المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413536
يتصفح الموقع حاليا : 224

البحث

البحث

عرض المادة

نقد موقف العهد القديم من الملائكة والجن والشياطين

أبرز النقاد من علماء المسلمين- فترة البحث- مدى التناقض والانحراف الذي وقع فيه العهد القديم في هذه العقيدة وغيرها.

والمعلوم الذي لا يقبل الشك أو الجدال لدى المسلمين أن الملائكة مخلوقات نورانية لا يأكلون ولا يشربون ولا يتناسلون ويتشكلون في أحسن صورة ويفعلون ما يأمرهم به الله فقال تعالى: {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (1) فقد خرج العهد القديم عن هذا التصور السليم للملائكة فوصفهم بما ينافى طبيعتهم وصورهم بما لا يليق في حقهم وقد نفي الله عزوجل ما ألصقه بهم من أمور مخالفة لطبيعتهم فقال تعالى: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ} (2).

هذا وقد تناول النقاد المسلمون- فترة البحث- نقد هذه العقيدة على سبيل الإجمال مستدلين بالنصوص التي تحمل تصورات خاطئة عن الملائكة وتنوعت تعليقاتهم ووقفاتهم مع هذه النصوص ومن الملاحظ على تلك الردود النقدية لما تحتويه النصوص من مخالفات أنها لم تتعرض لما ذكره العهد القديم من صفات حسنة للملائكة باستثناء أ/ سميرة عبد الله بناني فقد انفردت من بين النقاد بذلك الجهد المتميز فعرضت للتصور السليم عن الملائكة في العهد القديم ولم تغفله ثم عرضت الانحراف الذي حدث لهذا التصور وهذا يتضح التناقض وتظهر المخالفة.

ومن تلك النصوص التي أوردتها ويفهم منها إقرار اليهود للملائكة:

- "وإذا بملاك قد مسه وقال قم وكل" (3).

- "قد رأيت الرب جالسًا على كرسِيِّه وكل جند السماء وقوف لديه عن يمينه وعن يساره" (4).

- "باركوا الرب يا ملائكته المقتدرين قوةً، الفاعلين أمره عند سماع صوت كلامه" (5).

- "فكان عند صعود اللهيب عن المذبح نحو السماء، أن ملاك الرب صعد في لهيب المذبح" (6) وغير ذلك من الآيات التي تثبت اعتراف العهد القديم وإقراره بوجود الملائكة ثم عرضت بعد ذلك ما وقع فيه العهد القديم من انحراف في عقيدة اليهود في الملائكة ويمكن طرح ما ذهب إليه النقاد من رؤىً نقدية حول هذه القضية (الملائكة والجن) تحت النقاط التالية:

1.حاجة لملائكة للأكل والراحة.

2. نسبة الملائكة لله تعالى.

3. نسبة الشر إلى جبريل "أمين الوحي" عليه السلام.

4. القدرة على التشكل والظهور.

5. الجن والشياطين.


(1) سورة التحريم جزء من الآية: (6).
(2) سورة الزخرف الآية 19.
(3) الملوك الأول: (19/ 5) إيلياء يهرب إلى حوريب.
(4) الملوك الأول: (22/ 19) ميخا يتنبأ بمقتل آخاب.
(5) مزامير: (103/ 20).
(6) قضاة 13/ 20 مرلد شمشون.

[1 - الحاجة إلى الأكل والشرب والراحة]

تنوعت تعليقات النقاد من علماء المسلمين على وصف العهد القديم للملائكة بأنهم يأكلون ويشربون ويحتاجون إلى الراحة على النحو التالي:

يقول ل /أحمد عبد الوهاب:

(يدعي كتبة الأسفار أن الملائكة قد أكلت من طعام إبراهيم عليه السلام ويؤكد ما يقول بما ورد في سفر التكوين: "فرفع عينيه ونظر وإذا ثلاثة رجال واقفين لديه ... فلما نظر ركض لاستقبالهم ... وقال: ليؤخذ قليل ماء واغسلوا أرجلكم واتكئوا تحت الشجرة ... فآخذ كسرة خبز فتسندون قلوبكم ثم تجتازون ... هكذا نفعل كما تكلمت ... وإذا كان هو واقفا لديهم تحت الشجرة أكلوا" (1)) (2).

