المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412418
يتصفح الموقع حاليا : 352

البحث

البحث

عرض المادة

المزمور العشرون (نبوءة باستجابة الله وتخليصه للمسيح وسقوط أعدائه)

وفيه: " ليستجب لك الرب في يوم الضيق. ليرفعك اسم إله يعقوب، ليرسل لك عوناً من قدسه، ومن صهيون ليعضدك، ليذكر كل تقدماتك، وليستسمن محرقاتك، سلاه، ليعطك حسب قلبك، ويتمم كل رأيك، نترنم بخلاصك، وباسم إلهنا نرفع رايتنا، ليكمل الرب كل سؤلك.

الآن عرفت أن الرب مخلص مسيحه، يستجيبه من سماء قدسه، بجبروت خلاص يمينه، هؤلاء بالمركبات وهؤلاء بالخيل، أما نحن: فاسم الرب إلهنا نذكره.

هم جثوا وسقطوا، أما نحن فقمنا وانتصبنا، يارب خلص، ليستجيب لنا الملك في يوم دعائنا" (المزمور 20/ 1 - 9).

يقول هاني رزق في كتابه " يسوع المسيح في ناسوته ولاهوته ": " تنبأ داود النبي (1056 ق. م)، و (حبقوق النبي 726 ق. م)، بأن الرب هو المسيح المخلص، نبوءة داود النبي، مزمور 20/ 6 " الآن عرفت أن الرب مخلص مسيحه .... ".

وفي كتاب " دراسات في سفر المزامير" يؤكد فخري عطية هذا، ويقول عن الفقرة السادسة من هذا المزمور: " في هذا العدد تعبير يشير في الكتب النبوية إلى ربنا يسوع المسيح نفسه، تعبير يستخدمه الشعب الأرضي عن المخلص العتيد ". (1)

وتقول كنيسة السيدة العذراء بالفجالة في تفسيرها لسفر المزامير: "ويرى عدد من آباء اليهود أن هذا المزمور خاص بالمسيا، وهكذا رأى عدد من آباء الكنيسة (أثناسيوس وأغسطينيوس) أنه نبوءة عن آلام المسيح وانتصاره". (2)

وتخلص الكنيسة إلى القول: "خلاص المسيح كان بقيامته" أي من الموت، وهذا بالضبط ما قاله البابا أثناسيوس الذي يرى أن هذا المزمور نبوءة عن المسيح المصلوب. (3)

وهكذا فالسفر حديث ونبوءة عن المسيح، فهل تراه يتحدث عن المسيح المصلوب أو المسيح الناجي؟

القراءة المتأنية لهذا المزمور ترينا أن داود صاحب المزمور يدعو الله طالباً أن


(1) انظر: دراسات في سفر المزامير، ص (302)، ويسوع المسيح في ناسوته ولاهوته ص (89)، نقلاً عن "دعوة الحق بين المسيحية والإسلام".
(2) تفسير سفر المزامير، كنيسة السيدة العذراء بالفجالة، ص (91)، وانظر: كتاب المزامير، القمّص تادرس يعقوب ملطي، ص (333).
(3) تفسير سفر المزامير، كنيسة السيدة العذراء بالفجالة، ص (97)، وانظر: كتاب المزامير، القمّص تادرس يعقوب ملطي، ص (341).

يستجيب لوليه الضعيف، داود يدعو الله أن ينجي المسيح، وأن يرفعه للسماء لما صنع من بر وخير (تقدمات ومحرقات)، ويبتهل صاحب المزمور طالباً النجاة له "في يوم الضيق"، "في يوم دعائنا"، وليس من يوم مرّ على المسيح أضيق من ذلك اليوم الذي دعا فيه طويلاً، طالباً من الله أن يصرف عنه هذا الكأس " وإذ كان في جهاد؛ كان يصلي بأشد لجاجة، وصار عرقه كقطرات دم نازلة على الأرض " (لوقا 22/ 44).

