المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412539
يتصفح الموقع حاليا : 384

البحث

البحث

عرض المادة

الغدر والخيانة

عند دراسة السلوكية اليهودية من خلال مؤلفات علمائنا الأفاضل يستطيع الباحث أن يتعرف بسهولة على تلك المواضع التي تفوح منها رائحة الغدر والخيانة فى الكتاب المقدس. ولقد كان للدكتور/ على خليل جهد مشكور في رصد تلك المواطن والتعليق عليها من خلال الأسفار التوراتية ولذلك يقول:

(إن من يقرأ الأسفار التوراتية يخلص إلى نتيجة مفادها أن الغدر والخيانة والانحلال الخلقى كانت من الثوابت التي سار عليها أسلاف اليهود اليوم، وهذه الثوابت جوهرية في الفكر المديني اليهودي، فقد بُنيت اليهودية على مبدأ التوجس من الأغيار والاستعلاء والعدوان والعنصرية، وهذه النزعات لا بد وأن تطبع الروح اليهودية بصفات الغدر والخيانة والانحلال الخلقي، فاليهودي يحق له أن يسرق .. لكن ليس يهوديا مثله بل أي شخص من الأغيار وكذلك الأمر بالنسبة للزني والقتل والغدر والخيانة وغيرها) (1).

ثم ذكر أمثلة من الأسفار التوراتية تؤكد وجود الغدر والخيانة في نصوص الكتاب المقدس:

1. احتال أولاد يعقوب على أبيهم ليغدروا بأخيهم الصغير يوسف فأخذوه معهم إلى البرية وتآمروا عليه هناك وغدروا به ورموه في بئر ليموت فيها ويتخلصوا منه لأنه كان له حظوة عند أبيه (2) والنص يقول: "فلما أبصروه من بعيد قبلما اقترب إليهم احتالوا له ليميتوه. فقال بعضهم لبعض هو ذا صاحب الأحلام قادم. فالآن هلم نقتله ونطرحه في إحدى الآبار ونقول وحش رديء أكله" (3).

2. حادثة اغتيال أوريا الحثي: وفيها غدر داود بالقائد أوريا الحثي ليأخذ زوجته (4). وقد مر ذكر هذه القصة (5).


(1) التعاليم الدينية ص 23.
(2) المرجع السابق ص 23.
(3) تكوين: (37/ 18 - 21) يوسف يُباع من اخوته.
(4) انظر: صموئيل الثانى: (11/ 2 - 13) داود وبتشبع.
(5) انظر: ص 163 - 165 من هذة الدراسة.

3 - حادثة الغدر والخيانة التي قام بها "إهود بن جيرا" (1) عندما أرسله بني إسرائيل لملك موآب، فقد دبر خطة. بملك موآب وقتله" فعمل إهود لنفسه سيفًا ذا حدين طوله ذراع وتقلده تحت ثيابه على فخذه اليمني وقدم هدية "لعجلون" (2) ملك موآب ... ولما انتهي من تقديم الهدية صرف القوم حاملى الهدية ... أما هو قال للملك لي كلام سر إليك أيها الملك ... فدخل إليه وضربه في بطنه" (3).

4 - وفي سفري صموئيل الأوّل والثاني نقرأ مزيدًا من حوادث الغدر والخيانة والقتل ونفذها بنو إسرائيل فيما بينهم من جهة وبين سكان كنعان من جهة أخري (4). وغير ذلك من الأمثلة كثيرًا جدًا في الكتاب المقدس وذكرها د/ على خليل في كتابه.

ويقول د/ عابد الهاشمى في كتابه التربية في التوراة عن الغدر والخيانة: (إنه من الوصايا الرذيلة في الكتاب المقدس التي تبيح الغدر حين التعامل مع الآخرين، فتبيح التوراة المحرفة لبني إسرائيل أن يتستروا بالخداع والخيانة لينالوا من خصومهم ومن تعاليم التوراة لهم أنها تقول: يجوز لكم أن تتظاهروا بصفاء النية وحسن الجوار، ويجوز لكم أن تدينوا بدينهم وتقورون إليهم، وتضربون الأوتاد في أصداغهم حتى تنفذ إلى الأرض) (5).

وهكذا بهذا الحقد والوحشية يوصي إلههم افتراءً عليه أن يتعاملوا مع غيرهم من البشر، بتغيير دينهم ظاهرًا حتى يغدروا بخصومهم وينتقموا منهم، وفي سفر القضاة قصتين من الخداع انتهت إلى القتل بوحشية نادرة (6).

وكان للأستاذ / عبد الله التل، وقفة نقدية مع العهد القديم أثبت فيها بالأدلة أن ما حل بالعالم من ويلات وبلاء كامن في التطبيق العملي للخلق اليهودي وأن جميع عمليات الغدر والخيانة فيه لها تبرير وسبب في نظرهم، والحق أن هذا التبرير وتلك الأسباب حين توضع في الميزان التقويمي يتبين لأول نظرة ميلها عن الصواب وصدمها للفطرة الإنسانية فيقول:


(1) هو: إهود بن جيرا من سبط بنيامين عين قاضيًا لبني إسرائيل وكان إهود اعسرًا، وقد قتل عجلون ملك موآب الذي أدل بني إسرائيل وقاد شعبه إلى النصر على المؤآبيين (قاموس الكتاب القدس ص 128).
(2) هو: ملك موآب، احتل أريحا مدني 18 عامًا واستعبد بني إسرائيل متحالفًا مع العمونيين والعمالقة وفرض عليهم الضرائب، وخلص بني إسرائيل منه إهود بن جيرا الذي ضربه بالسيف وهو يقدم له الهدايا (قامرس الكتاب المقدس ص 608).
(3) انظر: قضاة: (3/ 15 - 25) إهود.
(4) التعاليم الدينية: ص 24.
(5) انظر قضاة: (4/ 18 - 22) , التربية في التوراة: ص 127.
(6) التربية في التوراة: د/ الهاشمي، ص 127.

(وما أكثر دروس الحقد والغدر والمكر التي تسردها التوراة ناسبة أغلبها إلى أنبياء اليهود، فقصة أبناء يعقوب مع شكيم الذي تزوج بأختهم تعتبر الدرس الأوّل من هذه الدروس اللا أخلاقية، وهم بعد أن مكروا وخدعوا آل شكيم وأقنعوهم بالاختتان لتتم المصاهرة، ويصبح الشعبان شعبًا واحدًا انقلبوا عليهم بعد تمام عملية الاختتان وأبادوهم (1) وغير ذلك من الحوادث التي تحض على الغدر والمكر والخيانة (2)، وكذلك حقد رب اليهود -في زعمهم- على الأمم الأخرى غير اليهودية (3)) (4).


(1) النظر: القصة كاملة في تكوين: (34/ 13 - 29) وقد سبق ذكرها في ص 247، 256من هذه الدراسة.
(2) كما في تكوين: (37/ 26 - 28)، صموئيل الثاني: (5/ 17 - 20).
(3) كما في أشعياء: (34/ 1 - 3).
(4) انظر: جذور النبلاء: أ/ عبد الله التل، ص 54 - 56 باختصار.

  • الثلاثاء PM 05:16
    2022-05-17
  • 944
Powered by: GateGold