المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412358
يتصفح الموقع حاليا : 379

البحث

البحث

عرض المادة

جهود علماء المسلمين -فترة البحث- في نقد عقيدة تأليه المسيح وإبطالها

لقد غالى النصارى في المسيح -عليه السلام- فذهبوا فيه مذاهب شتي تتسم بالميل والشطط والانحراف عن الحق والنظرة المعتدلة لشخصيته -عليه السلام- كبشر رسول بعثه الله -عزّ وجلّ- لبني إسرائيل، وهذه العقيدة الباطلة يتم نقدها من خلال المحاور التالية:

1 - مشكلة تأليه المسيح -عليه السلام- وعرض مقولة النصارى الباطلة.

2 - الأدلة التي يستندون عليها من الكتاب المقدس.

3 - جهود علماء المسلمين -فترة البحث- في الرد على المقولة الباطلة ونقد الأدلة.

أولًا: مقولة النصارى الباطلة التي تقول بتأليه المسيح -عليه السلام-:

اختلف النصارى في تأليه المسيح -عليه السلام- اختلافًا كبيرًا مما يدلّ على الاضطراب والتذبذب الذي يشوب هذه العقيدة، وبالتالى توضع موضع شك وريبة، وتعددت آراؤهم في هذه العقيدة، وقد ذكر د/ سعد الدين صالح، في كتابه مشكلات العقيدة النصرانية (1) أوردها على النحو التالي:

1 - منهم من قال: إن عيسى هو الإله الحقيقي وأنه ظهر فقط في صورة إنسان دون أن تكون له حقيقة جسد الإنسان، وهو لم يولد بالحقيقة ولا تألم ولا صُلب؛ بل كان جسده مجرد خيال.

2 - ومنهم من قال: إن المسيح هو إله، ولكنه دون الإله الأب فهو إله مخلوق قبل الخلق، كما أن طبيعته تشبه طبيعة الله، وأن الله أوكل إليه خلق العالم ومن هنا استحق العبادة.

3 - وبعض المعتدلين من النصارى قالوا: إن عيسى ليس إلهًا وإنما هو إنسان كامل أو أعظم إنسان ظهر على وجه الأرض وقد رفض هؤلاء تمامًا فكرة تأليه عيسى أو الجمع بين اللاهوت والناسوت في شخصه.

4 - كما ذهب نسطور إلى أن المسيح بين بين، فلا هو إله كامل ولا هو إنسان كامل ولا يمكن أن يحل الإله في عيسى حلولًا حقيقيًا فهو ابن مريم ومن غير المعقول أن تكون مريم أمًا لله، فالله منزه عن أن يولد أو يموت.

5 - والرأي السائد بين النصارى يقول: باتحاد اللاهوت الكامل بالناسوت الكامل في شخص المسيح، فالمسيح في نظرهم ذو طبيعتين تامتين كاملتين، فهو إله تام وإنسان تام، اتحدا في شخصه الواحد بالتجسد وهم يعتقدون أن المسيح هو الإله الذي خلق السموات والأرض وهو الديان الذي سيحاسب الناس على أعمالهم يوم القيامة.


(1) ص 94 - 95.

[نقد هذه المقولة ومناقشة الإمام ابن تيميه لها]

ينتقد الإمام ابن تيميه هذه المقولة الباطلة على اختلاف النصارى فيها على أقوال شيء ويبين أن النصارى لم يستطيعوا أن يثبتوا ألوهية المسيح، وذلك لأن:

1 - النصوص التي استدلوا بها نصوص واهية.

2 - ولأن التحليلات العقلية التى يستنتجونها تحليلات فاسدة ومردودة فيقول: (أنتم لا يمكنكم إثبات كون المسيح هو الله إلا بهذه الكتب، ولا يمكنكم تصحيح هذه الكتب إلا بإثبات أن الحواريين رسل الله معصومون، ولا يمكنكم إثبات إنهم رسل الله إلا بإثبات أن المسيح هو الله، فصار ذلك دورًا ممتنعًا، فإنه لا تُعلم ألوهية المسيح إلا بثبوت هذه الكتب، ولا تثبت هذه الكتب إلا بثبوت أنهم رسل الله، ولا يثبت ذلك إلا بثبوت أنه الله فصار ثبوت الإلهية متوقفًا على ثبوت ألوهيته، وثبوت كونهم رسل الله متوقفًا على كونهم رسل الله فصار ذلك دورًا ممتنعًا) (1).

فليس للنصارى دليل قوى على ما يدعون في حق المسيح -عليه السلام- من تحليلات عقلية ولذلك قال د/ سعد الدين صالح: ومن الغريب أن هذا الإله الخالق العظيم هو هو الطفل المولود من فرج مريم، وأنه تقدم في نموه العقلى والبدني رويدًا رويدًا حتى اكتمل نموه، يقول لوقا في إنجيله: "أو أما يسوع فكان يتقدم في الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس" (2).

