المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409076
يتصفح الموقع حاليا : 381

البحث

البحث

عرض المادة

تحت أي بند يُصنّف هذا الحب ؟!

حين يبلغ الغلو مداه .. وتغيب الموازين الشرعية تظهر الاستهانة بمقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بصورتها المقززة، حين ترى الروايات الشيعية وعلماء الشيعة يبالغون في وصف الأئمة وذكر أحوالهم مبالغة تحوي بين طياتها انتقاصاً مبطّناً أو ظاهراً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم!

لقد حاولت مراراً وتكراراً أن ألطّف عباراتي وأنا أطرق هذا المبحث بالذات مستحضراً كل معاني الصبر التي تعلمتها في حياتي فلم أستطع، فالموضوع لا يحتمل تلطيفاً للعبارات إذ إنه لا يمس شخص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فحسب بل الذات الإلهية أيضاً!

فالله عز وجل وعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم أعظم في أعيننا من كل أحد، كائناً من كان.

ولهذا أقول: ليتحمل مني القارئ الكريم بعض الغلظة وقسوة العبارة، وليتفكر فيما سأذكره وليزنه بميزان الإسلام الذي يرفض مثل هذه الكفريات سواء أصدرت من منتسب لأهل السنة أم للشيعة أو لغيرهما.

فإن شئت أن نبدأ الحديث عن الإمام علي بن أبي طالب فإليك رواية ولادته ففيها من التفضيل المبطّن لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ما فيها.

تقول الرواية الشيعية: (فقمت (1) فوجدت أمه بين النساء والقوابل من حولها وإذا بسجاف وقد ضربه جبرائيل بيني وبين النساء فإذا هي قد وضعته فاستقبلته، قال: ففعلت ما أمرني به جبرائيل ومددت يدي اليمنى بنحو أمه فإذا بعلي قد أقبل على يدي واضعاً يده اليمنى في أذنه يؤذن ويقيم بالحنيفية ويشهد بالوحدانية لله، ولي بالرسالة ثم انثنى إليّ وقال: السلام عليكم يا رسول الله، أأقرأ يا أخي؟، فوالذي نفسي بيده قد ابتدى بالصحف التي أنزلها الله على آدم وأقام بها ابنه شيث فتلاها من أولها إلى آخرها حتى لو حضر آدم لأقر له أنه ألفظ لها منه، ثم تلا صحف إبراهيم، ثم قرأ التوراة حتى لو حضر موسى لشهد له أنه ألفظ لها منه، ثم قرأ إنجيل عيسى حتى لو حضر لأقر له أنه أحفظ لها منه، ثم قرأ القرآن الذي أُنزل عليّ من أوله إلى آخره ثم خاطبني وخاطبته بما تخاطب الأنبياء ثم عاد إلى طفوليته) (2).


(1) الكلام هنا لنبينا صلى الله عليه وآله وسلم – فيما يزعمون-.
(2) مدينة المعاجر لهاشم البحراني 1/ 29 والفضائل لابن شاذان القمي ص127 - 128 وشجرة طوبى للشيخ محمد مهدي الحائري 2/ 219 والأنوار العلوية للشيخ جعفر النقدي ص35

ويقول الشيخ محمد كاظم القزويني في "الإمام علي من المهد إلى اللحد" (1): (استقبل سيدنا أبو طالب السيدة فاطمة بنت أسد مهنئاً، وأخذ أبوطالب وليده الحبيب وضمّه إلى صدره ثم ردّه إلى أمه، وأقبل رسول الله وذلك قبل أن يُبعث، فلما رآه علي جعل يهش ويضحك كأنه ابن سنة، من حيث المشاعر والإدراك، فأخذه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقبّله وحمد الله على ظهور هذا المولود الذي كان يعلم أنه سيكون له أحسن وزير وخير أخ وأول مؤمن به وتحقق به آمال رسول الله وأمانيه بنشر دينه الذي سيُبعث به فسلّم علي على رسول الله ثم قرأ هذه الآيات {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} إلى آخر الآيات، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قد أفلحوا به، وقرأ تمام الآيات إلى قوله {أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ. الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أنت والله أميرهم تميرهم من علومك فيمتارون، وأنت والله دليلهم وبك يهتدون)!