ويعلق د/ المطعني، على هذه الفرية وينتقد ما تقول التوراة طارحًا بعض الافتراضات الجدلية استدراجًا لهذا الزعم ليصل به إلى مؤدى نظرته النقدية وهو بطلان ما تدعيه التوراة في تصورها عن الملائكة فيقول:

(إذا وضعنا في الاعتبار وصف التوراة للملائكة بأنهم يأكلون ويشربون، فالتوراة كاذبة خادعة وإذا وضعنا في الاعتبار وصفها إياهم بأنهم لا يأكلون ولا يشربون فالتوراة صادقة ولكنه صدق غير خالص مادام النص القاضى بأكلهم وشربهم موجودًا فيها موصوفًا بأنه نص مقدس غير محرف ولا مزور وتبقى بعد ذلك كله معرة التناقض وهي معرة لا يحملها هذا النص وحده بل نصوص كثيرة غيره في التوراة) (3).

ثم يختم د/ المطعني كلامه عن هذه القضية مقررًا بطلانها وتردى التوراة إلى الهاوية السحيقة بإسنادها الأكل والشرب إلى الملائكة فهي كاذبة في هذا الإدعاء لأن الملائكة لا يأكلون ولا يشربون (4).

وأرجع ل /عبد الوهاب الكلام السابق (أكل الملائكة من طعام إبراهيم كما تدعى التوراة) إلى سببين رئيسيين هما:

أولًا: جموح خيال كتبة الأسفار عند حديثهم عن بدء الخليقة.

ثانيًا: اقتباسهم من الأساطير التي تقول بحدوث تزاوج وإنجاب نسل بين الملائكة - الذين دعوهم أبناء الله وبين الفتيات الجميلات من بنات حواء واستدل بما جاء في سفر التكوين: "وحدث لما ابتدأ الناس يكثرون على الأرض ولد لهم بنات أن أبناء الله رأوا بنات الناس أنهن حسنات، فاتخذوا لأنفسهم نساء من كل ما اختاروا، وبعد ذلك أيضًا إذ دخل بنو الله علي بنات الناس وولدن لهم أولادًا هؤلاء هم الجبابرة الذين منذ الدهر ذوو اسم (5) " (6).


(1) تكوين: (18/ 2 - 8) الزوار الثلاثة.
(2) الوحي والملائكة بين اليهودية والمسيحية والإِسلام م / أحمد عبد الوهاب ص 18.
(3) انظر: الإِسلام في مواجهة الاستشراق د/ المطعني ص195، 197.
(4) انظر: المرجع السابق ص 197.
(5) الإصحاح: (6/ 1 - 4) الطوفان.
(6) الوحي والملائكة ص 18.

[التناقض في هذه القضية "أكل الملائكة من طعام البشر"]

وقد وقع التناقض في التوراة بين هذه القصة وبين قصة أخرى وقد أبرز د/ المطعني هذا التناقض عندما ذكر قصة أخرى توضح أن الملائكة رفضت أن تأكل من جدي معزي "منوح" (1): فقال منوح لملاك الرب: دعنا نعوقك ونعمل لك جدي معزي؟ فقال ملاك لمنوح: ولو عوقتني لا آكل من خبزك" (2).

فيقول د/ المطعني:

(إن التوراة -هنا- تقول أن ملاك الرب رفض أن يأكل من جدي معزي منوح وهذا صدق على فرض أن هذه القضية وقعت فعلًا فإذا كانت الملائكة لا تأكل فماذا يصنع برواية سفر التكوين في ضيف إبراهيم من الملائكة- الذين أكلوا- على زعم الرواية- العجل والخبر والزبد واللبن (3) فمن أي الروايتين يستقى طالب الإيمان عقيدته في الملائكة من نصوص التوراة المقدسة؟، أهم يأكلون؟ أم هم لا يأكلون؟ أليس هذا تناقضًا في نصوص يدّعون قداستها؟! والنصوص المقدسة لا تعرف إلى التناقض سبيلًا، ولكن هذه هى طبيعة التوراة حق يضيع بين ركام الباطل) (4).

