المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409111
يتصفح الموقع حاليا : 364

البحث

البحث

عرض المادة

النبي دانيال يتنبأ بزمان الملكوت

وقد نقل الكتاب المقدس بعض نبوءات الأنبياء عن زمن ظهور هذا الملكوت، ومن ذلك أن بختنصر رأى رؤيا أفزعته ولم يعرف العرافون ولا المنجمون تعبيرها، ففسرها له النبي دانيال فقال: "أنت أيها الملك كنت تنظر وإذا بتمثال عظيم، هذا التمثال العظيم البهي جداً وقف قبالتك، ومنظره هائل، رأس هذا التمثال من ذهب جيد، وصدره وذراعاه من فضة، بطنه وفخذاه من نحاس، ساقاه من حديد، قدماه بعضها من حديد والبعض من خزف.

كنت تنظر إليه إلى أن قطع حجر بغير يدين، فضرب التمثال على قدميه اللتين من حديد وخزف فسحقهما، فانسحق حينئذ الحديد والخزف والنحاس والفضة والذهب معاً، وصارت كعصافة البيدر في الصيف، فحملتها الريح فلم يوجد لها مكان.

أنت أيها الملك ملك ملوك، لأن إله السماوات أعطاك مملكة واقتداراً وسلطاناً وفخراً، وحيثما يسكن بنو البشر ووحوش البر وطيور السماء ... فأنت هذا الرأس من ذهب.

وبعدك تقوم مملكة أخرى أصغر منك، ومملكة ثالثة أخرى من نحاس فتتسلط على كل الأرض، وتكون مملكة رابعة صلبة كالحديد، لأن الحديد يسحق كل شيء، وكالحديد الذي يكسر تسحق وتكسر كل هؤلاء، وبما رأيت القدمين والأصابع بعضها من خزف والبعض من حديد، فبعض المملكة يكون قوياً والبعض قصماً، وبما رأيت الحديد مختلطاً بخزف الطين فإنهم يختلطون بنسل الناس .....

وفي أيام هؤلاء الملوك يقيم إله السماوات مملكة لن تنقرض أبداً، ومَلِكها لا يُترك لشعب آخر، وتسحق وتفنى كل هذه الممالك، وهي تثبت إلى الأبد، لأنك رأيت أنه قد قطع حجر من جبل لا بيدين، فسحق الحديد والنحاس والخز ف والفضة والذهب. الله العظيم قد عرف الملك ما سيأتي بعد هذا. الحلم حق وتعبيره يقين " (دانيال 2/ 21 - 45).

يقول هودجكن في كتابه "المسيح في كل الكتب": وأما الحجر الذي قطع بغير يدين ويسحق التمثال العظيم فكناية عن مملكة "المسيا": أي المسيح المنتظر.

وفي التفسير التطبيقي: "وأما الحجر المقطوع من الجبل فيشير إلى ملكوت الله الذي يحكمه المسِيّا ملك الملوك إلى الأبد ". (1)

فالرؤيا كما يظهر هي عن الممالك التي ستقوم بين يدي بني الملكوت، فأولها مملكة بابل التي يرأسها بختنصر، والتي يرمز لها في الحلم بالرأس الذهبي.

ثم مملكة فارس التي قامت أقامها خسرو، وتسلط ملكها قورش على بابل سنة (539 ق. م)، ورمز لها في المنام بالصدر والذراعين من فضة.

ثم تلتها مملكة مقدونية والتي قضت على مملكة الفرس، وأسسها الاسكندر المقدوني (336 ق. م)، ويرمز لها في المنام بالبطن والفخذين من النحاس.