(وهذا يفيد أن عيسى الإله كان ينمو بدنيًا وروحيًا وعقليًا، ولا نستطيع أن نعقل كيف حدث هذا، وحتى إذا سلمنا تسليمًا باطلًا بحلول اللاهوت في الناسوت فلنا أن نسأل: ألم يحل اللاهوت بعقله وروحه حلولًا كاملًا؟ أم حل هو الآخر ناقصًا ثم اكتمل مع نمو عيسى من الطفولة حتى الرجولة) (3).

وفي مناقشة مطولة تناول فيها شيخ الإِسلام الرد على اتحاد اللاهوت والناسوت وامتناع ما يدعون عقلًا، وبُطلان تلك المقولة التي يطلقونها على المسيح -عليه السلام- ويتضح من خلال تلك المناقشة أن شيخ الإِسلام قد برع في استخدام الأدلة العقلية في الرد على النصارى في مشكلة تأليه المسيح -عليه السلام- فيقول رحمه الله:

(فإذا كان جوهرًا واحدًا لزم لذلك أن يكون اللاهوت قد استحال وتغير وكذلك الناسوت فإن الاثنين إذا صارا شيئًا واحدًا فذلك الشيء الثالث ليس هو إنسانًا محضًا، ولا إلهًا محضًا، بل اجتمعت فيه الإنسانية والإلهية) (4).


(1) الجواب الصحيح: 1/ 357.
(2) الإصحاح: (2/ 52) الصبي يسوع يمكث في الهيكل، وانظر مشكلات العقيدة النصرانية ص 95.
(3) مشكلات العقيدة النصرانية: ص 95.
(4) الجواب الصحيح: 3/ 134.

ومع أنه قد كان الإنسان والإله اثنين متباينين -وهمًا في اصطلاحهم- جوهران، فإذا صار الجوهران جوهرًا واحدًا، لا جوهرين فقد لزم ضرورة أن يكون هذا الثالث ليس هو إلهًا محضًا ولا إنسانًا محضًا ولا جوهران إنسانًا وإلهًا فإن هذين جوهرين لا جوهر واحد، بل شيء ثالث، اختلط وامتزج واستحال من هذا وهذا، فتبدلت حقيقة اللاهوت وحقيقة الناسوت حتى صار هذا الجوهر الثالث الذي ليس لاهوتًا محضًا ولا ناسوتًا محضًا كسائر ما يُعرف من الاتحاد، فإن كل اثنين اتحدا فصارا جوهرًا واحدًا، فلابد في ذلك من الاستحالة في اتحاد الماء واللبن والخمر، وسائر ما يختلط بالماء، بخلاف الماء والزيت، فإنهما جوهران كما كانا لكن الزيت لاصق الماء وطفا عليه لم يتحد به ... وبالجملة فجميع ما يعرفه الناس عن الاتحاد إذا صار الاثنان واحدًا وارتفعت الثنوية، فلابد من استحالة الاثنين (1)، وغير ذلك من المحاورات العقلية التى فند فيها شيخ الإِسلام هذه المقولة الباطلة.

ثانيًا: الأدلة التي يستدل بها النصارى على تأليه المسيح -عليه السلام-:

رصد شيخ الإِسلام، والعلامة رحمة الله الهندي، د/ سعد الدين صالح، د/ مريم زامل وغيرهم من العلماء -فترة البحث- أدلة القائلين بألوهية المسيح -عليه السلام- (2) منها ما يلي:

[أ- بعض الأدلة من العهد القديم]

1 - قول أشعياء: "لأنه يولد لنا ولد ونعطي ابنًا وتكون الرياسة على كتفه ويدعي اسمه عجيبًا مشيرًا إلهًا قديرًا أبديًا رئيس السلام" (3).

2 - وفيه أيضًا: "ها العذراء تحبل وتلد ابنًا وتدعو اسمه عمانويل" (4) ومعني كلمة عمانويل "الله معنا" أو إلهنا معنا (5).

3 - وفي ميخا وهو يخاطب بيت لحم: "يخرج الذي يكون متسلطًا على إسرائيل ومخارجه منذ القديم الأزل" (6)، وغير ذلك من النصوص التي وردت في العهد القديم وتقرر ألوهية المسيح -عليه السلام- كما يدعون-.


(1) الجواب الصحيح: 3/ 135، ولمزيد من التفصيل يراجع: 3/ 136 - 146،
(2) المرجع السابق: 2/ 123، وإظهار الحق: 2/ 353 - 355، ومشكلات العقيدة النصرانية: ص 96.
(3) الإصحاح: (9/ 6) ولد لنا ولد.
(4) أشعياء: (7/ 14) آية عمانوئيل.
(5) قاموس الكتاب المقدس: ص 639.
(6) الإصحاح: (5/ 2) الوعد بملك من بيت لحم.

[ب- بعض الأدلة من العهد الجديد]

1 - قول يوحنا: "الحق أقول لكم: قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن" (1).