وبعد أن ذكرت الباحثة/ سميرة عبد الله نصًا يقول ذهب الملكان إلى لوط -عليه السلام- وأكلا عنده وكذلك يطلبان الراحة لولا تجمع القوم على منزل لوط يطالبون ضيفيه (5) علقت عليه قائله: يتضح من هذا النص تعب لملائكة وحاجتهم للاستراحة والاغتسال وجوعهم وأكلهم مع الإله فهل يتصور العقل السليم حاجة الإله إلى الأكل والشرب والاغتسال والراحة؟ فإن تصورته اليهود هنا هكذا كما تصورته في استراحة الرب سابقًا ... فلا عجب في أن يتصوروا حاجة الملائكة إلى ذلك أيضًا (6).

وعلى هذا:

فوجود التناقض في قضية ما كفيل ببطلانها وردها.


(1) هو: رجل من صرعة في نصيب دان وهو أبوشمشون ومن خلال قصة شمشون يظهر أن منوح كان رجلًا تقيًا (قاموس الكتاب المقدس ص (926).
(2) قضاة: (13/ 15 - 16) مولد شمشون.
(3) انظر: تكوين: (18/ 1 - 22).
(4) الإسلام في مواجهة الاستشراق ص 197.
(5) انظر: تكوين: (19/ 1 - 4).
(6) انظر: جهود الإمامين ص 203.

[2 - نسبة الملائكة لله تعالى]

وقبل أن تنتقد الباحثة/ سميرة عبد الله. نسبة الملائكة لله تعالى تقول: تنسب التوراة في سفر التكوين لله تعالى ذرية من الملائكة هبطت إلى الأرض وتزوجت من نساء الأرض وتناسل منهم الجبابرة والنص يقول: "وحدث لما ابتدأ الناس يكثرون على الأرض وولد لهم بنات إن أبناء الله أو بنات الناس أنهن حسنات، فاتخذوا لأنفسهم نساءً من كل ما اختاروا ... وبعد ذلك أيضًا إذ دخل بنو الله علي بنات الناس وولدن لهم أولادًا هؤلاء هم الجبابرة الذين منذ الدهر ذوو اسم (1)، فالملائكة هى التي تلقب بأبناء الله عند اليهود كما رأينا سابقًا، ويتردد هذا اللقب في مواضع كثيرة (2).

وفي نقدها تقول: (وهنا نلمس انحراف عقيدة اليهود في الملائكة فيما ينسبونه لهم من الذكوريه والزواج والتناسل وهذا أمر لا يعقل وليس ثمة دليل عليه من الوحي الذي هو المصدر الوحيد لمعرفة الغيب وأحوال الكائنات الغائبة عنا كالملائكة كما أن هذا الوصف يتعارض مع الهدف الذي خلق الله الملائكة لأجله رسلا وجنودا وسفرة له -عز وجل- إلى الإنس والجن) (3).

ويعلق ل/ أحمد عبد الوهاب على هذه الدعوى بقوله:

وقد زل قلم كتبة الأسفار حين جعلوا الملائكة أبناء الله فهذا سفر أيوب يحكي عن مجمع مقدس في حضرة رب السماء والأرض سبحانه - حضره الشيطان مع الملائكة - وجرت فيه كوميديا إلهية تقول بعض نصوصها (4): "كان ذات يوم أنه جاء بنو الله ليمثلوا أمام الرب، وجاء الشيطان أيضًا في وسطهم فقال الرب للشيطان من أين جئت ... فأجاب الشيطان الرب وقال من الجولان في الأرض ومن التمشى فيها" (5).

وإضافة إلى ما سبق ورغم وجود هذا التناقض في قصة إبراهيم -عليه السلام- ومنوح وما قيل عن إطعام الملائكة وتزاوجهم مع البشر واعتبارهم أبناء الله والخلط بينهم وبينه - سبحانه - إلا أنه قد ورد في التوراة نصوص تؤكد ظهور الملائكة في صورة بشر وإمكان رؤية الصالحين لهم (6).


(1) تكوين: (6/ 1 - 4).
(2) أيوب: (1: 6) وقابله بـ (2/ 1)، (38/ 7)، دانيال: (3/ 25)، مزامير: (29/ 1)، (89/ 6).
(3) جهود الإمامين: ص 206.
(4) الوحي والملائكة: ص 19.
(5) أيوب: (1/ 6 - 7) الامتحان الأول لأيوب، (2/ 1 - 2) الامتحان الثاني.
(6) الوحي والملائكة: ص 19، 20 بتصرف، كما في دانيال: (8/ 15 - 19)، (9/ 20 - 22)، خروج: (3/ 1 - 3) وأشعياء: (6/ 2 - 4).

