المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412536
يتصفح الموقع حاليا : 391

البحث

البحث

عرض المادة

موشــيه ليلينبلــوم (1843-1910)

موشــيه ليلينبلــوم (1843-1910(oshe Lilienblum
صحفي روسي يهودي يكتب بالعبرية، وأحد قيادات جماعة أحباء صهيون. وُلد في ليتوانيا ونشأ نشأة يهودية تقليدية تماماً، حيث درس في طفولته العلوم الدينية وتمكَّن منها إلى أن أصبح من علماء التلمود. وقد خطب له والده وهو بعد في سن الثالثة عشرة، وتزوَّج بعدها بثلاث سنوات. وقد أسس ليلينبلوم مدرستين دينيتين وعمره 22 عاماً، ولكنه ما لبث أن خضع لتأثير أفكار حركة الاستنارة وحركة التنوير اليهودية والفكر الوضعي الروسي (وكان فكراً نفعياً مادياً متطرفاً)، فقام بنشر عدة مقالات أهمها مقاله "طرق التلمود" (1868) طالب فيه بإصلاح المجتمع والدين اليهودي الذي أصابه الأسى والركود حتى يتمكن اليهود من التكيف مع العصر، وبيَّن أن التلمود قد يكون فيه بعض الأفكار التقدمية، ولكن الشولحان عاروخ كتاب جامد ضيق الأفق. وهاجم الحاخامات، ونادى بأن التعليم هو السبيل الأوحد لإصلاح المجتمع. وانتقل ليلينبلوم إلى أوديسا عام 1869 تاركاً زوجتـه الأرثوذكسية وأطفاله. وقد واجه هناك مشكلة علمنة اليهود واليهودية إذ وجد نفسه معلم العبرية والتلمود، لا جمهور لكتاباته، وبدون عمل لمدة طويلة، فقيراً على حافة الجوع. وقد بدأت الفلسفة النفعية تسيطر عليه إذ اكتشف أن ما يشغل الجماهير اليهودية ليس القضايا الفلسفية التي تشغل باله وإنما مشكلة البقاء وحسب. وعلى أية حال، فإن الفلسفات المادية تشغل نفسها دائماً بمشكلة البقاء وتُحل إرادة البقاء محل معنى الوجود في الفلسفات التقليدية.


نشر ليلينبلوم في أوديسا مجموعة من المقالات الساخرة (1870) طالب فيها بتطبيع اليهود من خلال العمل الزراعي وتنظيم العمل في الصناعة تنظيماً حديثاً. وبدأ عام 1871 في تحرير مجلة يديشية كتب فيها مجموعة من المقالات عن التعليم اليهودي في المدرسة الابتدائية الخيرية (حيدر) وفي المدرسة التلمودية العليا (يشيفاه). كما أثار فيما بعد قضايا تحرير المرأة وسوء إدارة الجماعات اليهودية والحرية الدينية. وفي عرضه لأحد كتب أبراهام مابو، طالب ليلينبلوم بتبني رؤية مادية واقعية للحياة. وقد ظلت رؤيته طوال حياته رؤية مادية مباشرة، تنكر أهمية المعنى والخيال وتؤكد المنفعة المادية وحسب. وكتب ليلينبلوم سيرة حياته بين عامي 1873 و1876، وتبنَّى الاشتراكية كمذهب سياسي في الفترة 1874 ـ 1881.

