المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413604
يتصفح الموقع حاليا : 236

البحث

البحث

عرض المادة

جــذور العنـف الصهـيوني في أفكـار هـرتزل

جــذور العنـف الصهـيوني في أفكـار هـرتزل
Roots of Zionist Violence in Herzl's Ideas
طوَّر هرتزل الخطاب المراوغ ودعا كل الأطراف (العالم الغربي ويهود العالم بشقيه الغربي والشرقي) لتوقيع العقد الصامت بين الحضارة الغربية والحركة الصهيونية.


ولكن هناك طرفاً لم يُدعَ للتوقيع، رغم أنه سيضار حين يُوضَع العقد موضع التنفيذ، ألا وهو العرب. فقد ذكر هرتزل هذا الطرف بشكل عابر أحياناً في معرض نقده للصهيونية التسللية التي لم تدرك أن المستوطنين الأصليين (العرب وربما الهنود في الأرجنتين) سيشعرون بأنهم مهددون فيضغطون على الحكـومات المعـنية فتضـطر هذه الحكومات لإيقاف التسلل. ولا يرد لهم ذكر في دولة اليهود أو في الخطاب الذي ألقاه أمام المؤتمر الأول (1897)، أي في الوثائق العلنية الموجهة للصهاينة. ولكن هناك وثائق علنية أخرى موجهة للرأي العام مثل الأرض الجديدة القديمة حيث يُقدِّم هرتزل صورة وردية لمصير العرب من مواطني الدولة اليهودية الذين سيزدادون رخاءً وسينعمون بالهناء. وقد كتب هرتزل عام 1899 خطاباً لأحد القادة الفلسطينيين يبشره بالرفاهية التي ستعم والثروة التي ستزيد. ولكن، مهما كانت رقة قلب هرتزل، فإن العرب والسكان الأصليين لم يُدعَوا لتوقيع العقد، فسيادة الدولة اليهودية مصدرها الغرب، والحكومات المعنية يمكن أن تسبب المضايقات، أما السكان الأصليون فلا أهمية لهم. وهرتزل لم يكن فريداً في هذا، فتحديث الغرب على الطريقة الاستعمارية كان يفترض أن يدفع الشرق فواتير التقدم الغربي. وبالتالي، فإن السكان الأصليين ليسوا ضمن عملية التحديث وإنما يقعون خارجها تماماً. ولذا، فإن الإغفال والتغييب جزء من النظام الإدراكي الغربي الحديث للآخر، ومن ثم يصبح العنف هو الآلية المحضة لتنفيذ المشاريع التي تتحرك في إطار القانون الدولي العام أي القانون الاستعماري الغربي.

ولكن هرتزل، بمراوغته، لا يتحدث قط عن العنف في الوثائق العامة، إلا من إشارة عابرة للمكابيين في دولة اليهود، وهي إشارة يمكن أن تُفهَم على أن المقصود بعث عسكري وليس بالضرورة عنفاً ضد العرب. والتفسير نفسه يمكن أن ينطبق على خطابه للبارون دي هيرش حين ذكر خطته التي تهدف لأن يخلق من البروليتاريا اليهودية المثقفة (المفكرين المتوسطين الذي يتحدث عنهم في دولة اليهود) شيئاً نافعاً "جنود وكوادر الجيش الذي سيبحث عن الأرض ويكتشفها ثم يستولي عليها". وعلى أية حال، فإن العنف يطل برأسه في كلمة «يستولي». والأمر يختلف قليلاً في اليوميات التي يختلط فيها الإعجاب بالعسكرية البروسية بالحديث عن كيفية الاستيلاء على الملكية الخاصة للسكان الأصليين وكيفية استخدامهم لقَتْل الثعابين وتأمين عمل لهم في بلاد أخرى (كما دوَّن في مذكراته عام 1885). وفي عام 1902، كتب هرتزل لتشامبرلين عن مصير السكان الأصليين في قبرص إن وقعت في الدائرة الصهيونية الحلولية المقدَّسة الفاتكة: "سيُرحَّل المسلمون، أما اليونانيون فسيبيعون أرضهـم بكل سـرور نظـــير سعر جيد ثم يهاجرون إلى أثينا أو كريت"، أي أن الاستيلاء على الأرض وإخلاءها من سكانها هو الافتراض الكامن في كتاباته، فالعنف رابض بين السطور، يتحين الفرصة لكي يتحقق، وينتظر اللحظة المواتية كي ينهمر الرصاص ويسقط النابالم. ومما يجدر ذكره أن هرتزل لا يستبعد استخدام العنف ضد اليهود أنفسهم (إن رفضـوا الخضوع للرؤية الصهـيونية) كما يتضـح في مفـهوم غزو الجاليات.

صهيون بـدون صهيونية
Zion Without Zionism
«صهيون بدون صهيونية» اصطلاح استخدمه الصهاينة الإثنيون (الدينيون والعلمانيون) للإشارة إلى تَصوُّر هرتزل وغيره من الصهاينة لدولة اليهود، فهي دولة كانت تشكل إطاراً يُستوعَب فيه الفائض اليهودي وحسب، ولم تكن له أية معالم أو قسمات يهودية مميَّزة. والصهاينة الإثنيون كانوا محقين إلى حدٍّ ما في موقفهم، فالصهاينة التوطينيون في مرحلة ما قبل بلفور كانوا مهتمين بشيء واحد هو التخلص من الفائض البشري اليهودي اليديشي وبأسرع وقت ممكن بإلقائه في أي مكان متاح. ولكنهم لم يكونوا محقين بشكل مطلق إذ أن صياغة هرتزل الهلامية تركت الباب مفتوحاً أمام سائر الديباجات الصهيونية الممكنة، فهي لم ترفض الصهيونية الإثنية وإنما كانت غير مكترثة بها وحسب.

  • الاحد PM 03:12
    2021-05-09
  • 853
Powered by: GateGold