[3 - نسبة الشر إلى أمين الوحي "جبريل -عليه السلام-]

وقد ذكر د/ بدران، افتراء العهد القديم على الملائكة وخاصة "أمين الوحى جبريل -عليه السلام- فقال النبى ميخا ما نصه: "قد رأيت الرب جالسًا على كرسيه ... وكل جند السماء وقوف لديه ... عن يمينه وعن يساره فقال الرب من يغوى "آخاب" (1) فيصعد ويسقط في "راموت جلعاد" (2) فقال هذا هكذا. وقال ذاك هكذا ثم خرج الروح ووقف أمام الرب وقال: أنا أغويه فقال الرب بماذا؟ فقال: "الروح الأمين" أخرج وأكون روح كذب في أفواه جميع أنبيائه فقال الرب: "إنك تغويه وتقدر ... فاخرج وافعل هكذا" (3).

ثم ينتقد د/ بدران هذا النص بقوله:

إنه تجديف (4) على الأنبياء وعلى الروح الأمين وتجديف على الله نفسه ولكن هل الروح الأمين وهو كبير الملائكة وزعيمهم يفعل الشر؟ أتفعل الملائكة الشر؟ فما فائدة إبليس وأعوانه إذن؟ (5).

وذكرت الباحثة/ سميرة عبد الله. ما يدل على وصف الملائكة بالفساد والشر في سفر المزامير: "أرسل عليهم حمو غضبه سخطًا ورجزًا وضيقًا جيش ملائكة أشرار (6) وتقول الملائكة ليست فيهم أشرار ولا عصاة فيقول تعالى: {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (7) (8).


(1) هو: ملك إسرائيل وهو ابن عمري الذي خلفه على العرش وقد بدأ حكمه حوالي عام 875 ق. م في السنة الثامنة والثلاثين من ملك آسا ملك يهوذا، وقد تزوج من إيزابل ابنة اثبعل ملك صيدون وكانت امرأة وثنية تعبد الإله بعل (قاموس الكتاب المقدس ص 30).
(2) هى: اسم عبري معناه "مرتفعات جلعاد" كانت هذه مدينة للأموريين ثم صارت للجاديين وهي من أشهر مدنهم وموقعها شرقي الأردن (قاموس الكتاب المقدس ص 393).
(3) ملوك الأول: (22/ 1 - 22) ميخا يتنبأ بمقتل آخاب.
(4) معناه: افتراء وكذب وشتيمة ونميمة ويقصد بها في الكتاب المقدس كلام غير لائق في شأن الله وصفاته (مزمو 74/ 10 - 18، قاموس الكتاب المقدس ص 253).
(5) انظر: التوراة د/ بدران ص 103، 104.
(6) مزامير: (78 - 49).
(7) سورة التحريم جزء عن الآية: (6).
(8) انظر: جهود الإمامين ص 209.

[4 - القدرة على التشكل والظهور]

قدم د/ عبد الوهاب المسيري. رؤية نقدية حول تطور مفهوم الملائكة في النص التوراتي وتَحوُل هذا المفهوم عبر تاريخ بني إسرائيل فيقول:

يظهر الملائكة في الأجزاء الأولى من العهد القديم على هيئة بشر وهم يضطلعون بوظائف عديدة من بينها حماية العبرانيين أثناء خروجهم من مصر وأثناء تحولهم إلى البرية ... كما أنهم يقومون بعقاب المذنبين مثلما فعلوا عند تحطم "سدوم (1) " وعموراه" (2) وهم يحيطون بالعرش الإلهي، ومنهم أيضًا الجوقة التي تسبح للإله ومن أحداث العهد القديم حادثة الصراع بين يعقوب والملاك الذي ظهر فيما بعد أنه الإله ... وغير ذلك من الحوادث التي ظهر فيها الملائكة وبعد العودة من السبي البابلى ترسخ مفهوم الملائكة في العقيدة اليهودية وأصبح للملائكة أسماء وطبقات وقد تزايد عددهم وتزايدت أسماؤهم في كتب الرؤى وظهرت فكرة رئيس الملائكة ... ومع هذا فقد استمرت بعض الفرق مثل "الصدوقيين" (3) في إنكار الملائكة وهو جزء من إنكارها لفكرة البعث والإله المتجاوز للطبيعة والتاريخ (4).