ويطلب داود من الله إجابة دعاء المسكين وإعطاءه ملتمس شفتيه وسؤله وكل مراده " ليعطك حسب قلبك، ويتمم كل رأيك ... ليكمل الرب كل سؤلك".

وهذا العون والنجاء يطلبه له داود لما سبق وتقدم به المسيح من أعمال صالحة " ليذكر كل تقدماتك، وليستسمن محرقاتك".

وينص المزمور على اسم المسيح، وأن الله خلصه من الموت في فقرة ظاهرة لا تخفى حتى على أعمى، فقد عرف داود نتيجة دعائه " الآن عرفت أن الرب مخلص مسيحه، يستجيبه من سماء قدسه بجبروت خلاص "، فالمزمور يذكر المسيح بالاسم، ويتحدث عن خلاصه، أن الله رفعه، وأنه أرسل له ملائكة يحفظونه " ليرفعك اسم إله يعقوب، ليرسل لك عوناً من قدسه".

ويبتهج المزمور لهذه النهاية السعيدة "نترنم بخلاصك، وباسم إلهنا نرفع رايتنا".

ويربط القمّص تادرس يعقوب ملطي بين هذه الفقرة المتحدثة عن رفع الراية ونجاة المسيح، فرفع الراية عادة قديمة سادت في الشرق عند حدوث جريمة قتل ومطالبة أهل القتيل بالثأر، فإذا عفا هؤلاء عن القاتل؛ فإنه يخرج إلى الناس فرحًا لإعلان خبر نجاته وإعلان «هذا النبأ السار بخلاص من كان يُطلَب قتله؛ بحمل مَنْ تمتّع بالعفو راية فوق رأسه، ويصرخ داعيًا المدينة كلها كي تأتي وترى الإنسان الذي باسمه تمتع بالحرية وعُتِق من حكم الموت»، فرفع الراية كان علامة لنجاة من كان يظن أنه سيموت، وقوله: «وباسم إلهنا نرفع رايتنا» (1) إشارة إلى رفع راية المسيح؛ راية نجاته من القتل، وهو الذي كان يظن أن القتل قدره ونهايته.

ويتحدث المزمور أيضاً عن تلك اللحظة العظيمة، لحظة الخلاص التي نجا فيها المسيح " هم جثوا وسقطوا، أما نحن فقمنا وانتصبنا "، فهو يتحدث عن لحظة وقوع الجند كما في يوحنا " فلما قال لهم: إني أنا هو؛ رجعوا إلى الوراء، وسقطوا على الأرض " (يوحنا 18/ 6).

وهذه اللحظة العظيمة، لحظة الخلاص يسجلها أيضاً المزمور التاسع، فهي إحدى آيات الله وأعاجيبه في خلقه، "أحمد الرب بكل قلبي، أحدث بجميع عجائبك، افرح وابتهج بك، أرنم لاسمك أيها العلي، عند رجوع أعدائي إلى خلف يسقطون، ويهلكون من قدام وجهك، لأنك أقمت حقي ودعواي، جلست على الكرسي قاضياً عادلاً، انتهرت الأمم، أهلكت الشرير، محوت اسمهم إلى الدهر والأبد" (المزمور 9/ 1 - 5).

فالقاضي العادل أهلك الشرير، عندما رجع المبطلون إلى خلف وسقطوا، لتتحقق الأعجوبة وينجو العبد البار، فيحمد الله لأنه " رافعي من أبواب الموت" (المزمور 9/ 13)، لقد انتشله من فم الموت، ونجاه.

كما سجل المزمور السابع والعشرون هذه اللحظة العظيمة فقال: "عندما اقترب إليّ الأشرار ليأكلوا لحمي، مضايقي وأعدائي عثروا وسقطوا ... لأنه يخبئني في مظلته في يوم الشر، يسترني بستر خيمته" (المزمور 27/ 2 - 5).

فدلالة هذا المزمور على نجاة المسيح أوضح من الشمس في رابعة النهار.

 


(1) كتاب المزامير، القمّص تادرس يعقوب ملطي، ص (340).

  • الاربعاء AM 10:28
    2022-05-11
  • 1142
Powered by: GateGold