موقف الإباضية من الصحابة - مشروع الحصن ll للدفاع عن الإسلام والحوار مع الأديان والرد على الشبهات المثارة ll lightnews-vII

المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 442571
يتصفح الموقع حاليا : 99

البحث

البحث

عرض المادة

موقف الإباضية من الصحابة

قال السالمي في تحفة الأعيان (1): "وأهل عمان هم أهل الطريق القويم، وأهل الصراط المستقيم، الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، ودعا العرب والعجم إليه، وجاهدهم عليه، حتى دخلوا فيه رغبا ورهبا، وعليه لقي ربه صلى الله عليه وسلم، وعليه مضى الخليفتان الراضيان المرضيان حتى لقيا ربهما.

وعليه مضى عثمان بن عفان في صدر خلافته حتى غير وبدل فقاموا عليه وعاتبوه فتوبوه، فرجع إلى تغييره، ثم عاتبوه فتوبوه، ثم عاد إلى تغييره وأعذروا إلى الله فيه حتى عذروا بين الخاص والعام، وطلبوا الاعتزال عن أمرهم فأبى فاجتمعوا عليه وحاصروه حتى قتل في داره، ثم اجتمعوا على علي بن أبي طالب فقدموه وبايعوه على القيام بأمر الله ومضى على ذلك ما شاء الله من الزمان، وقاتل أهل الفتنة القائمين لقتاله المتسترين عند العوام بطلب دم عثمان، حتى قتل منهم ألوفا وهزم صفوفا، ثم رجع القهقرى، وحكم الرجال على حكم أمضاه الله ليس لأحد أن يحكم فيه برأيه فعاتبوه فلم يعتبهم وخاصموه فخصموه فكانت لهم الحجة عليه فهم أن يرجع إليهم ويترك ما صالح عليه البغاة من التحكيم في حكم الله، فقامت عليه رؤساء قومه فأطاعهم، وعصى المسلمين فاعتزلوه بعد أن خلع نفسه بتحكيم الرجال في إمامته وهو يظن أن الأمر باق في يده وهيهات. . . فقد أعطى العهود والمواثيق على قبول حكم الرجلين فصارت الإمامة يلعب بها الحكمان إن قدموه أو عزلوه فاعتزله المسلمون عند ذلك وقدموا على أنفسهم إماما وهو عبد الله بن وهب الراسبي فسار إليهم علي فقاتلهم بالنهروان حتى قتل جامعتهم الذين هنالك، وهم قدر أربعة آلاف رجل لم ينج منهم إلا اليسير وهم يرون أن الموت هو النجاة، وهو الرواح إلى الجنة، فبقي من بقي منهم في الأمصار والنواحي، وهم خلق كثير فبقوا متمسكين بما وجدوا عليه أسلافهم، عاضين على وصية النبي صلى الله عليه وسلم في اتباع سنته وسنة الخلفاء الراشدين من بعده، فنصبوا على ذلك الأئمة وأذهبوا في رضا الله الأنفس. . . " ا. هـ المراد نقله منه.

وقال السالمي في تحفة الأعيان (2): في ذكر قدوم ابن بطوطة على عمان وما شاهده من أحوال الإباضية فيها: " أما رضاهم عن ابن ملجم فالله أعلم به، وهو قاتل علي ومن صح معه خبره واستحق معه الولاية فهو حقيق بالرضا، ومن لم يبلغه خبره ولا شهر عنه بما يستحق به الولاية فمذهبهم الوقوف على المجهول، وعلي قتل أهل النهروان فقيل: إن ابن ملجم قتله ببعض من قتل، ويوجد في آثارنا عن مشايخنا أنه لم يقتله إلا بعد أن أقام عليه الحجة وأظهر له خطأه في قتلهم وطلبه الرجوع فلم يرجع، وابن ملجم إنما قتل نفسا واحدة وعلي قد قتل بمن معه أربعة آلاف نفس مؤمنة في موقف واحد إلا قليلا منهم ممن نجا منهم، فلا شك أن جرمه أعظم من جرم ابن ملجم، فعلام يلام الأقل جرما ويترك الأكثر جرما، ليس هذا من الإنصاف في شيء".