2 - وقوله أيضًا: "والآن مجدني أنت أيها الأب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم" (2).

3 - وجاء أيضًا: "يسوع المسيح هو أمس واليوم وإلى الأبد" (3).

وغير ذلك من النصوص التى وردت في العهد الجديد وتقرر ألوهية المسيح -كما يدعون-.

ثانيًا: جهود علماء المسلمين -فترة البحث- في نقد أدلة القائلين بتأليه المسيح:

تنوعت الرؤى النقدية لعلمائنا الأجلاء -فترة البحث- حول دعوى تأليه المسيح -عليه السلام-فمنهم من نقدها نقدًا إجماليًا، ومنهم من فصل القول فيها محللًا تلك النصوص إلى استدل بها النصارى على دعواهم الباطلة- تحليلًا يتفق مع طبيعتها كنصوص مقدسة -في زعمهم-.

وكان اعتمادهم الأساسي في نقد هذه العقيدة الباطلة على الأدله العقلية والمحاورات المنطقية، وفيما يلي بيان لتلك الرؤى من خلال دراسة جهود العلماء حول تأليه المسيح -عليه السلام-:

1 - أجمع علماء المسلمين على رد النصوص إلى استدل بها النصارى على ألوهية المسيح -عليه السلام- لأنها نصوص محرفة، ولم يُعرف من كتبها بعد وبالتالى لا يصح الاستدلال بها، ولذلك عندما ناقش د/ سعد الدين صالح هذه الأدلة فندها على مرحلتين:

المرحلة الأولي: الرفض الكامل لهذه النصوص التى لا يقبلها عقل ولا منطق وذلك:

أ- لأنه يستحيل على نبي من الأنبياء أن يكذب على الله ويدعو الناس إلى عبادته بدلًا من عبادة الله الخالق.

ب- لورود معظم هذه الأدلة عن يوحنا تلميذ بولس الأفاك الذي حرَّف العقيدة النصرانية.

ج- لأنّ هناك نصوصًا أخرى تنص على أن سيدنا عيسى -عليه السلام- لم يدع الألوهية وإنما ادعى النبوة وحسب ..

منها: "لا تسبوا أباكم على الأرض فإن أباكم الذي في السماء وحده ولا تدعو معلمين فإن معلمكم المسيح وحده" (4). وفي هذا من التناقض ما فيه فكيف يقولون إنه إله في نصوص وأنه لا يعترف لله بالوحدانية في نصوص أخرى.


(1) الإصحاح: (8/ 57) يسوع وإبراهيم.
(2) يوحنا: (17/ 5، 24) صلاة يسوع.
(3) رسالة بولس إلى العبرانيين: (13/ 8) وصايا ختامية.
(4) انظر: متي: (23/ 9 - 10) التحذير من الكتبة والفريسيين.

[المرحلة الثانية]

التسليم الجدلي بصحة ما استدلوا به عن نصوص مجاراة للخصم ولكن هذه الأدلة لا تدل على أن سيدنا عيسي -عليه السلام- إله عند تفسيرها تفسيرًا يتناسب مع طبيعتها كوحى سماوي مقدس- كما يدعون- (1).

2 - التناقض والتعارض بين نصوص الأناجيل في هذه القضية: فإن كانت هناك أدلة يحتج بها النصارى على ألوهية المسيح -كما يدعون- فإن هناك نصوصًا أخرى من الأناجيل تثبت أن المسيح -عليه السلام- ما هو إلا بشر رسول أرسله الله -عزّ وجلّ- إلى بني إسرائيل ويعتريه ما يعترى البشر ويحتاج إلى ما يحتاج إليه البشر.

ولذلك يقول د/ عبد العظيم المطعنى، وهو يبين موقف الأناجيل من دعوى تأليه المسيح (2): لقد ورد في الأناجيل نصوص كثيرة تدل على أن عيسى إنسان في مواضع متعددة منها:

أ- "لماذا تفكرون بالشر في قلوبكم ... ولكن لتعلموا أن لابن الإنسان سلطانًا على الأرض أن يغفر الخطايا" (3).

ب- "جاء ابن الإنسان يأكل ويشرب فيقولون: هو ذا إنسان أكول شريب خمر" (4).

ج- "منذ الآن يكون ابن الإنسان جالسًا عن يمين قوة الله" (5).

د- "ولكنكم الآن تطلبون أن تقتلونى وأنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله" (6).

ويقول أيضًا: تعددت النصوص التي تصف المسيح -عليه السلام- بأنّه نبي مرسل من هذه النصوص ما يلي:

1 - "من يقبلكم يقبلني ومن يقبلني يقبل الذي أرسلنى من يقبل نبيًا باسم نبى فأجر نبي يأخذ" (7).

2 - "ومن قبلنى فليس يقبلنى أنا؛ بل الذي أرسلنى" (8).

