أخذته الرعدة وهو لا يسكن، فلما رأى رسول الله ﷺ حاله، قال له : « تريد أن أريك أصحابي من الأنصار في مجالسهم يتحدثون، وأريك جعفرًا وأصحابه في البحر يغوصون؟»، قال : نعم، فمسح رسول الله ﷺ بيده على وجهه، فنظر إلى الأنصار يتحدثون، ونظر إلى جعفر عليه السلام وأصحابه في البحر يغوصون، فأضمر تلك الساعة أنه ساحر[17].

سبحان الله! وعلى فرض صحة ادعائهم؛ فهل دخلوا في صدر أبي بكر حتى يطلعوا على ضميره، وخلجات صدره، ويدعوا ما ادعوا عليه من أنه اعتقد أنه ساحر؟! ﴿ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﴾ [النجم : 23].

ويقول الطبرسي في تفسيره : ﴿ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﴾ [التوبة : 40].

معناه : فقد نصره الله منفردًا من كل شيء إلا من أبي بكر[18].

وأخرج الكليني بسنده : إلى حنان عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام قال : قلت له : ما كان ولد يعقوب بأنبياء؟ قال : « لا، ولكنهم كانوا أسباط، أولاد أنبياء، ولم يكن يفارقوا الدنيا إلا سعداء، بوا وتذكروا ما صنعوا، وإن الشيخين فارقا الدنيا ولم يتوبا، ولم يتذكرا ما صنعا بأمير المؤمنين عليه السلام فعليهما لعنة الله والملائكة والناس أجمعين... ».

 لا حول ولا قوة إلا بالله، قد ضل الشيعة وما كانوا مهتدين!!.

وعن أبي جعفر : عليه السلام في قوله عز وجل : « ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ﴾ [التحريم : 3].

قال : أسر إليهما يقصد عائشة وحفصة أمر القبطية، وأسر إليهما أن أبا بكر وعمر يليان أمر الأمة من بعده ظالمين فاجرين غادرين[19].

ليس هذا فقط ما قالوه عن الشيخين، بل إنهم ادعوا أن الشيخين لما علما ذلك من عائشة وحفصة استعجلا الأمر، وهمّا لسمّ النبي ﷺحتى يموت ولكن الله تعالى قد كشفهما.

يقول المجلسي : عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى : ﴿ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﴾ هي حفصة.

قال الصادق عليه السلام : كفرت في قولها : ﴿ ﮇ ﮈ ﮉ﴾، وقال الله فيها وفي أختها : ﴿ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﴾ [التحريم : 4]، أي : زاغت، والزيغ كفر.

وفي رواية :أنه أعلم حفصة أن أباها وأبا بكر يليان الإمارة فأفشت إلى عائشة، فأفشت إلى أبيها، فأفشى إلى أصحابه، فاجتمعا على أن يستعجلا ذلك على أن يسقياه سمًا : فلما أخبر الله بفعلهما هم بقتلهما، فحلفا له أنهما لم يفعلا فنزل : ﴿ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﴾ [التحريم : 7].

سبحانك ربي هذا بهتان عظيم!! أي حقد هذا وأي كره هذا الذي يجعل هذا المفسر هو وأمثاله من مفسري الشيعة يحملون كل كلمة كفر أو نفاق أو فسق أوضلال أو شرك أوظلم، وكل ما يشتق من ذلك على كبار الصحابة وخاصة على أبي بكر وعمروعثمان وطلحة والزبير؟ وهل أن عمرtلما علم أنه سيلي الأمر بعد أبي بكرهل استعجله أيضًا وهم أن يسقيه سمًّا، ﴿ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﴾ !!

وأبو جعفر الصادق t الذي نقلوا عنه هذا الكلام : لسانه بريء من ذلك، فقد دافع عن أبي بكر وعمر في أكثر من حادثة.

فمن ذلك ما أخرجه أبو نعيم في الحلية بسنده إلى عروة بن عبد الله قال : سألت أبا جعفر محمد بن علي عن حلية السيوف؟ فقال : « لا بأس به، قد حلى أبو بكر الصديق t سيفه»، قال : قلت : وتقول الصديق؟! قال : فوثب وثبة، واستقبل القبلة، ثم قال : « نعم، الصديق، فمن لم يقل الصديق، فلا صدق له قولاً في الدنيا والآخرة »[20].

وأخرج أيضًا بسنده : إلى شعبة الخياط مولى جابر الجعفي، قال : قال لي أبو جعفر بن علي لما ودعته : « أبلغ أهل الكوفة أني بريء ممن تبرأ من أبي بكر وعمررضي الله عنهما وأرضاهما »[21] [22].

عقيدتهم في الصحابة من ناحية العدالة

يعتقد الشيعة أن الصحبة ليست ميزة حتى يحكموا على من تمتع بها بالعدالة، وإنما هذه الميزة، فقط تغني عن البحث عن إسلام من تمتع بها، فكل من اتصف بكونه صحابيًا يغنيهم ذلك عن البحث في إسلامه، أما العدالة فلم يحظ بها إلا نفر قليل جدًا، وهم الذين والوا آل البيت.

