المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409116
يتصفح الموقع حاليا : 259

البحث

البحث

عرض المادة

الكذب والسرقة

د/ محمَّد سيد ندا، في كتابه "جنايات بني إسرائيل" يُعد الكذب من الخصال التي أصرت بدينهم وجنت على المجتمع وفي تعاملهم مع الآخرين أيضًا فهي تدفعهم إلى السرقة وغير ذلك من الأخلاق الرذيلة إذ أن: (الكذب رذيلة محضة تنبئ عن تغلغل الفساد في نفس صاحبها وعن سلوك ينشئ الشر إنشاءً ويندفع إلى الإثم من غير ضرورة مزعجة أو طبيعة قاهرة) (1).

وقد ذكر د/ محمَّد سيد ندا، نصوصًا كثيرة من الكتاب المقدس تدل على تأصل صفة الكذب في بني إسرائيل.

فجاء في سفر أشعياء: "إنهم شعب متمرد أولاد كذبة أولاد لم يشاؤا أن يسمعوا شريعة الرب الذين يقولون للرائين لا تروا وللناظرين لا تنظروا لنا مستقيمات كلمونا بالناعمات انظروا مخادعات" (2).

وفي أرمياء: "لا تتكلموا عليّ كلام الكذب قائلين هيكل الرب، هيكل الرب، هيكل الرب، ... ها إنكم تتكلمون علىّ كلام الكذب الذي لا ينفع" (3).

ثم يقول: ولقد بلغ بهم الأمر في الاتصاف بتلك الصفة الخسيسة إلى حدّ أن ظهر فيهم أنبياء كثيرون كذبة أو أن كتبة التوراة وصفوا كثيرًا من الأنبياء الصادقين بأنهم كذابون ليسيغوا لليهود الكذب كيفما أرادوا مادام أنبياؤهم كاذبين (4). وفيه -أي أرمياء -أيضًا: "حتى متي يوجد في قلب الأنبياء المتنبئين بالكذب بل هم أنبياء خداع قلبهم" (5).


(1) انظر: خلق المسلم: الشيخ محمَّد الغزالي، ص 39 ط دار الدعوة ط / 3 - 1411 هـ / 1990 م.
(2) الإصحاح: (30/ 9 - 10) ويل للأمة المتمردة.
(3) انظر: الإصحاح: (7/ 4 - 8) الديانة الباطلة لا تنفع.
(4) جنايات بني إسرائيل: ص220.
(5) أرمياء: (23/ 9 - 26) أنبياء كذبة.

وتأكيدًا لوجود هذه الخصال الذميمة- من كذب وسرقة وغيرها- في التوراة يقول أ/ عبد الله التل: (الكذب في توراة اليهود من الأمور الشائعة التي يصادفها القاريء في أغلب صفحات العهد القديم البالغة 1358 صفحة، ويأخذ الكذب في التوراة عند اليهود أشكالًا مختلفة، تصور كلها نفسية اليهود المريضة، وخيالهم السقيم وعقولهم السخيفة التي تؤمن بالخرافات والسحر والشعوذة وقد امتلأت التوراة بالوعود الكاذبة التي لفقها حاخامات اليهود وحشوا بها توراتهم مثل وعد الله لإبراهيم -عليه السلام- لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير، نهر الفرات" (1)) (2).

ولقد ذكر د/عابد الهاشمى، أن اليهود سوغوا لأنفسهم جواز امتلاك ما ليس لهم بدون وجه حق وبين في كتابه "فلسطين في الميزان" كثيرًا من العهود المفتراه على الأنبياء تبيح لهم تملك أرض فلسطين، وقد فند هذه العهود من خلال النصوص التوراتية، مؤكدًا أنه ليس لليهود حق في فلسطين وأكد نقده بوجهة النظر الإِسلامية مدعومًا بالأدلة القرآنية (3).

ومن المواضع التي تنص على أن الكذب يدفع بني إسرائيل إلى أن يفعلوا ما يشاءون تلك التي رصدها د/ عابد الهاشمي، عن الأوامر المفتراة على الرب بالسرقة والكذب فقال:

(فأخبر بنو إسرائيل المصريين أن عندهم عيدًا لثلاثة أيام في البرية، فاستعاروا بأمر الرب أمتعة ذهب وفضة وثيابًا، وسلبوا مقتنياتهم الذهبية والفضية في أكبر سرقة عالمية: "تكلم موسى في مسامع الشعب أن يطلب كل رجل من صاحبه وكل امرأة من صاحبتها أمتعة فضة وأمتعة ذهب وأعطي الرب نعمة للشعب في عيون المصريين" (4).