وهكذا يُؤصل هؤلاء وبلا حياء لفكرة نزول الوحي على الإمام علي بن أبي طالب قبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يُبعث إلا بعد ولادة علي بن أبي طالب بزمن، فمن أين عرف الإمام علي القرآن حتى يتلوه مع باقي الكتب السماوية عند ولادته؟! هل أُوحي إليه قبل محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم أم ماذا؟!

ومن أين حفظ سورة المؤمنون ولم تنزل بعد آية {اقْرَا بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}؟! ألا يحترم هؤلاء مقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيخجلون من ذكر هذه القصص المكذوبة!


(1) الإمام علي من المهد إلى اللحد ص15 والقصة المذكورة في الأمالي للطوسي ص707 - 708 وبحار الأنوار للمجلسي 35/ 37 (في أنه عليه السلام قرأ سورة "قد أفلح المؤمنون" يوم ولادته).

وكيف لهم أن يحترموا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد رووا أنه عليه الصلاة والسلام قال للإمام علي: (ولقد أنزل الله عز وجل إليّ {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّك} يعني في ولايتك يا علي {وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَه} ولو لم أبلّغ ما أُمرت به من ولايتك لحبط عملي!!) (1)

إلى هذا الحد بلغ الاستخفاف برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والعياذ بالله.

أما فاطمة الزهراء رضي الله عنها سيدة نساء العالمين وبضعة المصطفى الطاهرة، فلها نصيبها الخاص من هذا الغلو.

فهذا آية الله العظمى الخميني يصفها في احدى خطبه وبكل جراءة بأنها (امرأة لو كانت رجلاً لكانت نبياً، امرأة لو كانت رجلاً لكانت مكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم!) (2)

فانظر إلى هذه الجرأة على مقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين يدّعي الخميني أنّ أحداً يُمكن أن يحل مكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو يستحق مقامه!

ولو دققت النظر لرأيت أنّ العبارة تشير إلى أفضيلتها على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإلا فما الداعي عند افتراض كونها رجلاً أن يتم استبدال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بها، لو كان محمداً عليه الصلاة والسلام أفضل منها؟!

ليس هذا فحسب، فقلة الحياء مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا تقف عند هذا الحد!


(1) الأمالي لابن بابويه القمي ص583 ومناقب أمير المؤمنين (ع) للكوفي1/ 140 وحلية الأبرار للبحراني 1/ 192 وتأويل الآيات لشرف الدين الحسيني 1/ 217
(2) مختارات من أحاديث وخطابات الإمام الخميني 1/ 305 (بتاريخ 16/ 5/1979) بمناسبة يوم المرأة.

فهذا آية الله العظمى محمد الصدر يُسئل –كما في كتاب "مجمع مسائل وردود": (لو دار الأمر بين زيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وزيارة الإمام الرضا (ع) فأيهما أفضل وأكثر أجراً؟) فيجيب قائلاً: (قد يظهر من الروايات أفضلية زيارة الإمام الرضا (ع) على زيارة سائر الأئمة ولكن لم نعثر على أفضليتها على زيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم) (1).

فهو مستعد لتفضيل زيارة الإمام الرضا على زيارة نبي الله لكن المشكلة أنّ الروايات لم تُسعفه، فلم يعثر على دليل أفضليتها على زيارة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم!

أي قلة حياء هذه؟! وأي دين هذا الذي يرتضي مقارنة زيارة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بزيارة غيره من الناس؟!

ولا تعجب كثيراً، فهناك ما هو أدهى وأمرّ!

فقد روتْ كتب الإمامية عن جابر بن عبد الله الأنصاري عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الله تبارك وتعالى أنه قال: (يا أحمد، لولاك لما خلقت الأفلاك، ولولا عليّ لما خلقتك، ولولا فاطمة لما خلقتكما) (2).

فأي كرامة بقيت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهم يتجرأون عليه مثل هذه الجرأة؟

إنّ الروايات في هذا كثيرة بل وكثيرة جداً، كل ما عليك هو اقتناء الكتب التي اعتنت بذكر فضائل الأئمة كـ"كتاب بصائر الدرجات" للصفار و"بحار الأنوار" للمجلسي وغيرها لتقف على حجم المأساة.


(1) مجمع مسائل وردود ص373
(2) مستدرك سفينة البحار 3/ 169 ومجمع البحرين لأبي الحسن المرندي ص14

فالمسألة لا تقف أحياناً عند التفضيل المبطّن للأئمة على نبينا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم بل تصل إلى حد إسباغ بعض صفات الله تعالى على الأئمة!