ولكن، مع تعثُّر التحديث عام 1881، تحوَّل ليلينبلوم إلي الصهيونية وكتب في ذلك العام مقالاً بعنوان "طريق العودة" يلوم فيها نفسه لانقطاعه عن المشاركة مع شـعبه. وأصبح أحد قادة أحبـاء صهيون، فأسَّس لجنة أوديسا عام 1883. كما أصبح من أكبر مؤيدي هرتزل وإن كان قد اختلف معه بسبب عدم إدراك ليلينبلوم الطبيعة الاستعمارية الغربية للمشروع الصهيوني، ولذا فقد قلَّل من شأن أسلوب هرتزل الدبلوماسي الاستعماري وأيَّد الاستيطان التسللي. ومع هذا، حاول التوفيق بين توجُّهه والتوجه الهرتزلي الدبلوماسي. وقد أصبح فكره منذ ذلك التاريخ صهيونياً فهو ينطلق من رفض اليهودية رفضاً تاماً. ويرى أن قضية اليهود هي قضية الشعب العضوي المنبوذ في المجتمع الغربي "فهو ليس تيوتونياً عضواً في الأمة الألمانية، ولا مجرياً عضواً في الأمة المجرية، ولا سلافياً عضواً في الأمة السلافية، ولذا فهو غريب شاء أم أبى". وقد أدرك ليلينبلوم أن الحضارة الغربية قد قبلت القومية (العضوية) إطاراً، كما أدرك أن هذا التحول يعد تقدماً مع أن هذا الإطار هو نفسه الذي ينتج العداء لليهود (فالشعب العضوي يعيد إنتاج الآخرين على هيئة الشعب العضوي المنبوذ). ومن ثم، فإن اليهود شعب لابد أن يختفي إما عن طريق الاندماج الكامل (وهو أمر عسير بل يكاد يكون مستحيلاً) أو عن طريق ترحيلهم إلى أرض خاصة بهم حيث يصبحون أمة عضوية مستقلة ودولة مستقلة، وهو ما يعني أنه عثر على الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة، وأدرك أنها صيغة سترضي أعضاء الجماعات اليهودية. وكان ليلينبلوم يرى أن فلسطين مكان مناسب لذلك، فعارض الهجرة إلى الولايات المتحدة كما عارض الصيغة الدبنوفية الخاصة بقومية الدياسبورا (القومية اليديشية) وطالب بدلاً من ذلك بأن "يقوم زعماء شعبنا في أوربا بالتوسط لدى زعماء تلك الدول لمساعدتنا... بينما يقوم الثمانية ملايين يهودي وكبار أغنيائهم بجمع عشرة مليون روبل لبداية نشاطنا... لشراء مساحات كبيرة من الأرض، من حكومة تركيا، لتوطين اليهود عليها... ومحاولة الحصول على ترخيص، لتأسيس جمعية لاستيطان أرض إسرائيل وسوريا". وطالب ليلينبلوم بتصفية الوجود اليهودي في العالم. واصطدم ليلينبلوم كذلك بآحاد هعام واتهمه بأنه لا يزال يهوِّم في عالم الميتافيزيقا والمطلقات، فاليهود يودون البقاء من أجل البقاء ويؤمنون بالمنفعة ويجب أن يصبحوا نافعين ليس من أجل أي معنى محدد. وعلى هذا النحو، قام ليلينبلوم بنزع القداسة تماماً عن اليهود، وجَعَلهم مادة اسـتيطانية نافعة.

ومع هذا، كان ليلينبلوم متنبهاً لبعض مشاكل المشروع الصهيوني واحتمال انقسامه إلى إثني ديني وإثني علماني، ولذا طالب في مقاله "دعونا من الخلط بين القضايا" أن يتنازل كل فريق بعض الشيء حتى لا تنقسم الأمة إلى قسمين. وإطاره المرجعي هنا هو الشعب العضوي (الفولك) المكتفي بذاته الذي له قوانينه الخاصة التي تتجاوز الزمان والمادة وتتجاوز الخلافات الوقتية. وعلى هذا، فهو يرى أن جميع اليهود مقدَّسون، المؤمنون منهم وغير المؤمنين، وإثنيتهم مصدر قداستهم وقال أيضاً: "فليتصرف كل فرد في أموره الشخصية حسبما يحلو له. أما وحدتنا الوطنية فيجب ألا تضعف... إن هويتنا القومية هي أعز ما نملك... وسنحميها بذاك الإخلاص الذي دافع به أجدادنا عن إيماننا"، أي أن الهوية الإثنية أصبحـت في منزلة الدين وأصبحت مركز الحـلول والكـمون والمطــلقية.

كما أدرك ليلينبلوم انقسام الصهيونية إلى صهيونية استيطانية وأخرى توطينية، فالأغنياء المندمجون لن يرحلوا، ولذا فقد حدد لهم دورهم التوطيني "فليشتر كل منهم قطعة أرض في أرض إسرائيل" تُعطَى لأحد المستوطنين ولا داعي لأن يهاجروا هم، أما الفقراء "فهؤلاء هم [المادة الاستيطانية الحقة] الذين سيهاجرون حيث سيحققون حراكاً اجتماعياً".

ثم يتوجَّه ليلينبلوم للجوانب التنظيمية ولكن ملاحظاته في هذا الشأن ساذجة ومتناثرة (تنظيم يانصيب يهودي، وفرض ضرائب على حفلات الزفاف اليهودية... إلخ). ولكنه، مع هذا، وضع إطاراً لاسـتثمار أموال أثرياء الغـرب المندمجـين وتوظيفـها في خدمة المستوطنين.

كتب ليلينبلوم عدة كتب نُشرت بعد موته في أربعة أجزاء، كما طُبعت خطاباته. وقد جمع ليلينبلوم مقالاته عن الإحياء القومي بعنوان الولادة الجديدة لليهود في أرض آبائهم وكانت بمنزلة برنامج للإحياء القومي والأولى من نوعها باللغة الروسية (وقد سبقتها كتابات بنسكر بالألمانية)

  • الاحد PM 03:02
    2021-05-09
  • 1231
Powered by: GateGold