كتاب (بيان الشرع) للشيخ العلامة القاضي محمد بن إبراهيم الكندي:

وهو من علماء النصف الثاني من القرن الخامس وعاش إلى أوائل القرن السادس قال عنه المؤرخ سيف بن حمود البطاشي (3): " كان من أشهر علماء زمانه، ومن كبار المؤلفين في عصره، ولو لم يكن له من المؤلفات إلا كتاب بيان الشرع لكفى، وهو عند أصحابنا المشارقة أشهر من نار على علم وتبلغ أجزاؤه اثنان وسبعون جزءا، وكان مرجعًا لمن جاء بعده من الفقهاء والمؤلفين، ولا يزد عليه في عدد الأجزاء إلا قاموس الشريعة، إلا أن المؤلفين من العلماء الذين جاؤوا بعد تأليف بيان الشرع كلهم عيال عليه، يستمدون منه، ويعترفون.

وقال في اللمعة المرضية: "وإنه لكتاب ظاهر البركة، عم نفعه الآفاق، ومنه استمد أهل الوفاق. . . " أ. هـ (4).

وفي هذا الكتاب (5) سيرة لبعض الخوارج يدعى أبو الفضل عيسى بن نوري الخارجي، معروضة على اثنين من كبار علماء الإباضية وهما أبو عبد الله محمد بن محبوب وأبو سعيد محمد بن سعيد الكدمي.

قال الخارجي في سيرته: "ونبرأ من عدو الله إبليس – لعنه الله – وأتباعه من الفراعنة وغيرهم من أئمة الكفر، وأتباع أهل الطاغوت من لدن آدم إلى يوما هذا ... وبرئنا بعد النبي – صلى الله عليه وسلم – من أهل القبلة الذين هم من أهل القبلة، عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وطلحة، والزبير، ومعاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، وأبو موسى الأشعري، وجميع من رضي بحكومة الحكمين، وترك حكم الله إلى حكومة عبد الملك بن مروان وعبيد الله بن زياد والحجاج بن يوسف وأبي جعفر والمهدي وهارون وعبد الله بن هارون، وأتباعهم وأشياعهم، ومن تولاهم على كفرهم وجورهم من أهل البدع وأصحاب الهوى، لقول الله تعالى: {ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله، إن الله لا يهدي القوم الظالمين} [سورة القصص الآية 50].

قال أبو عبد الله محمد بن محبوب – رحمهم الله -: "نوافقهم على هذا والبراءة ممن سماه".

قال أبو سعيد محمد بن سعيد – رضي الله عنه -: "نوافقهم على البراءة ممن سمى على الشريطة بما سماهم من الكفر"أ. هـ (6).

ثم قال الخارجي: "وبرئنا من المعتزلة بما وقفوا -أي لم يبرئوا ولم يتولوا- عن عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وطلحة، والزبير، وغيره من أهل القبلة وأهل الكفر ... قال أبو عبد الله -أي محمد بن محبوب-: "أما البراءة فنوافقهم. . " (7).

ثم قال الخارجي في آخر السيرة: "هذا دين الله، ودين ملائكته، وأنبيائه، ودين أوليائه، إليه ندعو، وبه نرضى، وعليه نحيا، وعليه نموت، ولا حكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين. . . " أ. هـ (8)

هذا موقفهم من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم فانظر كيف تبرءوا من أربعة من المبشرين بالجنة (عثمان وعلي وطلحة والزبير) وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم ونبرأ إلى الله ممن تبرأ منهم.

تكفير إمامهم ابن إباض لعثمان -رضي الله عنه-

وهذه رسالته التي وجهها إلى عبد الملك بن مروان من شرح العقيدة، وأصلها في كتاب السير العمانية القديمة:

