المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409004
يتصفح الموقع حاليا : 371

البحث

البحث

عرض المادة

إنكار المحققين لإلهامية كتبة العهد الجديد

ومما يردّ دعوى الإلهام ذهول بعض الإنجيليين عن ذكر أحداث هامة رغم اجتماعهم على ذكر أحداث لا قيمة لها.

ومن ذلك أن الإنجيليين أجمعوا على ذكر حادثة ركوب المسيح على الجحش وهو يدخل أورشليم، لكن الإنجيليين ذهلوا عن تسجيل أحداث مهمة، فلم يسجل أول معجزات المسيح - وهو معجزة تحويل الماء إلى خمر - على أهميتها إلا واحد منهم (انظر يوحنا 2/ 1 - 11)، فهل كان ركوب المسيح الجحش أهم من هذه المعجزة الباهرة؟!

وهل هو أيضاً أهم من معجزة إحياء لعاذر أمام الجموع الكثيرة التي آمنت به بعد ذلك، فقد ذهل عن تسجيله الإنجيليون فيما عدا يوحنا (انظر يوحنا 11/ 1 - 46).

ولن يكون ركوب المسيح الجحش وهو يدخل أورشليم - بحال من الأحوال - أهم من وصيته التي تضمنت دعوة الأمم إلى اتباع الشريعة وتعميدهم باسم الآب والابن والروح القدس، وهو عمدة النصارى في إثبات عقيدة التثليث، فقد انفرد بذكره متى العشار (انظر متى 28/ 19)، دون بقية الإنجيليين الذين لم يسجلوا هذا النص الفريد والمهم.

وصعود المسيح إلى السماء حدث بالغ الأهمية، ومع أهميته لم يذكره التلميذان متى ويوحنا اللذان يفترض أنهما شاهدا المسيح وهو يصعد للسماء، بينما ألهم لوقا ومرقس - الغائبان يومذاك - ذكر هذا الخبر!!

والحقيقة أن أحداً من الإنجيلين لم يلهم كتابة خبر الصعود، لأن خبر الصعود (انظر لوقا 24/ 51) قد أضيف فيما بعد بحسب الكثير من المحققين، وكما اعترفت بذلك لجنة تنقيح الكتاب المقدس التي أصدرت النسخة ( R. S. V) . (1)

وكذلك ذهل الكتاب الملهمون عن ذكر قدرة التلاميذ على مغفرة الذنوب، فيما عدا يوحنا (انظر يوحنا 20/ 23)، يوحنا الذي يستغرب منه أنه لم يذكر شيئاً عن العشاء الأخير على أهميته وشهوده له إبان حياة المسيح.

وكذلك لم يسجلوا زيارة المجوس للمسيح وسجودهم له، بينما سجلها متى (انظر متى 2/ 1 - 12)، وكان الوحيدَ الذي كتب عن سفر المسيح وأمه لمصر. (انظر متى 2/ 14)، وكل هذا مما ينقض دعوى الإلهام، إذ لا يليق بالملهِم أن يغفل عن إلهام التلاميذ هذه الأمور المهمة.

[إنكار المحققين لإلهامية كتبة العهد الجديد]

وهذه المواضع التي ذكرناها وغيرها دفعت بعض فرق النصارى وبعض مقدميهم وغيرهم من المحققين لإنكار إلهامية الأناجيل والرسائل.

ويقول مؤلفو الترجمة المسكونية: " جمع المبشرون، وحرروا، كل حسب وجهة نظره الخاصة ما أعطاهم إياه التراث الشفهي " فليس ثمة إلهام إذن.

ويقول لوثر مؤسس مذهب البرتستانت عن رسالة يعقوب: "إنها كلّاء .. هذه الرسالة وإن كانت ليعقوب .. إن الحواري ليس له أن يعين حكماً شرعياً من جانب نفسه، لأن هذا المنصب كان لعيسى عليه السلام فقط "، فقول لوثر هذا، يفهم منه عدم اعتباره ليعقوب الحواري ملهماً.

ويقول ريس في دائرة معارفه: " والكتب التي كتبها تلاميذ الحواريين - مثل إنجيل مرقس ولوقا وكتاب الأعمال - توقف ميكايلس في كونها إلهامية ".