3 - إن هذا هو بالحقيقة النبي الآتى إلى العالم" (9).


(1) انظر: مشكلات العقيدة النصرانية: ص 99 - 102.
(2) انظر: الإِسلام في مواجهة الاستشراق: د/ المطعني، ص 399.
(3) متى: (9/ 2 - 6) شفاء مشلول.
(4) متى: (11/ 16) يسوع ويوحنا المعمدان.
(5) لوقا: (22/ 69) استهزاء الحراس.
(6) يوحنا: (8/ 40) أبناء إبراهيم.
(7) متى: (10/ 40) إرسال الاثنى عشر.
(8) مرقس: (9/ 37) من هو الأعظم؟.
(9) يوحنا: (6/ 14) إشباع الخمسة آلاف رجل.

ثم وقف د/ المطعني مع هذه النصوص وقفة نقدية فاحصة قال فيها: إن المفاد الوحيد الذي تشير إليه النصوص المتقدمة ينحصر في هذين الوصفين:

1 - المسيح إنسان.

2 - المسيح نبي مرسل.

ولا نزاع في هذين الوصفين؛ بل هما المعتقد الصحيح في عيسى -عليه السلام- وهما يفيدان قطعًا أن المسيح ليس إلهًا، إذ لو كان إلهًا فلن يكون إنسانًا ولا ابن إنسان، ولو كان إلهًا فلن يكون نبيًا ولن يكون رسولًا وها هو يقول: "الذي أرسلنى" فمن هو الذي أرسله؟ "هو الله" وهل الله يرسل "الله" مثله ... ثم قرر في نهاية بيانه هذا: أن الأناجيل خلت من أي كلمة تُشير إلى أنه قال عن نفسه إنه إله (1).

وقد خصص أبو الفضل المالكي السعودى في كتابه بابًا في إثبات نبوته ورسالته بما أظهر من معجزاته، وقال إن اليهود والنصارى ارتكبوا في شأنه تناقضًا واضحًا وكانوا فيه على طرفي نقيض، فاليهود رموه بالكذب والسحر واستخدام الشياطين في تحقيق أغراضه، والنصارى لم يعترفوا به نبيًا؛ بل قالوا بألوهيته وبنوته لله وأنه خلق العالم وغير ذلك من مخالفات وأباطيل.

وقد سار الشيخ رحمه الله في إثبات نبوة سيدنا عيسى -عليه السلام- ورسالته وفي نقده لعقائد النصارى على ما يلي:

1 - الالتزام بالمنهج العلمي في الرد على النصارى ونقد عقائدهم وإبطال مزاعمهم.

2 - يغلب على نقده المنهج التحليلي للنصوص لبيان ما تهدف إليه في ضوء ما تحتمله ألفاظها دون مغالاة أو شطط.

3 - طرح الافتراضات الجدلية استدراجًا للخصم فيما يدعي ثم التدرج به إلى التسليم والاعتراف بالخطأ، وبالتالي إبطال ما يدعو إليه.

4 - يستدل على نقده للقضايا المختلفة بمعنى النص دون أن يذكر النص نفسه، وقد قام الأستاذ الدكتور / بكر زكي عوض بذكر هذه النصوص في الهامش مما يدلّ على تمكن فضيلته من معرفة ما تهدف إليه هذه المعاني من نصوص، فله جهد طيب في تحقيق هذا الكتاب.

هذا: وقد ساق الشيخ المسعودى جملة أدلة تؤكد نبوة سيدنا عيسى -عليه السلام- ورسالته منها: "من قبلكم وآواكم فقد قبلنى وآوانى ومن قبلنى فإنما يقبل من أرسلنى" (2).


(1) انظر: الإسلام: د/ المطعني، ص 403.
(2) انظر يوحنا: (10/ 40 - 42) إرسال الاثني عشر.

وقال حول هذا الدليل الذي ورد في يوحنا: فهذا يوحنا حبيب المسيح يشهد أن المسيح لم يدع سوى الرسالة وأن من يقبل منه فإنما يقبل من الله الذي أرسله ويذكر أن الله غيره وأن الرب سواه وأنه رسول من عند الله (1). بل إن الأناجيل تصرح يأن عيسي وهو يُقاد إلى خشبة الصلب كان يدعو ويقول: إلهى إلهى لماذا تركنني (2)، فكيف يكون إلهًا وله إله آخر؟ (3).

ومما يؤكد بشرية سيدنا عيسي -عليه السلام- أن الصورة التى رسمتها له الأناجيل ليست إلا صورة إنسان لا تتوفر فيه صفات الألوهية فالله عليم خبير لا يخفى عليه شىء والمسيح ليس كذلك (متي 24/ 36)، ومرقس (13/ 32) والله معبود وسميع الدعاء والمسيح عابد يدعو لله (متي 11/ 25) والله حي لا يموت والإنجيل ينص على أن المسيح ظل ميتًا ثلاثة أيام (متى 17/ 23) والله لا تدركه الأبصار والمسيح كانت تدركه الأبصار وظل محدودًا في رحم أمه فترة حملها به والله لا ينام والمسيح ينام (لوقا 8/ 23 - 24) والله قادر والمسيح غير قادر (يوحنا 5/ 30) وغير ذلك من الأوصاف وثبت من خلالها أن المسيح لم يدع الألوهية أو البنوة لله تعالى (4).

