المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412612
يتصفح الموقع حاليا : 266

البحث

البحث

عرض المادة

هل سمي المسيح (الرب) و (الإله)؟

بداية، لا يسلم المسلمون بصحة صدور كثير من تلك العبارات الصريحة في تسمية المسيح بالرب أو الإله، والتي يزعم العهد الجديد أنها صدرت من التلاميذ، فلقد كانت هذه المواضع محلاً للتحريف المقصود والمتعمد كما وقع في (يوحنا (1) 5/ 7 - 8)، كما قد يقع التحريف فيها بسبب سوء الترجمة وعدم دقتها، فكلمة "الرب" التي ترد كثيراً في التراجم العربية كلقب للمسيح هي في التراجم الأجنبية بمعنى: "السيد" أو "المعلم"، فالمقابل لها في الترجمة الإنجليزية هو كلمة: " lord"، ومعناها: السيد، وفي الترجمة الفرنسية: " Le Maître"، ومعناها: المعلم، وهكذا في سائر التراجم كالألمانية والإيطالية والأسبانية.

وما أتت به الترجمة العربية ليس بجديد، بل هو متفق مع طبيعة اللغة التي نطق بها المسيح ومعاصروه، فكلمة: "رب" عندهم تطلق على المعلم، وتفيد نوعاً من الاحترام والتقدير فحسب.

ففي إنجيل يوحنا أن تلاميذ المسيح كان يخاطبونه: "يا رب"، ومقصودهم: يا معلم، فها هي مريم المجدلية تلتفت إليه وتقول: "ربوني الذي تفسيره: يا معلم ... وأخبرت التلاميذ أنها رأت الرب" (يوحنا 20/ 16 - 17)، فغاية ما تعتقده فيه أنه نبي معلم، وذلك لم يمنعها من أن تسميه (ربوني) أو (الرب)، بمعنى السيد.

كما خاطبه اثنان من تلاميذه بقولهما: "رب الذي تفسيره: يا معلم" (يوحنا 1/ 38).

ولم يخطر ببال أحد من التلاميذ المعنى الاصطلاحي لكلمة (الرب) حين أطلقوها على المسيح، فقد كانوا يريدون: المعلم والسيد، ولذلك لم يستنكفوا عن تشبيهه بيوحنا المعمدان حين قالوا له: "يا رب علمنا أن نصلي كما علم يوحنا تلاميذه" (لوقا 11/ 1).

واستعمال لفظة (الرب) بمعنى: (السيد)، شائع في اللغة اليونانية التي كتبت بها أسفار العهد الجديد، يقول ستيفن نيل: "إن الكلمة اليونانية الأصلية التي معناها: (رب) يمكن استعمالها كصيغة للتأدب في المخاطبة، فسجَّان فلبي يخاطب بولس وسيلة بكلمة: " (سيدي) أو (ربي)، يقول سفر الأعمال: " أخرجهما وقال: يا سيدي ماذا ينبغي أن أفعل لكي أخلص؟ فقالا: آمن بالرب يسوع المسيح، فتخلص أنت وأهل بيتك" (أعمال 16/ 30) ... وكانت اللفظة لقباً من ألقاب الكرامة ... ".

ومما يؤكد صحة هذا التأويل أن بولس يصف المسيح بـ (الرب)، ولا يمنعه ذلك من جعله في مقام العبودية لله "كي يعطيكم إلهُ ربِنا يسوعَ المسيح، أبو المجد، روحَ الحكمةِ والإعلان في معرفته" (أفسس 1/ 17).

قول توما: "ربي وإلهي"

وأما قول توما للمسيح "ربي وإلهي" فهو لم يقع منه في مقام الخطاب للمسيح، بل لما رأى المسيح حياً، وقد كان يظنه ميتاً استغرب ذلك، فقال متعجباً: "ربي وإلهي! " (يوحنا 20/ 28)، بدليل علامة التعجب التي يضعها الطابعون بعد قول توما "ربي وإلهي! "، فهي تزين غالب الترجمات العربية والأجنبية للنص.