ويتحدث حبيب سعيد عن تشابه رسائل بولس بالرسائل التي كان يكتبها اليونان حينذاك من حيث ديباجتها ةخاتمتها وصياغتها منبهاً إلى حقيقة هامة وصحيحة عن بولس: " لم يدر بخلده عند كتابتها - أو على الأصح عند إملائها - أنه يسطر ألفاظاً ستبقى ذخراً ثميناً تعتز به الأجيال القادمة .. وقد كتب رسائله بموحيات الساعة الناشئة عن حاجات عاجلة حاتمة" (2)، ويا للعجب، بولس لا يعلم بقدسية كلماته، بينما النصارى عنه يناضلون، وينسبون إليه ما لم ينسبه هو إلى نفسه.

وفي الفاتيكان شكل البابا جون لجنة لدراسة الإنجيل برئاسة العلامة الشاب هانز كونج، وبعد دراسة متأنية، قررت اللجنة: " أن الإنجيل كلام بشر، وأنه لا يوجد دليل على أن الإنجيل ينحدر مباشرة عن الله ". (3)

[إبطال دعوى النبوة لكتبة العهد الجديد]

بداية لا يسلم المسلمون بأن أحداً من الحواريين كان رسولاً، كما لم يصرح الإنجيليون فيما سوى بولس بذلك.

والمسلمون لا يؤمنون بالشهادات التي جعلت النصارى يقولون بنبوتهم، كما لا يؤمنون بغشيان روح القدس لهم بعد خمسين يوماً من صعود المسيح، ذاك الحدث الغريب الذي سجله لوقا، حين قال: " وامتلأ الجميع من الروح القدس، وابتدءوا يتكلمون بألسنة أخرى كما أعطاهم الروح أن ينطقوا " (أعمال 2/ 4).

كما لا يؤمن المسلمون بالمعجزات التي تنسبها إليهم تلك الأسفار، فكل هذه الأخبار لم ترد في دليل له اعتبار عندنا.

وننبه إلى أن بولس ولوقا ليسا من أولئك الذين تزعم النصارى حلول الروح القدس فيهم يوم الخمسين، إذ لم يكونا يومئذ من المؤمنين.

ثم عند تفحص هذه الكتب والرسائل نجدها ناطقة بأن هؤلاء التلاميذ لم يكونوا رسلاً بالمعنى الاصطلاحي للكلمة، إذ هم بشر كسائر البشر، لا يتميزون سوى برفقتهم للمسيح، وأنه طلبهم أن يبلغوا دعوته بعده.

وأما المنسوب إلى بطرس في رسالته الثانية " لأنه لم تأت نبوة قط بمشيئة إنسان، بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" (بطرس (2) 1/ 21)، وهو النص الذي يعتبره النصارى أصرح أدلتهم على إلهامية الكتبة ونبوتهم، فلا يصلح في الدلالة على إلهام الإنجيليين لأمور: أهمها أن هذه الرسالة لا تثبت نسبتها إلى بطرس ولا إلى أحد من أبناء الجيل المسيحي الأول، وسيمر معنا تفصيله.

وأيضاً لو سلمنا بصدق نسبة الرسالة إلى التلميذ بطرس، فإن بطرس قد مات قبل أن يدون مرقس (أول الإنجيليين تدويناً) - ثم بقية الإنجيليين - كتاباتهم، فليس هؤلاء مَن تحدث عنه بطرس، إذ لا يعقل أن يوثق بطرس كتابات لم تكن قد كتبت بعد.

كما أن بطرس لم ينص على أسماء الإنجيليين، ولا يُدرى مقصوده، فلعله كان يقصد بعض الكثيرين الذين كتبوا حينذاك، ثم اعتبرت الكنيسة كتاباتهم مزيفة.

 

 

 


(1) انظر: هل الكتاب المقدس كلام الله، أحمد ديدات، ص (26 - 29).

(2) سيرة بولس الرسول، حبيب سعيد، ص (121).
(3) انظر: مناظرتان في استكهولم، أحمد ديدات، ص (27).

  • الخميس AM 11:40
    2022-05-12
  • 632
Powered by: GateGold