المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412397
يتصفح الموقع حاليا : 376

البحث

البحث

عرض المادة

مشــروع مـديـن

مشــروع مـديـن
Midian Project
في سياق تطبيق الصيغة الصهيونية الأساسية المتمثلة في حل ما يُسمَّى «المسألة اليهودية» عن طريق نقل اليهود إلى بقعة خارج أوربا لإقامة دولة يهودية فيها تحت رعاية إحدى القوى الاستعمارية، سعى الرحالة الصهيوني بول فريدمان إلى البحث عن بلاد ضئيلة السكان لتكون مسرحاً لعملية الاستيطان اليهودي، واختار لهذا الغرض ما يُسمَّى «إقليم مدين» الواقع شمال غربي الجزيرة العربية، والمتاخم لمدينة العقبة الأردنية، وعمل على الاتصال بالزعماء اليهود والحاخامات والشخصيات البارزة لتدعيم المشروع. كما تقرَّب إلى جمعية قديما والجمعية الأنجلو يهودية وجمعية الأليانس في باريس وفيينا، وحاول استمالة البارون دي هيرش لتمويل المشروع. ومن ناحية أخرى، سعى فريدمان إلى توفير مظلة دولية لمشروعه فقابل اللورد كرومر في لندن عام 1889 وأكد له الأخير أن الحكومة البريطانية لن تعرقل خطواته.


وفي عام 1890، قام بزيارة مصر لدراسة أوضاع أرض مدين والحصول على موافقة الحكومة المصرية على المشروع حيث كان الإقليم خاضعاً لإشراف حاكم مصري في السويس. وبعد عودته إلى برلين، نشر عام 1891 كتيباً بعنوان أرض مدين وصف فيه أحوال الإقليم واقتصادياته وطبيعة السكان والمناخ، وعدَّد مزايا الاستيطان اليهودي في تلك الأرض التي زعم أنها كانت في الماضي جزءاً من المملكة اليهودية القديمة. وعمل فريدمان على إرسال الكتيب إلى عدد من السياسيين ورجال الدولة في أوربا لحثهم على ممارسة نفوذهم لإقناع أكبر عدد من اليهود بالهجرة إلى مدين.

وفي عام 1891 أيضاً، بدأ فريدمان جهوده العملية لتحويل المشروع إلى واقع، فقام بتجنيد عدد من اليهود الروس في فرقة عسكرية لتكون نواة لجيش المستوطنين. وابتاع يختاً بحرياً أطلق عليه اسم «إسرائيل»، وأبحر في نوفمبر من العام نفسه مع المجندين المسلحين الذين بلغ عددهم نحو خمسين شخصاً بالإضافة إلى بحارة اليخت التسعة، وكان معظم هؤلاء من أعضاء حركة أحباء صهيون.

وما أن وصل فريدمان وجيشه إلى مدين حتى بدأت المشاكل، إذ ظهرت معارضة شـديدة في أوسـاط الحركة الصهيونية. وفي الوقـت نفسه، اندلع التمرد في صفوف المستوطنين من جراء النظام الصارم الذي فرضه فريدمان. وازدادت حدة الغضب بعد العثور على جثة أحد المستوطنين ملقاة في الصحراء، فجرى طرد المتمردين من الفرقة، حيث تاهوا في الصحراء ولقي بعضهم حتفه. وفي آخر الأمر، لم يتبق من الأتباع سوى تسعة أشخاص. ومع ذلك، كان يحلو لفريدمان أن يرتدي الزي العسكري ويضع على رأسه التاج الذهبي ويزين صدره بالأوسمة والنياشين ممثلاً دور ملك اليهود في مدين (!). وتضاعفت المشاكل عندما قرَّرت الحكومة الروسية مقاضاة فريدمان أمام محكمة قنصلية ألمانيا في القاهرة بتهمة التسبب في وفاة أحد رعاياها خلال هذه المغامرة. وقد لجأ فريدمان إزاء ذلك كله إلى محاولة تجنيد بعض اليهود المصريين وإغراء بعض الجنود السودانيين، إلا أن محاولته لم تُحقِّق نجاحاً يُذكَر. وفي نهاية الأمر، تدخلت الحكومة العثمانية لتضع حداً للمغامرة الاستعمارية إذ تحسَّست الخطر من هذا المشروع الذي يتم تحت الحماية البريطانية. وهكذا تحركت قوة عسكرية تركية لطرده من الإقليم. وقد فشلت مساعيه لتحريض السكان على القتال ضد الأتراك، كما فشلت المساعي البريطانية لحمل تركيا على الانسحاب. وطُلب من فريدمان مغادرة البلاد فعاد إلى برلين عام 1895.

وقد زاد فشل المغامرة من هجوم الحركة الصهيونية على فريدمان. والملاحَظ أن هذه الانتقادات انصبت على شخص فريدمان ولم تتعرض لعملية الاستيطان نفسها أو لفكرة اغتصاب أرض يملكها الغير. وكان هؤلاء المعارضون هم أنفسهم الذين أعطوا هرتزل فيما بعد كل تأييدهم حين بدأ الدعوة لمغامرة مماثلة تهدف لاستعمار فلسطين وإقامة "الوطن القومي اليهودي" على أرضها.

  • الاحد PM 09:58
    2021-05-09
  • 869
Powered by: GateGold