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد، من عبد الله بن إباض، إلى عبد الملك بن مروان، سلام عليك ... ثم قال في هذه الرسالة: "وأما ما ذكرت من عثمان، والذي عرضت من شأن الأئمة، فإن الله ليس ينكر على أحد شهادته في كتابه ما أنزله على رسوله، أنه من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون، والكافرون، والفاسقون، ثم إني لم أذكر لك شيئا من شأن عثمان والأئمة إلا والله يعلم أنه الحق ... وأخبرك من خبر عثمان والذي طعنا عليه فيه، وأبين شأنه الذي أتى عثمان، لقد كان ما ذكرت من قدم في الإسلام وعمل به، ولكن الله لم يجر العباد من الفتنة والردة عن الإسلام ثم أحدث أمورا لم يعمل بها صاحباه قبله، وعهد الناس يومئذ بنبيهم حديث، فلما رأى المؤمنون ما أحدث أتوه، فكلموه، وذكروه بآيات الله، وسنة من كان قبله من المؤمنين، وقال الله تعالى: {ومن أظلم ممن ذكر بآيات الله فأعرض عنها إنا من المجرمون منتقمون}، فسفه عليهم أن ذكروه بآيات الله، وأخذهم بالجبروت، وظلم منهم من شاء الله، وسجن من شاء الله منهم، ونفاهم في أطراف الأرض نفيا، وإني أبين لك يا عبد الملك بن مروان، الذي أنكر المؤمنون على عثمان، وفارقناه عليه فيما استحل من المعاصي".

ثم أخذ يسرد بعض ما افتراه من الكذب على ذي النورين عثمان بن عفان –رضي الله عنه– ويستشهد بآيات الوعيد فيه، وينزلها عليه، مثل قوله تعالى: {ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه، وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين، لهم في الدنيا خزي، ولهم في الآخرة عذاب عظيم} قال: "فكان عثمان أول من منع مساجد الله ... "!!. وقوله تعالى: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه، ما عليك من حسابهم من شيء، وما من حسابك عليهم من شيء فتطرهم فتكون من الظالمين} قال: " فكان أول رجل من هذه الأمة طردهم. . " إلى أن قال عن عثمان –رضي الله عنه-: "وبدل كلام الله، وبدل القول، واتبع الهوى. . "

وقوله تعالى: {قل أرأيتم ما أنزل الله من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا، قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون، وما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة}، {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم، ومن يعص الله ورسوله، فقد ضل ضلالا مبينا}، ثم عدد آيات أنزلها الله تعالى في الكافرين وينزلها هو على الخليفة الراشد، والقانت الزاهد عثمان – رضي الله عنه وأرضاه - ثم قال بعد ذلك: " فلو أردنا أن نخبر بكثير من مظالم عثمان لم نحصها إلا ما شاء الله، وكل ما عددت عليك من عمل عثمان يكفر الرجل أن يعمل ببعض هذا، وكان من عمل عثمان أنه كان يحكم بغير ما أنزل الله، وخالف سنة نبي الله. . وقد قال الله: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى، ويتبع غير سبيل المؤمنين، نوله ما تولى ونصله جهنم، وساءت مصيرا} وقال: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون}، وقال: {ألا لعنة الله على الظالمين، ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا}، وقال: {لا ينال عهدي الظالمين}، وقال: {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار، وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون}، وقال: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون}، وقال: {وكذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون} كل هذه الآيات تشهد على عثمان، وإنما شهدنا عليه بما شهدت عليه هذه الآيات: {والله يشهد بما أنزل إليك، أنزله بعلمه، والملائكة يشهدون، وكفى بالله شهيدا}.

ثم قال عبد الله بن إباض: " فلما رأى المؤمنون الذي نزل به عثمان من معصية الله تبرؤوا منه، والمؤمنون شهداء الله، ناظرون أعمال الناس ... فعلم المؤمنون أن طاعة عثمان على ذلك طاعة إبليس. . " ثم ذكر مقتل عثمان، وأنهم قتلوه، ونزل عليه قول الله تعالى: {وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم، وطعنوا في دينكم، فقاتلوا أئمة الكفر، إنهم لا أيمان لهم، لعلهم ينتهون}، ثم قال: " وقد يعمل الإنسان بالإسلام زمانا ثم يرتد عنه، وقال الله: {إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى، الشيطان سول لهم، وأملى لهم}.