وقد يشكل على البعض في قوله: "أجاب توما وقال له: ربي وإلهي" (يوحنا 20/ 28)، فيرى أن هذه الصيغة لم ترد في باب الاستغراب، بل في باب الخطاب المباشر للمسيح بلقب الألوهية، بدليل قول يوحنا: "وقال له".

والحق أن لفظة (له) لم توردها معظم تراجم النص العربية، ولو فرضنا أصالتها فإنما تعني (قال لأجله أو لأجل ما رأى منه)، ولها مثيل في الكتاب في سفر صموئيل، حيث دعا النبي يوناثان الله من أجل داود، بينما يفهم من ظاهر السياق أن الحديث موجه إلى داود، وهو في الحقيقة دعاء لله من أجل داود، يقول سفر صموئيل: "وقال يوناثان لداود: يا ربُ إله إسرائيل، متى اختبرت أبي مثل الآن غداً أو بعد غد؛ فإن كان خير لداود ولم أُرسل حينئذ فأخبره" (صموئيل (1) 20/ 12)، فهو نداء لله، والسياق يقول: "وقال يوناثان لداود "، أي لأجله.

ومما يؤكد أن قول توما للمسيح: «ربي وإلهي» كان في سياق التعجب؛ لا نسبة المسيح إلى مقام الألوهية؛ أن المسيح أخبر في نفس السياق بأنه سيصعد إلى إلهه. (انظر يوحنا 20/ 17)، وعليه فمن العجب أن نقول بأن توما ينادي الإله (المسيح) الذي له إله آخر (سيصعد إليه)، فهذا الآخر إله الإله؛ إلا أن يكون معنى ألوهية المسيح عند توما معنى مجازي غير حقيقي.

ثم لو فهم المسيح من كلام توما أنه أراد ألوهيته على الحقيقة لما سكت عليه الصلاة والسلام عن مثل هذا الكفر والتجديف، فقد رفض عليه السلام أن يدعى صالحاً، لما ناداه بعض تلاميذه: "أيها المعلم الصالح ... فقال له: لماذا تدعوني صالحاً؟ ليس أحد صالحاً إلا واحد، وهو الله " (متى 19/ 17)، فمن رفض دعاءه بـ"المعلم الصالح" كيف نتصور أن يقبل دعاءه "ربي وإلهي" على سبيل الحقيقة!؟

قول داود: "قال الرب لربي"

وأما الاستدلال بقول داود في المزامير "قال الرب لربي: اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك" (المزمور 110/ 1)، فهو خروج بالنص عن معناه، لأن قول داود لا يراد به المسيح بحال من الأحوال، بل المراد منه المسيح المنتظر، الذي وعد به بنو إسرائيل، وهو نبينا - صلى الله عليه وسلم -.

وقد أخطأ بطرس - والنصارى من بعده - حين فهم أن النص يراد به المسيح، فقال: "لأن داود لم يصعد إلى السموات. وهو نفسه يقول: قال الرب لربي: اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك. فليعلم يقيناً جميع بيت إسرائيل أن الله جعل يسوع هذا الذي صلبتموه أنتم رباً ومسيحاً" (أعمال 2/ 34 - 37).

ودليل الخطأ في فهم بطرس وفهم النصارى من بعده، أن عيسى عليه السلام أنكر أن يكون هو المسيح الموعود على لسان داود، وبرهن لهم ذلك حين "سألهم يسوع قائلاً: ماذا تظنون في المسيح (أي من هو المسيح الذي تنتظره اليهود؟)، ابن من هو؟ قالوا له: ابن داود".

لقد كانت إجابتهم خاطئة، فالمسيح القادم ليس من ذرية داود، لذا رد عليهم المسيح، فـ "قال لهم: فكيف يدعوه داود بالروح رباً قائلاً: قال الرب لربي: اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك؟ فإن كان داود يدعوه رباً فكيف يكون ابنه؟ فلم يستطع أحد أن يجيبه بكلمة، ومن ذلك اليوم لم يجسر أحد أن يسأله بتة" (متى 22/ 41 - 46)، لم يستطيعوا جوابه لأن حجته مقنعة، فالأب لا يقول عن ابنه "ربي".