وهذه أعظم من سابقتها، فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم بشر، والتطاول عليه ليس كالتطاول على خالقه وخالقنا (العزيز الجبار).

فقد نسبت الروايات إلى الإمام علي قوله (أنا الأول أنا الآخر) (1)، وقوله (أنا عين الله وأنا يد الله، وأنا جنب الله، وأنا باب الله) (2).

وقد ذكر المجلسي ستاً وثلاثين رواية (3) في كون الإمام علي هو وجه الله ويد الله!

وفي رجال الكشي (4) وردت الرواية بصيغة أخرى هي (أنا وجه الله، أنا جنب الله، وأنا الأول والآخر، وأنا الظاهر والباطن)!

وقد ذكر هذه الروايات ابن بابويه القمي في كتابه "التوحيد!! " لكنه حاول جاهداً إيجاد تأويلات سائغة لها بعد أن عجز عن تضعيفها أو الطعن فيها!

فإن جاز لك أن تتصوركتاباً صُنِف في (التوحيد) يُمكن أن يذكر مثل هذه الشركيات ويبررها ويبحث لها عن المخارج، فما بالك بغيرها من الكتب؟

لقد نسبوا للإمام علي أنه قال أيضاً: (والله قد كنت مع إبراهيم في النار، وأنا الذي جعلتها برداً وسلاماً، وكنت مع نوح في السفينة فأنجيته من الغرق، وكنت مع موسى فعلّمته


(1) جامع الأسرار ومنبع الأنوار لحيدر آملي ص205 حديث رقم 394.
(2) رواه الكافي 1/ 145 والمجلسي في بحار الأنوار 24/ 194.
(3) بحار الأنوار 24/ 191 - 203
(4) رجال الكشي ص211 رقم 374 وانظر بصائر الدرجات ص151 وبحار الأنوار 94/ 180.

التوراة، وأنطقت عيسى في المهد وعلمته الإنجيل، وكنت مع يوسف في الجبّ فأنجيته من كيد إخوته، وكنت مع سليمان على البساط وسخّرت له الرياح) (1).

حتى علم الغيب شاركوه فيه!

فنسبوا للإمام الصادق قوله (إنّ الإمام لا يخفى عليه شيء مما في الأرض ولا مما في السماء وأنه ينظر في ملكوت السماوات فلا يخفى عليه شيء، ولا همهمة ولا شيء فيه روح، ومن لم يكن بهذه الصفات فليس بإمام) (2) وقوله: (إني لأعلم ما في السماوات وما في الأرض وأعلم ما في الجنة وأعلم ما في النار وأعلم ما كان وما يكون) (3).

بينما يقول الله تعالى عن نفسه {قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (4).

ويأمر أفضل الخلق وخاتم الأنبياء والمرسلين أن يقول للناس {وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوء} (5).

أما التحكم بالكون وتسيير أموره فحدّث ولا حرج!

فقد نسبوا للإمام جعفر الصادق قوله (إنّ الدنيا تمثل للإمام في مثل فلقة الجوز، فلا يعزب عنه منها شيء، وإنه ليتناولها من أطرافها كما يتناول أحدكم من فوق مائدته ما يشاء) (6).


(1) الأنوار النعمانية 1/ 31 واللمعة البيضاء ص222 والولاية التكوينية لآل محمد ص130
(2) الأنوار النعمانية 1/ 33 والولاية التكوينية لآل محمد ص203
(3) الكافي – كتاب الحجة – (باب إنّ الأئمة (ع) يعلمون علم ما كان وما يكون) - حديث رقم (2).
(4) سورة النحل آية 65
(5) سورة الأعراف آية 188
(6) الاختصاص ص217 (قدرة الأئمة (ع))، وبحار الأنوار 25/ 367 وبصائر الدرجات ص408

وليس هذا بغريب، أمام ما ذكره الشيخ هاشم البحراني من أنّ ضربة الإمام علي لمرحب اليهودي كادت أن تشق الأرض نصفين!!

