المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409076
يتصفح الموقع حاليا : 374

البحث

البحث

عرض المادة

جيكـوب نيوزنر (1932- )

جيكـوب نيوزنر (1932-)

Jcob Neusner
عالم ومؤرخ أمريكي يهودي تلقَّي تعليمه في كلية اللاهوت اليهودية (المحافظة)، ودرس في جامعة كولومبيا وجامعة براون. من أهم مؤلفاته كتاب تاريخ اليهود في بابل (خمسة أجزاء، 1965 ـ 1970) والتقاليد الحاخامية عند الفريسيين (1971)، واليهودية في عصر علماني (1970). وله دراسات مهمة في التلمود. ويُعَدُّ من أهم علماء التلمود في العصر الحديث.


ويُعَدُّ نيوزنر من أهم المفكرين الأمريكيين اليهود الذين يدافعون عن الوجود اليهودي خارج فلسطين (فيما يُسمَّي «قومية الدياسبورا»)، ولذا فهو يرفض المفهوم الصهيوني لإسرائيل باعتبارها المركز الروحي ليهود العالم. وينطلق نيوزنر من تعريفين للشعب اليهودي أحدهما ديني وثقافي والآخر سياسي وقومي. وهو يري أن الدولة اليهودية قد يكون لها مركزية في حياة اليهود (الزمنية التاريخية)، ولكنها لا مركزية لها في حياة اليهود المتعينة كأناس "يعيشون ويعانون، يولدون ويموتون، يفكرون ويشكون، يربون أطفالهم ويقلقون عليهم، يحيون ويعملون. فما دام اليهود بشراً يعيشون في ظل ظروف إنسانية مستقلة، فلا الصهيونية ولا دولة إسرائيل يمكنها أن تكون محور حياتهم". كما أكد الحاخام نيوزنر أن الصهيونية ليـس لديها ما تقوله بالنسـبة لقضـايا الحياة الثابتـة الخالدة، لأنها (أي الصهيونية) لم تثر قط مشكلة الوجود اليهودي كما عبَّرت عنها اليهودية.

ورفض الحاخام نيوزنر الصهيونية في كتابه المعنون اليهودية الأمريكية (1972) عميق للغاية إذ يري أن الصهيونية أخذت تصبح تدريجياً بديلاً زائفاً عن الدين اليهودي، فاستولت علي الخطاب الديني اليهودي وعلي رموز اليهودية الدينية، ولذا يعتقد الكثيرون أن الصهيونية واليهودية هما شيء واحد. ونتيجة هذا، يفشل كثير من يهود أمريكا في ممارسة أي نوع من أنواع التسامي الديني والتجاوز الروحي للعالم المادي، ذلك لأنهم يركزون كل اهتمامهم علي قطعة أرض لا يعيشون فيها.... وثمة فارق شاسع بين أن يحلم المرء بأرض توجد في السماء في نهاية الزمان وأن يحلم ببلد بعيدة كل ما فيها خير "ولكن، مع هذا، بإمكان الإنسان أن يذهب إليها إن أراد"، أي أن صهيون بالنسبة ليهود أمريكا لم تَعُد حلماً دينياً وإنما أصبحت تذكرة ذهاب وعودة إلي إسرائيل لمدة أسبوعين.

ويبدو أن حدة رفض نيوزنر للفكرة الصهيونية عن مركزية إسرائيل آخذة في التزايد كما يتضح في مقاله الغاضب المنشور في الواشنطن بوست في10/3/1987 بعد وقوع فضيحة بولارد، فقد أكد بلا مواربة أن الوقت قد حان للقول "إن أمريكا أفضل من القدس بالنسبة لليهود، وإن كانت هناك أرض ميعاد فإن اليهود الأمريكيين يعيشون فيها ويشعرون بالسلام والأمن علي نحو لا يمكن أن يُتاح لهم في إسرائيل.

 

 فاليهود في الولايات المتحدة طائفة مقبولة تجري مع التيار الرئيسي للحياة الأمريكية، وينتمي سبعة أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي، أي 7% من أعضاء المجلس لطائفة تشكل 2% من مجموع السكان". لكل ذلك، دعا نيوزنر الجميع لطي المسألة وتساءل: "أين يفضل أن يعيش اليهودي؟" والسؤال خطابي استنكاري. فالمقال يقرِّر بما لا يدع مجالاً للشك أن اليهودي الأمريكي يعيش حياة يهودية كاملة في الولايات المتحدة، وأن الدولة اليهودية لا تشكل مركزاً روحياً بالنسبة له.

ورغم هذا الموقف الحاد، فإن نيوزنر يُسمِّي نفسه صهيونياً، ولا ندري بأي معني من المعاني يمكن أن يهاجم مفكر المفاهيم الصهيونية الأساسية بهذه الحدة ويستمر في تسمية نفسه صهيونياً. ولكن رؤية قومـية الدياسـبورا أو ما نسـميه نحن «الصهيونية التوطينية»، مثلها مثل الرؤية الاندماجية، قد تم استيعابها هي الأخري داخل إطار صهيونـية الدياسبورا، وهذا ما كان يعنيه الحاخام نيوزنر نفسه حينما تحدَّث عن مركزية الدولة الصهيونية في الحياة السياسية لليهود وحسب، وهامشيتها في حياتهم الروحية أو الحقيقية، فهو بذلك قد قسَّم حياة اليهود والشتات إلي قسمين: قسم سطحي «صهيوني» يعبِّر عن نفسه من خلال دفع التبرعات والضغط الســياسي. والقسـم الآخر، وهو الـكيان اليهودي الحقيقي، ويقع خارج نطاق الرؤية الصهيونية ويشمل حياة اليهودي في معظم أبعادها.

ويمكننا أن نقول إن الرؤية السائدة في وجدان معظم يهود العالم هي هذه الصهيونية التوطينية التي تأخذ شكل سلوك سياسي سطحي صهيوني، وسلوك حياتي عميق لا علاقة له بالصهيونية، وبالتالي بإمكان يهودي من نيويورك أن يذهب للاجتماعات الصهيونية المختلفة وأن يرفع علم إسرائيل علي سيارته ويرسل شيكه إلي الجباية اليهودية الموحَّدة وأن يضع نجمة داود في سترته ويرسل خطاباً لممثله في الكونجرس الأمريكي يطلب منه أن يتخذ موقفاً ممالئاً لإسرائيل (وهذا هو الجانب السياسي من حياته)، ولكنه في الوقت نفسه يندمج في مجتمعه الأمريكي اندماجاً كاملاً ويتبنَّي المُثُل الأمريكية ويركب السيارة الفارهة ويعيش في الضواحي، كما يمكنه أن يُطوِّر هويته (الأمريكية) اليهودية داخل إطار الحضارة الأمريكية نفسها فيدرس العبرية أو اليديشية. وإن كان كاتباً، فإنه يكتب قصة أو قصيدة أمريكية ذات ملامح يهودية أمريكية محددة دون أن تكون للصهيونية أية مرجعية في حياته.

  • الاثنين AM 12:51
    2021-05-10
  • 945
Powered by: GateGold