ثم ذكر علي بن أبي طالب –رضي الله عنه– بقريب مما قال في ذي النورين عثمان بن عفان، ونزل فيه آيات من مثل التي سردها في شأن عثمان، ثم ذكر معاوية بن أبي سفيان – رضي الله عنه – بمثل ذلك، ثم قال: " فمن يتول عثمان ومن معه (9) فإنا نشهد الله، وملائكته، وكتبه، ورسله، بأنا منهم براء، ولهم أعداء، بأيدينا، وألسنتنا، وقلوبنا، نعيش على ذلك ما عشنا ونموت عليه إذا متنا، ونبعث عليه إذا بعثنا، نحاسب بذلك عند الله ... "، ثم أغلظ القول في عثمان ومحبيه، وتعرض لذكر الخوارج، فأثنى عليهم، وذكرهم بخير ذكر، وعظمهم، وقال بعد ذلك: " فهذا خبر الخوارج، نشهد الله، والملائكة أنا لمن عاداهم أعداء، وأنا لمن والاهم أولياء، بأيدينا، وألسنتنا، وقلوبنا، على ذلك نعيش ما عشنا، ونموت على ذلك إذا متنا ... " ثم قال: " أدعوكم إلى كتاب الله،. . ونبرأ ممن برئ الله منه ورسوله، ونتولى من تولاه الله. . ".

وهذا الكتاب قرظه مجموعة من كبراء الإباضية وهم:

1 - إبراهيم بن سعيد العبري.

2 - أحمد بن حمد الخليلي (مفتي عمان).

3 - سالم بن حمود السيابي.

4 - محمد بن شامس البطاشي.

قال الخليلي: فقد أتاح لي القدر السعيد فرصة ذهبية للإطلاع على السفر المسمى "العقود الفضية في أصول الإباضية " لمؤلفه العلامة الجليل أخينا الصالح الشيخ سالم بن حمد الحارثي، فوجدته وأيم الحق كتابا جامعا تنشرح به القلوب، وتثلج له الصدور، قد كشف من حقائق المذهب ما أرخى عليه الزمن ستوره، وأبرز من خباياه ما لم يصل إلى أدمغة الجم الغفير من طلاب الحقيقة. . ا. هـ (10).

قال أبو الحسن الأشعري: "والإباضية يقولون: إن جميع ما افترض الله سبحانه على خلقه إيمان، وإن كل كبيرة فهي كفر نعمة، لا كفر شرك، وإن مرتكبي الكبائر في النار خالدون فيها" (11).

التقية عند الإباضية

ارتبطت التقية بالرافضة لكن الإباضية جوزوا التقية كإخوانهم الرافضة، وقد أورد الربيع بن حبيب في مسنده روايات في الحث على التقية تحت عنوان: (باب ما جاء في التقية). فلهم نصيب من مشابهة الروافض في ذلك. 

 

 

 

 

 

 


(1) تحفة الأعيان للسالمي (1/ 76).

(2) تحفة الأعيان للسالمي (1/ 369 - 371).

(3) إتحاف الأعيان في تأريخ بعض علماء عمان (1/ 236).

(4) وقد ذكر البطاشي تسعة من علمائهم قرظوا هذا الكتاب بقصائد شعرية أوردها من ص (238) إلى ص (245)، وقد طبعته وزارة التراث القومي والثقافة بسلطنة عمان سنة 1407هـ 1984م.
(5) بيان الشرع (3/ 277 - 293).

(6) بيان الشرع (3/ 280 - 281).
(7) بيان الشرع (3/ 284 - 285).
(8) من بيان الشرع (3/ 293).

(9) ويقصد بمن معه علي بن أبي طالب ومعاوية ومن تولاهم كما يدل عليه السياق. 

(10) السير والجوابات لعلماء وأئمّة عمان 2/ 325 ـ 345 تحقيق الأستاذة الدكتورة سيدة إسماعيل كاشف، ط وزارة التراث القومي والثقافة سلطنة عمان، والجواهر المنتقاة 156 ـ 162، وإزالة الوعثاء عن أتباع أبي الشعثاء 86 ـ 101.

(11) انظر: مقالات الإسلاميين (1/ 189).

 

  • الخميس PM 05:34
    2022-06-16
  • 3334
Powered by: GateGold