أما سرقة الثياب ففى نص آخر يقول:

"وفعل بنو إسرائيل بحسب قول موسى: طلبوا من المصريين أمتعة فضة وأمتعة ذهب وثيابًا وأعطى الرب نعمة للشعب في عيون المصريين حتى أعاروهم. فسلبوا المصريين" (5).


(1) تكوين: (15/ 18 - 20) عهد الله مع إبراهيم.
(2) انظر: جذور البلاء أ/ عبد الله التل ص 65 - 67.
(3) انظر: ص 135 - 153 من هذه الدراسة.
(4) خروج: (11/ 2، 3) وانظر: التربية في التوراة ص 127.
(5) خروج: (11/ 35 - 36) الخروج.

ويعلق د/ بدران، على هذه السرقة بقوله:

(إن واقعة السرقة ثابتة تاريخيًا، ولا يستطير كتبة التوراة إنكارها، برروها وبئس ما برروا، لقد ألصقوا التهمة في إله بني إسرائيل وقالوا إنه هو الذي أمرهم بذلك. أي إله هذا الذي يأمر من يتبعونه بسرقة شعب، وأي رسول هذا الذي تكون من مبادئه السرقة؟) (1).

ولذلك يؤكد أ/ عبد الله التل، وجود هذه الخصلة الذميمة في بني إسرائيل قائلًا: (أباحت التوراة الغش والسرقة والطمع ونسبت إلى الأنبياء تحليهم هذه الصفات القبيحة التي يستنكرها المجتمع الإنساني حتى الجماعات الهمجية البدائية التي لم تر نبيًا واحدًا منذ بدء الخليقة حتى يومنا هذا واستدل بنصوص كثيرة منها: قصة رفقة زوجة إسحاق وأم عيسو ويعقوب تحرض ابنها الأصغر يعقوب على سرقة بركة والده بالغش والبركة من حق الابن الأكبر عيسو (تكوين 27/ 5 - 17) وغير ذلك) (2).

وفي نهاية هذا الفصل فإن ما سبق يعتبر أمثلة قليلة من كثير ورد في العهد القديم ونماذج تؤكد أن اللا أخلاقية محور ارتكاز تدور عليه النصوص التوراتية .. أضف إلى ذلك ما ذكره أ/ عبد الله التل في كتابه جذور البلاء من لا أخلاقيات العهد القديم (3) منها ما يلى:

1 - الظلم والطغيان: وبين أن التوراة أول كتاب في العالم يبيح قتل الأبرياء وأخذ الأبناء بجريرة الآباء (4).

2 - الرق والعبودية: وتحت هذا العنوان ذكر نصوصًا تؤكد أن الشعب المختار في نظرة التوراة سيد وبقية الشعوب عبيد يخدمون السادة اليهود إلى الأبد (5).

3 - الغاية تبرر الوسيلة: يواصل أ/ عبد الله التل كشف جذور البلاء في العهد القديم فيقولى: أباحت التوراة أن يصل الإنسان إلى غايته بأية وسيلة حتى لو كانت تلك الوسيلة منافية للأخلاق كتقديم إبراهيم التوراتي ساراي امرأته لفرعون ليحصل له الخير بسببها (6).

[وخلاصة الجهود النقدية للعلماء في هذا الموضوع]

اهتم النقاد من علماء المسلمين، بدراسة السلوك الأخلاقي في العهد القديم، وقد ركزوا في نقدهم على إبراز الظواهر السلبية والانحرافات التي تحتوى عليها النصوص التوراتية، واستوعب نقدهم أغلب أسفار العهد القديم، وكان فارس هذا الميدان، د/ على خليل، في كتابه: التعاليم الدينية اليهودية، فقد استوفى فيه جميع الأسفار بالدراسة النقدية، موضحًا ما وقع فيها من خلل، في الأخلاق وعدوان في السلوك.

وبين أنه لا يخلو سفر من أسفار العهد القديم من سلوك لا أخلاقى ومن حادثة عدوان، يليه في الاستيعاب النقدي للجانب الأخلاقي، د/ محمَّد سيد ندا، فقد بين مدى ما تأثرت به المجتمعات من جنايات بني إسرائيل على الدين والمجتمع، وكذلك جهود الدكتور / عابد توفيق الهاشمي، ثم يأتي بعد ذلك باقي النقاد.


(1) التوراة: د/ بدران ص 61.
(2) جذور البلاء أ/ عبد الله التل ص 47 - 51.
(3) انظر: جدور البلاء أ/ عبد الله التل ص 44، 51، 56، 56، 60 باختصار.
(4) انظر: عدد: (14/ 18) تمرد الشعب.
(5) انظر: تكوين: (9/ 20 - 27)، (47/ 18 - 22) يوسف والمجاعة.
(6) انظر: تكوين: (12/ 10 - 16) إبراهيم في مصر.

 

  • الثلاثاء PM 05:19
    2022-05-17
  • 878
Powered by: GateGold