فالمسيح حسب إنجيلي متى ولوقا من ذرية داود عليه السلام، وعليه فليس هو المسيح المنتظر الذي ناداه داود: "ربي"، لأن الأب لا يقول ذلك لابنه "فإن كان داود يدعوه رباً فكيف يكون ابنه! ".

ولمزيد من الإيضاح ننقل حوار المسيح مع الفريسيين برواية مرقس، فقد سألهم المسيح: " كيف يقول الكتبة أن المسيح ابن داود؟ لأن داود نفسه قال بالروح القدس: قال الرب لربي: اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك. فداود نفسه يدعوه رباً، فمن أين هو ابنه؟! " (مرقس 12/ 35 - 36)، كان سؤالاً استنكارياً أعياهم أن يجدوا له جواباً.

والقصة ذكرها لوقا أيضاً في إنجيله، ليزيد يقيننا بصحة المعنى الذي انتهينا إليه: "وقال لهم: كيف يقولون أن المسيح ابن داود، وداود نفسه يقول في كتاب المزامير: قال الرب لربي: اجلس عن يميني، حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك؟ فإذا داود يدعوه رباً، فكيف يكون ابنه؟! " (لوقا 20/ 40 - 44)، فالمسيح (المنتظر) المبشر به الذي يناديه داود: "ربي" ليس عيسى عليه السلام، الذي لا يختلف النصارى في أنه كان من ذرية داود كما جاء في نسَبيه في متى ولوقا.

وبعد هذا البيان من المسيح عليه السلام، نسأل الدكتور القس إبراهيم سعيد: هل ما زال مصراً على اتهامنا بالجهل والمكابرة لأننا لا نرى النص نبوءةً عن المسيح - عليه السلام -.

البشارة بـ (عمانوئيل)

وأما ما جاء في إشعيا من التنبؤ بقدوم (عمانوئيل)، فهو نص لا علاقة له بالمسيح، الذي لم يتسم بهذا الاسم أبداً، ولم ينادَ به إطلاقاً.

ولو عدنا إلى القصة في سفر إشعيا لوجدنا أنها تتحدث عن قصة حصلت قبل المسيح بسبعة قرون، حين تآمر راصين ملك أدوم مع فقح بن رمليا ملك مملكة إسرائيل الشمالية على آحاز ملك مملكة يهوذا الجنوبية، فأعلمه الله بانتصاره على أعدائه وزوال الشر عن مملكة يهوذا، وجعل له علامة على ذلك، ميلاد الطفل (عمانوئيل) ليكون ذلك إيذاناً بخراب مملكتي راصين وفقح على يد الآشوريين، وموت الملكين المتآمرين على آحاز، يقول إشعيا: " ثم عاد الرب فكلم آحاز قائلاً: .. ولكن يعطيكم السيد نفسه آية. ها العذراء تحبل وتلد ابناً، وتدعو اسمه عمانوئيل. زبداً وعسلاً يأكل.

متى عرف أن يرفض الشر ويختار الخير، لأنه قبل أن يعرف الصبي أن يرفض الشر ويختار الخير، تخلى الأرض التي أنت خاش من ملِكَيها [راصين وفقح]، يجلب الرب عليك وعلى شعبك وعلى بيت أبيك أياماً لم تأتِ منذ يوم اعتزال أفرايم عن يهوذا أي ملك أشور.

ويكون في ذلك اليوم أن الرب يصفر للذباب الذي في أقصى ترع مصر وللنحل الذي في أرض أشور ... وقال لي الرب: خذ لنفسك لوحاً كبيراً، واكتب عليه بقلم إنسان: لمهير شلال حاش بز ... فحبلت وولدت ابناً، فقال لي الرب: ادعو اسمه: مهير شلال حاش بز، لأنه قبل أن يعرف الصبي أن يدعو: يا أبي ويا أمي تحمل ثروة دمشق وغنيمة السامرة قدام ملك أشور" (إشعياء 7/ 10 - 8/ 4)، فالنص يتعلق بأحداث حصلت قبل المسيح بسبعة قرون، وذلك إبان الغزو الآشوري لفلسطين، وقد ولد هذا الغلام، وسماه أبوه (مهير شلال حاش بز)، تيمناً بانتصار الملِك آحاز، فاسمه يعني: (مُسرع إلى السلب مقدِم إلى النهب)، لأن الله معه (1).

