المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412456
يتصفح الموقع حاليا : 357

البحث

البحث

عرض المادة

دلالة معجزات المسيح على ألوهيته

وتذكر الأناجيل خمساً وثلاثين معجزة من معجزات المسيح - عليه السلام -، وتستدل بها على ألوهيته ومن هذه المعجزات ولادته من غير أب وإحياؤه للموتى وشفاؤه للمرضى وإخباره بالغيوب ...

[المعجزات هبة إلهية]

ذكر القرآن وأكد صدور المعجزات العظيمة عن المسيح - عليه السلام -، وأخبر أنه يصنعها بتأييد من الله، فقال: {أنّي قد جئتكم بآيةٍ من ربّكم أنّي أخلق لكم من الطّين كهيئة الطّير فأنفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله وأُبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله وأنبّئكم بما تأكلون وما تدّخرون في بيوتكم} (آل عمران: 49).

وهو ما أكدته النصوص الإنجيلية، ونقلته عن المسيح، فعندما أتى المسيح بما أتى به من المعجزات كان يؤكد أنها من الله عز وجل، ولم ينسبها إلى نفسه فقال: "أنا بروح الله أخرج الشياطين" (متى 12/ 28).

وقال: "كنت بإصبع الله أخرج الشياطين " (لوقا 11/ 20).

وعندما جاء لإحياء لعازر " رفع يسوع عينيه إلى فوق، وقال: أيها الآب أشكرك، لأنك سمعت لي، وأنا علمتُ أنك في كل حين تسمع لي، ولكن لأجل هذا الجمع الواقف قلت، ليؤمنوا أنك أرسلتني" (يوحنا 11/ 40 - 41)، لقد شكر الله أن قبِل منه تضرعه ودعاءه حين رفع عينيه إليه متوسلاً ضارعاً، فاستجاب الله له، وأحيا على يديه لعازر.

وأيضاً استلهم من الله القدير العونَ لما أراد إطعام الجمع من الأرغفة الخمس "رفع نظره نحو السماء، وبارك وكسر" (متى 14/ 19).

ولما جيء له بالأصم "رفع نظره نحو السماء وأنَّ، وقال: افثأ، أي انفتح، وفي الوقت انفتحت أذناه، وانحل رباط لسانه، وتكلم مستقيماً" (مرقس 7/ 34 - 35)، فأنينه تضرع واستغاثة بالله لم يخيبه الله فيهما.

وقال متحدثاً عن سائر معجزاته وأعاجيبه: "دُفع إليَّ (أي من الله) كل سلطان في السماء وعلى الأرض" (متى 28/ 18)، فكل ما يؤتاه هبة الله، ولو كان إلهاً لكانت معجزاته ذاتية تنبع من طبيعته الإلهية، ولا يحتاج إلى من يهبها له أو يمنعه إياها.

ويجدر بالذكر هنا أن مثل هذا السلطان دفع للشيطان من غير أن يقتضي ألوهيته، فقد قال للمسيح وهو يغويه بجميع ممالك الأرض: "لك أعطي هذا السلطان كله ومجدهنّ، لأنه إليّ قد دُفع، وأنا أعطيه لمن أريد" (لوقا 4/ 6).

وأكد المسيح - عليه السلام - أيضاً أنه لا حول له ولا قوة بغير تأييد الله له، فقال: "أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئاً" (يوحنا 5/ 30)، وأن هذه المعجزات عطية الله التي تدل على رسالته فحسب: "الأعمال التي أعطاني الآب لأكمّلها، هذه الأعمال بعينها التي أنا أعملها؛ هي تشهد لي أن الآب قد أرسلني" (يوحنا 5/ 36 - 37).

وأما الذين رأوا معجزات المسيح فقد عرفوا أنما يصنعه عليه السلام هو من المعجزات التي يعطيها الله لأنبيائه، ولم يفهم أحد منهم ألوهية صاحب هذه المعجزات، فعندما شفي الصبي من الروح النجس "بهت الجميع من عظمة الله" (لوقا 9/ 34).

ولما شفى المرأة المقوسة الظهر " استقامت (أي المرأة بظهرها) ومجدت الله" (لوقا 13/ 13).

ولما أقام المفلوج ورأت الجموع ذلك "تعجبوا ومجدوا الله الذي أعطى الناس سلطاناً مثل هذا" (متى 9/ 8)، فاعتبروا المسيح من الناس لا الآلهة، وأن سلطان الشفاء قد أوتيه من قبل الله الشافي.

وهو ما قاله عنه الأعمى الذي شفاه المسيح ورد له بصره "فقالوا له: كيف انفتحت عيناك؟ أجاب ذاك وقال: إنسان يقال له يسوع .. قالوا أيضاً للأعمى: ماذا تقول أنت عنه من حيث إنه فتح عينيك؟ فقال: إنه نبي" (يوحنا 9/ 10 - 17)، فهل المستدلون لألوهية المسيح برده بصر الأعمى أكثرة معرفة وغَيرة ومحبة للمسيح من ذلك الأعمى الذي شهد له بالنبوة والإنسانية فحسب؟!

وحين انتهر البحر والرياح وأطاعته؛ لم يفهم الراؤون لهذا ألوهيته رغم عظم هذه المعجزة، بل عجبوا لقدرة المسيح الإنسان، يقول متى: " فتعجب الناس قائلين: أي إنسان هذا؟ فإن الرياح والبحر جميعاً تطيعه" (متى 8/ 27).