يقول المامقاني : « وحكم الصحابة في العدالة حكم غيرهم، فمجرد كون الرجل صحابيًا لا يدل على عدالته، بل لا بد من إحرازها، نعم ثبوت كونه صحابيًا مغني عن الفحص عن إسلامه، إلا أن يكون ممن ارتد بعد النبي ﷺ، فما عليه جمع من العامة من الحكم بعدالة الصحابة كلهم حتى من قاتل أمير المؤمنين عليه السلام عناد محض»[23].

ولقد قسم الإماميون الصحابة الأبرار y إلى ثلاثة أقسام :

1 معلوم العدالة.

2ـ معلوم الفسق والكذب.

3ـ مجهول الحال.

أما معلوم العدالة : كسلمان الفارسي، وأبي ذر الغفاري، وعمار بن ياسر، وجابر بن عبد الله، وبلال بن رباح، وهم الذين والوا آل البيت واتبعوهم.

وأما معلوم الفسق والكذب : فكل من مال عن آل البيت، وأظهر لهم البغض والعداوة والحرب، وهذا في زعمهم، وإلا فكل الصحابة محبون لآل البيت، لا يشك في ذلك إلا منافق.

ومن الأمثلة على هذا القسم من الصحابة : أبي هريرة، وأنس بن مالك، والسيدة عائشة والشيخين وغير ذلك.

أخرج الصدوق بسنده إلى جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام، قال : « ثلاثة كانوا يكذبون على رسول الله ﷺ أبو هريرة وأنس وامرأة »[24].

وقد جاء في هامش بحار الأنوار : أن المقصود بالمرأة هي عائشة رضي الله عنها[25].

أما مجهول الحال : فلم يضربوا لنا مثالاً عليهم، وهؤلاء حكمهم أنهم يتوقفون في قبول مروياتهم.

 

[1] عبد الله المامقاني : مقياس الهداية في علم الدراية(ج3/ ص301، مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، ط1، 1411ه = 1991م)، ومن الملاحظ أن الشيعة ارتضت تعريف الحافظ ابن حجر - السابق - عند أهل السُّنَّة وضموا صوتهم إلى صوته في هذا المقام.

[2] الحديث متفق عليه : فقد أخرجه البخاري، كتاب فضائل الصحابة، باب ذكر أسامة بن زيد، وكتاب الحدود، باب كراهية الشفاعة في الحد إذا رفع إلى السلطان، ومسلم : كتاب الحدود، باب قطع يد السارق الشريف، من حديث عائشة، وفيه : «فحسنت توبتها بعد، وتزوجت، وكانت تأتيني بعد ذلك فأرفع حاجتها إلى رسول الله ﷺ».

 

[3] صحيح مسلم : كتاب فضائل الصحابة، باب تحريم سب الصحابة ح (6651) (ج7/ ص188).

[4] (3) الجابية : قرية من أعمال دمشق من ناحية الجولان. انظر ياقوت الحموي : معجم البلدان(ج2/ ص106).

[5] مسند الإمام أحمد : مسند عمر بن الخطاب ح( 114).

[6] الخطيب البغدادي : الكفاية في علم الرواية(ص67، ت : أحمد عمر هاشم، ط1، دار الكتاب العربي، 1406هـ 1986م).

[7] السخاوي : فتح المغيث(ج4/ ص93، ت : علي حسين علي، دار الإمام الطبري، ط2، 1412هـ = 1992م) بتصرف يسير.

[8] سيد نوح : الصحابة وجهودهم في خدمة الحديث النبوي(ص34، دار الوفاء، ط1، 1414هـ = 1993م).

[9] أخرجه البخاري : كتاب فضائل أصحاب النبي ﷺ، باب فضل أصحاب النبي ﷺ (ج1/ ص1768)، ومسلم : كتاب فضائل الصحابة، باب فضل الصحابة(ج7/ ص185).

[10] سبق تخريجه.

[11] أحمد بن علي بن ثابت أبو بكر الخطيب البغدادي : الكفاية في علم الرواية(ص64-67) بتصرف.

[12] السخاوي : فتح المغيث(ج4/ ص100).

[13] الكليني : الكافي، كتاب الروضة (ج8/ص167).

[14] السابق(ج8/ ص455).

[15] السابق : كتاب الإيمان والكفر، باب صنوف أهل الخلاف(ج2/ ص409).

[16] السابق(ج2/ ص410).

[17] الكليني : الكافي، كتاب الروضة(ج8/ ص178).

[18] الطبرسي : مجمع البيان (ج5/ ص48).

[19] المجلسي : بحار الأنوار(ج22/ ص346).

[20] أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني : حلية الأولياء(ج3/ ص185).

[21] المامقاني : مقباس الهداية في علم الدراية(ج3/ ص305).

[22] ابن بابوية القمي المعروف بالصدوق : الخصال(ص90، ت : على أكبر الغفاري، مؤسسة الأعلمي، بيروت، ط 1، 1410هـ = 1990م).

[23] المامقاني : مقباس الهداية في علم الدراية(ج3/ ص305).

[24] ابن بابوية القمي المعروف بالصدوق : الخصال، ص90، تحقيق على أكبر الغفاري، ط مؤسسة الأعلمي، بيروت، الأولى 1410هـ ـ1990م.

[25] المجلسي : بحار الأنوار، ج22، ص242 ط مؤسسة الوفاء، بيروت، الثانية 1403هـ - 1983م.

 

  • الاحد PM 03:28
    2025-04-06
  • 150
Powered by: GateGold