وقد تحققت هذه النبوءة، وتحقق النصر للملك آحاز بمجيء الملك الآشوري وتسلطه على الملِكين الغازيين المتآمرين على مملكة يهوذا" ثم عاد الرب يكلمني أيضاً قائلاً: .. هوذا السيد يصعد عليهم مياه النهر القوية والكثيرة ملك أشور وكل مجده، فيصعد فوق جميع مجاريه، ويجري فوق جميع شطوطه، ويندفق إلى يهوذا، يفيض ويعبر، يبلغ العنق، ويكون بسط جناحيه ملء عرض بلادك يا عمانوئيل، هيجوا أيها الشعوب،


(1) انظر: اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر، المطران كيرلس سليم بسترس (4/ 25 - 26).

وانكسروا، واصغي يا جميع أقاصي الأرض، احتزموا وانكسروا، احتزموا وانكسروا، تشاوروا مشورة فتبطل، تكلموا كلمة فلا تقوم، لأن الله معنا" (إشعيا 8/ 5 - 10).

يقول محققو قاموس الكتاب المقدس عن الملك آحاز: " وقد تحالف رصين ملك آرام وفقح بن رمليا ملك إسرائيل ضد آحاز وحاصراه في أورشليم (2ملوك 16: 5، اش 7: 1) فأرسل الرب إليه النبي أشعيا قبل وصول القوات الغازية، ليحثه على وجوب الاتكال على الرب وعدم دعوة قوات أجنبية لمعونته، ولكنه لم يؤمن بقول الرب، ورفض أن يطلب آية علامة منه. عندئذ نطق النبي بنبوته المشهورة الخاصة بميلاد عمانوئيل (اش 7: 1 - 16) " (1).

ويجدر بالذكر أن النص الذي ذكره لوقا استخدم فيه ترجمة محرفة من سفر إشعيا، إذ لا ذكر لـ (العذراء) في الأصول العبرانية ولا في التراجم القديمة للتوراة مثل ترجمة أيكوئلا، وترجمة تهيودوشن، وترجمة سميكس التي تعود إلى القرن الميلادي الثاني، فالأصول العبرانية تتحدث عن (عَلماه)، التي تعني: الصبية أو الشابة، وليس فيها أي ذكر للفظة العذراء (بتولّا)، التي ابتدعها مترجمو الترجمة السبعينية، ونقلها عنهم الإنجيليون لموافقتها لهواهم (2).

وفي النسخة المنقحة ( R.S.V) الصادرة عام 1952م استبدلت كلمة (العذراء) في إشعيا بكلمة (الصبية)، ولكن هذا التنقيح لا يسري سوى على الترجمة الإنجليزية (3).

الإله الابن صاحب الرئاسة

وبخصوص نبوءة النبي إشعيا " يولد لنا ولد، ونعطى ابناً، وتكون الرياسة على كتفه، ويدعى اسمه عجيباً مشيراً إلهاً قديراً أباً أبدياً رئيس السلام، لنمو رياسته وللسلام، لا نهاية على كرسي داود وعلى مملكته، ليثبتها ويعضدها بالحق والبر من الآن إلى الأبد" (إشعيا 9/ 6)، فإن أياً من هذه الأسماء لم يتسم به المسيح - عليه السلام -، فأين سمي عجيباً أو مشيراً أو قديراً أو أباً أو رئيس السلام، فليس في الكتاب المقدس نص يذكر أنه سمي بأي من هذه الأسماء.

فإن قالوا: المراد أن هذه صفات هذا الابن الموعود، فهي أيضاً لا تنطبق على المسيح بحال، فهي تتحدث عن نبي غالب منتصر يملك على قومه، ويكون وارثاً لملك


(1) انظر قاموس الكتاب المقدس، ص (2).
(2) انظر المدخل إلى العهد القديم، القس الدكتور صموئيل يوسف (ص 260).
(3) تاريخ الفكر المسيحي، الدكتور القس حنا جرجس الخضري (1/ 175). وانظر: هل الكتاب المقدس كلمة الله؟ أحمد ديدات، ص (24 - 25).

داود، وكل هذا ممتنع في حق المسيح، ممتنع بدليل الواقع والنصوص.