3 - رد التفسير الخاطئ للنصوص التى استدل بها النصارى وحملوها على حقيقتها والتزموا بالتطبيق الحرفى لها. فقام علماؤنا الأجلاء بتوجيه النظر إلى أن المقصود من هذه النصوص المعنى المجازى وليس المعنى الحقيقى لها، مع عرض هذه الدعوى وتلك المقولات الباطلة على العقل. فمثلًا يقول النصارى: إن "عيسى" إله ويروجون لهذه المقولة بأمرين لا ثالث لهما:

الأوّل: ولادته من أم من غير أب.

الثاني: قيامه بمعجزات لم تُعرف لغيره (5).


(1) المنتخب الجليل: ص 190.
(2) متى: (27/ 46) الموت.
(3) الإسلام في مواجهة الاستشراق: ص 403.
(4) انظر: تاريخ الإنجيل والكنيسة: أ/ أحمد إدريس، ص 36، 37 بتصرف يسير.
(5) انظر: الإسلام: د/ المطعنى، ص 376.

[مناقشة العلماء للأمر الأول: ولادة سيدنا عيسى -عليه السلام- من غير أب]

ينتقد العلامة رحمة الله الهندي قولهم بولادته من غير أب بقوله:

إن استدلال النصارى بولادة عيسى -عليه السلام- بلا أب هو استدلال ضعيف جدًا؛ لأنّ العالم حادث بأسره، وما مضى على حدوثه إلى هذا الزمان ستة آلاف سنة- على زعمهم- وكل مخلوق من السماء والأرض والجماد والنبات والحيوان وآدم خلق عندهم في أسبوع واحد، فجميع الحيوانات مخلوقة بلا أب وأم، فكل هذا يشارك المسيح في كونه مخلوقًا بلا أب، ويفوق عليه في كونه بلا أم ... آدم -عليه السلام- يفوق عليه وكذلك "ملكى صادق الكاهن" - ملك أورشليم- الذي هو معاصر لإبراهيم -عليه السلام- ففى الرسالة العبرانية: "بلا أب بلا أم بلا نسب لا بداءة أيام له ولا نهاية حياة" (1) فيفوق المسيح في كونه بلا أب وفي كونه لا بداية له (2).

وقد فند شيخ الإِسلام مقولة تأليه المسيح -عليه السلام- بسبب ولادته من غير أب بالأدلة العقلية والنقلية من وجوه كثيرة منها:

أن قول الله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (3).

كلام حق فإنه سبحانه وتعالى خلق هذا النوع البشرى على الأقسام الممكنة ليبين عموم قدرته فخلق آدم من غير ذكر ولا أنثى، ... وخلق المسيح من أنثى بلا ذكر وخلق سائر الخلق من ذكر وأنثى وكان خلق آدم وحواء أعجب من خلق المسيح ... ، فلهذا شبهه الله بخلق آدم، الذي هو أعجب من خلق المسيح، فإذا كان سبحانه قادرًا أن يخلقه من تراب، والتراب ليس من جنس بدن الإنسان، أفلا يقدر أن يخلقه من امرأة هى من جنس بدن الإنسان، وهو سبحانه خلق آدم من تراب ثم قال له كن فيكون لما نفخ فيه من روحه، فكذلك المسيح نفخ فيه من روحه وقال له كن فيكون، ولم يكن آدم بما نفخ فيه من روحه لاهوتًا ولا ناسوتًا؛ بل كله ناسوت فكذلك المسيح كله ناسوت (4).


(1) الرسالة إلى العبرانيين: (7/ 3).
(2) انظر: إظهار الحق: 2/ 357، 358، بتصرف بالحذف.
(3) سورة آل عمران الآية: (59).
(4) الجواب الصحيح: 2/ 340 - 341، بتصرف بالحذف، الجواب الفسيح: 1/ 232.

