المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413638
يتصفح الموقع حاليا : 219

البحث

البحث

عرض المادة

الأناجيل والعشاء الأخير والقربان المقدس

يقول إنجيل متي (وفى أول أيام الفطير تقدم التلاميذ إلي يسوع قائلين له اين تريد أن نعد لك لتأكل الفصح .. ولما كان المساء اتكأ مع الإثني عشر) 17:26

كذلك يقول مرقس (وفى اليوم الأول من الفطير حين كانوا يذبحون الفصح قال له تلاميذه أين تريد أن نمضي ونعد لتأكل الفصح .. ولما كان المساء جاء مع الإثني عشر وفيما هم متكئون يأكلون ... ) مرقس 13: 12 - 18

إن متى ومرقس وكذلك لوقا يحددون ميعاد هذا العشاء الأخير أو العشاء الرباني بأول أيام عيد الفصح (1) مساءً. وتتفق الأناجيل على أن أول أيام عيد الفصح كان الخميس الموافق السادس من إبريل عام 29م (تفسير إنجيل متى صـ120) والواقع فى اليوم الرابع عشر من شهر أبيب (سيرة المسيح صـ426) لذلك تحتفل الكنيسة بعيد خميس العهد ويترتب على ذلك أن (الصلب) قد حدث يوم الجمعة (15 نيسان (أبيب)

وقد تبين أن عيد الفصح سنة تسعة وعشرون ميلادية كان يوم الأحد وليس خميسا كما تخبرنا الأناجيل (ريتشارد هزباند) (2)، ويؤكد ذلك ر. ت. فرانس (3) نقلا عن FINEGEN فيقرر أنه طبقا للدراسات الفلكية فإن 15 نيسان لا يمكن أن يقع يوم جمعة بين 27م إلى 34م ويختلف إنجيل يوحنا فى تحديد ميعاد العشاء الأخير حيث يقول (أما يسوع قبل عيد الفصح وهو عالم أن ساعته قد جاءت .. فحين كان العشاء وقد ألقي الشيطان فى قلب يهوذا أن يسلمه) يوحنا 13: 1 - 2

هكذا يحدد إنجيل يوحنا ميعاد العشاء الأخير بقبل عيد الفصح أى يوم الأربعاء وتجمع الأناجيل الأربعة أن القبض على المسيح تم بعد هذا العشاء الأخير وأن الصلب تم فى اليوم التالي للعشاء.

وبذلك يؤكد متى ومرقس أن الصلب تم يوم الجمعة لذلك تحتفل الكنيسة (بالجمعة الحزينة)

ويكون الصلب طبقا لإنجيل يوحنا قد تم يوم الخميس (أى فى عيد الفصح نفسه) حيث يقول (وكان استعداد الفصح ونحو الساعة السادسة فحينئذ أسلمه إليهم ليصلب) يوحنا 14: 19 - 16.

إذاً الإختلاف وقع فى الساعة التي حدث فيها الصلب، مرقس (كانت الساعة الثالثة حين صلبوه) مرقس 25:15، ويقول يوحنا (نحو السادسة فحينئذ أسلمه إليهم ليصلب) 14:19

ملحوظة: التوقيت المذكور هنا كان تقويما يهوديا حيث أن الساعة الثالثة تقابل الساعة التاسعة صباحا فى التوقيت الحديث والساعة السادسة تقابل الثانية عشرة

ظهراً. أى أن الاختلاف بين إنجيل يوحنا وبقية الأناجيل يقع فى يوم الصلب وساعة الصلب ولا ننسى أن التاريخ يؤكد أن عيد الفصح سنة 29م كان يوم الأحد وليس خميس كما ذكرت الأناجيل.