فالمسيح - عليه السلام - لم يملك على قومه يوماً واحداً، بل كان فاراً من بني إسرائيل، خائفاً من بطشهم، كما هرب من قومه حين أرادوه أن يملك عليهم. "وأما يسوع فإذ علم أنهم مزمعون أن يأتوا ويختطفوه ليجعلوه ملكاً، انصرف أيضاً إلى الجبل وحده" (يوحنا 6/ 15).

لقد هرب منهم، وذلك لأن مملكته ليست دنيوية زمانية، ليست على كرسي داود، بل هي مملكة روحية في الآخرة "أجاب يسوع: مملكتي ليست من هذا العالم، لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدامي يجاهدون لكي لا أسلّم إلى اليهود، ولكن الآن ليست مملكتي من هنا" (يوحنا 18/ 36).

كما أن إشعيا يتحدث عن رئيس السلام، وهو لا ينطبق بحال على الذي نسبت إليه الأناجيل أنه قال: " لا تظنوا أني جئت لألقي سلاماً على الأرض، ما جئت لألقي سلاماً، بل سيفاً، فإني جئت لأفرق الإنسان ضد أبيه، والابنة ضد أمها، والكنّة ضد حماتها، وأعداء الإنسان أهل بيته " (متى 10/ 34 - 36)، فهل يسمى المسيح الإنجيلي بعد ذلك رئيس السلام؟

ثم إن النبي إشعيا يتحدث عن شخص قدير "ويدعى اسمه عجيباً مشيراً إلهاً قديراً "، وليس عن بشر محدود لا يقدر أن يصنع من نفسه شيئاً كما قال عن نفسه: " أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئاً، كما أسمع أدين" (يوحنا 5/ 30)، وفي نص آخر يقول لليهود: "الحق الحق أقول لكم: لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئاً إلا ما ينظر الآب يعمل، لأن مهما عمل ذاك، فهذا يعمله الابن كذلك" (يوحنا 5/ 19) (1).


(1) ولفهم معنى قول المسيح بأنه يعمل كأبيه نقول بأن هذا جاء في سياق الرد على اليهود الذين عيروه بأنه كسر الوصية بالسبت حين عمل فيه بعض الأعمال الخيرة، فرد عليهم بأنه "كما أن أباه يحفظ العالم ويتسلط عليه يوم السبت، كما في باقي الأيام؛ هكذا هو يشتغل بدون انقطاع لخلاص البشر وخيرهم الزمني والأبدي" اتفاق البشيرين، القس سمعان كلهون، ص (161).

ثم إن الكتاب المقدس يمنع أن يكون المسيح ملكاً على بني إسرائيل، فقد حرم الله الملك على ذرية الملك الفاسق يهوياقيم بن يوشيا أحد أجداد المسيح، فقد ملك على مملكة يهوذا، فأفسد، فقال الله فيه: "هكذا قال الرب عن يهوياقيم ملك يهوذا: لا يكون له جالس على كرسي داود، وتكون جثته مطروحة للحر نهاراً وللبرد ليلاً، وأعاقبه ونسله وعبيده على إثمهم " (إرميا 36/ 30 - 31).

والمسيح - حسب الأناجيل - من ذرية هذا الملك الفاسق، يقول متى في سياق نسب المسيح: " وآمون ولد يوشيا، ويوشيا ولد يكنيا وإخوته عند سبي بابل " (متى 1/ 10 - 11)، وقد أسقط متعمداً اسم يهوياقيم، فذكر أباه يوشيا، وابنه يكينيا.

وبيان ذلك في سفر الأيام الأول "بنو يوشيا: البكر: يوحانان، الثاني: يهوياقيم، الثالث: صدقيا، الرابع: شلّوم. وابنا يهوياقيم: يكنيا ابنه، وصدقيا ابنه" (الأيام (1) 3/ 14 - 15)، فيهوياقيم أحد أجداد المسيح، وهذا يمنع تحقق نبوءة إشعيا في المسيح، فالملِك القادم لن يكون من ذرية المحروم يهوياقيم.

 

  • الثلاثاء AM 11:16
    2022-05-10
  • 1014
Powered by: GateGold