وظهور الملائكة على هيئة البشر أمر وارد في الإسلام كظهورهم لنبي الله إبراهيم عليه السلام على هيئة البشر بدليل قوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ (5)} (6).


(1) هى: إحدى مدن السهل الخمسة التى أحرقتها النار التى نزلت من السماء بسبب خطيئة أهلها (تكوين 19/ 24) ثم اختارها لوط عليه السلام مدينة للسكن بعد انفصاله عن إبراهيم لمعرفته بخصب أرضها وسهولة الري فيها (تكوين 13/ 10) (قاموس الكتاب المقدس ص 461).
(2) هي: بلدة في غور الأردن (تكوين 10/ 19، 13/ 10) تحالف ملكها مع ملك سدوم وبالع وأدمة وصبوييم ضد كدر لعومر ملك عيلام إلا أن ملك عيلام تغلب عليهم وقد دمرت عمورة (تكوين 14/ 9 - 11) ثم دمرت نهائيًا بنزول نار من السماء عليها لفساد سكانها (قاموس الكتاب المقدس ص 641).
(3) هم: طائفة مؤلفة من رؤساء الكهنة والارستقراطية الكهنوتية وقد كان صادوق رئيس كهنة من أيام داود وسليمان وفي عائلته حفظت رئاسة الكهنوت حتي عصر المكابيين فسمى حلفاؤه وأنصاره صدوقيين (قاموس الكتاب المقدس ص 539، 540).
(4) موسوعة اليهود واليهودية: (5/ 291).
(5) سورة هود الآية: (70).
(6) انظر: جهود الإمامين: ص 203، 204.

[5 - الجن والشياطين]

انفرد د/ المسيري، بتقديم رؤية نقدية توضح مفهوم الجن والشياطين في العهد القديم فيقول:

توجد في العهد القديم إشارات عديدة إلى كائنات خرافية قد تكون خيرة أو شريرة حسب الوظيفة إلى تقوم بها ومن هذه الكائنات الشياطين وأهمها ليل وعزازيل فأما ليل (ليليت) في التراث اليهودي الشعبي ... وهي شيطانه الليل والظلام ... وقد ذكرت في العهد القدم بشكل عابر في سفر أشعياء (34/ 14) باعتبارها إحدى الأرواح وأحد الوحوش المفترسة التي ستدمر الأرض في آخر الأيام أما "عزازيل" روح شريرة أو شيطان اسمه في العهد القديم في سفر اللاويين (16/ 8، 10، 26) وهو أحد قواد الملائكة الذين سقطوا من السماء ويعيش عزازئيل حسب الرؤية اليهودية القديمة في البرية بالقرب من أورشليم وله تقدم القرابين في يوم الغفران (1).

ومن خلال الرؤى النقدية المتنوعة لعلماء المسلمين حول عقيدة اليهود في الجن والملائكة يتضح التالي:

1 - تناقض التوراة فيما تذهب إليه من نسبتها الأكل والشرب في موضع ونفيها عنهم الأكل والشرب في موضع آخر.

2 - وصف الملائكة في العهد القديم بأنهم أبناء الله وحدوث التزاوج والتناسل بينهم وبين البشر أمر لا يقبله عقل وهو محض افتراء.

3 - العهد القديم يصف الملائكة بأنهم يفعلون الشر وهو كذب وتلفيق وإذا كان الأمر كذلك فما فائدة شياطين الانس والجن.

4 - تطور مفهوم الجن والملائكة في العهد القدم يعطي رؤية واضحة لما وقع فيه من التحريف والتبديل على مر العصور.

5 - الإيمان بالملائكة ركن أساسى من أركان الإيمان, وإنكار وجودهم خروج عن التصور الصحيح لقواعد الإيمان, وبالتالي فإن وصف كتبة العهد القديم لهم بأنهم بنات الله، خروج عن أصول الإيمان وكفر وضلال مبين، فقال تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} (2).


(1) انظر: موسوعة اليهود واليهودية (5/ 293).
(2) سورة النساء، الآية: (136).

  • الثلاثاء AM 10:58
    2022-05-17
  • 1128
Powered by: GateGold