المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409158
يتصفح الموقع حاليا : 342

البحث

البحث

عرض المادة

نصوص شيعية اشترطت العدل في الحاكم لا العصمة

إنّ من يستقرئ التراث الشيعي الإثنى عشري وتطوره التاريخي عبر العصور يدرك لا محالة أنّ القول بنظرية عصمة الإمام إنما هو نتيجة متأخرة لتطورات طرأت على الحركات الشيعية القائمة آنذاك، أوجدها تيار مغالٍ وجد طريقه لبث سمومه بين أتباع أهل البيت.

إنّ من يتناسى الكتب التي ألفها علماء الشيعة الإثني عشرية دعماً لفكرة العصمة ويبحث بتجرد في التراث الشيعي الذي نقله هؤلاء العلماء بأنفسهم سيجد روايات كثيرة لا يروق لعلماء الشيعة اليوم النظر فيها وتأملها بحيادية.

فقد روى الطوسي في "تهذيب الأحكام" وابن بابويه القمي في "علل الشرائع" عن الإمام جعفر الصادق عن أبيه (ع) أنه قال: ذُكرت الحرورية عند علي (ع) فقال: (إن خرجوا على جماعة أو إمام عادل فقاتلوهم وإن خرجوا على إمام جائر فلا تُقاتلوهم فإنّ لهم في ذلك مقالاً) (1).

وأنت ترى أنّ الرواية لا تشير لا من قريب ولا من بعيد إلى العصمة وإنما تتكلم بكل وضوح عن العدل والجور.

فلماذا لم يقل الإمام علي: إن خرجوا على إمام معصوم فقاتلوهم وإن خرجوا على غيره فلا تقاتلوهم، أو قال: إن خرجوا على الأئمة الإثني عشر فقاتلوهم وإن خرجوا على غيرهم فلا تقاتلوهم؟


(1) تهذيب الأحكام 6/ 145 (باب قتال أهل البغي من أهل الصلاة) - حديث رقم (7) وعلل الشرائع 2/ 603 - حديث رقم (71).

وفي هذا يذكر الشيخ الرضي في "نهج البلاغة" أنّ الإمام علياً لما اجتمع الناس وشكوا له ما نقموه على عثمان وسألوه مخاطبته واستعتابه دخل عليه فقال: (إِنَّ النَّاسَ وَرَاءِي وَقَدِ اسْتَسْفَرُونِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ وواللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لَكَ مَا أَعْرِفُ شَيْئاً تَجْهَلُهُ ولا أَدُلُّكَ عَلَى أَمْرٍ لا تَعْرِفُهُ، إِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نَعْلَمُ، مَا سَبَقْنَاكَ إِلَى شَيْءٍ فنخبرك عنه ولا خَلَوْنَا بِشَيْءٍ فَنُبَلِّغَكَهُ وَقَدْ رَأَيْتَ كَمَا رَأَيْنَا وَسَمِعْتَ كَمَا سَمِعْنَا وَصَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم كَمَا صَحِبْنَا ومَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ ولا ابْنُ الْخَطَّابِ بِأَوْلَى بِعَمَلِ الْحَقِّ مِنْك وأَنْتَ أَقْرَبُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم وَشِيجَةَ رَحِمٍ مِنْهُمَا وَقَدْ نِلْتَ مِنْ صِهْرِهِ مَا لَمْ يَنَالا (1) فَاللَّهَ اللَّهَ فِي نَفْسِكَ فَإِنَّكَ وَاللَّهِ مَا تُبَصَّرُ مِنْ عَمًى ولا تُعَلَّمُ مِنْ جَهْلٍ، وإِنَّ الطُّرُقَ لَوَاضِحَةٌ وَإِنَّ أَعْلامَ الدِّينِ لَقَائِمَةٌ فَاعْلَمْ أَنَّ أَفْضَلَ عِبَادِ اللَّهِ عِنْدَ اللَّهِ إِمَامٌ عَادِلٌ هُدِيَ وهَدَى فَأَقَامَ سُنَّةً مَعْلُومَةً وأَمَاتَ بِدْعَةً مَجْهُولَةً وإِنَّ السُّنَنَ لَنَيِّرَةٌ لَهَا أَعْلامٌ وإِنَّ الْبِدَعَ لَظَاهِرَةٌ لَهَا أَعلام، وَإِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ إِمَامٌ جَائِرٌ ضَلَّ وَضُلَّ بِهِ فَأَمَاتَ سُنَّةً مَاخُوذَةً وأحيا بِدْعَةً مَتْرُوكَةً) (2).