ويؤكد د/ المطعني، على ما ذهب إليه شيخ الإِسلام من تحليل عقلى منطقى في رده على تأليه النصارى لسيدنا عيسى -عليه السلام- فيقول ردًا على النصارى في استدلالهم:

أنتم متفقون معنا بأن آدم أبا البشر -عليه السلام - قد خلقه الله من "تراب" من غير أب ولا أم بيولوجيين فهو إذن أحق أن يكون إلهًا ... وتقرون معنا بأن حواء "أم البشر" خلقها الله من آدم، ولا أم لها باتفاق، هذا إذا اعتبرنا آدم جدلًا- أبًا لحواء-، مع رفض هذا الفهم عقيدة وواقعًا. حواء مخلوقة من ذكر بلا أنثى مع أن طبيعة "التولد" تكون من ذكر وأنثى، وأنتم حين تخلف عنصر "الذكورة" في خلق عيسى اعتبرتم ذلك "التخلق" دليل التأليه، فعليه يلزمكم حعسب مقاييسكم أن تمنحوا حواء درجة الألوهية، ولكنكم مع هذا لم تقولوا بألوهية آدم ولا بألوهية حواء وهذا دليل بُطلان قولكم وكل مولود من غير أب فهو إله وما دامت المقدمة باطلة عقلًا وواقعًا لزم على بُطلانها بُطلان النتيجة، فعيسى إذن غير إله (1).

مناقشة العلماء للأمر الثاني: وهو قيامه بمعجزات لم تُعرف لغيره:

هناك جهود قيمة في إبطال ما يدعيه النصارى من أن المسيح -عليه السلام- قام بمعجزات لم تُعرف لغيره، ويستدلون بها على ألوهيته، يبرز في مقدمة هذه الجهود ما قام به العلامة رحمة الله الهندي وتبعه في ذلك صاحب كتاب الجوهر الفريد وكذلك د/ المطعني. وبينوا أن عيسى -عليه السلام- لم يكن وحده الذي تحققت على يديه المعجزات؛ بل غيره من الرسل أيضًا أيدهم الله بمعجزات كثيرة.

فيقول العلامة رحمة الله الهندي: الاستدلال بمعجزاته على ألوهيته، استدلال ضعيف؛ لأنّ من أعظم معجزاته إحياء الموتى مع قطع النظر عن ثبوته وعن أنه يفهم عن هذا الإنجيل المتعارف تكذيبه وأن عيسى -عليه السلام- بحسب هذا الإنجيل ما أحيا إلى زمان الصلب إلا ثلاثة أشخاص، وأحيا حزقيال ألوفًا كما هو مصرح به في الإصحاح 37 من سفره، فهو أولى بأن يكون إلهًا، وأحيا إيلياء ميتًا كما هو مصرح به في الإصحاح 17 من سفر الملوك الأوّل وأحيا اليسع أيضًا ميتًا كما هو مصرح به في سفر الملوك الثاني ... وغير ذلك من معجزات أجراها الله على يد أنبيائه ورسله (2). واعتراف المسيح -عليه السلام- بعدم اقتداره على فعل الشىء من نفسه إلا ما علمه الله وأن كل شىء دُفع له من الله وأن الأعمال التى أعطاها الله إياها هى بعينها إلى عملها لتشهد له بأن الله أرسله (3).


(1) الإسلام: د/ المطعني ص 377، 378.
(2) انظر: إظهار الحق: 2/ 358، المنتخب الجليل: المسعودى، ص 201 - 205، الإسلام: د/ المطعني، ص 386.
(3) انظر: الجرهر الفريد، ص 92.

وقد رصد م / الطهطاوى، الأسباب التى أدت إلى ظهور هذه العقيدة ومتى ظهرت، والأدلة التى استند عليها النصارى ثم ناقشها مناقشة عقلية متبعًا في ذلك تحليل النصوص تحليلًا منطقيًا يتفق مع العقل والمنطق ورد دعواهم وأبطلها بالأدلة من الأناجيل المختلفة.

وبين أن هذه الأناجيل تحمل بين طيات نصوصها عوامل هدم ما تحمله من أفكار باطلة فيقول:

1 - إن ما ورد في الأناجيل من نصوص يدعون أنها تشير إلى ألوهية المسيح، لا يمكن أن يعتبر دليلًا على مثل هذا الأمر الخطير وهو اعتبار المسيح إلهًا، وبخاصة إذا اتضح أن هذه الأناجيل من صنع متى ويوحنا أو من صنع الأجيال المتعاقبة، ونسبت إليهم؛ لأنّ الصلة بين إنجيل عيسى المسيح -عليه السلام- وهذه الأناجيل مقطوعة، والصلة بين هذه الأناجيل والذين نُسبت إليهم تكاد تكون مقطوعة أيضًا (1).

2 - أن كلمة ابن الله أو قول "هذا ابنى الحبيب" لو صح هذا أو ذاك لما كان دليلًا قط على ألوهية المسيح، فإنه استعمال مجازى معناه التكريم والطاعة ونظيره إطلاق الأناجيل على العصاة أنهم أبناء الشيطان مع أنهم أبناء آدم والغرض من ذلك أنهم يطيعون الشيطان كطاعة الأبناء للآباء (2) وغير ذلك من الأدلة التى ساقها م / الطهطاوى وتبين خطأ استناد النصارى عليها في تأليه المسيح.