[القربان المقدس:]

يقول متى (وفيما هم يأكلون أخذ يسوع الخبز وكسر وأعطى التلاميذ وقال خذوا كلوا هذا هو جسدي وأخذ الكأس وشكر وأعطاهم قائلاً اشربوا منها كلكم لأن هذا هو دمى الذي للعهد الجديد الذي يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا) متى 26: 26 - 28

ويتفق مرقس مع متى ولكنه لا يذكر (لمغفرة الخطايا) حيث قال (هذا هو دمي الذي للعهد الجديد يسفك من أجل كثيرين) مرقس24:14، ويقول لوقا (تناول كأس وشكر وقال خذوا هذه واقتسموا بينكم .. وأخذ خبزا وشكر. وكسر وأعطاهم أيضا بعد العشاء قائلاً هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي الذي يسفك عنكم) لوقا 22: 17 - 20.

كما نلاحظ أن رواية لوقا تنفرد بذكر كأسين أحدهما قبل العشاء والآخر بعده وليس كأسا واحدا كما ذكر متى ومرقس كما ينفرد لوقا بذكر كل من متى ومرقس أنهما بذلا عن كثيرين.

ونكرر أن رواية متى قد انفردت بتوضيح الغائية من بذل الجسد والدم (لمغفرة الخطايا).

[موقف إنجيل يوحنا:]

يذكر إنجيل يوحنا هذا العشاء الأخير بتفصيل شديد حيث يفرد له خمسة اصحاحات كاملة من الإصحاح الثالث عشر إلي نهاية الإصحاح السابع عشر مستعملاً 154 عبارة، ومن الغريب أن يوحنا لا يذكر شيئا مطلقا عن تأسيس هذا القربان المقدس أى الخبز الذي يمثل جسد المسيح ولا كأس الخمر التي تمثل دم المسيح.

ومن المدهش أن تلاميذ المسيح الاثني عشر جيعهم حضروا هذا العشاء الأخير ورغم ذلك لا تتفق الأناجيل على نص الكلمات التي نطق بها المسيح عن جسده المبذول ودمه المسفوك وأين كان يوحنا عندما تحدث المسيح عن هذا القربان المقدس.

ويقول تفسير إنجيل متى صـ254 قد ناول المسيح التلاميذ جسده تحت شكل الخبز، وهو - أى الخبز أو الفطير الذي تقوم الكنيسة بصناعته - يتحول عند حلول السر الإلهي إلي جسد المسيح الحقيقي ومن يأكله تنتقل إليه كل بركات وفاعلية موت المسيح، كذلك الخمر الذي يتحول عند حلول السر إلهي إلي دم المسيح الحقيقي ومن يشربه تنتقل إليه كذلك كل بركات وفاعلية موت المسيح، هكذا يؤمن المسيحيون أن الخبز يتحول بالفعل وحقيقة بمعجزة يقوم بها آباء الكنيسة إلي جسد المسيح الحقيقي رغم أن اعينهم تراه أنه مازال خبزا وعجينا لكن عليه أن يكذب عينيه ويؤمن بالسر الإلهي الذي قام بهذا التحويل!! ونفس الوضع بالنسبة إلي الخمر. وتعتبر الكنيسة هذا سراً من أسرارها وهو سر الأفخارستيا أو سر العشاء الأخير أو سر الشكر.

 


(1) الفصح: كلمة عبرية تعني الاجتياز أو العبور وهذا العيد يحتفل به اليهود تذكارا لاجتيازهم البحر مع موسي عند خروجهم من مصر، وقد أدمج مع عيد الفطر، وكان أهم تقليد فى ذلك العيد هو ذبح خروف يأكل مع خبز أو فطير (غير مختمر) مع أعشاب مرة والشروسيث (خليط من البلح والزبيب والخل).
(2) محاكمة المسيح: ريتشارد هازباند
(3) التفسير الحديث لإنجيل متى: ر. ت. فرانس

ويقول الأب متى المسكين: المسيح بعدما كسر الخبز ومزج الخمر قدمها لتلاميذه لا بصفتهما مجرد تمثيل أو رمز للجسد المبذول أوالدم المسفوك، بل قال لهم هذا هو جسدي المكسور وهذا هو دمي المسفوك.

هنا يؤكد متى المسكين (هذا هو لقبه) عدم وجود رمزية أوتمثيل، لذلك يعامل هذا الخبز أو الفطير بتقديس تام على أنه جسد المسيح الحقيقي!!