وكلام الإمام علي هاهنا واضح وضوح الشمس ولا يحتاج إلى بيان.

أما النوري الطبرسي فقد روى في "مستدرك الوسائل" عن الإمام علي الهادي قَالَ: (إِنَّ لله عز وجل جنةً ادّخرها لثلاثٍ: إمام عادل ورجل يحكّم أخاه المسلم في ماله ورجل يمشي لأخيه المسلم في حاجة قُضيت له أو لم تُقضَ) (3).


(1) لا أدري أين الشيعة من هذا التصريح الهام الذي يبين فيه علي بن أبي طالب فضل عثمان بن عفان ومصاهرته لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه؟!
(2) نهج البلاغة ص234 رقم (164) (ومن كلام له (ع) لما اجتمع الناس إليه وشكوا ما نقموه على عثمان).
(3) مستدرك الوسائل 12/ 408 وكتاب المؤمن ص53

وروى أيضاً عن الإمام علي أنه قال: (عليكم بالجهاد في سبيل الله مع كل إمام عادل، فإنّ الجهاد في سبيل الله بابٌ من أبواب الجنّة) (1).

وروى ابن بابويه في "ثواب الأعمال" عن الإمام جعفر الصادق قال: (ثلاثة يدخلهم الله الجنة بغير حساب إمام عادل وتاجر صدوق وشيخ أفنى عمره في طاعة الله) (2).

وروى أيضاً عن الإمام جعفر الصادق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنّ في الجنة درجة لا ينالها إلا إمام عادل أو ذو رحم وصول أو ذو عيال صبور) (3).

وروى أيضاً عن الإمام جعفر الصادق عن أبيه عن جده عن الإمام علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال في وصيته له: (يا علي، أربعة لا ترد لهم دعوة إمام عادل ووالد لولده والرجل يدعو لأخيه بظهر الغيب والمظلوم يقول الله جل جلاله وعزتي وجلالي لأنتصرن لك ولو بعد حين) (4).

وروى أيضاً عن سلمة بن كهيل رفعه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (سبعة في ظل عرش الله عز وجل يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله عز وجل، ورجل تصدق بيمينه فأخفاها عن شماله) إلى آخر الحديث (5).

وروى ابن فتال النيسابوري عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (أحب الناس يوم القيامة وأقربهم من الله مجلساً إمام عادل، إنّ أبغض الناس إلى الله وأشدهم عذاباً

إمام جائر) (6) وفي رواية (إنّ أقرب الناس إلى الله تعالى وأحبهم إليه وأدناهم منه مجلساً يوم القيامة إمام عادل) (7).

إنّ كل هذه الروايات الشيعية المتظافرة كافية بحد ذاتها لإثبات أنّ أئمة أهل البيت كانوا يشترطون في إمام المسلمين العدل لا العصمة.


(1) مستدرك الوسائل 11/ 16 وبحار الأنوار 97/ 50
(2) ثواب الأعمال ص133 (ثواب الإمام العادل والتاجر الصدوق والشيخ الذي يفني عمره في طاعة الله).
(3) الخصال ص93 (في الجنة درجة لا ينالها إلا ثلاثة) الخصال ص93 (في الجنة درجة لا ينالها إلا ثلاثة).
(4) الخصال ص197 (أربعة لا ترد لهم دعوة).
(5) الخصال ص343 ومعدن الجواهر ص 58 (باب ذكر ما جاء في سبعة).

(6) روضة الواعظين ص466
(7) عوالي اللآلي 1/ 372

  • السبت PM 05:46
    2022-05-21
  • 631
Powered by: GateGold