وأما عن إسهامات صاحب الفارق في إبطال ألوهية المسيح يقول: إن تعميد يوحنا المعمدان -ابن زكريا- للمسيح يناقض زعمهم بأنّه إله وحكاية مجىء المسيح إلى يوحنا المعمدان تقول: "حينئذ جاء يسوع من الجليل إلى الأردن إلى يوحنا ليعتمد منه ولكن يوحنا منعه قائلًا: أنا محتاج أن أعتمد منك، وأنت تأتي إليّ، فأجاب يسوع وقال له: "اسمح الآن لأنه هكذا يليق بنا أن نكمل كل بر" حينئذ سمح له فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء وإذا السموات قد انفتحت له فرأى روح الله نازلا مثل حمامة وآتيًا عليه، وصوت من السموات قائلًا: "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت" (3).


(1) النصرانية والإِسلام م / الطهطاوي ص40.
(2) المرجع السابق ص 41. ولمزيد من التفصيل تراجع ص 41 - 43.
(3) متى: (3/ 13) معمودية يسوع المسيح، انظر: (قاموس الكتاب المقدس، ص 1106).

ويعلق صاحب الفارق على هذا النص منتقدًا ما يشتمل عليه فيقول: (إن المسيح بشر مخلوق لله تعالى، وأنه قبل أن يأتى إلى يوحنا المعمدان لم يكن الوحي ينزل عليه، وأن أول ما نزل عليه الوحي بواسطة روح الله جبريل؛ لأنّ الله تعالى سماه بذلك كما تشهد به كتبهم وأول ما بلغه عن الله تعالى أنه هو الابن الحبيب الذي به كان سرور الله تعالى ولكن أبي هذا المترجم إلا أن يدلس في كل ما يكتبه حيث أسند الكلام إلى غير جبريل -عليه السلام- (1).

أما عن الرؤية النقدية للدكتور / السقا، حول عقيدة تأليه المسيح -عليه السلام- فإنه قد أَتبع فيها المنهج التحليلى للنصوص حيث قام برد التفسير الخاطئ الذي يفسره النصارى لنصوص الأناجيل، وفسرها تفسيرًا صحيحًا يتفق وطبيعة المسيح -عليه السلام- وأذكر هنا بعض النماذج توضح ما قام به من جهد في إبطال ألوهية المسيح. حيث يعرض مقولة النصارى ثم يعقب عليها بالرد وبيان بطلانها.

1 - مما يدلّ على أن المسيح في الأزل مع الأب قوله: "والآن مجدني أنت أيها الأب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم لأنك أحببتنى قبل إنشاء العالم" (2).

الرد: لو كان المسيح في الأزل مع الأب للزم عليه أن يكون هو إلهًا مستقلًا عن الإله الأب، وهذا لا يقول به الأرثوذكس الذين يقولون إن عيسى هو الله نفسه، وهذا التعبير كناية عن أن الله قدر وجود عيسى -عليه السلام- في الأزل كما يقدر وجود أي إنسان (3).

2 - مما يدلّ على أن المسيح كان في السماء ونزل إلى الأرض قوله لليهود: "أنتم من أسفل أما أنا فمن فوق، أنتم من هذا العالم أما أنا فلست عن هذا العالم" (4).

الرد: معني الكلام أنتم تعيشون في اللذات الجسدية، أما أنا فأعيش في عالم الروح، أنتم في عالم الأرض تريدون أن تعيشوا أما أنا ففى عالم السماء مقصودى وقد قا

ل المسيح هذا القول بالنسبة لجميع تلاميذه: "لو كنتم من العالم لكان العالم يحب خاصته ولكن أنكم لستم من العالم؛ بل أنا اخترتكم من العالم لذلك يبغضكم العالم" (5). لقد سوى بينه وبين تلاميذه في عدم الكون من هذا العالم؛ فلو كان هذا مستلزمًا للألوهية للزم أن يكونوا كلهم آلهة (6).


(1) الفارق بين المخلوق والخالق: ص 55.
(2) يوحنا: (17/ 5، 24).
(3) أقانيم النصارى: د/ أحمد حجازي السقا، ص 114 ط / دار الأنصار القاهرة / 1397 هـ / 1977 م.
(4) يوحنا: (8/ 23) أنا هو نور العالم.
(5) يوحنا: (15/ 19).
(6) أقانيم النصارى: ص 115.

3 - يقولون: إن عيسي إله؛ لأنه كان معصومًا من الخطأ بدليل قوله لليهود: "من منكم يبكتنى على خطية" (1).

الرد: لو كانت العصمة من الخطية سببًا في أن يكون الإنسان إلهًا لكان جميع الرهبان والراهبات عند النصارى آلهة؛ لأنهم يدعون عصمتهم من الخطأ ولكان جميع الباباوات خلفاء بطرس وبولس ومرقس آلهة؛ لأنهم يدعون عصمتهم من الخطايا أيضًا، وقد شهد الكتاب المقدس لبعض الأنبياء بالبر والصلاح فلماذا لم يجعلوهم آلهة؟ (2). وغير ذلك من الأدلة التى فسرها النصارى تفسيرًا خاطئًا، ورد عليهم د/ السقا، ونقدها وفسرها تفسيرًا صحيحًا يتفق مع العقل.