قال هاشم البحراني (1) في "حلية الأبرار" في بيان قوة الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ما نصه: (وفي ذلك اليوم لما شطر مرحب شطرين وألقاه مجدّلاً جاء جبرئيل من السماء متعجباً، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: مِمَ تتعجب؟ فقال: إنّ الملائكة تنادي في مواضع جوامع السماوات: لا فتى إلا علي، لا سيف إلا ذو الفقار. وأما إعجابي فإني لما أمرني ربى أن أدمر قوم لوط حملت مدائنهم، وهي سبع مدائن، من الأرض السابعة السفلى إلى الأرض السابعة العليا على ريشة من جناحي، ورفعتها حتى سمع حملة العرش صياح ديكتهم، وبكاء أطفالهم ووقفت بها إلى الصبح أنتظر الأمر ولم أنتقل بها واليوم لما ضرب علي عليه السلام ضربته الهاشمية، وكبّر أُمِرت أن أقبض فاضل سيفه حتى لا يشق الأرض، ويصل إلى الثور الحامل لها فيشطره شطرين فتنقلب الأرض بأهلها!! فكان فاضل سيفه عليّ أثقل من مدائن لوط) (2).

ومن أنّ الرعد والبرق إنما يصدران عن الإمام علي بن أبي طالب كما في رواية ينسبونها للإمام الصادق يقول فيها: (أما إنه ما كان من هذا الرعد ومن هذا البرق، فإنه من أمر صاحبكم، قلت: من صاحبنا؟ قال: أمير المؤمنين عليه السلام!) (3).


(1) هاشم بن سليمان بن إسماعيل بن عبد الجواد الموسوي البحراني، ترجم له الشيخ عباس القمي في "الكنى والألقاب 3/ 107" فقال: (عالم فاضل مدقق فقيه، عارف بالتفسير والعربية والرجال، كان محدّثاً متتبعاً للأخبار بما لم يسبق إليه سابق سوى العلامة المجلسي، وقد صنف كتباً كثيرة تشهد بشدة تتبعه وإطلاعه).
(2) حلية الأبرار 2/ 161 - 162
(3) الاختصاص ص327 ومدينة المعاجز 1/ 544 وبحار الأنوار 27/ 33

والأئمة في روايات الشيعة هم علة الوجود!

إذ نسبوا إلى الإمام الصادق قوله: (نحن علة الوجود وحجة المعبود لا يقبل الله عمل عامل جهل حقنا) (1).

بل هم الكاف والنون التي يخلق الله بها الأشياء!!

فقد نُسِب إلى الإمام علي قوله في حديث طويل عن صفات الإمام (الإمام كلمة الله وحجة الله ووجه الله ونور الله وحجاب الله وآية الله، يختاره الله ويجعل فيه ما يشاء ويوجب له بذلك الطاعة والولاية على جميع خلقه، فهو وليه في سماواته وأرضه ... فهو يفعل ما يشاء وإذا شاء الله شاء ... مفزع العباد في الدواهي والحاكم والآمر والناهي، مهيمن الله على الخلائق ... خلقهم الله من نور عظمته، وولاهم أمر مملكته، فهم سر الله المخزون وأولياؤه المقربون وأمره بين الكاف والنون – وفي نسخة – لا بل هم الكاف والنون، إلى الله يدعون وعنه يقولون وبأمره يعملون، مبدأ الوجود وغايته وقدرة الرب ومشيئته وأم الكتاب وخاتمته!!) (2)

وبعد هذا كله يتساءل المسلم الموحّد، ماذا أبقى هؤلاء لله تعالى؟!

الجواب يجده المنصف في الزيارة الرجبية والتي فيها (إنه لا فرق بينك وبينهم إلا أنهم عبادك) (3) فانظر إلى هذه الجرأة وإلى هذا التطاول على رب العالمين!


(1) بحار الأنوار 26/ 259
(2) بحار الأنوار 25/ 169 إلى 174 باب آخر في دلالة الإمامة حديث 38
(3) إقبال الأعمال 3/ 214 ومصباح المتهجد ص803 والمصباح ص529 وبحار الأنوار 95/ 393 ومستدرك سفينة البحار 8/ 628 ومكيال المكارم 2/ 296 والولاية التكوينية لآل محمد ص244

لا فرق بين الأئمة وبين ربهم عز وجل سوى أنهم عباده ... فهو معبود وهم عبّاد، أما الاختلاف فبدرجة الكمال فقط، ولذا صار هو معبوداً وهم عبيداً له، هذا ما أستطيع أن أفسّر به كل ما قرأته وعبّر عنه هذا النص، تماماً كما كان يقول مشركو مكة في تلبيتهم (لبيك اللهم لبيك. لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك تملكه وماملك)!