ولما أرادت مرثا أخت لعازر منه أن يحيي أخيها أكدت معرفتها بأن هذه المعجزات هي من الله، وأنه يؤيد بها المسيح، فقالت له: " أعلم أن كل ما تطلب من الله يعطيك الله إياه" (يوحنا 11/ 22).

وهذا تلميذه بطرس كبير الحواريين يخاطب الجموع مؤكداً هذا المفهوم: "يسوع الناصري رجل قد تبرهن من قبل الله بقوات وعجائب صنعها الله بيده" (أعمال 2/ 22).

وأيضاً نيقوديموس معلم الناموس أدرك سر هذه المعجزات العظيمة التي يصنعها المسيح، وأنها من قِبل الله، وبسبب عونه وتأييده، فقال للمسيح - عليه السلام -: " يا معلّم، نعلم أنك قد أتيت من الله معلّماً، لأن ليس أحد يقدر أن يعمل هذه الآيات التي أنت تعمل؛ إن لم يكن الله معه" (يوحنا 3/ 2).

وتحكي الأناجيل ما يؤكد أن هذه المعجزات لم تكن إلا هبة من الله، وكان المسيح يحذر أن لا يؤتاها في بعض المواطن، لذلك لما تقدم إلى لعازر الميت خاف أن لا يتمكن من صنع معجزة "قال بعض منهم: ألم يقدر هذا الذي فتح عيني الأعمى أن يجعل هذا أيضاً لا يموت؟ فانزعج يسوع أيضاً في نفسه" (يوحنا 11/ 37 - 38).

وفي مرات أخر طلب منه الفريسيون آيات، فلم يقدر على صنعها، أو لم يصنعها "فتنهد بروحه، وقال: لماذا يطلب هذا الجيل آية؟ الحق أقول لكم: لن يعطى هذا الجيل آية، ثم تركهم ودخل السفينة ومضى" (مرقس 8/ 11 - 13).

ولما تكاثرت جموع اليهود عليه تطلب آية لم يجبهم إلى طلبهم، بل قال: "جيل شرير وفاسق يطلب آية، ولا تعطى له آية" (متى 12/ 38 - 39)، فلم يظهر لهم في ذلك الموطن معجزة.

ثم لو كان ما يصدر من المسيح من آيات تدل على ألوهيته فلِمَ يأمر بإخفائها، وهي السبيل الذي يدل الناس على حقيقته؟ فقد قال المسيح للأبرص لما شفاه "انظر، لا تقل لأحد شيئاً" (مرقس1/ 44). ولما شفى الأعميان قال: "انظرا، لا يعلم أحد" (متى 9/ 31).

وقال للأعمى الثالث لما شفاه: "لا تدخل القرية، ولا تقل لأحد في القرية" (مرقس 8/ 26).

وتكرر منه ذلك "فعلم يسوع وانصرف من هناك، وتبعته جموع كثيرة فشفاهم جميعاً، وأوصاهم أن لا يظهروه" (متى 12/ 15 - 16)، فالمسيح - عليه السلام - بإخفائه للمعجزات يريد أن لا ينشغل الناس بالمعجزات عن دعوته وجوهرها، ولو كانت دليل ألوهيته لوجب أن ينبههم إلى ذلك.

المعجزات لا تدل - حسب الكتاب المقدس- على النبوة فضلاً عن الألوهية

والعجب - كل العجب - أن يعتبر النصارى معجزات المسيح - عليه السلام - دالة على ألوهيته، والكتاب مصرح بقدرة غيره من البشر على صنع مثل هذه المعجزات العظيمة، من غير أن يكون ذلك دالاً على ألوهية هؤلاء.

فقد أثبت الكتاب هذه المعجزات وما هو أعظم منها لكل المؤمنين بالمسيح، فقال: "الحق أقول لكم: من يؤمن بي، فالأعمال التي أنا أعملها يعملها هو أيضاً، ويعمل أعظم منها" (يوحنا 14/ 12)، أي يستطيع المؤمنون شفاء المرضى بل ويستطيعون إحياء الموتى، بل ويقدرون صنع ما هو أعظم من ذلك، وعليه لا تصلح في الدلالة على الألوهية.

وفعل العجائب - حسب الكتاب المقدس - لا يصح في الدلالة على صدق أو حتى على صحة إيمان أصحابها، فضلاً عن النبوة أو الألوهية، فإن المسيح - عليه السلام - ذكر بأن كذبة سيفعلون المعجزات، ويزعمون أنهم يصنعونها باسم المسيح، فقد ذكر متى أن المسيح قال: "ليس كل من يقول لي: يا رب يا رب، يدخل ملكوت السماوات، بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السماوات، كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم: يا رب يا رب أليس باسمك تنبأنا، وباسمك أخرجنا شياطين، وباسمك صنعنا قوات كثيرة، فحينئذ أصرّح لهم: إني لم أعرفكم قط، اذهبوا عني يا فاعلي الإثم" (متى 7/ 21 - 23)، فهؤلاء المنافقون الكذبة قدروا على فعل المعجزات، ولم تدل على صلاحهم وإيمانهم، فضلاً عن نبوتهم وألوهيتهم.

وأيضاً إنسان الخطيئة يصنع الكثير من المعجزات والعجائب، من غير أن يعني ذلك صدقه أو ألوهيته، إذ يصنعها بعون الشيطان وقوته، يقول عنه بولس: "الذي مجيئه بعمل الشيطان، بكل قوة وبآيات وعجائب كاذبة" (تسالونيكي (2) 2/ 9).

 

 

  • الثلاثاء PM 12:12
    2022-05-10
  • 1080
Powered by: GateGold