إضافة إلى ما سبق فإن أظهر شىء وقف عليه النقاد المسلمون - فترة البحث - أن المسيح - عليه السلام - لم يدع الألوهية ولكنه دعا إلى التوحيد وهذا يبطل مزاعمهم في حق المسيح -عليه السلام-. وأكد ذلك أ/ إبراهيم خليل أحمد، في كتابه فقال: "في إنجيل لوقا سأله رئيس قائلًا: أيها المعلم الصالح ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية فقال له يسوع: لماذا تدعونى صالحًا ليس أحد صالحًا إلا واحد هو الله" (3).

لقد حرص المسيح على أن ينفى عن نفسه صفة الصلاح ويردها إلى الله وحده فكيف يُقال بعد ذلك أن المسيح إله أو ابن إله؟ بل أكثر من هذا نجد في إنجيل مرقس "فجاء واحد من الكتبة وسمعهم يتحاورون فلما رأى أنه أجابهم حسنًا سأله: أية وصية هى أول الكل؟ فأجابه يسوع أن أول كل الوصايا هى اسمع يا إسرائيل: الرب إلهنا رب واحد" (4) فلم يدع المسيح أنه إله يُعبد لكن موقفه أمام الله كموقف كل بنى إسرائيل ولقد نادى المسيح -عليه السلام- بالتوحيد صراحة، فجاء في إنجيل يوحنا: "وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته" (5) وغير ذلك من الأدلة التي ساقها أ/ إبراهيم خليل، وتدل صراحة على عبودية المسيح لله رب العالمين ودعوته للتوحيد الخالص وأيده في ذلك جميع علمائنا الأجلاء في تناولهم لمناقشة ألوهية المسيح (6).


(1) يوحنا: (8/ 46) أبناء إبليس.
(2) أقانيم النصارى: ص 115.
(3) الإصحاح: (18/ 18 - 19) الشاب الغني.
(4) الإصحاح: (12/ 28 - 29) الوصية العظمي.
(5) الإصحاح: (17/ 3).
(6) يُراجع: مناظرة بين الإِسلام والنصرانية لمجموعة من علماء المسلمين والنصرانية، مقال أ/ إبراهيم خليل أحمد، ص 193، نظرة في كتب العهد الجديد وعقائد النصرانية د/ محمَّد توفيق صدق، ص 172، الفارق بين المخلوق والخالق، ص 122، والجواب الفسيح للألوسي، 1/ 196، الجوهر الفريد: ص 118.

[وخلاصة ما وقف عليه العلماء في إبطال ألوهية المسيح -عليه السلام- أوجزه فيما يلي]

1 - أن المسيح -عليه السلام- بشر مخلوق يجرى عليه ما يجرى على سائر البشر من الأكل والشرب والنوم والراحة والتعب وغير ذلك.

2 - أنه -عليه السلام- لم يدع الألوهية؛ بل اعترف بالعبودية لله تعالى ودعا إلى التوحيد الخالص لرب العالمين لا شريك له.

3 - بُطلان ما استدل به النصارى على هذه العقيدة من نصوص لم تصح نسبتها إلى المسيح -عليه السلام- بل لم تصح نسبتها إلى أصحابها الذين كتبوها بعد المسيح -كما يدعون-.

4 - ولادته -عليه السلام- من غير أب معجزة ولكنها لا تكون سببًا في تأليهه؛ لأنّ آدم -عليه السلام- ولد من غير أب ولا أم ومع ذلك لم يقولوا بألوهيته.

5 - اعتراف المسيح -عليه السلام- بأنّه لا يقدر أن يفعل شيئًا من تلقاء نفسه ولكن الله سبحانه هو الفاعل الحقيقى فهو يقول للشيء "كن فيكون".

6 - وقد نفى الله عَزَّ وَجَلَّ مزاعمهم وأبطلها، فأنطق الله عَزَّ وَجَلَّ سيدنا عيسى عليه السلام عندما افتروا على أمه مريم عليها السلام وتكلموا عليها، وقد صور القرآن الكريم ذلك فقال تعالى على لسان سيدنا عيسى: "قال إنى عبد الله أتاني الكتاب وجعلنى نبيًا" (1)، فهذا دليل العبودية الكاملة لله رب العالمين، وأنه نبي من أنبياء الله عَزَّ وَجَلَّ، ولقد أخبر الله سبحانه بكفر هؤلاء الذين يتخذون سيدنا عيسى عليه السلام إلهًا فقال تعالى: "لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم، وقال المسيح يا بنى إسرائيل اعبدوا الله ربى وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار" (2).


(1) سورة مريم، الآية: (30).
(2) سورة المائدة، الآية: (72).

  • الثلاثاء PM 05:23
    2022-05-17
  • 903
Powered by: GateGold