ثم تلتها امبراطورية الرومان والتي أسسها الأمبرطور بوفبيوس (63 ق. م)، ورمز لها في المنام بساقين من حديد وقدمين إحداهما من خزف وأخرى من حديد، ولعله أراد دولتي فارس والروم أو انقسام الأمبراطورية الرومانية. (2)

"وفي أيام هؤلاء الملوك يقيم إله السماوات مملكة لن تنقرض أبداً "، فقد جاء الحجر الذي رذله البناؤون وقد قطع بغير يدين، إذ جاء من السماء ليقضي على الفرس والروم، وأقام الملكوت الموعود في الدنيا قروناً طويلة، ولم ينقطع بأس هذه الأمة إلا في هذا القرن الأخير.

ولعل في هذه النبوءة ما يبشر بكون هذا الكسوف عرضاً زائلاً ما يلبث أن يزول، فتشرق شمس أمة الإسلام من جديد.

وقريباً من رؤيا بختنصر رأى دانيال رؤيا الحيوانات الأربع "قال: كنت أرى في رؤياي ليلاً، وإذا بأربع رياح السماء هجمت على البحر الكبير، وصعد من البحر أربعة حيوانات عظيمة هذا مخالف ذاك، الأول كالأسد ... وإذا بحيوان آخر ثان شبيه بالدب ... وإذا بآخر مثل النمر ... وإذا بحيوان رابع هائل وقوي وشديد جداً، وله أسنان من حديد كبيرة، أكل وسحق وداس الباقي برجليه، وكان مخالفاً لكل الحيوانات الذين قبله وله عشرة قرون ...

كنت أرى في رؤى الليل، وإذا مع سحب السماء مثل ابن إنسان أتى، وجاء إلى القديم الأيام، فقربوه قدامه، فأعطي سلطاناً ومجداً وملكوتاً، لتتعبّد له كل الشعوب والأمم والألسنة، سلطانه سلطان أبدي ما لن يزول، وملكوته ما لا ينقرض" (دانيال 7/ 3 - 18).

ويوافق النصارى على أن الممالك الأربعة هي البابلية ثم الفارسية ثم اليونانية ثم الرومانية، ويرون الملكوت متحققاً في ظهور دين المسيح وتأسيس الكنيسة في يوم الخمسين عندما نزل الروح القدس على التلاميذ المجتمعين في أورشليم.

لكن المملكة الروحية التي أسسها الحواريون لا يمكن أن تكون الملكوت الموعود، لأن دانيال يتحدث عن أربع ممالك حقيقية، سحق آخرَها ملكٌ حقيقي، لا روحي " وفي أيام هؤلاء الملوك يقيم إله السموات مملكة لن تنقرض أبداً، وملكها لا يترك لشعب آخر، وتسحق وتفني كل هذه الممالك" (دانيال 2/ 44).

وقال عن المملكة ونبيها: " لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة " (دانيال 7/ 14).

وقد فهم التلاميذ من المسيح أن هذه المملكة القادمة زمنية لا روحية، فسألوه وهم يظنون أنها تقوم على يديه، لذلك تساءلوا بعد حادثة الصلب: " هل في هذا الوقت ترد الملك إلى إسرائيل؟ " (أعمال 1/ 6)، وقد اجتهد المسيح في إفهامهم أن مملكته روحية، بينما المملكة القادمة مملكة حقيقية.

ثم إن مملكة التلاميذ لم تقهر الدولة الرومانية، بل إن الرومان قهروا المسيحية بعد حين، حين أدخلوا وثنياتهم فيها.

وكيف للنصارى أن يقولوا بقهر الرومان، وهم يزعمون أن المسيح مات على أعواد صليب روماني.

أما المسلمون فهم الذين قضوا على الدولة الرومانية، واقتلعوها من أرض فلسطين، ثم بقية بلاد الشام ومصر، ثم أضحت عاصمتها القسطنطينية عاصمة للإسلام دين الملكوت ..

 


(1) التفسير التطبيقي، ص (1684).
(2) انظر: إظهار الحق، رحمة الله الهندي (4/ 1166 - 1169)، البشارة بنبي الإسلام في التوراة والإنجيل، أحمد حجازي السقا (2/ 48 - 51).

 

  • الاثنين AM 10:19
    2022-05-16
  • 820
Powered by: GateGold