وكان الملك فردريك الأكبر يتهكم قائلا: ما أهمية أن يسجد الناس أمام قطعة من الفطير أو أمام العجل أبيس أو أمام تابوت العهد أو أمام تمثال من التماثيل؟ لا يهم الاختيار (1)

وسئل شيفاليه دي لابار لماذا لم يخلع قبعته أمام موكب عيد القربان أجاب بأنه لا يستطيع إدراك كيفية أن يقوم الإنسان بعبادة اله من العجين (2) وقد أعدم هذا الشاب بتهمة التجديف على الله والقربان المقدس.

ويقول فولتير2:

تأمل فى مختلف التأويلات المسيحية للقربان المقدس فالكاثوليك (والارثوذكس) يصرحون بأنهم يأكلون الرب لا الخبز واللوثريون (أتباع مارتن لوثر أى البروتستانت) يلتهمون الرب والخبز معا، والكلفنيون (أتباع كلفن) يأكلون الخبز لا الرب، وإذا روى لنا أحد من الكفار شيئا من مثل هذا الإسفاف والجنون لقلنا أنه يخدعنا ويلعب بعقولنا.


(1) قصة الحضارة: ول ديورانت
(2) خاتمة فى الفردوس: فولتير

كذلك يقول فولتير: لا يزال يزعجني ويضايقني فكرة أكل الله أنه بقايا وحشية كما أوضح فولتير فإن البروتستانت يعتقدون أن الخبز والخمر لا يستحيلان إلي جسد المسيح ودمه بل الخبز يبقى خبزا والخمر خمرا ولكن فى داخلهما جسد المسيح ودمه.

ويرفض الكويكرز (أتباع جاورجيوس فكس) تناول القربان لاعتقادهم أنه من أباطيل الإنسان، ويقول لودفج فون هولبرج امام الأدب الدنمركي:

الفطائر الصغيرة أو القرابين المقدسة تحمل مرورا بالشوارع ويقول آباء الكنيسة أنها آلهة والناس الذين خبزوها يحلفون بأن هذه القرابين خلقت الدنيا.

وقد رفض جون تولاند (1) أستاذ الآداب بجامعة جلاسكو سر الأفخارستيا وكذلك بقية أسرار الكنيسة قائلا المسيحية لا أسرار فيها فالسر لفظ وثنى احتفظنا به كما احتفظنا بغيره من ألفاظ هو إما خرافة يجب أن نقضي عليها وإما صعوبة عارضة ينبغي أن نذللها.

ويقول سيجموند فرويد إن أكثر من عالم قد دهشوا من التشابه الوثيق بين طقوس التناول المسيحية - حيث يتناول المؤمن رمزيا دم ولحم إلهه - وبين عيد الطوطم


(1) أزمة الضمير الأوروبي

القديم حيث كان كل الأخوة يشتركون معا فى قتله وأكله فيتحد الإنسان بإلهه، وقد طورت المسيحية الطوطم الحيواني إلى الإله الإنساني (1).

ويقول أميل لودفيج: العشاء الرباني كان معروفا فى عبادة مثرا - إله الشمس عند الفرس - على الطريقة التي عرف بها فى المسيحية، بل كان الخبز الذي يتناوله عباد مثرا فى ذلك العشاء يصنع على شكل الصليب.

ويؤكد ذلك العقاد (2) حيث يقول تناول مثرا طعام الوداع مع ملائكة الخير وصعد إلي السماء لذلك يحتفل أتباعه فى تلك الذكرى بتناول الخبز المقدس والمسح بالماء الطهور؟


(1) الطوطمية: نظام ديني عند الشعوب البدائية لا سيما أهل أفريقيا واستراليا يجعل القبيلة منحدرة من نبات أو حيوان فهو السلف المتجسد والروح الحامية للقبيلة ومن ثم كانوا يقدسونه ويحمونه.
(2) الله: العقاد

  • الجمعة PM 09:43
    2022-08-19
  • 932
Powered by: GateGold