اختلفت الألفاظ وتطابقت المعاني!

فقد شاركوه في كل شيء تقريباً، من الإحاطة بكل شيء علماً، ومن عدم السهو والغفلة وما إلى ذلك.

والعجب كل العجب من آية الله العظمى أبي القاسم الخوئي، وقد سُئِل عن العبارة المشار إليها في دعاء رجب، فأجاب دون أدنى استنكار للفظ العبارة ومعناها: (لعلها تشير إلى أنهم مع بلوغهم في مرتبة الكمال إلى حد نفوذ التصرف منهم في الكون بإذنك، فهم مقهورون لك، لأنهم مربوبون لك، لا حيلة لهم دون إرادتك ومشيتك فيهم بما تشاء) (1)!

حتى الأسماء الحسنى التي لرب العباد لم يشاركوه فيها فحسب بل ذكرت الروايات أنّ الأئمة هم الأسماء الحسنى (2)، فالإمام علي بن أبي طالب كما بيّنا هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم!


(1) صراط النجاة ج3 ص317 - سؤال رقم (993).
(2) روي في ذلك روايات كثيرة منها ما نُسب للإمام علي كقوله عن نفسه (أنا الأسماء الحسنى) –شرح دعاء الجوشن ص576 والأنوار النعمانية 2/ 100 - ومنها ما نسبه العياشي للإمام جعفر الصادق من قوله (نحن والله الأسماء الحسنى الذي لا يُقبل من أحد إلا بمعرفتنا، قال (ع): فادعوه بها) –تفسير العياشي 2/ 42 والبرهان 2/ 52 - وقريب من هذه الرواية ما نُسب إلى الإمام الباقر كذلك- انظر بحار الأنوار 25/ 4 حديث 7 – ومثل هذا كثير.

حتى خلق الكون قد أسنده الشيعة الإثنا عشرية إلى الأئمة!

ففي صيغة زيارة الحسين (ع) التي رواها ابن قولويه بإسناد صحيح عند الشيعة الإثنى عشرية عن الإمام الصادق أنه قال: (بكم يباعد الله الزمان، وبكم يمحو الله ما يشاء ويثبت وبكم تنبت الأرض أشجارها، وبكم تُخرج الأرض أثمارها، وبكم تنزل السماء قطرها ورزقها، وبكم ينزل الله الغيث، إرادة الرب في مقادير أموره تهبط إليكم وتصدر من بيوتكم) (1).

وفي الزيارة الجامعة المشهورة (بكم فتح الله وبكم يختم وبكم ينزل الغيث) (2).

وإذا كان الخلق للأئمة وهم من يدير الكون ويسيره وهم الأسماء الحسنى التي يُدعى الله بها، وهم الذين لا يخفى عليهم شيء في الأرض ولا في السماء، فلم يبقى حينئذ سوى الحساب الأخروي.

وهو ما نصت عليه كتب الإمامية أيضاً حيث صرّحت بأنّ الإمام هو الديّان الذي يحاسب الخلائق يوم القيامة!

روى المجلسي في "بحار الأنوار 24/ 272" عن البرقي في كتابه "الآيات" عن الإمام جعفر الصادق أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لأمير المؤمنين (ع): يا عليّ أنت ديّان هذه الأمة! والمتولي حسابهم! وأنت ركن الله الأعظم يوم القيامة! ألا وإنّ المآب إليك! والحساب عليك! والصراط صراطك!، والميزان ميزانك!، والموقف موقفك!!

بينما يقول رب العزة والجلال عن نفسه في القرآن {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ. ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ}(3) فجعلها هؤلاء للأئمة بكل بساطة، هكذا دون حياء من الله تعالى أو من الناس.

لتقف بعد هذا كله متسائلاً: لماذا لا يصرّح هؤلاء بألوهية الأئمة ويريحوا أنفسهم بدلاً من تعداد صفات الله وأسمائه وتوزيعها على الأئمة بهذه الصورة؟!


 

(1) كامل الزيارات ص200
(2) بحار الأنوار 102/ 144

(3) سورة الغاشية آية 25 - 26 

 

  • السبت AM 03:05
    2022-05-21
  • 765
Powered by: GateGold